محب التوحيد وأهله
03-14-2008, 03:36 AM
بسم الله الحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد :
فهذا مختصر نافع في مسائل مهمة اختصرته من كتابي الإمام ابن القيم رحمه الله وهما : كتاب طريق الهجرتين ويُسمى أحيانا بكتاب الطبقات وهو مأخوذ من ذكر ابن القيم للطبقة السابعة عشرة ،
ومن قصيدته المسماة النونية في ذكر الكلام على حكم أهل البدع 2/403 شرح الشيخ أحمد بن إبراهيم بن عيسى رحمه الله ،
الفصل الأول
طبقة المقلدين وجهال الكفرة وأتباعهم وحميرهم الذين هم معهم تبعا لهم يقولون إنا وجدنا آباءنا على ذلك ولنا بهم أسوة ومع هذا فهم متاركون لأهل الإسلام غير محاربين لهم كنساء المحاربين وخدمهم وأتباعهم الذين لم ينصبوا أنفسهم لما نصبت له أولئك من السعي في إطفاء نور الله وهدم دينه وإخماد كلماته بل هم بمنزلة الدواب ، فالقواعد والأصول فيهم كالتالي :
القاعدة الأولى :
قال ابن القيم: وقد اتفقت الأمة على أن هذه الطبقة كفار وإن كانوا جهالا مقلدين لرؤسائهم وأئمتهم إلا ما يحكى عن بعض أهل البدع أنه لم يحكم لهؤلاء بالنار وجعلهم بمنزلة من لم تبلغه الدعوة وهذا مذهب لم يقل به أحد من أئمة المسلمين لا الصحابة ولا التابعين ولا من بعدهم وإنما يعرف عن بعض أهل الكلام المحدث في الإسلام وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( ما من مولود إلا وهو يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه) فأخبر أن أبويه ينقلانه عن الفطرة إلى اليهودية والنصرانية والمجوسية ولم يعتبر في ذلك غير المربى والمنشأ على ما عليه الأبوان وصح عنه أنه قال صلى الله عليه وسلم ( إن الجنة لا يدخلها إلا نفس مسلمة )
القاعدة الثانية :
أن هذا المقلد ليس بمسلم وهو عاقل مكلف والعاقل المكلف لا يخرج عن الإسلام أو الكفر ،
القاعدة الثالثة :
وأما من لم تبلغه الدعوة فليس بمكلف في تلك الحال وهو بمنزلة الأطفال والمجانين وقد تقدم الكلام عليهم . ( إذن باب من لم تبلغه الدعوة بمنزلة الأطفال والمجانين ، ويراجع ذلك )
القاعدة الرابعة:
والإسلام هو توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له والإيمان بالله وبرسوله واتباعه فيما جاء به ، فما لم يأت العبد بهذا فليس بمسلم وإن لم يكن كافرا معاندا فهو كافر جاهل فغاية هذه الطبقة أنهم كفار جهال غير معاندين وعدم عنادهم لا يخرجهم عن كونهم كفارا فإن الكافر من جحد توحيد الله وكذب رسوله إما عنادا أو جهلا وتقليدا لأهل العناد فهذا وإن كان غايته أنه غير معاند فهو متبع لأهل العناد وقد أخبر الله في القرآن في غير موضع بعذاب المقلدين لأسلافهم من الكفار وأن الأتباع مع متبوعيهم وأنهم يتحاجون في النار وأن الأتباع يقولون كما أخبر الله عنهم ( ربنا هؤلاء أضلونا فأتهم عذابا ضعفا من النار قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون)
وقال تعالى ( وإذ يتحاجون في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار قال الذين استكبروا إنا كل فيها إن الله قد حكم بين العباد )
وقال تعالى ( ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا )
فهذا إخبار من الله وتحذير بأن المتبوعين والتابعين اشتركوا في العذاب ولم يغن عنهم تقليدهم شيئا ،
وأصرح من هذا قوله تعالى ( إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا ) وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل أوزار من اتبعه لا ينقص من أوزارهم شيئا )
وهذا يدل على أن كفر من اتبعهم إنما هو من أجل اتباعهم وتقليدهم 0
القاعدة الخامسة :
