حازم
04-11-2005, 01:52 PM
يقول عباس محمود العقاد فى كتابه "الله" ص 8
الاكثرون من ناقدى الاديان يعللون العقيدة الدينية بضعف الانسان بين مظاهر الكون واعدائه فيه من القوى الطبيعية والاحياء ، فلا غنى له عن سند يبتدعه ابتداعا ليستشعر الطمانينة بالتعويل عليه والتوجه اليه بالصلوات فى شدته وبلواه .
على ان القول بضعف الانسان تحصيل حاصل ان اريد به بطلان العقيدة الدينية واثبات التعطيل . لان الانسان ضعيف على كلا الفرضين فليس من شان ضعفه ان يرجح احد الفرضين على الاخر .
فاذا ثبت انه من خلق اله فعال قدير فهو ضعيف بالنسبة الى خالقه واذا لم يثبت ذلك فهو ضعيف بالنسبة الى الكون ومظاهره وقواه . فماذا لو كان قويا مستغنيا عن قوى العالم ؟ ايكون ذلك ادعى الى اثبات العقيدة الدينية والايمان بالله ؟
اننا اذا حكمنا ببطلان العقيدة الدينية لضعف الانسان فقد حكمنا ببطلانها على كل حال ، ثبت وجود الله ام لم يثبت بالحس والبرهان .. ! لانه لن يكون الا ضعيفا بالنسبة الى الخالق الذى يبدعه ويرعاه .
لكن الواقع ان الضعف لا يعلل العقيدة الدينية كل التعليل لانها تصدر من غير الضعفاء بين الناس . وليس اوفر الناس نصيبا من الضعف الانسانى سواء اردنا ضعف الراى او ضعف العزيمة فقد كان الانبياء والدعاة الى الله اقوياء من ذوى الباس والخلق المتين والهمة العالية والراى السديد . ومهما يكن من الصلة بين ضعف الانساء واعتقاده فهو لا يزداد اعتقادا كلما ازداد ضعفا ولا يضعف على حسب نصيبه من الاعتقاد ، ومازال ضعفاء النفوس ضعفاء العقيدة وذوو القوة فى الخلق ذوى قوة فى العقيدة كذلك .
فليس معدن الايمان من معدن الضعف فى الانسان ، وليس الانسان المعتقد هو الانسان الواهى الهزيل ، ولا امام الناس فى الاعتقاد امامهم فى الوهن والهزال .
واذا رجح القول بان العقيدة ((ظاهرة اجتماعية)) يتلقاها الفرد من الجماعة فليس الضعف اذا بالعامل الملح فى تكوين الاعتقاد . لان الجماعة تحارب الجماعة بالسلاح المصنوع وقوة الجنان مع القوة العددية ، وتقيس النصر والهزيمة بهذا المقياس المعلوم ، فلا تلجا الى مقياس العقيدة المجهولة الا اذا امنت به باعث التسلح والاستقواء .
وراى فرويد قريب من راى هؤلاء الذين يردون العقيدة الدينية الى شعور بالخوف فى وسط العناصر الطبيعية . وربما اختلط به مزيج من الغريزة الجنسية فى بعض المتهوسين وذوى الاعصاب السقيمة . فان حب الله – كما يفسره فرويد عند هؤلاء – هو بمثابة الحب الجنسى فى حالة ((التسامى)) او حالة الحماسة ، وتتشابه العوارض كلها مع هذا الفارق بين الحبين .
ومن الواضح ان حالة ((التسامى)) هى اخر ما ارتقت اليه الديانات ، فلا يمكن ان يقال انها هى ينبوع الهمجية الاولى .
ولا يمكن كذلك ان يقال ان ((العقيدة الدينية)) فى حالة مرضية فى الاحاد والجماعات . لاننا لا نتخيل حالة نفسية هى اصح من حالة البحث عن مكان الانسان من هذا العالم الذى ينشا فيه ، ولا يتجاهل حقيقته الا وهو فى ((حالة مرضية)) او حالة من احوال الجهالة تشبه الامراض .
ولابد ان نسال : ما هو الكون فى نظر الهمج الاولين ؟ لان الهمجى اذا ادرك ان الكون ((كل واحد)) كان قد ارتفع بنظرته بنظرته عن الجهالة البدائية وقضى دهرا طويلا وهو متدين على مختلف الديانات ، فلا يقال اذن انه بقى بغير ارباب حتى ادرك الكون العظيم ، وادرك ضعفه وقلة حيلته بالقياس اليه .
