المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العزلة والخلطة



أبو زياد المرواني
06-24-2008, 01:23 PM
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين
أما بعد
قال تعالى :
(الـم أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الكَاذِبِينَ )
هذا مبحث في مسألة الفتن والعزلة والخلطة أسأل الله أن يعصمنا من الفتن ,فقد كثرت الفتن في هذا الزمان وأصبح الحليم حيران في أمور كثيرة تعرض له فمن فتن الشبهات التي انتشرت وبكثرة في الآونة الأخيرة إلى فتن الشهوات التي زخت بها اغلب المواقع والفضائيات والصحف والمجلات ,ومن أمثلة فتن الشهوات عروض الأزياء والرقص والغناء وحفلات مايسمى بالجنس الثالث وتغيير الجنس واللباس المنتشر بين الشباب الذي يخرج نصف الإلية نسأل الله السلامة والعافية , فكل سنة يأتينا شيء جديد نستغربه ونتعجب منه وهذا مصداق قول المصطفى صلى الله عليه وسلم لايأتي عليكم زمان إلا الذي بعده شر منه
عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ، قَالَ أَتَيْنَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ فَشَكَوْنَا إِلَيْهِ مَا نَلْقَى مِنَ الْحَجَّاجِ فَقَالَ ‏"‏ اصْبِرُوا، فَإِنَّهُ لاَ يَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ إِلاَّ الَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ، حَتَّى تَلْقَوْا رَبَّكُمْ ‏"‏‏.‏ سَمِعْتُهُ مِنْ نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم‏.‏رواه البخاري
ومن الفتن الافتتان بالنساء ومدى انتشار البرامج الفضائية التي ترتكز على المرأة بل وتركز عليها ,أيضا من الفتن المنتشرة فتنة المال وكلنا يعرف أحوال الأسهم والمساهمين فكثير منهم يكتتب رغم انه يعلم أن الشركة التي يكتتب فيها شركة ربوية ,ومنها كثرة القتل حتى بين الابن وأبيه والابن وأمه والأقارب ناهيك عن القتل الذي يحصل للمسلمين اليوم في كل بقاع الدنيا
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ ‏"‏ يَتَقَارَبُ الزَّمَانُ، وَيَنْقُصُ الْعَمَلُ، وَيُلْقَى الشُّحُّ، وَتَظْهَرُ الْفِتَنُ، وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ ‏"‏‏.‏ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّمَ هُوَ‏.‏ قَالَ ‏"‏ الْقَتْلُ الْقَتْلُ ‏"‏‏.‏ رواه البخاري
ومن الفتن فتن الشبهات كانتشار البدع وظهور الخرافات وانتشار السحروالمشعوذين , ومنها الطواف على القبور والتمسح بها
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏"‏ سَتَكُونُ فِتَنٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي، وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، مَنْ تَشَرَّفَ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ، فَمَنْ وَجَدَ فِيهَا مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ ‏"‏‏.‏رواه البخاري
ومن فتن الشبهات من يجعل شرع الله عرضة للاستفتاء من يؤيد ومن يعارض !! حتى وان كانت المسألة محسومة بأحاديث من البخاري ومسلم وقد تلقت الأمة الكتابين بالقبول لأنهما تجاوزا القنطرة , كذلك من الفتن في الدين غرائب الفتوى فمن مجيز إرضاع المرأة زميلها في العمل لمنع الخلوة المحرمة بينهما إلى من يفتي بجواز التدخين في نهار رمضان, إلى ممثلة تقرأ الرقية الشرعية من كتاب الله على مخرج نصراني .
إنها فتن متتابعة في كل مكان وزمان وقد ألف أهل العلم مؤلفات في الفتن والحوادث حري بك أخي القارئ العودة إليها والاستفادة مما فيها لمعرفة كيفية الخروج من هذه الفتن عبر المنهج الرباني .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ ‏"‏ لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرَّجُلِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي مَكَانَهُ ‏"‏‏.
