المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : توحيد رب العالمين أهم من توحيد صوم المسلمين ( محمد بن إبراهيم آل الشيخ )



فريد المرادي
09-08-2008, 09:00 PM
بسم الله الرحمن الرحيم


’’ توحيد رب العالمين أهم من توحيد صوم المسلمين ‘‘

قال سماحة الشيخ المفتي الأكبر محمد بن إبراهيم آل الشيخ - رحمه الله - :


( من محمد بن إبراهيم إلى حضرة المكرم الأستاذ رشدي ملحس - سلمه الله -

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد :

أعيد لكم خطابكم رقم ( 21 – 5 – 8 – 838 ) وتاريخ ( 12/3/ 77 ) ومشفوعه ورقة المشروع الذي أُعد لإجابة الأمانة العامة لجامعة الدول العربية حول البحث في موضوع مواقيت أهلة رمضان والفطر والحج .

وأفيدكم أن هذه مسألة فروعية ، والحق فيها معروف كالشمس . والفصل في ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - : " صوموا لرويته وأفطروا لرويته ، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين " .

والخلاف في تطبيق مدلول هذا الحديث وغيره بتأويل - اجتهادًا أو تقليداً - مثل نظائره في المسائل الفروعية ، وجنس هذا الاختلاف لابد منه في المسائل الفروعية ، ولا يضر .

إنما الهام هو النظر في الأصول العظام التي الإخلال بها هادم للدين من أساسه ، وذلك : مسائل توحيد الله - تعالى - ؛ بإثبات ما أثبت لنفسه في كتابه وأثبته له رسوله - صلى الله عليه وسلم - من الأسماء والصفات : إثباتاً بلا تمثيل وتنزيهاً بلا تعطيل ، وكذلك توحيد الألوهية ، وتوحيد الربوبية ، وكذا توحيد الاتّباع ، والحكم بين الناس عند النزاع : بأن لا يُحَاكم إلا إلى الكتاب والسنة ، ولا يُحكم إلا بهما . وهذا هو مضمون الشهادتين اللتين هما أساس الملة : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله ، بأن لا يُعبد إلا الله ، ولا يعبد إلا بما شرعه رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، وأن لا يُحَكم عند النزاع إلا ماجاء به رسوله - صلى الله عليه وسلم - . هذا هو الحقيق بأن يُهتم به وتُعقد المجالس والمجتمعات لتحقيقه وتطبيقه .

لذا لا أرى ولا أوافق على هذا المجتمع الذي هو بخصوص النظر فيما يتعلق بأهلة الصوم والفطر ونحوهما . وقد درجت القرون السابقة ، وجنس الخلاف في ذلك موجود ، ولم يروه من الضار ، ولا مما يحوج إلى الاجتماع للنظر فيه . والسلام عليكم . [ ص - م 513 - 21 في 21 / 03 / 1377 هـ ] ) ، " مجموع الفتاوى والرسائل " ( 4 / 155 - 157 ) .

تعليق : في كلام هذا العالم الكبير جواب مفحم لمن ينادي إلى توحيد صوم المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ، وهو ما لا يجب شرعاً ولا يمكن عقلاً ، ثم هو يغفل عن دعوة المسلمين إلى التمسك بالتوحيد الذي ما بعثت الأنبياء والرسل ، وما أنزلت الكتب إلا للدعوة إليه ، والحث على التمسك به ، والله المستعان .



لماذا لا يتوحد المسلمون في الصيام ؟


لماذا لا يتوحد المسلمون في الصيام مع أن هلال رمضان واحد ؟ وقديماً يعذرون لعدم وجود وسائل الإعلام ؟


الحمد لله :

أولا : السبب الغالب في اختلاف بدء الصيام من بلد لآخر ، هو اختلاف مطالع الأهلة . واختلاف المطالع أمر معلوم بالضرورة حسا وعقلا .

وعليه فلا يمكن إلزام المسلمين بالصوم في وقت واحد ، لأن هذا يعني إلزام جماعة منهم بالصوم قبل رؤية الهلال ، بل قبل طلوعه .

وقد سئل الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - عمن ينادي بتوحيد الأمة في الصيام ، وربط المطالع كلها بمطالع مكة ، فقال :

" هذا من الناحية الفلكية مستحيل ؛ لأن مطالع الهلال كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - تختلف باتفاق أهل المعرفة بهذا العلم ، وإذا كانت تختلف فإن مقتضى الدليل الأثري والنظري أن يجعل لكل بلد حكمه .

أما الدليل الأثري فقال الله - تعالى - : ( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ) [ البقرة : 185 ] . فإذا قُدِّرَ أن أناسا في أقصى الأرض ما شهدوا الشهر - أي : الهلال - وأهل مكة شهدوا الهلال ، فكيف يتوجه الخطاب في هذه الآية إلى من لم يشهدوا الشهر ؟! وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ ) متفق عليه ، فإذا رآه أهل مكة مثلاً فكيف نلزم أهل باكستان ومن وراءهم من الشرقيين بأن يصوموا ، مع أننا نعلم أن الهلال لم يطلع في أفقهم ، والنبي صلى الله عليه وسلم علق ذلك بالرؤية .