الاكثرون من ناقدى الاديان يعللون العقيدة الدينية بضعف الانسان بين مظاهر الكون واعدائه فيه من القوى الطبيعية والاحياء ، فلا غنى له عن سند يبتدعه ابتداعا ليستشعر الطمانينة بالتعويل عليه والتوجه اليه بالصلوات فى شدته وبلواه .
على ان القول بضعف الانسان تحصيل حاصل ان اريد به بطلان العقيدة الدينية واثبات التعطيل . لان الانسان ضعيف على كلا الفرضين فليس من شان ضعفه ان يرجح احد الفرضين على الاخر .
فاذا ثبت انه من خلق اله فعال قدير فهو ضعيف بالنسبة الى خالقه واذا لم يثبت ذلك فهو ضعيف بالنسبة الى الكون ومظاهره وقواه . فماذا لو كان قويا مستغنيا عن قوى العالم ؟ ايكون ذلك ادعى الى اثبات العقيدة الدينية والايمان بالله ؟
اننا اذا حكمنا ببطلان العقيدة الدينية لضعف الانسان فقد حكمنا ببطلانها على كل حال ، ثبت وجود الله ام لم يثبت بالحس والبرهان .. ! لانه لن يكون الا ضعيفا بالنسبة الى الخالق الذى يبدعه ويرعاه .
لكن الواقع ان الضعف لا يعلل العقيدة الدينية كل التعليل لانها تصدر من غير الضعفاء بين الناس . وليس اوفر الناس نصيبا من الضعف الانسانى سواء اردنا ضعف الراى او ضعف العزيمة فقد كان الانبياء والدعاة الى الله اقوياء من ذوى الباس والخلق المتين والهمة العالية والراى السديد . ومهما يكن من الصلة بين ضعف الانساء واعتقاده فهو لا يزداد اعتقادا كلما ازداد ضعفا ولا يضعف على حسب نصيبه من الاعتقاد ، ومازال ضعفاء النفوس ضعفاء العقيدة وذوو القوة فى الخلق ذوى قوة فى العقيدة كذلك .
فليس معدن الايمان من معدن الضعف فى الانسان ، وليس الانسان المعتقد هو الانسان الواهى الهزيل ، ولا امام الناس فى الاعتقاد امامهم فى الوهن والهزال .
واذا رجح القول بان العقيدة ((ظاهرة اجتماعية)) يتلقاها الفرد من الجماعة فليس الضعف اذا بالعامل الملح فى تكوين الاعتقاد . لان الجماعة تحارب الجماعة بالسلاح المصنوع وقوة الجنان مع القوة العددية ، وتقيس النصر والهزيمة بهذا المقياس المعلوم ، فلا تلجا الى مقياس العقيدة المجهولة الا اذا امنت به باعث التسلح والاستقواء .
وراى فرويد قريب من راى هؤلاء الذين يردون العقيدة الدينية الى شعور بالخوف فى وسط العناصر الطبيعية . وربما اختلط به مزيج من الغريزة الجنسية فى بعض المتهوسين وذوى الاعصاب السقيمة . فان حب الله – كما يفسره فرويد عند هؤلاء – هو بمثابة الحب الجنسى فى حالة ((التسامى)) او حالة الحماسة ، وتتشابه العوارض كلها مع هذا الفارق بين الحبين .
ومن الواضح ان حالة ((التسامى)) هى اخر ما ارتقت اليه الديانات ، فلا يمكن ان يقال انها هى ينبوع الهمجية الاولى .
ولا يمكن كذلك ان يقال ان ((العقيدة الدينية)) فى حالة مرضية فى الاحاد والجماعات . لاننا لا نتخيل حالة نفسية هى اصح من حالة البحث عن مكان الانسان من هذا العالم الذى ينشا فيه ، ولا يتجاهل حقيقته الا وهو فى ((حالة مرضية)) او حالة من احوال الجهالة تشبه الامراض .
ولابد ان نسال : ما هو الكون فى نظر الهمج الاولين ؟ لان الهمجى اذا ادرك ان الكون ((كل واحد)) كان قد ارتفع بنظرته بنظرته عن الجهالة البدائية وقضى دهرا طويلا وهو متدين على مختلف الديانات ، فلا يقال اذن انه بقى بغير ارباب حتى ادرك الكون العظيم ، وادرك ضعفه وقلة حيلته بالقياس اليه .