المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المشروط في قيام الحجة فهم دلالة الخطاب لا معرفةالحق و الصواب



محب التوحيد وأهله
03-13-2008, 04:23 PM
قال شيخ الاسم ابن تيمية (لكن قد تخفى آثار الرسالة في بعض الأمكنة والأزمنة حتى لا يعرفون ما جاء به الرسول ، إما أن لا يعرفوا اللفظ، وإما أن يعرفوا اللفظ ولا يعرفوا معناه؛ فحينئذ يصيرون في جاهلية بسبب عدم نور النبوة) مجموع الفتاوى (17/307).
قال الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن ( وأي عالم وأي فقيه اشترط في قيام الحجة والبيان معرفة علم المخاطب بالحق 000وإنما يشترط فهم المراد للمتكلم والمقصود من الخطاب لا أنه حق وهذا هو المستفاد من نصوص الكتاب والسنة وكلام أهل العلم ) مصباح الظلام 123.122 0

قال الشيخ احمد الخالدي (فإن مراد أهل العلم بفهم الدلالة هو فهم مدلول الخطاب لا معرفة الحق والصواب في نفس الأمر كمخاطبة كل أهل لغة بلسانهم فالأعجمي يخاطب باللغة الأعجمية ، والعربي بلغته ، وأما معرفته أن هذا حق بعينه أم لا فهذا لم يشترطه أحد من أهل العلم قال تعالى: وما أرسلنا من رسولٍ إلابلسان قومه ليبين لهم فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وهو العزيز الحكيم ):(( التبيان لما وقع في الضوابط منسوباً لأهل السنة بلا برهان ص 68، 69 ))

قال الشيخ عبد اللطيف ال الشيخ ( تعريف أهل العلم للجهال بمباني الإسلام وأصول الإيمان والنصوص القطعية والمسائل الإجماعية حجة عند أهل العلم تقوم بها الحجة وتترتب عليها الأحكام ، أحكام الردة وغيرها والرسول صلى الله عليه وسلم أمر بالتبليغ عنه ومن الذي يبلغ وينقل نصوص الكتاب والسنة غير أهل العلم ورثة الرسل ؟ فإن كانت حجة الله لاتقوم بهم وببيانهم أن هذا من عند الله وهذا كلام رسول الله فلا حجة بالوحيين إذ النقل والتعريف يتوقف على أهل العلم كما أن بيان المعاني يتوقف عليهم كما قال علي رضى الله عنه في حديث كميل بن زياد بلى لن تخلو الأرض من قائم لله بحججه كي لا تبطل حجج الله ، وبالجملة فالحجة في كل زمان ومكان إنما تقوم بأهل العلم ورثة الرسل ) مصباح الظلام 124،123،

ناصر الشريعة
03-13-2008, 08:47 PM
جزاك الله خيرا .

فوائد من تفصيل الشيخ صالح آل الشيخ لمسألة فهم الحجة :

لخص الشيخ صالح آل الشيخ مسألة فهم الحجة في شرحه للعقيدة الطحاوية فقال :
" كما هو القول المعروف الصحيح أنَّ الذي يُشْتَرَطْ إقامة الحجة في التكفير أو في التبديع أو في التفسيق إلى آخره، أما فهم الحجة فلا يُشْتَرَطْ.
قالوا إلا في الأسماء والصفات فلابد أن يفهم لأنَّ الشبهة فيها قوية وقال بها عدد من المنتسبين إلى الحديث والسنة، وفيها نوع اشتباه.
وهذه الكلمة وهي استثناء الأسماء والصفات قالها بعض أئمة الدعوة كما هو موجود في الدرر السنية وفي غيرها، فينتبه لهذا الأصل. "

وقال :
" وأما فهم الحجة فإنه لا يُشترَطُ في الأصْلْ.(1)
ومعنى عدم اشتراطه: أننا نقول ليس كل من كَفَرْ فإنه كَفَرَ عن عناد، بل ربما كَفَرَ بعد إبلاغه الحجة وإيضاحها له لأنَّ عنده مانع من هوى أو ضلال مَنَعَهُ من فهم الحجة، قال - عز وجل - {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ}(2)، والآيات في هذا المعنى متعددة.
ما معنى فهم الحجة؟
يعني أن يَفْهَمَ وجه الاحتجاج بِقُوَّةِ هذه الحجة على شبهته.
فهوعِنْدَهُ شُبْهَة في عبادة غير الله، عنده شُبْهَة في استحلاله لما حُرِّمَ مما أُجْمِعَ على تحريمه؛ لكن يُبلَّغُ بالحجة الواضحة بلسانه ليفهم معنى هذه الحجة.
فإن بَقِيَ أَنَّهُ لم يفهم كون هذه الحجة رَاجِحَة على حجته فإنَّ هذا لا يُشْتَرَطْ-يعني في الأصل-؛ لكن في بعض المسائل جُعِلَ عدم فهم الحجة -يعني كون الحجة راجحة على ما عنده من الحُجَجْ- جُعِلَ مانعاً من التكفير كما في بعض مسائل الصفات.
يعني أنَّ أهل السنة والجماعة من حيث التأصيل اشترطوا إقامة الحجة ولم يشترطوا فهم الحجة في الأصل؛ لكن في مسائل اشترطوا فيها فهم الحجة.
وهذا الذي يَعْلَمُهُ من يقيم الحجة وهو العالم الرّاسخ في علمه الذي يعلم حدود ما أنزل الله - عز وجل - على رسوله صلى الله عليه وسلم. "