قال الشيخ عبدالكريم الخضير :هذا في أوقات الفتن المدلهمة التي لايستطيع الإنسان فيها أن يخرج سالما ولهذا أجازوا تمني الموت في زمن الفتن ,جاء النهي عن تمني الموت (لايتمنى أحدكم الموت لضر نزل به ),لكن جاء انه في آخر الزمان يأتي الرجل إلى صاحب القبر يقول ياليتني مكانك لماذا لأن الضرر محقق بالبقاء فالموت وزوال الدنيا أسهل بكثير من أن يعرض الدين للخطرفإذا وصل الحد إلى هذا الأمر جاز للإنسان أن يتمنى الموت. أ .هـ
فماهو الحل للخروج من هذه الفتن
لاشك أن الاعتصام بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم هو المخرج من هذه الفتن
ولكن ماذا عن الناس
ماذا يفعلون بعد الاعتصام بالكتاب والسنة
هل يبقون على الخلطة أم لابد من العزلة
أيهما أفضل الخلطة أم العزلة
جاء في الحديث الذي أخرجه البخاري
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ـ رضى الله عنه ـ أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏"‏ يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ الْمُسْلِمِ غَنَمٌ، يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ، يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الْفِتَنِ ‏"‏‏.‏
إذا وجدت الفتن وتلاطمت وعجز الإنسان عن حماية نفسه وخشي على نفسه أن يتأثر وهو ليس بمؤثر في غيره ينطبق عليه هذا الحديث وهذا الحديث في الفتن التي لايدرى وجه الصواب فيها
قال الشيخ عبدالكريم الخضير أطال الله بقاءه على الطاعة ونفعنا بعلمه : فالشخص المؤثر في غيره لاشك أن الصبر على مخالطة الناس وتحمل أذاهم وبذل الجهد في نفعهم هذا هو المتعين .
العزلة والخلطة يبحثها أهل العلم ابوسليمان الخطابي له كتاب من انفع الكتب في فضل العزلة
وهناك عزلة كلية وعزلة جزئية
فشخص يصلي الجمع والجماعة ويحضر المناسبات لكنه لايكثر الخلطة مع الناس لان كثرة الخلطة في الناس لاشك أن أثرها على القلب ظاهر وهذا يختلف باختلاف الناس ,في الجملة إن كثرة الخلطة مع الناس لابد أن يكون لها اثر على القلب ,فالعزلة فيها نفع عظيم لاسيما في الفتن التي لايستطاع دفعها ولا رفعها ويخشى من تأثر الإنسان بها فإذا كان الإنسان من النوع المؤثر هذا لايجوز له أن يعتزل الناس بل لابد أن يخالط الناس ويؤثر فيهم وأما إذا كان يتأثر ولا يؤثر فمع وجود هذه المنكرات وغيرها عليه أن يعتزل ,وقد قال شراح البخاري وغيره "المتعين في هذه الأزمان العزلة لعدم خلو المحافل من المنكرات "يقولون هذا قبل الانفتاح وقبل الدشوش وقبل اختلاط المسلمين بغيرهم وقبل العادات الوافدة من الكفار ,شراح بعضهم في القرن الثامن وبعضهم في القرن التاسع أي قبل 600 سنه و500 سنة .أ.هـ
وإليك أخي الكريم شيء مماذكره الخطابي في كتابه العزلة :
قال أبو سليمان وأنشدت هذا البيت:
هذا الزمان الذي كنا نحذره
في قول كعب وفي قول ابن مسعود
إن دام هذا ولم يحدث له غير
لم يبك ميت ولم يفرح بمولود
قال أبو سليمان حدثنا إبراهيم بن فراس حدثنا احمد بن علي بن سهل قال حدثنا العباس بن الحسين قال أبو معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تتمثل بهذين البيتين:
ذهب الذين يعاش في أكنافهم
وبقيت في خلف كجلد الأجرب
يتحدثون مخــانة ومـــــلاذة
ويعاب قائلهم وإن لم يشغب
قال أبو معاوية قالت عائشة رضي اله عنها: ويح لبيد لو أدرك هذا الزمان .
قال عروة وكيف لو عاشت عائشة رضي الله عنها إلى هذا الزمان؟
قال هشام : فكيف لو بقي عروة إلى هذا الزمان؟
وقال أبو معاوية : فكيف لو بقى هشام إلى هذا الزمان؟
وقال العباس بن الحسين نحو ذلك .وقال احمد بن علي : وقال ابن فراس مثله .

