المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وعلى الله فليتوكل المتوكلون



إياك نعبد
08-12-2008, 08:36 PM
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي – صلى الله عليه وسلم قال : ( أصاب رجلاً حاجة ، فخرج إلى البرّية ، فقالت امرأته : اللهم ارزقنا ما نعتجن وما نختبز ، فجاء الرجل والجفنة ملأى عجيناً ، وفي التنور الشواء ، والرحا تطحن ، فقال : من أين هذا ؟ ، قالت : من رزق الله ، فكنس ما حول الرحا ) ، وقال عليه الصلاة والسلام : ( لو تركها لدارت أو طحنت إلى يوم القيامة ) رواه الطبراني في الأوسط .



معاني المفردات

أصاب رجلا حاجة : أي الفاقة والجوع.

الجفنة : الوعاء الكبير الذي يُقدّم به الطعام.

الرحا : الحجر الكبير الذي يُستخدم في طحن الحبوب.

التنور : الموقد.



تفاصيل القصّة

جعل الله هذه الحياة الدنيا مليئةً بألوان المحن والبلايا ، والشدائد والرزايا ، والتي يجريها سبحانه وتعالى على عباده امتحاناً واختباراً ، ولابدّ من هذا البلاء للكشف عن معادن الناس ، فيتميّز الصادق من الكاذب ، والمخلص من المدّعي ، والمؤمن من المنافق .


ثم أن سنة البلاء التي أقام الله عليها هذه الحياة فرصةٌ مهمّة لتربية المؤمنين على مواجهة المصاعب والمتاعب ، والإعداد لتحمّل الآلام والشدائد ، مهما كان نوعها أو بلغت شدّتها ، فلا تذهب نفوسهم حسراتٍ مع كلّ فاجعة تصيبهم ، أو تجزع قلوبهم أمام كلّ محنة تحلّ بديارهم ، ولكن يواجهونها برباطة جأشٍ وثبات جنان.



ومن شيم المؤمنين وأخلاقهم إذا نزل بهم قضاء الله وقدره ، أن يلجؤوا إلى الركن الركين ، والحصن الحصين ، ويرفعوا أكفّ الضراعة إلى خالقهم ، موقنين أن طول البلاء مؤذن بقرب الفرج ، وأن وراء كل محنة منحة ، ووراء كل مصيبة حكمة .



ولعل القصّة التي حكاها النبي – صلى الله عليه وسلم - مثالٌ حيّ على النفوس المؤمنة الصابرة ، الراضية الشاكرة ، المربوطة بالله سبحانه وتعالى في أحوال الدنيا وتقلّباتها ، فاستحقّت بذلك حصول الفَرَج ، واستيفاء الأجر ، على نحوٍ تظهر فيه عظمة الله وقدرته ، وحكمته وتدبيره .



فنحن أمام قصّة رجل مع زوجته ، عضّهما الفقر بنابه ، ونفد كل ما لديهما من زاد وطعام ، فلم يجدا بُدّاً من الخروج إلى البرّية ؛ علّهما أن يظفرا بشيء يصلح طعاماً لهما ، ويخفّف من جوعهما .



وطال البحث ، لكن من غير طائل ، إذلم يجدا شيئاً ، فقامت المرأة تناجي ربّها داعيةً أن يرزقهما شيئاً من الطحين يصنعون به خبزاً يأكلانه ، أو يمنّ عليهم بلحمٍ يطبخانه ، ولعلّه لم يدر في خاطرها أن يكون الفرج الإلهيّ لهما آية عظيمة يتحدّث بها التاريخ ، ويتناقلها الناس إلى قيام الساعة .



عاد الزوجان إلى البيت ، فإذا بهما يريان عجباً : وعاء مُلئ عجيناً ، ورحىً تطحن الحبّ من غير أن يحرّكها أحد ، وفرن يفوح برائحة الشواء ، فانقشعت عنهم الغمّة ، وظهر على محيّاهما البِشر .



وقام الرجل الصالح فكنس ما حول الرّحا من الطحين ، ولو ترك الأمر على حاله ، لاستمرّ الحجر في الدوران إلى يوم القيامة ، كما أخبر النبي – صلى الله عليه وسلم – في خاتمة القصّة .

وقفات مع القصّة

عالجت القصّة بسياقها وأحداثها عدداً من القضايا ، فقرّرت حقائق مهمّة ، وأرست مباديء قيّمة ، كي يتربّى المسلم عليها ويعمل بمقتضاها .



حيث تظهر القصّة في المقام الأوّل قدرة الله تعالى ليزداد المؤمنون إيماناً ، وليعلموا أن شواهد القدرة الإلهيّة لا تنقطع عنهم آناء الليل وأطراف النهار ، يرونها بجلاء في كلّ ذرّة من ذرّات هذا الكون الفسيح ، لا يملك أحدٌ إنكارها ، وقد تناولت نصوص قرآنيّة عديدة هذا الجانب من صفات الكمال الإلهيّ ، وإن مظاهر القدرة الإلهيّة في هذا الحديث بيّنة في تهيئة الطعام والشراب للزوجين الصالحين من غير سببٍ ظاهر ، ومن خلال الرحى التي كانت تطحن والقدر الذي يُطبخ من غير حاجة إلى أحد .



