المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فاقد الشيء لا يعطيه



اللاأدري
05-24-2008, 07:25 AM
السلام عليكم

"فاقد الشيء لا يعطيه"

ما رأيكم أيها الإخوة في هذه الجملة؟

هذه إحدى الجمل التي يبرهن بها أتباع الأديان على أن الطبيعة الجاهلة والخرساء الحمقاء لا يمكن أن تفزر لنا إنساناً عاقلاً سميعاً بصيرا

عموما ليس هذا موضوع نقاشنا


إذا كنتم تستعملون منطق فاقد الشيء لا يعطيه للبرهنة على وجود الله

فمن حقي أن أسأل

الشر موجود
الظلم موجود
التشوهات موجودة
الأمراض موجودة
الكوارث موجودة
المجاعات موجودة


هذه الأشياء من أوجدها؟

أليس فاقد الشيء لا يعطيه؟

فطالما أن الله أعطى هذه الأشياء وخلقها إذا فهو ليس فاقد لها

إذا فهي موجودة فيه

كل المعاني السالبة والناقصة والشريرة والكريهة الله ليس فاقد لها كما اعتدنا في تنزيهه


هل يعطي الله أشياء هو فاقد لها ؟؟؟

ارجو الاجابة

ودمتم بسلام

مراقب 1
05-24-2008, 10:22 AM
سيتم تخصيص طالب علم للمحاورة الزميل اللاأدرى ، ولحين ذلك يغلق الموضوع .

ناصر الشريعة
05-26-2008, 11:23 PM
السلام عليكموعليكم .

وراء كل لا أدري أزمة في منهج المعرفة وسخافة في التفكير .

فهو يدعي أنه لكي يكون الله قادرا على خلق الأشياء جملة وتفصيلا فلا يشترط أن يكون قادرا مريدا فقط بل لا بد عند اللاأدري أن يصاب جل جلاله وسبحانه وتعالى بــ : المجاعات الأفريقية!! والفيضانات الآسيوية!! والأمراض المعدية وغير المعدية!! حتى يكون قادرا على أن ( يعطيها لمن أصيب بها = وكأنها عطية وليست اختبارا أو عقوبة ، وكأنها شيء وجودي يعطى لا عدمي لا يوجد ولا يعطى) بينما هذا الاشتراط السخيف لا قيمة له عقلا وإنما يشترط لإيجاد الأشياء شيئان فقط وهما : القدرة التامة والإرادة الجازمة ، لا أن يحل بالله كل ما يخلقه في هذا الكون من ذوات وصفات كما يقول الحلولية والاتحادية!

وهذه العقلية يكفي فقط إيرادها على حقيقتها لتضحك الثكالى وتطرب الحزانى على ما في البشر من المضحكات المبكيات .

إن المثل القائل " فاقد الشيء لا يعطيه " مثال يذكر في عجز غير المالك القادر المريد على الإعطاء، والله مالك كل شيء وله القدرة التامة والإرادة الجازمة فأي عجز سيكون وأي صفات سلبية ستكون ؟

إن هذا المثل لا يدل عند أي عاقل على أن الله لكي يوجد الشر لا بد أن يكون شريرا ! ولكي يوجد المرض لا بد أن يكون مريضا ! ولكي توجد المجاعات لا بد أن يجوع ! ولكي تحصل الكوارث البيئية لا بد أن يصاب بها ، نعوذ بالله من هذا الكفر والضلال ، فبئس ما تصفون ، فمن أين تأتي بهذه المهازل أم أنها عادة اللاأدرية !

إن " فاقد الشيء لا يعطيه " يقابلها : " مالك الشيء قادر على إعطائه " والشيء في العبارتين إما إن يكون ذاتا أو صفاتا:
فالشيء بمعنى الذات مثاله : المال والطعام والشراب ، فهل يشترط لإعطائها أن يكون المعطي هو نفسه مالا وطعاما وشرابا !! بالطبع لا ، وإنما يشترط أن يكون مالكا لها لا غير ، واشتراط أن يكون متصفا بها كلام مجانين لا عقلاء فكيف يتصف الإنسان بأنه طعام أو شراب لأنه أعطاه ؟ إلا إذا كان اللاأدري يظن نفسه (كوسة) في سوق الخضار.

