المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عدل الله . . ( موضوع للنقاش )



ATmaCA
04-15-2005, 06:13 AM
كما هو معلوم لدى الجميع ان الله تعالى كتب فى اللوح المحفوظ ماكان وماسيكون كما انة تعالى كتب مصير البشر حتى مصير الطفل الصغير فى بطن امة ( شقى او سعيد الخ ) وهناك الايات القرآنية التى تتحدث ايضا عن علم الله الكلى والغيب الذى لايعلمة الا الله تعالى . . وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ (الأنعام59) . . عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ }الأنعام73 . . ثمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }التوبة94 . . {وَيَقُولُونَ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلّهِ يونس20 . . فكل هذة الايات وغيرها تثبت بشكل قاطع ان الله تعالى يعلم الغيب الكلى ويعلم كل ماكان وماسوف يكون . . بعد هذا الاثبات القطعى يقف العقل امام سؤال منطقى . . وهو . . الايتناقض علم الله الكلى مع عدل الله ؟؟ .
قصة ابليس توضح الامر بشكل ميسور . . فالله تعالى خلق الشيطان وهو يعلم ان الشيطان سوف يتمرد علية ويعلم ايضا انة سوف يغوى البشر ويعلم ايضا انة سوف يدخل نار ابدية بعد ان يؤدى دورة فى غواية البشر ! . . فالسؤال هنا . . ماذنب ابليس اللعين ؟؟ ,
قد يقول قائل ان ابليس تمرد على الله ويستحق العقاب . . وهنا الرد سهل فأبليس لة نفس سيئة والله تعالى هو الذى خلق هذة النفس السيئة . . اذا العيب يرجع الى الصانع وليس الى الصنعة . . ! ولأن الله يعلم ايضا ان ابليس سوف يطرد وهنا المشكلة .
حاول بعض المفكرين الحاليين مثل دكتور مصطفى محمود الخروج من هذة المتاهة . . فقال تصورين .
1-- ان الله خلق بنى ادم من جنس نيتة .
وهنا تصور باطل من جميع النواحى . . ويعود بنا الى نفس النقطة . . فمن جنس نيتة اى ان الله يعلم نية العبد مسبقاً وهذا يعود بنا الى الوراء .
2-- ان الاب قد يعلم ان ابنة سوف يزنى ثم يزنى الابن فعلا فهل اكرة الاب على ذلك .
وهو ايضا تصور باطل . . فعلم الاب افتراضى وليس كلى مثل علم الله .

فتصورات مصطفى محمود للموضوع اعتبرها تصورات بدائية لحل المشكلة ولكنها فشلت كلها للاسف .

--
يعود بنا الموضوع الى نقطة اخرى وهى . . اذا كان الدين الاسلامى دين كامل ولاينقصة شىء . . فلماذا لم يجيب على هذا السؤال فى القرآن او الاحاديث؟؟ فأنا بحثت كثيرا ولم اجد اى حديث يتناول هذة المسألة . . , والموضوع طويل وارجو ان اجد لة حل . . كما ارجو ان يتسع صدركم قليلاً لهذا الموضوع . . فهو موضوع مهم جدا . . وستكون مشكلة اذا تركناة بلاحل . .

شكرا . . . . :emrose:

ابو مارية القرشي
04-15-2005, 06:57 PM
2-- ان الاب قد يعلم ان ابنة سوف يزنى ثم يزنى الابن فعلا فهل اكرة الاب على ذلك .
وهو ايضا تصور باطل . . فعلم الاب افتراضى وليس كلى مثل علم الله .

فتصورات مصطفى محمود للموضوع اعتبرها تصورات بدائية لحل المشكلة ولكنها فشلت كلها للاسف .

--
يعود بنا الموضوع الى نقطة اخرى وهى . . اذا كان الدين الاسلامى دين كامل ولاينقصة شىء . . فلماذا لم يجيب على هذا السؤال فى القرآن او الاحاديث؟؟ فأنا بحثت كثيرا ولم اجد اى حديث يتناول هذة المسألة . . , والموضوع طويل وارجو ان اجد لة حل . . كما ارجو ان يتسع صدركم قليلاً لهذا الموضوع . . فهو موضوع مهم جدا . . وستكون مشكلة اذا تركناة بلاحل . .

شكرا . . . . :emrose:

الاخ الاكرم اتماكا
1-السلام عليكم و رحمة الله و بركاته وقد مضت مدة طويلة لم ارك فيها ، فالحمد لله على سلامتك
2-لعلك تتابع موضوع الهدى و الضلال في منتدى العقيدة.
3-ام أقرا لمصطفى محمود و لكن المثل اعلاه عن الابن الزاني هو مثال تقريبي و لله المثل الاعلى ، فان علم الاب بحال ابنه و فساده وسهراته يورثه علما بما سيؤول اليه حال ابته قريبا ولكنه قد لا يقع لان علم الانسان ناقص و لكن علم الله سبحانه و تعالى كامل فهو يعلم الغيب و يعلم ما كان و سيكون.
و لكن في كلا الحالتبين لم يحصل اجبار و لا اكراه:
فلم يكره الاب ابنه على الزنا لعلمه بذاك
ولم يكره الله عز وجل العباد على المعاصي مثلا و ان علم انهم سيقعون بها.
فلا يحق لاحد ان يسال الله لم تعلم؟
لان صفة العلم هي من صفات الله عز وجل.
فالله خلق ادم و علم ان بنيه سيسفكون الدماءو يفسدون في الارض، ثم ارسل لهم رسلا و اخبرهم بثوابه و عقابه فمنهم من رشد والله عالم به من قبل ومنهم من ضل و الله عالم بالضالين من قبل، فاين الظلم في هذا؟
هل العلم ظلم؟
لذا فمن يجادل في هذا الموضوع فانما يجادل من اجل المجادلة ذاتها لا اكثر و لا اقل!
4-بانتظار تعليقات الاخوة الكرام
والله الموفق.

ATmaCA
04-16-2005, 03:34 AM
1-السلام عليكم و رحمة الله و بركاته وقد مضت مدة طويلة لم ارك فيها ، فالحمد لله على سلامتك

الله يسلمك اخى . .

المنتدى كان متوقف ولم اكن اعرف الرابط الجديد . .


2- لعلك تتابع موضوع الهدى و الضلال في منتدى العقيدة.
قرائتة جيداً ولكنة لايجيب على مااريد ان اصل الية .

3-ام أقرا لمصطفى محمود و لكن المثل اعلاه عن الابن الزاني هو مثال تقريبي و لله المثل الاعلى ، فان علم الاب بحال ابنه و فساده وسهراته يورثه علما بما سيؤول اليه حال ابته قريبا ولكنه قد لا يقع لان علم الانسان ناقص و لكن علم الله سبحانه و تعالى كامل فهو يعلم الغيب و يعلم ما كان و سيكون.
هو بالطبع مثال غير صحيح بالمرة لان علم الله محيط بكل شىء . . ويختلف تماماً عن علم الاب .

و لكن في كلا الحالتبين لم يحصل اجبار و لا اكراه:
فلم يكره الاب ابنه على الزنا لعلمه بذاك
نعم الاب لم يجبر ابنة على الزنا لانة لايعلم علم قطعى بذلك . . اما الله تعالى فيعلم علم قطعى . . وهنا المشكلة المطروحة . . فالله تعالى يعلم ان فلان فى جهنم قبل مايخلقة . . فلماذا خلقة اذن ؟؟ حتى يكون فى جهنم ؟؟!! هذا قصدى من الموضوع المطروح . . وايضا بالنسبة للقدر . . فالله تعالى المقدر لكل شىء . . فكيف تقول لايوجد اكراة ؟؟ . .

فلا يحق لاحد ان يسال الله لم تعلم؟
لان صفة العلم هي من صفات الله عز وجل.
فالله خلق ادم و علم ان بنيه سيسفكون الدماءو يفسدون في الارض، ثم ارسل لهم رسلا و اخبرهم بثوابه و عقابه فمنهم من رشد والله عالم به من قبل ومنهم من ضل و الله عالم بالضالين من قبل، فاين الظلم في هذا؟
هل العلم ظلم؟
انا لااسأل عن علم الله . . فعلم الله شىء متفق علية من الجميع . . ولايوجد ادنى خلاف علية .
انت تقول .

( ومنهم من ضل و الله عالم بالضالين من قبل، فاين الظلم في هذا؟ )

غريبة ــ الاتعرف اين الظلم فى هذا ؟؟

اذا كان الله اعلم بالضالين . . ويعلم انهم فى جهنم الابدية . . فلماذا يخلقهم على ضلالهم ؟؟ ــ سأعطيك مثال بسيط لعلة يكون اوضح مما اكتب :

لنفرض سوياً انك تعلم علم قطعى ان اخيك سوف يحرق نفسة ــ فهل تتركة يحرق نفسة ؟؟ ام تحاول انقاذة ؟؟

بالطبع ستقول سأحاول انقاذة والا كنت ظالم ولاتخاف على اخيك.


لذا فمن يجادل في هذا الموضوع فانما يجادل من اجل المجادلة ذاتها لا اكثر و لا اقل!

بالعكس هذا الموضوع كان الشاغل الاول عند معظم البشر . . . . ولازال .

---

ولم تجيب يااخى على السؤال الاخير وهو :

. اذا كان الدين الاسلامى دين كامل ولاينقصة شىء . . فلماذا لم يجيب على هذا السؤال فى القرآن او الاحاديث؟؟

لماذا ترك هذة الثغرة ؟؟

والموضوع مهم جدا وارجو عدم التجاهل . .

شكرا . . . :emrose:

أبو مريم
04-16-2005, 06:07 AM
الأخ العزيز أتماكا
المشكلة ليست فى الدين الإسلامى ولكنها فى عقولنا أو فى عقول الكثير منا فالأمر كما قلت متاهة وهو كذلك فعلا بالنسبة للكثيرين ومن لم يجد لتلك المشكلة حل فى الإسلام فلن يجد لها حلا على وجه الإطلاق وحتى لو توهم أنه وجد الحل فهو كالممسك بالزئبق .
اعلم أخى الكريم أن عليك أن تجمع بين قضيتين الأولى (( وما ربك بظلام للعبيد )) والثانية (( الله خالق كل شىء )) فإن لم تستطع فاتهم عقلك وإليك الدليل :
عندما تقف أمام مسألة رياضية فى منتهى التعقيد وترى أن النتيجة النهائية قد وصلت إلى تناقض هل تتهم نفسك أم تتهم هذا العلم ؟

ATmaCA
04-16-2005, 06:40 AM
الاخ الحبيب ابو مريم

اهلا بك وان شاء الله تكون بخير . .

اخى الحبيب انا اعترف بالقصور الفكرى . . فلايوجد انسان مهما بلغت درجة نبوغة ان يصل الى الكمال . . وصدقنى لو كان الموضوع غير مهم لكنت تجاهلتة تماماً ولكنك لاتعرف كم يشغلنى هذا السؤال وهذا الموضوع المطروح . . فهو ينقض عدل الله وهذة كارثة بالنسبة لى . . فأنا كما تعلم اخذت رحلة البحث من فترة طويلة . . بدأت بالمسيحية واليهودية والالحاد واللادينية والنظريات الروحية الغيبية . . وفى النهاية اهتديت الى الاسلام .
والشىء الغريب انة لايوجد فكر دينى يجد اجابة على هذا السؤال . . جميع الاديان السماوية لاترد على هذا السؤال وهذا شىء يدعو الى التأمل . . لماذا لم يجيب علية الانبياء مثلاً حتى يفضوا الاشكال . لماذا تركوا هذة الثغرة ؟؟
سألت احد الشيوخ قبل ذلك . . وحدثت مشكلة بينى وبينة واتهمنى بالكفر لانة اعتبر السؤال رفض لقضاء الله وقدرة . . وتسييرة وتخييرة . . وقال لى ان الله لايسأل عما يفعل . . وانة يجب على التسليم بالامر وقال ايضا ماذا لو خلقك الله ووضعك فى النار مباشراً ولم يعطيك فرصة فى الحياة الدنيا .

عندما تقف أمام مسألة رياضية فى منتهى التعقيد وترى أن النتيجة النهائية قد وصلت إلى تناقض هل تتهم نفسك أم تتهم هذا العلم ؟

امامى معطيات ونتائج ! والنتيجة معروفة وهى تنقض العدل . . . وهذا ماتوصلت لة !! . . فكيف ادعى عدم العلم وامامى جواب السؤال بكل بساطة .. ؟؟؟

أبو مريم
04-16-2005, 07:07 AM
الأخ العزيز أتماكا سأحاول بإذن الله تعالى أن أصل معك إلى نتيجة حول هذا الموضوع وطالما ان لديك الصبر على البحث فسوف نصل بإذن الله تعالى :
أولا اعلم اخى الكريم أن ما ينقض العدل باطل وما ينقض العلم أيضا باطل ولا يمكن أن نتصور أن يكون الله تعالى غير عالم ولا غير عادل هذا من حيث المبدأ ..
السؤال كاتالى :
(س) يعلم الله أنه لو خلق لكان كافرا فلماذا يخلقه ؟
والسؤال مبنى على مغالطة وهى أن (س) موجود ويستحق الرحمة قبل أن يوجد هذه هى المشكلة يا أخى الكريم أنت لا تستطيع أن تتصور المعدوم وأنه ليست له أية صفة ولا يستحق أى شىء وثانيا أنت تفرض على الله تعالى وتوجب عليه .
دعك من هذه سلمنا لك أن الله تعالى يجب عليه ألا يخلقة ولكن أين (س) إذن الذى افترضنا أن الله يعلمه؟! لقد انتقض الفرض وضاع السؤال الذى سألنا عنه .
دعك من هذه لو رحم الله س هذا هل سيرحمه وهو يعلم أنه خبيث فى ذاته ويستحق العذاب واللعنة أين العدل فى ذلك ؟ ولو رحمه ليس من هذه الجهة فأين العلم الكلى إذن ..
المشكلة أخى الكريم أن الأمر ملىء بالمتناقضات وأعقد مما تتصور ويؤول فى النهاية لأسئلة فاسدة مردها أننا نبحث فى المطلقات ونقابل بينها .

ابو مارية القرشي
04-16-2005, 07:52 AM
نعم الاب لم يجبر ابنة على الزنا لانة لايعلم علم قطعى بذلك . . اما الله تعالى فيعلم علم قطعى . . وهنا المشكلة المطروحة . . فالله تعالى يعلم ان فلان فى جهنم قبل مايخلقة . . فلماذا خلقة اذن ؟؟ حتى يكون فى جهنم ؟؟!! هذا قصدى من الموضوع المطروح . . وايضا بالنسبة للقدر . . فالله تعالى المقدر لكل شىء . . فكيف تقول لايوجد اكراة ؟؟

:emrose:


اخي الكريم
بارك الله فيك اين الاكراه؟
ان كنت ترى في ان علم الله يقتضي اكراها فاني لا ارى ذلك. فالله علمه تام ومحيط بمخلوقاته يعلم ما سيكون منهم فاين الظلم في ذاك؟
تقول:
فالله تعالى يعلم ان فلان فى جهنم قبل مايخلقة . . فلماذا خلقة اذن ؟؟

الا ترى ان هذا سيقودك في دائرة مفرغة، طيب اذا لم يخلقه هل سيكون علم الله صحيحا ام خطئا؟
اين المخلوق الذي علم منه الخطا و المعصية؟
فالله خلق الانس و الجن ليعبدوه وعلم المطيع و العاصي و كتب ذلك في كتاب عنده.
انك تسال عن علم الله، وهل يمكن للانسان الضعيف ان يقدر علم الله؟







لنفرض سوياً انك تعلم علم قطعى ان اخيك سوف يحرق نفسة ــ فهل تتركة يحرق نفسة ؟؟ ام تحاول انقاذة ؟؟

بالطبع ستقول سأحاول انقاذة والا كنت ظالم ولاتخاف على اخيك.
:emrose:

1-اخي لم اعترضت على مثال مصطفى محمود و لا تعترض على هذا المثال ايضا؟
2- اترى ان الله قصر في حق عباده؟
الم بفطرهم على التوحيد؟ الم يؤخذ عليهم الميثاق في عالم الذر الا يشركوا به احدا؟
الم يعطهم عقلا يميزون بين الهدى و الضلال؟
الم يرسل لهم بعد ذلك كله رسلا وكتبا و ايدهم بالمعجزات البينات؟
اترى من ضل بعد ذلك، أ ضل بسبب ما علمه الله منه ام بسبب عناده و اعراضه عن الهدى؟
انت مثلا اخي الحبيب
الم تهتدي للاسلام؟ الم تبذل في ذاك جهدا عظيما و بحثا طويلا فيسر الله لك وهداك سبيل الرشد؟
وغيرك اعرض وما فكر وريما علم و عاند،اظلمه الله؟
حاشاه سبحانه






ولم تجيب يااخى على السؤال الاخير وهو :

. اذا كان الدين الاسلامى دين كامل ولاينقصة شىء . . فلماذا لم يجيب على هذا السؤال فى القرآن او الاحاديث؟؟

لماذا ترك هذة الثغرة ؟؟

:emrose:
سبحان الله
ارجو التاني في الكتابة و اختيار الالفاظ ولو نسبت القول الى بعض المخالفين لكان اولى او لو قلت فان قال قائل كذا فما نجيبه؟
هذاو قد بين الله ورسوله مسائل القدر علمها من علمها و جهلها من جهلها و المسلم اذا تشابهت عليه الايات قال كل من عندنا و اخذ بالمحكم البين. و نسب الخطا و النقص لنفسه لا لدينه.
انصح بمراجعة ما كتبه ابن القيم وشيخ الاسلام في هذا الباب و الله الموفق

ATmaCA
04-16-2005, 08:10 AM
عزيزى ابومريم .

اعلم اخى الكريم أن ما ينقض العدل باطل وما ينقض العلم أيضا باطل ولا يمكن أن نتصور أن يكون الله تعالى غير عالم ولا غير عادل هذا من حيث المبدأ ..

انت وضعت مبدأ ويجب على ان لااتصور غيرة . . !! كيف يااخى ؟؟ لو صدقت بهذا المبدأ لما كنت طرحت هذا الموضوع . . فكما تلاحظ انة هناك بعض الشكوك .!

والسؤال مبنى على مغالطة وهى أن (س) موجود ويستحق الرحمة قبل أن يوجد هذه هى المشكلة يا أخى الكريم

( س ) موجود :confused: . . ازاى موجود وقبل ان يوجد ؟؟؟؟
هل تقصد موجود فى علم الله القدرى ؟؟ مش فاهمك صراحة !!
ثانيا كيف يستحق الرحمة وهو مش موجود اساسا . .

وثانيا أنت تفرض على الله تعالى وتوجب عليه

لا افرض على الله بل هذا هو المنطق المتبع .

دعك من هذه سلمنا لك أن الله تعالى يجب عليه ألا يخلقة ولكن أين (س) إذن الذى افترضنا أن الله يعلمه؟! لقد انتقض الفرض وضاع السؤال الذى سألنا عنه .

فى هذة الحالة سيكون افضل من خلقة والقائة فى النار بأسباب قدرية.

دعك من هذه لو رحم الله س هذا هل سيرحمه وهو يعلم أنه خبيث فى ذاته ويستحق العذاب واللعنة أين العدل فى ذلك ؟ ولو رحمه ليس من هذه الجهة فأين العلم الكلى إذن ..

هو يعلم انة خبيث فلماذا يخلقة ؟؟

ياابومريم انت تقول فى كلامك مامعناة ان الله تعالى يسير الاشياء وفق القدر الذى يعلمة الله ولكن لايستطيع ان يخالفة !! هل تقصد ذلك ؟؟ بمعنى ان القدر لايستطيع الله ان يغيرة ولكنة يجب ان يحدث .

ATmaCA
04-16-2005, 08:36 AM
عزيزى ابو مارية القرشي


الا ترى ان هذا سيقودك في دائرة مفرغة،

كيف تعرف انها دائرة مفرغة ومع ذلك لاتعرف اجابتها .


طيب اذا لم يخلقه هل سيكون علم الله صحيحا ام خطئا؟

كما قلت للزميل ابو مريم . . فى هذة الحالة سيكون افضل من خلقة والقائة فى النار بأسباب قدرية.



1-اخي لم اعترضت على مثال مصطفى محمود و لا تعترض على هذا المثال ايضا؟

ياعزيزى لان مثال مصطفى محمود يتحدث عن علم الاب الظنى . . اما انا فأقول علم الاخ القطعى . . فأنا افرض ان الاخ يعلم ان اخوة سوف يحرق نفسة فهل يتركة ام لا ؟؟ اما مصطفى محمود فيتحدث عن شىء اخر تماما .

-----

ويبدو يااخى انك مش فاهم قصدى . . فأنا اتحدث عن عدل الله تعالى . . فالله تعالى خلق بنى آدم منهم المؤمن ومنهم الكافر والله يعلم قبل مايخلق الكافر انة سيكون كافر وسيدخل النار خالداً فيها . . ومع ذلك خلقة وهو يعلم مصيرة . . فهل يتعارض هذا مع عدل الله ام لا ؟؟ اذا كنت ترى انة لا يتعارض فقل لى كيـف ؟

أبو المثنى
04-16-2005, 10:53 AM
أخي الفاضل أتمكا ،
السلام عليكم ، ، ،

دعني ألخص سؤالك :
الله كان يعلم قبل أن يخلق هذا الكافر المخلوق أنه سيكفر في الدنيا وسيكون من أصحاب النارفي الآخرة ، فلماذا خلقه ؟
والمقصود هل (علم) الله الأول المسجل في اللوح المحفوظ حول هذا الإنسان يتعارض مع (رحمته) من خلقه إنسان يعلم أنه سيعذب ، وأنه كان الأرحم أن لا يخلقه ؟ ما الحكمة من خلق الكافر وهو يعلم تعالى أنه سيعذب ؟
هذا هو سؤالك ....
دعني أرتب نقاطي على النحو التالي :

1- أنت مسلم ، ولذلك الجواب على سؤالك سيكون من منطلق الإسلام . لأنني لا أستطيع أن أجيبك بماديات محسوسة حول أمر غيبي . وأنت بلا شك تفهم ذلك .
2- أنت مسلم فأنت تؤمن بالغيب .
3- أنت مسلم تؤمن بأن الله (ليس كمثله شيئ) .
4- أنت مسلم تؤمن بأن لله صفات وأعمال فهو القادر والقدير والكريم والمريد ...
5- أنت بشر لك أيضاً أعمال : كرم وقدرة وعلم
6- كونك مسلم فأنت تؤمن بأن أعمال الله أعظم بكثير من أعمال الإنسان . مثلاً كرم الإنسان لا يمكن أن يقارن أبداً بكرم الله .
7- وأيضاً (علم الله) لا يمكن مقارنتها أبداً بعلم الإنسان البسيط
8- وأيضاً (إرادة الله) و (حكمة الله) لا يمكن أن تقارنها بإرادة الإنسان وحكمته البسيطة المبنية على قدراته الضعيفة .

الآن : لله علم وإرادة وحكمة ورحمة وهي أعظم بكثير من تلك التي للإنسان .
السؤال : هل انت يا بشري ياضعيف تستطيع أن تدرك كل حكمة الله وإرادته ورحمته ، وتتفهمها (بعقلك) المحدود الذي لا يستطيع حتى أن يعرف ما يمكن أن يواجهه يوم غد ؟؟؟
هذا موطن سؤالك : مقارنة إرادة الله وحكمته ورحمته بتلك التي للبشر ......
فأنت تقيس رحمة الله برحمة البشر في مثالك ، وعلم الله بعلم البشر ، وحكته بحكمة البشر ، ..... وهكذا ...
كيف ؟؟؟؟
دعني أسألك سؤال (وليس ضروري أن تجيبني عليه) ...
ما هي الحكمة (في رأيك) من خلق ذلك الكائن الذي يعيش تحت عمق 10000 متر تحت سطح البحر ولم نعرفه عنه إلا في هذا القرن ؟
ما هي الحكمة (في رأيك) من خلق تلك المجموعة الشمسية التي لم نراها ولن نراها في أقصى الكون ؟
أتعرف ما الجواب ؟ لا .. ولا أنا ... ولا كل علماء ناسا .....
لكن لله حكمة في ذلك هو قررها وهو أعلم بخلقه ... والله يخلق ما يشاء ... وهو أيضاً الحكيم الخبير ...

نفس هذا المنهج في التفكير (كمسلم) طبقه على سؤالك ...
هل تعرف كل حكمة الله في خلقه للكافر ؟
هل تعرف كل حكمة الله في خلقه للنار ؟
هل تعرف كل حكمة الله في خلقك أنت ؟
هل تعرف مستقبلك ؟ ربما أنت تكون أحد من يجعل الله فيهم سعادة للبشرية ...

أخي الحبيب .....
عقلك ومنطقك محدود ، ولن تستطيع أن تحيط بحكمة الله في خلقه . صحيح هناك من الناس من استطاع أن يجد ويكتشف (شيئ) من حكمة الله في خلقه للكافر وجهنم كشيخ الاسلام ابن تيمية وأظنه عد عشرات من الحكم لذلك ، لكنها أبداً لن تحصر حكمة الله فيها .
بل أن الملائكة التي ترى في الكون أكثر مني ومنك قالت لله تعالى (قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ) . بل حتى الأنبياء اللذين يوحي لهم الله وهم أعلم أهل الأرض كانوا يعلمون أن لله حكمة في أفعاله كقول عيسى عليه السلام (إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) . وهذا يعقوب عليه السلام عندما فقد ابنه يوسف يقول (قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ) فلم يسأل الله وهو نبي لماذا اختفى ابني ، بل قال يا الله أنت عليم حكيم في أفعالك . بل وعندما ملك يوسف في مصر وأصبح في مقام رئيس وزراء اليوم بعد أن كان يباع ويشترى ومتهم وفي السجن . فلما دخل عليه أبوه يعقوب عليه السلام في مصر قال يوسف (يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بَي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاء بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاء إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ) . أدرك حكمة الله من وقوعه في البئر وكيد أخوته واتهامه بعد ذلك فعلم حكمته من ذلك بعد وقوع ما وقع وحصول ما حصل .

والله يقول عن رحمته (مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) ، فهو الحكيم يرسل مطراً هنا ويمسك هناك ، فليس لنا أن نسأل الله أن يبرر لنا حكمته في توزيعه للمطر . بل كان الجفاف يقع حتى أيام النبي عليه الصلاة والسلام وأيام عمر بن الخطاب (الرمادة) وهم أفضل أهل الأرض آنذاك ، فلم يقوموا يسألوا الله أن يبرر لهم إمساكه المطر عليهم ، لانهم مؤمنين بقضائه وقدره وحكمته .

ودعني أستمر :
9- هل أنت البشري الضعيف تطلب من الله أن يفسر لنا أعماله ويبررها لنا ؟
10- إذا كنا لا نسأل رؤسائنا في الدنيا عن أعمالهم هيبة وخوفاً منهم بالرغم من أن المنفذين لها يعلمون أنها خطأ بل وربما خيانة ، فكيف تريدنا أن نتجرأ على سؤال الله ليبرر لنا (سبب خلقه الكافر) وهو الله الحكيم في أفعاله والكامل في صفاته ؟

أخي في الله ......
لا أخفيك أن هذا السؤال كاد أن يرديني سواء السبيل من قبل . وعندما راجعت نفسي بعد أن أذهب الله عني هذا الوسواس حللته كما يلي :
1- سببه : ضعف في أداء واجباتي الدينية ، كقراءة القرآن أو تأخير الصلاة .
2- إيماني بقضاء الله وقدره من نظرة ضيقة (شخصية) ، وليس من منظور إيماني شامل . يعني مثلاً كنت أسأل لماذا فلان يحصل معه كذا وفلان لا يحدث معه كذا برغم أنهما على نفس العمل . فكانت (النظرة المادية البحتة) هي مصدر حكمي على القضاء والقدر . أي أن النظرة المادية (فقط) للأمور تودي بك لمثل ذلك الوسواس الذي يفرح به إبليس .

قد يكون إبليس وجد مدخله عليك من مدخل آخر ، لكنني واثق أن (النظرة المادية فقط) هي ما يفتح المجال لهكذا سؤال .

وأنت كمسلم (ولست لاديني) هل تؤمن بأن الله هو المتصرف والمتحكم في خلقه ؟ نعم ... بلا شك ، وإلا كيف تفسر أن زلزالاً يصيب عمارة فتنجوا امرأة عمرها 80 سنة من تحت الأنقاض أو طفل صغير وبعد عدة أيام تحت الأطلال ، بينما يموت رجال وشباب !! الله أمات هؤلاء وحفظ هؤلاء .... هل أنقذتهم (وسائل مادية) .. بل تجد اثنان على سرير واحد أحدهما مات والآخر لم يمت ...
ما أقصده أخي الحبيب أن (النظرة المادية فقط) تعدم الإيمان وتقصيه . ولذلك نقول دائماً قدر الله وما شاء فعل ، وما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ، وأعقلها وتوكل . فلا تجمد نظرتك للأمور بناحية مادية دون أن ترى قدرة الله وقضائه وقدره في الأمور .

الله خلق الملائكة ليعبدوه ولا يعصوه لحكمة منه تعالى
والله خلق البشر ليختبرهم لحكمة منه تعالى
وخلق كل صغيرة وكبيرة لحكمة منه تعالى

وأطلب منك ناصحاً أن تفعل هذه الأمور عندما يأتيك مثل هذا الوسواس :
1- استعذ بالله من الشيطان ، وأدعوه تعالى أن يذهبه عنك
2- اقرأ خمس أسطر من القرآن عندما يأتيك مثل هذا الوسواس
3- لا تكتم مثل هذه الأسئلة في نفسك وتتفكر فيها ، بل اشرك أخوانك (في المنتدى) بها معك .
4- لا تجعل حكمك على ما تراه مادياً فقط ، أي تذكر مشيئة الله (ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن)
5- تذكر أنك مسلم موحد وأن ذلك الإيمان بالله هو مصدر راحتك النفسية ( قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ ) .
6- وأخيراً أخي تذكر كلامك السابق : أنت بحثت عن الحق وارتحلت مراراً وتكراراً أي أنك تريد الاستقرار . ولكن غيرك لا يبحث إلا عن الضلال ويركب رأسه ، فهل ظلمه الله أو ظلمك ؟ كلاكما قرر ما رآه هو وما دفعكم أو غصبكم أحد لتفعلوا ما فعلتم .

وأدعوا الله أن يكشف عنك غم إبليس ووسواس الأباليس وأن يجعل في القرآن راحة لك ، وفي الصلاة طمأنينة

ولك أخي الحبيب خالص تحياتي .............

:emrose: :emrose: :emrose: :emrose: :emrose: :emrose: :emrose:

مالك مناع
04-16-2005, 01:55 PM
كما هو معلوم لدى الجميع ان الله تعالى كتب فى اللوح المحفوظ ماكان وماسيكون كما انة تعالى كتب مصير البشر حتى مصير الطفل الصغير فى بطن امة ( شقى او سعيد الخ ) وهناك الايات القرآنية التى تتحدث ايضا عن علم الله الكلى والغيب الذى لايعلمة الا الله تعالى . . وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ (الأنعام59) . . عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ }الأنعام73 . . ثمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }التوبة94 . . {وَيَقُولُونَ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلّهِ يونس20 . . فكل هذة الايات وغيرها تثبت بشكل قاطع ان الله تعالى يعلم الغيب الكلى ويعلم كل ماكان وماسوف يكون . . بعد هذا الاثبات القطعى يقف العقل امام سؤال منطقى . . وهو . . الايتناقض علم الله الكلى مع عدل الله ؟؟ .

ينبغي في البداية أن يزول وهم التناقض المزعوم بين علم الله الكلي وعدل الله ..

فالعلم بمآل الشئ لا يلزم منه نفي كمال العدل..

إلا إذا كان هناك إجبار على السير نحو هذا المآل .. فالإجبار هنا هو المبرر الوحيد للتناقض المزعوم بين العلم الكلي والعدل المطلق ..

والآيات السابقة تؤكد على أن الله يعلم أن فلان في الجنة وفلان في النار .. فهل يتنافى محض العلم مع العدل المطلق ..

لنبدأ من البداية .. حتى تتضح الصورة أكثر.. فالسياق في هذه الحالة مهم ..

فالله خلق الخلق .. وبين لهم الغاية من خلقهم، ومنحهم مخزون فطرة يقودهم إليه، وعقولاً يميزوا بها الخبيث من الطيب، ثم بين لهم طريق الهداية وطرق الضلالة .. وبعث لهم الرسل مبشرين ومنذرين ..

ثم بين أن "من يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره"،

وبين أيضاً أنه "لا تزر وازرة وزر أخرى".

أليس من اختار طريق الضلالة -بعد هذا- مستحق للعقوبة ؟؟

وهل علم الله المسبق بمآل هذا الضال ينفي استحقاقه للعقوبة؟؟؟

هب أن معلما فاضلاً عنده تلميذ فاشل، وهو (يعلم) أنه فاشل من خبرته (المكتسبة) في التعامل معه، فقدر له الفشل منذ بداية العام بناءً على (علمه النسبي) بحال هذا التلميذ الذي سيؤدي به إلى هذا المآل.

ثم خاض هذا التلميذ معترك الدراسة .. وأخذ يبين له المعلم الفاضل طريق النجاح واجتهد في إيصال كل ما يلزمه للنجاح ..

ثم جاء موعد الامتحانات .. ورسب التلميذ كما توقع له المعلم الفاضل ..

فهل تجد أن المدرس قد ظلم الطالب (لمجرد) أنه قدر له الرسوب مُسبقاً بناء على (علمه الناقص) بحال هذا الطالب .. أين الظلم في هذا؟؟ وخصوصا أنه لم يأل جهدا في هدايته لطريق النجاح ..

ولله المثل الأعلى ..

فالفارق هنا أن علم الله كاملا .. فلا احتمال لنجاحه إذا قدر له الرسوب ..

وعلم الله (غير مكتسب) .. فلا مجال للخطأ .. لنقص في معطيات الحالة ..!


قصة ابليس توضح الامر بشكل ميسور . . فالله تعالى خلق الشيطان وهو يعلم ان الشيطان سوف يتمرد علية ويعلم ايضا انة سوف يغوى البشر ويعلم ايضا انة سوف يدخل نار ابدية بعد ان يؤدى دورة فى غواية البشر ! . . فالسؤال هنا . . ماذنب ابليس اللعين ؟؟ ,

ذنب إبليس أنه (اختار) طريق الضلالة وهو (يعلم) .. وعلم الله لأعماله ثم مآله -كما قلنا - لا يعني أنه أجبره على أي منها .. ولا يعفي إبليس من ذنبه.. أو يعفي غيره من استحقاقه للعقوبة ..



قد يقول قائل ان ابليس تمرد على الله ويستحق العقاب . . وهنا الرد سهل فأبليس لة نفس سيئة والله تعالى هو الذى خلق هذة النفس السيئة . . اذا العيب يرجع الى الصانع وليس الى الصنعة . . ! ولأن الله يعلم ايضا ان ابليس سوف يطرد وهنا المشكلة .

هب أن الامتحان الذي تقدم له الطالب من نوع (اختيار من متعدد)، فهل تريد من المدرس الفاضل أن يضع كل الإجابات المحتملة صحيحة .. فأي فضل للطالب في اختيار واحدة منها دون الأخرى!! .. وكيف تميز بين الطالب النجيب والطالب الفاشل؟؟ .. وهل تعتقد أن الطالب الفاشل (أو حتى النجيب) مستحق للنجاح بعد اجتيازه امتحان من هذا النوع؟؟ .. أليس هذا عبث ؟؟

لا بد من وجود الخير والشر .. ليبلونا أينا أحسن عملاً .. فلا فضل لفاعل الخير إن لم يكن متاح له غير ذلك !!

