المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإسلام يعلو ولا يعلى عليه



مهاجر
07-06-2008, 06:38 PM
" الإسلام يعلو ولا يعلى عليه"..
مستند قرآني كريم ... ونص نبوي شريف .. وقاعدة شرعية ماضية .. وحقيقة فطرية .. وبرهان عقلي ..
فأما من حيث المستند القرآني ، فيقول الله تعالى :
{ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين}.
ويقول : {فأوجس في نفسه خيفة موسى * قلنا لا تخف إنك أنت الأعلى}.
ويقول : {إن الأبرار لفى عليين}.
وأما من حيث النص النبوي، فيقول النبي صــلى الله عليه وسلم :
(الإسلام يعلو ولا يعلى عليه).
رواه البيهقي، وحسنه الألـــباني لغيره في الإرواء 5/106-108.
وأما من حيث كونه قاعدة شرعية :
قال ابن عباس رضي الله عنهما : "الإسلام يعلو ولا يعلى عليه". الفتح3/218
قال ابن عبد الهادي : " القاعدة الثلاثون: الإسلام يعلو ولا يعلى علي".
مغني ذوي الأفهام 180
وأما من حيث كونه حقيقة فطرية :
فإن النفس الإنسانية لا تــساوي بين الـــــعالي والسافل ، والشريف والوضيع ، والخير والشر ، فإن من طبعها التفريق بينهما ، وتفضيل العالي والشريف والخير على السافل والوضيع والشر ، وتنفر غاية النفور من ترفع الأراذل وخفض الأفاضل ، وترى العدل كل العدل أن ينـزل كل شيء منـزلته ، وبما أنها خلقت مفطورة على عبادة ربها : {فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله} ، فهي لا تساوي قطعا بين عبادته ، المتمثلة في الإسلام ، وعبادة غيره ، المتمثلة في سائر الديانات سوى الإسلام.
وأما من حيث كونه برهانا عقلياً :
فالبرهان العقلي يوجب إعلاء الإسلام على غيره ، فهو الدين الذي لا يرفع البشر فوق مرتبتهم ، بل ينهى عن ذلك ، ويأمر بعبادة الله وحده ، وينهى عن عبادة غيره ، وهو الدين الذي يساوي بين الناس ، إذ كانوا من أب وأم واحد ، ليس لهم اختيار في خلقتهم ، ويعلق تفاضلهم على التقوى ، الذي هو من اختيارهم وكسبهم : {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} ، وهو الدين الذي يتنصر للضعيف من القوي ، وللفقير من الغني ، وينهى عن الفواحش والآثام ، فيأمر بالفضيلة علما وعملا ، وينهى عن الرذيلة حقيقة وواقعا ، ويأمر بالعدل وينهى عن الظلم ، فكل البراهين العقلية تشهد بعلو الإسلام على غيره.
وإذا كان الإسلام يعلو ولا يعلى عليه ، فإن هذا الحكم ينتشر إلى أتباعه من المسلمين ، فهم يعلون ولا يعلى عليهم ، كذلك قال الله تعالى : { وأنتم الأعلون} ، ومن ثم فهذا الحكم والأصل له تطبيقات في حياة المسلمين باطنة وظاهرة :
فأما التطبيقات الباطنة ، فهو من مثل ما خاطب الله به المؤمنين في معركة أحد بقوله تعالى :
{ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين * إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين}.
فمهما أصاب المؤمنين من أعدائهم من ألم أو قرح فلا يحملهم على الوهن والضعف والتصاغر أمام عدوهم ، مهما كان قويا ، يملك أدوات السحق والمحق والمكر والخديعة والقتل ، كلا ، فالعالي يجب أن يبقى عاليا ، والسافل يجب أن يبقى سافلا ، ولو تسلط السافل على العالي ، ولو انتصر عليه فسامه الألم والقرح ، فإن هذا العدو يناله القرح والآلم أيضا ، كما ينال المؤمنين ، ويُهزم كما يَهزم ، والأيام دول ، لكن الفرق أن المؤمنين يرجون من الله ما لا يرجوا هؤلاء الكفار ، وهم الأعلون دوما ، قال تعالى :
{ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون}.
إن ما يصيب المؤمنين على يد الكافرين من النكال إنما هو بقدر الله تعالى ، ولو شاء لانتصر منهم ، ولكن ليبلو العباد بعضهم ببعض ، وقد جعل مثل هذا النكال والعدوان سببا لمعرفة المؤمن الصادق المخلص الصابر من المنافق الكاذب ، فتسلط الكافرين على المؤمنين بقضاء الله وقدره ، لم يكن لأجل هوان المؤمنين وإذلالهم ، كلا ، بل لأجل التمحيص ، ومن ثم يجب على المؤمنين أن يفهموا ذلك ، ولا ينسوا أنهم هم الأعلون ، في كافة الظروف والأحوال ، في حال النصر وفي حال الهزيمة.