والشيء بمعنى الصفات على قسمين :
الأول : صفات وجود وكمال : كالصدق والجمال .
فهذه لا يعطيها إلا من كان متصفا بها مع قدرته وإرادته على الخلق ، لأن الإعطاء هنا بمعنى الخلق والإيجاد . وسبب قولنا أنه لا يعطيها إلا من اتصف بها هو القاعدة العظيمة التي هي :
" معطي الكمال أولى به " والله أولى بكمال لا نقص فيه بوجه من الوجوه ، فالله أعطى الإنسان إرادة وقدرة وعلما وحكمة وقوة ونحو ذلك من صفات الكمال ، والله أولى بهذه الصفات فالقادر على الكمال ومعطي الكمال أولى بالكمال ممن هو أنقص منه.

الثاني : صفات عدم ونقص : كالكذب والقبح .
فهذه لا تعطى لأنها عدمية سلبية ، والعدم لا يعطي لأنه عدم كاسمه ، والشر عدم حقيقي أو نسبي كما سبق بيانه في موضع آخر .
وعلى هذا :
فجميع الشرور والنقائص إنما هي لعدم أمر وجودي لا يحصل كمال الشيء وخيره بدونه ، فالكذب عدم وجود الصدق ، والقبح عدم وجود الجمال ، وخلق الشر هو خلق الشيء دون خلق الأمور الوجودية التي يحصل بها كماله ، والكوارث والأمراض نتيجة عدم وجود أو استمرار الشيء على حاله الأكمل .
ولهذا ليس هناك إعطاء للعدم حتى يشترط فيه ملك أو قدرة أو اتصاف .

ولهذا نقول أن مقولة " فاقد الشيء لا يعطيه " إنما هي في الأمور الوجودية .

وهذه الأمور الوجودية :
إما ذات فيشترط فيها الملك .
وإما صفات كمال فيشترط فيها اتصاف المعطي بالكمال على الوجه المناسب له .

ويشترط في الجميع أن يكون المعطي : قادرا مريدا .
فإذا كان غير قادر ولا مريد فلا يمكن أن يحصل الإعطاء كما هو حال الطبيعة التي هي غير قادرة ولا مريدة ولا مالكة لشيء.


وأما الصفات العدمية السلبية التي يجمعها اسم الشر من أمراض وآلام وكوارث وأخلاق سوء فكلها راجعة إلى العدم ، والعدم ليس بشيء حتى يعطى ، فكيف يقال أن الله متصف به وهو لم يخلقه ولم يعطه ، وإنما هو خلق الشيء دون بعض الأمور الوجودية التي يحصل بها كماله.


ومما سبق تتبين المغالطة في سؤال اللاأدري :
1. الإجمال في لفظ الشيء ، فالشيء لفظ فيه تفصيل جهله اللاأدري ، وهذا التفصيل هو :
أن الشيء إما ذات تملك دون اتصاف بها ، أو صفات كمال يكون المعطي لها أولى بكمالها اللائق به ممن هو أنقص منه .

2.زعمه أن الشر يعطى : مع أن الشر عدم حقيقي أو نسبي ، فلا يعطى ولا يوصف به الله .

3. تجاهله للشرط الأساسي في الإعطاء وهو القدرة التامة والإرادة الجازمة التي يتصف الله بها ، بينهما هما منتفيان عن الطبيعة التي لا يرغب اللاأدري بالحديث عنها لأنها عمياء خرساء لسوء حظه !


فهذه ثلاث مغالطات كافية في بيان الأزمة المنهجية والسخافة الفكرية عند اللاأدرية لو كانوا يعقلون .