ولذلك يقول علماء الأصول .. ان الترك المحض للمحرمات لا ثواب له، فلا بد من توافر دواعي الفعل والإرادة المباشرة لترك محرم معين حتى يثاب التارك له.

ففهل تثاب أنت على تركك الزنا وأنت تقرأ سطوري هذه ؟؟!




بقي أمر واحد ..!

أعتقد أن السؤال ينبغي أن يكون:

ألا يوجد تناقض بين إرادة الله ( وليس علمه) وبين عدله ؟؟!!

هذا السؤال أوجه -في اعتقادي- ولعل هذا مقصود السائل على الرغم من اختلاف منطوقه ؟

لكن هذا السؤال لا إشكال فيه أيضاً..

لأن إرادة الله نوعان:

إرادة كونية: وهي متعلقة فيما يقع سواء أحبه الله أم لم يحبه

إرادة شرعية: وهي متعلقة فيما يحبه الله سواء وقع أم لم يقع ..

وبهذا التفصيل يزول الإشكال ..

فكل (ما وقع) .. أراده الله كوناً ..

لكن .. قد يريده شرعاً (مثل الايمان وفعل الطاعات)

وقد لا يريده شرعاً (مثل الكفر والمعاصي والشر)

وكل( ما يحبه) الله .. أراده شرعاً ..

لكن قد يقع أو لا يقع (مثل: الإيمان والطاعة وفعل الخيرات)

والسؤال الآن: هل يكون في ملكوت الله شئ لا يريده ؟

والجواب: كوناً .. لا .. شرعاً .. نعم!

فهل يخرج شئ عن إرادته ؟؟

الجواب: لا .. لأنه لو خرج (شرعاً) .. فإنه أراده كوناً ..


يعود بنا الموضوع الى نقطة اخرى وهى . . اذا كان الدين الاسلامى دين كامل ولاينقصة شىء . . فلماذا لم يجيب على هذا السؤال فى القرآن او الاحاديث؟؟

بلى .. أجاب:

قال تعالى: "واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون"

حازم
04-16-2005, 02:39 PM
إلى الراغبين في دراسة عقيدة السلف في القضاء والقدر وكيف تكون علاجا

http://70.84.212.52/vb/showthread.php?t=1389

مالك مناع
04-16-2005, 11:37 PM
أتماكا يقول:

فالله تعالى يعلم ان فلان فى جهنم قبل مايخلقة . . فلماذا خلقة اذن ؟؟ حتى يكون فى جهنم ؟؟!! هذا قصدى من الموضوع المطروح . .
ويقول أيضاً - سدده الله-

ويبدو يااخى انك مش فاهم قصدى . . فأنا اتحدث عن عدل الله تعالى . . فالله تعالى خلق بنى آدم منهم المؤمن ومنهم الكافر والله يعلم قبل مايخلق الكافر انة سيكون كافر وسيدخل النار خالداً فيها . . ومع ذلك خلقة وهو يعلم مصيرة . . فهل يتعارض هذا مع عدل الله ام لا ؟؟ اذا كنت ترى انة لا يتعارض فقل لى كيـف ؟

أنصت أخي إلي قليلاً:

مرّ رجل غني مقتدر على شاب فقير بائس (مُـعدم)، لا يجد قوت يومه، فأشفق الرجل الغني على هذا الشاب (المُـعدم) وأحب أن يعطي الشاب (فرصة) في هذه الحياة، فأنعم عليه بالمال الوفير، وألبسه أحسن الثياب وأسكنه أفضل المنازل وجعله يكمل تعليمه، ثم وعده إن نجح أن يوظفه في منصب كبير، لكنه اشترط عليه أن يبقى مخلصا له .. ولا يعمل لغيره ..

وبعد أن تمكن الشاب وبلغ أشده تنكر للرجل الفاضل وغدر به !!

سأله الناس: كيف تغدر بمن أنعم عليك وتفضل عليك وكلفك بما تطيق ثم وعدك بما لم تكن تحلم به ؟؟

هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ؟؟

فأجابهم: هو المُـلام!!! ولست أنا !!!! لماذا أعطاني الفرصة بعد أن كنت عدماً ؟؟!!!

هل أعطاني هذه الفرصة لأغدر به ثم يعاقبني ؟؟!!!


اعذرني أخي .. لكنك تنظر للقضية من هذه الزاوية ..
وأنا أنظر إليها .. كلها .. من أولها إلى آخرها .. أنها فضلٌ في فضل

فأنت تلوم الله على خلقه الكافر لمجرد أنه سبق في علمه الأزلي أنه كافر .. وبدل أن يشكره لأنه:

أوجده من العدم ..

ومنحه العقل والصحة والعافية ..

ودله على الطريق الصحيح ..

وأعطاه فرصة الخلود في جنات النعيم ..

بدلاً من هذا يقول: لماذا خلقني ؟؟!!! هل خلقني لأعصيه ثم ليطرحني في جهنم؟؟!!!

من المُـلام حقيقةً؟؟!!!.

من أعطى الفرصة تفضلا وإحساناً

أم من أهدرها .. جحودا ونكرانا ؟؟!!!

أبو مريم
04-17-2005, 06:11 AM
انت وضعت مبدأ ويجب على ان لااتصور غيرة . . !! كيف يااخى ؟؟ لو صدقت بهذا المبدأ لما كنت طرحت هذا الموضوع . . فكما تلاحظ انة هناك بعض الشكوك .!إن استطعت أن تتصور غيره فافعل أخى الكريم على أن تأتنى بدليل .. كل ما فى الأمر كما قلت لك أنك تقابل بين المطلقات وهذه الطريقة تسوقك لا محالة للوقوع فى التناقض ومثالها التعامل مع اللامتناهى فى علم الرياضيات كما قد درست .


( س ) موجود :confused: . . ازاى موجود وقبل ان يوجد ؟؟؟؟
هل تقصد موجود فى علم الله القدرى ؟؟ مش فاهمك صراحة !!
أنت افترضت ذلك بقولك إن الله تعالى يعلم أنه لو خلق هل يتعلق العلم بمعدوم ؟ هذه قضية معقدة جدا تناولها الفلاسفة والمتكلمون وتحدث عنها شيخ الإسلام ابن تيمية وكانت من نقاط الخلاف الرئيسية بين الأشاعرة والمعتزلة أعنى شيئية المعدوم وهل الشىء قبل وجوده يعلم ويراد أم لا .. والحاصل أنك لو افترضت تعلق العلم بهذا الذى تتحدث عنه فهذا دليل على أنه موجود وبما أنك تفترض كشرط من شروط العدل ألا يخلقه الله بمعنى أن لا يوجد فهذا يعنى ببساطة أنك تفترض المستحيل لأنك افترضت فى الشيئ الواحد أن يكون موجودا وغير موجود هذا ما قصدته أخى الكريم ولو احتجت للتفصيل وذكر المراجع واتسع صدرك ووجدت من الوقت ما يكفى فأنا على أتم استعداد إن شاء الله تعالى


لا افرض على الله بل هذا هو المنطق المتبع .
لا أفهم تلك العبارة كما ينبغى .



هو يعلم انة خبيث فلماذا يخلقة ؟؟ علمه بأنه خبيث غير مقيد لقدرته تعالى على خلقه ولو افترضت ذلك لقلت إن من العدل ألا يخلق الله كافرا ولا عاصيا ولا مريضا ولا حيوانا مفترسا ولا موتا ولا .. وأنه يجب على الله تعالى أن لا يخلق إلا ملائكة ويخلدهم فى الجنة !! وألا يخلق نارا ولا حسابا وأن تتعطل كل الصفات ليس العلم فقط بل المغفرة والعفو والحلم والصبر على من عصاه وإمهاله العاصين ونصره للمؤمنين وانتقامه من الكافرين وتوبته على المذنبين ... ستجد أنك تنفى كل الصفات لإثبات صفة واحدة هل هذا هو الحل يا أخى الكريم لتخرج من تلك المشكلة التى هى فى الحقيقة ليست مشكلة أصلا .


ياابومريم انت تقول فى كلامك مامعناة ان الله تعالى يسير الاشياء وفق القدر الذى يعلمة الله ولكن لايستطيع ان يخالفة !! هل تقصد ذلك ؟؟ بمعنى ان القدر لايستطيع الله ان يغيرة ولكنة يجب ان يحدث .
القدر يا أخى الكريم يعنى أنه لا يمكن أن يحدث غيره وقولك الله تعالى لا يستطيع أن يغير القدر كقول القائل هل يستطيع الله تعالى أن يخلق صخرة لا يقدر على حملها ؟ كلها أسئلة متناقضة ترجع إلى أمر واحد كما قلت لك هو أنك تتعامل مع مطلقات وصفات إلهية غير محدودة فلا العدل مقيد ولا العلم مقيد ولا القدرة مقيدة .. والعقل لا يمكنه إدراك ذلك إلا بتوفيق من الله تعالى وملازمة الطاعة والإخلاص وتجريد القلب من كل ما سوى الله تعالى وهذا هو الطريق الذى جاءت به الرسل .

ATmaCA
04-17-2005, 06:18 AM
اخى الحبيب " أبو المثنى " بارك الله فيك .

وعليكم السلام ورحمة الله


دعني أسألك سؤال (وليس ضروري أن تجيبني عليه) ...
ما هي الحكمة (في رأيك) من خلق ذلك الكائن الذي يعيش تحت عمق 10000 متر تحت سطح البحر ولم نعرفه عنه إلا في هذا القرن ؟
ما هي الحكمة (في رأيك) من خلق تلك المجموعة الشمسية التي لم نراها ولن نراها في أقصى الكون ؟
أتعرف ما الجواب ؟ لا .. ولا أنا ... ولا كل علماء ناسا .....

لو كانت الحكمة لاتتعارض مع شىء لكنت سلمت بالامر ورفعت الراية البيضاء . . وهناك اسئلة كثيرة جدا اتركها لان ليس من ورائها فائدة مثل " الروح " ماهى ؟؟ ماصفاتها ؟؟ وفى النهاية تركت الامر لانة لن يفيد بشىء . . اما الموضوع المطروح فهو يتعارض مع عدل ورحمة الله . . وهو موضوع مهم جدا بالنسبة لى ( ان لم يكن للجميع ) .


أخي الحبيب .....
عقلك ومنطقك محدود ، ولن تستطيع أن تحيط بحكمة الله في خلقه . صحيح هناك من الناس من استطاع أن يجد ويكتشف (شيئ) من حكمة الله في خلقه للكافر وجهنم كشيخ الاسلام ابن تيمية وأظنه عد عشرات من الحكم لذلك ، لكنها أبداً لن تحصر حكمة الله فيها .

والله العظيم اعرف انى عقلى وتفكيرى محدود . اعترف بالقصور الفكرى واعترف ايضا بكمال الله تعالى .


ودعني أستمر :
9- هل أنت البشري الضعيف تطلب من الله أن يفسر لنا أعماله ويبررها لنا ؟
10- إذا كنا لا نسأل رؤسائنا في الدنيا عن أعمالهم هيبة وخوفاً منهم بالرغم من أن المنفذين لها يعلمون أنها خطأ بل وربما خيانة ، فكيف تريدنا أن نتجرأ على سؤال الله ليبرر لنا (سبب خلقه الكافر) وهو الله الحكيم في أفعاله والكامل في صفاته ؟

اعلم ان سؤالى ليس سؤال ( استنكارى ) ولكنة سؤال ( استفسارى ) واريد اجابة لكى يطمئن قلبى . .

وياااخى الحبيب انا لااطلب من الله ان يبرهن لى أعمالة ( فأعمالة حدثت وخلاص ) والسؤال عنها بلافائدة . . ولكنى ببساطة اسأل هل عمل الله هذا الذى تم ( خلق الكافر مع العلم المسبق ) يتعارض مع الرحمة والعدل ؟



1- سببه : ضعف في أداء واجباتي الدينية ، كقراءة القرآن أو تأخير الصلاة .
2- إيماني بقضاء الله وقدره من نظرة ضيقة (شخصية) ، وليس من منظور إيماني شامل . يعني مثلاً كنت أسأل لماذا فلان يحصل معه كذا وفلان لا يحدث معه كذا برغم أنهما على نفس العمل . فكانت (النظرة المادية البحتة) هي مصدر حكمي على القضاء والقدر . أي أن النظرة المادية (فقط) للأمور تودي بك لمثل ذلك الوسواس الذي يفرح به إبليس .
قد يكون إبليس وجد مدخله عليك من مدخل آخر ، لكنني واثق أن (النظرة المادية فقط) هي ما يفتح المجال لهكذا سؤال .

الصلاة : اؤديها الحمد لله ( مع بعض التأخير بسبب الاشغال )

قراءة القرآن : بشكل منتظم . . ( حتى انى انتهى من المصحف ثم ابداء من جديد مرة اخرى)


وأطلب منك ناصحاً أن تفعل هذه الأمور عندما يأتيك مثل هذا الوسواس :
1- استعذ بالله من الشيطان ، وأدعوه تعالى أن يذهبه عنك
2- اقرأ خمس أسطر من القرآن عندما يأتيك مثل هذا الوسواس

لماذا خمس اسطر بالذات ؟؟ :d::


3- لا تكتم مثل هذه الأسئلة في نفسك وتتفكر فيها ، بل اشرك أخوانك (في المنتدى) بها معك .

هذا ماافعل . .


6- وأخيراً أخي تذكر كلامك السابق : أنت بحثت عن الحق وارتحلت مراراً وتكراراً أي أنك تريد الاستقرار . ولكن غيرك لا يبحث إلا عن الضلال ويركب رأسه ، فهل ظلمه الله أو ظلمك ؟ كلاكما قرر ما رآه هو وما دفعكم أو غصبكم أحد لتفعلوا ما فعلتم .

نعم ولكن هناك علم مسبق من الله تعالى ان فلان سوف يغلق تفكيرة وسوف يكفر وسيكون مصيرة جهنم وبأس المصير .


وأدعوا الله أن يكشف عنك غم إبليس ووسواس الأباليس وأن يجعل في القرآن راحة لك ، وفي الصلاة طمأنينة
ولك أخي الحبيب خالص تحياتي


جزاك الله خيرا اخى الحبيب ولك تحيتى . . :emrose: :emrose:

ATmaCA
04-17-2005, 06:58 AM
اخى مالك مناع . . .


فالله خلق الخلق .. وبين لهم الغاية من خلقهم، ومنحهم مخزون فطرة يقودهم إليه، وعقولاً يميزوا بها الخبيث من الطيب، ثم بين لهم طريق الهداية وطرق الضلالة .. وبعث لهم الرسل مبشرين ومنذرين ..
ثم بين أن "من يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره"،
وبين أيضاً أنه "لا تزر وازرة وزر أخرى".
أليس من اختار طريق الضلالة - بعد هذا - مستحق للعقوبة ؟؟
وهل علم الله المسبق بمآل هذا الضال ينفي استحقاقه للعقوبة؟؟؟

ارى انك لم تنفى شىء . . فأنت تقول ان الله بين لنا طريق الهداية اذن فهذا لاينفى ان يستحق الكافر العقوبة !! . . وانا فى الاساس اتحدث عن علم الله الكلى ( فالله يعلم ماكان وماسيكون ) . وهذا يتعارض مع العدل . .

ثم هل هذا سبب قوى ( بين لهم طريق الهداية ) ؟؟


ذنب إبليس أنه (اختار) طريق الضلالة وهو (يعلم) .. وعلم الله لأعماله ثم مآله -كما قلنا - لا يعني أنه أجبره على أي منها .. ولا يعفي إبليس من ذنبه.. أو يعفي غيره من استحقاقه للعقوبة ..

كــــــــــــــــــيــــــــــــــــــف ؟؟

اليس الله تعالى يعلم مصير ابليس قبل ان يخلقة ؟؟؟؟؟
ومع ذلك خلقة وتركة يصول ويجول فى الكون الفسيح ؟؟

فأنا على سبيل المثال صنعت روبوت ( انسان آلى ) وبرمجتة على انة سوف يدمر نفسة تلقائيا. . . ثم بعد ان شغلت البطارية وتركت الروبوت يعمل قام الروبوت بتدمير نفسة . .

فهنا العيب فى الروبوت ام فى من صنع الروبوت ؟؟؟؟؟؟؟؟

الروبوت ( الانسان )

الصانع ( الله تعالى ولة المثل الاعلى )

البرمجة ( القضاء والعلم المسبق )

يدمر نفسة ( الكافر )

البطارية ( الروح )



هب أن الامتحان الذي تقدم له الطالب من نوع (اختيار من متعدد)، فهل تريد من المدرس الفاضل أن يضع كل الإجابات المحتملة صحيحة .. فأي فضل للطالب في اختيار واحدة منها دون الأخرى!! .. وكيف تميز بين الطالب النجيب والطالب الفاشل؟؟ .. وهل تعتقد أن الطالب الفاشل (أو حتى النجيب) مستحق للنجاح بعد اجتيازه امتحان من هذا النوع؟؟ .. أليس هذا عبث ؟؟

يااستاذى الفاضل . . الله تعالى يختلف عن المدرس ( من ناحية العلم )

ثانيا : الله يعلم مصير الطالب . . وليس بحاجة الى التمييز لانة يعلم العلم الكلـــــــــــــى .


بقي أمر واحد ..!
أعتقد أن السؤال ينبغي أن يكون:
ألا يوجد تناقض بين إرادة الله ( وليس علمه) وبين عدله ؟؟!!

لا بل علم الله ــ لان الارادة تأتى بعد العلم وليس قبلة . . فالاولى ان اقول العلم وليس الارادة .


بلى .. أجاب:
قال تعالى: "واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون.

(وهم لايظلمون ) . . كيـــــــــــــف ؟؟

ATmaCA
04-17-2005, 07:11 AM
اخى مالك منـــاع


أنصت أخي إلي قليلاً:
مرّ رجل غني مقتدر على شاب فقير بائس (مُـعدم)، لا يجد قوت يومه، فأشفق الرجل الغني على هذا الشاب (المُـعدم) وأحب أن يعطي الشاب (فرصة) في هذه الحياة، فأنعم عليه بالمال الوفير، وألبسه أحسن الثياب وأسكنه أفضل المناز وجعله يكمل تعليمه، ثم وعده إن نجح أن يوظفه في منصب كبير، لكنه اشترط عليه أن يبقى مخلصا له .. ولا يعمل لغيره ..
وبعد أن تمكن الشاب وبلغ أشده تنكر للرجل الفاضل وغدر به !!
سأله الناس: كيف تغدر بمن أنعم عليك وتفضل عليك وكلفك بما تطيق ثم وعدك بما لم تكن تحلم به ؟؟
هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ؟؟
فأجابهم: هو المُـلام!!! ولست أنا !!!! لماذا أعطاني الفرصة بعد أن كنت عدماً ؟؟!!!
هل أعطاني هذه الفرصة لأغدر به ثم يعاقبني ؟؟!!!
اعذرني أخي .. لكنك تنظر للقضية من هذه الزاوية .
وأنا أنظر إليها .. كلها .. من أولها إلى آخرها .. أنها فضلٌ في فضل
فأنت تلوم الله على خلقه الكافر لمجرد أنه سبق في علمه الأزلي أنه كافر .. وبدل أن يشكره لأنه:
أوجده من العدم ..
ومنحه العقل والصحة والعافية ..
ودله على الطريق الصحيح ..
وأعطاه فرصة الخلود في جنات النعيم ..
بدلاً من هذا يقول: لماذا خلقني ؟؟!!! هل خلقني لأعصيه ثم ليطرحني في جهنم؟؟!!!
من المُـلام حقيقةً؟؟!!!.
من أعطى الفرصة تفضلا وإحساناً
أم من أهدرها .. جحودا ونكرانا ؟؟!!!

مثالك الذى طرحتة غير مقبول منطقياً . . سأقولها لك بدون امثلة :
الله تعالى خلق الرجل " المُـعدم " . . فبرأيك ان هذا فضل من الله وفرصة للرجل لكى يلتحق بجنات النعيم .
حسناً . . لو هذا الرجل صار ملحدأ . . ثم دخل النار الأبدية فى النهاية . . فأين الفضل الان ؟؟
الله تعالى يعلم ان هذا الرجل الـــ " مُـعدم " قبل ان يخلقة ان مصيرة جهنم . . فكيف يعطى لة فرصة وهو يعلم انة فى جهنم !!!!!!!!
الاترى ان هذا يتناقض مع المنطق السليم ؟؟

ATmaCA
04-17-2005, 07:36 AM
الاخ الحبيب ابومريم

اشكرك لانك جبت المفيد . . .


يعنى ببساطة أنك تفترض المستحيل لأنك افترضت فى الشيئ الواحد أن يكون موجودا وغير موجود هذا ما قصدته أخى الكريم ولو احتجت للتفصيل وذكر المراجع واتسع صدرك ووجدت من الوقت ما يكفى فأنا على أتم استعداد إن شاء الله تعالى

ليس مستحيلاً .

ولكن الله هل يعلم مصير المعدوم ام لا ؟

بأنتظار ردك ولك جزيل الشكر :emrose: :emrose: :emrose:

أبو المثنى
04-17-2005, 08:25 AM
اخى الحبيب " أبو المثنى " بارك الله فيك .
وأرجوا لك محبة مخلصة إن شاء الله


لو كانت الحكمة لاتتعارض مع شىء لكنت سلمت بالامر ورفعت الراية البيضاء . . وهناك اسئلة كثيرة جدا اتركها لان ليس من ورائها فائدة مثل " الروح " ماهى ؟؟ ماصفاتها ؟؟ وفى النهاية تركت الامر لانة لن يفيد بشىء . . اما الموضوع المطروح فهو يتعارض مع عدل ورحمة الله . . وهو موضوع مهم جدا بالنسبة لى ( ان لم يكن للجميع ) .

وياااخى الحبيب انا لااطلب من الله ان يبرهن لى أعمالة ( فأعمالة حدثت وخلاص ) والسؤال عنها بلافائدة . . ولكنى ببساطة اسأل هل عمل الله هذا الذى تم ( خلق الكافر مع العلم المسبق ) يتعارض مع الرحمة والعدل ؟

أكاد أقسم يا أخي أنه أنا وأنت كأنها فولة وانقسمت نصفين
نفس أسألتك وكلامك بل وبالحرف الواحد أحياناً تطابقت مع ما كنت فيه أنا من مأساة بسبب هذا السؤال ..

وأشكرك أنك ذكرت موضوع الفائدة من السؤال ، بل وأي سؤال يطرح ولا فائدة منه ضياع وقت وما لا فائدة منه كيف يأتي بفائدة ..

أنظر لإبليس أول وإمام الضالين بيسأل ربه (سؤال اعتراض) : أأسجد لما خلقت طيناً ؟ ما هي فائدة هذا السؤال ؟؟
ربه أمره بالسجود ، فراح عمل فيها فلسفة وقال (خلقتني من نار وخلقته من طين) وحللها مادياً .
أخي الكريم : ما هي فائدة سؤال ابليس لإبليس نفسه ؟ ولا شيئ ... بل جره للاعتراض والتكبر والكفر ومليون سيئة أخرى ..

وأنا لما كنت أسأل نفس سؤالك كنت بأتفلسف أيضاً على أمور لا تفيدني بل بالعكس راح تضيعني ... وأنظر ماذا قال لنا الرسول عليه الصلاة والسلام عن (التساؤلات) قال (لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال: هذا خلق الله الخلق فمن خلق الله فمن وجد من ذلك شيئا فليقل آمنت بالله) أرأيت لا يزالون يتساءلون ، وأسئلة ما فيها أي فائدة ....

الآن : أنظر للسؤال المطروح : لماذا خلق الله الكافر إذا كان بيعلم أنه راح يعذبه ؟
السؤال : هل أنت كافر ؟
لا ولله الحمد .. أنت مسلم وموحد ، وصرمايتك بمليون كافر وعند الله أنت أرفع شأناً من كل الكفرة .

إذن سؤالك ليس (عنك) ، ولكن عن الكافر والملحد و و و و و
هل ترى أنت أي فائدة لك في السؤال عن مصير واحد اختار هو برضاه أن يكفر ويجحد ؟
هذا نفس السؤال الذي كنت أسأله لنفسي ويسألني إياه أخواني المتحاورين ...
فقط تفكر بهدوء يا أخي الذي أخاف عليه : هل يفيدك السؤال ؟؟

طيب : هل هذا السؤال بيسأله الملحد ؟
وإن سأله .. هل الملحد بيسأل سؤالك هذا (كسؤال استفساري) أو (استنكاري واعتراضي) ....؟؟
طبعاً اعتراض واستنكار لأنه لا يؤمن بالله ....
وهذا السؤال كما ذكرت لك سابقاً في مداخلتي الأولى ومن تجربتي الخاصة مصدره (مادية النفس) .. فالعذاب (للكافر) أنت بتنظر له من نظرة (الألم) للجسد فقط .. ولكنك لم تنظر إلى النصف الآخر من الحقيقة وهو (العدل) بأن الله ما عذبه إلا بعد أن أنذره وأمهله وصبر عليه وانعم عليه ومده بكل طيب وما طلب منه إلا شيئ بسيط (أعبدني) ...

وأعود لموضوع علم الله الأول وتعذيبه للكافر ....
أنت تفصل بين الأمرين بكونهما شيئ ماضي وشيئ مستقبل .... الماضي هو العلم ، والمستقبل هو العذاب .. ثم تضع أمر (الرحمة أو الظلم) في المنتصف ، وكأنك تقول : أليس ظلماً من الله أن يخلقه وهو الله يعلم أنه سيعذبه ؟
أو بطريقة أخرى : أليس من الرحمة كان أجدر أن لا يخلقه إن كان يعلم أنه سيعذبه ؟

أرأيت ... انت تفصل بين كل صفة من صفات الله (بفهمك أنت المحدود) .. تحلل صفات العلم والرحمة لله وكأنها صفات بشرية كأنك تقول إذا كان فلان من الناس رحيم فلا يمكن له أن يقتل ؟؟
مرة أخرى : صفات الله ليس كصفات البشر ، أي لا يمكنك (وأنت وافقتني بذلك) أن تضع صفات الله تحت (مختبر) العقل البشري . وهذا تماماً ما يظهر هنا ... تقول : لماذا يخلقه إن كان يعلم أنه سيعذبه ؟ وكأنك تقول عن واحد بشري : لماذا لم يذهب إلى الاختبار وهو يعلم أنه سينجح ؟
البشري بنقدر نجاوب عنه لأنه مثلنا وتحت قدرتنا العقلية لنحكم على تجاربه ، أما الله فهو (ليس كمثله أحد) فكيف عايز تضع أعماله وإرادته وقدرته تحت (حكم عقولنا البسيطة) علشان نبرر لماذا خلق الكافر وهو يعلم أنه من أصحاب النار ؟

بل ودعني أعطيها لك من قصرها :
أنت وأنا كمسلمين نؤمن بأن الله أرسل محمد عليه الصلاة والسلام لهدايتنا ، ومعتقدنا الإسلامي وضحه لنا الرسول بكل بساطة ووضوح ولم يترك من أمر المعتقد شيئ إلا وبينه . هذا هو إيماننا نحن المسلمين .
ولو كان هناك فائدة ترتجى من مثل هذا السؤال (إن كان الله يعلم أنه سيعذب الكافر فلم خلقه) في ديننا أو معتقدنا أو دنيانا أو آخرتنا لكان وضحه الإسلام بنص واضح . الرسول يقول فيما معناه (تفكروا بخلق الله ولا تفكروا بالله) ، إذن لا فائدة ترتجى من أنك تتفكر بالله وكيفية هيئته (تعالى الله علواً كبيراً) ..

هذه أخي الكريم والله هي ما يلبس به عليك الشيطان ، وأنا أتكلم معك عن تجربة شخصية ..
إبليس عايز يخليك تجعل (المحسوس) فقط هو مصدر الحكم ، وعايز يخليك (تعقلن) كل ما تؤمن به .. وهناك في منتدى الزنادقة شياطين الإنس بتعمل نفس الشغل ....

وصدقني السؤال التالي اللذي راح ابليس يوسوس لك فيه عند أول مصيبة (لا قدر الله) تقع فيها هو : لماذا حصل هذا معي ؟
لماذا الله خلقني وهو يعلم أنني سأتعرض لهذه المصيبة ؟؟ هل يريد الله أن يؤلمني ..... الخ
وبعد ذلك ...... ماذا ............


اعلم ان سؤالى ليس سؤال ( استنكارى ) ولكنة سؤال ( استفسارى ) واريد اجابة لكى يطمئن قلبى . .
أعلم أخي والله وأنا نفس الشيئ كنت قلق جداً ، وكان قلقي نابع من أنني قاعد أشك في صفات الله تعالى التي أخبرنا عنها .
وليس قلقاً ناشئاً عن خوفي على هذا الكافر ...

وأدعوك لكي تشاركني في هذه الأمور :
1- أنظر للصورة كاملة : عدل الله ورحمته وفضله وإحسانه للمحسن وإمهاله للمسيئ وغفرانه ، وأن عذاب الكافر من ظلمه هو وليس من ظلم الله له ، والله لم يكتب عليه ضلاله .

2- أنظر لسؤالك هل يفيدك أنت أو حتى يفيد غيرك . حتى لو فتح الله عليك وعرفت حكمة الله من خلقه للكافر وهو يعلم أنه سيعذبه ، ما الذي سيتغير فيك ؟ قلقك ناشئ من خوفك على إيمانك بالله من خلال وسواس الشك في صفات الله ومن بعد ظهور سؤالك ، وليس من خوفك على الكافر ليذهب لجهنم . لأن خوفك على الكافر مفيد لأنه بيدعوك ويشجعك لكي تذهب وتدعوه للإسلام وخاصة لو كان أحد أقربائك وما بيورثك قلق ولكن بيورثك ثقة ويقين . أما سؤالك وسؤالي فهو يسبب قلق لأنه يصيب بالشك إيماننا في الله وأسمائه وصفاته ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .

3- الحل والعلاج لهذا كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام في الحديث ( يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ حتى يقول: من خلق ربك؟ فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته) وقال (من وجد من هذا الوسواس، فليقل: آمنا بالله ورسوله ثلاثاً فإن ذلك يذهب عنه ) . أنظر قوله عليه الصلاة والسلام (فإن ذلك يذهب عنه) علاج مؤكد لهذا الوسواس .

4- تذكر أن الرسول عمه أبو طالب مات كافر وهو من أهل النار وأهونهم عذاباً . هل سأل الرسول هذا السؤال رغم حبه الكبير لعمه ؟ هل سأل الله : يارب لماذا خلقت عمي وأنت تعرف أنه سيعذب؟ لم يسأله ... ولا سأله إبراهيم عليه السلام عن أبيه آزر ، ولا نوح عن ابنه الغريق ... وهؤلاء الأنبياء هم قدوتنا وهم أكمل البشر .. ولو كانوا يعلموا فائدة من هذا السؤال أو أنه راح يرجع الميت أو يهدي الكافر الذي مات أو ينفعه أو حتى ينفعهم لكانوا أول من سأله . بل حتى لما سأل نوح ربه عن ابنه الذي غرق كافراً بالله (وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ ) أنظر ماذا قال له الله تعالى : (قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ) نهي من الله عن السؤال عما لا نعلمه من أمور لم يخبرنا عنها ، بل وعد السؤال عما لاتعلم من امر الله من أمور (الجهل) وليس (العلم) ، بل وهو عمل غير صالح . أتعرف كيف نعرف أن سؤالك غير صالح ؟ لأنه سبب لك قلق ..

السؤال نفسه والله يا أخي أتمكا لا يفيد بأي شيئ لا من قريب ولا من بعيد ، وما هو إلا وسوسة شيطان خناس رأى مدخلاً لنفسك فوسوس لك به ، وأورثك هذا السؤال قلق ليس على الكافر بل من خوفك على إيمانك بالله الذي تشعر أنت أنه أصابه شك .

وأنا يعلم الله أحببتك يمكن علشان وساوس ابليس خلتنا نسأل نفس السؤال وجمعتنا على بعض ونتعرف من خلاله ...

وأدعوا الله لك أخي بالكرامة وأن يبعد عنك القلق ، ويهدئ نفسك ويورثك الطمأنينة .............

ولك خالص تحياتي .....................

:emrose: :emrose: :emrose: :emrose: :emrose: :emrose: :emrose:

XhacK
04-17-2005, 11:36 AM
السلام على من اتبع الهدى
بسم الله الرحمن الرحيم...أما بعد
أخي الفاضل هدانا الله واياك
عندي مجموعة من الاسئلة ومن ثم سأصل الى نتيجة أرجو أن تفهمها
وقبل أن أبدأ أريد أن أذكر أن ما أقوله ما هو الا رأي شخصي فإذا قصرت فمن نفسي وخطأ مني
الان أبدأ فأقول
أخي هل تعلم ماذا ستموت مؤمن أم كافر؟؟.......طبعا لا أحد يعلم ولكن نرجو وندعو أن يثبتنا الله على لا اله الا الله
فالجواب ...................... لا
حسنا ثم هل تعلم فلان كيف سيموت؟؟؟؟.............طبعا لا
حسنا هل تعلم فلان (الكافر) كيف سيموت (مع العلم أنه كافر أمامك)؟؟
هل تعلم ما قدر الله لك من أن تكون كافرا أم مؤمنا
أو هل تعلم ما سيكون عليه هذا الكافر؟؟؟ بما أن الله قدر كل شيء...فهل تعلم ماذا قدرك ؟؟؟ أو ماذا قدر الله لهذا الكافر؟؟؟
طبعا ............................لا
طبعا ستقول أنا أتكلم عن علم وارادة وعدل الله وليس علمي ومعرفتي......!!!!
فأقول اذا أنت لم تعلم لنفسك ماذا قدر الله لك مؤمنا أم كافرا فكيف تستفسر عن أمر لا تملكه (على الأقل) لنفسك؟؟؟؟؟
سؤالك يا أخي الكريم بحد ذاته فيه خطأ
فأنت تحكم أو (تستفسر) وتضع علم الله أمامك وكأن علم الله تحتك وأنت تحكم عليه أو أنك تحيط به....وهذا ما ينبه الله عليه في قرآنه الكريم
{يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء} (255) سورة البقرة
{يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} (110) سورة طـه
وهذا ما وقعت به الآن أخي الفاضل....!!!
فأنت تسأل وتسأل وكأنك فوق علم الله
ولهذا ريح نفسك وخذ هذا السؤال واجعله جوابا لسؤالك أو استفساراتك
هل أعلم ماذا قدر الله لي مؤمنا أم كافر؟
فكلما أردت أن تتكلم عن عدل وعلم الله فذكر نفسك أن لا تملك لنفسك الجواب فكيف تسأل عن علم الله؟؟
لذا فيا أخي تذكر دائما أنك لست مخولا لطرح مثل هذا السؤال
والجواب بالنسبة لي هو
{وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} (10) سورة البلد
{إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} (3) سورة الإنسان
ولذلك فالانسان (من وجهـــــــــــــــــة النظر الانسانية) مخير
لذلك فأنت دائما تحت السؤال وليس فوقه
ومن جهة أن الانسان يعذب ويستحق العذاب فهذا أعتقد أنه أمر تستطيع فهمه

هذا والله أعلم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ومضة
04-17-2005, 01:55 PM
أخي الحبيب أتماكا.....


عندي عبارة سأقولها وأرحل من هذا الموضوع.....


انظر.......هل هي تجيب عن تساؤلك أم لا؟؟؟



العبارة هي : (( علم الله تعالى سابق لا سائق)).....


ولمزيد من التفصي أقول :




يبدو لي أنك تخلط بين قضيتين أساسيتين....




الأولى : هل من العدل أن يخلق الله إبليس وهو يعلم أنه ذاهب إلى النار....ثم يعذبه؟؟؟




الثاني : هل من فائدة في خلق إبليس وجعله يدخل النار؟؟؟؟






وهنا مكمن الخطأ....