وقال في جواب سؤال :
" س1/ هل عدم اشتراط فهم الحجة أن لا يفهموا مقصود الشارع؟
ج/ ذكرنا لكم مراراً أنَّ العلماء الذين نَصُّوا على أنَّ فهم الحجة ليس بشرط في صحة قيام الحُجَّةْ بَنَوا على الدليل وهو قول الله - عز وجل - {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ}(1) فالله - عز وجل - جَعَلَ على القلوب أَكِنَّةْ لِأَلَا يفهموه، فدلَّ على أنَّ الفهم والفقه -فقه الحجة- ليس بشرط؛ لأنَّ إقامة الحجة بالقرآن، تلاوة القرآن عليهم وهم أهل اللّسان كافٍ في قيامها.
فصار إذاً الحال مشتملْ على:
- أنَّ إقامة الحجة شرط، ومعنى إقامة الحجة أن تكون الحجة من الكتاب أو من السنة أو من الدليل العقلي الذي دل عليه القرآن أو السنة.
- وأن فَهْمَ اللسان العربي، فَهْمْ معنى الحجة بلسان من أقيمت عليه هذا لابد منه؛ لأنَّ المقصود من إقامة الحجة أن يَفْهَمَ مَعَانِيَ هذه الكلمات، أن يفهم معنى الحديث، أن يفهم معنى الآية.
* وأما ما لا يشترط وهو فَهْمُ الحُجَّةْ، فيُرَادُ به أن تكون هذه الحجة أرجح من الشبه التي عنده؛ لأنَّ ضلال الضالين ليس كله عن عناد، وإنما بعضه ابتلاء من الله - عز وجل -، وبعضه للإعراض، وبعضه لذنوبٍ منهم ونحو ذلك.
لهذا فإنَّ فهم الحجة على قسمين:
1- يُرَادُ بفهم الحجة فهم معاني الأدلة، فهذا لابد منه، فلا يُكْتَفَي في إقامة الحجة على أعجمي لا يفهم اللغة العربية بأن تُتْلَى عليه آية باللغة العربية، وهو لا يفهم معناها، ويقال قد بَلَغَهُ القرآن والله - عز وجل - يقول {لِأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ}[الأنعام:19]، هذا ليس بكافٍ، لابد أن تكون الحجة بلسان من أقيمت عليه ليفهم المعنى، قال سبحانه {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ}[إبراهيم:4].
2- المعنى الثاني لفهم الحجة أن يَفْهَمَ كونَ هذه الحجة أرجَحَ من شبهته التي عنده، المشركون -كما قررنا لكم في شرح كشف الشبهات- عندهم علم وعندهم كتب وعندهم حُجَجَ كما أخبر الله - عز وجل - في كتابه.
ففَهْمُ حُجَّةْ الرسول صلى الله عليه وسلم، وفهم القرآن، وفهم حجة النبي صلى الله عليه وسلم العقلية التي أدلى بها عليهم بعد الوحي، هذه معناها أن يفهموا المعنى.
إذا كانوا هم فهموا المعنى؛ لكن مثل ما يقول القائل:ما اقْتَنَعْ أَنَّ هذه الحجة أقوى من الشبهة التي عنده، فهذا ليس بشرط.
فإذن ما يُشْتَرَطْ من فهم الحجة هوالقسم الأول؛ وهو:
- فهم المعنى.
- فهم دلالة الآية باللغة العربية ونحو ذلك.
أما فهم الحجة بمعنى كون هذه الحجة أرجح في المقصود وأدلّ على بطلان عبادة غير الله أو على بطلان الباطل، هذا ليس بشرط، المهم يفهم معناها ودلالتها، ثم بعد ذلك الله - عز وجل - يُضل من يشاء ويهدي من يشاء."