اللاأدري
05-27-2008, 07:09 AM
السلام عليكم

الغريب جداً أنك تعتبر الصفة السلبية مجرد غياب للصفة الإيجابية على وجه الإطلاق وهذه أكذوبة كبرى

صحيح أن كثير من الأمور السلبية هي بالفعل مجرد غياب للأمر الإيجابي

مثل النور والظلام ، الحرارة والبرودة ، الشبع والجوع ، الارتواء والعطش ، الوجود والعدم

فالظلام ليس كياناً مستقلاً بحد ذاته بل هو مجرد حالة غياب النور

بدليل أن شدة الاستضاءة لا حدود لها بل ولها وحدة قياس فيزيائية ، ويمكنك أن تزيد الإضاءة على حسب مقدرتك

أما الظلمة المطلقة فهي تمثل صفراً لا يمكنك النزول عنه ، والصفر حالة رياضية كمية يغيب فيها العامل الموجب وليست مستقلة بحد ذاتها

صدقنا وآمنا


ولكن هناك أمور أخرى لا يصح هذا الوصف عليها

كالخير والشر ، العدل والظلم ، الحب والكراهية ، الإنعام والتعذيب

فكل واحدة من هذه الصفات تمثل كياناً خاصاً بها وهي ليست مجرد غياب لنقيضها الموجب

فالشر هو ليس مجرد غياب الخير

لأن غياب الخير فحسب يعني الحياد

فهناك أناساً لا خير يصدر منهم لكنهم ليسو أشراراً ... لأنهم لم يفعلوا الشر

فعدم فعلي للخير لا يعني بالضرورة أني شرير

كما أن عدم فعلي للشر لا يعني أني خير بالضرورة

بل ياتي الخير كقيمة موجبة والشر كقيمة سالبة ويمكنك أن تزيد فيهما حسب قدرتك وطاقتك

فالشر كما قلت لحضرتك ليس مجرد حالة غياب للخير ... بل هو كيان مستقل بحد ذاته ويمكنك الزيادة فيه على قدر استطاعتك

فكما قلت لك وبإيجاز

هنا نوعان من الصفات المتناقضة

1) الصفة ونقيضها -الذي يمثل مجرد حالة غياب الصفة الموجبة- : فتكون الصفة قيمة موجبة ونقيضها صفراً
2) الصفة ونقيضها - بحيث يكون كل منهما له كيان مستقل - : فتكون الصفة قيمة موجبة ونقيضها قيمة سالبة

أرجو أن يكون الفرق قد اتضح

وبمبدأ فاقد الشيء لا يعطيه

تكون قوى الشر والظلم متأصلة في ذات الله

لماذا عندما نرى الخير ننسبه إلى الله ونتغنى بعظمة الخالق وعطفه

أما عندما نرى الشر ننسبه لغير الله وننزه الله عنه

رغم أن الخير والشر كلاهما نابعان من الله

وإن لم يكن الله خالقاً للشر فهو ليس خالقاً لكل شيء

وكيف يخلق الله شيئاً ثم لا يريدنا أن ننسبه إليه؟


وعلى قضية أن إعطاء الشيء لا يعني بالضرورة أن يكون المعطى متأصلاً من ذات المعطي فاسمح لي أن أقول لك يا سيدي بأنك قد اسأت فهمها

فالنجار الذي يصنع الباب ، لا يمكن أن يكون الباب المادي متأصلاً فيه

فمواد الباب من خشب ومسامير وغيرها ليست متأصلة في ذات النجار

إنما يأخذها النجار من طبيعة قد أوجدت من حوله

لكن فكرة الباب هي الشيء الذي لا يمكن أن ننكر انفصاله عن وجدان النجار

وكذلك الشر والظلم والمجاعات وكل الشرور والآلام

فهذه الأشياء كأفكار متأصلة في وجدان الخالق

فكيف تنزه خالقك عما خلق وعما اذن به ؟؟؟



أستغرب من نفاقكم العجيب

ألم يكن الله هو المتسبب في أمواج تسونامي والتي قتلت الآلاف وشردت ويتمت وأفقرت وأمرضت آلاف الأخرين؟

وللعلم فإن معظم الذين ماتوا في تسونامي كانوا ابرياء جهلة لا علاقة لهم بالفاسقين لا من قريب ولا من بعيد ... وكثير منهم كانوا أطفالاً لم يبلغوا الحلم !!!

إذا لم يكن هذا شراً فما هو الشر ؟؟؟


عندما تقتل إسرائيل مئات الأبرياء نقول عنها ظالمة

أما عندما يقتل الله ملايين الأبرياء في تسونامني ومجاعات أفريقيا فنسميه الحكيم !!!