أما السؤال الأول : هل من العدل أن يخلق الله إبليس وهو يعلم أنه ذاهب إلى النار....ثم يعذبه؟؟؟


طبعا من العدل.....لأن الله تعالى لم يجبر إبليس على الكفر.....بل أعطى له كافة وسائل الاختيار.....وهذا هو ما عنيته سابقا يقولي : (( علم الله تعالى سابق لا سائق)).....



أما السؤال الثاني : لماذا يخلق الله خلقا هو يعلم أنهم في النار..؟؟؟


ويشبه ذلك سؤال : لماذا خلق الله البشرية أصلا؟؟؟؟


لماذا يثيب الله المؤمن أصلا ويعذب الكافر؟؟؟ لماذا لا يجعلهم ترابا؟؟؟؟




جواب كل هذه الأسئلة : لتظهر صفات الله تعالى.....



تظهر صفة الفضل والإحسان.....بمجازاة المؤمن على إيمانه...



تظهر صفة العدل : بمجازاة الكافر على كفره....




تظهر صفة الصمد (الصمد هو الذي تصمد إليه الخلائق...أي تلجأ إليه ) بخلقه الناس لعبادته....




تظهر صفة القوي.....عندما يخسف بالكفار....




هل بقيت مشكلة؟؟؟؟؟؟؟؟ :confused:

أبو مريم
04-18-2005, 12:18 AM
الاخ الحبيب ابومريم

اشكرك لانك جبت المفيد . . .



ليس مستحيلاً .

ولكن الله هل يعلم مصير المعدوم ام لا ؟

بأنتظار ردك ولك جزيل الشكر

عبارة ((مصير المعدم )) يعنى أننا نفترض أن المعدوم شيئا وله مصير هذا تعبير خاطئ يا أخى الكريم فالمعدوم ليس بشىء وليس له صفة ولا يتعلق به علم ...
كل ما فى الأمر أن الله تعالى يعلم الموجودات قبل أن توجد لأن علمه غير مقيد بالزمن وهذا أخى الكريم يعنى أنها أشياء موجودة فى المستقبل أما العدم فكيف تصفه بأن الله يعلمه وأنه سيصير كذا أو أن له صفة كذا أو يتعلق به كذا كل ذلك ناشئ عن تعذر أو استحالة تصور المعدوم .
هناك قضية مهمة أحب أن ألفت نظرك إليها : ((لو ثبت شىء بطل ما يناقضه ))هذا مبدأ عام فى المنطق والرياضيات أليس كذلك ؟ يعنى لو ثبت أن القضية س كاذبة كانت القضية لا س صادقة والعكس هذا أمر واضح ..
فإن تمسكنا بالقضية لا س وقلنا إننا نشك فى أنها كاذبة ونحتاج إلى دليل فهذا غير مقبول على الإطلاق لأنه تحصيل لحاصل ..
لنبدأ الآن استنادا لتلك المقدمة :
نحن عندما نبطل قضية إما أن نثبت أنها متناقضة فى ذاتها أو تناقض قضية أخرى علمنا صدقها وتلك القضية التى معنا (( إما أن يكون الله عالما أو عادلا .. بمعنى أن العدل والعلم لا يجتمعان )) فلو أثبتنا لله تعالى صفة العلم وصفة العدل المطلقتين أى أن الله عالم وعادل دائما ومطلقا .. دل ذلك على كذب تلك المقدمة بطريقة منطقية لا شائبة فيها ..
إذن ما هو الدليل على صدق القضية (( الله تعالى عالم وعادل )) هناك عدة أدلة عقلية وشرعية فالدليل الشرعى لا يحصى كقوله تعالى (( وما ربك بظلام للعبيد )) وقوله تعالى ((وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا )) وقوله تعالى (( ما أصاب من مصيبة فى الأرض ولا فى أنفسكم إلا فى كتاب من قبل أن نبرأها )) وقوله تعالى (( وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة فى ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا فى كتاب مبين ))..
وهناك دليل شرعى عقلى يتمثل فيما ذكره الله تعالى من أمور الغيب التى لم تقع ثم وقعت كما قال تعالى كما فى قوله تعالى (( ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون ..)) وقد حدث ذلك بالفعل سألهم الرسول صلى الله عليه وسلم هذا السؤال وأجابوا بنفس تلك الإجابة ولم يستطع منهم أحد أن يخالفها بكلمة أو حرف واحد وكما فى قوله تعالى (( غلبت الروم فى أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون ..)) وكما فى سورة المسد .. إلى غير ذلك من الأدلة (الشرعية - العقلية ) على صفة العلم المطلق بالغيب والشهادة بما كان وما سيكون ..
أما الدليل العقلى فواضح جدا فصفة العلم صفة من صفات الكمال وكذلك صفة العدل ولو لم يتصف الخالق بصفة من صفات الكمال لكان ناقصا ويستحيل فى حقه تعالى النقص ، فإن قلت ما الدليل على أنها صفة مطلقة وأنه تعالى يعلم الغيب ويعلم المستقبل قلت لك لأن الله تعالى خارج عن نطاق الزمان وعلمه تعالى يستوى فيه الحاضر والمستقبل فالله تعالى عالم بكل شىء لاحظ أن معنى الشىء أنه الموجود حقيقة أو حكما أما المعدوم فليس بشىء .
أما صفة العدل فهى من أوضح صفات الكمال على الإطلاق ولا يكون غير العادل إلا ناقصا وقد قامت كل الشواهد على إثبات صفة العدل وما من مخلوق إلا ويشهد بتلك الصفة ولولاها ما قامت السموات والأرض وما تلك التوازنات والقوانين التى نشاهدها تحكم الكون إلا من آثار عدله سبحانه وتعالى ..
فهل بقى بعد ذلك أى شك فى أن الله تعالى عالم مطلق العلم وعادل مطلق العدل ؟
إذا كان الأمر كذلك كانت المقدمة (( إما أن يكون الله عادلا أو عالما ))المناقضة لما ثبت لدينا بالدليل القاطع مقدمة كاذبة ويصبح طلب الدليل عليها تحصيلا لحاصل .
:emrose:

ATmaCA
04-18-2005, 04:10 AM
الاخ الحبيب أبو المثنى . . . . بارك الله فيك . .


أكاد أقسم يا أخي أنه أنا وأنت كأنها فولة وانقسمت نصفين
ههههههههههه . .
بس انا لااحب الفول . . :D::

أنظر لإبليس أول وإمام الضالين بيسأل ربه (سؤال اعتراض) : أأسجد لما خلقت طيناً ؟ ما هي فائدة هذا السؤال ؟؟
ربه أمره بالسجود ، فراح عمل فيها فلسفة وقال (خلقتني من نار وخلقته من طين) وحللها مادياً .
أخي الكريم : ما هي فائدة سؤال ابليس لإبليس نفسه ؟ ولا شيئ ... بل جره للاعتراض والتكبر والكفر ومليون سيئة أخرى ..
موقف ابليس هنا موقف تكبر ويستحق عقابة . . ( هذا رايك )
ولكن الذنب يرجع الى من ؟؟ الله خلق ابليس وابليس تكبر وكفر . . فمن الذى جعلة يتكبر ويكفر بالله تعالى ؟؟ طبعا ستقول ( لااحد بل ابليس هو من تكبر ) ولكن من خلق ابليس ؟؟ هل العيب فى الصنعة ام فى الصانع ؟؟ .
فى احدى الروايات ابليس سأل الله نفس السؤال الذى اسألة انا الان . . فكان رد الله علية ( اننى لااسأل عما افعل ) وانا عندما قرائت هذة الرواية ذهلت . . لان الرد غير مقنع . . وصراحة انا لااعرف هذة الرواية صحيحة ام لا . . .

الآن : أنظر للسؤال المطروح : لماذا خلق الله الكافر إذا كان بيعلم أنه راح يعذبه ؟
السؤال : هل أنت كافر ؟
لا ولله الحمد .. أنت مسلم وموحد ، وصرمايتك بمليون كافر وعند الله أنت أرفع شأناً من كل الكفرة .
إذن سؤالك ليس (عنك) ، ولكن عن الكافر والملحد و و و و و
هل ترى أنت أي فائدة لك في السؤال عن مصير واحد اختار هو برضاه أن يكفر ويجحد ؟
هذا نفس السؤال الذي كنت أسأله لنفسي ويسألني إياه أخواني المتحاورين ...
فقط تفكر بهدوء يا أخي الذي أخاف عليه : هل يفيدك السؤال ؟؟
لا لا يااخى ليس الامر هكذا . .
بل الامر متعلق بــ ( طمانينة القلب ) بمعنى اننى اريد ان اتأكد اننى اعبد إلة عــــادل . . فقط هذا مااريدة . . اما سؤالك هل سيفيدنى السؤال ؟؟ فهو بالطبع سيفيدنى وانا ذكرت لك اننى لااسأل الا عن اشياء تفيدنى . . اما الاسئلة التافهة التى لن تفيد بشىء مثل الروح . . صفاتها . . شكلها . . هل الله لة صورة يتخيلها العقل ؟؟ الخ ــ كل هذة الاسئلة تجاهلتها تماماً لانها لن تفيدنى بشىء مطلقاً .
الامر ليس ( ولاتسأل عن اصحاب الجحيم ) بل هل اصحاب الجحيم يستحقون الجحيم ؟؟ ونضع فى الاعتبار ان الله يعلم علم مسبق انهم سيكونون من اصحاب الجحيم . . ومع ذلك خلقهم . . . فهل هذا عدل ؟؟

البشري بنقدر نجاوب عنه لأنه مثلنا وتحت قدرتنا العقلية لنحكم على تجاربه ، أما الله فهو (ليس كمثله أحد) فكيف عايز تضع أعماله وإرادته وقدرته تحت (حكم عقولنا البسيطة) علشان نبرر لماذا خلق الكافر وهو يعلم أنه من أصحاب النار ؟
العقل البشرى محدود نعم . . ولكن ليس 0% . . مثلا :
انت تعلم اشياء كثيرة جدا . . اما الله فيعلم علم كلــى . . انت حكيم قليلاً اما الله فأحكم الحاكمين ( حكمة كلية ) وهكذا ....
لذلك العقل البشرى لة نسب محددة ولكنة ليس تحت الصفر .
وصدقنى لو كان السؤال فوق قدرة العقل . . لما كان مر على العقل اصلاً . .
لذلك السؤال يتناسب مع العقل وليس فوق العقول .
وانت قلت فى كلامك يااخى انك مررت بهذا السؤال . . فهل وجدت لة اجابة ؟؟
ومرة اخرى اخبرك ان السؤال ينفى عدل الله ؟؟ فكيف تقول ان السؤال ليس مهم !!!
يعنى انت برأيك اننى لااسأل هذا السؤال ..؟؟ صح ..
حسناً يعنى اترك مسألة عدل الله معلقة ولااعرف هل الله عادل ام لا ؟؟
وتحيتى وتقديرى لــك . . :emrose: :emrose: :emrose:

ابو مارية القرشي
04-18-2005, 04:21 AM
العزيز اتماكا
قلت:حسناً يعنى اترك مسألة عدل الله معلقة ولااعرف هل الله عادل ام لا ؟؟

يا عزيزي بل انت تعلم ان الله عادل لانه اخبرك بذلك و اخبرك انه لا يظلم احدا
لذا فالذي اراه ان تصلح عبارتك و تقول:
انا اعرف ان الله عادل لانه اخبرني و لكني لا افهم ذلك عن طريق عقلي(مع ملاحظة ان غيرك امثال العبد الفقير و الاخوة الكرام يرونها مسالة معقولة وواضحة) لذا فانا اسلم الى الله بذلك لاني اسمي مسلم و عقد الاسلام الذي عقدته مع ربي يلزمني بالتسليم له.
يعني ببساطة تقول انما اسال من باب الازدياد في الخير و ان لم افهم المشكلة فاني موقن بعدل الله عز وجل.

هذه مداخلة بسيطة و اتركك مع ايي مريم و ابي المثني و الشيخ محمود

ATmaCA
04-18-2005, 04:32 AM
اخى المحترم XhacK . .
الامر ليس . . ( انى هل اعلم ماذا قدر الله لى ام لا ) .

ارجع اخى الى الوراء قليلاً . . الله قبل ان يخلقك . . هل كان يعلم انك كافر وستدخل نار ابدية ام لا ؟؟

طبعا ستقول ( يعلم وهو بكل شىء عليم ومحيط ) . ويعلم ماكان وماسيكون . .

حسناً . .

اليس من الظلم اننى اعلم مصيرك وانك ستدخل النار ومع ذلك اوجدك ؟؟

الاينفى هذا عدل الله ؟؟

واذا قلت ان هذا لاينفى عدل الله . . فى هذة الحالة عليك ان تثبت كلامك . . اما انك تقول :


لذا فيا أخي تذكر دائما أنك لست مخولا لطرح مثل هذا السؤال
فهذا ليس اجابة يااخى المحترم . . فالانسان لة عقل يفكر بة ويميز هذا من ذاك . . واذا لم اجد اجابة لهذا السؤال فهذا يعنى اننى امام إلة ليس عادلاً !!!
وانا لااستطيع ان اضحك على نفسى .
تحيتى لــك . . .

ATmaCA
04-18-2005, 04:38 AM
أخي الحبيب ومضة

لايوجد مشكلة . . :confused:

لاارى انك اجبت على السؤال . . فأنت تقول ( اظهر صفة الخالق )

ولكن اظهار الصفة لايأتى على حساب العدل .. !!

تحيتى لــك . .

ATmaCA
04-18-2005, 05:03 AM
اخى ابومريم . . صراحة احييك على ردك الفلسفى الرائع جدا . . واسجل اعجابى :emrose: :emrose: صراحة رد فريد من نوعة . :41:


عبارة ((مصير المعدم )) يعنى أننا نفترض أن المعدوم شيئا وله مصير هذا تعبير خاطئ يا أخى الكريم فالمعدوم ليس بشىء وليس له صفة ولا يتعلق به علم ...
قد اتفق معك ولكن عندما يتعلق الامر بالله تعالى يختلف الامر . . . فالله يعلم مصير المعدوم . . اليس الله على كل شىء قدير . . وانا اقصد بالمعدوم ( الانسان قبل ان يخلق ) . ;)::

واحتمال ان الجملة ليست دقيقة . .


فهل بقى بعد ذلك أى شك فى أن الله تعالى عالم مطلق العلم وعادل مطلق العدل ؟

لايوجد شك فى العلم . . ولكن يوجد شك فى العدل . . :wallbash:


إذا كان الأمر كذلك كانت المقدمة (( إما أن يكون الله عادلا أو عالما )) المناقضة لما ثبت لدينا بالدليل القاطع مقدمة كاذبة ويصبح طلب الدليل عليها تحصيلا لحاصل .

قرائت ردك الذى استندت فية على ان لو ثبت شىء بطل ما يناقضه . . وهذا معروف لدى الجميع ولكنك لم تثبت صفة العدل حتى تبطل مايناقضها . .

اذا اثبتت لى صفة العدل . . فسأعتذر واسحب الموضوع ولن افتحة مرة اخرى . .

تحيتى .

ATmaCA
04-18-2005, 05:13 AM
اخى ابو مارية القرشي


يا عزيزي بل انت تعلم ان الله عادل لانه اخبرك بذلك و اخبرك انه لا يظلم احدا
يعنى انا سوف اذهب اليك الان واقوم بحرقك بالنار . . واذا سألتنى عن سبب ذلك سأقول لك ( لاننى لم اظلمك )
هل ترى ان هذا سبب مقنع ؟؟

لذا فالذي اراه ان تصلح عبارتك و تقول:
انا اعرف ان الله عادل لانه اخبرني و لكني لا افهم ذلك عن طريق عقلي . .
لو كنت مقتنع بالعدل لــــمـــا كنت طرحت الموضوع . .

(مع ملاحظة ان غيرك امثال العبد الفقير و الاخوة الكرام يرونها مسالة معقولة وواضحة)
مين العبد الفقير ؟؟
واذا كان يراها واضحة فليأتى لى ليوضح الامر . .
وليوضح لى غبائى وسوء فهمى .

شكرا . . . . .

أبو مريم
04-18-2005, 06:01 AM
اخى ابومريم . . صراحة احييك على ردك الفلسفى الرائع جدا . . واسجل اعجابى :emrose: :emrose: صراحة رد فريد من نوعة . :41:
شكرا ولكنه ليس فلسفيا وليس كل استخدام للعقل فلسفة وأنا لا أحب الفلسفة ولا الفلاسفة .



قد اتفق معك ولكن عندما يتعلق الامر بالله تعالى يختلف الامر . . . فالله يعلم مصير المعدوم . . اليس الله على كل شىء قدير . . وانا اقصد بالمعدوم ( الانسان قبل ان يخلق ) . ;)::
مفيش حاجة اسمها مصير معدوم علشان يتعلق بها علم الله أو قدرته وعلم الله المتعلق بالإنسان متعلق به من حيث كونه موجودا وسبق علم الله لا يعنى أنه متعلق به من حيث هو معدوم .

واحتمال ان الجملة ليست دقيقة . .
بل الشىء الوحيد الصحيح هو الجملة فهى دالة تماما على المعنى المتناقض .


أخى العزيز أتماكا أنا سعيد بالحوار معك حول تلك المسألة والتى أراها والله يحاسبنى على ذلك لا محل لها من الإعراب يعنى ليست بشبهة ولا أثر لها فى قلبك .

لايوجد شك فى العلم . . ولكن يوجد شك فى العدل . . :wallbash:
ما ثبت به العلم هو ما ثبت به العدل وغيره من الصفات ولعلك تعرف الطريقة العامة فى إثبات صفات الله تعالى وهى أن العلم والعدل والقدرة وغيرها صفات كمال ولو لم يتصف بها الله تعالى لاتصف بضدها من صفات النقض والنقص محال فى حق الله تعالى




قرائت ردك الذى استندت فية على ان لو ثبت شىء بطل ما يناقضه . . وهذا معروف لدى الجميع ولكنك لم تثبت صفة العدل حتى تبطل مايناقضها . .
اذا اثبتت لى صفة العدل . . فسأعتذر واسحب الموضوع ولن افتحة مرة اخرى . .
تحيتى .
وقد ذكرت لك الأدلة الشرعية والدليل العقلى لإثبات الصفات بصفة عامة ولا فرق بين صفة العدل والعلم ومن أثبت لله أحدهما لا بد وأن يثبت له الأخرى فكلها صفات كمال واجبة للخالق جل وعلا ولو أنك فرضت خلافها وادعيت لله تعالى وحاشا لله صفة الظلم لوقعت فى التناقض وكذبت الرسل جميعا لأنهم وصفوا الله تعالى بتلك الصفة وخالفت ضميرك وفطرتك التى تؤكد لك أن الله تعالى لا يمكن أن يكون ظالما وخالفت عقلك الذى يؤكد لك أن من يتصرف فى خالص ملكه لا يوصف بالظلم على أية حال وخالفت نواميس الكون التى قامت على العدل واتهمت الله تعالى بأنه يأمر بالعدل والإحسان ولا يلتزم بهما وظننت به ظن السوء وأنه يتجاوز الحد وأى حد هذا الذى يتجاوزه ومن الذى وضعه ومتى وضعه ؟!!
:emrose:

ATmaCA
04-18-2005, 06:33 AM
ياابا مريم . . .

يعنى هل لان الله تعالى ( كامل ) يبقى خلاص مفيش ظلم ..!!

يعنى هذا منطق غير سليم برأيى . .

وانا لم اقل هذا الا استناداً على السؤال الذى لم اجد لة اجابة حتى الان .

اخى ابا مريم . .

كيف تقول ان الموضوع ليس شبهة او هام . . وانا ذكرت اكثر من مرة ان الموضوع ينفى عدل الله . . اذا كنت ترى عكس ذلك ففهمنى !! . .

فمعظم الاجابات الى الان من نوع :

-- لاتسأل

-- انت عقلك لن يحيط بذلك .

-- ليس من حقك ان تسأل .

-- امثلة ليست فى الصميم .


تلك المسألة والتى أراها لا محل لها من الإعراب

ياابا مريم هذا الموضوع كان هو الشاغل الاول عند المفكرين والفلاسفة . . حاول بعضهم التشكيك فى الرحمة . . فقالوا كيف الة رحيم ويخلق الشر فى الدنيا . . ولكن مسألة العدل لم يكن لها جواااااب . .

يااخى لو كان الموضوع يزعجك فرجااااء لاتزعج نفسك وتشارك فية . . عموما هذا اخر رد لى فى الموضوع . . لاننى اعرف ان الموضوع ليس لة اجابة . . ولكنها كانت مجرد محاولة يائسة .

تحيتى لك . . :emrose: :emrose: :emrose:

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاتة . .

أبو مريم
04-18-2005, 07:00 AM
ياابا مريم . . .

يعنى هل لان الله تعالى ( كامل ) يبقى خلاص مفيش ظلم ..!!

يعنى هذا منطق غير سليم برأيى . .


نعم وبكل تأكيد ولكن كلمة مفيش ظلم ليست دقيقة بل قل مش ظالم هذا هو الاستنتاج المنطقى الصحيح


وانا لم اقل هذا الا استناداً على السؤال الذى لم اجد لة اجابة حتى الان
يبقى السؤال غلط بكل تأكيد كقولك مثلا (( هل الخطوط المتوازية التى تخرج من نقطة واحدة تتلاقى )) أنا اسألك هذا السؤال وعليك بصفتك دارس للرضيات وتعتقد صحتها أن تجيبنى وإلا فإننى سأشك فى صحة هذا العلم .. ما رأيك ولدى اسئلة أخرى للمتخصصين فى التاريخ (( كيف انتصرت مملكة سبأ على الولايات المتحدة فى معركة التل الكبير )) وسؤال آخر لبتوع الأحياء وثالث لبتوع الكيمياء وهلم جرا ..


اخى ابا مريم . .

كيف تقول ان الموضوع ليس شبهة او هام . . وانا ذكرت اكثر من مرة ان الموضوع ينفى عدل الله . . اذا كنت ترى عكس ذلك ففهمنى !! . .
أقول ذلك يا أخى لأن السؤال فى حد ذاته غير منطقى لاعتماده على المقابلة بين المطلقات وفكرة تقييد المطلق بالمطلق على أن يبقى مطلقا !!! هذا كلام غير منطقى ولو قلبته من كل وجه وجدته مفعم بالتناقض .

فمعظم الاجابات الى الان من نوع :

-- لاتسأل

-- انت عقلك لن يحيط بذلك .

-- ليس من حقك ان تسأل .

-- امثلة ليست فى الصميم .
فلنبحث الموضوع منطقيا وعقليا وبالمنهج الذى تريده ومن المقدمات التى تسلم بها أنت فما رأيك ؟

ياابا مريم هذا الموضوع كان هو الشاغل الاول عند المفكرين والفلاسفة . . حاول بعضهم التشكيك فى الرحمة . . فقالوا كيف الة رحيم ويخلق الشر فى الدنيا . . ولكن مسألة العدل لم يكن لها جواااااب
مش بالضبط المشكلة كانت تدور حول وجود الشر فى العالم وليس حول كونه تعالى عادلا قال بعضهم الشر ليس أمرا وجوديا ولا ينسب إلى فاعل فلا ينسب إلى الله وقال بعضهم الشر لا يتمحض بل هو شر من جهة وخير من جهات أخرى وقال بعضهم بل ليس هناك خير محض ولا شر محض فى هذا العالم وأن هذا العالم هو أبدع ما يمكن أن يكون وهو قول ابن سينا ليس فى الإمكان أبدع مما كان .. هذا ما خاضوا فيه ولم يقل أحد إن الله تعالى ينبغى ألا يخلق الكافر إلا بعض الناس وقد رد عليهم العلماء حتى من المعتزلة ردودا قوية جدا ..


يااخى لو كان الموضوع يزعجك فرجااااء لاتزعج نفسك وتشارك فية . . عموما هذا اخر رد لى فى الموضوع . . لاننى اعرف ان الموضوع ليس لة اجابة . . ولكنها كانت مجرد محاولة يائسة
سامحك الله يا أخى الكريم كيف تظن أن الحوار معك أو مع أى أخ لى هنا يزعجنى بل على العكس من ذلك فأنا سعيد بالحوار معك وربما كان فى طريقتى بعض الشدة وهذا من أثر الحوار مع الملاحدة واللاينيين ..
استمر أخى الكريم ولا تترك هذا الموضوع فهو يشغل الكثيرين ولا بد وأن نصل فيه إلى شاطئ الأمان ودعك من موضوع اليأس فالذى يفنى عمره فى البحث عن الحق لا يعرف هذا الكلمة ولا يدرى لها معنى ..
تقبل صادق تحياتى ومحبتى الخالصة وفى انتظار ردك . :emrose:

أبو المثنى
04-18-2005, 08:10 AM
كيف تقول ان الموضوع ليس شبهة او هام . . وانا ذكرت اكثر من مرة ان الموضوع ينفى عدل الله . . اذا كنت ترى عكس ذلك ففهمنى !! . .
فمعظم الاجابات الى الان من نوع :
-- لاتسأل
-- انت عقلك لن يحيط بذلك .
-- ليس من حقك ان تسأل .
-- امثلة ليست فى الصميم .
اابا مريم هذا الموضوع كان هو الشاغل الاول عند المفكرين والفلاسفة . . حاول بعضهم التشكيك فى الرحمة . . فقالوا كيف الة رحيم ويخلق الشر فى الدنيا . . ولكن مسألة العدل لم يكن لها جواااااب . .
يااخى لو كان الموضوع يزعجك فرجااااء لاتزعج نفسك وتشارك فية . . عموما هذا اخر رد لى فى الموضوع . . لاننى اعرف ان الموضوع ليس لة اجابة . . ولكنها كانت مجرد محاولة يائسة .
تحيتى لك . . :emrose: :emrose: :emrose:
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاتة . .

أخي الفاضل أتماكا
تحية طيبة

لقد قلت أنت أن هذا الموضوع هو الشغل الشاغل عند الفلاسفة ، وأنا سأعيد عليك قول الرسول (ولا يزالون يتسائلون) حتى يقولوا من خلق الله .....

استحلفك بالله العادل الرحيم فقط أن تفكر : ما هي فائدة هذا السؤال ؟

يا أخي ... القلق الذي عندك لم ينشأ من خوفك على الكافر ، بل هو من الشك الذي أصاب إيمانك بصفة من صفات الله .
هل شكك في صفة من صفات الله له فائدة ؟
لا ... بل يجعلك قلق كما أوضحت أنت بنفسك
هل خوفك على الكافر له فائدة ؟
نعم ... يحفزك لتدعوه للإسلام فتزداد طمانينة ويأتيك من الراحة ما الله به عليم

حوارنا معك مبني على الوضوح والخوف عليك والمحبة لك . ولن تجد في كلام الفلاسفة إلا شبهات ومهاوي ، والفلسفة يمكن لك أن تسميها (علم الشك) .
ما قرأنا في كلام القرآن فلسفة ولا سمعنا من أقوال النبي فلسفة .. كلام واضح وموجز .. يقين وإيمان
وهذا ما لن تجده عند الفلاسفة التي قرأت عن بعض حواراتهم من أنه يستطيع أن يقنعك أن بما تراه أمامك أحمر اللون بأنه أسود اللون ....

أنا يا أخي وجدت الرد على سؤالي وهو نفس سؤالك ، وليس كما تقول من أنني لم أجد له جواب . ممكن أنه ما يقنعك لكني وجدته وارتحت واطمأننت .

الجواب هو : أنني وجدت أن السؤال ما له أي فائدة لا لي ولا لغيري .. لا في ديني ولا في دنياي ...
الجواب هو : أنني أيقنت أنني كنت ممن قال فيهم تعالى (ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ويتبع كل شيطان مريد ) وأبحث عن كل ما (يقنعني) بضلالي .
الجواب هو : أن السؤال كاد يرديني سواء السبيل حتى صرت أسأل نفسي عن كل صغيرة وكبيرة ، بل أصبحت أنسب الشر لله وأنسى أنني السبب في مصائبي باختياري وعملي وقدرتي ..
الجواب هو : أن (الظن لا يغني من الحق شيئاً) ، وكل سؤالي كان (شك) وليس فيه أي يقين .. أتعرف لماذا ؟ لأن سؤالي كان على منوال (ولا تقربوا الصلاة) ثم سكوت ...
الجواب هو : أنني وجدت الراحة والطمأنينة بالاستعاذة بالله كلما هم بي سؤالي ، والانشغال بغيره مما يفيد حتى لو أقوم أجري وأركض .
الجواب هو : أنني وجدت الراحة ونسيته تماماً ، واقتنعت بأنه (من وسواس خناس) لن يهدأ حتى يرديني في الكفر ..
الجواب هو : أنني كنت أجادل وأدافع عن سؤالي لأنني كنت أريد أن أسمع جواباً يوافق شيطاني ونفسي بأن الله ظالم . ولكن ربي كان أرحم بي مني فسخر لي من يجيبني بعد أسابيع من الجدال . وكل ما أجابك به الزملاء هنا كاف وواف إن لم تغلق مدارك فهمك وتعصبت لرأيك .. وهذا هو (اتباع الهوى) .
الجواب هو : في يدك يا أخي .. إن كنت تبحث عما يريحك ويجعلك مطمئناً .. وأقسم لك أن ركعتين في جوف الليل لربك تبكي إليه وتشكوا إليه شكك وان تسأله راحة نفسك لهي أكبر جواب لسؤالك .... ممن تشك بعدله ......

ولك مني خالص الدعاء بأن يجعل الله لسؤالك جواب تقر به عينك وتطمئن به نفسك .

أخوك : أبو المثنى

:emrose: :emrose: :emrose: :emrose: :emrose: :emrose: :emrose:

مالك مناع
04-18-2005, 12:26 PM
أخي الحبيب .. أتماكا

أستميحك عذراً لانقطاعي (المؤقت) عن مواصلة الحوار الشيق معك .. لانشغالي ببعض الأمور الهامة ..

على كل حال .. أرى أخي الفاضل أننا ندور في حلقة مفرغة .. وذلك لأننا لم نتفق من البداية على مقدمات (تأصيلية) تقودنا إلى نتائج ملزمة لكلا الطرفين ..
فلا يخفى عليكم أخي الحبيب أهمية التأصيل العلمي والمنهجي في هذه المواضيع الحساسة،
ولعل الأخ الحبيب أبو مريم وبقية الأخوة يوافقونني الرأي ..

فإليك ستة أصول .. أرجو ان تجد عندك القبول ..

الأصل الأول: يقول الشيخ ابن عثيمين:
أسماء الله تعالى إن دلت على وصف متعد، تضمنت ثلاثة أمور:
أحدها: ثبوت ذلك الاسم لله عز وجل.
الثاني: ثبوت الصفة التي تضمنها لله عز وجل.
الثالث: (ثبوت حكمها ومقتضاها).

أما الصفات فتتضمن الثاني والثالث فقط.
(ولا يكون مؤمناً بها من لم يؤمن بحكم الصفة ومقتضاها).

مثال ذلك: "السميع" يتضمن إثبات السميع اسماً لله تعالى، وإثبات السمع صفة له وإثبات حكم ذلك ومقتضاه وهو أنه يسمع السر والنجوى كما قال تعالى: (وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ).

الأصل الثاني: يقول الشيخ ابن عثيمين:
دلالة أسماء الله تعالى على ذاته وصفاته تكون بالمطابقة وبالتضمن وبالالتزام.
مثال ذلك: "الخالق" يدل على ذات الله، وعلى صفة الخلق بالمطابقة، ويدل على الذات وحدها وعلى صفة الخلق وحدها بالتضمن، (ويدل على صفتي العلم والقدرة بالالتزام).
ولهذا لما ذكر الله خلق السموات والأرض قال: (لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاَطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً).
واعلم أن اللازم من قول الله تعالى، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا صح أن يكون لازماً فهو حق؛ وذلك لأن كلام الله ورسوله حق، ولازم الحق حق، ولأن الله تعالى عالم بما يكون لازماً من كلامه وكلام رسوله فيكون مراداً.
(ودلالة الالتزام مفيدة جداً لطالب العلم إذا تدبر المعنى ووفقه الله تعالى فهماً للتلازم، فإنه بذلك يحصل من الدليل الواحد على مسائل كثيرة).

الأصل الثالث : إن الأفعال التي يحدثها الله تعالى في الكون تنقسم إلى قسمين :
القسم الأول : ما يجريه الله ـ تبارك وتعالى من فعله في مخلوقاته فهذا لا اختيار لأحد فيه كإنزال المطر وانبات الزرع والإحياء والإماتة والمرض والصحة وغير ذلك من الأمور الكثيرة التي تشاهد في مخلوقات الله تعالى وهذه بلا شك ليس لأحد فيه اختيار وليس لأحد فيها مشيئة وإنما المشيئة فيها لله الواحد القهار .

القسم الثاني: ما تفعله الخلائق كلها من ذوات الإرادة فهذه الأفعال تكون باختيار فاعليها و أرادتهم لان الله تعالى جعل ذلك إليهم قال الله تعالى :(لمن شاء منكم أن يستقيم ) (التكوير :28) وقال تعالى(منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ) (آل عمران 152) وقال تعالى : ( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) ( الكهف : 29 ) والإنسان يعرف الفرق بين ما يقع منه باختياره وبين ما يقع منه باضطرار واجبار.


الأصل الرابع: ليس في الإسلام ما يحكم عليه العقل بالمحال. وقد يكون فيه ما يحير العقول، وهدا ينتج لقصور العقل عن إدراك المراد، وما يحير العقول لا ينهض لرد اليقين كالإيمان بصفة العدل (ومقتضاها ولازمها – الأصل الأول والثاني)، والواجب عند العقلاء عند تعذر التوفيق بينهما تقديم اليقين على الشك.

الأصل الخامس: يقول الإمام ابن القيم: " ومن علامات تعظيم الأمر والنهي: أن لا يحمل الأمر على علة تضعف الانقياد والتسليم لأمر الله عز وجل، بل يسلم لأمر الله تعالى وحكمه، ممتثلاً مما أمر به، سواء ظهرت له حكمة الشرع في أمره ونهيه، أم لم تظهر، فإن ظهرت له حكمة الشرع في أمره ونهيه، حمله ذلك على مزيد من الانقياد بالبدل والتسليم لأمر الله، ولا يحمله على الانسلاخ، منه وتركه جملة، كما حمل ذلك كثير من زنادقة الفقراء المنتسبين إلى التصوف".

الأصل السادس: يقول الإمام ابن القيم: " العقلاء جميعًا متفقون علي أن الفاعل إذا فعل أفعالًا ظهر فيها حكمته و وقعت علي أتم الوجوه و أوفقها للمصالح المقصودة بها ، ثم إذا رأوا أفعاله قد تكررت كذلك ، ثم جاءهم من أفعاله ما لا يعلمون وجه حكمته فيه لم يسعهم غير التسليم لما عرفوا من حكمته و استقر في عقولهم منها ، و ردوا منها ما جهلوه إلي محكم ما علموه ".

فهل أخي الحبيب متفق معي على هذه الأصول الستة ؟؟؟

ولعلك إذا أمعنت النظر .. وقرأت ما بين ثنايا السطور .. وأدركت لوازم قبول هذه الأصول ..

ومقتضى الإيمان بها ..

يحصل المأمول ..

بانتظار ردك أخي الحبيب ..

ابو مارية القرشي
04-18-2005, 04:17 PM
يعنى انا سوف اذهب اليك الان واقوم بحرقك بالنار . . واذا سألتنى عن سبب ذلك سأقول لك ( لاننى لم اظلمك )
هل ترى ان هذا سبب مقنع ؟؟

. .