وفي جواب له على سؤال آخر :
" س1/ هل هناك فرق بين فهم الحجة والاقتناع بالحجة؟
ج/ هذا مرّ معنا الجواب عليه(1) وهو أنَّ فهم الحجة الذي لا يُشترط في إقامة الحجة هو الاقتناع، كونه اقتنع أو لم يقتنع هذه ليس شرطاً؛ لكن المهم أن تُقَام عليه الحجة بوضوح وبدليل لأنه إذا قلنا بشرط الاقتناع معنى ذلك أنه لا يكفر إلا المعاند، والأدلة دَلَّتْ في القرآن والسنة على أنَّ الكافر يكون معانداً ويكون غير معاند، يكون مقتنع وأحياناً يكون غير مقتنع عنده شبهة لا زالت عنده ولكن لم يتخلص منها لأسباب راجعة إليه."

وفصل المسألة تفصيلا مهما في جواب سؤال آخر :
" س1/ما الفرق بين قيام الحجة و بين فهم الحجة؟ وهل من لم يفهم الحجة يُعاقَبْ على ما لم يَفْهَمْهُ، أفدني؟
ج/ ذكرنا الفرق بين قيام الحجة وفهم الحجة في أَجْوِبَةْ أسئلة، وكذلك فَصَّلْنَاهُ في كشف الشبهات، فأنا أريد الأخ السائل أنه يرجع إلى شرح كشف الشبهات ليستفيد أولاً ثُمَّ ينظر إلى هذا الموضوع.(1)
وخلاصة الكلام أنَّ فهم الحجة ليس بشرط، وأما قيام الحجة فهو شرطٌ في التكفير ووقوع العذاب.
و فهم الحجة -يعني الذي ليس بشرط- يراد منه أن يفهم أنَّ هذه الحجة أرجح مما عنده من الحُجَجْ.
المهم أن يَفْهَمَ الحُجَّةْ ودِلالة الحجة من كلام الله ? وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم وأن تُزَالَ أو يُبيَّنْ له بطلان الشبهة التي عنده.
وليس من شرط قيام الحجة أن يفهم الحجة كفهم أبي بكر وعمر والصحابة الذين نَوَّرَ الله قلوبهم، ولا من نَوَّرَ الله قلبه ممن تبعهم بإحسان؛ لأنه لو قيل بِفَهْمِ الحُجَّةْ هنا، صار لا يكفر إلا من عاند.
يعلم أنَّ هَذِهِ الحُجَّةْ ويَفْهَمْ الحُجَّةْ ويفهم أنها صحيحة ويفهم أنها راجحة ومع ذلك لا يستجيب فهذا يعني أنه معاند، والله ? بَيَّنَ في القرآن أنَّ منهم من لم يفقه أصلاً قوله كقوله ? {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ} يعني أن يفهموه فهم الحجة كما فهمها من أراد الله ? هدايته.
وهناك قسم آخر من فهم الحجة، الذي هو فهم اللسان.
فهم اللسان هذا لا بد منه {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} [إبراهيم:4]، فلا بُدَّ أن يَفْهَمَ وجه الحجة باللّسان الذي يتكلم به.
لكن ليس بلازم أن يفهم أَنَّ حجته هذه أرجح من الحُجَّةْ التي عنده، أو أنها أقوى من الشبهة التي عنده ونحو ذلك، المهم أن تُوَضَّحْ بشروطها الكاملة.
وهذه يقوم بها العلماء فتختلف مسألة قيام الحجة وفهم الحجة بحسب نوع الشبهة التي تَعرِضْ، فمثلاً مسائل الإستغاثة بالله ? وحده وأن الإستغاثة بغيره شرك أكبر ليست في قيام الحجة وفي مسألة فهمها مثل مسألة طلب الشفاعة من النبي صلى الله عليه وسلم، فهذه مسألة ربما حَصَلْ فيها نوع اشتباه عند من لم يعلم، وتلك واضحة بيّنة.
فإذاً مسألة قيام الحجة تختلف بإختلاف نوع قيام الحجة وكيف تُقَام الحجة وبِمَ تقام وتختلف بما يُبَيِّنُ المسألة إلى آخره. "