عجيب أمركم

فعلاً عجيب !!!


فمرة أخرى

أنتم تقولون "فاقد الشيء لا يعطيه"

فبهذا المنطق يكون الله ليس فاقداً لما أعطى كأفكار وقدرة

فالشر والظلم والحقد والكراهية وكثير من الصفات المذمومة هو ليس فاقداً لها

يكفي أنه خالقها !!!

كيف يكون خالق الشر ليس شريراً ؟


وبوركتم يا سادة

ناصر الشريعة
05-27-2008, 10:30 PM
الغريب جداً أنك تعتبر الصفة السلبية مجرد غياب للصفة الإيجابية على وجه الإطلاق وهذه أكذوبة كبرىنعم هي كذبة كبرى لفقتها أنت ولم أتفوه بها أنا ، فقد قلت لك أن :

الشر عدم حقيقي أو نسبي كما سبق بيانه في موضع آخر .فأنكرت بقولك ( على وجه الإطلاق ) قولي بوجود (الشر النسبي ) ، وبيان ذلك في الموضع المشار إليه هو قولي :

http://eltwhed.com/vb/showthread.php?p=70030#post70030

"مسألة الخير والشر قد رد عليها العلماء المسلمون من قديم ومن أفضل الردود عليها ما كتبه ابن القيم في شفاء العليل في أحكام القضاء والقدر والتعليل ، وهذا فيه غنية عن القول بان الشر هو غياب الخير ، والبرودة هي غياب الحرارة ونحو ذلك مما لا حاصل تحته .

وتوضيح الجواب هو :

أن الشر الذي خلقه الله خلقه لحكمة فكان إيجاده خيرا ، ولأنه شر نسبي إضافي مغمور بجوار الخير الراجح من خلقه يترتب عليه خير كثير وحكمة عظيمة ، كمرارة الدواء خير لا شر في الحقيقة .


وتفصيل هذا فيما يلي :

ما أوجده الله إما أن يكون خيرا محضا كالجنة والملائكة والأنبياء ، وهذا لا إشكال فيه لأنه خلق للخير .
وإما أن يكون شرا محضا من كل وجه وهذا غير موجود ، فلا إشكال فيه ، لأنه شر لم يخلقه الله بل هو معدوم .
وإما أن يكون في إيجاده شر راجح وخير مرجوح وهذا كذلك غير موجود فلا إشكال فيه ، لأنه معدوم .

وإما أن يكون في إيجاده خير راجح وشر مرجوح كوجود الحمى عرضا على المرض ، والمطر والرياح والنار والبحار ونحو ذلك ، وهذا يحتاج إلى بيان :

فالشر نوعان : إما شر محض حقيقي من كل وجه فلا يدخل في الوجود ، ومن الواضح أنه لا يوصف الله بأنه خلق هذا الشر إذ هو معدوم أصلا ..
أو شر نسبي إضافي من وجه دون وجه ، وهذا الشر النسبي الإضافي قسمان :
الأول : شر عدمي ، وهو عدم أمر ضروري ( لوجود الشيء كالنفس ، أو بقاءه واستمراره كالغذاء ، أو كماله كالبصر والسمع ) أو عدم أمر غير ضروري لكن وجوده خير من عدمه كالعلم بما لا يضر الجهل به من بعض دقائق العلوم .
وواضح أن هذا القسم لا إشكال فيه أيضا لأنه شر معدوم لم يخلقه الله فلا يوصف الله بأنه خلق هذا الشر أيضا .

الثاني : شر وجودي كوجود الألم والبرد الشديد والحرق والغرق ، فهذا القسم كان خلق الله له خيرا وحكمة ، وإن كان بالنسبة لمن قام به من المخلوقين شرا من وجه وخيرا من وجه آخر ، فألم المرض ومرارة الدواء وحرارة الجو وإن كانت شرا من جهة إلا أنها من جهة أخرى يحصل من إيجادها خير أرجح من الشر الذي فيها ، فبألم المرض يعلم الإنسان حاجته للدواء ، وبالدواء المر يحصل له الشفاء بإذن الله تعالى ، وحرارة الجو يحصل بها نفع للأحياء والزرع وتكون المطر .

