المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تعال نبك يا أخي ..!



مالك مناع
04-16-2005, 05:16 PM
قال تعالى: "ويخَرّون لِلأذقان يَبكون ويَزيدهم خُشوعاً"

الحمد لله حمداً كما ينبغي لجلال وجهه، وعظيم سلطانه، والصلاة والسلام على أخوف الناس وأعرفهم بربه، الهادي إلى طريق الله المستقيم، وعلى آله وصحبه أجمعين ... وبعد ،

لِمَ لا نبكِ يا أخي ..؟!

لِمَ لا يبكِ الإنســـان على نفسه المرهونةِ بالنار، والموت راكبٌ على عُنُقِهِ، والقبر منزِلُهُ، والقيامةُ موقفُه، والخُصمـاء أقوياء، والقاضي هو الجبّار، والمنادي جبريل، والسجن جهنّم، والسجّان الزَّبانية، وهو لا يصبر على حرِّ الشمس، فكيف يصبر على لَسَعـــات الحيَّات والعقارب..؟!

لِمَ لا نبكِ يا أخي..؟!

وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (عينان لا تمسُّهُما النار، عينٌ بكت في جوف الليل من خشية الله، وعينٌ باتت تحرس في سبيل الله) ..

وقد ذكر صلّى الله عليه وسلّم من بين السبعة الذين يُظلّهم الله في ظلِّه يوم القيامة (... ورجلٌ ذكر الله خالياً ففاضت عيناه)

وقال صلى الله عليه وسلم: (لا يلج النار رجلٌ بكى من خشية الله) ..

وقال: (إذا اقشعرَّ جسد العبد من مخافة الله تعالى تحاتّت(تساقطت)عنه خطاياه كما يتحاتّ عن الشجرة اليابسة أوراقها).

فَهلُمّ معي أخي إلي البكاء ..

ألم تسمع قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم :(هل تسمعون ما أسمع، أطّت (صوّتت من ثقلها) السماء وحقّ لها أن تئط، والذي نفسي بيده ما فيها موضع أربع أصابع إلاّ وملك ساجدًُ لله تعالى أو قائمٌ، أو راكعٌ، ولو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً و لخرجتم إلى الصُّعدات(الطرقات)تجـــأرون إلى الله خوفاً من عظيم سطوته وشدة انتقامه)، لهذا كان لصدر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أزيز كأزيز المِرجل (قدر النحاس عندما يوضع على النار) من البكاء، وروى الإمام أحمد أن النبي صلّى الله عليه وسلّم سأل جبريل عليه السلام، فقال له: مالي لا أرى ميكائيل عليه السلام يضحك، فقال جبريل: ما ضحك ميكائيل منذ خُلِقت النار..!

وإليك أخي صورا من بكاء الصحابة والتابعين عسى الله أن ينفعنا وإياكم بها:

فقد كان أبو بكر رجلا بكّاءً لا يملك عينيه إذا قرأ القرآن، وكان في وجه عمر بن الخطاب خطّانِ أسودان من البكاء، وكان يسمع آية فيمرض فيُعادُ أياما. وأخذ يوما تِبنَة من الأرض، فقال: يا ليتني كنت هذه التبنة، يا ليتني لم أكُ شيئا مذكورا، يا ليت أمّــي لم تلدني، ورؤيَ عليٌ في بعض مواقفه وقد أرخى الليل ستورَهُ، وغارت نجومه، وقد تمثَّل في محرابه قابضا على لحيته، يتململ تململَ السليمِ اللديغ ويبكي بُكاء الحزينِ، وكان يقــول: يا ربَّنا، ياربَّنا ... يتضرَّع إليه، ثم يقول: يا دنيا، يا دنيا، إليَّ تعرّضتِ أم بي تشوَّقت، هيهات هيهات.. غُرِّي غيري، وقد طلّقتك ثلاثا لا رجعة لي فيك، فَعُمُركِ قصير وعيشك حقير، وخطرك كبير، آه من قلة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق.

وكان عمر بن عبد العزيز إذا ذكر الموت انتفض انتفاضة الطير، ويبكي حتى تجري دموعُهُ على لحيته، وبكى ليلة فبكى أهل الــــدّار، فلما تجلَّت عنهم العبرة قالت زوجته: بأبي أنت يا أمير المؤمنين مِمَّ بكيت ؟! قال: ذكرتُ مُنصرفَ القوم من بين يدي الله تعالى، فريقٌ في الجنّـــــة وفريق في السعير، ثم صَرَخَ وغُشيَ عليه.

ورُؤيَ أحد التابعين يبكي، ويمسح بدموعــه وجهه، فقيل له:لِمَ تفعل هذا؟! قال: بلغني أن النّــار لا تصيب موضعا أصابته الدموع من خشية الله تعالى.