والآية : {ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون} ، نزلت في معركة أحد ، التي أصيب فيها المسلمون ، فنالهم منهم المشركون ، فكان أمرا من الله تعالى لعباده المؤمنين أن لا يذلوا للكافر ، في أي ظرف كان.
إن من يجاهد ويقاتل لأجل مصلحة شخصية دنيوية ، سيذل إذا سقط في يد عدوه ، خشية فوات مصالحه ، أما من كان همه نصرة دين الله تعالى ، وهداية الناس ، فلن يذل أبدا ، لأنه لا موجب للذلة ، فالحامل على الذلة الخوف على مصلحة دنيوية أن تذهب ، والقاصد وجه الله تعالى ليس عنده شيء منها ، وليس حريصا عليها ، وهو على ثقة بالله تعالى أنه يملك كل شيء ، ويقدر على كل شيء.
وأما التطبيقات الظاهرة لهذا الأصل ، فقد اهتم بها علماء الفقه والأصول ، فذكروا منها :
منع أن يتولى الكافر على المسلم ، أو يتزوج كافر مسلمة.
منع استرقاق الكافر المسلم.
منع مهادنة الكافرين على ما شاءوا ، لما فيها تحكمهم في المسلمين ، وفي ذلك علو لهم.
منع أهل الذمة من مساواة المسلمين في البناء أو العلو عليهم ، ومنعهم من صدور المجالس.
منع الكفار من الدعوة إلى دينهم في بلاد المسلمين.
منع المساواة بين الإسلام واليهودية والنصرانية بدعوى : وحدة الأديان ، زمالة الأديان.
إذا اختلف دين الأبوين ، تبع الولد المسلم منهما.
لا يقتل مسلم بكافر.
الإسلام شرط في القاضي ، ولا يصح قضاء غير المسلم.
لا تجوز مشاركة القاضي القانوني للقاضي الشرعي في الحكم.
إبطال التحاكم إلى القوانين الوضعية وتقديمها على الشريعة.
كل ذلك وغيره مما هو مثله ، لأجل : أن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه.
(انظر: قاعدة : الإسلام يعلو ولا يعلى عليه .. دراسة تأصيلية وتطبيقية ، للدكتور عابد السفياني ، مجلة جامعة أم القرى لعلوم الشريعة عدد22 ربيع الأول 1422هـ).
هذه القاعدة إنما هي بين المؤمنين والكافرين ، أما المؤمنون فالعلاقة بينهم يقررها قوله صلى الله عليه وسلم ، كما في حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه عند أبي داود (في الجهاد ، باب : في السرية ، صحيح أبي داود 2390) :
(المسلمون تتكافأ دماؤهم ، يسعى بذمتهم أدناهم ، ويجير عليهم أقصاهم ، وهم يد على من سواهم ، يرد مُشدهم مضعفهم ، ومتسرعهم على قاعدهم ، لا يقتل مؤمن بكافر ، ولا ذو عهد في عهده).
وهي تميز المؤمن عن الكافر ، وتؤكد عزة المسلمين ورفعتهم ، حتى ولو ضعفوا أو تأخروا ، فمثل هذه الأصول الأصيلة ، والمباديء القويمة ، تحيي فيهم الكرامة والأنفة ، وترجع إليهم القوة والمنعة ، فلا يسلموا أمرهم لعدو ، ولا يستكينوا لظالم.
وفي هذه المرحلة خاصة ، على المسلمين أن يستذكروا جيدا ودائما هذا الأصل ، الذي منّ الله به عليهم ، ويعملوا على تنفيذ كل تطبيقاته قدر الطاقة ، فمن الهوان أن يرضى المسلمون بالدون وقد كتب الله لهم العلو بالإيمان .. فرضاهم بالدون يكون:
بالركون إلى الدنيا ..
والعبث بملاهيها ومفاسدها ..
والترف والراحة ..
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(إذا تبايعتم بالعينة ، وأخذتم أذناب البقر ، ورضيتم بالزرع
، وتركتم الجهاد
: سلط الله عليكم ذلاً
، لاينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم) رواه أبو داود
، صحيح الجامع 423.

نعم ، هذا العلو وإن قدرا وأمرا إلهيا ، إلا أنه لن يتحقق في الواقع إلا بالصبر والتضحيات ، والعمل الجاد ، والكف عن اللهو والفساد ، ومعرفة ما الذي يجب على المؤمنين القيام به ،
قال تعالى :
{الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد}.


{كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله}.


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته http://eltwheid.jeeran.com