المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التعليم إلى أين ؟



حازم
04-10-2005, 04:48 PM
نقلا عن مجلة المختار

السياسة التعليمية في المرحلة القادمة:

تؤكد المؤشرات أن العولمة تمثل مرحلة من دعم وتعزيز سيادة النموذج الحضاري الغربي في امتداده الرأسمالي وفلسفته اللبرالية في عصر انتهت فيه علاقة توازن القوى وتبلورت فيه سيادة القطب الواحد وبذلك كانت الهيمنة والعولمة الاقتصادية والسياسية والثقافية.

الهيمنة الاقتصادية: التي سعت أمريكا ودول الاتحاد الأوربي واليابان إليها عن طريق عقد الاتفاقيات الاقتصادية في منظمة الجات والتي تحولت فيما بعد إلى منظمة التجارة العالمية.

كما برزت في هذا البعد موجات التوحد والدمج التي قامت بها كبرى المؤسسات الاقتصادية العالمية من بنوك أو شركات أو مصانع استعداداً لموجة العولمة ومن أجل الصمود أمام المنافسة.

والهيمنة السياسية: المتمثلة في وضع تنظيمات وسياسات تقلص إلى حد كبير من سيادة الدول حتى أضحى العديد من الحكومات والدول ناقصة السيادة وعرضة للتدخلات الكثيرة في شئونها الداخلية لتعارضها مع المبادئ والأنظمة التي أبرزتها العولمة وهناك الهيمنة الثقافية والفكرية الناتجة عن امتلاك الدول الكبرى لوسائل وشبكات الإعلام الكبرى والإنترنت وغيرها مما مكنها من الإقناع والتزيين والتزييف لكثير من الحقائق في الوقت الذي تفتقد فيه الدول الفقيرة والنامية ذلك مما جعل تلك الأخيرة في موقع الملتقى فقط.

من كل ذلك ندرك خطر العولمة ودورهما في إضعاف أمن الدول ووحدتها وزيادة حجم التوتر والإضرابات وضعف الشعور بالمواطنة والانتماء وعزلة الأفراد وغربتهم داخل مجتمعاتهم.

واستمرارا لبلطجة القوة وسيادة مبدأ الغابة وفى ظل الهيمنة الأمريكية خرج علينا كولن باول بدعوة لتعديل مناهج التعليم الإسلامية مشفوعة بالمناهج البديلة وقد ذكر أن إدارته ستعمل من خلال العديد من البرامج لإقناع قادة العالم الإسلامي بذلك. من هنا كانت مسارعة مصر لتطوير التعليم أو لعولمته حتى تواكب العصر الأمريكي.

وحتى تنتظم مصر مع المنظومة الدولية أو المعايير الدولية للتعليم قامت بتجميع 250 خبيراً من خبراء التعليم وأساتذة الجامعة والسياسيين والمفكرين ورجال الدين الإسلامي والمسيحي ومن ممثليين لليونيسيف واليونسكو والاتحاد الأوربي وغيرهم من الهيئات الدولية. وعلى مدار أكثر من عام تم تشكيل لجان وعمل أبحاث وندوات ومؤتمرات.

ونتج عن كل ذلك " وثيقة المعايير القومية للتعليم " في ثلاثة مجلدات المجلد الأول: يتحدث عن الإطار النظرى للمعايير الخمسة المتمثلة في (المدرسة الفعالة ’ المعلم الكفء، الإدارة المتميزة، المشاركة المجتمعية، المنهج الدراسي ونواتج التعلم).

المجلد الثاني: يتناول المعايير التفصيلية للمواد الإنسانية (الدين الإسلامي والمسيحي، اللغة العربية، الدراسات، التربية الوطنية، اللغة الإنجليزية والفرنسية).

المجلد الثالث: (المعايير التفصيلية للعلوم والرياضيات):

وبالإطلاع على هذه المعايير وجد أنها جيدة وعلمية وأكاديمية غير أنها مصاغة بطريقة علمانية وبعضها منقولة من الطبعة الإنجليزية وليس الخطورة فى ذلك فقط ولكن الخطورة تكمن في المقررات الدراسية التي تصدرها مراكز التطوير بعد أن انتهى دور هؤلاء العلماء واعتمدت الوثيقة ولقد ظهرت مؤشرات هذا الخطر في المجلد الثاني والثالث وبالتحديد في الحديث عن معايير التربية الدينية الإسلامية والمسيحية والتاريخ والتربية الوطنية واللغة الإنجليزية ولعل أول كتاب صدر في ضوء هذه المعايير من مركز التطوير هو كتاب اللغة الإنجليزية للصف الأول الإبتدائى (Hand in Hand) والكتاب لا يدَّرس لغة بقدر ما يرسخ مفاهيم قيميه عن البيئة والأسرة وإمعانا في الالتزام بهذه المعايير جاء غلاف الكتاب يحمل صور لولد يمسك بيد بنت.

والكتاب قد عولج بطريقة غريبة لم يألفها مدرسو هذه المادة ولم يتدربوا عليها حتى أنهم اختاروا في طريقة تدريسه واكتفى بعضهم بوضع مذكرات بديلة عن الكتاب يدرسونها للتلاميذ!!