التفصيل في المقلدين وهو تفصيل يزول به الإشكال والتفصيل واقع في الوجود وهو كالتالي :
1 ـ بين مقلد تمكن من العلم ومعرفة الحق فأعرض عنه فالمتمكن المعرض مفرط تارك للواجب عليه لا عذر له عند الله ،
2 ـ ومقلد لم يتمكن من ذلك بوجه لعجزه عن السؤال ولم يتمكن من العلم بوجه وهم قسمان أيضا :
أحدهما :
مريد للهدى مؤثر له محب له غير قادر عليه ولا على طلبه لعدم من يرشده فهذا حكمه حكم أرباب الفترات ومن لم تبلغه الدعوة يقول يا رب لو أعلم لك دينا خيرا مما أنا عليه لدنت به وتركت ما أنا عليه ولكن لا أعرف سوى ما أنا عليه ولا أقدر على غيره فهو غاية جهدي ونهاية معرفتي فهو كمن طلب الدين في الفترة ولم يظفر به فعدل عنه بعد استفراغ الوسع في طلبه عجزا وجهلا ،
الثاني :
معرض لا إرادة له ولا يحدث نفسه بغير ما هو عليه و راض بما هو عليه لا يؤثر غيره عليه ولا تطلب نفسه سواه ، ولا فرق عنده بين حال عجزه وقدرته فهو كمن لم يطلب الدين في الفترة بل مات على شركه وإن كان لو طلبه لعجز عنه ففرق بين عجز الطالب وعجز المعرض وكلاهما عاجز ،
والله يقضي بين عباده يوم القيامة بحكمه وعدله ولا يعذب إلا من قامت عليه حجته بالرسل فهذا مقطوع به في جملة الخلق وأما كون زيد بعينه وعمرو( أي بالنسبة للعاجزين ، وأصحاب الفترة ) قامت عليه الحجة أم لا فذلك ما لا يمكن الدخول بين الله وبين عباده .
القاعدة السادسة :
بل الواجب على العبد أن يعتقد أن كل من دان بدين غير دين الإسلام فهو كافر وأن الله سبحانه وتعالى لا يعذب أحدا إلا بعد قيام الحجة عليه بالرسول هذا في الجملة والتعيين موكول إلى علم الله وحكمه هذا في أحكام الثواب والعقاب ،
القاعدة السابعة :
وأما في أحكام الدنيا فهي جارية على ظاهر الأمر فأطفال الكفار ومجانينهم كفار في أحكام الدنيا لهم حكم أوليائهم وبهذا التفصيل يزول الإشكال في المسألة ،
والتلخيص والتفصيل مبني على أربعة أصول هي :
أحدها :
أن الله سبحانه وتعالى لا يعذب أحدا إلا بعد قيام الحجة عليه
1 ـ كما قال تعالى ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا )
2 ـ قال تعالى( رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل )
3 ـ وقال تعالى ( كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء )
4 ـ وقال تعالى ( فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير)
5 ـ وقال تعالى ( يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا شهدنا على أنفسنا وغرتهم الحياة الدنيا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين )
6 ـ وقال تعالى ( وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين ) والظالم من عرف ما جاء به الرسول أو تمكن من معرفته بوجه وأما من لم يعرف ما جاء به الرسول وعجز عن ذلك فكيف يقال إنه ظالم ؟ ،
وهذا كثير في القرآن يخبر أنه إنما يعذب من جاءه الرسول وقامت عليه الحجة وهو المذنب الذي يعترف بذنبه ،
الأصل الثاني :
أن العذاب يستحق بسببين :
أحدهما الإعراض عن الحجة وعدم إرادتها والعمل بها وبموجبها وهو كفر الإعراض ،
الثاني العناد لها بعد قيامها وترك إرادة موجبها وهو كفر العناد ،
وأما كفر الجهل مع عدم قيام الحجة وعدم التمكن من معرفتها فهذا الذي نفى الله التعذيب عنه حتى تقوم حجة الرسل ،
والأصل الثالث :
أن قيام الحجة يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والأشخاص فقد تقوم حجة الله على الكفار في زمان دون زمان وفي بقعة وناحية دون أخرى كما أنها تقوم على شخص دون آخر إما لعدم عقله وتمييزه كالصغير والمجنون وإما لعدم فهمه كالذي لا يفهم الخطاب ولم يحضر ترجمان يترجم له فهذا بمنزلة الأصم الذي لا يسمع شيئا ولا يتمكن من الفهم وهو أحد الأربعة الذين يدلون على الله بالحجة يوم القيامة كما تقدم في حديث الأسود وأبي هريرة وغيرهما ،
