المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عنوان المحاضرة ( الإضاح والبيان في موقف المسلم من فتن آخر الزمان )



السالم
07-25-2008, 09:51 PM
عنوان المحاضرة ( الإضاح والبيان في موقف المسلم من فتن آخر الزمان )

العلامة الوالد محمد بن عبد الوهاب الوصابي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


الحمدلله رب العالمين, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, إله الأوليين والآخرين, وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد:
فإن الله - سبحانه وتعالى - يقول: {الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} (العنكبوت1- 3), والكلام عن الفتن وما أكثرها وعن موقف المسلم عند الفتن, وأن الفتن فيها مصالح كثيرة وفوائد كثيرة ذلك أن الله - سبحانه وتعالى - اقتضت حكمته أن يبتلي عباده وأن يمتحنهم وأن يختبر إيمانهم وصلاحهم واستقامتهم من عدمه, فيسلط عليهم تلك الفتن فتنة بعد أخرى يمتحن إيمانهم وثباتهم ومواقفهم والبعض من الناس يظن أن الفتن تكون شراً دائماً, هي شر من جهة وهي خير من جهة, كذلك أن المؤمن إذا أحسن التصرف عند الفتنة ووفق للموقف الصحيح فإنه قد اختبروا ففاز وأفلح, فالله يقول: {الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ }لا يفتون في إيمانهم ولا يمتحنون عليه ولا يمحصون فيه ولا يختبرون عليه, هكذا بمجرد ادعاء الإيمان يترك الإنسان من دون أن يعرض على الاختبار وعلى الامتحان هذا ليس بصحيح, ولا شك أن الله - سبحانه وتعالى - يعلم ما كان وما لم يكن, يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن كيف يكون لو كان, فالله عالم بكل شيء ويعلم كل شيء ولكنه يريد أن يظهر الأشياء حتى يحاسب العباد على وفق أعمالهم فيما فعلوا أو تركوا, فتأتي هذه الفتن, فتنة التبرج والسفور, فتنة الاشتراكية, فتنة العبثية, فتنة الناصرية, فتنة الديمقراطية, فتنة الصوفية, فتنة التشيع والرفض, فتن كثيرة, هكذا لو هناك فقر, فتنة الفقر وفتنة الغنى, فتنة الغلاء, فتنة القحط, فتن كثيرة لا تخلو الأرض من الفتن والابتلاءات والاختبارات والتمحيصات, ومن ذلك أيضاً فتنة أبي الحسن التي مضت قبل سنين ...وفتن كثيرة, هذه الفتن فيها مصالح, فيها منافع, والله - سبحانه وتعالى - أرادها أن تكون ليبتلي عباده, وإذا كانت قصة الإفك وهي تعتبر فتنة أيضاً من الفتن, قال الله - سبحانه وتعالى - فيها: {إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ } (النور 11), ففيها مصالح واختبار للعباد, اختبار للعلماء واختبار لطلاب العلم واختبار للعامة, أي فتنة مما ذكرت أو لم أذكر والذي إنما هو نماذج وليس للحصر, فهي ابتلاء للناس جميعاً ممن وقعت في زمنهم وفي عصرهم وعايشوها كلٌ بحسب وضعه وبحسب حاله, فتنة للعلماء ما عساهم أن يقولوا, هل سيقولوا الحق والعدل والإنصاف ويراقبون الله - سبحانه وتعالى - فيما يتكلمون به, أم أنهم سيسكتون ويكونون قد شابهوا العمة وقد كتموا العلم والحق, وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز, أن أنهم سيتكلمون بالباطل وهذا أشد إثماً, هذا موقف العلماء, هذه الحالات الثلاث في كل فتنة تستدعي أن يقولوا فيها, والناس ينظرون إلى علمائهم ويسمعون لهم, ومع ذلك يسقط من