أما بالنسبة للمعلم: فلكي يتعامل مع المعايير فلابد وأن يُعاد تدريبه وأن يعاد النظر في أساليب التدريس حتى تتمشى مع الأساليب العالمية الحديثة.

· ولقد تم الاتفاق بين وزارة التربية والتعليم في مصر وبين ثلاث جهات أجنبية هي الاتحاد الأوربي والبنك الدولي والولايات المتحدة الأمريكية تحت مسمى (برنامج تحسين التعليم) وخصوصا تعليم الفتيات. ويتم الإنفاق على هذه البرامج باليورو وأحيانا.

ويجرى التدريب في مدينة مبارك للتعليم بالقاهرة والمراكز الفرعية بالمحافظات وعددهم 25 مركزاً فرعياً على مستوى الجمهورية.

· وحتى الآن تم تدريب حوالي 70 ألف دولار. على أن يقوم بعد عودته بعمل محاضرات لنشر الفكر الذي تلقاه في البعثة بين المعلمين تحت اسم الكتلة الحرجة في الإدارات التعليمية أو وحدات التدريب في المدارس أو بمراكز التدريب الرئيسية.

· والأساليب التي تم التدريب عليها تتمثل في " العصف الذهني والتعلم الذاتي، والتعلم التعاوني ولعب الأدوار وحل المشكلات.. " وهى أساليب تتم في الدول المتقدمة حيث تتوفر الإمكانات المادية والبشرية المتميزة وقاعات الدراسة معدة ومجهزة للوصول إلى المعلومات بكل الأوساط المعرفية وعدد الطلاب في كل قاعة لا يتجاوز العشرين والمعلم موسوعي ومؤهل للتعامل مع هذه الأوساط ودوره محدد فهو مرشد ومشرف وموجه ويستطيع تنمية الإبداع والابتكارات وبث روح المنافسة بين المجموعات داخل القاعة.

· والمقرر الدراسي أيضا موضوع وفق هذه الأساليب فليس به محتوى (فصول أو أبواب) ولكن عناوين أساسية وفرعية ومجموعة إرشادات ومجموعة مشكلات أو أسئلة.

· والطالب أو المجموعة في القاعة يبحثون عن المعرفة فيكون هو المحتوى العلمي لهذه الموضوعات وكلها أساليب علمية متطورة رائعة تُنمى الإبداع ونتمنى أن نصل إلى هذا المستوى.

· فإذا تم تطبيق هذه الأساليب وتلك الطرق عندنا تنفيذ لبنود الاتفاقيات والمنع مع الجهات الأجنبية فستكون الصورة كالآتي

مع غياب المعلم الموسوعة والذي لا يعرف كيف يتعامل مع هذه الأوساط " إن وجدت " وعدم توفر الإمكانات المادية ومصادر المعلومات المطورة والحديثة.. وفى وجود أعداد رهيبة داخل الفصل الدراسي تتجاوز أحيانا 60 أو 70 طالباً حتى ل يتوفر لبعضهم مقاعد أحياناً. في هذا الوضع المترضى لابد وأن يكون المنتج ضعيفاً مخالفاً للمواصفات الدولية التي فصلت عليها المعايير.

ولو جئنا لنُطبق هذه المعايير على المقرر الدراسي فسيكون عبارة عن عناوين ومجموعة إرشادات وتوجيهات ومجموعة مشكلات وخاليا من أي محتوى تعليمي.

وعلى هذا فلن يجد المحتوى الذي يقوم بشرحه. ولن يجد الطالب المحتوى الذي يتعامل معه " ولن يجد ولى الأمر ما يمكن أن يتناوله مع ولده.

إذا فكيف تكون صورة التعليم؟ وكيف يقيم الطالب؟

أجاب عن هذا التساؤل القرار الوزاري رقم 305 الذي نص على أن تكون درجة الطالب على النحو التالي:

15 % لامتحان الفصل الدراسي الأول 15 % لامتحان الفصل الدراسي الثاني 20 % للسلوك والأنشطة 50 % لملف التلميذ. وهذا ما يعرف باسم التقويم الشامل الذي يتم تجميعه عن طريق الملاحظة والمعايشة والمشاهدة. وهو نظام صالح للتلاعب إذا ما غاب الضمير. أي سيدفع ولى الأمر مقابل 70 % مُقدماً مكان الدروس الخصوصية ومع وجود الغش في الامتحانات يمكن أن يحصل الطالب على الدرجة النهائية.

في ضوء كل ذلك كيف تكون صورة المنتج التعليمي؟

من أجل كل ذلك ندق ناقوس الخطر ونقول لابد من تكاتف كل الجهود وكل القوى لإنقاذ العملية التعليمية والتربوية، ولابد من التفاعل الإيجابي لدفع خطر العولمة والتسلح ضد الأدوات والوسائل التي استخدمتها العولمة للهيمنة والسيطرة. وذلك يقتضى تقديم نموذج حضاري ضد الأدوات والوسائل التي استخدمتها العولمة للهيمنة والسيطرة. وذلك يقتضى تقديم نموذج حضاري مُنبثق من فلسفة الأمة الإسلامية وخصوصيتها الثقافية. ومستفيد من التقدم العلمي والتطور التقني الحديث بذلك نستطيع الحفاظ على وحدتنا وأبنائنا في عصر العولمة.



23/6/2004