عذرا يا اتماكا ز لكن كيف تقيس نفسك على الله عز وجل؟!
الله خلقني و رزقني و علمني واحبه و يحب هو عباده المؤمنين افلا اصدقه اذا اخبرني ؟
وبمن اثق اذا لم اثق برب العالمين؟
ااثق بنفسي و عقلي؟ و انا عالم بهذه النفس التي اوردتني المهالك؟
ام اثق بعقلي؟
ام اثق بالشيطان؟

وسؤال لم انت اسف على هؤلاء الناس الذين سيدخلو ن جهنم؟
الم يشركوا؟ الم يقجروا؟الم يجرموا؟
فليدخلوا جهنم و بئس المصير.

XhacK
04-18-2005, 05:54 PM
السلام على من اتبع الهدى
أخي العزيز

ارجع اخى الى الوراء قليلاً . . الله قبل ان يخلقك . . هل كان يعلم انك كافر وستدخل نار ابدية ام لا ؟؟

طبعا ستقول ( يعلم وهو بكل شىء عليم ومحيط ) . ويعلم ماكان وماسيكون .

كلام سليم...

اليس من الظلم اننى اعلم مصيرك وانك ستدخل النار ومع ذلك اوجدك ؟؟
أرأيت أخي هنا يكمن خطأك ...وهذا ما وضحته لك

فأنت تحكم أو (تستفسر) وتضع علم الله أمامك وكأن علم الله تحتك وأنت تحكم عليه أو أنك تحيط به
لقد أعتقدت أنك تضع علم الله أمامك ولكن المشكلة أنك وضعت نفسك مكان الله..!!!!!!!
الجـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــواب (وسأغير هذه المرة كلمة مخول)
أنك لست بموضع الـــه حتى تحكم على هذه الأمر .....أخي أنت تكابر على نفسك!!!!
بما أنك انسان فسؤالك يكون على حد مقدرتك ...وهذا ما قصدته من

فأقول اذا أنت لم تعلم لنفسك ماذا قدر الله لك مؤمنا أم كافرا فكيف تستفسر عن أمر لا تملكه (على الأقل) لنفسك؟؟؟؟؟
يعني يا أخي الكريم أنت تعترض على حكمة خلق الكافر وزجه بالنار (من وجهة نظر الــه) ......ولكن ما يتبادر للاذهان هو ..
ماذا خلقني الله مؤمن أم كافر؟؟؟....وكيف سأموت مؤمن أم كافر؟؟؟
وهنــــــــــــــــــــــا ومن وجهة نظر (الانسان) وليس (الالـــه) يأتي (الالـــه) ويقول (عز وجل)

{إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} (3) سورة الإنسان
فاللــــه (عز وجل) أعطــــاك هذا العقل و(ميزك) عن كثير من مخلوووقاته ووضع أمامك الطريق لماذا؟؟
ألكي يتسلى ..!!!!!! (معـــــــــــــــــــــــاذ الله)
{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ(16)لَوْ أَرَدْنَا أَن نَّتَّخِذَ لَهْوًا لَّاتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّا إِن كُنَّا فَاعِلِينَ(17)} سورة الأنبياء

ألكي أقول ان الله يعلم كيف خلقني وكيف سأموت ....اذا سوف ألحد وأشرب وأزني ....بما أن الله يعلم أني سأفعل ذلك وهو ظلمني وحدد لي من قبل وجودي وهذا الطريق لماذا اذا سيحاسبني!!!
ستقول كلا ....لماذا كلا!!! لأنه عندما أعطاني (العقل) -طبعا بدون ذكر باقي نعمه (عز وجل) علي- ...لانه عندما أعطاني العقل (خيرني) وأنا الذي اخترت وكما يقولون (بكامل قواي العقلية)
فكل ما فعلت كان بارادتي ...!!!!
اذََا ..اذا أدخلني الله الى النار فسيكون ذلك بسببي لأنني أنا فعلت ذلك بارادتي و (بكامل قواي العقلية)..وليس ظلما منه عز وجل

لذا ومن هذا المنطلق (المنطلق السليم) يا عزيزي ترى وتستنتج وبكل بساطة أن الله لم يظلمك ولكن أنت ظلمت نفسك وكابرت عليها وعصيت وفعلت كذا وكذا ....
{وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} (118) سورة النحل
لاحظ كلمة أنفسهم أخي الحبيب
اذا أنت من وجهة النظر(الانسانية) تأخذ المفهوم (مفهوم الكافر والمؤمن) بهذا الشكل أخي
وقبل أن أنهي كلامي هنالك أمر!!!!
لقد قلت أنت

عموما هذا اخر رد لى فى الموضوع . . لاننى اعرف ان الموضوع ليس لة اجابة . . ولكنها كانت مجرد محاولة يائسة .
فهل أفهم من هذا أنك أنكرت وجحدت صفت العدل لله ؟؟
جاوبني بصراحة
هذا والله أعلم ..والسلام عليكم

أميرة الجلباب
04-18-2005, 07:35 PM
السلام عليكم

الأخ الكريم أتماكا

لن أقول لك


-- لاتسأل
-- انت عقلك لن يحيط بذلك .
-- ليس من حقك ان تسأل .
-- امثلة ليست فى الصميم .

ولكن سأجيب على سؤالك مباشرةًُ




العـــــــــدل ....لا يعني ....المســــــــاواة


العدل: هو أن يوضع كل شيء في موضعه.

وأنت تظن أن العدل يعني المساواة

بينما المساواة تكون في الأمور المتماثلة

مثال توضيحي:
لو أن فلاحًا عنده قطعتين من الأرض، إحداهما بور فاسدة تفسد كل بذر طيب يوضع فيها والأخرى طيبة صالحة بحيث كل ما يُبذر فيها ينبت ويثمر..فلو أن أحدًا قال للفلاح: لماذا لا تضع البذر الطيب في الأرضيين، لأن هذا هو العدل؟!..وأنت بذلك تظلم الأرض الخبيثة..

فيكون هذا ســفه وجهل في حق الفلاح

فما بالك بالله عز وجل؟!الذي يضع كل شيء في موضعه؟

إذن خلق الله تعالى للكافر وهو يعلم مصيره لا يتعارض مع العـــدل أبدًا.

والإسلام أجاب على هذا السؤال

لأن من يطلب هذه المساواة هو كمن قال:

((لَن نُّؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللّهِ اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ))(124)الأنعام

والله تعالى تولى الرد قائلاً: ((اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ))

ATmaCA
04-19-2005, 04:51 AM
الاخوة الاحباء . .

ابومريم -- ابوالمثنى -- اميرة الجلباب -- xhack -- ابو مارية القرشي -- مالك مناع .

اشكركم بقلب صادق على ردودكم . .
مع انى لم اجد جواب يريح العقل . ( فى الثلاث ديانات )
والله المستعان .

أبو المثنى
04-19-2005, 09:48 AM
الاخوة الاحباء . .
ابومريم -- ابوالمثنى -- اميرة الجلباب -- xhack -- ابو مارية القرشي -- مالك مناع .
اشكركم بقلب صادق على ردودكم . .
مع انى لم اجد جواب يريح العقل . ( فى الثلاث ديانات )
والله المستعان .

أخي العزيز أتماكا ....
أنت مسلم ...
ولست ملحد ...
الجواب الذي تطلبه أنت كما تقول (يريح العقل) ...
العقل !!!!
هل تطلب جواب يريح عقلك انت فقط ؟
أم تطلب جواب يريح عقل الملحد ؟
أم تطلب جواب يريح عقول لا عد لها ولا حصر ؟

لاحظ من جميع المداخلات .... الزملاء مقتنعون بردهم على سؤالك ، ولكن انت غير مقتنع .
أنا كنت مقتنع زيك بأنه لا يوجد جواب ولكني بعد ذلك وجدت الجواب واقتنعت فيه ...

ما أريد أن أقوله : أن هناك (جواب ما) في عقلك أنت تريد (جواب خارجي) مطابق له ؟؟؟؟

أو أن هناك (مواصفات) خاصة بعقلك ، للجواب الذي تريده لكي (يريح عقلك) ....
ولذلك أستميحك العذر بأن تقول لي ما هي مواصفات الجواب الذي (سيريح عقلك) ؟؟؟

لو كان المسلم يؤمن بصفات الله والغيب من خلال عقله فقط ، لكنا اليوم ملحدين ؟؟
لماذا ؟
لأنني كمسلم (أؤمن) بما قاله الله في كتابه أو على لسان نبيه ،
وما دام الله بيقول لي أنه كامل الصفات ، ويقول لي (وما ربك بظلام للعبيد) ، فإما أن أكون مسلم وأصدق به يقيناً لا يشوبه شك ، وإلا أكون مكذب بما يقوله لي ... ولا يوجد حل وسط

الشك هو شبهة وظن ، (الظن لا يغني من الحق شيئاً)

أما موضوع عقلنة الأجوبة فقط وبخاصة تلك التي في الأحكام والمعتقد ، فسأضرب لك حديث يعرفه الجميع وأنت : المسح على الخفين .. لماذا كان من ظاهره وليس من أسفله ، برغم أنك تمشي على أسفله وهو المعرض للقذارة أكثر ؟
لأن الله شرع لنا هذا ، ونحن نصدق به 100% .. ولا نجادل أو نتفلسف .

أخي الفاضل ....
موسى عليه السلام من أعظم الرسل ، عقله كان يفوق عقولنا كلنا حكمة وتفكيراً واستنتاجاً .. في قصته مع العبد الصالح المذكورة في سورة الكهف : العبد الصالح يخرق سفينة المساكين ؟ موسى عليه السلام برغم علمه العظيم استغرب (ومعه كل الحق) من هذا العمل ؟ هذا العبد الصالح الذي (يفترض أن يكون رحيماً وعادلاً) يقوم بخرق سفينة مساكين (لتغرق أههلها) ؟
برغم علم موسى العظيم لم يستطع ان يدرك (رحمة الله) في هؤلاء المساكين ، لأن (ظاهر) العمل كان سيئاً !!
أنت لو كنت هناك هل كنت سترى الأمر بصورة مختلفة عما رآه واستغربه كليم الله موسى عليه السلام ؟
كيف غاب عن موسى العالم الذي يأتيه الوحي بدون وسيط ويكلمه الله دون وسيط الذي أحرج فرعون وهامان والسحرة ، كيف يغيب عنه أن (الله يريد) بهؤلاء المساكين خيراً من خرق سفينتهم ؟
درس عظيم لنا من الله .... (ولا يحيطون بعلمه) ولا برحمته ولا بعدله ولا بخلقه ...... كل البشر

ولو لم يخبرنا الله لاحقاً في السورة عن (سبب الخرق) لم نكن لنعلم الحكمة والرحمة بل وعدل الله الذي صرف عن هؤلاء المساكين ظلم الملك الذي (يأخذ كل سفينة غصباً) ...
المقصود ... أن الله يظهر لنا من حكمته ما يكفي لنوقن بعلمه وعدله ورحمته ، لكن ليس المطلوب أن يبرر الله لنا كل أعماله لأننا (لا نستطيع) الإحاطة بكل علمه وقدرته ورحمته وعدله .......

ولذلك دعني أروي لك ما يلي :
الحجاج ومنذ القدم ينهكون في السفر ومن محل الإحرام ، فهم في سفر وإنهاك وتعب .
الأمر الظاهر لنا أن صيدهم للأنعام لأكلها هو أمر (صالح وجيد) ... بالعقل كدة ...
أنظر ماذا يقول الله في سورة المائدة :
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللّهُ بِشَيْءٍ مِّنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللّهُ مَن يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (94) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَو عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللّهُ عَمَّا سَلَف وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللّهُ مِنْهُ وَاللّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (95) أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِيَ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (96)

لو أخذنا الأمر (بالعقل) و (المحسوس) و (اللا إيمان) فما الذي يحدث ؟ سنكفر ...
لكن (العقل) المرتبط (بالإيمان) واضح في قوله تعالى (ليعلم الله من يخافه بالغيب)
أنت مسلم .. نعم
تؤمن بالله .. نعم
تصدق بكلماته ... نعم
إن أخبرك أن الحكمة من وراء الابتلاء والتحريم هو (الخوف من الله بالغيب) هل تستجيب .. نعم
فأين العقل إذن ؟ في الإيمان بالغيب ... لأنك مسلم
هل وضح لنا الله (الحكمة المحسوسة) والتي يفهمها العقل فقط ؟
لأ ... حسب مداركنا العقلية المحدودة .
لماذا ؟ لأن الإيمان بالغيب وبصفة الله (العلم) و(الإحاطة) بما نعمل بالغيب تمنعنا عن (معصية) الله بالغيب . أي أن عقولنا هنا ستحكم على أفعالنا (من خلال الإيمان بالغيب) ، وليس من (العقل فقط) .

أخي الفاضل أتماكا : لكي تقتنع (وأنت مسلم) بجواب سؤالك يجب أن ترى الجواب من منظور (المسلم) وليس (الملحد) .
بمعنى آخر (العقل المرتبط بالإيمان) .. وليس العقل فقط

أنظر إلى الملاحدة وأنت تعرفهم كما نعرفهم ... يحتجون (بالعقل) في إنكار وجود الله ، وأغلقوا مداركهم كلها عن إثبات وجود الله بل وحتى العقلية منها ، لماذا ؟
لأنهم يتبعون أهوائهم فلا يؤمنون إلا (بالمحسوس) وما تراه عقولهم فقط من جانب المحسوس .

أرجوا أن تقدر هذا الأمر أخي أتماكا ... أنت لست ملحد ، أنت مسلم .... يجب أن ترى أجابة سؤالك من هذا الجانب ، أن تفتح مدارك الإيمان لديك كما تفتح مدارك المفهوم العقلي ... وإلا فكيف نؤمن 100% بوجود الجن ؟ أليس من إخباره تعالى لنا ... ، وكيف نؤمن بجنة ونار ، أليس من إخبار الله تعالى لنا ثم من تقدير العقل لمبدأ الجزاء والحساب (والعدل) .

أعتذر عن إطالتي في أجوبتي ، لكن أنا أدرك أن هناك منافذ مغلقة لديك في تدبر الأجوبة المقدمة إليك ، وهي الإيمانيات . ومما يجعلني متأكد من ذلك أنك (تثبت) علم الله الكامل ورحمته الكاملة من القرآن والسنة ، ثم تشك في (عدل الله) ولا ترجع في إثبات كمال عدله للكتاب والسنة !!!!! ( ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ) ( تِلْكَ آيَاتُ اللّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعَالَمِينَ ) ( إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ) ( إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) ( وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ )

فلماذا أخي تصدق بعلم الله الكامل وتستدل بذلك من قرآنه ، ولا تصدق بعدله الكامل وعدم ظلمه وهو مذكور في القرآن ؟

رحمك الله ورحمنا .....

مع تحياتي ...................

:emrose: :emrose: :emrose: :emrose: :emrose:

أبو مريم
04-20-2005, 12:39 AM
الاخوة الاحباء . .

ابومريم -- ابوالمثنى -- اميرة الجلباب -- xhack -- ابو مارية القرشي -- مالك مناع .

اشكركم بقلب صادق على ردودكم . .
مع انى لم اجد جواب يريح العقل . ( فى الثلاث ديانات )
والله المستعان .

الأخ العزيز أتماكا حقيقة أحزننى جوابك هذا ولا أدرى ما الذى تقصده على وجه التحديد بكلمة يريح العقل أى عقل يا أخى الكريم تقصد على وجه التحديد هل تقصد العقل بالمعنى العام بمعنى أن كل من لم ينشغل بهذا السؤال الذى عرضته أنت ويرضى عن يقين بأن الله تعالى عادل ولا يظلم مثقال ذرة هم جميع أغبياء وحمقى ومقلدون !!
أم أنك تقصد عقلا آخر ربما خاص ببعض الناس .

كل ما فعلته أخى الكريم أنك قطعت الحوار مرة واحدة وحكمت علينا بهذا الحكم القاسى وأننا لا نملك دليلا يرضى العقل فهل هذا عدل إذا كنت تبحث عن العدل .
على العموم أنا يا أخى الكريم مستعد لمناقشتك حول تلك المسألة سواء هنا أو على الخاص أو الماسينجر أو بأى وسيلة اتصال تختارها . :emrose:

ATmaCA
04-20-2005, 04:58 AM
اخى الغالى أبو المثنى . .


لاحظ من جميع المداخلات .... الزملاء مقتنعون بردهم على سؤالك ، ولكن انت غير مقتنع .
الاخوة مقتنعون !! :D::
يااخى انا اظن ان الاخوة غير مقتنعين بماكتبوة . . وآسف على التعبير . . ولكن ردود الاخوة تدل على انهم يحاولون الرد على كلامى بطريقة او بأخرى . .
ولكن ردودهم تدل على انهم مش فاهمين السؤال !! . .

أنا كنت مقتنع زيك بأنه لا يوجد جواب ولكني بعد ذلك وجدت الجواب واقتنعت فيه ...
ماهو الجواب ؟؟

اخى الحبيب . .

انا لااحب ان اضحك على نفسى . . انا احب 1+1=2 . . مهما كانت العواقب . . ومهما كان الألم . . فانى احب الحقيقة ولااحب اغلاق العقل وعدم التفكر . . . والسؤال الذى اطرحة سؤال منطقى بشكل كبير . . واذا كانت هناك اجابة لهذا السؤال -- فلماذا لم يذكرها الله فى القرآن او الاحاديث . .
واليك هذة الرواية . . التى اثارت شكوكى . .
ابليس يقول :

إنى سلمت أن البارى تعالى إلهى وإله الخلق , عالم قادر , ولا يسأل عن قدرته ومشيئته.
وأنه مهما أراد شيئا قال له كن فيكون , وهو حكيم إلا أنه يتوجه على مساق حكمته أسئلة.
قالت الملائكة :
ما هي ؟ وكم هى ؟
قال لعنه الله : سبع
الأول منها :
أنه قد علم قبل خلقى أى شيء يصدر عنى ويحصل منى فَلِمَ خلقني أولا ؟
وما الحكمة في خلقه إياى ؟
والثاني :
إذ خلقنى على مقتضى إرادته ومشيئته فَلِمَ كلفنى بمعرفته وطاعته؟
وما الحكمة فى هذا التكليف بعد أن لا ينتفع بطاعة و لا يتضرر بمعصية؟
والثالث:
إذ خلقنى وكلفنى فالتزمت تكليفه بالمعرفة والطاعة فعرفت وأطعت , فَلِمَ كلفنى بطاعة آدم والسجود له؟
وما الحكمة في هذا التكليف على الخصوص بعد أن لا يزيد ذلك فى معرفتى وطاعتى إياه ؟
والرابع :
إذ خلقنى وكلفنى على الإطلاق , وكلفنى بهذا التكليف على الخصوص , فإذا لم أسجد لآدم , فَلِمَ لعننى وأخرجنى من الجنة ؟
وما الحكمة فى ذلك بعد أن لم أرتكب قبيحا إلا قولى لا أسجد إلا لك ؟
والخامس :
إذ خلقنى وكلفنى مطلقا وخصوصا , فلم أطع فلعننى وطردنى , فَلِمَ طرقنى ( اى جعل لى طريقا الى فتنته ) إلى آدم حتى دخلت الجنة ثانيا وغررته بوسوستى , فأكل من الشجرة المنهى عنها , وأخرجه من الجنة معى ؟
وما الحكمة فى ذلك بعد أن لو منعنى من دخول الجنة لاستراح منى آدم , وبقى خالدا فيها؟
والسادس :
إذ خلقنى وكلفنى عموما , وخصوصا , ولعننى , ثم طرقنى إلى الجنة , وكانت الخصومة بينى وبين آدم , فَلِمَ سلطنى على أولاده حتى أراهم من حيث لا يروننى , وتؤثر فيهم وسوستى ولا يؤثر فىَّ حولهم وقوتهم وقدرتهم واستطاعتهم ؟
وما الحكمة فى ذلك بعد أن لو خلقهم على الفطرة دون من يحتالهم عنها , فيعيشوا طاهرين سامعين مطيعين ,كان أحرى بهم , وأليق بالحكمة ؟
والسابع :
سلمت هذا كله , خلقنى وكلفنى مطلقا ومقيدا , وإذا لم أطع لعننى وطردنى , وإذا أردت دخول الجنة مكننى وطرقنى , وإذا عملت عملى إخرجنى ثم سلطنى على بنى آدم , فَلِمَ إذا استمهلته أمهلنى ؟
فقلت : أنظرني إلى يوم يبعثون ( الاعراف 14 ) قال فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم ( الحجر 37 – 38 ) ؟
وما الحكمة في ذلك بعد أن لو أهلكنى فى الحال استراح آدم والخلق منى وما بقى شر ما فى العالم؟
أليس بقاء العالم على نظام الخير خيرا من امتزاجه بالشر؟
قال: فهذه حجتى على ما ادعيته في كل مسألة
قال شارح الإنجيل : فأوحى الله تعالى إلى الملائكة عليهم السلام , قولوا له:
إنك فى تسليمك الأول أنى إلهك وإله الخلق غير صادق و لا مخلص , إذ لو صدقت أنى إله العالمين ما احتكمت على بِلِمَ , فأنا الله الذى لا اله إلا أنا , لا أسأل عما أفعل , والخلق مسئولون .

وهذا الذى ذكرته مذكور فى التوراة , ومسطور فى الإنجيل على الوجه الذى ذكرته ولااعرف هل ذكر فى الاحاديث النبوية ام لا .

ولــك تحياتى . . :emrose: :emrose:

أبو مريم
04-20-2005, 05:05 AM
الاخوة مقتنعون !! :d::
يااخى انا اظن ان الاخوة غير مقتنعين بماكتبوة . . وآسف على التعبير . . ولكن ردود الاخوة تدل على انهم يحاولون الرد على كلامى بطريقة او بأخرى . .
ولكن ردودهم تدل على انهم مش فاهمين السؤال !! . .

!!!!
على فكرة أنا أقسم لك بالله العظيم الذى لا إله غيره بأننى مقتنع 100% بالدليل العقلى والشرعى أن الله لا يظلم مثقال ذرة فكيف تتهمنى بأننى غير مقتنع :7:

ATmaCA
04-20-2005, 05:14 AM
الاخ الحبيب ابو مريم

اقصد اجابة وافية . .

كل ما فعلته أخى الكريم أنك قطعت الحوار مرة واحدة وحكمت علينا بهذا الحكم القاسى وأننا لا نملك دليلا يرضى العقل فهل هذا عدل إذا كنت تبحث عن العدل .
نحن فى الصفحة الثالثة يااخى . . ولم اجد جواب وافى مفحم .
قدمت السؤال الى موقع الازهر ولم يرد الى الان . . ( مع العلم اننى سألتهم اسئلة كثيرة وكان دائما يردو عليها ) ولكن هذا السؤال خاصةً لم يردوا علية الى الان . . واعتقد انهم حذفوة delete . .
مثل ماذكرت لك ايضا اننى سألت شيخ . . وحدث خلاف بينى وبينة .
سألت السؤال فى 5 منتديات اسلامية . . وقاموا بحذفة .

ويشرفنى لقائك على الماسينجر . .

والسلام عليكم . . :emrose: :emrose:

ATmaCA
04-20-2005, 05:23 AM
!!!!
على فكرة أنا أقسم لك بالله العظيم الذى لا إله غيره بأننى مقتنع 100% بالدليل العقلى والشرعى أن الله لا يظلم مثقال ذرة فكيف تتهمنى بأننى غير مقتنع :7:
مقتنع ولكنك لم تثبت ذلك . .
على فكرة انا مقتنع انة يوجد فى كوكب الزهرة كائنات فضائية
ولكن الاثبات هو المشكلة

:emrose: :emrose:

أبو مريم
04-20-2005, 05:54 AM
مقتنع ولكنك لم تثبت ذلك . .
على فكرة انا مقتنع انة يوجد فى كوكب الزهرة كائنات فضائية
ولكن الاثبات هو المشكلة

:emrose: :emrose:
أخى العزيز أتماكا ربما كان حرص الإخوة عليك هو السبب وراء كثرة المشاركات والتى يغلب عليها الجانب الإيمانى والجانب العاطفى ولكنك يا أخى الكريم لو تعمقت فى كل تلك الأجوبة لوجدت أنها تجتمع على رأى واحد وهو أن السؤال نفسه غير صحيح أو كما نسميه فى علم المنطق بالسؤال الفاسد تماما كالأسئلة التى ذكرتها لك لا تستطيع أن تجيب عنها بأية إجابة لا بنعم ولا بلا لا لعجزك بل لكونها ليست أسئلة صحيحة بالمعنى المنطقى وقد كنت أود أن يدور الحوار بطريقة علمية حتى أستطيع أن أوضح ما هو مكمن الفساد فى السؤال وصدقنى لو صبرت قليلا لأدركت الحقيقة وإن كنت أظن أخى الكريم أن الأمر ليس مجرد سؤال أو قضية فكرية بل يتعدى ذلك ولكننا لا نملك إلا تناول الجانب العقلى على العموم حاول أن تركز فيما قلته لك وسوف ألخصه لك مرة أخرى .
القضية إنما يعلم كذبها إما بتناقضها مع ذاتها أو مع قضية أخرى ثبت صدقها .
وقد ثبت لنا بالدليل العقلى والشرعى أن الله تعالى عادل .
فتبطل القضية المقابلة وهى أن الله تعالى ليس بعادل .
ويصبح طلب الدليل على بطلانها وكذبها تحصيل لحاصل ..
أما المشكلة التى لديك فهى فقط حول كيف نجيب على هذا السؤال ؟ هذه فقط المشكلة التى لديك أليس كذلك يا أخى الكريم ؟
وردى على ذلك بسيط جدا وهو أن السؤال فاسد تماما كالأسئلة التى ذكرتها لك وقد دار حوار بينى وبين عدد من الملاحدة حول تلك الفكرة مدعمة بالأدلة والمصادر من كتب المنطق وقد أخرسهم الله تعالى والحمد لله ويمكن أن أرسل لك الرابط .

د. محمود عبد الرازق الرضواني
04-20-2005, 07:46 AM
أنواع التدبير
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ...
الأخوة رواد المنتدى والباحثون عن عدل الله وحكمته وتوافقها مع قضائه وقدره ومشيئته ، من يرغب منكم بصدق في أن يتعلم ويصل إلى الحقيقة فليتابعنا في الموضوعات المتعلقة بالقضاء والقدر ، لأن أغلب التعليقات التي قرأتها تدل على أن أصحابها ينقصهم قضية أساسية في فهم تدبير الله لخلقه وقد عرضناها في موضوع القضاء والقدر لكن سأنقلها لكم هنا ....