أما الدليل النظري فهو القياس الصحيح الذي لا تمكن معارضته ، فنحن نعلم أن الفجر يطلع في الجهة الشرقية من الأرض قبل الجهة الغربية ، فإذا طلع الفجر على الجهة الشرقية ، فهل يلزمنا أن نمسك ونحن في ليل ؟ الجواب : لا . وإذا غربت الشمس في الجهة الشرقية ، ولكننا نحن في النهار فهل يجوز لنا أن نفطر ؟ الجواب : لا . إذاً الهلال كالشمس تماما ، فالهلال توقيته توقيت شهري ، والشمس توقيتها توقيت يومي ، والذي قال : ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ) [ البقرة : 187 ] . هو الذي قال : ( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ) فمقتضى الدليل الأثري والنظري أن نجعل لكل مكانٍ حكماً خاصًّا به فيما يتعلق بالصوم والفطر ، ويربط ذلك بالعلامة الحسية التي جعلها الله في كتابه ، وجعلها نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - في سنته ألا وهي شهود القمر ، وشهود الشمس ، أو الفجر " انتهى من " فتاوى أركان الإسلام " ( ص 451 ) .

وقال - رحمه الله - موضحاً هذا القياس ، ومؤيداً به حجة الذين اعتبروا اختلاف المطالع :

" قالوا : والتوقيت الشهري كالتوقيت اليومي ، فكما أن البلاد تختلف في الإمساك والإفطار اليومي ، فكذلك يجب أن تختلف في الإمساك والإفطار الشهري ، ومن المعلوم أن الاختلاف اليومي له أثره باتفاق المسلمين ، فمن كانوا في الشرق فإنهم يمسكون قبل من كانوا في الغرب ، ويفطرون قبلهم أيضا .

فإذا حكمنا باختلاف المطالع في التوقيت اليومي ، فإن مثله تماما في التوقيت الشهري .

ولا يمكن أن يقول قائل : إن قوله - تعالى - : ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ) ، وقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَا هُنَا ، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَا هُنَا ، وَغَرَبَتْ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ ) لا يمكن لأحد أن يقول : إن هذا عام لجميع المسلمين في كل الأقطار .

وكذلك نقول في عموم قوله - تعالى - : ( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ) ، وقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( إِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا ، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا ) وهذا القول كما ترى له قوته بمقتضى اللفظ ، والنظر الصحيح ، والقياس الصحيح أيضا ، قياس التوقيت الشهري على التوقيت اليومي " انتهى . نقلا عن " فتاوى رمضان " جمع أشرف عبد المقصود ( ص 104 ) .

وصدر عن هيئة كبار العلماء ، بيان مهم بهذا الخصوص ، وهذا نصه :

" أولاً : اختلاف مطالع الأهلة من الأمور التي علمت بالضرورة حساً وعقلاً ، ولم يختلف فيها أحد من العلماء ، وإنما وقع الاختلاف بين علماء المسلمين في : اعتبار خلاف المطالع ، وعدم اعتباره .

ثانياً : مسألة اعتبار اختلاف المطالع وعدم اعتباره من المسائل النظرية التي للاجتهاد فيها مجال ، والاختلاف فيها واقع ممن لهم الشأن في العلم والدين ، وهو من الخلاف السائغ الذي يؤجر فيه المصيب أجرين : أجر الاجتهاد ، وأجر الإصابة ، ويؤجر فيه المخطئ أجر الاجتهاد .

وقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين : فمنهم من رأى اعتبار اختلاف المطالع ، ومنهم من لم ير اعتباره . واستدل كل فريق منهما بأدلة من الكتاب والسنة ، وربما استدل الفريقان بالنص الواحد كاشتراكهما في الاستدلال بقوله - تعالى - : ( يَسْأَلونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ) [ البقرة : 189 ] . وبقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ ) الحديث . وذلك لاختلاف الفهم في النص ، وسلوك كل منهما طريقاً في الاستدلال به .

ونظرا لاعتبارات رأتها الهيئة وقدرتها ، ونظراً إلى أن الاختلاف في هذه المسألة ليست له آثار تخشى عواقبها ، فقد مضى على ظهور هذا الدين أربعة عشر قرناً ، لا نعلم فيها فترة جرى فيها توحيد الأمة الإسلامية على رؤية واحدة . فإن أعضاء مجلس هيئة كبار العلماء يرون بقاء الأمر على ما كان عليه . وعدم إثارة هذا الموضوع ، وأن يكون لكل دولة إسلامية حق اختيار ما تراه بواسطة علمائها من الرأيين المشار إليهما في المسألة ، إذ لكل منهما أدلته ومستنداته .

ثالثاً : نظر مجلس الهيئة في مسألة ثبوت الأهلة بالحساب ، وما ورد في الكتاب والسنة ، واطلعوا على كلام أهل العلم في ذلك ، فقرروا بإجماعٍ عدمَ اعتبار حساب النجوم في ثبوت الأهلة في المسائل الشرعية ؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ ) الحديث . وقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( لا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْهُ ، وَلا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ ) الحديث . وما في معنى ذلك من الأدلة " انتهى نقلا عن " فتاوى اللجنة الدائمة " (10/102) .

( الإسلام سؤال وجواب )

http://www.islam-qa.com/ar/ref/50487