الأصل الرابع :
أن أفعال الله سبحانه وتعالى تابعة لحكمته التي لا يخل بها وأنها مقصودة لغايتها المحمودة وعواقبها الحميدة وهذا الأصل هو أساس الكلام في هذه الطبقات إلا من عرف ما في كتب الناس ووقف على أقوال الطوائف في هذا الباب وانتهى إلى غاية مراتبهم ونهاية إقدامهم والله الموفق للسداد الهادي إلى الرشاد ، اهـ مختصرا من كتاب طريق الهجرتين لابن القيم رحمه الله 0
مسألة : قد يقول قائل إن هذه القواعد في الكفار الأصليين ، فكيف تنزل على أهل القبلة ؟
والجواب أن من فعل فِعل الكفار الأصليين الحق بهم ، ومن أراد مزيد بحث في ذلك فليراجع كشف الشبهات فإن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تكلم عن هذه الشبهة وكشف زيفها ،
وراجع أيضا كتاب الحقائق في التوحيد في : باب من فَعَل فِعْل المشركين الأصليين أو اليهود أو النصارى وغيرهم من ملل الكفر أُلحق بهم : قال تعالى (وأن أقم وجهك للدين حنيفا ولاتكونن من المشركين ) وقال تعالى ( ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواءً ) وقال تعالى ( ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون )
وقال تعالى( ومن يتولهم منكم فإنه منهم ) ،
وعن ابن عمر مرفوعا ( من تشبه بقوم فهو منهم ) رواه أبو داود ، وعن أبي سعيد مرفوعا (لتتبعن سنن من كان قبلكم فذكر اليهود والنصارى ) متفق عليه ،
وقال ابن تيمية فيمن جعل الآيات النازلة خاصة لمن نزلت بسببه ولا يشمل النوع أو المثال فقال (فلا يقول مسلم أن آية الظهار لم يدخل فيها إلا أوس بن الصامت وآية اللعان لم يدخل فيها إلا عاصم بن عدي وأن ذم الكفار لم يدخل فيه إلا كفار قريش ونحو ذلك مما لا يقوله مسلم ولا عاقل ) الفتاوى 16/ 148
وقال أبا بطين (أما قول من يقول أن الآيات التي نزلت بحكم المشركين الأولين فلا تتناول من فعل فعلهم فهذا كفر عظيم ، قال ويلزم منه أن الحدود المذكورة في القرآن والسنة لأناس كانوا وانقرضوا ؟فلا يُحد الزاني اليوم ولا تقطع يد السارق وبطل حكم القرآن ) الدرر 10/418 0
الفصل الثاني في أهل البدع
مقدمة :
الأبيات التي سوف ننقلها إن شاء الله عن ابن القيم رحمه الله في نونيته (2/403 شرح الشيخ أحمد بن إبراهيم بن عيسى رحمه الله ) هاهنا عن حكم أهل البدع غير الغلاة ،
أما الغلاة فهؤلاء حكمهم يختلف إذ هو التكفير مطلقا وليس فيه تفصيل ، وقد يقول قائل إن كلام ابن القيم في نونيته عام يشمل جميع أهل البدع من غلاة وغيرهم ،
نقول لابد من جمع كلامه في المواطن الأخرى لمعرفة ماذا يريد ؟ وهل هناك تقييد لكلامه ؟
وقد جاء في مدارج السالكين هذا التقييد حيث قال :
في كتاب مدارج السالكين الجزء الأول في منزلة التوبة في فصل الكلام عن الفسوق قال : وفسق الاعتقاد كفسق أهل البدع الذين يؤمنون بالله ورسوله( قلت أي ملتزمون للتوحيد ) واليوم الآخر ويحرمون ما حرم الله ويوجبون ما أوجب الله ولكن ينفون كثيرا مما أثبت الله ورسوله جهلا وتأويلا وتقليدا للشيوخ ويثبتون ما لم يثبته الله ورسوله كذلك وهؤلاء كالخوارج المارقة وكثير من الروافض والقدرية والمعتزلة وكثير من الجهمية الذين ليسوا غلاة في التجهم ،
وأما غالية الجهمية فكغلاة الرافضة ليس للطائفتين في الإسلام نصيب ولذلك أخرجهم جماعة من السلف من الثنتين والسبعين فرقة وقالوا هم مباينون للملة 0