أخبرنا أبو سليمان قال : أخبرني محمد بن سعدوية قال : حدثنا ابن الجنيد قال : حدثنا قتيبة قال : حدثنا أبو سعد الأعمى قال : حدثنا عافية القاضي ، عن ابن أبي ليلى : قال : « سيأتي على الناس زمان يقال له زمان الذئاب فمن لم يكن في ذلك الزمان كلبا أكلوه » قال أبو سليمان قال قتيبة : هو هذا الزمان

وختم كلامه عن العزلة رحمه الله بهذه الرائعة :
قد انتهى منا الكلام في أمر العزلة إلى حيث شرطنا أن نبلغه وأوردنا فيها من الأخبار ما خفنا أن نكون قد حسنا معه الجفاء من حيث أردنا الاحتراز منه ، وليس إلى هذا أجرينا ولا إياه أردنا فإن الإغراق في كل شيء مذموم وخير الأمور أوسطها والحسنة بين السيئتين ، وقد عاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الإغراق في عبادة الخالق عز وعلا والحمل على النفس منها ما يؤودها ويكلها ويدها ، فما ظنك بما دونها من باب التخلق والتكلف

ومع ذلك لابد للإنسان من مخالطة الناس فقد ذكر الخطابي
عن وهيب بن الورد قال : « قلت لوهب بن منبه : إني أريد أن أعتزل الناس ، فقال لي : لا بد لك من الناس وللناس منك ؛ لك إليهم حوائج ، ولهم إليك حوائج ، ولكن كن فيهم أصم سميعا أعمى بصيرا سكوتا نطوقا »
أخبرنا بشر بن رافع قال : أخبرني شيخ من أهل صنعاء يقال له أبو عبد الله قال : سمعت وهب بن منبه ، يقول : إني وجدت في حكمة آل داوود : « حق على العالم أن لا يشغل عن أربع ساعات : ساعة يناجي فيها ربه وساعة يحسب فيها نفسه ، وساعة يفضي فيها إلى إخوانه الذين يصدقونه عيوبه وينصحونه في نفسه ، وساعة يخلو فيها بين نفسه وبين لذاتها مما يحل ويجمل . فإن هذه الساعة عون لهذه الساعات ، واستجمام للقلوب ، وفضل ، وبلغة ، وعلى العاقل أن يكون عارفا بزمانه ، ممسكا بلسانه ، مقبلا على شأنه »


نسأل الله أن يعصمنا من الفتن ماظهر منها ومابطن
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

عاشق الاسلام%100
06-24-2008, 02:15 PM
مشكور أخي الحبيب موضوع جميل
جزاك الله عنا كل خير

islamistheway
06-24-2008, 05:08 PM
الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اللهم آمين. جزاك الله خير أخي في الله على تذكيرنا بأمور يغفل عنها الكثير من المسلمين. واسمح لي أن أضيف أن مصاحبة أهل الصلاح من الاشياء التي يجب أن نشدد عليها هذه الايام. وكما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم:إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحًا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحًا خبيثة.(الشيخان)

اللهم انصر الاسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين

أبو زياد المرواني
06-30-2008, 04:22 PM
الأخ الفاضل
عاشق الاسلام%100

بارك الله فيك واسعدني مرورك

الأخ الكريم

islamistheway

جزاك الله خيراً على الاضافة العلمية

شرفني مرورك