كما تبيّن القصّة أيضاً أن الله سبحانه وتعالى يجيب دعاء المضطرّين ، حين ينزل بهم البلاء ، وتحلّ بهم الهموم ، وتضيق عليهم السُبُل ، وتتخاذل عنهم الأسباب إلا سبب السماء ، كما قال تعالى ممتنّاً على عباده : { أم من يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلا ما تذكرون } ( النمل : 62 ) .



وفي القصّة إثباتٌ للكرامات التي يجريها الله تعالى على يد عباده الصالحين ، وتكون مخالفة لما اعتاده الناس من نواميس الكون وسننه ، إكراماً لهم وتأييداً لحالهم ، وقد تواترت نصوص الكتاب والسنّة على إثباتها ، وشهد التاريخ على وقوعها ، وإن حصرها فيمن استقام على شرع الله والتزم حدوده .



وأخيراً : فعلى المؤمن أن يعظم رجاؤه بالله ، وثقته به ، واعتماده عليه ، فالفرج يحصل سريعاً مع الكرب ، والعسر لابد أن يعقبه اليسر ، كما قال الله في كتابه : { فإن مع العسر يسرا * فإن مع العسر يسرا } ( الشرح : 5 – 6 )

المصدر : الشبكة الإسلامية
وذكره الألبانى فى في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1051 قائلاً:


أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 2 / 41 / 2 ) و البيهقي في " الدلائل " ( 6 /
105 ) من طريق أحمد بن عبد الله بن يونس : حدثنا أبو بكر بن عياش عن هشام بن
حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال : أصاب رجلا حاجة فخرج إلى البرية
، فقالت امرأته : اللهم ارزقنا ما نعتجن و ما نختبز ، فجاء الرجل و الجفنة ملأى
عجينا ، و في التنور حبوب الشواء ، و الرحى تطحن ، فقال : من أين هذا ؟ قالت :
من رزق الله ، فكنس ما حول الرحى ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره
، و السياق للطبراني ، و قال : " لم يروه عن محمد بن سيرين إلا هشام ، و لا عنه
إلا أبو بكر ، تفرد به أحمد " . قلت : و هو ثقة من رجال الشيخين ، و كذلك من
فوقه ، سوى أبي بكر بن عياش ، فمن رجال البخاري ، و فيه كلام يسير لا يسقط
حديثه عن مرتبة الحسن ، و لاسيما و له طريق أخرى كما يأتي . و من هذا الوجه
أخرجه البزار في " مسنده " ( 4 / 267 / 3687 ) و قال : " لا نعلم رواه عن هشام
إلا أبو بكر بن عياش " . قلت : و هذا أدق تعبيرا من قول الطبراني المتقدم لأنه
لا يرد عليه ما يرد على قول الطبراني : أنه تفرد به أحمد بن يونس ، فقال الإمام
أحمد في " المسند " ( 2 / 513 ) : حدثنا ابن عامر : أنبأنا أبو بكر عن هشام به
نحوه . و ابن عامر هو ( أسود بن عامر ) كما في أحاديث قبله ، و هو ثقة من رجال
الشيخين أيضا . و قال الهيثمي في " المجمع " ( 10 / 257 ) بعد أن ساقه برواية
أحمد : " رواه أحمد و البزار و الطبراني في " الأوسط " بنحوه ، و رجالهم رجال
الصحيح غير شيخ البزار ، و شيخ الطبراني ، و هما ثقتان " . و للحديث طريق ثان
يرويه أبو صالح عبد الله بن صالح : حدثنا الليث بن سعد عن سعيد بن أبي سعيد
المقبري عن أبي هريرة أن رجلا من الأنصار كان ذا حاجة .. الحديث نحوه أتم منه .
أخرجه البيهقي . و أبو صالح فيه ضعف . و له طريق ثالث عن شهر بن حوشب قال : قال
أبو هريرة : بينما رجل و امرأته في السلف الخالي لا يقدران على شيء ، فجاء
الرجل من سفره فدخل على امرأته جائعا قد أصابته مسغبة شديدة ، فقال لامرأته :
أعندك ؟ قالت : نعم .. الحديث نحوه . أخرجه أحمد ( 2 / 421 ) و شهر بن حوشب
ضعيف ، و في حديثه زيادات منكرة ، و الله أعلم .

إياك نعبد
08-12-2008, 09:10 PM
تعقيب
ذكر صاحب تنبيه الهاجد بعد ذكر ما قال الطبرانى
قال الطبرانىُّ :

(2/68)

" لم يرو هذا الحديث عن محمد بن سيرين ، إلاَّ هشام بن حسان ، ولا عن هشام بن حسان ، إلاَّ أبو بكر بن عياش ، تفرَّد به : أحمد بن يونس " .
قُلْتُ : رضى الله عنك !
فلم يتفرَّد به أحمد بن يونس ، بل تابعه أسود بن عامر ، ثنا أبو بكر بن عياش بسنده سواء .
أخرجه أحمد (2 / 513) بنحوه وزاد : شهد النبى صلى الله عليه وسلم وهو يقول : " والله لإن يأتى أحدكم صيراً ، ثمَّ يحمله ، يبيعه فيستعف به ، خير له من أن يأتى رجلاً يسأله . "