والآن ننتقل إلى الأبيات لمعرفة حكم أهل البدع غير الغلاة :
فقال رحمه الله تعالى :
لكننا نأتي بحكم عادل..... فيكم لأجل مخافة الرحمن
هم عندنا قسمان أهل جهالة... وذوو العناء وذانك القسمان
جمع وفرق بين نوعين هما ....في بدعة لا شك يجتمعان
وذوو العناد فأهل كفر ظاهر.... والجاهلون فإنهم نوعان
متمكنون من الهدى والعلم بالأسباب ذات اليسر والإمكان
لكن إلى أرض الجهالة أخلدوا.. واستسهلوا التقليد كالعميان
لم يبذلوا المقدور في إدراكهم....للحق تهوينا بهذا الشان
فهم الألى لا شك في تفسيقهم.....والكفر فيه عندنا قولان
والوقف عندي فيهم لست الذي... بالكفر أنعتهم ولا الإيمان
والله أعلم بالبطانة منهم.....ولنا ظهارة حلة الإعلان
لكنهم مستوجبون عقابه....قطعا لأجل البغي والعدوان
هبكم عذرتم بالجهالة إنكم....لن تعذروا بالظلم والطغيان
والطعن في قول الرسول ودينه.....وشهادة بالزور والبهتان
فصل
والآخرون فأهل عجز عن بلو....غ الحق مع قصد ومع إيمان
بالله ثم رسوله ولقائه....وهم إذا ميزتهم ضربان
قوم دهاهم حسن ظنهم بما....قالته أشياخ ذوو أسنان
وديانة في الناس لم يجدوا سوى... أقوالهم فرضوا بها بأمان
لو يقدرون على الهدى لم يرتضوا.... بدلا به من قائل البهتان
فأولاء معذورون إن لم يظلموا.....ويكفّروا بالجهل والعدوان
والآخرون فطالبون الحق لكن صدهم عن علمه شيئان
مع بحثهم ومصنفات قصدهم....منها وصولهم إلى العرفان
إحداهما طلب الحقائق من سوى....أبوابها متسوري الجدران
وسلوك طرق غير موصلة إلى....درك اليقين ومطلع الإيمان
فتشابهت تلك الأمور عليهم....مثل اشتباه الطرق بالحيران
فترى أفاضلهم حيارى كلها.... في التيه يقرع ناجذ الندمان
ويقول قد كثرت عليّ الطرق لا.... أدري الطريق الأعظم السلطاني
بل كلها طرق مخوفات بها الآفات حاصلة بلا حسبان
فالوقف غايته وآخر أمره.....من غير شك منه في الرحمن
أو دينه وكتابه ورسوله..... ولقائه وقيامة الأبدان
فأولاء بين الذنب والأجرين أو.....إحداهما أو واسع الغفران
فانظر إلى أحكامنا فيهم وقد....جحدوا النصوص ومقتضى القرآن
الكفر حق الله ثم رسوله........ بالشرع يثبت لا بقول فلان
من كان رب العالمين وعبده...... قد كفراه فذاك ذو الكفران
قال : الشيخ أحمد بن إبراهيم بن عيسى رحمه الله في شرحه لهذه الأبيات (2/404) حاصل كلام الناظم رحمه الله تعالى في هذا الفصل والذي بعده تقسيم أهل الجهل والتعطيل إلى قسمين :
1 ـ القسم الأول وهم أهل العناد والعياذ بالله فحكم بكفرهم وقد أشار إلى ذلك بقوله في هذا النظم فالكفر ليس سوى العناد ورد ما...... قال الرسول لأجل قول فلان
2 ـ القسم الثاني وهم الجهال ،
ثم قسم الجهال إلى قسمين :
ــ القسم الأول متمكنون من الهدى والعلم بالأسباب المتيسرة ولكن أخلدوا إلى الجهالة واستسهلوا التقليد ،
ــ والقسم الثاني من الجهال أهل عجز عن بلوغ الحق مع حسن قصد وإيمان بالله ورسوله ولقائه ثم قال وهم إذا ميزتهم ( أي أهل العجز ) حزبان :
أ ـ الأول قوم أحسنوا الظن بما قالته الأشياخ وأهل الديانة عندهم ولم يجدوا سوى أقوالهم فرضوا بها ،
ب ـ والضرب الثاني من هؤلاء فطالبوا الحق لكن صدهم عن علمه أنهم طلبوا الحقائق من سوى أبوابهم وسلكوا طرقا غير موصلة إلى اليقين فتشابهت الطرق عليهم وصاروا حيارى ،اهـ ملخصا ،
ثم ذكر حكم كل قسم كما في الأبيات أمامك ،
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين 0
رسالة في قــــــواعــــد وأصـــول
فــي المــقــلــديــن والجـهــال وقيام الحجة
في الشرك الأكبر والكفر الأكبر والـــــبـــــدع
