المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كلام قيم لشيخ الاسلام ابن القيم



مهاجر
07-07-2008, 06:51 PM
( الحمد لله الذي رضي لنا الإسلام دينا ونصب لنا الدلالة على صحته برهانا مبينا وأوضح السبيل إلى معرفته واعتقاده حقا يقينا ووعد من قام بأحكامه وحفظ حدوده أجرا جسيما وذخر لمن وافاه به ثوابا جزيلا وفوزا عظيما وفرض علينا الانقياد له و لأحكامه والتمسك بدعائمه وأركانه والاعتصام بعراه وأسبابه فهو دينه الذي ارتضاه لنفسه ولأنبيائه ورسله وملائكة قدسه فبه اهتدى المهتدون وأليه دعا الأنبياء والمرسلون أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السموات والأرض طوعا وكرها وأليه يرجعون فلا يقبل من أحد دينا سواه من الأولين والآخرين ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين شهد بأنه قبل شهادة الأنام وأشاد به ورفع ذكره وسمى به وما اشتملت عليه الأرحام فقال تعالى شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم إن الدين عند لله الإسلام وجعل أهله هم الشهداء على الناس يوم يقوم الأشهاد لما فضلهم به من الإصابة في القول والعمل والهدى والنية والاعتقاد إذ كانوا أحق بذلك وأهله في سابق التقدير فقال وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير وحكم سبحانه بأنه أحسن الأديان ولا أحسن من حكمه ولا أصدق منه قيلا فقال ومن أحسن دينا ممن اسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا واتخذ الله إبراهيم خليلا
وكيف لا يميز من له أدنى عقل يرجع إليه بين دين قام أساسه وارتفع بناؤه على عباده الرحمن والعمل بما يحبه ويرضاه مع الإخلاص في السر والإعلان ومعاملة خلقه بما أمر به من العدل والإحسان مع إيثار طاعته على طاعة الشيطان وبين دين أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار بصاحبه في النار أسس على عبادة النيران وعقد الشركة بين الرحمن والشيطان وبينه وبين الأوثان أو دين أسس بنيانه على عبادة الصلبان والصور المدهونة في السقوف والحيطان وأن رب العالمين نزل عن كرسي عظمته فالتحم ببطن أنثى وأقام هناك مدة من الزمان بين دم الطمث في ظلمات الأحشاء تحت ملتقى الأعكان ثم خرج صبيا رضيعا يشب شيئا فشيئا ويبكي ويأكل ويشرب ويبول وينام ويتقلب مع الصبيان ثم أودع في المكتب بين صبيان اليهود يتعلم ما ينبغي للإنسان هذا وقد قطعت منه القلفة حين الختان ثم جعل اليهود يطردونه ويشردونه من مكان إلى مكان وأحلوه أصناف الذل والهوان فقعدوا على رأسه من الشوك تاجا من أقبح التيجان وأركبوه قصبة ليس لها لجام ولا عنان ثم ساقوه إلى خشبة الصلب مصفوعا مبصوقا في وجهه وهم خلفه وأمامه وعن شمائله وعن الأيمان ثم أركبوه ذلك المركب الذي تقشعر منه القلوب مع الأبدان ثم شدت بالحبال يداه مع الرجلان ثم خالطهما تلك المسامير التي تكسر العظام وتمزق اللحمان وهو يستغيث يا قوم ارحموني فلا يرحمه منهم إنسان هذا وهو مدير العالم العلوي والسفلي الذي يسأله من في السموات والأرض كل يوم هو في شأن ثم مات ودفن في التراب تحت صم الجنادل والصوان ثم قام من القبر وصعد إلى عرشه وملكه بعد أن كان ما كان فما ظنك بفروع هذا أصلها الذي قام عليه البنيان أو دين أسس بنيانه على عبادة الإله المنحوت بالأيدي بعد نحت الأفكار من سائر أجناس الأرض على اختلاف الأنواع والأصناف والألوان والخضوع له والتذلل والخرور سجودا على الأذقان لا يؤمن من يدين بالله ولا ملائكته ولا كتبه ولا رسله ولا لقائه يوم يجزى المسيء بإسائته والمحسن بالإحسان أو دين الأمة الغضبية الذين انسلخوا من رضوان الله كانسلاخ الحية من قشرها وباؤا بالغضب والخزي والهوان وفارقوا أحكام التوارة ونبذوها وراء ظهورهم واشتروا بها من الأثمان فترحل عنهم التوفيق وقارنهم الخذلان واستبدلوا بولاية الله وملائكته ورسله وأوليائه ولاية الشيطان أو دين أسس بنيانه على أن رب العالمين وجود مطلق في الأذهان لا حقيقة له في الأعيان ليس بداخل في العالم ولا خارج عنه ولا متصل به ولا منفصل عنه ولا محايث ولا مباين له لا