إن العبد لا يصل إلى مرضاة الله حتى يسلم له بنوعين من التدبير في ملكه:
تدبير كوني وتدبير شرعي
هذان التدبيران هما أساس الفهم السلفي لموضوع القضاء والقدر وعلاقته بأفعال العباد وحريتهم ، واستطاعتهم ومسئوليتهم ، فمن اهتدى إلى الفرق بين النوعين نجاه الله من ضلالات الجبرية والقدرية ، فالجبرية اعتمدوا التدبير الكوني وتجاهلوا التدبير الشرعي ، والقدرية المعتزلة اعتمدوا التدبير الشرعي وتجاهلوا التدبير الكوني ، أما المنهج السلفي فقد سلم لله بالنوعين وآمن بالتدبير الكوني والتدبير الشرعي .
فالتدبير الكوني هو قضاء الله وقدره ، وفعله في خلقه ، تدبير قدري حتمي الوقوع ، جبري واقع على كل مصنوع ، لا يمكن لأحد في العالم رده ، ولا يمكن للإنسان صده ، ما شاء الله فيه كان ، وما لم يشأ لم يكن ، تدبير متعلق بربوبية الله لخلقه ، وهو كما أخبر سبحانه وتعالى عن نفسه له الخلق والأمر ، فالخلق قضاؤه وقدره ، وفعله وأمر ، وحكمه الجاري في ملكه ، لا خروج لأحد عن تدبيره الكوني ، ولا غالب لأمره القدري ، من الذي يقوي أن ينازع الله في مشيئته ، مهما بلغ في قوته وقدرته ، قال تعالى : (لقَدْ كَفَرَ الذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُل فَمَنْ يَمْلكُ مِنَ اللهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلكَ المَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَللهِ مُلكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللهُ عَلى كُل شَيْءٍ قَدِيرٌ) (المائدة:17) وبرأ الله المسيح من زعم النصارى في إلوهيته ، وأنه كان نبيا رسولا لهم ، وأن الله له مطلق المشيئة والتقدير ، وله كمال القدرة والتدبير ، إن شاء أن أهلك المسيح وأمه ومن في الأرض جميعا ، وإن شاء عذب أتباعه وقومه والمشركين بالله جميعا (وَإِذْ قَال اللهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلتَ للنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ قَال سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لي أَنْ أَقُول مَا ليْسَ لي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلتُهُ فَقَدْ عَلمْتَهُ تَعْلمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلامُ الغُيُوبِ مَا قُلتُ لهُمْ إِلا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَليْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَليْهِمْ وَأَنْتَ عَلى كُل شَيْءٍ شَهِيدٌ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ) (المائدة:118) .
فالتدبير الكوني واقع حتمي لا يمكننا صده ، ولا نستطيع رده : (قُل مَنْ ذَا الذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلا يَجِدُونَ لهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ وَليّاً وَلا نَصِيراً) (الأحزاب:17) (قُل فَمَنْ يَمْلكُ لكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرّاً أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعاً بَل كَانَ اللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً) (الفتح:11) (إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللهُ عَلى ذَلكَ قَدِيراً) (النساء:133) فهو الملك القهار ، القوي الجبار ، القابض على نواصي الخلق ، المتولي تدبير الملك: (لهُ مَقَاليدُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُل شَيْءٍ عَليمٌ) (الشورى:12) من الذي يمنع الرزق عن أحد لو أراد الله أن يرزقه بغير حساب ، ومن الذي يضمن الرزق حتى لو أخذ بالأسباب: (قُل مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ وَيُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللهُ فَقُل أَفَلا تَتَّقُونَ) (يونس:31) (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَليْكُمْ هَل مِنْ خَالقٍ غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لا إِلهَ إِلا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) (فاطر:3) العبد يخاف أن تنفد أرزاقه والرزق عند الله لا ينفد ، الرزق مقسوم على من ترى يناله الأبيض والأسود ، كل يوفي رزقه كاملا من كف عن جهد ومن يجهد ، (أَمَّنْ هَذَا الذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَل لجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ) (الملك:21) سبحانك أنت الملك الجليل ، المنفرد بالخلق والتدبير ، والمنفرد بالقدرة والتقدير ، فيا صاحب العقل الكبير ، لا تجزع إذا أعسرت يوما فقد أيسرت في الزمن الطويل ، ولا تظنن بربك ظن سوء فإن الله أولى بالجميل ، وإن العسر يتبعه يسار وقول الله أصدق كل قيل ، فلو أن العقول تسوق رزقا لكان المال عند ذوي العقول ، (للهِ مُلكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لمَنْ يَشَاءُ الذُّكُور َ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَليمٌ قَدِيرٌ) (الشورى:50) (قُل اللهُمَّ مَالكَ المُلكِ تُؤْتِي المُلكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ المُلكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُل شَيْءٍ قَدِيرٌ) (آل عمران:26) . يذكر ابن القيم في فوائده أن من تأمل خطاب القرآن يجد ملكا له الملك كله ، وله الحمد كله ، أزمة الأمور كلها بيديه ، ومصدرها منه ومرادها إليه ، مستويا على سرير الملك وأمور الخلق لا تخفي عليه ، لا تخفي عليه خافية في أقطار مملكته ، عالما بما في نفوس عبيده مطلعا علي أسرارهم ، منفردا بتدبير المملكة ، يسمع ويرى ويخلق ويرزق ويثيب ويعاقب ، ويعطي ويمنع ، ويميت ويحيي ، ويقدر ويقضي ، ويدبر الأمور دقيقها وجليلها ، نازلة من عنده وصاعدة إليه ، لا تتحرك ذرة إلا بإذنه ، ولا تسقط ورقة إلا بعلمه .
وأنه الغنى عن كل ما سواه بنفسه ، وكل ما سواه فقير إليه بنفسه ، وأنه لا ينال أحد ذرة من الخير إلا بفضله ولا ذرة من الشر فما فوقها إلا بعدله ، كل ذلك تدبيره في خلقه برحمته وحكمته .
فالسلف الصالح أثبتوا لله تدبيرا كونيا شاملا للكون بما فيه ، وأثبتوا قدرة الله على جميع المخلوقات ، ومشيئته العامة في جميع الموجودات ، ونزهوا الله عن أن يكون في ملكه ما لا يقدر عليه ، ولا تقع مشيئته عليه ، وأن العباد يعملون على ما قدره الله وقضاه ، وفرغ منه قبل وجود الحياة ، وأنهم لا يشاءون إلا أن يشاء الله ، ولا يفعلون إلا من بعد مشيئته ، وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ، والقدر عندهم قدرة الله تعالى وعلمه ، ومشيئته وخلقه ، فلا يتحرك ذرة فما فوقها ، إلا بمشيئته وعلمه وقدرته ، فهم المؤمنون بلا حول ولا قوة إلا بالله على الحقيقة .
فالتدبير الكوني هو قضاء الله وقدره ، وفعله في خلقه ، لا يمكن لأحد في العالم رده ، ولا يمكن للإنسان صده ، تدبير حتمي الوقوع ، واقع على كل مصنوع .
أما التدبير الشرعي الديني ، فهو تدبير تكليفي اختياري ، تدبير خاص بشريعة وهداية وبيان ، تدبير من الله لصالح الجن والإنسان ، تدبير يظهر من خلاله معاني الكفر والإيمان ، ويتميز من خلاله أهل العصيان وأهل الإيمان ، ويترتب عليه الثواب والعقاب ، والعرض والحساب ، والنعيم والعذاب .
هذا التدبير الإنسان مخير فيه ، يمكن أن يطيع الله فيه أو يعصيه ، ومخالفته لله فيه ، لا يعني أن العبد يخرج عن التدبير الكوني أو أن مشيئة العبد غلبت مشيئة الرب ، سبحانه لا يفني ولا يبيد ولا يكون في ملكه لا ما يريد ، (وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللهُ إِنَّ اللهَ كَانَ عَليماً حَكِيماً) (الإنسان:30) (وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللهُ رَبُّ العَالمِينَ) (التكوير:29) (وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَال أَتُحَاجُّونِّي فِي اللهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُل شَيْءٍ عِلماً أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ) (الأنعام:80) شاء بحكمته أن يخلق الناس لعبادته ، وأن يكونوا بين طريقين مخيرين بين نجدين ، وأن يصيروا في الآخرة فريقين ، فريق في الجنة وفريق في السعير ، وهذا مقتضي التدبير ، ومنتهى الكمال في التقدير ، تدبير كوني وتدبير شرعي .
(وَلوْ شَاءَ رَبُّكَ لجَعَل النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلفِينَ) (هود:118) التدبير الشرعي هو الذي ورد ذكره في الحديث القدسي عن البخاري من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن اللهَ قال: من عادَى لي وَليّاً فقد آذَنْته بالحرب ، وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيءٍ أحب إلي مما افتَرَضْته عليه . وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أُحبه) ، فالتدبير الشرعي متعلق بالألوهية وتوحيد العبودية ، والعبد مطالب فيه بإتباع الشريعة ، وهذا التدبير قد يخالفه الفجار ، ويعصيه الفساق والكفار .
ونحن إذا طالعنا القرآن والسنة وجدنا الأدلة علي نوعي التدبير بمنتهى البيان والتفصيل ، فالتدبير الذي قضاه الله وحكم به وأراده وكتبه وأمر به ، وكذلك الإذن والجعل والكلمات والبعث والإرسال والتحريم والهدية ينقسم إلى تدبير كوني متعلق بخلقه ، وإلى تدبير ديني متعلق بشرعه .
فالقضاء في كتاب الله نوعان :
نوع يتعلق بالتدبير الكوني وآخر يتعلق بالتدبير الشرعي ، فمن الكوني القدري قوله تعالى: (فَلمَّا قَضَيْنَا عَليْهِ المَوْتَ مَا دَلهُمْ عَلى مَوْتِهِ إِلا دَابَّةُ الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الجِنُّ أَنْ لوْ كَانُوا يَعْلمُونَ الغَيْبَ مَا لبِثُوا فِي العَذَابِ المُهِينِ) (سبأ:14) ومن التدبير الشرعي الديني: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالوَالدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُل لهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لهُمَا قَوْلاً كَرِيماً) (الاسراء:23) وقضي ربك ألا تعبدوا إلا إياه أي أمر وشرع ولو كان قضاء كونيا لما عبد غير الله ، وقوله في القضاء الكوني: (بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لهُ كُنْ فَيَكُونُ) (البقرة:117) ومن القضاء المتعلق بالتدبير الشرعي الديني: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلمُوا تَسْليماً) (النساء:65) .
ومن القضاء الكوني القدري المتعلق بالتدبير الكوني قوله تعالى (هُوَ الذِي خَلقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمّىً عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ) (الأنعام:2): (وَهُوَ الذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِالليْل وَيَعْلمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ ليُقْضَى أَجَلٌ مُسَمّىً ثُمَّ إِليْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (الأنعام:60) (إِذْ أَنْتُمْ بِالعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالعُدْوَةِ القُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَل مِنْكُمْ وَلوْ تَوَاعَدْتُمْ لاخْتَلفْتُمْ فِي المِيعَادِ وَلكِنْ ليَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً ليَهْلكَ مَنْ هَلكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللهَ لسَمِيعٌ عَليمٌ) (لأنفال:42) .
ومن القضاء المتعلق بالتدبير الشرعي الديني: (وَمَا كَانَ لمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لهُمُ الخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولهُ فَقَدْ ضَل ضَلالاً مُبِيناً) (الأحزاب:36) ومن القضاء الكوني: (وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ التَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَليلاً وَيُقَللُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ ليَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً وَإِلى اللهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ) (لأنفال:44) (وَلوْ يُعَجِّلُ اللهُ للنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالهُمْ بِالخَيْرِ لقُضِيَ إِليْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الذِينَ لا يَرْجُونَ لقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ) (يونس:11) ، (قَال كَذَلكِ قَال رَبُّكِ هُوَ عَليَّ هَيِّنٌ وَلنَجْعَلهُ آيَةً للنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْراً مَقْضِيّاً) (مريم:21) (مَا كَانَ للهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لهُ كُنْ فَيَكُونُ) (مريم:35) (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا كَانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً) (مريم:71) .
ومن القضاء لا يندرج تحت الكوني أو الشرعي: (قَالُوا لنْ نُؤْثِرَكَ عَلى مَا جَاءَنَا مِنَ البَيِّنَاتِ وَالذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الحَيَاةَ الدُّنْيَا) (طه:72) (وَإِذْ تَقُولُ للذِي أَنْعَمَ اللهُ عَليْهِ وَأَنْعَمْتَ عَليْهِ أَمْسِكْ عَليْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لكَيْ لا يَكُونَ عَلى المُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً) (الأحزاب:37) ، (قَال ذَلكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الأَجَليْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوَانَ عَليَّ وَاللهُ عَلى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ) (القصص:28) .
ومن القضاء الكوني القدري قوله تعالى: (اللهُ يتوفى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالتِي لمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ التِي قَضَى عَليْهَا المَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلى أَجَلٍ مُسَمّىً إِنَّ فِي ذَلكَ لآياتٍ لقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الزمر:42) (هُوَ الذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لهُ كُنْ فَيَكُونُ) (غافر:68) (فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُل سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ذَلكَ تَقْدِيرُ العَزِيزِ العَليمِ) (فصلت:12) .
والحكم أيضا في كتاب الله نوعان :
حكم يتعلق بالتدبير الكوني وآخر يتعلق بالتدبير الشرعي ، فالكوني كقوله: (قَال رَبِّ احْكُمْ بِالحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ المُسْتَعَانُ عَلى مَا تَصِفُونَ) (الأنبياء:112) أي افعل ما تنصر به عبادك وتخذل به أعداءك (وَمَا أَرْسَلنَاكَ إِلا رَحْمَةً للعَالمِينَ قُل إِنَّمَا يُوحَى إِليَّ أَنَّمَا إِلهُكُمْ إِلهٌ وَاحِدٌ فَهَل أَنْتُمْ مُسْلمُونَ فَإِنْ تَوَلوْا فَقُل آذَنْتُكُمْ عَلى سَوَاءٍ وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ إِنَّهُ يَعْلمُ الجَهْرَ مِنْ القَوْل وَيَعْلمُ مَا تَكْتُمُونَ وَإِنْ أَدْرِي لعَلهُ فِتْنَةٌ لكُمْ وَمَتَاعٌ إِلى حِينٍ قَال رَبِّ احْكُمْ ‎بِالحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمَانُ المُسْتَعَانُ عَلى مَا تَصِفُونَ تولوا والحكم الديني المتعلق بالتدبير الشرعي كقوله: (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَل مَعَهُمُ الكِتَابَ بِالحَقِّ ليَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلفَ فِيهِ إِلا الذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ البَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللهُ الذِينَ آمَنُوا لمَا اخْتَلفُوا فِيهِ مِنَ الحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (البقرة:213) .
ومثال الحكم الكوني أيضا: (فَلمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلصُوا نَجِيّاً قَال كَبِيرُهُمْ أَلمْ تَعْلمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَليْكُمْ مَوْثِقاً مِنَ اللهِ وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ فَلنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللهُ لي وَهُوَ خَيْرُ الحَاكِمِينَ) (يوسف:80) .
ومثال الحكم الشرعي: (أَلمْ تَرَ إِلى الذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلى كِتَابِ اللهِ ليَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ) (آل عمران:23) (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلى أَهْلهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالعَدْل إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً) (النساء:58)
ومثال الحكم الكوني أيضا: (قُل إِنِّي عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الحُكْمُ إِلا للهِ يَقُصُّ الحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الفَاصِلينَ) (الأنعام:57) .
ومثال الحكم الشرعي: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلمُوا تَسْليماً) (النساء:65) (إِنَّا أَنْزَلنَا إِليْكَ الكِتَابَ بِالحَقِّ لتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللهُ وَلا تَكُنْ للخَائِنِينَ خَصِيماً) (النساء:105) (يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالعُقُودِ أُحِلتْ لكُمْ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلا مَا يُتْلى عَليْكُمْ غَيْرَ مُحِلي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ) (المائدة:1) ومثال الحكم الكوني أيضا: (وَإِنْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالذِي أُرْسِلتُ بِهِ وَطَائِفَةٌ لمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الحَاكِمِينَ) (لأعراف:87) كوني لأن الله قال قبلها: ( وَإِلى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَال يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الكَيْل وَالمِيزَانَ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا ذَلكُمْ خَيْرٌ لكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ وَلا تَقْعُدُوا بِكُل صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيل اللهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا وَاذْكُرُوا إِذْ كُنتُمْ قَليلا فَكَثَّرَكُمْ وَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المُفْسِدِينَ وَإِنْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالذِي أُرْسِلتُ بِهِ وَطَائِفَةٌ لمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الحَاكِمِينَ ) .
ومثال الحكم الشرعي: (سَمَّاعُونَ للكَذِبِ أَكَّالُونَ للسُّحْتِ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالقِسْطِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ) (المائدة:42) (وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللهِ ثُمَّ يَتَوَلوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلكَ وَمَا أُولئِكَ بِالمُؤْمِنِينَ) (المائدة:43) (وَكَتَبْنَا عَليْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالعَيْنَ بِالعَيْنِ وَالأَنْفَ بِالأَنْفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لهُ وَمَنْ لمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَل اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالمُونَ) (المائدة:45) (وَليَحْكُمْ أَهْلُ الإنجيل بِمَا أَنْزَل اللهُ فِيهِ وَمَنْ لمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَل اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ) (المائدة:47)
ومثال الحكم الكوني أيضا: (ثُمَّ رُدُّوا إِلى اللهِ مَوْلاهُمُ الحَقِّ أَلا لهُ الحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الحَاسِبِينَ) (الأنعام:62) لأن الله قال قبلها: (وَهُوَ القَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَليْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ) (الأنعام:61) .
ومثال الحكم الشرعي: (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَل اللهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَل اللهُ إِليْكَ فَإِنْ تَوَلوْا فَاعْلمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لفَاسِقُونَ) (المائدة:49) (أَفَحُكْمَ الجَاهِليَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (المائدة:50) .
ومن الحكم الكوني: (وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِليْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ وَهُوَ خَيْرُ الحَاكِمِينَ) (يونس:109) (وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَال رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلي وَإِنَّ وَعْدَكَ الحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الحَاكِمِينَ) (هود:45) (وَقَال يَا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الحُكْمُ إِلا للهِ عَليْهِ تَوَكَّلتُ وَعَليْهِ فَليَتَوَكَّل المُتَوَكِّلُونَ) (يوسف:67) (أَوَلمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الحِسَابِ) (الرعد:41) .
ومن الحكم الكوني الشرعي (وَلا تَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ لا إِلهَ إِلا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالكٌ إِلا وَجْهَهُ لهُ الحُكْمُ وَإِليْهِ تُرْجَعُونَ) (القصص:88) (وَمَا اخْتَلفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلى اللهِ ذَلكُمُ اللهُ رَبِّي عَليْهِ تَوَكَّلتُ وَإِليْهِ أُنِيبُ) (الشورى:10) (وَاصْبِرْ لحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ) (الطور:48) (الممتحنة:10) ، (فَاصْبِرْ لحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً) (الإنسان:24) .
ما الفرق بين الحكم والقضاء ؟
القضاء الكوني يستصدر منه الأحكام الكونية ، أما القضاء الشرعي فهو كالحكم الشرعي فالحكم الشرعي قد يكون واجب أو مندوبا أو مباحا أو مكروا أو محرما ، وكذلك القضاء الشرعي (وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ) فعبادة الله وحده تتمثل في تنفيذ أحكامه ، والحكم الشرعي قد يكون واجب أو مندوبا أو مباحا أو مكروا أو محرما .

.................................................. ....

علمنا أن تدبير الله لكونه نوعان ، نوع يتعلق بتوحيد الربوبية ونوع يتعلق بتوحيد الألوهية ، فعقيدة السلف عقيدة وسط بين الجبرية والقدرية ، فالمسلم يجب أن يسلم لله في تدبيره الشرعي وتدبيره الكوني معا ، فيعمل بشرع الله ويؤمن بقدر الله ، لا انفكاك لأحدهما عن الآخر .
فالمسلم إذا وفقه الله إلي الطاعة واجتهد في أحكام العبودية وأدي توحيد الألوهية ، نسب الفضل في طاعته إلي ربه وأنها كانت بمعونته وتوفيقه ، لما سبق في حكمه وقضائه وقدره ، ولا ينسب الفضل إلي نفسه أو يمن به علي ربه .
كما أنه إذا أحدث ذنبا ومعصية علم أن أفعاله وإن كانت بمشيئة الله وحكمه وقضائه وقدره إلا النسبة في العصيان مردها إلي الإنسان ، أو وسواس الشيطان ، فيدعوه ذلك إلي التوبة وطلب الغفران ، فيقر لربه بذنبه ، وأن معصيته كانت بسبب تقصيره وخطئه ، وأنه مستحق للعقاب بعدله وحكمه ، وأن ربه منزه عن ظلم أحد من العالمين ، فإن أدخل عبدا الجنة فبفضله وإن عذبه في النار فبعدله .
فمن نفي القدر وتدبير الله الكوني وزعم منافاته للتدبير الشرعي ، فقد عطل الله عن علمه وقدرته ، وجعل العبد مستقلا بأفعاله خالقا لها ، كما قالت المعتزلة حيث أثبتوا خالقا مع الله ، لا ينحصر في واحد أو اثنين فقط كما قالت النصارى ولكن جعلوا آلهة بعدد البشر ، ومن أثبت القدر محتجا به علي الشرع محاربا له به ، نافيا عن العبد قدرته التي منحه الله إياها ونفي تدبيره الشرعي وأمره الديني ، فقد نفي الحكمة عن أفعال ربه ، ونسب الظلم والعبث إليه ، تعالي الله عن ذلك علوا كبيرا ، فالمؤمنون الموحدون يثبتون التدبير الكوني ، ويؤمنون بالقدر خيره وشره ، ويستسلمون للتدبير الشرعي ينقادون للشرع بأمره ونهيه .
ولذلك فإن السلف الصالح كانوا بتوفيق الله على بصيرة من ربهم ، وفرقوا بين نوعين من تدبير الله لهم ، فآمنوا بالتدبير الكوني وعلموا أنه تدبير قدري ، تدبير حتمي الوقوع ، تدبير جبري واقع على كل مصنوع ، لا يمكن لأحد رده ، ولا يمكن للإنسان صده ، ما شاء الله فيه كان ، وما لم يشأ لم يكن ، تدبير متعلق بربوبية الله لخلقه ، له فيه الخلق والأمر ، فالخلق قضاؤه وقدره ، وفعله وأمر ، وحكمه الجاري في ملكه ، لا خروج لأحد عن تدبيره الكوني ، ولا غالب لأمره القدري ، وأنه لا يقوي أحد أن ينازع الله في مشيئته ، مهما بلغ في قوته وقدرته .
وكما آمنوا بالتدبير الكوني الجبري الحتمي القدري آمنوا أيضا بتدبير تكليفي شرعي اختياري ، تدبير خاص بشريعة وهداية وبيان ، تدبير من الله لصالح الجن والإنسان ، تدبير يظهر من خلاله معاني الكفر والإيمان ، ويتميز من خلاله أهل العصيان وأهل الإيمان ، ويترتب عليه الثواب والعقاب ، والعرض والحساب ، والنعيم والعذاب .
هذا التدبير الإنسان مخير فيه ، يمكن أن يطيع الله فيه أو يعصيه ، ومخالفته لله فيه ، لا يعني أن العبد يخرج عن التدبير الكوني أو أن مشيئة العبد غلبت مشيئة الرب ، سبحانه لا يفني ولا يبيد ولا يكون في ملكه لا ما يريد ، وقد بينا في المحاضرة الماضية مثالين يتعلقان بالتدبير الكوني والتدبير الشرعي وهما القضاء والحكم ، فهناك قضاء كوني وآخر شرعي وحكم كوني وحكم شرعي .
ولنتابع الحديث عن التدبير الكوني والتدبير الشرعي المتعلق بأمر الله وإرادته ونبين أثر هذا الفهم في الخروج من ضلالات الجبرية والقدرية ، وكمال الطريقة السلفية في فهم السلف لموضوع القضاء والقدر .
الأمر في كتاب الله نوعان: أمر يتعلق بالتدبير الكوني وآخر يتعلق بالتدبير الشرعي .
ومثال الأمر الكوني: (مَا كَانَ عَلى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللهُ لهُ سُنَّةَ اللهِ فِي الذِينَ خَلوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً) (الأحزاب:38) (إِنَّا أَنْزَلنَاهُ فِي ليْلةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ أَمْراً مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلينَ) (الدخان:5) (تَنَزَّلُ المَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُل أَمْرٍ) (القدر:4) (وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُوناً فَالتَقَى المَاءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ) (القمر:12) (إِنَّمَا مَثَلُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَليْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا ليْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلكَ نُفَصِّلُ الآياتِ لقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (يونس:24) (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلنَا احْمِل فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلكَ إِلا مَنْ سَبَقَ عَليْهِ القَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلا قَليلٌ) (هود:40) .
ومثال الأمر الشرعي: (الذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَل وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الخَاسِرُونَ) (البقرة:27) (قُل أَمَرَ رَبِّي بِالقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُل مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلصِينَ لهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ) (لأعراف:29) (فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَا صَالحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ المُرْسَلينَ) (الأعراف:77) (مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَل اللهُ بِهَا مِنْ سُلطَانٍ إِنِ الحُكْمُ إِلا للهِ أَمَرَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ ذَلكَ الدِّينُ القَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلمُونَ) (يوسف:40) ومثال الأمر لا كوني ولا شرعي: (لقَدِ ابْتَغَوُا الفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلبُوا لكَ الأُمُورُ حَتَّى جَاءَ الحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كَارِهُونَ) (التوبة:48) (وَتِلكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُل جَبَّارٍ عَنِيدٍ) (هود:59) (فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ) (هود:97)
ومثال الأمر الكوني: (وَلمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُوداً وَالذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَليظٍ) (هود:58) موعد العذاب الذي قدره الله على عاد ، وكذلك قوله في قوم لوط والقرية التي كانت تفعل الخبائث (فَلمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلنَا عَاليَهَا سَافِلهَا وَأَمْطَرْنَا عَليْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ) (هود:82) (قَال سَآوي إِلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ المَاءِ قَال لا عَاصِمَ اليَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِلا مَنْ رَحِمَ وَحَال بَيْنَهُمَا المَوْجُ فَكَانَ مِنَ المُغْرَقِينَ) (هود:43)
ومثال الأمر الشرعي: (وَالذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَل وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ) (الرعد:21) (وَالذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَل وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولئِكَ لهُمُ اللعْنَةُ وَلهُمْ سُوءُ الدَّارِ) (الرعد:25) (وَإِذْ قُلنَا للمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْليسَ كَانَ مِنَ الجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْليَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ للظَّالمِينَ بَدَلاً) (الكهف:50) (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا التِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلحُوا بَيْنَهُمَا بِالعَدْل وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ) (الحجرات:9) (فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ) (الذاريات:44) (ذَلكَ أَمْرُ اللهِ أَنْزَلهُ إِليْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لهُ أَجْراً) (الطلاق:5) (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَاباً شَدِيداً وَعَذَّبْنَاهَا عَذَاباً نُكْراً) (الطلاق:8)
ومثال الأمر الذي لا هو كوني ولا شرعي: (وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ المُسْرِفِينَ) (الشعراء:151) (إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلوْا وَهُمْ فَرِحُونَ) (التوبة:50)
ومثال الأمر الكوني: (قَالتْ يَا وَيْلتَى أَأَلدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلي شَيْخاً إِنَّ هَذَا لشَيْءٌ عَجِيبٌ قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ عَليْكُمْ أَهْل البَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) (هود:73) (يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُود ٍ) (هود:76)
ومثال الأمر الشرعي: (وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَليْهَا آبَاءَنَا وَاللهُ أَمَرَنَا بِهَا قُل إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلى اللهِ مَا لا تَعْلمُونَ) (لأعراف:28) (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالعَدْل وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ وَالبَغْيِ يَعِظُكُمْ لعَلكُمْ تَذَكَّرُونَ) (النحل:90) (وَإِذَا قِيل لهُمُ اسْجُدُوا للرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُوراً) (الفرقان:60) (وَإِذْ قَال مُوسَى لقَوْمِهِ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَال أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الجَاهِلينَ) (البقرة:67)
ومثال الأمر لا كوني ولا شرعي: (يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ) (النور:21) .
ومثال الأمر الكوني: (وَمَا أَمْرُنَا إِلا وَاحِدَةٌ كَلمْحٍ بِالبَصَرِ) (القمر:50) (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُول لهُ كُنْ فَيَكُونُ) (يّس:82) (وَقَال الذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلداً وَكَذَلكَ مَكَّنَّا ليُوسُفَ فِي الأَرْضِ وَلنُعَلمَهُ مِنْ تَأْوِيل الأَحَادِيثِ وَاللهُ غَالبٌ عَلى أَمْرِهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلمُونَ) (يوسف:21) (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَل لهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّل عَلى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَل اللهُ لكُل شَيْءٍ قَدْراً) (الطلاق:3) .
ومثال الأمر الشرعي: (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلى أَهْلهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالعَدْل إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً) (النساء:58) (قُل إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّل مَنْ أَسْلمَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُشْرِكِينَ) (الأنعام:14) (لا شَرِيكَ لهُ وَبِذَلكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ المُسْلمِينَ) (الأنعام:163) (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (هود:1121) (قُل إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ إِليْهِ أَدْعُو وَإِليْهِ مَآبِ) (الرعد:36) .
ومثال الأمر لا كوني ولا شرعي: (قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالأَمْرُ إِليْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ) (النمل:33) .
ومثال الأمر الكوني: (وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُل الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ العِلمِ إِلا قَليلاً) (الإسراء:85) ومثال الأمر الكوني الشرعي: (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَليْهَا القَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً) (الإسراء:16) يعقب ابن القيم على الآية بأن هذا أمر يتعلق بالتقدير الكوني وليس أمرا يتعلق بالتدبير الديني الشرعي ، فإن الله لا يأمر بالفحشاء ، والمعنى قضينا ذلك وقدرناه ، وقالت طائفة بل هو أمر ديني ، والمعنى أمرناهم بالطاعة فخالفونا ، وفسقوا والقول الأول أرجح ، ومثال الأمر الكوني الشرعي أيضا: (أَلا لهُ الخَلقُ وَالأَمْرُ) (الأعراف:54) لأن الله قال قبلها وبعدها (إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الذِي خَلقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلى العَرْشِ يُغْشِي الليْل النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لهُ الخَلقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ العَالمِينَ) (الأعراف:54) .
والإرادة في كتاب الله نوعان : نوع يتعلق بالتدبير الكوني وآخر يتعلق بالتدبير الشرعي .
فالإرادة الكونية كقوله تعالي: (لقَدْ كَفَرَ الذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُل فَمَنْ يَمْلكُ مِنَ اللهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلكَ المَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعاً) (المائدة:17) (إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلا مَرَدَّ لهُ وَمَا لهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ) (الرعد:11) (وَأَمَّا الجِدَارُ فَكَانَ لغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي المَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ) (الكهف:82) (وَأَرَادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلنَاهُمُ الأَخْسَرِين َ) (الأنبياء:70) (قُل مَنْ ذَا الذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلا يَجِدُونَ لهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ وَليّاً وَلا نَصِيراً) (الأحزاب:17) . (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُول لهُ كُنْ فَيَكُونُ) (يّس:82) (وَلئِنْ سَأَلتَهُمْ مَنْ خَلقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ ليَقُولُنَّ اللهُ قُل أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللهُ بِضُرٍّ هَل هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَل هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُل حَسْبِيَ اللهُ عَليْهِ يَتَوَكَّلُ المُتَوَكِّلُونَ) (الزمر:38)
وأما مثال الإرادة الشرعية التي يمكن للعبد إتباعها أو لا قوله تعالى :(شَهْرُ رَمَضَانَ الذِي أُنْزِل فِيهِ القُرْآنُ هُدىً للنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الهُدَى وَالفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَليَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ) (البقرة:185) (وَلكِنَّ اللهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ) (البقرة:253) . (وَاللهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَليْكُمْ وَيُرِيدُ الذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً) (النساء:27) فلو كانت هذه الإرادة كونية لو وقعت التوبة من جميع المكلفين ، (يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفاً) (النساء:28) (يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالعُقُودِ أُحِلتْ لكُمْ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلا مَا يُتْلى عَليْكُمْ غَيْرَ مُحِلي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ) (المائدة:1) . (يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلى المَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلكُمْ إِلى الكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللهُ ليَجْعَل عَليْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ ليُطَهِّرَكُمْ وَليُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَليْكُمْ لعَلكُمْ تَشْكُرُونَ) (المائدة:6) (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ العَدَاوَةَ وَالبَغْضَاءَ فِي الخَمْرِ وَالمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَل أَنْتُمْ مُنْتَهُون َ) (المائدة:91) (وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللهُ هُوَ الذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالمُؤْمِنِينَ) (الأنفال:62) (مَا كَانَ لنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (الأنفال:67) .
اختبار لرواد المنتدى : بين نوع الإرادة فيما يأتي ؟
قوله :(وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لكُمْ إِنْ كَانَ اللهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِليْهِ تُرْجَعُونَ) (هود:34) (خَالدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لمَا يُرِيدُ) (هود:107) (فَانْطَلقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْل قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَال لوْ شئت لاتَّخَذْتَ عَليْهِ أَجْراً) (الكهف:77) (إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ) (الحج:14) (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجَاهِليَّةِ الأُولى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ ليُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْل البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (الأحزاب:33) .
إذا علمت هذا التفصيل سوف يزول الاشتباه في مسألة الأمر والإرادة ، هل هما متلازمان أم لا ؟ سئل سهل بن عبد الله عن قوله تعالى: (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين) ، قال السائل: لما أمر إبليس بالسجود لآدم أراد منه ذلك أم لا ؟ فقال سهل: أراده ولم يرده ، (يعنى أنه أراده شرعا وإظهارا عليه إيجابا وتكليفا ، ولم يرده منه وقوعا ولا كونا ، إذ لا يكون في ملكه إلا ما أراد الله تعالى ، فلو أراد كونه لكان ولو أراده فعلا لوقع بقوله تعالى: (إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون) فلما لم يكن ، عُلم أنه لم يرده ، فقد كان الأمران معا: إرادته بالتكليف والتعبد ، إرادته بأن لا يسجد) فإرادة الله على نوعين يدبر الله الخلق من خلالها على وجهين:
الوجه الأول: إرادة كونية قدرية ، وهى المشيئة الشاملة لجميع الموجودات ، ما يحبه وما لا يحبه ، وبها يصدر الأمر التقديري الجبري الحتمي يتحقق في جميع المخلوقات من الأرض إلى السماوات ، يتحقق في الجن والإنس والملائكة ، وكل ما في الكون على سبيل الخلق والإيجاد والإمداد والمتابعة ، وهذا الأمر نافذ لا محالة ، فلا يمكن صده أو رده ، وهو شاهد لمعنى الربوبية .
الوجه الثاني: إرادة شرعية إلهية يصدر بها أمر ابتلائي خاص للإنسان والجان ، قد يلتزمان به وقد يمتنعان ، وهذه الإرادة هي المتضمنة للمحبة والعبادة ، من استجاب لها أحبه الله وقربه ، وأكرمه ونعمه ، ومن امتنع عن تنفيذها أبغضه الله وأبعده وعذبه .
وكل أمر ، أمر به الله عباده أراده بأمره الشرعي ، ليكونوا مكلفين متعبدين ، ولم يرده ممن لم يستجب ولم يمتثل بتدبيره الكوني ، لأنه سبحانه وتعالى قال: (إِنَّمَا قَوْلُنَا لشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُول لهُ كُنْ فَيَكُونُ) (النحل:40) ، فأخبر أنه إذا أراد شيئا كونه ، فالأمر الشرعي يستلزم الإرادة الدينية ، ولا يستلزم الإرادة الكونية ، فإنه لا يأمر إلا بما يريده شرعا ودينا ، وقد يأمر بما لا يريده كونا وقدرا ، كإيمان من أمره ، ولم يوفقه للإيمان ، فالأمر مراد له دينا لا كونا ، وكذلك أمر خليله بذبح ولده ، ولم يرده كونا وقدرا ، وأمر رسوله بخمسين صلاة ، ولم يرد ذلك كونا وقدرا ، وكل ذلك لإظهار فضلهم ، وتكليفهم وابتلائهم ، فهذا أصل الابتلاء ، يأمر الله تعالى بالشيء ويريد كون ضده وقد أراد الأمر به وحسب ، وينهى عن الشيء ويريد كونه ، وقد أراد النهى عنه فقط .
والله في خلقه له الحجة البالغة لو شاء لهدي الناس أجمعين (وَلوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُل نَفْسٍ هُدَاهَا وَلكِنْ حَقَّ القَوْلُ مِنِّي لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) (السجدة:13) (وَلوْ شَاءَ رَبُّكَ لجَعَل النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلفِينَ إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلذَلكَ خَلقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) (هود:119) .

السؤال المهم جدا: ماذا لو فرضنا أن إبليس أراد أن يسجد فهل سيسجد أم لا ؟ والجواب أنه لن يسجد ولكن يصبح من المستجيبين الخاضعين العابدين ، فالحساب على الإرادة والنية ، روي البخاري من حديث عمر بنَ الخَطّابِ رضي اللّهُ عنه أنه قال: سَمعْتُ رَسول اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَقولُ: (إِنَّما الأعْمَالُ بالنِّيات ، وإِنَّمَا لكُل امْرِىءٍ ما نَوَى: فَمَنْ كانتْ هِجْرَتُه إِلى دُنْيَا يُصِيبُها ، أَوْ إِلى امْرَأَةٍ يَنْكِحُها ، فَهِجْرَتُه إِلى ما هاجَرَ إِليه) ، وروي البخاري من حديث أنسِ بن مالك رضيَ الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رجعَ من غزوةِ تبوكَ فدَنا من المدينة فقال: إنَّ بالمدينةِ أقواماً ما سرتم مَسِيراً ولا قطعتم وادياً إلا كانوا مَعَكم ، قالوا: يا رسول الله ، وهم بالمدينة ؟ قال: وهم بالمدينة ، حَبَسَهمُ العُذر .
فالله لا يحاسبنا عن فعله بنا ولكن يحاسبنا عن فعلنا تجاه شرعه وفعله ، فالقدرة بيده وهو الذي أقدرنا ، فلو أعجزنا عجزنا وأعذرنا ، (لا يُكَلفُ اللهُ نَفْساً إِلا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً) (الطلاق:7) (لا يُكَلفُ اللهُ نَفْساً إِلا وُسْعَهَا لهَا مَا كَسَبَتْ وَعَليْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِل عَليْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلتَهُ عَلى الذِينَ مِنْ قَبْلنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلنَا مَا لا طَاقَةَ لنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلى القَوْمِ الكَافِرِينَ) (البقرة:286) .
فالله أمرنا أن نحافظ على شرعة ونلتزم بتدبيره الشرعي على قدر استطاعتنا ووسعنا ، وهو سيحفظنا بقضائه وقدره علي قدر نيتنا وطاعتنا ، يقول تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَل لهُ مَخْرَجاً) (الطلاق:2) (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَل لهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً) (الطلاق:4) (يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) (محمد:7) (إِنَّمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا لعِبٌ وَلهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلا يَسْأَلكُمْ أَمْوَالكُم هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لتُنْفِقُوا فِي سَبِيل اللهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَل فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللهُ الغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلوْا يَسْتَبْدِل قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالكُمْ) (محمد:38) (مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالأِيمَانِ وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالكُفْرِ صَدْراً فَعَليْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ وَلهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (النحل:106) .
روي البخاري من حديث أنس عن معاذ بن جبل قال: (كنت رديفُ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا معاذ ، قلت: لبيكَ وسَعدَيك ـ ثم قال مثله ثلاثاً ـ هل تَدري ماحقُّ الله على العباد ؟ قلت: لا . قال: حق اللّهِ على العباد أن يَعبدوهُ ولا يشركوا به شيئاً . ثم سار ساعةً فقال: يا معاذ ، قلتُ: لبيكَ وسَعدَيك . قال: هل تدري ماحقُّ العباد على الله إذا فعلوا ذلك ؟ أن لا يعذبهم) .
وروي الترمذي وقال حديثٌ حسنٌ صحيحٌ أن ابن عَبَّاسٍ رضي الله عنه ، قال: (كُنْتُ خَلفَ النبيِّ يَوْماً ، فَقَال: يَا غُلاَمُ ، إِنِّي أُعَلمُكَ كِلمَاتٍ: احفظ الله يَحْفَظْكَ ، احفظ الله تجِدْهُ تجَاهَكَ ، إِذَا سَأَلتَ فَاسْأَل الله ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بالله ، وَاعْلمْ أَنَّ الأُمَّةَ لوِ اجْتَمَعَتْ عَلى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ الله لكَ ، وَإنِ اجْتَمَعُوا عَلى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ الله عَليْكَ ، رُفِعَتِ الأَفْلاَمُ وَجَفَّتِ الصُّحُف) .
الفرق بين الإرادة والمشيئة
ولا بد هنا أن نفرق بين الإرادة والمشيئة ، فالإرادة كما تقدم كونية وشرعية ، أما المشيئة فهي كونية فقط ولا تأتي أبدا بالمعني الشرعي ، المشيئة لا يمكن أن تتخلف ، وقد أجمعت الرسل من أولهم إلى آخرهم وجميع الكتب المنزلة من عند الله ، على أنه ليس في الوجود أمر إلا بمشيئة الله وحده ، فما شاء كان ، وما لم يشأ لم يكن ، والمسلمون من أولهم إلى آخرهم مجمعون على أنه ما شاء الله كان ، وما لم يشأ لم يكن .
ولذلك فإن العبد يعلق أفعاله على المشيئة وليس على الإرادة ، فالتوحيد الحق أن يعلق العبد أفعاله علي مشيئة الله عز وجل في جميع الأوقات ، سواء في الماضي أو الحاضر أو المستقبل ، فكل يجري بتقديره ومشيئته ، ومشيئته تنفذ ، لا مشيئة للعباد إلا ما شاء لهم ، فما شاء لهم كان ، وما لم يشأ لم يكن يهدي من يشاء ، ويعصم ويعافي فضلاً ، ويضل من يشاء ويخذل ويبتلي عدلاً ، وكلهم يتقلبون في مشيئته بين فضله وعدله ، فالمسلم يقول فيما وقع من الأحداث ومضى انتهى: قدر الله وما شاء فعل ، ولا يقول: قدر الله وما أراد فعل ، روى مسلم من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، أن رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قال: (المُؤْمِنُ القَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلى اللّهِ مِنَ المُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِي كُل خَيْرٌ ، احْرِصْ عَلى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللّهِ وَلاَ تَعْجِزْ ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلاَ تَقُل: لوْ أَنِّي فَعَلتُ كان كذا وكذا ، لم يُصبني كذا ، وَلكِنْ قُل: قَدَرُ اللّهِ وَمَا شَاءَ فَعَل ، فَإِنَّ لوْ تَفْتَحُ عَمَل الشَّيْطَانِ) .
أما رد الأمر إلي المشيئة في الحاضر فهو كقول الله تعالي: (وَلوْلا إِذْ دَخَلتَ جَنَّتَكَ قُلتَ مَا شَاءَ اللهُ لا قُوَّةَ إِلا بِاللهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَل مِنْكَ مَالاً وَوَلداً) (الكهف:39) وهنا ينسب الموحد النعمة إلي المنعم ويرد الأمر فيها إلى مشيئة الله ، فالعبد الصادق الموحد مؤمن بأن الله قائم بالقسط والتدبير ، ومنفرد بالمشيئة والتقدير ، يتولى تدبير شئون العالمين ، وهو أحكم الحاكمين ، وخير الرازقين ، لا يطمع في سواه ، ولا يرجو إلا إياه ، ولا يشهد في العطاء إلا مشيئته ، ولا يرى في المنع إلا حكمته ، ولا يعاين في القبض والبسط إلا قدرته ، أما رد الأمر إلي المشيئة في المستقبل: فهو كقول الله تعالى: (وَلا تَقُولنَّ لشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلكَ غَداً إِلا أَنْ يَشَاءَ اللهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُل عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدا ً) (الكهف:24) .
ووقف أعرابي على حلقة فيها عمرو بن عبيد فقال يا هؤلاء إن ناقتي سرقت فادعوا الله أن يردها علي فقال عمرو بن عبيد اللهم إنك لم ترد أن تسرق ناقته فسرقت فارددها عليه فقال الأعرابي لا حاجة لي في دعائك قال ولم قال أخاف كما أراد أن لا تسرق فسرقت أن يريد ردها فلا ترد .
وروى عمرو بن الهيثم قال خرجنا في سفينة وصحبنا فيها قدري ومجوسي فقال القدري للمجوسي أسلم قال المجوسي حتى يريد الله ، فقال القدري: إن الله يريد ولكن الشيطان لا يريد ، قال المجوسي أراد الله وأراد الشيطان فكان ما أراد الشيطان هذا شيطان قوي ، وفي رواية أنه قال فأنا مع الأقوى .
فالمشيئة كونية فقط ولذلك كل شيء بمشيئة الله ، (وَتِلكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَليمٌ) (الأنعام:83) (أَوَلمْ يَهْدِ للذِينَ يَرِثُونَ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلهَا أَنْ لوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ) (الأعراف:100) (فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْل وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ كَذَلكَ كِدْنَا ليُوسُفَ مَا كَانَ ليَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ المَلكِ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُل ذِي عِلمٍ عَليمٌ) (يوسف:76) (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ القَوْمِ المُجْرِمِينَ) (يوسف:110) (مَنْ كَانَ يُرِيدُ العَاجِلةَ عَجَّلنَا لهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلنَا لهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَدْحُوراً) (الإسراء:18) (ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الوَعْدَ فَأَنْجَيْنَاهُمْ وَمَنْ نَشَاءُ وَأَهْلكْنَا المُسْرِفِينَ) (الأنبياء:9) (وَلوْ نَشَاءُ لطَمَسْنَا عَلى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ وَلوْ نَشَاءُ لمَسَخْنَاهُمْ عَلى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيّاً وَلا يَرْجِعُونَ) (يّس:67) (وَكَذَلكَ أَوْحَيْنَا إِليْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الكِتَابُ وَلا الأِيمَانُ وَلكِنْ جَعَلنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لتَهْدِي إِلى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (الشورى:52) (وَلوْ نَشَاءُ لجَعَلنَا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الأَرْضِ يَخْلُفُونَ) (الزخرف:60) (وَلوْ نَشَاءُ لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لحْنِ القَوْل وَاللهُ يَعْلمُ أَعْمَالكُمْ) (محمد:30)
فالله عز وجل لا يجري في ملكه من خير أو شر ، أو نفع أو ضر ، أو حلو أو مر ، أو غنى أو فقر ، أو سر أو جهر أو وفاء أو غدر ، أو نصح أو مكر ، أو حركة أو سكون ، أو قيام أو قعود ، أو حياة أو موت ، أو قبض أو بسط ، أو إيمان أو كفر إلا بمشيئته ، وعلمه وقدرته ، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن .
(لوْ نَشَاءُ لجَعَلنَاهُ حُطَاماً فَظَلتُمْ تَفَكَّهُونَ) (الواقعة:65) (لوْ نَشَاءُ جَعَلنَاهُ أُجَاجاً فَلوْلا تَشْكُرُونَ) (الواقعة:70) (يُؤْتِي الحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُولُو الأَلبَابِ) (البقرة:269) (ليْسَ عَليْكَ هُدَاهُمْ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلأَنْفُسِكُمْ) (البقرة:272) (هُوَ الذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لا إِلهَ إِلا هُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ) (آل عمران:6) (قَال رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لي غُلامٌ وَقَدْ بَلغَنِيَ الكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَال كَذَلكَ اللهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ) (آل عمران:40) (قَالتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لي وَلدٌ وَلمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَال كَذَلكِ اللهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لهُ كُنْ فَيَكُونُ) (آل عمران:47) (وَللهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ يَغْفِرُ لمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (آل عمران:129) (لهُ مَقَاليدُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُل شَيْءٍ عَليمٌ) (الشورى:12) .