ملخصا من كلام ابن القيم رحمه الله
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد :
فهذا مختصر نافع في مسائل مهمة اختصرته من كتابي الإمام ابن القيم رحمه الله وهما : كتاب طريق الهجرتين ويُسمى أحيانا بكتاب الطبقات وهو مأخوذ من ذكر ابن القيم للطبقة السابعة عشرة ،
ومن قصيدته المسماة النونية في ذكر الكلام على حكم أهل البدع 2/403 شرح الشيخ أحمد بن إبراهيم بن عيسى رحمه الله ،
الفصل الأول
طبقة المقلدين وجهال الكفرة وأتباعهم وحميرهم الذين هم معهم تبعا لهم يقولون إنا وجدنا آباءنا على ذلك ولنا بهم أسوة ومع هذا فهم متاركون لأهل الإسلام غير محاربين لهم كنساء المحاربين وخدمهم وأتباعهم الذين لم ينصبوا أنفسهم لما نصبت له أولئك من السعي في إطفاء نور الله وهدم دينه وإخماد كلماته بل هم بمنزلة الدواب ، فالقواعد والأصول فيهم كالتالي :
القاعدة الأولى :
قال ابن القيم: وقد اتفقت الأمة على أن هذه الطبقة كفار وإن كانوا جهالا مقلدين لرؤسائهم وأئمتهم إلا ما يحكى عن بعض أهل البدع أنه لم يحكم لهؤلاء بالنار وجعلهم بمنزلة من لم تبلغه الدعوة وهذا مذهب لم يقل به أحد من أئمة المسلمين لا الصحابة ولا التابعين ولا من بعدهم وإنما يعرف عن بعض أهل الكلام المحدث في الإسلام وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( ما من مولود إلا وهو يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه) فأخبر أن أبويه ينقلانه عن الفطرة إلى اليهودية والنصرانية والمجوسية ولم يعتبر في ذلك غير المربى والمنشأ على ما عليه الأبوان وصح عنه أنه قال صلى الله عليه وسلم ( إن الجنة لا يدخلها إلا نفس مسلمة )
القاعدة الثانية :
أن هذا المقلد ليس بمسلم وهو عاقل مكلف والعاقل المكلف لا يخرج عن الإسلام أو الكفر ،
القاعدة الثالثة :
وأما من لم تبلغه الدعوة فليس بمكلف في تلك الحال وهو بمنزلة الأطفال والمجانين وقد تقدم الكلام عليهم . ( إذن باب من لم تبلغه الدعوة بمنزلة الأطفال والمجانين ، ويراجع ذلك )
القاعدة الرابعة:
والإسلام هو توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له والإيمان بالله وبرسوله واتباعه فيما جاء به ، فما لم يأت العبد بهذا فليس بمسلم وإن لم يكن كافرا معاندا فهو كافر جاهل فغاية هذه الطبقة أنهم كفار جهال غير معاندين وعدم عنادهم لا يخرجهم عن كونهم كفارا فإن الكافر من جحد توحيد الله وكذب رسوله إما عنادا أو جهلا وتقليدا لأهل العناد فهذا وإن كان غايته أنه غير معاند فهو متبع لأهل العناد وقد أخبر الله في القرآن في غير موضع بعذاب المقلدين لأسلافهم من الكفار وأن الأتباع مع متبوعيهم وأنهم يتحاجون في النار وأن الأتباع يقولون كما أخبر الله عنهم ( ربنا هؤلاء أضلونا فأتهم عذابا ضعفا من النار قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون)
وقال تعالى ( وإذ يتحاجون في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار قال الذين استكبروا إنا كل فيها إن الله قد حكم بين العباد )
وقال تعالى ( ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا )
فهذا إخبار من الله وتحذير بأن المتبوعين والتابعين اشتركوا في العذاب ولم يغن عنهم تقليدهم شيئا ،
وأصرح من هذا قوله تعالى ( إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا ) وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل أوزار من اتبعه لا ينقص من أوزارهم شيئا )
وهذا يدل على أن كفر من اتبعهم إنما هو من أجل اتباعهم وتقليدهم 0
القاعدة الخامسة :