يسمع ولا يرى ولا يعلم شيئا من الموجودات ولا يفعل ما يشاء لا حياة له ولا قدرة ولا إرادة ولا اختيار ولم يخلق السموات والأرض في ستة أيام بل لم تزل السموات والأرض معه وجودها مقارن لوجوده لم يحدثها بعد عدمها ولا له قدرة على إفنائها بعد وجودها ما أنزل على بشر كتابا ولا أرسل إلى الناس رسولا فلا شرع يتبع ولا رسول يطاع ولا دار بعد هذه الدار ولا مبدأ للعالم ولا معاد ولا بعث ولا نشور ولا جنة ولا نار إن هي إلا تسعة أفلاك وعشرة عقول وأربعة أركان وأفلاك تدور ونجوم تسير وأرحام تدفع وأرض تبلع و ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا ضد له ولا ند له ولا صاحبة له
ولا ولد له ولا كفؤ له تعالى عن إفك المبطلين وخرص الكاذبين وتقدس عن شرك المشركين وأباطيل الملحدين كذب العادلون به سواه وضلوا ضلالا بعيدا وخسروا خسرانا مبينا ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلى بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون عالم الغيب والشهادة فتعالى عما يشركون
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفوته من خلقه وخيرته من بريته وأمينه على وحيه وسفيره بينه وبين عباده ابتعثه بخير ملة وأحسن شرعة وأظهر دلالة وأوضح حجة وأبين برهان إلى جميع العالمين أنسهم وجنهم عربهم وعجمهم حاضرهم وباديهم الذي بشرت به الكتب السالفة وأخبرت به الرسل الماضية وجرى ذكره في الأعصار في القرى والأمصار والأمم الخالية ضربت لنبوته البشائر من عهد آدم أبي البشر إلى عهد المسيح ابن البشر كلما قام رسول أخذ عليه الميثاق بالإيمان به والبشارة بنبوته حتى انتهت النبوة إلى كليم الرحمن موسى بن عمران فأذن بنبوته على رؤوس الأشهاد بين بني إسرائيل معلنا بالأذان جاء الله من طور سيناء وأشرق من ساعير واستعلن من جبال فاران إلى أن ظهر المسيح ابن مريم عبد الله ورسوله وروحه وكلمته التي القاها الى مريم فاذن بنبوته اذانا لم يؤذنه احد مثله قبله فقام في بني إسرائيل مقام الصادق الناصح وكانوا لا يحبون الناصحين فقال إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين تالله لقد أذن المسيح أذانا أسمعه البادي والحاضر فأجابه المؤمن المصدق وقامت حجة الله على الجاحد الكافر الله أكبر الله اكبر عما يقول فيه المبطلون ويصفه به الكاذبون وينسبه إليه المفترون والجاحدون ثم قال أشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له ولا ند له ولا كفؤ له ولا صاحبة له ولا ولد له بل هو الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ثم قال رفع صوته بالشهادة لأخيه وأولى الناس بأنه عبد الله ورسوله وأنه أركون العالم وأنه روح الحق لا يتكلم من قبل نفسه إنما يقول ما يقال له وأنه يخبر الناس بكل ما أعد الله لهم ويسوسهم بالحق ويخبرهم بالغيوب ويجيئهم بالتأويل ويوبخ العالم على الخطيئة ويخلصهم من يد الشيطان وتستمر شريعته وسلطانه إلى آخر الدهر وصرح في أذانه باسمه ونعته وسيرته حتى كأنهم ينظرون إليه عيانا ثم قال حي على الصلاة خلف إمام المرسلين وسيد ولد آدم أجمعين حي على الفلاح باتباع من السعادة في اتباعه والفلاح في الدخول في زمرة أشياعه فأذن وأقام وتولى وقال لست أدعكم كالأيتام وسأعود وأصلي وراء هذا الإمام هذا عهدي إليكم إن حفظتموه دام لكم الملك إلى آخر الأيام فصلى الله عليه من ناصح بشر برسالة أخيه
عليهما أفضل الصلاة والسلام وصدق به أخوه ونزهه عما قال فيه وفي أمه أعداؤه المغضوب عليهم من الإفك والباطل وزور الكلام كما نزه ربه وخالقه ومرسله عما قال فيه المثلثة عباد الصليب ونسبوه إليه من النقض والعيب والذم)

أبو المسيطر
07-26-2008, 10:30 PM
بارك الرحمن فيك وجزاك خير الجزاء يا مهاجر وإسمح لي سأنشر مقالك في منتدى أخر لتعم الفائدة

مهاجر
07-28-2008, 06:38 PM
بارك الرحمن فيك وجزاك خير الجزاء يا مهاجر وإسمح لي سأنشر مقالك في منتدى أخر لتعم الفائدة
__________________

وجزاك الله خيرا أخى ولا مانع من أن تنشره فى منتدى آخر

أبو المسيطر
07-30-2008, 02:57 AM
شكرا لك