المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحضور الديني في الإصلاح الاجتماعي



محمد رشيد
05-04-2008, 01:11 PM
” نريد مصلحة المجتمع وتحقيق الرفاهية للناس “

هكذا نسمع دعاوى كافة الزاعمين للإصلاح الاجتماعي .. أليس كذلك ؟

وكم أنا ساذج ومطلوب مني أن أصدق تلك الدعوات كما هو مطلوب منكم …!

من أكثر المعاني التي أستغرب أن يتغافل عنها البعض أن دافع المجتمع لإصلاح المجتمع يؤول إلى التخلي عن إصلاح المجتمع فأي عقلية من السذاجة التي يمكنها أن تصدق بنية المدعين من الأفراد في إصلاح المجتمع لمجرد تحقيق سعادة ورفاهية المجتمع ؟! إن أغلب الناس يعانون من المجتمعات وتمنوا لو انتقموا من مجتمعاتهم تلك جزاء ما فعلت بهم .

كان من الغريب جدا تلك الدعوات المختلفة الداعية إلى إصلاح المجتمع بمزيد من النظريات والرؤى البعيدة عن اعتبار الجانب ( الديني الأخروي ) كمحور رئيس لكافة ممارساتنا الإصلاحية ؛ إذ كيف لنا أن نصدق تلك النوايا ؟ والغريب أن هؤلاء ممن يدعون أننأ التحضر والتقدم الإنساني هو في خلاص0 الإنسان من قيمه الدينية والروحية ، يخالفون بذلك دعوات الإصلاح الاجتماعي المعاصر والذي نظّر لها أرقى المفكرين الاجتماعيين فكرا وتنورا وواقعية.

يقول عالم البيئة الاجتماعي Peter Drucker

” إن الإنسانية بحاجة إلى العودة للقيم الروحية ، حيث توجد قيم الشفقة والرحمة كما تحتاج إلى الخبرة العميقة والواسعة بأن الأنا والآخر هما شيء واحد وهي المبادئ المشتركة في جميع الأديان السماوية “

ويقول :

” الإنسان ليس مجرد كائن مادي فقط وإنما كائن روحي أيضا ، بمعنى أنه خلق ووجد لأغراض الخالق سبحانه وتعالى ، ويجب أن يكون خاضعا له “

ويقول كذلك في كتاب The ecological vision :

” فالإيمان هو الاعتقاد في وجود الله والذي يكون فيه المستحيل ممكنا ، والذي يتساوى فيه الزمن والخلود ويكون لكل من الموت والحياة معنى “

ويقول في نفس الكتاب :

” يمثل هذا الإيمان الاعتقاد بأن المستحيل ممكن ، وأن الفناء والخلود شيء واحد ، وأن لكل من الموت والحياة معنى وقيمة . والإيمان هو التسليم بان الفرد مخلوق . ليس حاكما أو سلطانا ، ولا يمثل النهاية أو المركز ، ولكنه مع ذلك مسؤول وحر “

ويقول في نفس الكتاب :

” ويجب التغلب على هذا الانعزال من خلال اليقين بأن الله سبحانه وتعالى دائما مع الإنسان حتى في ساعة الموت “

وأخيرا يقول :

” دائما ما يؤدي التشبث بالمجتمع إلى الفشل في نهاية الأمر ، حاول أن تجد سببا يدعم وجودك كفرد في المجتمع وكإنسان في نفس الوقت”

هذا هو اعتقاد وتصريح father of management أبو الإدارة كما يطلق عليه ، ورغم أنه مبتكر فن الإدارة إلا أنه يطلق على نفسه “عالم بيئة اجتماعية” وأنه لا يهتم بمؤسسة الأعمال كمؤسسة أعمال ، وإنما اهتمامه هو الإنسان الذي يشكل محور المجتمع والعمليات الإنسانية.

ألم يستخلف الله تعالى نبينا آدم ـ عليه السلام ـ وبنيه في الأرض ..؟


{ وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة }


فكيف يغفل الإنسان عن أن كافة ممارساته في الأرض هي استخلاف الله تعالى يحاسبه عليه بعد الموت ؟
وأي ( إصلاح اجتماعي ) يزعمه الراغبون في الإصلاح بعيدا عن المهمة الرئيسية التي خلقهم الله تعالى لأدائها ، والتي هي الإصلاح الاجتماعي ذاته ؟

هؤلاء حالهم كمن يقول : نريد أن نصلح المجتمع دون أن نصلح المجتمع ..!

هل يعقل ؟ .. لو كانت إجابتك بـ ( نعم ) فأهمل مقالي ، فإنني مجنون .

حسام الدين حامد
05-06-2008, 04:36 AM
جزاك الله خيرًا أخي الكريم و الأمر واضح من أن صلاح الفرد في توجهه لعبادة ربه و حيث صلح الفرد صلح المجتمع ، فمن طلب صلاح المجتمع أو الجماعة بعيدًا عن الله عز و جل فقد طلب المحال ، المشكلة أحيانًا أن القوم المنادين بالإصلاح المحال يقيسون الإصلاح بكمية التروس الدائرة و عبوات الشحم المستهلكة و هذا في القياس عجيب .

يقول كارل يونج :

( أود أن ألفت الانتباه إلى الحقائق التالية : فإنه خلال الثلاثين سنة الماضية ، جاء إليّ أفراد من كل البلدان المتقدمة في العالم من أجل استشارتي ، و مئات من المرضى مروا عليّ للعلاج ، معظمهم من البروتستانت و عدد أقل من اليهود و ما لا يزيد عن خمسة أو ستة من الكاثوليك ، من ضمن كل المرضى الذين جاءوا إليّ و هم في النصف الثاني من أعمارهم أي أنهم فوق سن 35 سنة ، ليس منهم واحد لم تكن مشكلته افتقاده لنظرة دينية في الحياة ) .

و يستعرض أ.د صالح بن إبراهيم الصنيع - حفظه الله - دراساتٍ ميدانية تم إجراؤها في الوطن العربي و خارجه ، و منها على سبيل المثال :
- دراسة بينبريدج سنة 1992 و في نتائجها " ارتباط سلبي دال إحصائيًّا بين ارتفاع التدين و استخدام الكحول و المخدرات " .
- دراسة ستراك و وسرمان و كبوسوا سنة 1994 و في نتائجها " ارتباط سلبي دال إحصائيًّا بين التدين و فكرة الانتحار لدى الرجال و النساء " .
- دراسة روس 1990 و في نتائجها " الأفراد الذين لا ديانة لهم ارتفع مستوى الاضطراب النفسي لديهم " .

هذا بالنسبة لدور التدين عمومًا في وقاية الأفراد و المجتمعات من الآفات ، و حيث كان الإسلام هو الدين عند الله فهو السبيل لأقصى رقيّ و إصلاح لأي مجتمع ، و قد ذكر الدكتور صالح الصنيع العديد من الدراسات الميدانية الراصدة لهذا الأمر عند تثبيت المتغيرات الأخرى ، و من شاء تمام الفائدة فعليه بكتاب ( الصحة النفسية من منظور إسلامي : بين علماء الإسلام و علماء النفس ) .