التفصيل في المقلدين وهو تفصيل يزول به الإشكال والتفصيل واقع في الوجود وهو كالتالي :
1 ـ بين مقلد تمكن من العلم ومعرفة الحق فأعرض عنه فالمتمكن المعرض مفرط تارك للواجب عليه لا عذر له عند الله ،
2 ـ ومقلد لم يتمكن من ذلك بوجه لعجزه عن السؤال ولم يتمكن من العلم بوجه وهم قسمان أيضا :
أحدهما :
مريد للهدى مؤثر له محب له غير قادر عليه ولا على طلبه لعدم من يرشده فهذا حكمه حكم أرباب الفترات ومن لم تبلغه الدعوة يقول يا رب لو أعلم لك دينا خيرا مما أنا عليه لدنت به وتركت ما أنا عليه ولكن لا أعرف سوى ما أنا عليه ولا أقدر على غيره فهو غاية جهدي ونهاية معرفتي فهو كمن طلب الدين في الفترة ولم يظفر به فعدل عنه بعد استفراغ الوسع في طلبه عجزا وجهلا ،
الثاني :
معرض لا إرادة له ولا يحدث نفسه بغير ما هو عليه و راض بما هو عليه لا يؤثر غيره عليه ولا تطلب نفسه سواه ، ولا فرق عنده بين حال عجزه وقدرته فهو كمن لم يطلب الدين في الفترة بل مات على شركه وإن كان لو طلبه لعجز عنه ففرق بين عجز الطالب وعجز المعرض وكلاهما عاجز ،
والله يقضي بين عباده يوم القيامة بحكمه وعدله ولا يعذب إلا من قامت عليه حجته بالرسل فهذا مقطوع به في جملة الخلق وأما كون زيد بعينه وعمرو( أي بالنسبة للعاجزين ، وأصحاب الفترة ) قامت عليه الحجة أم لا فذلك ما لا يمكن الدخول بين الله وبين عباده .
القاعدة السادسة :
بل الواجب على العبد أن يعتقد أن كل من دان بدين غير دين الإسلام فهو كافر وأن الله سبحانه وتعالى لا يعذب أحدا إلا بعد قيام الحجة عليه بالرسول هذا في الجملة والتعيين موكول إلى علم الله وحكمه هذا في أحكام الثواب والعقاب ،
القاعدة السابعة :
وأما في أحكام الدنيا فهي جارية على ظاهر الأمر فأطفال الكفار ومجانينهم كفار في أحكام الدنيا لهم حكم أوليائهم وبهذا التفصيل يزول الإشكال في المسألة ،
والتلخيص والتفصيل مبني على أربعة أصول هي :
أحدها :
أن الله سبحانه وتعالى لا يعذب أحدا إلا بعد قيام الحجة عليه
1 ـ كما قال تعالى ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا )
2 ـ قال تعالى( رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل )
3 ـ وقال تعالى ( كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء )
4 ـ وقال تعالى ( فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير)
5 ـ وقال تعالى ( يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا شهدنا على أنفسنا وغرتهم الحياة الدنيا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين )
6 ـ وقال تعالى ( وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين ) والظالم من عرف ما جاء به الرسول أو تمكن من معرفته بوجه وأما من لم يعرف ما جاء به الرسول وعجز عن ذلك فكيف يقال إنه ظالم ؟ ،
وهذا كثير في القرآن يخبر أنه إنما يعذب من جاءه الرسول وقامت عليه الحجة وهو المذنب الذي يعترف بذنبه ،
الأصل الثاني :
أن العذاب يستحق بسببين :
أحدهما الإعراض عن الحجة وعدم إرادتها والعمل بها وبموجبها وهو كفر الإعراض ،
الثاني العناد لها بعد قيامها وترك إرادة موجبها وهو كفر العناد ،
وأما كفر الجهل مع عدم قيام الحجة وعدم التمكن من معرفتها فهذا الذي نفى الله التعذيب عنه حتى تقوم حجة الرسل ،
والأصل الثالث :
أن قيام الحجة يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والأشخاص فقد تقوم حجة الله على الكفار في زمان دون زمان وفي بقعة وناحية دون أخرى كما أنها تقوم على شخص دون آخر إما لعدم عقله وتمييزه كالصغير والمجنون وإما لعدم فهمه كالذي لا يفهم الخطاب ولم يحضر ترجمان يترجم له فهذا بمنزلة الأصم الذي لا يسمع شيئا ولا يتمكن من الفهم وهو أحد الأربعة الذين يدلون على الله بالحجة يوم القيامة كما تقدم في حديث الأسود وأبي هريرة وغيرهما ،