يسقط أيضاً من أهل العلم في الفتنة الواحدة فضلاً عن طلابه وفضلاً عن العامة, فمن تكلم بعلم وإنصاف وتحرىٍ للحق والصواب هذا الذي نجا, ابتلي فنجح وهم قلة, يسقط حتى من أهل العلم في الفتنة أناس كثير, ومن يسكت ولا سيتكلم بشيء وهذا لم يؤدي الواجب الذي افترضه الله عليه وينطبق في حقه قول الله - سبحانه وتعالى -: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ * إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} (البقرة 159-160), فأنت ترى أن الله - سبحانه وتعالى - اشترط في توبة العالم الذي كتم العلم ولم يتكلم وسكت ولم ينطق بالحق اشترط من شروط توبته البيان {وَبَيَّنُواْ} فلا بد من البيان في حق العلماء في أي فتنة, والصنف الثالث كما سمعتم من نطق بالباطل وهذا إثمه اشد وذمه أعظم, إثمه أعظم وأشد من الذي سكت, وكلاهما فُتن واُمتحن فلم يفز ولم يفلح لا الذي نطق بالباطل ولا الذي سكت فلم ينطق بشيء, وإنما الذي فاز هو الذي نطق بعلم وبحق وإنصاف ونسأل الله الثبات والسداد, وفيما يتعلق أيضاً بطلاب العلم الذين بلغوا سن التكليف من البلوغ فما بعده أيضاً ابتلاء في حقهم هل سيخوضون في أمورٍ لم يدركوها, فإن منهم من يخوض في أمور لم يدركها وهذا إن نطق تقليداً فهو ممن يقول على بغير علم وإثمه عند الله عظيم, أم أنهم سيسكتون فيما قد ظهر لهم الحق وهم مكلفون أن يقولوا الحق في حدود ما يعلمون أم أنهم سيتعصبون للباطل كل هذا من الابتلاء, فلا تكون فتنة إلا وفيها من المصالح والمنافع والفوائد ما الله به عليم, والله - سبحانه وتعالى - أراد أن تكون هذه الدنيا داراً للامتحان على مدى الحياة, دار امتحان على مدى الحياة إلى الموت وحتى الموت ابتلاء, حتى الموت وسكرات الموت ونزعات الروح ابتلاء من سيثبت ومن سيكفر ونسأل العافية والسلامة, ولا يخرج المؤمن من ابتلاء إلا ودخ في آخر كما قال الله: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ ونبلوا أَخْبَارَكُمْ} (محمد31) وقال سبحانه وتعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} (البقرة155- 157), ابتلاء بالخير والشر, فالمؤمن مبتلى بالخير ومبتلى بالشر قال عليه الصلاة والسلام: ( عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمن, إن أصابته سراء حمد الله وشكر فكان خيراً له, وإن أصابته ضراء حمد الله وصبر فكان خيراً له) رواه مسلم عن صهيب الرومي رضي الله عنه, فالمؤمن يبتلى بالسراء والضراء ولكن موقفه موقف المؤمنين في السراء والضراء فهو فائز في الحالتين لهذا تعجب النبي عليه الصلاة والسلام من حال المؤمن, الله يبتليه بالخير فيفوز, ويبتليه بالشر فيفوز, فالمؤمن يتنقل من ابتلاء إلى ابتلاء مدى حياته حتى يفارق هذه الحياة, وهكذا أيضاً من ابتلاء الطلاب هل هم سيعودون إلى أهل العلم؟ أم أنهم سيخوضون في أمور لم يدركوها, لهذا قال الله - سبحانه وتعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ}(النساء59), وأولي الأمر هم العلماء والأمراء, فأمر الله بطاعتهم في حدود الكتاب والسنة, وجعل الله العلماء مراجع كما في قوله سبحانه وتعالى: {وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً} (النساء83), فالعلماء مراجع وكون الطالب لم يدرك كنه المسألة وحكم القضية فتأنى في الأمر ورجع إلى أهل العلم, هذا ابتلاء قد فاز فيه, ابتلاء فاز فيه واختبار نجح فيه, حفظ لسانه من القول على الله بغير علم حين يقول فلان أو فلان مبطل تعصباً لا ديناً ولا تفقهاً فهذا فيه خسران بخلاف من قال بعلم أو سكت وأرجع ألمر إلى أهل العلم وابتلاء أيضاً للعامة, اختبار للعامة, هل سيقولون بعلم أو يسكتون؟ هل سيعودون إلى أهل العلم؟ هل سيسألون؟ فإن الله - سبحانه وتعالى -: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} (33الأعراف), فجعل سبحانه وتعالى القول عليه بغير علم من أعظم الذنوب ومن أكبر الكبائر, وجعل إثمه فوق الشرك بالله والعياذ بالله, إذاً عرف من هذا أن هذه الابتلاءات والاختبارات فيها تصفيه وفيه أذله وفيها منافع للناس, إن الذهب إذا لم يعرض على النار ويحسم على النار وإلا لأصيب بالصدى وتوسخ لكن حين يعرض على النار يخرج منه الخبث ويصفو ويزكو وتظهر بارقة الذهب وهكذا قل في الفضة وفي النحاس وفي الرصاص وفي الحديد إلى غير ذلك, الحداد كم يخرج من خبث كان قد تلوث به الحديد لكن هذا لا يكون وهو بارد, لا يكون إلا بعد أن يفتنه في النار, يدخل قطعة الحديد في النار حتى تصير حمراء مثل الجمرة ولا يكفي هذا بل ويخرجها ويضعها على قطعة كتلة كبيرة من الحديد ويدقها بكتلة كبيرة أخرى من الحديد فحديد من تحتها وحديد من فوقها وهي في الوسط تضرب ضرباً وهناك يتطائر الخبث ويذهب عنه وتصفو هذه القطعة الحديدية مما كان قد أصابها من الخبث, فهكذا الفتن يحصل فيها تمحيص للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات, اختبار من الله لعباده للإنس وللجن لكلِّ من بلغ سن التكليف حتى يفارق الحياة, تذهب فتنة وتأتي أخرى وتذهب فتنة وتأتي أخرى ومن ثالثة إلى رابعة إلى عاشرة إلى إلى.. إلى الموت, حياة المؤمنين كلها ابتلاءات واختبارات وتمحيصات, والله - سبحانه وتعالى – يفعل ما يشاء {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} (الأنبياء23), وليس الشأن في الفتنة إنما الشأن كل الشأن في موقف المسلم من الفتنة, جاءت فتنة قل ستأتي فتن لكنَّ الشأن كل الشأن في موقف المسلم من كل فتنة, هل سيقف الموقف الشرعي؟ هناك مواقف شرعية توافق الكتاب والسنة يقفها المسلم مع كل فتنة, هذا كلما عُرض على الفتنة فاز وأفلح وصار مثل الذهب الصافي المصفى والنقي المنقى, الخبث يذهب عنه, بخلاف من ابتلي رسب, إذا اُختبر رسب وسقط, لم يقف المواقف التي شرعها الله, فأنتم لكم عبرة في قصة الإفك, كيف أن ألله – سبحانه وتعالى – أراد بها أن يبتلي عباده {إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ} (النور 11), لا يكون شراً في كل الوجوه, شراً في وجوه وخير من وجوه أخرى, فتنة حصلت, اتهم عِرض رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم, والذي تولى كبره هو رأس المنافقين عبدالله بن أبي ابن سلول عليه لعائن الله وغضبه وسخطه وعامله الله بما يستحق, كان مترباً برسول عليه الصلاة والسلام فإذا وجد متنفساً فيما يظن بقلبه وعقله المريض تنفس, فهنا ظنَّ أنه قد وجد متنفساً لأنْ يتنفس بالباطل فتنفس بالباطل ولكنَّ الله فضحه وردَّ كيده في نحره وجعل هذا ابتلاء لمن شاء من عباده يفوز فيه من فاز ويرسب فيه من رسب ويخسر فيه من خسر, ومن حكمة الله – سبحانه