عدم التفريق بين الإرادة والمشيئة كان سببا في ضلال المعتزلة والمتكلمين
دخل القاضي عبد الجبار المعتزلي على أبي إسحاق الإسفراييني السلفي ، فقال سبحان من تنزه عن الفحشاء .
فقال أبو إسحاق: سبحان من لا يقع في ملكه إلا ما يشاء ، فقال القاضي عبد الجبار المعتزلي: أيشاء ربنا أن يعصى ؟ فقال أبو إسحاق: أيعصى ربنا قهرا ، فقال القاضي عبد الجبار المعتزلي: أرأيت إن منعني الهدى وقضى علي بالردى أحسن إلي أم أساء ؟ فقال أبو إسحاق: إن منعك ما هو لك فقد أساء ، وإن منعك ما هو له فالله يختص برحمته من يشاء ، فانقطع وبهت ولم يجد جوابا .
الهداية في كتاب الله كونية وشرعية
مثال الهداية الكونية : (ذَلكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلوْ أَشْرَكُوا لحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (الأنعام:88) (ليْسَ عَليْكَ هُدَاهُمْ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِليْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلمُونَ) (البقرة:272) (إِنْ تَحْرِصْ عَلى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَمَا لهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ) (النحل:37) (اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ المِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلوْ لمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللهُ الأَمْثَال للنَّاسِ وَاللهُ بِكُل شَيْءٍ عَليمٌ) (النور:35)
مثال الهداية الشرعية : (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا العَمَى عَلى الهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ العَذَابِ الهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) (فصلت:17) (قُلنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلا خَوْفٌ عَليْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (البقرة:38) .(يَا أَهْل الكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُل السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (المائدة:16) (إِنَّ هَذَا القُرْآنَ يَهْدِي للتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ المُؤْمِنِينَ الذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالحَاتِ أَنَّ لهُمْ أَجْراً كَبِيراً) (الإسراء:9) (سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلاهُمْ عَنْ قِبْلتِهِمُ التِي كَانُوا عَليْهَا قُل للهِ المَشْرِقُ وَالمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (البقرة:142) (قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنْزِل مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقاً لمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلى الحَقِّ وَإِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ) (الأحقاف:30) (يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَليم ٍوَمَنْ لا يُجِبْ دَاعِيَ اللهِ فَليْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الأَرْضِ وَليْسَ لهُ مِنْ دُونِهِ أَوْليَاءُ أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (الأحقاف:32) . (وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلى عَليْكُمْ آيَاتُ اللهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (آل عمران:101)
من لا يفرق بين نوعي الهداية سيقع في الضلال .
بلغ بعض هؤلاء الجبرية أن عليا لما أمر بقتل الخوارج يوم النهروان قال للقتلى: بؤسا لكم لقد ضركم من غركم ، فقيل له: من غرهم ؟ ، فقال: الشيطان والنفس الأمارة بالسوء والأماني ، فقال هذا القائل الجبري: كان علي قدريا وإلا فالله غرهم وفعل بهم ما فعل وأوردهم تلك الموارد .
واجتمع جماعة من هؤلاء يوما فتذاكروا القدر فجرى ذكر الهدهد وقوله وزين لهم الشيطان أعمالهم (وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ للشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللهِ وَزَيَّنَ لهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيل فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ أَلا يَسْجُدُوا للهِ الذِي يُخْرِجُ الخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَيَعْلمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلنُونَ) (النمل:25) ، فقال كان الهدهد قدريا أضاف العمل إليهم والتزيين إلى الشيطان وجميع ذلك فعل الله .
يقول أحد الجبرية الذين لا يفرقون بين التدبير الكوني والشرعي ، ويقولون هو تدبير كوني فقط: ما حيلة العبد والأقدار جارية عليه في كل حال أيها الرائي - ألقاه في اليم مكتوفا وقال له إياك ، إياك أن تبتل بالماء .
ويذكر ابن القيم أن بعضهم قد ذكر له ما يخاف من إفساده فقال لي خمس بنات لا أخاف على إفسادهن غيره ، وصعد رجل يوما على سطح دار له فأشرف على غلام له يفجر بجاريته فنزل وأخذهما ليعاقبهما فقال الغلام إن القضاء والقدر لم يدعانا حتى فعلنا ذلك فقال لعلمك بالقضاء والقدر أحب إلي من كل شيء أنت حر لوجه الله .
ورأى آخر يفجر بامرأته فبادر ليأخذه فهرب فأقبل يضرب المرأة وهي تقول القضاء والقدر فقال يا عدوة الله أتزنين وتعتذرين بمثل هذا ؟ فقالت: أو تركت السنة وأخذت بمذهب ابن عباس ، فتنبه ورمى بالسوط من يده واعتذر إليها وقال لولاك لضللت .
ورأى آخر رجلا يفجر بامرأته فقال ما هذا فقالت هذا قضاء الله وقدره فقال الخيرة فيما قضى الله فلقب بالخيرة فيما قضى الله وكان إذا دعي به غضب .
وجرى عند بعض هؤلاء ذكر إبليس وإبائه وامتناعه من السجود لآدم فأخذ الجماعة يلعنونه ويذمونه فقال إلى متى هذا اللوم ولو خلي لسجد ولكن منع وأخذ يقيم عذره فقال بعض الحاضرين تبا لك سائر اليوم أتذب عن الشيطان وتلوم الرحمن .
اختبار لرواد المنتدى : بين نوع الهداية فيما يأتي ؟
(إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلمُ بِالمُهْتَدِينَ) (القصص:56) (وَكَذَلكَ أَوْحَيْنَا إِليْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الكِتَابُ وَلا الأِيمَانُ وَلكِنْ جَعَلنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لتَهْدِي إِلى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (الشورى:52) (قَال اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى) (طـه:123) (وَمَنْ يُضْلل اللهُ فَمَالهُ مِنْ هَادٍ) (الزمر:23) (مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ المُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلل فَأُولئِكَ هُمُ الخَاسِرُونَ) (لأعراف:178) .
الكتابة كونية وشرعية:
من الكتابة الكونية :
(وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الغَيْبِ لا يَعْلمُهَا إِلا هُوَ وَيَعْلمُ مَا فِي البَرِّ وَالبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلا يَعْلمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) (الأنعام:59) (قُل لنْ يُصِيبَنَا إِلا مَا كَتَبَ اللهُ لنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلى اللهِ فَليَتَوَكَّل المُؤْمِنُونَ) (التوبة:51) (كَتَبَ اللهُ لأَغْلبَنَّ أَنَا وَرُسُلي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) (المجادلة:21) (لوْلا كِتَابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ لمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (لأنفال:68) (وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلا كُنَّا عَليْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَال ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلكَ وَلا أَكْبَرَ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) (يونس:61) (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلا عَلى اللهِ رِزْقُهَا وَيَعْلمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) (هود:6)
من الكتابة الشرعية :
(يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَليْكُمُ القِصَاصُ فِي القَتْلى الحُرُّ بِالحُرِّ وَالعَبْدُ بِالعَبْدِ وَالأُنْثَى بِالأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِليْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلكَ فَلهُ عَذَابٌ أَليمٌ) (البقرة:178) (كُتِبَ عَليْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الوَصِيَّةُ للوَالدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالمَعْرُوفِ حَقّاً عَلى المُتَّقِينَ) (البقرة:180) (يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَليْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلى الذِينَ مِنْ قَبْلكُمْ لعَلكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة:183) .
اختبار لرواد المنتدى : بين نوع الكتابة فيما يأتي ؟
(ثُمَّ أَنْزَل عَليْكُمْ مِنْ بَعْدِ الغَمِّ أَمَنَةً نُعَاساً يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللهِ غَيْرَ الحَقِّ ظَنَّ الجَاهِليَّةِ يَقُولُونَ هَل لنَا مِنَ الأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُل إِنَّ الأَمْرَ كُلهُ للهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لا يُبْدُونَ لكَ يَقُولُونَ لوْ كَانَ لنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلنَا هَاهُنَا قُل لوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لبَرَزَ الذِينَ كُتِبَ عَليْهِمُ القَتْلُ إِلى مَضَاجِعِهِمْ وَليَبْتَليَ اللهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَليُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللهُ عَليمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) (آل عمران:154) (كُتِبَ عَليْكُمُ القِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لكُمْ وَاللهُ يَعْلمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلمُونَ) (البقرة:216) (أَلمْ تَرَ إِلى المَلأِ مِنْ بَنِي إِسْرائيل مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لنَبِيٍّ لهُمُ ابْعَثْ لنَا مَلكاً نُقَاتِل فِي سَبِيل اللهِ قَال هَل عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَليْكُمُ القِتَالُ أَلا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لنَا أَلا نُقَاتِل فِي سَبِيل اللهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلمَّا كُتِبَ عَليْهِمُ القِتَالُ تَوَلوْا إِلا قَليلاً مِنْهُمْ وَاللهُ عَليمٌ بِالظَّالمِينَ) (البقرة:246) (وَإِذَا جَاءَكَ الذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنَا فَقُل سَلامٌ عَليْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِل مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهَالةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (الأنعام:54) (وَلمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُصَدِّقٌ لمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلى الذِينَ كَفَرُوا فَلمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلعْنَةُ اللهِ عَلى الكَافِرِينَ) (البقرة:89) (أَلمْ تَرَ إِلى الذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلى كِتَابِ اللهِ ليَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ) (آل عمران:23)

ملخص لنوعي التدبير
النوع الأول من نوعي التدبير : التدبير كوني وهو قضاء الله وقدره ، وفعله في خلقه ، هذا التدبير تدبير قدري حتمي الوقوع ، جبري واقع على كل مصنوع ، لا يمكن لأحد في العالم رده ، ولا يمكن للإنسان صده ، ما شاء الله فيه كان ، وما لم يشأ لم يكن ، تدبير متعلق بربوبية الله لخلقه ، وهو كما أخبر سبحانه وتعالى عن نفسه له الخلق والأمر ، فالخلق قضاؤه وقدره ، وفعله وأمر ، وحكمه الجاري في ملكه ، لا خروج لأحد عن تدبيره الكوني ، ولا غالب لأمره القدري ، من الذي يقوي أن ينازع الله في مشيئته ، مهما بلغ في قوته وقدرته .
والنوع الثاني تدبير شرعي ديني ، تدبير تكليفي اختياري ، تدبير خاص بشريعة وهداية وبيان ، تدبير من الله لصالح الجن والإنسان ، تدبير يظهر من خلاله معاني الكفر والإيمان ، ويتميز من خلاله أهل العصيان وأهل الإيمان ، ويترتب عليه الثواب والعقاب ، والعرض والحساب ، والنعيم والعذاب ، هذا التدبير الإنسان مخير فيه ، يمكن أن يطيع الله فيه أو يعصيه ، ومخالفته لله فيه ، لا يعني أن العبد يخرج عن التدبير الكوني أو أن مشيئة العبد غلبت مشيئة الرب ، سبحانه لا يفني ولا يبيد ولا يكون في ملكه إلا ما يريد .

اختبار لرواد المنتدى : ما هو التحريم الكوني والتحريم الشرعي فيما يأتي ؟
(حُرِّمَتْ عَليْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لمْ تَكُونُوا دَخَلتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَليْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلا مَا قَدْ سَلفَ إِنَّ اللهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً) (النساء:23) .
(قَال فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَليْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلى القَوْمِ الفَاسِقِينَ) (المائدة:26) .
(وَإِذْ قَال مُوسَى لقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَليْكُمْ إِذْ جَعَل فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلكُمْ مُلُوكاً وَآتَاكُمْ مَا لمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ العَالمِينَ يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ التِي كَتَبَ اللهُ لكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلبُوا خَاسِرِينَ قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لنْ نَدْخُلهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ قَال رَجُلانِ مِنَ الذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللهُ عَليهِمَا ادْخُلُوا عَليْهِمُ البَابَ فَإِذَا دَخَلتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالبُونَ وَعَلى اللهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لنْ نَدْخُلهَا أَبَداً مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ قَال رَبِّ إِنِّي لا أَمْلكُ إِلا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ القَوْمِ الفَاسِقِينَ قَال فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَليْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلى القَوْمِ الفَاسِقِينَ) (المائدة:25) .
(حُرِّمَتْ عَليْكُمُ المَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلحْمُ الخِنْزِيرِ وَمَا أُهِل لغَيْرِ اللهِ بِهِ وَالمُنْخَنِقَةُ وَالمَوْقُوذَةُ وَالمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَل السَّبُعُ إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلامِ ذَلكُمْ فِسْقٌ) (المائدة:3) .
(فَبِظُلمٍ مِنَ الذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَليْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلتْ لهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيل اللهِ كَثِيراً) (النساء:160) .
(وَعَلى الذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُل ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ البَقَرِ وَالغَنَمِ حَرَّمْنَا عَليْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلا مَا حَمَلتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلطَ بِعَظْمٍ ذَلكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لصَادِقُونَ) (الأنعام:146) .
(لقَدْ كَفَرَ الذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَال المَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرائيل اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَليْهِ الجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا للظَّالمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ) (المائدة:72) .
(وَمَا لكُمْ أَلا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَليْهِ وَقَدْ فَصَّل لكُمْ مَا حَرَّمَ عَليْكُمْ إِلا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِليْهِ وَإِنَّ كَثِيراً ليُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلمُ بِالمُعْتَدِينَ) (الأنعام:119) .
(ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ المَعْزِ اثْنَيْنِ قُل آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلتْ عَليْهِ أَرْحَامُ الأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (الأنعام:143) .
(وَمِنَ الإبل اثْنَيْنِ وَمِنَ البَقَرِ اثْنَيْنِ قُل آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلتْ عَليْهِ أَرْحَامُ الأُنْثَيَيْنِ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللهُ بِهَذَا فَمَنْ أَظْلمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلى اللهِ كَذِباً ليُضِل النَّاسَ بِغَيْرِ عِلمٍ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي القَوْمَ الظَّالمِينَ) (الأنعام:144) .
(قُل تَعَالوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَليْكُمْ أَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالوَالدَيْنِ إِحْسَاناً وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ التِي حَرَّمَ اللهُ إِلا بِالحَقِّ ذَلكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لعَلكُمْ تَعْقِلُونَ) (الأنعام:151) .
(وَحَرَّمْنَا عَليْهِ المَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقَالتْ هَل أَدُلُّكُمْ عَلى أَهْل بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لكُمْ وَهُمْ لهُ نَاصِحُونَ) (القصص:12) .
الإجابة عن هذا السؤال مهمة لتقدير مدى فهم الموضوع ؟ (وَحَرَّمْنَا عَليْهِ المَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقَالتْ هَل أَدُلُّكُمْ عَلى أَهْل بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لكُمْ وَهُمْ لهُ نَاصِحُونَ فَرَدَدْنَاهُ إِلى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ وَلتَعْلمَ أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلمُونَ ) .
(قُل إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالبَغْيَ بِغَيْرِ الحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ مَا لمْ يُنَزِّل بِهِ سُلطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلى اللهِ مَا لا تَعْلمُونَ) (لأعراف:33) .
(قَاتِلُوا الذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِاليَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الحَقِّ مِنَ الذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) (التوبة:29) .
(الذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ المَسِّ ذَلكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا البَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَل اللهُ البَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلهُ مَا سَلفَ وَأَمْرُهُ إِلى اللهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالدُونَ) (البقرة:275) .
(سَيَقُولُ الذِينَ أَشْرَكُوا لوْ شَاءَ اللهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلكَ كَذَّبَ الذِينَ مِنْ قَبْلهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُل هَل عِنْدَكُمْ مِنْ عِلمٍ فَتُخْرِجُوهُ لنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلا تَخْرُصُونَ) (الأنعام:148) .
(وَقَال الذِينَ أَشْرَكُوا لوْ شَاءَ اللهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلكَ فَعَل الذِينَ مِنْ قَبْلهِمْ فَهَل عَلى الرُّسُل إِلا البَلاغُ المُبِينُ) (النحل:35) .
ما هو الإذن الكوني والشرعي فيما يأتي ؟
(وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلى مُلكِ سُليْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُليْمَانُ وَلكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِل عَلى المَلكَيْنِ بِبَابِل هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ المَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللهِ وَيَتَعَلمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلقَدْ عَلمُوا لمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لوْ كَانُوا يَعْلمُونَ) (البقرة:102) .
(قُل أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَل اللهُ لكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلتُمْ مِنْهُ حَرَاماً وَحَلالاً قُل آللهُ أَذِنَ لكُمْ أَمْ عَلى اللهِ تَفْتَرُونَ) (يونس:59) .
(قَال الذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو اللهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَليلةٍ غَلبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) (البقرة:249) .
(أُذِنَ للذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لقَدِيرٌ) (الحج:39) (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لهُ فِيهَا بِالغُدُوِّ وَالآصَال) (النور:36) .
(وَرَسُولاً إِلى بَنِي إِسْرائيل أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللهِ وَأُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ وَأُحْيِي المَوْتَى بِإِذْنِ اللهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلكَ لآيَةً لكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (آل عمران:49) .
(وَمَا كَانَ لنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلا بِإِذْنِ اللهِ كِتَاباً مُؤَجَّلاً وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ) (آل عمران:145) .
(أَمْ لهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لمْ يَأْذَنْ بِهِ اللهُ وَلوْلا كَلمَةُ الفَصْل لقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالمِينَ لهُمْ عَذَابٌ أَليمٌ) (الشورى:21) .
(وَالبَلدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلا نَكِداً كَذَلكَ نُصَرِّفُ الآياتِ لقَوْمٍ يَشْكُرُونَ) (الأعراف:58) .
(تُؤْتِي أُكُلهَا كُل حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللهُ الأَمْثَال للنَّاسِ لعَلهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) (إبراهيم:25) .
(مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلا بِإِذْنِ اللهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ يَهْدِ قَلبَهُ وَاللهُ بِكُل شَيْءٍ عَليمٌ) (التغابن:11) .
(تَنَزَّلُ المَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُل أَمْرٍ) (القدر:4) .
الجعل الكوني والشرعي
جعل إذا أضيفت إلي الله فهي على معنيين: المعني الأول هو المعني الكوني معني الخلق والتقدير والتكوين والتدبير ، الذي يقع لا محالة ، كقوله تعالى: (أَلمْ نَجْعَل الأَرْضَ مِهَادًا وَالجِبَال أَوْتَادًا وَخَلقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا وَجَعَلنَا الليْل لبَاسًا وَجَعَلنَا النَّهَارَ مَعَاشًا وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا وَجَعَلنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا) (النبأ:6:13) (وَجَعَل الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ) (الأنعام: 1) ، وقوله تعالى: (وَجَعَلنَا مِن َالمَاءِ كُل شيء حَي أَفَلا يُؤْمِنُونَ) (الأنبياء:30) ، (وَجَعلنَا في الأَرْضِ رَوَاسِي أَن تَمِيدَ بِهَمْ وَجَعَلنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلا لعَلهُمْ يَهْتَدُونَ) (الأنبياء: 31) ، وقوله: (وَجَعَلنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا) (الأنبياء:32) .
المعني الثاني لجعل إذا أضيفت إلي الله ، هو المعني الشرعي الديني الذي يحتوي على منهج المكلفين وشريعة المسلمين ويبين طريق عبادتهم وصلاح دنيتهم ، وهذا قد يقع وقد لا يقع كقوله تعالى: (فَمَا جَعَل اللهُ لكُمْ عَليْهِمْ سَبِيلا) أي لم يجعل لكما حكما شرعيا في قتالهم لأن الآيات تقول : (وَدُّوا لوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْليَاءَ حتى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيل اللهِ فَإِنْ تَوَلوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَليًّا وَلا نَصِيرًا ، إِلا الذِينَ يَصِلُونَ إلي قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلوْ شَاءَ اللهُ لسَلطَهُمْ عَليْكُمْ فَلقَاتَلُوكُمْ فَإِنْ اعْتَزَلُوكُمْ فَلمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلقَوْا إِليْكُمْ السَّلمَ فَمَا جَعَل اللهُ لكُمْ عَليْهِمْ سَبِيلا ، سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُل مَا رُدُّوا إلي الفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا فَإِنْ لمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلقُوا إِليْكُمْ السَّلمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُوْلئِكُمْ جَعَلنَا لكُمْ عَليْهِمْ سُلطَانًا مُبِينًا) (النساء:91) .
وكقوله تعالى: (لكُلٍّ جَعَلنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلوْ شَاءَ اللهُ لجَعَلكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلكِنْ ليَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إلي اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلفُونَ) .
وكقوله: (مَا جَعَل اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ وَلا وَصِيلةٍ وَلا حَامٍ وَلكِنَّ الذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ على اللهِ الكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُون) وكقوله: (وَآتَيْنَا مُوسَي الكِتَابَ وَجَعَلنَاهُ هُدًي لبَنِي إِسْرَائِيل أَلا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلا) .
(الحَمْدُ للهِ الذِي أَنزَل على عَبْدِهِ الكِتَابَ وَلمْ يَجْعَل لهُ عِوَجَا) (إِنَّ الذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيل اللهِ وَالمَسْجِدِ الحَرَامِ الذِي جَعَلنَاهُ للنَّاسِ سَوَاءً العَاكِفُ فِيهِ وَالبَادِي وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلحَادٍ بِظُلمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَليمٍ) .
(وَلكُل أُمَّةٍ جَعَلنَا مَنْسَكًا ليَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ على مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ) (وَالبُدْنَ جَعَلنَاهَا لكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ لكُمْ فِيهَا خَيْرٌ) (لكُل أُمَّةٍ جَعَلنَا مَنسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ فَلا يُنَازِعُنَّكَ فِي الأَمْرِ) (ثُمَّ جَعَلنَاكَ على شَرِيعَةٍ مِنْ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الذِينَ لا يَعْلمُونَ) .
ومن هذا الباب قوله تعالى: (إِنَّا جَعَلنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لعَلكُمْ تَعْقِلُونَ) أي أنزل كلامه وشريعته بلغة العرب ، وقد بين الله السبب فقال: (وَلوْ جَعَلنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لقَالُوا لوْلا فُصِّلتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُل هُوَ للذِينَ آمَنُوا هُدًي وَشِفَاءٌ وَالذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَليْهِمْ عَمًي) وقال: (وَكَذَلكَ أَوْحَيْنَا إِليْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الكِتَابُ وَلا الإيمان وَلكِنْ جَعَلنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لتَهْدِي إلي صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) .
وقد من جهل الخليفة المأمون وأتباعه من المعتزلة أنه لبس الأمور وخلط الجعل فجعل الكوني بالمعني الشرعي والشرعي بالمعني الكوني ، اسمع ماذا يقول في رسالته: (وقد قال الله عز وجل في محكم كتابه ، الذي جعله لما في الصدور شفاء ، وللمؤمنين رحمة وهدي: (إِنَّا جَعَلنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً) ، فكل ما جعله الله فقد خلقه ، وقال: (الحَمْدُ للهِ الذِي خَلقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَل الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ) (الأنعام:1) ، فجعل الأولي بمعني شرع والثانية بمعني خلق فأراد أن يسوى بينهما .
أما جعل إذا أضيفت لمخلوق فلا تكون بمعني خلق وليست بالمعني الكوني ولا بالمعني الشرعي ، كقوله تعالى: (أَجَعَلتُمْ سِقَايَةَ الحَاجِّ وَعِمَارَةَ المَسْجِدِ الحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيل اللهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللهِ وَاللهُ لا يَهْدِي القَوْمَ الظَّالمِينَ): (وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللهُ سَمِيعٌ عَليم) (أَوْ كَصَيِّبٍ مِنْ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنْ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ المَوْتِ وَاللهُ مُحِيطٌ بِالكَافِرِين) فجعل هنا لا يمكن أن تكون بمعني خلق أبدا ، وليس كل ما جعله الله فقد خلقه كما زعم المأمون .
اختبار لرواد المنتدى : ما هو البعث الكوني والشرعي فيما يأتي ؟
(مَا خَلقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) (لقمان:28) (لقَدْ مَنَّ اللهُ عَلى المُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَليْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلمُهُمُ الكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (آل عمران:164) (وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلا هُزُواً أَهَذَا الذِي بَعَثَ اللهُ رَسُولاً) (الفرقان:41) ، (وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي القُبُورِ) (الحج:7) (وَقَال لهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لكُمْ طَالُوتَ مَلكاً قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لهُ المُلكُ عَليْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالمُلكِ مِنْهُ وَلمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ المَال قَال إِنَّ اللهَ اصْطَفَاهُ عَليْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي العِلمِ وَالجِسْمِ وَاللهُ يُؤْتِي مُلكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَليمٌ) (البقرة:247) (وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلكَ القُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولاً يَتْلُو عَليْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلكِي القُرَى إِلا وَأَهْلُهَا ظَالمُونَ) (القصص:59) (قُل هُوَ القَادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَليْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلكُمْ أَوْ يَلبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآياتِ لعَلهُمْ يَفْقَهُونَ) (الأنعام:65) .
اختبار لرواد المنتدى : ما هو الإرسال الكوني والشرعي فيما يأتي ؟
(وَهُوَ الذِي أَرْسَل الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً) (الفرقان:48) (هُوَ الذِي أَرْسَل رَسُولهُ بِالهُدَى وَدِينِ الحَقِّ ليُظْهِرَهُ عَلى الدِّينِ كُلهِ وَلوْ كَرِهَ المُشْرِكُونَ) (التوبة:33) (كَمَا أَرْسَلنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُو عَليْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلمُكُمُ الكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَيُعَلمُكُمْ مَا لمْ تَكُونُوا تَعْلمُونَ) (البقرة:151) (أَلمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلنَا الشَّيَاطِينَ عَلى الكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزّاً) (مريم:83) (وَلئِنْ أَرْسَلنَا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرّاً لظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ) (الروم:51) (وَمَا أَرْسَلنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلا قَال مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلتُمْ بِهِ كَافِرُونَ) (سـبأ:34) (إِذْ أَرْسَلنَا إِليْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِليْكُمْ مُرْسَلُونَ) (يّـس:14) (وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلنَا عَليْهِمُ الرِّيحَ العَقِيمَ) (الذاريات:41) (إِنَّا أَرْسَلنَا عَليْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ) (القمر:19) (إِنَّا أَرْسَلنَا عَليْهِمْ حَاصِباً إِلا آل لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ) (القمر:34) (وَلقَدْ أَرْسَلنَا نُوحاً وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالكِتَابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ) (الحديد:26) (إِنَّا أَرْسَلنَا عَليْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ المُحْتَظِرِ) (القمر:31
(إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَليْهِ وَسَلمُوا تَسْليماً) (الأحزاب:56) .