الأصل الرابع :
أن أفعال الله سبحانه وتعالى تابعة لحكمته التي لا يخل بها وأنها مقصودة لغايتها المحمودة وعواقبها الحميدة وهذا الأصل هو أساس الكلام في هذه الطبقات إلا من عرف ما في كتب الناس ووقف على أقوال الطوائف في هذا الباب وانتهى إلى غاية مراتبهم ونهاية إقدامهم والله الموفق للسداد الهادي إلى الرشاد ، اهـ مختصرا من كتاب طريق الهجرتين لابن القيم رحمه الله 0
مسألة : قد يقول قائل إن هذه القواعد في الكفار الأصليين ، فكيف تنزل على أهل القبلة ؟
والجواب أن من فعل فِعل الكفار الأصليين الحق بهم ، ومن أراد مزيد بحث في ذلك فليراجع كشف الشبهات فإن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تكلم عن هذه الشبهة وكشف زيفها ،
وراجع أيضا كتاب الحقائق في التوحيد في : باب من فَعَل فِعْل المشركين الأصليين أو اليهود أو النصارى وغيرهم من ملل الكفر أُلحق بهم : قال تعالى (وأن أقم وجهك للدين حنيفا ولاتكونن من المشركين ) وقال تعالى ( ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواءً ) وقال تعالى ( ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون )
وقال تعالى( ومن يتولهم منكم فإنه منهم ) ،
وعن ابن عمر مرفوعا ( من تشبه بقوم فهو منهم ) رواه أبو داود ، وعن أبي سعيد مرفوعا (لتتبعن سنن من كان قبلكم فذكر اليهود والنصارى ) متفق عليه ،
وقال ابن تيمية فيمن جعل الآيات النازلة خاصة لمن نزلت بسببه ولا يشمل النوع أو المثال فقال (فلا يقول مسلم أن آية الظهار لم يدخل فيها إلا أوس بن الصامت وآية اللعان لم يدخل فيها إلا عاصم بن عدي وأن ذم الكفار لم يدخل فيه إلا كفار قريش ونحو ذلك مما لا يقوله مسلم ولا عاقل ) الفتاوى 16/ 148
وقال أبا بطين (أما قول من يقول أن الآيات التي نزلت بحكم المشركين الأولين فلا تتناول من فعل فعلهم فهذا كفر عظيم ، قال ويلزم منه أن الحدود المذكورة في القرآن والسنة لأناس كانوا وانقرضوا ؟فلا يُحد الزاني اليوم ولا تقطع يد السارق وبطل حكم القرآن ) الدرر 10/418 0
الفصل الثاني في أهل البدع
مقدمة :
الأبيات التي سوف ننقلها إن شاء الله عن ابن القيم رحمه الله في نونيته (2/403 شرح الشيخ أحمد بن إبراهيم بن عيسى رحمه الله ) هاهنا عن حكم أهل البدع غير الغلاة ،
أما الغلاة فهؤلاء حكمهم يختلف إذ هو التكفير مطلقا وليس فيه تفصيل ، وقد يقول قائل إن كلام ابن القيم في نونيته عام يشمل جميع أهل البدع من غلاة وغيرهم ،
نقول لابد من جمع كلامه في المواطن الأخرى لمعرفة ماذا يريد ؟ وهل هناك تقييد لكلامه ؟
وقد جاء في مدارج السالكين هذا التقييد حيث قال :
في كتاب مدارج السالكين الجزء الأول في منزلة التوبة في فصل الكلام عن الفسوق قال : وفسق الاعتقاد كفسق أهل البدع الذين يؤمنون بالله ورسوله( قلت أي ملتزمون للتوحيد ) واليوم الآخر ويحرمون ما حرم الله ويوجبون ما أوجب الله ولكن ينفون كثيرا مما أثبت الله ورسوله جهلا وتأويلا وتقليدا للشيوخ ويثبتون ما لم يثبته الله ورسوله كذلك وهؤلاء كالخوارج المارقة وكثير من الروافض والقدرية والمعتزلة وكثير من الجهمية الذين ليسوا غلاة في التجهم ،
وأما غالية الجهمية فكغلاة الرافضة ليس للطائفتين في الإسلام نصيب ولذلك أخرجهم جماعة من السلف من الثنتين والسبعين فرقة وقالوا هم مباينون للملة 0