ورؤيَ الفضيل بن عياض عشيّةَ عرفة بالموقف، وقد حال بينه وبين الدعاء البكاء، يقول: واسوأتاه، وافضيحتاه، وإن عفوت.! وحدّثوا أن شيخا رأى صبيَّا يتوضأ على ساحل نهر وهو يبكي، فقال الشيخ: يا صبي ما يبكيك؟ فقال الصبي: يا عم قرأت القرآن حتى جاءت هذه الآية: "يأيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا" فخفت أن يُلقيني الله في النار، قال الشيخ: يا صبي أنت غير مُؤاخذ لأنك لم تبلغ الحُلُم فلا تخف، انك لا تستحق النّــار، فقال الصبي: يا شيخ أنت عاقل .. ألا ترى أن الناس إذا أوقدوا نارا لحاجتهم وضعوا صغار الحطب ثم وضعوا الكبـار..!! فبكى الشيخ وقال: إن الصبي أخوف منَّا من النار.

وكان سعيد بن السائب، لا تكاد تجف له دمعة، إنما دموعه جارية وهرة ، إن صلّى فهو يبكي، وإن لقيته في الطريق فهو يبكي..



فابكوا يا إخواني .. ابكوا ..عسى الله أن يرحمنا ويغفر لنا ويطفئ بدموعنا نيران معاصينا ..!






وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

ومضة
04-17-2005, 03:09 PM
جزاك الله خيرا على هذا الموضوع المهم

حازم
04-17-2005, 04:20 PM
قال عمر رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم وقد رآه يبكي هو وأبو بكر في شأن أسرى بدر :أخبرني ما يبكيك يا رسول الله ، فإن وجدت بكاء بكيت وإن لم أجد تباكيت لبكائكما
وقال ابن مسعود رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "اقرأ على فقلت يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أُنزل؟ قال إني أحب أن أسمعه من غيري فقرأت سورة النساء حتى أتيت هذه الاية " فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَـؤُلاء شَهِيداً " فقال حسبك الان فإذا عيناه تذرفان
وعن عروة بن الزبير قال قلت لجدتي أسماء كيف كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سمعوا القرآن ؟ قالت "تدمع عيونهم وتقشعر جلودهم كما نعتهم الله"
هذا هو حال الصحابة رضوان الله عليهم لم يكن هم أحدهم آخر السورة ولم يكن همه عدد ما يختم من القرآن"

أبو إبراهيم
04-17-2005, 07:32 PM
جزاك الله خيرا أخانا الفاضل مالك مناع وبارك الله فيك على المقال الطيب وليتنا كنا ذاك الرجل

مالك مناع
07-30-2005, 03:35 PM
قال الحسن البصري : بلغنا أن الباكي من خشيه الله لا تقطر من دموعه قطره حتى تعتق رقبته من النار ..

وقال أبو جعفر الباقر : ما اغرورقت عين عبد بمائها إلا حرم الله وجه صاحبها على النار فإن سالت على الخدين لم يرهق وجهه قتر ولا ذله وما من شيء إلا وله جزاء إلا الدمعة فإن الله يكفر بها بحور الخطايا ولو أن باكيا بكى من خشية الله في أمه رحم الله تلك الأمة.

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال : لأن أدمع دمعه من خشيه الله عز وجل أحب إلى من أن أتصدق بألف دينار .

وقال كعب الأحبار : لأن أبكى من خشية الله فتسيل دموعي على وجنتي أحب إلى من أن أتصدق بوزني ذهبا .

وقال أبو مُسهر كان الأوزاعى رحمه الله يحيى الليل صلاه وقرآنا وبكاء وأخبرنى بعض إخوانى من أهل بيروت أن أمه كانت تدخل منزل الأوزاعى وتتفقد موضع مصلاه فتجده رطباً من دموعه في الليل.

وانظر رحمك الله كيف كان السلف يخشون من الرياء ويحسبون له ألف حساب:

قال الحسن البصري : إن كان الرجل ليجلس المجلس فتجيئه عبرته فيردها فإذا خشي أن تسبقه قام ..

وكان أيوب السختيانى في ثوبه بعض الطول لستر الحال وكان إذا وعظ فرقَّ فَرَقَ من الرياء فيمسح وجهه ويقول : ما أشد الزكام .