د. محمود عبد الرازق الرضواني
04-20-2005, 07:48 AM
هل نحن مسيرون أم مخيرون ؟
الصديق والزنديق
سئل سهل بن عبد الله التستري عمن قال: أنا كالباب لا أتحرك إلا أن يحركوني ، فقال: لا يقول هذا إلا صديق أو زنديق ، وهو يشير إلى انضباط الإرادة أو إسقاطها ، فإن ضبطها كان صديقا ، وإن أسقطها كان زنديقا ، ومعني ذلك أنه إذا وافقت إرادته إرادة الله الشرعية وإرادة الله الكونية كان مؤمنا مستقيما ، جاهد بعزم إرادته في العمل بشريعته وانضبط عليها فوفقه الله بمشيئته وإرادته الكونية ، ومن هنا يظهر لنا معنى التوفيق ، فالتوفيق هو اتفاق الإرادات ، إرادة العبد مع إرادة الرب الشرعية وإرادته الكونية ، وهذه الحالة تكون في المؤمن دون الكافر ، وقد عبر النبي صلي الله عليه وسلم عن ذلك بقوله فيما رواه البخاري من حديث أبي هريرة: (إن اللهَ قال: من عادَى لي وَليّاً فقد آذَنْته بالحرب ، وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيءٍ أحب إلي مما افتَرَضْته عليه ، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أُحبه ، فإذا أحبَبته كنت سمعه الذي يسمع به وبَصرَه الذي يبصر به ويدَه التي يبطِش بها ، ورجله التي يمشي بها ، وإنْ سألني لأَعطينه ، ولئن استعاذ بي لأعيذَنه ، وما ترددتُ عن شيء أنا فاعله ترَدُّدي عن نفسِ المؤمن يكرَه الموتَ وأنا أكرَه مَساءته) .
والمعنى توفيق الله لعبده في الأعمال التي يباشرها بهذه الأعضاء وتيسير المحبة له فيها ، بأن يحفظ جوارحه عليه ويعصمه من الوقوع فيما يكره ، من الإصغاء إلى اللهو بسمعه ومن النظر إلى ما نهى الله عنه ببصره ومن البطش فيما لا يحل له بيده ومن السعي إلى الباطل برجله .
ضمن الله سبحانه لكل من عمل صالحا أن يحييه حياة طيبة ، فهو سبحانه وتعالي صادق الوعد الذي لا يخلف وعده وأي حياة أطيب من حياة ، اجتمعت فيها هموم العبد كلها ، وصارت هما واحدا في مرضات الله ، فأقبل بقلبه على ربه واجتمعت إرادته بقوة عزمه ، فصار ذكر ربه ، ومنتهي حبه ، في الشوق إلى لقائه والأنس بقربه ، وهو المتولي عليه ، وعليه تدور همومه وإرادته ، وأفكاره ونيته ، بل خطرات قلبه تتعلق بربه ، فان سكت ، سكت بالله وإن نطق ، نطق بالله ، وإن سمع فبه يسمع ، وإن أبصر فبه يبصر ، وبه يبطش ، وبه يمشى ، وبه يتحرك ، وبه يسكن ، وبه يحيى ، وبه يموت ، وبه يبعث كما في ورد في هذا الحديث من عادَى لي وَليّاً فقد آذَنْته بالحرب ، وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيءٍ أحب إلي مما افتَرَضْته عليه ، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أُحبه ، فإذا أحبَبته كنت سمعه الذي يسمع به وبَصرَه الذي يبصر به ويدَه التي يبطِش بها ، ورجله التي يمشي بها ، وإنْ سألني لأَعطينه ، ولئن استعاذ بي لأعيذَنه ، وما ترددتُ عن شيء أنا فاعله ترَدُّدي عن نفسِ المؤمن يكرَه الموتَ وأنا أكرَه مَساءته .
فأسباب محبة الله محصورة في أمرين: أداء فرائضه والتقرب إليه بنوافله ، وأخبر سبحانه أن أداء فرائضه أحب مما تقرب إليه المتقربون ، ثم بعدها النوافل وأن المحب لا يزال يكثر من النوافل حتى يصير محبوبا لله ، فإذا صار محبوبا لله ، زاده الله بفضله محبة أخرى ، فوق المحبة الأولى ، فشغلت هذه المحبة قلبه عن الفكرة والاهتمام بغير الله ، وملكت عليه روحه ، ولم يبق فيه سعة لغير محبة الله أبدا ، فصار ذكر الله وطاعته مثله الأعلى وحبه الأقوى ، صار مالكا لزمام قلبه ، مستوليا على روحه ، ولا ريب أن هذا المحب إن سمع ، سمع لمحبوبه وإن أبصر أبصر به وإن بطش بطش به ، وإن مشي مشي به .
والحديث خص بالذكر السمع والبصر واليد والرجل ، لأن هذه الآلات هي آلات الفعل ومداخل الوعي ، فالسمع والبصر يحركان في القلب الإرادة أو والكره ، ويبعثان فيه الحب والبغض ، فعند ذلك تتحرك اليدان والرجلان ، فإذا كان سمع العبد بالله وبصره محفوظا بحفظ الله وتوفيقه ، كان محفوظا في حبه وبغضه ، وحفظه الله في بطشه ومشيه
وتأمل قوله: (كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها) تجد معية خاصة بين العبد وربه مقتضاها كمال المراقبة ، و معية خاصة بين الرب وعبده مقتضاها الحفظ والمتابعة ، معية التوفيق يمنحها لعبده من فوق عرشه ، تتوافق فيها إرادة العبد مع اختيار الرب وتدبيره الشرعي وكذلك مع تقدير الرب وتدبيره الكوني ، وهذه المعية هي المعية الخاصة المذكورة في قوله تعالى: (إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الغَارِ إِذْ يَقُولُ لصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا فَأَنْزَل اللهُ سَكِينَتَهُ عَليْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لمْ تَرَوْهَا وَجَعَل كَلمَةَ الذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى وَكَلمَةُ اللهِ هِيَ العُليَا وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (التوبة:40) وقوله تعالى: (وَالذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلنَا وَإِنَّ اللهَ لمَعَ المُحْسِنِينَ) (العنكبوت:69) وقوله: (إِنَّ اللهَ مَعَ الذِينَ اتَّقَوْا وَالذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) (النحل:128) وقوله: (وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) (لأنفال:46) وقوله: (قَال كَلا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) (الشعراء:62) فمتى كان العبد قائما بالله علي حفظ التدبير الشرعي لا يخرج قيد أنملة عن قضائه الشرعي وفقه الله بتدبيره الكوني ، وعند ذلك هانت عليه المشاق ، وانقلبت المخاوف في حقه أمانا ، فبالله تهون الصعاب ، ويصبح العسير سهلا ، والبعيد قريبا ، وبالله تزول والهموم والأحزان ، ولا يبقي غم مع الإيمان ، فلا هم مع الله ولا غم مع الله ولا حزن مع الله .
ومن إكرام الله لعبده الصديق أن الله قال في شأنه: (وإنْ سألني لأَعطينه ، ولئن استعاذ بي لأعيذَنه ، وما ترددتُ عن شيء أنا فاعله ترَدُّدي عن نفسِ المؤمن يكرَه الموتَ وأنا أكرَه مَساءته) .
أكرم عبده الصديق بإجابة الدعاء ، فالمسلم الذي يوافق شرع الله أكرمه الله بإجابة الدعاء ففي الحديث الصحيح الذي أخرجه الترمذي والحاكم من حديث عبادة ابن الصامت أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: (ما على الأرض مسلم يدعو بدعوة إلا آتاه الله إياها ، أو صرف عنه من السوء مثلها) ، وفي زيادة عند الإمام أحمد من حديث أبي هريرة: إما أن يعجلها له ، وإما أن يدخرها له) وعن الإمام أحمد أيضا من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: (ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته ، وإما أن يدخرها له في الآخرة ، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها) .
روي الحافظ أبو بكر بن مردويه بسنده عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال تليت هذه الآية عند النبي صلى الله عليه وسلم: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) (البقرة:168) فقام سعد بن أبي وقاص فقال: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة ، فقال: يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة ، والذي نفس محمد بيده إن الرجل ليقذف اللقمة الحرام في جوفه ما يتقبل منه أربعين يوما ، وأيما عبد نبت لحمه من السحت والربا فالنار أولى به .
وروى البخاري من حديث عن جابرِ بنِ سَمُرةَ رضي الله عنه أنه قال: شَكا أهلُ الكوفةِ سَعداً إِلى عمرَ رضي اللهُ عنه وزعموا أنه لا يُحسِنُ أن يُصلي ، فعزَلهُ - وكان عمر بن الخطاب قد أمر سعد بن أبي وقاص على قتال الفرس في سنة أربع عشرة ففتح الله العراق على يديه ، ثم دخل الكوفة سنة سبع عشرة واستمر عليها أميرا إلى سنة عشرين أو إحدى وعشرين ، فشكاه أهلُ الكوفةِ إِلى عمرَ رضي اللهُ عنه ، فعزَلهُ ، واستعمل عليهم عمار ابن ياسر ، استعمل عمارا على الصلاة وابن مسعود على بيت المال وعثمان بن حنيف على مساحة الأرض ، انتهى ، وكأن تخصيص عمار بالذكر لوقوع التصريح بالصلاة دون غيرها مما وقعت فيه الشكوى - فأَرسل إِليه عمر ابن الخطاب فقال له: يا أبا إسحاق إنَّ ه?ؤلاء يَزعُمونَ أَنَّكَ لا تُحسِنُ تُصلي ، قال أبو إِسحاقَ: أمّا أنا واللهِ فإني كنتُ أُصلي بهم صلاةَ رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم ما أخرِمُ عنها ، أُصلي صلاةَ العِشاءِ فأَركُدُ في الأُوليَيْنِ وَأُخِفُّ في الأُخرَيَينِ ، قال: ذاكَ الظنُّ بكَ يا أبا إِسحاقَ ، فأَرسل معه رجُلاً أو رجالاً إِلى الكوفةِ فسأل عنه أهل الكوفة ِ ، ولم يَدَعْ مسجداً إِلاّ سأل عنه ، وَيُثنونَ مَعروفاً ، حتى دخل مسجداً لبني عبسٍ ، فقامَ رجلٌ منهم يُقالُ له أُسامةُ بنُ قَتادةَ يُكْنى? أَبا سَعدةَ قال: أمّا إِذ نَشَدْتَنا فإِنَّ سَعداً كان لا يَسيرُ بالسرِيَّةِ ، ولا يَقسِمُ بالسَّوِيَّة ، ولا يَعدِلُ في القَضيَّة ، قال سعد ٌ: أَما وَاللهِ لأدْعوَنَّ بثَلاثٍ: اللّهمَّ إِن كان عبدُكَ هذا كاذباً قامَ رِياءً وَسُمعةً فأَطِل عمرَهُ ، وَأَطِل فَقرَهُ ، وَعَرِّضْهُ بالفِتَنِ ، فاستجاب الله دعاءه وحقق نداءه ، وكان هذا الرجل في آخر حياته إِذا سُئل يقول: شَيخٌ كبيرٌ مَفتون ، أصابَتْني دَعوةُ سعد ، قال عبدُ الملك: فأنا رأيتُه بعدُ قد سَقطَ حاجِباهُ عَلى عَينيهِ منَ الكِبَرِ ، وإِنه ليَتعرَّضُ للجواري في الطُّرقِ يغمزهُنَّ .
ثم يقول في الحديث: (وما ترددتُ عن شيء أنا فاعله ترَدُّدي عن نفسِ المؤمن يكرَه الموتَ وأنا أكرَه مَساءته) كيف ينسب التردد إلى الله ؟ والجواب عن ذلك أن التردد فعل من أفعال الله تعالى وأفعاله سبحانه فيها الكمال والجمال ، وتشهد لحكمته بالعظمة والجلال ، فالله لا يتصف إلا بالكمال المطلق الذي لا نقص فيه بوجه من الوجوه كالحياة والعلم والقدرة ، والسمع والبصر والرحمة ، والعزة والحكمة والعظمة ، وغير ذلك من أوصاف الكمال في كل حال ، أما ضد ذلك من أوصاف النقص ، كالموت والعجز والظلم ، والغفلة والسنة والنوم ، فقد تنزه ربنا وتعالي عن ذلك فسبحه الموحدون ، وقال المؤمنون في وصفه كما قال المرسلون: (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ، وَسَلامٌ على المُرْسَلينَ وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالمِينَ) أما إذا كان الوصف عند تجرده عن الإضافة في موضع احتمال ، فكان كمالا في حال ونقصا في حال ، فالمسلم العاقل يقف مدققا ، لا يثبته لله إثباتا مطلقا ، ولا ينفيه عنه نفيا مطلقا ، بل لا بد في ذلك من البيان والتفصيل ، والتقيد بما ورد ذكره في التنزيل .
فقد ورد من الألفاظ في القرآن ما ينسب مرة إلي الإنسان ، وينسب إلي الله لا على وجه النقصان ، كالمكر والخداع والنسيان ، والاستهزاء والكيد والخذلان ، وغير ذلك من الأوصاف ، وما يقال فيها سوف يقال في الاستخلاف ، فالمكر مثلا هو التدبير في الخفاء بقصد الإساءة أو الابتلاء أو المعاقبة والجزاء ، وقد يكون عيبا مذموما إذا كان بالسوء في الابتداء ، وقد يكون محمودا إذا كان لتدمير مكر الكافرين والسفهاء ، فإذا كان المكر عند الإطلاق كمالا في موضع ونقصا في آخر فلا يصح إطلاقه في حق الله دون تخصيص ، كقول القائل: المكر صفة الله ، فهذا باطل ، لأن الإطلاق فيه احتمال اتصافه بالنقص أو الكمال ، لكن يصح قول القائل: مَكْرُ الله يكون للابتلاء والمعاقبة والجزاء ، فهو مكر مقيد لا يحتمل إلا الكمال ، فجاز أن يتصف به رب العزة والجلال ، كما أثبت ذلك لنفسه فقال: (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الذِينَ كَفَرُوا ليُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ المَاكِرِينَ) ، وما يقال في المكر يقال أيضا في الاستهزاء ، فالاستهزاء على الإطلاق يكون كمالا في موضع ونقصا في آخر ، فلا يصح إطلاقه في حق الله دون تقيد كقول القائل: الله يستهزئ ، فهذا باطل ، ولكن يصح أن يقول الله يستهزئ بالمنافقين في مقابلة استهزائهم بالمؤمنين ، فالاستهزاء في موضع النقص هو شأن المنافقين والاستهزاء في موضع الكمال ، ورد في قول رب العزة والجلال: (وَإِذَا لقُوا الذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلوْا إلي شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ ، اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ) .
وكذلك يقال في الخداع والسخرية والكيد ، فإن ذلك يكون كمالا في موضع ونقصا في آخر ، فلا يتصف به إلا في موضع الكمال كما قال: (إِنَّ المُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إلي الصَّلاةِ قَامُوا كسالي يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلا قَليلا) وفي السخرية بالمنافقين قال: (الذِينَ يَلمِزُونَ المُطَّوِّعِينَ مِنْ المُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالذِينَ لا يَجِدُونَ إِلا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللهُ مِنْهُمْ وَلهُمْ عَذَابٌ أَليمٌ) .
وكذلك أيضا ما ورد في صفة التردد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلي الله عليه وسلم عن قول الله عز وجل: (وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ المُؤْمِنِ يَكْرَهُ المَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءتَه) ، فالتردد يكون كمالا في موضع ونقصا في آخر ، فلو كان التردد عن جهل وقلة علم وعدم إحكام للأمر كان التردد نقصا وعيبا ، وإن كان التردد لإظهار الفضل والمحبة في مقابل إنفاذ الأمر وتحقيقة الحكمة كان التردد كمالا ولطفا وعظمة وهو المقصود في الحديث ، فالصديق هو من وافق بإرادته إرادة الله الشرعية والكونية .
أما الزنديق فهو الذي أثبت القدر محتجا به علي الشرع محاربا له به نافيا عن العبد قدرتة التي منحه الله إياها ونفي أمره سبحانه ونهيه ، فقد نفي الحكمة عن أفعال ربه ونسب الظلم والعبث إليه ، كالجبري الذي قال: ما حيلة العبد والأقدار جارية عليه في كل حال أيها الرائي - ألقاه في اليم مكتوفا وقال له إياك ، إياك أن تبتل بالماء ، ويقول قائلهم دعاني وسد الباب دوني فهل إلى دخولي سبيل بينوا لي قصتي ويقول الآخر ، وقيل لبعض هؤلاء أليس هو يقول ولا يرضى لعباده الكفر فقال دعنا من هذا رضيه وأحبه وأراده ومن أفسدنا غيره ، ومر بلص مقطوع اليد على بعض هؤلاء ، فقال: مسكين مظلوم أجبره على السرقة ثم قطع يده عليها ، وقيل لبعضهم: أترى الله كلف عباده مالا يطيقون ثم يعذبهم عليه ؟ ، قال: والله قد فعل ذلك ، ولكن لا نجسر أن نتكلم ، وأراد رجل من هؤلاء السفر فودع أهله وبكى ، فقيل: استودعهم الله واستحفظهم إياه ، فقال: ما أخاف عليهم غيره ، يقول ابن القيم: سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: عاتبت بعض شيوخ هؤلاء ، فقال لي: المحبة نار تحرق من القلب ما سوى مراد المحبوب ، والكون كله مراد له ، فأي شيء أبغض منه ، قال: فقلت له: إذا كان المحبوب قد أبغض بعض من في الكون وعاداهم ولعنهم فأحببتهم أنت وواليتهم ، أكنت وليا للمحبوب أو عدوا له ؟ قال: فكأنما ألقم حجرا .
وهم إنما يحتجون بالنصوص التي تدل علي التدبير الكوني دون الشرعي كقوله تعالي (وَمَا رَمَيْتَ إذ رَمَيْتَ ولكِنَ اللّهَ رَمَى) (الأنفال:17) (فَليَنْظُرْ الإِنسَانُ إِلى طَعَامِهِ أَنَّا صَبَبْنَا المَاءَ صَبًّا ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقًّا فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا وَعِنَبًا وَقَضْبًا وَزَيْتُونًا وَنَخْلا وَحَدَائِقَ غُلبًا وَفَاكِهَةً وَأَبًّا مَتَاعًا لكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ ) (فَلمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللّه قَتَلهُمْ) (الأنفال:71) ، فهؤلاء الزنادقة الذين يستبيحون ما حرم الله بحجة أنهم مسيرون مقهورون على أفعالهم أهل جهالة بالله وبكتابة ، فنظروا للكتاب والسنة بعين عوراء ، لأن الله عز وجل تارة ينسب الفعل إلي نفسه دون عبده عند دعوته إلي توحيد الربوبية ، وتارة ينسب الفعل إليه عند دعوته إلي توحيد العبودية ، فالأسباب مرة يثبت الله أحكامها ويكلفنا أن نأخذ بها ، ومرة ينفي تأثيرها لنعتقد في قدرته دون قدرتها ، وننسب الفعل إليه دون فاعليتها ، فترى القرآن مرة يقول في نفيها: (أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ) (الواقعة:64) ، فنفي عن الناس أفعالهم وتأثير الأسباب في رزقهم ، وأثبت لنفسه الأفعال وتصريف الأسباب ، لأنه الخالق حقيقة الذي قدر كل شيء في أم الكتاب ، ثم أثبت الأسباب للناس في موضع آخر فقال: (تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلهِ إِلا قَليلاً مِمَّا تَأْكُلُونَ) (يوسف:47) ويقول أيضا: (يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ ليَغِيظَ) (الفتح:29) فسماهم زراعا وقال تزعون ، لأننا في دار ابتلاء وامتحان واستخلاف واستئمان ، فنسب الفعل إلينا على أننا مستخلفون في ملكه مخولون في أرضه ، فطالبنا بالعمل والإنفاق ليصل كل منا إلي ما قدره من الأرزاق: (آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلكُمْ مُسْتَخْلفِينَ فِيهِ فَالذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لهُمْ أَجْرٌ كَبِير ٌ) (الحديد:7) فالدنيا دار ابتلاء وامتحان ، ولا بد أن يجتازها الإنسان (الذِي خَلقَ المَوْتَ وَالحَيَاةَ ليَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ العَزِيزُ الغَفُورُ) (الملك:2) وهو في هذه الدار بالخيار ، أيرغب في الجنة أم يرغب في النار ، كل ذلك ليؤول الناس إلى مصيرهم بعد الحساب ، ويتم ما قدره الله في أم الكتاب: (فَرِيقٌ فِي الجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ) (الشورى:7) فكل ميسر لما خلق له ، وكل سيرزق بما قدرله . فاللّه عز وجل قد أظهر الدنيا أسبابا ونسب الفعل إلي أهلها لإظهار حكمته عند دعوتهم لتوحيد الله بالعبودية ، وينسب الفعل ويثبته لنفسه في موضع آخر لإظهار قدرته عند دعوتهم لتوحيد الله بالربوبية ، فقال: (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيل اللهِ الذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ) (البقرة:190) (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيل اللهِ وَاعْلمُوا أَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَليمٌ) (البقرة:244) كلفهم بالقتال وجعله للمؤمنين اختبار ، اختبارا لهم بتوحيد العبودية لله ، وأن يطيعوا الله ويجاهدوا في سبيل الله ، إظهارا للشرائع والأحكام ، وتحقيقا لمعاني التوحيد والإسلام ، ثم قال في توحيد الربوبية ونسبة الفضل إليه في انتصارهم علي أعدائهم: (فَلمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللّه قَتَلهُمْ) (الأنفال:71) حتى لا ينسبوا الفضل إلى أنفسهم ولا يدخل العجب بالنفس إلى عقيدتهم فيقولون انتصرنا وعبرنا بقوتنا وقدرتنا وقتالنا وخبرتنا وحنكة قائدنا لولاه لهزمنا وغير ذلك مما تدندن عليه النفس الأمارة .