وقال في شرح كشف الشبهات :
" وأما فهم الحجة فإنه لا يشترط لهذا قال الشيخ هنا رحمه الله (ما فهموا ولن يفهموا) وإذا كانوا لم يفهموا فإنه لا يعني أنه يسلب عنهم الحكم بالشرك الأكبر؛ لأن فهم الحجة ليس بشرط.
وهذا مبحث بحثه علماء الدعوة والعلماء قبلهم هل فهم الحجة شرط أم ليس بشرط والله جل وعلا قال في كتابه ?وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ?([63]) يعني جعلنا على قلوبهم أكنة أغطية وحجب أن يفهموا هذا البلاغ وهذا الإنذار (وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ) فدل على أن المشرك لم يفقه الكتاب ولم يفقه السنة يعني لم يفهم.
وتحقيق المقام هنا لأن بعض الناس قال كيف لا تشترطون فعهم الحجة وكيف تقام الحجة إلى فهم، وتفصيل الكلام هنا أن فهم الحجة نوعان:
النوع الأول فهم لسان.
والنوع الثاني فهم احتجاج.
أما فهم اللسان فهذا ليس الكلام فيه فإنه شرط في بلوغ الحجة لأن الله جل وعلا قال ?وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ?[إبراهيم:4]، والله جل وعلا جعل هذا القرآن عربيا لتقوم الحجة به على من يفقه اللسان العربي.
وإذا كان كذلك فإن فهم اللسان هذا لابد منه؛ يعني إذا أتاك رجل يتكلم بغير العربية فأتيت بالحجة الرسالية باللغة العربية، وذاك لا يفهم منها كلمة، فهذا لا تكون الحجة قد قامت عليه بلسان لا يفهمه، حتى يَْبُلَغُه بما يفهمه لسانه.
والنوع الثاني من فهم الحجة هو فهم احتجاج يفهم أن تكون هذه الحجة التي في الكتاب والسنة حجة التوحيد أو في غيره ارجح وأقوى واظهر وأبين أو هي الحجة الداحضة لحجج الآخرين، وهذا النوع لا يشترط؛ لأنه جل وعلا بين لنا وأخبر أن المشركين لم يفقهوا الحجة فقال جل وعلا (وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ) وقال سبحانه ?وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا?[الكهف:101]، ?أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ?[الفرقان:44]، فهم لا يسمعون سمع فائدة، وإن سمعوا سمع أُذُن ولا يستطيعون أن يسمعوا سمع الفائدة وإن كانوا يسمعون سمع الأذن، وقد قال جل وعلا ?وَلَوْ عَلِمَ اللّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَّأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ?[الأنفال:23]، وقال سبحانه ?مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن [رَّبِّهِم] ([64]) مُّحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ?[الأنبياء:2]، (إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ) حتى وصفهم بأنهم يستمعون وليس فقط يسمعون بل يستمعون يعني ينصتون ومع ذلك نفى عنهم السمع بقوله (وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا) وبقوله ?أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ?[الفرقان:44]، وقوله جل وعلا في سورة تبارك ?وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ?[الملك:10].
فإذن هم سمعوا سمع لسان لكن لم يسمعوا الحجة سمع قلب وسمع فهم للحجة يعني أنها راجحة فلم يفهموا الحجة ولكنهم فهموها فهم لسان فهموها لأنها أقيمت عليهم بلسانهم الذي يعلمون معه معاني الكلام ولكن لم يفهموها بمعنى أن الحجة هذه راجحة على غيرها، ولهذا قال تعالى (وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ).
الوجه الثاني أن الكفر والكفار أنواع:
منهم من كفره كفر عناد.
ومنهم من كفره كفر تقليد.
?إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ?[الزخرف:22]، ?وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ?[الزخرف:23].
ومن الكفار من كفره كفر إعراض معرض عن الحق ?بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُم مُّعْرِضُونَ?[الأنبياء:24].
وإذا أشترط فهم الاحتجاج للحجة، فمعنى ذلك المصير إلى مخالفة الاجماع بالقول بأنه لا يكفر إلا المعاند، إذا قيل إنه يشترط فهم الاجتجاج يعني أن يفهم من أقيمت عليه الحجة أن هذه الحجة أقوى وتَدحض حجة الخصوم، فمعنى ذلك أن يصير القول إلى أنه لا يكفر إلا من كان معاندا فقط.
ومعلوم أن الكفار ليسوا كلهم معاندين؛ بل منهم المعاند، ومنهم غير المعاند، فمنهم من جحدوا بها واستيقنتها أنفسهم، ومنهم المقلد ومنهم المعرض إلى غير ذلك.
فإذن فهم الحجة ليس شرط في إقامتها ونعني بفهم الحجة فهم الحجة من حيث كونها داحضة بحجج الخصوم ومن حيث كونها أوضح من حجج الخصوم، فلو قال بعد إقامة الحجة عليه وبيان الأدلة من الكتاب والسنة وبيان معنى العبادة ويقيم الحجة عالم يعلم كيف يقيم الحجة ويزيل الشبهة، لهذا يقول العلماء الحجة الرسالية، كما يقول شيخ الإسلام في مواضع كثيرة: ويكفر من قامت به الحجة الرسالية. الحجة الرسالية يعني التي يقيمها الرسل أو ورثة الرسل ممن يحسن إقامة الحجة سمع بالحجة وأنصت لها ثم لم يقتنع، وقال أنا لم أقتنع، عدم الاقتناع هو عدم الفهم ليس بشرط في سماع إقامة الحجة، لهذا الشيخ رحمه الله نبه على ذلك بقوله (ولم يفهموا) وكونهم لم يفهموا بما أشربت قلوبهم من حب الشرك وحب البدع ومخالفة السنة."

وله كذلك كلام مهم مفيد في شرح مسائل الجاهلية ، فلينظر .