مالك مناع
08-01-2005, 02:29 PM
وعن القاسم بن محمد قال : كنا نسافر مع ابن المبارك فكثيراً ما كان يخطر ببالي فأقول في نفسي بأي شيء فضل هذا الرجل علينا حتى اشتهر في الناس هذه الشهرة إن كان يصلى آنا نصلى وإن كان يصوم آنا نصوم وإن كان يغزو فآنا نغزو وإن كان يحج آنا لنحج قال فكنا في بعض مسيرتا في طريق الشام ليله نتعشى في بيت إن طفئ السراج فقام بعضنا فأخذ السراج وخرج ستصبح فمكث هنيهة ثم جاء بالسراج فنظرت إلى وجه ابن المبارك ولحيته قد ابتلت من الدموع فقلت في نفسي بهــذه الخشيــة فضل هذا الرجل علينا ولعله حين فقد السراج فصار إلى ظلمه ذكر القيامة .

قال الحسن البصري : لو أن باكيا بكى في ملأ من خشية الله لرحموا جميعا وليس شيء من الأعمال إلا له وزن إلا البكاء من خشية الله فإنه لا يقوم الله بالدمعة منه شيء.

كان محمد بن المتكدر ذات ليله قائم يصلى إذ استبكى فكثر بكاؤه حتى فزع له أهله فسألوه : ما الذي أبكاك؟ فاستعجم عليهم فتمادى في البكاء فأرسلوا إلى أبى حازم وأخبروه بأمره فجاء أبو حازم إليه فإذا هو يبكى فقال : يا أخي ما الذي أبكاك ؟ قد رعت أهلك فقال له إني مرت بي آيه من كتاب الله عز وجل قال : ما هي ؟ قال : قول الله تعالى [وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون ] قال فبكى أبو حازم معه واشتد بكاؤهما فقال بعض أهله لأبى حازم جئناك لتفرج عنه فزدته ، فأخبرهم ما الذي أبكاهما .

وعن مهران بن عمرو الأسدى قال سمعت الفضيل بن عياض عشية عرفه بالموقف وقد حال بينه وبين الدعاء البكاء يقول واسوأتاه وافضيحتاه وإن عفوت وروى أحمد بن سهل قال : قدم علينا سعد بن زنبور فأتيناه فحدثنا قال : كنا على باب الفضيل بن عياض فاستأذنا عليه فلم يؤذن لنا فقيل لنا إنه لا يخرج إليكم أو يسمع القرآن قال وكان معنا رجل مؤذن وكان صيتا فقلنا له : إقرأ فقرأ [ألهاكم التكاثر] ورفع بها صوته فأشرف علينا الفضيل وقد بكى حتى بل لحيته بالدموع ومعه خرقه ينشف بها الدموع من عينيه وأنشا يقول :

بلغت الثمانين أو جزتها ***** فماذا أؤمل أو أنتظــــر
أتى ثمانون من مولـــدى ***** وبعد الثمانين ما ينتظر
عَّلتنى السنون فأبليننــى ***** ......................
قال ثم خنقته العبره وكان معنا على بن خشرم فأتمه لنا يقول:

علتنى السنون فأبليننى ***** فرقت عظامى وكل البصر


وعن القاسم بن محمد البغدادى قال كنت جار معروف الكرخى فسمعته ليله في السحر ينوح ويبكى وينشد :
أي شيء تريد منى الذنوب ***** شغفت بي فليس عنى تغيب
ما يضر الذنوب لو أعتقتنى ***** رحمه لي فقد علاني المشيـب

وروى أحد أقرباء رباح بن عمرو القيسى قال : كنت أدخل عليه في المسجد وهو يبكى وأدخل عليه البيت وهو يبكى فقلت له أنت دهرك في مأتم فبكى ثم قال يحق لأهل المصائب والذنوب أن يكونوا هكذا .

أتى الحسن البصرى بكوز من ماء ليفطر عليه فلما أدناه إلى فيه بكى وقال ذكرت أمنية أهل النار قولهم [أن أفيضوا علينا من الماء] وذكرت ما أجيبوا به [إن الله حرمهما على الكافرين] .

وعن عاصم قال : سمعت شقيق بن مسلمه يقول وهو ساجد رب اغفر لي رب اغفر لي إن تعف عنى تعف عنى تطولا من فضلك وإن تعذبني تعذبني غير ظالم لي قال ثم يبكى حتى أسمع نحيبه من وراء المسجد .

وصلى تميم الدارى ليله حتى أصبح أو قارب الصبح وهو يقرأ آية ويرددها ويبكى [ أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات ].

وقال الثورى : جلست ذات يوم أحدث ومعنا سعيد بن السائب الطائفي فجعل سعيد يبكى حتى رحمته فقلت : يا سعيد ما يبكيك وأنت تسمعنى أذكر أهل الخير وفعالهم ؟ فقال : يا سفيان وما يمنعنى من البكاء إذا ذكرت مناقب أهل الخير وكنت عنهم بمعزل ؟ قال سفيان : حق له أن يبكى .