وتعالى – أن الله – عز شأنه – أخر نزول الوحي في تلك القضية ليقضي الله أمراً كان مفعولا, ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة ولو شاء الله – سبحانه وتعالى – أن ينزل الوحي في أقل من ثانية ببراءة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها لكان ولكنه تأخر فترة طويلة فلم تأتي الآيات حوالي عشر آيات من أول سورة النور إلا بعد مضي تلك الفترة التي قدرها الله أن تكون ثم جاءت تلك الآيات وكان من آخرها البراءة { أُوْلَئِكَ مُبَرَّؤُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} (النور26) فبرأها الله – سبحانه وتعالى – وأظهر مصاعة إيمانها وصحة صدقها وأظهر براءتها وأنزلها آيات تتلى إلى قيام الساعة, {لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ}برأ الله عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها ورفع قدرها ومكانتها ورفع قدر آل أبي بكر ومكانتهم ومنزلتهم, وسخط الله على المنافقين الذي يتربصون بالمؤمنين الدوائر, فمن هنا تظهر فوائد الفتن والاختبار والتمحيص, بعض الناس لجهلهم يقول: أيش هؤلاء أهل السنة كل سنة عندهم شق, يا أخي هذا الله أراده وشاءه, الله أراد الابتلاء, الكل مبتلى, من سينصف؟ ومن سيظلم وسيتهور؟ من سيلازم العدل والإنصاف؟ ومن سيسكت إذا لم يتبين له الأمر, يحفظ لسانه ويعود إلى أهل, ومن يظن أنه قد وجد متنفساً لأنْ يتنفس ولأنْ يتكلم ولأنْ ينزل الملازم التي فيها السباب والشتام والطعون هو ابتلاء من الله – سبحانه وتعالى - .
فعلينا جميعاً أن ندرك هذا الأمر, وأن نفقه فقه الفتن, الفتن لها فقه, على المسلم أن يفقه فقه الفتن وأن يعرفه وان يفهمه وأن يعرف الموقف الذي يسلكه عند حلول الفتن ومهما زوبعت الزوابع وقلقلت القلاقل, مهما كان لك موقف يا مسلم ثابت, قال الله: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} (36الإسراء) قف عند هذا الحد الشرعي ولا تتكلم إلا في حدود ما تعلم وفي حدود العلم الصحيح الشرعي من الكتاب أو السنة وإلا فاسكت, فإن التبس عليك الأمر فاحفظ لسانك واعمل بقول الله – عز وجل -: {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} (الأنبياء7), فتسأل العالم الذي يغلب على ظنك إنصافه, ثم تقول قد أفتاني الشيخ الفلاني بكذا وكذا, أنت في هذا الأمر منفذ لقول الله – عز وجل –: {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} (الأنبياء7), أما أن تخوض فيما لا تعلم فالإثم عند الله عظيم ولتعلم أنك ابتليت فلم تفلح في هذا الابتلاء وإنما خضت مع الخائضين وقلت ما لا تعلم والله المستعان, وسواءً كان العامي أو كان الطالب, إذا لم يتبين له الأمر يسأل أهل العلم ويحفظ لسانه من القول في المسائل ما لا يعلم, وكذلك العالم لو فُرض أن مسألةً من المسائل لم تظهر له فهو لا يتكلم إلا في حدود ما يغلب على ظنه وما قد علمه, فالله – سبحانه وتعالى – يبتلينا ويبتلي عباده أجمعين بهذه الفتن وبهذه الابتلاءات والاختبارات, فكما قلنا لا يفوز فيها إلا من وفقه الله وثبته وسدده, أسال الله – عز وجل – بمنه وكرمه أن يرزقني وإياكم العلم النافع والعمل الصالح والثبات والسداد على الكتاب والسنة, إنه سميع الدعاء, وصلى الله على نبينا محمد وآله وصبحه وسلم.

(منقول)