وهكذا الحال مع كل أمر وجودي فيه شر تجد أنه له جهة خير أرجح ، وهنا نعلم أن وجود هذا الشر النسبي الإضافي هو لحكمة وخير أرجح ، فيكون خلق الله له خيرا وحكمة لا شرا ، فلا يوصف الله بالشر وإنما يوصف به المخلوق من جهة دون جهة .

الخلاصة :
خلق الله للشر يتضمن أمرين :
فعل الله وهو الخلق وهو خير وحكمة .
مفعول هو ما يقوم بالمخلوق من الشر وهو شر نسبي إضافي فيه خير راجح وشر مرجوح ."

فهذا فيه بيان مغالطتك في عدم التفريق بين كون الشر عدما حقيقيا أو نسبيا ، وبين دعواك الملفقة علي بأن الشر عدم على وجه الإطلاق ، متجاهلا رفضي هذا الإطلاق من خلال التفصيل والتقييد المذكور أعلاه .

وفي المشاركة القديمة التي أوردتها بيان أيضا لمعنى مهم وهو أن نسبية الشر تشمل أيضا كونه شرا من جهة وخيرا من جهة أخرى ، وهذا موضح مفصل في نقاشات عديدة في هذا المنتدى منها :
لماذا خلق الله الشر والمرض (http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=10337)
الخير و الشر في الالحاد و القوانين الإنسانية (http://eltwhed.com/vb/showthread.php?t=12015)

فمما سبق يتبين لك معنى كون الشر راجعا إلى أمور عدمية حتى في حالة كونه شرا موجودا ثابتا من جهة أنه شر ، ومن جهة أخرى أنه خير باعتبار المصالح المترتبة عليه كالخير المترتب من الحمى في الدلالة على المرض ومواجهته ، وعذاب الظالم شر بالنسبة للظالم خير بالنسبة للمظلوم ، وهكذا .

وأما زعمك أن "قوى الشر والظلم متأصلة في ذات الله" و"أن الخير والشر كلاهما نابعان من الله" فكلام من لم يقرا ولم يفهم شيئا مما قيل ، فقد سبق أن قلنا لك أن المخلوق إما ذات وإما صفات ، والذات تملك ولا يوصف بها خالقها ، والصفات إما صفات كمال فمعطيها أولى بها ، أو صفات نقص ، والنقص راجع إلى عدم أمور وجودية ، كما أن هذا الشر ليس شرا محضا وإنما شر من جهة وخير من جهة ، وسبق بيان أن خلق الشر يتضمن فعل الله الذي هو حكمة وخير ، والمخلوق الذي هو شر من جهة وخير من جهة ، ولهذا لا ينسب الشر إلى الله لعدم الشر المحض ، وتضمن كل ما هو شر من جهة خيرا من جهة أخرى موافق لحكمة الله تعالى، وفي هذا جواب سؤالك عن سبب عدم نسبة الشر إلى الله تأدبا مع أن كل ما في الكون من خير وشر مخلوق لله تعالى وحده ، فهو منسوب من جهة الخلق لا من جهة الاتصاف به ، فيوصف الله بأنه خلق الشر لأنه لا خالق غيره ، ولا يوصف بأنه شر أو شرير لأن خلقه الشر كان لحكمة وخير مترتب على ذلك كعقاب من يستحق العقاب ، ومجازاة المبتلين بالمصائب بما يستحقونه من الأجر والثواب .

وبهذا يعلم أن جميع ما أتيت به من كلام مكرر حول حصول بعض ما هو شر لبعض الناس أنه شر بالنسبة لمن استحق العقاب مع كونه عدلا وحكمة وصلاحا عظيما ، ولو أن قاضيا حكم على مجرم بالعقوبة المناسبة له لما كان ذلك القاضي شريرا بل خيرا حتى لو كانت العقوبة بالنسبة للمجرم شرا لا خيرا .
فكيف بحكم الله وقضائه على خلقه بعقوبة من يستحق العقاب وإثابة الصابرين على البلاء بأعظم مما أصابهم ؟!

وإذا جهلت كل ما سبق فأجب على هذا السؤال :

هل يكون شريرا من فعل فعلا حكيما عادلا ؟