هل نحن مسيرون أم مخيرون ؟
متي نحتج بالقدر ؟
القدر يحتج به عند المصائب لا عند المعائب ، اعتقاد أهل الإيمان وأهل البصيرة في نصوص القرآن أن القدر يحتج به عند المصائب لا عند المعائب ، فأهل الإيمان يثبتون القضاء والقدر ، ويسندون جميع الكائنات إلى مشيئة ربها ، وإلى قدرة خالقها ، وأن ما شاء الله كان ، وما لم يشأ لم يكن ، وأن من لم يؤمن بالقدر ، فقد انسلخ من التوحيد ولبس جلباب الشرك ، ولم يؤمن بالله عز وجل ، ولم يعرفه حق المعرفة ، فالله عز وجل جعل للعبد إرادة واختيارا ، وفعلا وقدرة واستطاعة ، وابتلاه في الدنيا بين طريقين وهداه إلى النجدين ، إما إلى نجد الكفر والعصيان وإما إلى نجد الطاعة والإيمان ، وموقف العبد من قدر الرب ، أو العلاقة بين فعل العبد وفعل الرب ، تأتي في كتاب الله وفي سنة رسوله صلي الله عليه وسلم على أربعة أنواع:
أولا: الطاعة ، والطاعة تتم بإرادة الله الكونية ، وموافقة العبد للإرادة الله الشرعية ، فتتوافق الإرادات ، ويظهر توفيق الرب للعبد ، والفعل هنا ينسب إلى الله ، فعل الطاعة ينسب الفضل فيها إلى الله ، فهو الذي وفق العبد إلى طاعته ، وحقق له مراده بفضله ومنته ، فالفضل لله ، وإن كان فعل الطاعة بإرادة العبد وكسبه ، وسيجازي عند ربه على فعله ، لكن الفضل في الطاعة ينبغي أن ينسب إلى الله ، فالذين قالوا أسلمنا منة على نبيهم ، رد الله الفضل في إسلامهم إلى منته ، يقول تعالي: (يَمُنُّونَ عَليْكَ أَنْ أَسْلمُوا قُل لا تَمُنُّوا عَليَّ إِسْلامَكُمْ بَل اللهُ يَمُنُّ عَليْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ للإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (الحجرات:17) ويقول تعالي: (مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ) (النساء:79) سواء كان حسنة بالإرادة الكونية أو الإرادة الشرعية ، فالفضل لله في طاعة عبده ، ويجب على العبد أن ينسب الفضل إلى ربه ، فهو الذي حبب إليه الإيمان وزينه في قلبه ، (وَاعْلمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُول اللهِ لوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَمْرِ لعَنِتُّمْ وَلكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِليْكُمُ الإيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِليْكُمُ الكُفْرَ وَالفُسُوقَ وَالعِصْيَانَ أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ) (الحجرات:7) ، وقال أهل الجنة: (وَقَالُوا الحَمْدُ للهِ الذِي هَدَانَا لهَذَا وَمَا كُنَّا لنَهْتَدِيَ لوْلا أَنْ هَدَانَا اللهُ لقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلكُمُ الجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (لأعراف:43) الباء سببية وليست للعوض والمقابلة ، روي البخاري من حديث أبي سلمةَ بن عبد الرحمن عن عائشة أن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: (سَدِّدوا وقاربوا وأبشروا ، فإنه لا يدخل أحداً الجنةَ عملُه ، قالوا: ولا أنت يا رسول الله ؟ قال: ولا أنا ، إلا أن يتغمدَني الله بمغفرة ورحمة) ، وعند مسلم من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ أن رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: (قَارِبُوا وَسَدِّدُوا ، وَاعْلمُوا أَنَّهُ لنْ يَنْجُوَ أَحَدٌ مِنْكُمْ بِعَمَلهِ ، قَالُوا: يَا رَسُول اللهِ وَلاَ أَنْتَ ؟ قَال: وَلاَ أَنَا . إِلاَّ أَنْ يَتَغَمَّدَنِيَ اللهُ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ) .
فدخول الجنة بسبب العمل لكن العمل لا يقابل في المعادلة الجزاء ، فالجنة منحة من الله لأهل التقوى منحهم أياها بفضله ، كما أنه أيضا وفقهم في الدنيا إلي الإيمان والتقوى بفضله ، فهم يعلمون أنه لا حول ولا قوة لهم إلا بمعونة ربهم ، فالعبد لا ينتقل ولا يحول من حال إلى حال إلا بالله ، ولا قوة للإنسان على فعل شيء من الطاعة إلا بالله ، فلا حول ولا قوة إلا بالله كلمة عظيمة ، وكنز من كنوز الجنة ، كما ثبت عند الإمام البخاري من حديث أبي موسى رضي الله عنه قال: (كنّا مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم في سَفَر ، فكنا إذا عَلونا كبَّرنا ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: أيها الناس ، اربَعوا على أنفُسِكم ، فإنكم لا تدعون أصمَّ ولا غائباً ، ولكنْ تدعون سميعاً بصيراً ، يقول أبو موسى رضي الله عنه: ثمَّ أتى عليَّ وأنا أقولُ في نفسي: لا حول ولا قوة إلا بالله ، فقال: يا عبد الله بن قيْس ، قل لا حول ولا قوةَ إلا بالله ، فإنها كنزٌ مِنْ كنوز الجنة ، أو قال: ألا أدلك على كلمةٍ هي كنز من كنوز الجنة ؟ لا حول ولا قوة إلاّ بالله) .
فالطاعة ينسب الله فيها الفضل إلى نفسه ، ويمنح الأجر فيها لعبده ، حتى لا يتعالى بقوته دون ربه: (فَلمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللهَ قَتَلهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمَى وَليُبْليَ المُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَليمٌ) (لأنفال:17) (لقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَليْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَليْتُمْ مُدْبِرِينَ ، ثُمَّ أَنْزَل اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولهِ وَعَلى المُؤْمِنِينَ وَأَنْزَل جُنُوداً لمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الذِينَ كَفَرُوا وَذَلكَ جَزَاءُ الكَافِرِينَ) (التوبة:26) (وَلقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلةٌ فَاتَّقُوا اللهَ لعَلكُمْ تَشْكُرُونَ) (آل عمران:123) (وَمَا جَعَلهُ اللهُ إِلا بُشْرَى لكُمْ وَلتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلا مِنْ عِنْدِ اللهِ العَزِيزِ الحَكِيمِ) (آل عمران:126) .
(وتَرَى الظَّالمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ وَالذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الجَنَّاتِ لهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلكَ هُوَ الفَضْلُ الكَبِيرُ) (الشورى:22) (سَابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أُعِدَّتْ للذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلهِ ذَلكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ ذُو الفَضْل العَظِيمِ) (الحديد:21) (لئَلا يَعْلمَ أَهْلُ الكِتَابِ أَلا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِنْ فَضْل اللهِ وَأَنَّ الفَضْل بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ ذُو الفَضْل العَظِيمِ) (الحديد:29) (فَانْقَلبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللهِ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ) (آل عمران:174) وهذا منطق الموحدين ينسبون الفضل إلى رب العالمين: (قَال هَذَا مِنْ فَضْل رَبِّي ليَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ) (النمل:40) .
ثانيا: النوع الثاني من موقف العبد تجاه قدر الرب وفعله ، أو النوع الثاني من العلاقة بين فعل العبد وفعل الرب ، المعصية :
والمعصية ينسب فيها الفعل إلى كسب العبد ، وإن تم الفعل بقدرة الرب ومشيئته ، قال عن الطاعة: (مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ) وقال عن المعصية: (وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ) (النساء:79) فالمعصية لا يصح أن ينسبها العبد إلى الرب ، فهذا فعل المشركين الذين قال الله فيهم: (سَيَقُولُ الذِينَ أَشْرَكُوا لوْ شَاءَ اللهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلكَ كَذَّبَ الذِينَ مِنْ قَبْلهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُل هَل عِنْدَكُمْ مِنْ عِلمٍ فَتُخْرِجُوهُ لنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلا تَخْرُصُونَ) (الأنعام:148) (وَقَال الذِينَ أَشْرَكُوا لوْ شَاءَ اللهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلكَ فَعَل الذِينَ مِنْ قَبْلهِمْ فَهَل عَلى الرُّسُل إِلا البَلاغُ المُبِينُ) (النحل:35) ، وقال تعالى: (وَإِذَا قِيل لهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ قَال الذِينَ كَفَرُوا للذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لوْ يَشَاءُ اللهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (يّـس:47) (وَقَالُوا لوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لهُمْ بِذَلكَ مِنْ عِلمٍ إِنْ هُمْ إِلا يَخْرُصُونَ) (الزخرف:20) فهؤلاء المحتجون بالقدر على سقوط الأمر والنهي من جنس المشركين المكذبين للرسل ، وهؤلاء حجتهم داحضة عند ربهم وعليهم غضب ولهم عذاب شديد ، فنسب المعصية إليهم فقال: (فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلفُونَ بِاللهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلا إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً) (النساء:62) (فَمَا لكُمْ فِي المُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَل اللهُ وَمَنْ يُضْلل اللهُ فَلنْ تَجِدَ لهُ سَبِيلاً) (النساء:88) (إِنَّا أَنْزَلنَا إِليْكَ الكِتَابَ بِالحَقِّ لتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللهُ وَلا تَكُنْ للخَائِنِينَ خَصِيماً) (النساء:105) (وَمَنْ يَقْتُل مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالداً فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَليْهِ وَلعَنَهُ وَأَعَدَّ لهُ عَذَاباً عَظِيماً) (النساء:93) وقد قال في الطاعة: (فَلمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللهَ قَتَلهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمَى وَليُبْليَ المُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَليمٌ) (لأنفال:17) ، فنسب القتل إليه عند الطاعة ، ونسبه إليهم عند المعصية ، قال تعالي: (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللهِ وَقَتْلهِمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلهِمْ قُلُوبُنَا غُلفٌ بَل طَبَعَ اللهُ عَليْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلا قَليلاً) (النساء:155) (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لعَنَّاهُمْ وَجَعَلنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الكَلمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ) (المائدة:13) (قُل إِنْ ضَللتُ فَإِنَّمَا أَضِل عَلى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِليَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ) (سبأ:50) (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) . وهنا يأتي معنى الإضلال لأن الإضلال من الشرود وعدم الاتفاق ، إرادة العبد خالفت إرادة الله الشرعية ووافقت الإرادة الكونية ، فباعتبار مخالفته الشرعية نقول ضل ، وننسب المعصية إليه ، وباعتبار وقوع الإرادة الكونية الحتمية نقول أضله الله: (فَإِنْ لمْ يَسْتَجِيبُوا لكَ فَاعْلمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَل مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللهِ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي القَوْمَ الظَّالمِينَ) (القصص:50) (بَل اتَّبَعَ الذِينَ ظَلمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَل اللهُ وَمَا لهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ) (الروم:29) (قُل إِنْ ضَللتُ فَإِنَّمَا أَضِل عَلى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِليَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ) (سبأ:50) (وَلقَدْ أَضَل مِنْكُمْ جِبِلاً كَثِيراً أَفَلمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ) (يّس:62) والمعصية وإن كانت بقدر الله إلا أنه لا يجوز أن يحتج فيها بالقدر ، وأنه مسير في ذلك مجبور ، فإن من فعل ذلك كان من أهل الزندقة ، كما علمنا من المحاضرات السابقة ، كالذي رأي لصا مر عليه وهو مقطوع اليد مقام عليه الحد ، فقال: مسكين مظلوم أجبره الله على السرقة ثم قطع يده عليها ، فصاحب هذا الاعتقاد الفاسد لا يكون إلا ظالما متناقضا ، إذا آذاه غيره أو ظلمه طلب معاقبته والمبالغة في جزائه والانتقام منه ، ولم يعذره بالقدر وبحجة أنه مسير مجبور ، وإذا كان هو الظالم لغيره احتج هو لنفسه بالقدر ، وادعي أنه مسير مجبور وقال: ما حيلة العبد والأقدار جارية عليه في كل حال أيها الرائي - ألقاه في اليم مكتوفا وقال له إياك إياك أن تبتل بالماء .
فلا يحتج أحد بالقدر علي معصيته إلا لإتباع الهوى ، وحجته باطلة داحضة فاسدة ، لا حق معه ولا دليل ، ولذلك لما احتج المشركون بالقدر على شركهم ، بين الله كذبهم وقال لهم: (قُل هَل عِنْدَكُمْ مِنْ عِلمٍ فَتُخْرِجُوهُ لنَا) (سَيَقُولُ الذِينَ أَشْرَكُوا لوْ شَاءَ اللهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلكَ كَذَّبَ الذِينَ مِنْ قَبْلهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُل هَل عِنْدَكُمْ مِنْ عِلمٍ فَتُخْرِجُوهُ لنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلا تَخْرُصُونَ) (الأنعام:148) ولهذا كان هؤلاء المشركون المحتجون بالقدر إذا عاداهم أحد قابلوه وقاتلوه وعاقبوه وانتقموا منه ولم يقبلوا حجته ، إذا قال لهم لو شاء الله ما عاديتكم بل هم دائما يعيبون من ظلمهم واعتدى عليهم ولا يقبلون احتجاجه بالقدر أبدا ، فلما جاءهم الحق من ربهم أخذوا يدافعون ذلك بالقدر ، ويقولون نحن مسيرون في شركنا وذنوبنا وقد رضي الله الشرك لنا ، فصاروا يحتجون على ترك الشرع ، بما لا يقبلونه على أنفسهم .
وهؤلاء يعلمون أنهم لو اعتدوا على محارم أمير أو وزير ، لأصابهم عقابه الشديد ، فامتثلوا خوفا على أنفسهم من الوعيد ، الذي يتوعدهم به مخلوق ، ولم يمتثلوا خوفا من ملك الملوك ، فانتهكوا محارم الله وتركوا ما فرضه عليهم في هذه الحياة ، فبئست العقيدة التي يكون فيها أمر المخلوق أعظم عندهم من أمر الله ، ونهي المخلوق أعظم عندهم من نهي الله ، وحق المخلوق أعظم عندهم من حق الله .
ثالثا: النوع الثالث في موقف العبد تجاه قدر الرب ، أو النوع الثالث من العلاقة بين فعل العبد وفعل الرب ، المصيبة :
قال الله تعالى: (أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ المَوْتُ وَلوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُل كُل مِنْ عِنْدِ اللهِ فَمَال هَؤُلاءِ القَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً) (النساء:78) ، قال الله تعالى: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلا بِإِذْنِ اللهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ يَهْدِ قَلبَهُ وَاللهُ بِكُل شَيْءٍ عَليمٌ) (التغابن:11) قال ابن مسعود رضي الله عنه هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم ، فالسعيد يستغفر من المعائب ويصبر على المصائب كما قال تعالى: (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الذِينَ لا يُوقِنُونَ) (الروم:60) (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالعَشِيِّ وَالأِبْكَارِ) (غافر:55) والشقي يجزع عند المصائب ، رجل ما ولده دون البنات ، وصدمت سيارته دون السيارات ، والشقي يحتج بالقدر على المعائب ، طالما أصابني ذلك فلن أصلي .
(كُل نَفْسٍ ذَائِقَةُ المَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالخَيْرِ فِتْنَةً وَإِليْنَا تُرْجَعُونَ) (الأنبياء:35) (وَكَذَلكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ ليَقُولُوا أَهَؤُلاءِ مَنَّ اللهُ عَليْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَليْسَ اللهُ بِأَعْلمَ بِالشَّاكِرِينَ) (الأنعام:53) فالله عز وجل خلق الدنيا للامتحان والابتلاء ، ولا بد لكي يقوم الابتلاء على قاعدة وأساس أن تحدث الفوارق بين الناس ، ليبلو بعضهم ببعض كما قال تعالى: (وَهُوَ الذِي جَعَلكُمْ خَلائِفَ الأرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ ليَبْلُوَكُمْ في مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ العِقَابِ وَإِنَّهُ لغَفُورٌ رَّحِيمٌ) (قَطَّعْنَاهُمْ فِي الأَرْضِ أُمَماً مِنْهُمُ الصَّالحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلكَ وَبَلوْنَاهُمْ بِالحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئاتِ لعَلهُمْ يَرْجِعُونَ) (الأعراف:168) (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلبَ عَلى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ذَلكَ هُوَ الخُسْرَانُ المُبِينُ) (الحج:11) (فَإِذَا مَسَّ الإنسان ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَال إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلى عِلمٍ بَل هِيَ فِتْنَةٌ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلمُونَ) (الزمر:49) .
رابعا: المعصية التي تاب العبد منها :
كما حدث في احتجاج آدم وموسى روي البخاري من حديث أبى هريرةَ أن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: (احتجَ آدمُ وموسى ، فقال له موسى: يا آدمُ أنتَ أبونا ، خيَّبتنا وأخرجتَنا من الجنَّة قال له آدمُ: يا موسى اصطفاكَ اللّهُ بكلامه وخطَّ لكَ بيده ، أتلومني على أمر قدَّرَهُ اللّه عليَّ قبل أن يخلُقَني بأربعين سنة ؟ فحجَّ آدمُ موسى ، فحجَّ آدمُ موسى ، ثلاثاً) ، وفي لفظ آخر احتج آدم وموسى عند ربهما فحج آدم موسى فقال موسى: أنت آدم الذي خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه واسجد لك ملائكته وأسكنك في جنته ثم أهبطت الناس بخطيئتك إلى الأرض قال آدم أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالته وبكلامه وأعطاك الألواح فيها تبيان كل شيء وقربك نجيا فبكم وجدت الله كتب التوراة قبل أن أخلق قال موسى بأربعين عاما قال آدم هل وجدت فيها وعصى آدم ربه فغوى قال نعم قال أفتلومني على أن عملت عملا كتبه الله على أن أعمله قبل أن يخلقني بأربعين سنة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فحج آدم موسى .
وربما يقول قائل آدم احتج بالقدر على معصيته ، وموسى لامه بعد توبته ، وجواب ذلك أن موسى أعرف بالله وأسمائه وصفاته من أن يلوم آدم على ذنب قد تاب منه ، كما أن الله بعد توبته اجتباه وهداه واصطفاه ، كما أن آدم عليه السلام أعرف بربه من أن يحتج بقضائه وقدره على معصيته ، بل إنما لام موسى آدم على المعصية التي نالت الذرية بخروجهم من الجنة ونزولهم إلى دار الابتلاء ، والمحنة بسبب خطيئة أبيهم ، فذكر الخطيئة تنبيها على سبب المصيبة ، المحنة التي نالت الذرية ، ولهذا قال له أخرجتنا ونفسك من الجنة ، وفي لفظ خيبتنا ، فاحتج آدم بالقدر على المصيبة ، وقال إن هذه المصيبة التي نالت الذرية بسبب خطيئتي كانت مكتوبة بقدره قبل خلقي والقدر يحتج به في المصائب دون المعائب أي أتلومني على مصيبة قدرت علي وعليكم قبل خلقي بكذا وكذا سنة .
ومثال ذلك من عصى ربه وتاب ثم يتذكر معصيته مع بعض أصحابه فيقول قدر الله وما شاء فعل ، (أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ المَوْتُ وَلوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُل كُل مِنْ عِنْدِ اللهِ فَمَال هَؤُلاءِ القَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً ، مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلنَاكَ للنَّاسِ رَسُولاً وَكَفي بِاللهِ شَهِيداً) (النساء:79)
(قُل لوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لبَرَزَ الذِينَ كُتِبَ عَليْهِمُ القَتْلُ إِلى مَضَاجِعِهِمْ وَليَبْتَليَ اللهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَليُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللهُ عَليمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) (آل عمران:154) .
هل نحن مسيرون أم مخيرون ؟
أفرارا من قدر الله ؟
القضاء والقدر أمر حتمي ، وتدبير كوني ، ومشيئة واقعة لا محالة ، سواء أخذ المرء بالأسباب أو ترك الأخذ بها ، فالمقضي واقع لا محالة ، وإنما الأخذ بالأسباب لإظهار الحكمة في توجيه الخطاب ، وإيضاح الأحكام من واجب واستحباب ، وحرام ومكروه ومتروك لذوي الألباب ، فعلى الأحكام يترتب الثواب والعقاب ، والعرض والحساب والنعيم والعذاب ، فالأسباب قدرها الله عز وجل بحيث يدفع بعضها بعضا ، ويتوالى بعضها إثر بعض ، وكلها بخلق الله وقدرته ، وعلمه ومشيئته ، وهذا اعتقاد السلف الصالح في علاقة القدر بالأسباب ، يأخذون بها ويؤمنون بما دون في أم الكتاب ، روى الإمام البخاري من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنه ، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرج إلى الشام ، حتى إذا كان بسرغ ، وهو موضع بالشام ، لقيه أمراء الأجناد ، أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه مع أصحابه ، وأخبروه أن الوباء وقع في أرض الشام ، وقع الطاعون بعمواس ، فاختلفوا فقال بعضهم: خرجت لأمر ولا نرى أن ترجع عنه ، وقال بعضهم: معك بقية الناس وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نرى أن تقدمهم على هذا الوباء .
فقال عمر: ارتفعوا عني ، قال ابن عباس: فقال لي عمر ادع لي المهاجرين الأولين فدعوتهم ، فاستشارهم فاختلفوا ، فقال بعضهم: معك بقية الناس وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نرى أن تقدمهم على هذا الوباء ، وقال بعضهم خرجت لأمر ولا نرى أن ترجع عنه ، فقال ارتفعوا عني فارتفعوا ، ثم قال ادع لي الأنصار فدعوتهم فاستشارهم فسلكوا سبيل المهاجرين واختلفوا كاختلافهم فقال ارتفعوا عني فارتفعوا .
ثم قال: ادع لي من كان ها هنا من مشيخة قريش ومن مهاجرة الفتح فدعوتهم فلم يختلف عليه منهم رجلان فقالوا: نرى أن ترجع بالناس ولا تقدمهم على هذا الوباء ، فنادي عمر في الناس إني مصبح على ظهر ، فأصبحوا عليه .
فقال أبو عبيدة ، أفرارا من قدر الله يا عمر ؟ فقال عمر: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة ، نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله ، وفي مسند أبي يعلي: (فقال أبو عبيدة أفرارا من قدر الله قال لو غيرك قالها يا أبا عبيدة نعم فرارا من قدر الله إلى قدر الله ، أرأيت لو كانت لك إبل فهبطت واديا ذا عدوتين إحداهما خصبة والأخرى جدبة أليس إذا رعيت الخصبة رعيتها بقدر الله وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله ؟ ، فجاء عبد الرحمن وكان متغيبا في بعض حاجته فقال إن عندي من هذا علما ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه ، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه ، فحمد الله عمر ثم انصرف ورجع إلى المدينة .
ومن عجائب ما ورد في القرآن قصة قوم خرجوا من بلدهم حذر الموت من الطاعون: (أَلمْ تَرَ إِلى الذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ المَوْتِ فَقَال لهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللهَ لذُو فَضْلٍ عَلى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُون َ) (البقرة:243) أصح الأقوال وأبينها وأشهرها عن السلف كما ذكر المفسرون أنهم خرجوا فرارا من الوباء لما وقع الطاعون في قريتهم ، قال ابن عباس: خرجوا فرارا من الطاعون فماتوا ، فدعا اللهَ نبيُ من الأنبياء أن يحييهم حتى يعبدوه فأحياهم الله ، وقال الحسن: خرجوا حذرا من الطاعون فأماتهم الله ودوابهم في ساعة واحدة وهم أربعون ألفا .
إبراهيم عليه السلام قال: (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ المَوْتَى قَال أَوَلمْ تُؤْمِنْ قَال بَلي وَلكِنْ ليَطْمَئِنَّ قَلبِي قَال فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنْ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِليْكَ ثُمَّ اجْعَل على كُل جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلمْ أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (البقرة/260) .
قال المفسرون: أمره أن يأخذ غرابا وحمامة وديكا ويمامة ، ثم قال له: أوثقهن واذبحهن وقطعهن ، فقطعهن ونتف ريشهن ومزقهن وخلط بعضهن ببعض ثم جزأهن وجعل على كل جبل منهن جزءا ، وأخذ رؤوسهن بيده ، ثم أمره الله تعالى أن يدعوهن فدعاهن ، فجعل ينظر إلي الريش يطير إلي الريش ، والدم يجتمع على الدم والعظم يلتحم بالعظم ، واللحم يلتصق باللحم ، كل طائر أجزاؤه تلتئم وتنضم ، حتى اكتمل البدن وتم ، وقام كل طائر يسعى بين يديه بغير رأسه ، ويرغب في التحامها بجسمه ، إذا قدم له غير رأسه يأباه ، فسبحان من خلقها وسواها ، كل ذلك وإبراهيم عليه السلام ينظر إلي فعل الله وقدرته ، ويتعجب من حكمته وقوته .
فلامحيص للإنسان عما قدر الله له وعليه ، لكن أمرنا الله تعالى بالحذر من المخاوف والمهلكات ، وباستفراغ الوسع في التوقي من المكروهات ، قال ابن جرير الطبري: (ولا نعلم خلافا أن الكفار أو قطاع الطرق ، إذا قصدوا بلدة ، وكان لا طاقة لأهلها بهم ، فلهم أن يتنحوا من بين أيديهم فرارا ، وإن كانت الآجال المقدرة لا تزيد ولا تنقص) .
وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا سمعتم به بأرض فلا تَقدموا عليه ، وإذا وَقع بأرض وأنتم بها فلا تخرُجوا فِراراً منه)
يعني أنه إذا كان الوباء بأرض فلا يقدم عليه أحد أخذا بالحزم والحذر والتحرز من مواضع الضرر ، ودفعا للأوهام المشوشة لنفس الإنسان ، وفي الدخول عليه الهلاك ، وذلك لا يجوز في حكم الله تعالى ، فإن صيانة النفس عن المكروه واجبة ، وكذلك الخوف من سوء الاعتقاد: بأن يقول القائل لولا دخولي في هذا المكان لما نزل بي مكروه .
أما النهي عن الفرار منه فقيل: إنما نهي عن الفرار منه لأن الكائن بالموضع الذي فيه الوباء ، لعله قد أخذ بحظ منه لاشتراك أهل ذلك الموضع في سبب ذلك المرض العام ، فلا فائدة لفراره بل يضيف إلى ما أصابه من مباديء الوباء مشقات السفر ، فتتضاعف الآلام ويكثر الضرر ، فيهلكون بكل طريق ويطرحون في كل فجوة ومضيق .
وقد قال ابن مسعود الطاعون فتنة على المقيم والفار ، فأما الفار فيقول: فبفراري نجوت ، وأما المقيم فيقول أقمت فمت ، وعند البخاري عن عائشة رضي الله عنها أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطاعون فأخبرها نبي الله صلى الله عليه وسلم أنه كان عذابا يبعثه الله على من يشاء فجعله الله رحمة للمؤمنين ، فليس من عبد يقع الطاعون فيمكث في بلده صابرا يعلم أنه لن يصيبه إلا ما كتب الله له إلا كان له مثل أجر الشهيد .
فالإسلام جاء بحسن الاعتقاد في الله ، والإيمان قضائه وقدره ، وجاء أيضا بمقضي العقل والأخذ بالأسباب ، فعند البخاري من حديث أبى هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا عدْوَى ولا طيرَةَ ، ولا هامَةَ ولاَ صفَرَ ، وفِرَّ من المَجْذُومِ كما تفرُّ الأسد)
فالنبي صلى الله عليه وسلم أراد بقوله (لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر) نفي ما كان يعتقده أهل الجاهلية من الاعتقادات الباطلة التي تؤثر في القلب ، وتضعف حسن الظن بالله ، بل قد تزيله ، وقد يكون معها نسبة الله جل وعلا إلى النقص ، إما بنفي القدرة ، وإما بالشرك ، فقد يجعل شريكا آخر معه في العبادة أو في التأثير ، ومن هنا قال رسول الله صلي الله عليه وسلم (لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر) فقوله: (لا عدوى) يعني لا عدوى مؤثرة بطبعها لأن أهل الجاهلية ، كانوا يعتقدون أن العدوى تؤثر بنفسها تأثيرا لا مرد له ، وتأثيرا لا صارف له .
وقوله صلي الله عليه وسلم: (لا عدوى) لا ينفي أصل وجود العدوى ، وهي انتقال المرض من المريض إلى الصحيح بسبب المخالطة بينهما ، فإن الانتقال بسبب المخالطة حاصل ملاحظ مشهود ، لكنه صلي الله عليه وسلم بقوله: (لا عدوى) لا ينفي أصل وجودها ، وإنما ينفي ما كان يعتقده أهل الجاهلية في العدوى ، فالمرض لا ينتقل من المريض إلى الصحيح عند مخالطة الصحيح للمريض بنفسه ، وإنما انتقاله وإصابة الصحيح بالمرض عند المخالطة إنما هو بقضاء الله وبقدره ، وقد يكون الانتقال وقد لا يكون ، فليس كل مرض معد يجب أن ينتقل من المريض إلى الصحيح ، بل إذا أذن الله بذلك انتقل ، وإذا لم يأذن لم ينتقل ، فهو واقع بقضاء الله وقدره ، فالعدوى أو انتقال المرض ، من المريض للصحيح سبب من الأسباب التي يحصل بها قضاء الله وقدره ، لكنها ليست لازما حتميا كما كان يعتقد أهل الجاهلية ، ولهذا ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الأخذ بالأسباب: (لا يورد ممرض على مصح ، ولا يُورد ممرض على مصح) .
فروي مسلم من حديث ابن شهاب أن أَبَا سَلمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَ?نِ بْنِ عَوْفٍ ، حَدَّثهُ أَنَّ رَسُول اللّهِ قَال: لاَ عَدْوَى ? ثُمَّ حَدَّثَ أَنَّهُ قَال: لاَ يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلى مُصِحَ . قَال أَبُو سَلمَةَ: كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُهُمَا كِلتَيْهِمَا عَنْ رَسُول اللّهِ ، ثُمَّ صَمَتَ أَبُو هُرَيْرَةَ بَعْدَ ذَلكَ عَنْ قَوْلهِ : لاَ عَدْوَى ، وَأَقَامَ عَلى أَنْ لاَ يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلى مُصِحَ ، قَال أبو سلمة بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَ?نِ بْنِ عَوْفٍ ، فَقَال الحَارِثُ بْنُ أَبِي ذبَابٍ (وَهُوَ ابْنُ عَمِّ أَبِي هُرَيْرَةَ): قَدْ كُنْتُ أَسْمَعُكَ ، يَا أَبَا هُرَيْرَةَ تُحَدِّثُنَا مَعَ هَ?ذَا الحَدِيثِ حَدِيثاً آخَرَ . قَدْ سَكَتَّ عَنْهُ . كُنْتَ تَقُولُ: قَال رَسُولُ اللّهِ : لاَ عَدْوَى ، فَأَبَى ، أَبُو هُرَيْرَةَ أَنْ يَعْرِفَ ذَلكَ ، وَقَال: «لاَ يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلى مُصِحَ فَمَا رَآهُ الحَارِثُ فِي ذَلكَ حَتَّى غَضِبَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَرَطَنَ بِالحَبَشِيَّةِ . فَقَال للحَارِثِ: أَتَدْرِي مَاذَا قُلتُ ؟ قَال: لاَ . قَال أَبُو هُرَيْرَةَ: قُلتُ: أَبَيْتُ . قَال أَبُو سَلمَةَ: وَلعمْرِي لقَدْ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُنَا أَنَّ رَسُول اللّهِ قَال: لاَ عَدْوَى ، فَلاَ أَدْرِي أَنَسِيَ أَبُو هُرَيْرَةَ ، أَوْ نَسَخَ أَحَدُ القَوْليْنِ الآخَرَ ؟ .
ومعني لاَ يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلى مُصِح ، أن الإبل المريضة لا تورد على الإبل الصحيحة ، لأن الخلطة سبب لانتقال المرض من الإبل المريضة إلى الصحيحة ، وهذا فيه إثبات لوجود العدوى ، ولكنه إثبات لسبب ، والسبب يتقى ، لأنه قد يحصل منه المكروه ، كما أنه إذا باشر المرء أسباب الهلاك حصل له الهلاك بقدر الله ، كما أنه إذا أكل حصل له الشبع ، وإذا شرب حصل له الري ، فذلك كله لأنها أسباب .
وقال صلى الله عليه وسلم: (فرَّ من المجذوم فرارك من الأسد) لأن المخالطة سبب لانتقال المرض من المجذوم إلى الصحيح ، وأكل مرة مع الجذوم وأدخل يده معه في الطعام ، لبين أن العدوى لا تنتقل بنفسها ، وأن المرء أيضا يجب عليه ألا يباشر أسباب الهلاك ، ويجب عليه أيضا أن يتوكل على الله حق التوكل ، وأن يعلم أن ما قدر الله لا بد وأنه كائنٌ لا محالة .
فانتقال المرض ليس بأمر حتمي وإنما هو سبب ، والذين يمضي العلل بمعلولاتها والمسببات بأسبابها هو الله جل وعلا ، الذي بيده ملكوت كل شيء ، ثم قال صلى الله عليه وسلم بعد قوله: (لا عدوى) قال: (ولا طيرة) لأن الطيرة التشاؤم (قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَال طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللهِ بَل أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ) (النمل:47) والطيرة أمرٌ كان يعتقده أهل الجاهلية ، بل ربما لم تسلم منه نفسٌ ، وروى الترمذي وقال حديث حسن صحيح عن عبدِ الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الطِّيَرَةُ مِنَ الشِّرْك ِ ، وَمَا مِنَّا إلاّ ولكنَّ الله يُذْهِبُهُ بالتَّوَكُّل) وقوله صلى الله عليه وسلم: (ما منا إلا) يعني ما منا إلا تخالط الطيرة قلبه ، ولهذا نجد أن أكثر الناس ربما وقع في أنفسهم بعض ظن السوء وبعض التشاؤم إما بريح مقبلة وإما بسواه .
وإذا أراد بعضهم السفر ورأى شيئا يكرهه ظن أنه سيصيبه هلاك لأنه أصابه نوع تطير ، والمؤمن يجب عليه أن يتوكل على الله حق التوكل كما صلى الله عليه وسلم: (ولكن الله يذهبُه بالتوكل) ، فالطيرة باطلة ولا أثر للأسباب إلا بقضاء وقدر .
ثم قال صلى الله عليه وسلم: (ولا هامة) وذلك لأن أهل الجاهلية كانوا يعتقدون أن الذي قتل يظل طائر على قبره يصيح بالأخذ بثأره ، وبعضهم يعتقد أن الهامة طائر تدخل فيه روح الميت فتنتقل بعد ذلك إلى حي آخر ، فمنع النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ، لمنافاته توحيد الله بأفعاله ، وهي اعتقادات جاهلي لا أصل لها .
ثم قال صلى الله عليه وسلم: (ولا صفر) أكثر أهل العلم إلى أن معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (ولا صفر) يعني لا تشاءموا بشهر صفر وهو الشهر المعروف بعد شهر الله المحرم ، فقد كانوا في الجاهلية يتشاءمون بصفر ويعتقدون أنه شهر فيه حلول المكاره والمصائب ، فلا يتزوج من أراد الزواج في شهر صفر لاعتقاده أنه لا يوفق ، ومن أراد تجارة فإنه لا يمضي صفقته في شهر صفر لاعتقاده أنه لا يربح ، ومن أراد التحرك والمضيّ في شئونه البعيدة عن بلده فإنه لا يذهب في ذلك الشهر لاعتقاده أنه شهر تحصل فيه المكاره والموبقات ، ولهذا أبطل صلى الله عليه وسلم هذا الاعتقاد الزائف فشهر صفر شهر من أشهر الله ، وزمان من أزمنة الله ، لا يحصل الأمر فيه إلا بقضاء الله وقدره ، ولم يختص الله هذا الشهر بوقوع مكاره ولا بوقوع مصائب ، بل حصلت في هذا الشهر أمور تاريخية عظمي وانتصارات عظيمة للمسلمين .
وفي الحديث: (لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر) زيادات أخري كقوله ولا نوء ولا غول ، فالحاصل من الروايات ستة أشياء: العدوى والطيرة والهامة والصفر والغول والنوء ، والأربعة الأول قد أفرد البخاري لكل واحد منها ترجمة مستقلة ، وأما الغول فقال الجمهور: كانت العرب تزعم أن الغيلان في الفلوات تتراءى للناس وتتغول لهم تغولا أي تتلون تلونا فتضلهم عن الطريق فتهلكهم ، فأبطل صلى الله عليه وسلم ذلك ، وأما النوء فقد كانوا يقولون: مطرنا بنوء كذا ، فأبطل صلى الله عليه وسلم ذلك بأن المطر إنما يقع بإذن الله لا بفعل الكواكب ، وإن كانت العادة جرت بوقوع المطر في ذلك الوقت ، لكن بإرادة الله تعالى وتقديره ، لا صنع للكواكب في ذلك .
قال ابن قتيبة في كتابه تأويل مختلف الحديث: (قالوا حديثان متناقضان رويتم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا عدوى ولا طيرة ، وقيل له إن النقبة تقع بمشفر البعير ، فيجرب لذلك الإبل ، قال فما أعدى الأول ثم رويتم لا يورد ذو عاهة على مصح وفر من المجذوم فرارك من الأسد ، وأتاه رجل مجذوم ليبايعه على الإسلام ، فأرسل إليه البيعة وأمره بالانصراف ولم يأذن له ، وقال: الشؤم في المرأة والدار والدابة ، قالوا: وهذا كله مختلف لا يشبه بعضه بعضا)
فهم يشيرون إلى حديث البخاري عن أبي هريرةَ رضيَ الله عنه قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: لا عدْوَى ولا صَفَرَ ولا هامة ، فقال أعرابيٌّ: يا رسول الله ، فما بالُ الإبل تكون في الرمل كأنها الظباء فيخالطها البَعيرُ الأجربُ فيُجْرِبها ؟ فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فمنْ أعدَى الأوَّل ؟ وحديث مسلم بسنده عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ عَنْ أَبِيهِ ، قَال: كَانَ فِي وَفْدِ ثَقِيفٍ رَجُلٌ مَجْذُومٌ . فَأَرْسَل إِليْهِ رَسُولُ اللّهِ: (إِنَّا قَدْ بَايَعْنَاكَ فَارْجِعْ) .
البخاري عن ابن عمرَ قال: (ذكروا الشؤمَ عندَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: إن كان الشؤم في شيء ففي الدارِ والمرأة والفرَس) . أخرجه أحمد وصححه ابن حبان والحاكم (من سعادة ابن آدم ثلاثة: المرأة الصالحة ، والمسكن الصالح ، والمركب الصالح ، ومن شقاوة ابن آدم ثلاثة: المرأة السوء ، والمسكن السوء ، والمركب السوء) وفي رواية لابن حبان (المركب الهني ، والمسكن الواسع) وفي رواية للحاكم (وثلاثة من الشقاء: المرأة تراها فتسوؤك وتحمل لسانها عليك ، والدابة تكون قطوفا فإن ضربتها أتعبتك وإن تركتها لم تلحق أصحابك ، والدار تكون ضيقة قليلة المرافق) .
وقد ذكر أبو محمد ابن قتيبة أنه ليس في هذا اختلاف ، ولكل معنى منها وقت وموضع ، فإذا وضع موضعه زال الاختلاف ، فعدوى الجذام ، فإن المجذوم يشتد رائحته حتى يسقم من أطال مجالسته ومحادثته ، وكذلك المرأة تكون تحت المجذوم ، فتضاجعه في شعار واحد فيوصل إليها الأذى ، وربما جذمت ، والأطباء تأمر أن لا يجالس المسلول ولا المجذوم)
وكذلك النقبة أو القرحة تكون بالبعير وهو جرب رطب فإذا خالط الإبل أو حاكها وأوى في مباركها وصل إليها بالماء الذي يسيل منه وبالنطف نحو ما به فهذا هو المعنى الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم لا يورد ذو عاهة على مصح .
وسئل ابن تيمية عن رجل مبتلى سكن في دار بين قوم أصحاء فقال بعضهم لا يمكننا مجاورتك ولا ينبغي أن تجاور الأصحاء فهل يجوز إخراجه فأجاب نعم لهم أن يمنعوه من السكن بين الأصحاء فإن النبي قال لا يورد ممرض على مصح فنهى صاحب الإبل المريضة أن يوردها على صاحب الإبل الصحاح مع قوله لا عدوى ولا طيرة وكذلك روى أنه لما قدم مجذوم ليبايعه أرسل إليه بالبيعة ولم يأذن له في دخول المدينة .
كما أن الأمر بالفرار من المجذوم كالفرار من الأسد ليس للوجوب ، بل للشفقة ، لأنه صلى الله عليه وسلم كان ينهى أمته عن كل ما فيه ضرر بأي وجه كان ، ويدلهم على كل ما فيه خير ، أما الطاعون ينزل ببلد فيخرج منه خوف العدوى وقد قال صلى الله عليه وسلم إذا وقع ببلد وأنتم به فلا تخرجوا منه وإذا كان ببلد فلا تدخلوه يريد بقوله لا تخرجوا من البلد إذا كان فيه كأنكم تظنون أن الفرار من قدر الله ينجيكم من الله ويريد بقوله وإذا كان ببلد فلا تدخلوه أن مقامكم في الموضع الذي لا طاعون فيه اسكن لقلوبكم وأطيب لعيشكم ، ومن ذلك المرأة تعرف بالشؤم أو الدار فينال الرجل مكروه أو جائحة فيقول أعدتني بشؤمها .
وفي وصية الخطاب بن المعلى لولده قال: يا بني إن زوجة الرجل سكن له ، ولا عيش له مع منازعتها ، فإذا هممت بنكاح امرأة فسل عن أهلها ، فإن العروق الطيبة تنبت الثمار الطيبة ، واعلم أن النساء أشد اختلافا من أصابع الكف ، فمنهن المعجبة بنفسها ، ومنهن المزرية ببعلها ، إن أكرمتها نسبت الفضل لنفسها ، لا تشكر على جميل ، ولا ترضي منه بقليل ، لسانها عليه سيف صقيل ، قد كشفت ستر الحياء عن وجهها ، فلا تستحي من عيوبها ، وجه زوجها مكلوم ، وعِرضُه مشتوم ، يصبح كئيبا ويمسي كئيبا ، شرابه مر وطعامه مر ، نهاره ليل ، وليله ويل ، تلدغه مثلُ الحية العقارة ، وتلسعه مثلُ العقرب الجرارة ، إن قال زوجها لا قالت نعم ، وإن قال نعم قالت لا ، كأنها مولدة لمخازيه ، محتقرة لما هو فيه ، ومنهن الورهاء الحمقاء ، الماضغة للسانها ، الآخذة في غير شأنها ، قد قنعت بحبه ورضيت بكسبه ، تأكل كالحمار الراتع ، تنتشر الشمس ولما يسمع لها صوت ، ولم يكنس لها بيت ، طعامها بائت وعجينها حامض وماؤها فاتر ، ومتاعها مزروع وماعونها ممنوع وخادمها مضروب وجارها مغلوب ، ومنهن العطوف الودود المباركة الولود ، المحبوبة في جيرانها ، المحمودة في سرها وإعلانها ، كريمة التبعل كثيرة التفضل ، خافضة صوتها ، نظيفة في بيتها ، خيرها دائم وزوجها ناعم ، محبوبة مألوفه ، وبالعفاف موصوفة ، جوهرة مثمرة ، وذكرها مفخرة ، حريصة على عرضها ، أمينة على بيتها ، تحفظ زوجها في غيبته ويأنس بها في حضرته ، فلتكن زوجتك من هذا الصنف تسعد بها في دنياك وأخراك .
يقول تعالى: (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّه إلاّ وَهُمْ مُشركُون) (يوسف:106) ، فلا بد من الإقرار بأن الله هو المقدر المدبر ، وأن الأسباب التي يقلبها ربنا ، مثلها كمثل الآلة بيد الصانع ، ألا ترى أنه لا يقال: السيف ضرب العنق ولا السوط ضرب العبد وإنما يقال: السياف ضرب العنق ، وفلان ضرب فلانا بالسوط ، وإن كانت هذه الأشياء أسبابا مباشرة للأفعال إلا أنها آلةٌ بيد صانعها ، وكذلك الخليقة يباشرون الأسباب في ظاهر النظر عند البشر ، واللّه من ورائهم محيط ومتوحد في الربوبية ، هو القادر الفاعل بلطائف القدرة وخفايا المشيئة .
وإنما ذكر اللّه تعالى الأسباب لأن الشرائع تتعلق بها والأحكام عائدة عليها بالثواب والعقاب ، فالعبد لا بد أن يعتقد أنه لا خالق إلا الله ولا مدبر للكون سواه ، وأن الرب الذي يرزق ويشفي ويحي ويميت بأسباب قادر على أن يرزق ويشفي ويحي ويميت من غير أسباب ، فالأخذ بالأسباب ركن من أركان التوكل على الله فلا يضر التصرف في أسباب العيش والتكسب في أسباب الرزق والأخذ بأسباب الشفاء والنجاة من الهلاك لمن صحّ توكله ولا يقدح في مقامه ولا ينقص ذلك من حاله ، وفي صحيح ابن حبان أن رَجُلا قال للنبيِّ: أُرْسِلُ نَاقَتِي وَأَتَوَكَّلُ ؟ قال َ: اعْقِلها وَتَوَكَّل ، فالموحد يعلم أن اللّه تعالى قد جعل في الأسباب منافع خلقه ومفاتح رزقه وخزائن حكمته ، وعلم أنه مقتد في ذلك بنبيه متبعٌ لسنته .
نسأل الله أن نكون من الموحدين الصادقين وصلي الله على سيد الخلق أجمعين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

beammer
11-15-2005, 06:09 PM
تم حذف المقال لمخالفته منهج أهل السنة والجماعة

متابعة إشرافية
مراقب 1

محمد علام
04-06-2006, 03:00 PM
--------------------------------------------------------------------------------

قدراتنا نحن اليشر تختلف تماما وكليا عن قدرة الله......على سبيل المثال اذا شاهدت مباراة كرة قدم بين البرازيل واثيوبيا....فمن المتوقع مبدأيا أن تحدد المنتصر....انه نوع من العلم الظنى....ولكن بعد أن رايت المباراه ورابت المنتصر بعينيك....صار العلم يقينيا....كلاهما علم
ولكن علم الله يختلف فى عظمه وقوته عن علم البشر....لا يمكنك ان تقول ان البرازيل منتصره قبل ان تشاهد المباراه....ولكن تستطيع ان تعطى علمك الظنى مقدما عن النتيجه....ولا يمكن الاحتكام الى هذا العلم الظنى لاعطاء الكأس للبرازيل او الحاق الهزيمه بأثيوبيا....فهذا هو الظلم....اما ان تقام المباراه وتصل النتيجه الى ما وصلت اليه ....هنا يمكنك تكريم المنتصر ....وهنا منتهى العدل
وانت عندما حكمت مفدما على النتيجه لم تكن ضربا بالودع....فانه نتيجه لعلم أخر انت تعلمه مسبقا....هذا العلم هو ما استنتجته من رؤيتك لاداء الفريقين قبل ذلك....ولما رأيته من نظام التدريب فى الفريقين ومستوى أداء اللاعبين....أى انك بنيت كل علمك لملاحظات أداء الافراد....ملاحظات بنيتها كلها على رؤيتك لتصرفات الافراد الظاهريه...مثل التدريب والاداء والمستوى الفنى....انت لم تدخل داخل نفس كل انسان لتعرف هل هو حقا مستعد للنصر او لا....ومعروف ان الله يعلم خائنة الاعين وما تخفى الصدور.....ومعروف ايضا ان الدين ظاهر وباطن....يمكنك ان تحكم على انسان انه متدين وباطنه غير هذا ....والله بعلم ما بخفى وما يبدى....أى ان علم الانسان يتوقف على الظاهر...والله يعلم الظاهر والباطن....وعلم الانسان يتضائل امام علم الله....
ومن هنا يمكن ان نستنتج ان الطفل الصغير والذى يحمل فى نفسه وتصرفاته أعمال معينه....
طبقا لتصرفات هذا الطفل يمكن أن نستنتج الشخصيه التى ستحكم هذا الطفل هذا من رؤيتنا لظواهر الامور....وهذه الرؤيه تتضاءل أمام رؤية الله وحكمته....فما أدراك والله يعلم ما فى نفس هذا الطفل.... حتى تفكيره الصامت يسمعه الله.....هنا علم الله الذى سجله...وهو علم لا يحتكم اليه الله لأن احتكامه اليه فى عقاب البشرأو مكافئتهم ظلم ....وما ربك بظلام للعبيد....ولكن بعد أن تتفتح أبواب الحياه أمام هذا الطفل ويكبرو يتحرك فى الحياه ويتعامل مع البشر بما يمليه عليه ضميره ونفسه....هنا يحق العقاب والثواب ....هذا الضمير وهذه النفس التى تعتبر كتابا مفتوحا أمام الله....وهذا الكتاب المفتوح هو الذى سجله الله فى اللوح المحفوظ

أما عن أن الله كتب هذا العلم وسجله قبل أن يخلق الانسان.....دون أن يرى باطنه أو ظاهره.....فهذا باطل ...فما عرفناه من القرأن ان الله خلق الانسان قيل خلقته هذه بزمن بعيد جدا....وعرف باطنه وظاهره....يظهر هذا فى قوله"وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين (172) أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتـُهلكـُنا بـِمَا فـَعَلَ المُبطِلون (173)" فالظاهر من هذه الايات ان الله سيق اليه العلم بكل خلقه وبشره وكل تصرفاتهم من قبل أن تدب أقدامهم على الأرض ......حتى فى هذه الايه أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين والابه الاخرى إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتـُهلكـُنا بـِمَا فـَعَلَ المُبطِلون وكأن الله يعلم حججهم وأقوالهم مسبقا اذ كيف يكفر ألأنسان وقد سمع الله وهو يشهده على نفسه بأنه هو الله....ولكن علم الله ببواطن الامور فى داخل الانسان ....هذا العلم أعلمه بحججهم ...وما سيختصموا به عنده يوم القيامه....ولكن ....لا تختصموا اليوم وقد قدمت أليكم بالوعيد ...ما يبدل القول لدى وما أنا بظلام للعبيد ....وبالتالى فكل مخلوقات الله التى ولدت وماتت والتى تحيا الان... والتى ستولد فى المستقبل....قد اطلع الله على اسرارها وبواطنها فبل أن يبرأها الله....وعلمه لما تخفى صدورها...أعلمه تصرفاتها التى ستنتج عن هذه الصدور...وفتحت امامه ضمائرهم ونفوسهم ككتاب مفتوح سطرهذا الكتاب فى اللوح المحفوظ... ...حتى التوبه التى يهتدى اليها العاصى الفاجر فى اخر عمره ...علمها الله مسبقا لعلمه بباطن سريرته...ولكن لن يكافأه بها حتى يعلنها....منتهى العدل....وان مات هذا الرجل قبل اعلانها فلن ينفعه صراخه وعويله...ولن يرجعه الله وان قال يارب ارجعون لعلى اعمل صالحا فيما تركت....وعلى كل هذا فالله لا بحاسبنا على عملنا فى اللوح المحفوظ ولكن يمهل الانسان حتى تنتهى المباراه..والتى يسجل كل قول وفعل فيه ملكان عن اليمين والشمال...ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد....وعندما تنتهى المباراه وتعلن النتائج لا حجة اليوم لانسان....فقد فات زمن العمل وولى...والان زمن الجزاء

كما أن القرأن بفسر بعضه بعضا فعندما يقول القرأن يضل الله من يشاء ويهدى من يشاء يذكر فى ايه أخرى أنه يهدى أليه من أناب ...الطريق مفتوح أمام الانسان...طريق الخير والشر.... حجه عقيمه أن يأتى انسان يوم القيامه قائلا يارب لقد سجلت على اعمالى فى لوحك المحفوظ وهذه الاعمال هى التى أوردتنى النار....فيأتى التقريع الالهى.. هل انبت؟وهل تبت...لو أنبت لهديتك...الم تسمع فى القرأن يهدى أليه من أناب....لا تختصم لدى اليوم وقد قدمت اليك وعيدى ...ألم تسمع عن جنتى ونارى؟....لن تدخل الجنه ولن تشم رائحتها....ولن أسويك بالمتقين ...لأنى لست بظلام للعبيد....لن أظلم المتقين وأسويك بهم...خذوه الى نار طالما كفر بها...وخذو المتقين الى جنة طالما أمنوا بها....

كما أن نفى العلم المستقبلى عن الله هو نفى للالوهيه....هل يكون اله من لا يعرف ما هو مصير عالمه...لا يمكن...أن تجميع اجساد الموتى من الارض هو علم غيبى ...اذ كيف بعلم الخالق انه قادر على هذا الا بعلم غيبى يعلمه؟....كما أن جهله بالغيب يهدد الكون بالزوال....كيف علم أن الارض لن يعصف بها مستقبل غامض فى هذا الكون الفسيح الا بعلم يعلمه وقدرة يقدرها...الله وحده...الله العظيم الحليم ....تشهد عليه أسمائه الحسنى....وقرأنه المحكم....لا اله الا الله

samy noor
04-07-2006, 12:54 AM
ياأخى..
كل الخلق الذى خلقه الله يقتضى زمنا لمعالجة الاحداث..
فيوم البشر غير يوم الملائكة (الذى فبه يوم كألف سنة ويوم بخمسين ألف سنة)..
والخلق لهم ماض وحاضر ومستقبل..
وخضوعنا للزمن هو الذى يثير فى نفسك هذا التساؤل.. والذى ننحيه جانبا بيقيننا فى عدل الله ..
ولا يخرج شىء فى كون الله عن علمه أبدا..
والفرق..
انك حين تعمل الخير فالله علمه أزلا..وتحوز رضاه..
وحين تعمل الشر فقد علمه أزلا .. وتحوز سخطه..
وحين تختار فقد سبق علمه باختيارك..
فالله لا يقتضيه زمن ليعالج الأحداث مثلنا.. فهو الخالق
وعلمه علم احاطه كلى .. ليس كعلمنا نحن..
فخضوعنا للزمن يجعل من المستحيل علينا مجرد تخيل علم الله الكلى الذى ليس وراءه ماض وليس أمامه ات..
< ولا يحيطون بشىء من علمه الا بما شاء >
هل يملك كوب الزجاج سؤالا لصانعه؟
وما الذى يحيط به كوب الزجاج من علم صانعه؟ تعالى الله علوا كبيرا..
فاذا جاء ذكر القدر فأمسك..استعظاما لمن خلقك..
فعقلنا قاصر عن الاحاطة بروحنا التى بين جنبينا .. فما بالك بعلم الله؟
وتذكر أن الله يخلقنا خلقا اخر فى الاخرة..
لنتمكن من مشاهدة الملأ الأعلى.. والاستعداد لحياة الخلود..
والكيفية من الغيب الذى يختص الله بعلمه دون سواه من خلقه..
يكفينا ما أخبر الله به عن نفسه.. وما أثبت لذاته من صفات.. أولها العدل..
وكما ذكرت فى مشاركة أخرى ..
فنحن الان نعيش اختياراتنا لتكون حجة علينا.. ولا يستطيع عاقل أن يقول أنه غير مخير..
فقدرتنا على الاختيار ظاهرة..
< بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله >
والسلام