والآن ننتقل إلى الأبيات لمعرفة حكم أهل البدع غير الغلاة :
فقال رحمه الله تعالى :
لكننا نأتي بحكم عادل..... فيكم لأجل مخافة الرحمن
هم عندنا قسمان أهل جهالة... وذوو العناء وذانك القسمان
جمع وفرق بين نوعين هما ....في بدعة لا شك يجتمعان
وذوو العناد فأهل كفر ظاهر.... والجاهلون فإنهم نوعان
متمكنون من الهدى والعلم بالأسباب ذات اليسر والإمكان
لكن إلى أرض الجهالة أخلدوا.. واستسهلوا التقليد كالعميان
لم يبذلوا المقدور في إدراكهم....للحق تهوينا بهذا الشان
فهم الألى لا شك في تفسيقهم.....والكفر فيه عندنا قولان
والوقف عندي فيهم لست الذي... بالكفر أنعتهم ولا الإيمان
والله أعلم بالبطانة منهم.....ولنا ظهارة حلة الإعلان
لكنهم مستوجبون عقابه....قطعا لأجل البغي والعدوان
هبكم عذرتم بالجهالة إنكم....لن تعذروا بالظلم والطغيان
والطعن في قول الرسول ودينه.....وشهادة بالزور والبهتان
فصل
والآخرون فأهل عجز عن بلو....غ الحق مع قصد ومع إيمان
بالله ثم رسوله ولقائه....وهم إذا ميزتهم ضربان
قوم دهاهم حسن ظنهم بما....قالته أشياخ ذوو أسنان
وديانة في الناس لم يجدوا سوى... أقوالهم فرضوا بها بأمان
لو يقدرون على الهدى لم يرتضوا.... بدلا به من قائل البهتان
فأولاء معذورون إن لم يظلموا.....ويكفّروا بالجهل والعدوان
والآخرون فطالبون الحق لكن صدهم عن علمه شيئان
مع بحثهم ومصنفات قصدهم....منها وصولهم إلى العرفان
إحداهما طلب الحقائق من سوى....أبوابها متسوري الجدران
وسلوك طرق غير موصلة إلى....درك اليقين ومطلع الإيمان
فتشابهت تلك الأمور عليهم....مثل اشتباه الطرق بالحيران
فترى أفاضلهم حيارى كلها.... في التيه يقرع ناجذ الندمان
ويقول قد كثرت عليّ الطرق لا.... أدري الطريق الأعظم السلطاني
بل كلها طرق مخوفات بها الآفات حاصلة بلا حسبان
فالوقف غايته وآخر أمره.....من غير شك منه في الرحمن
أو دينه وكتابه ورسوله..... ولقائه وقيامة الأبدان
فأولاء بين الذنب والأجرين أو.....إحداهما أو واسع الغفران
فانظر إلى أحكامنا فيهم وقد....جحدوا النصوص ومقتضى القرآن
الكفر حق الله ثم رسوله........ بالشرع يثبت لا بقول فلان
من كان رب العالمين وعبده...... قد كفراه فذاك ذو الكفران
قال : الشيخ أحمد بن إبراهيم بن عيسى رحمه الله في شرحه لهذه الأبيات (2/404) حاصل كلام الناظم رحمه الله تعالى في هذا الفصل والذي بعده تقسيم أهل الجهل والتعطيل إلى قسمين :
1 ـ القسم الأول وهم أهل العناد والعياذ بالله فحكم بكفرهم وقد أشار إلى ذلك بقوله في هذا النظم فالكفر ليس سوى العناد ورد ما...... قال الرسول لأجل قول فلان
2 ـ القسم الثاني وهم الجهال ،
ثم قسم الجهال إلى قسمين :
ــ القسم الأول متمكنون من الهدى والعلم بالأسباب المتيسرة ولكن أخلدوا إلى الجهالة واستسهلوا التقليد ،
ــ والقسم الثاني من الجهال أهل عجز عن بلوغ الحق مع حسن قصد وإيمان بالله ورسوله ولقائه ثم قال وهم إذا ميزتهم ( أي أهل العجز ) حزبان :
أ ـ الأول قوم أحسنوا الظن بما قالته الأشياخ وأهل الديانة عندهم ولم يجدوا سوى أقوالهم فرضوا بها ،
ب ـ والضرب الثاني من هؤلاء فطالبوا الحق لكن صدهم عن علمه أنهم طلبوا الحقائق من سوى أبوابهم وسلكوا طرقا غير موصلة إلى اليقين فتشابهت الطرق عليهم وصاروا حيارى ،اهـ ملخصا ،
ثم ذكر حكم كل قسم كما في الأبيات أمامك ،
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين 0
رسالة في قــــــواعــــد وأصـــول
فــي المــقــلــديــن والجـهــال وقيام الحجة
في الشرك الأكبر والكفر الأكبر والـــــبـــــدع
ملخصا من كلام ابن القيم رحمه الله