alqods arabia
09-12-2008, 10:11 AM
الإلحاد ونظرية الانفجار العظيم
قلنا في بداية هذا البحث أن الإلحاد الحديث اعتمد - قبل مقدم الفيزياء الحديثة - على دعوتين اثنتين هما أزلية المادة وطول المدة التي جعلت من الممكن أن يتكون منها - بمحض المصادفة - هذه الكائنات التي نشهدها.
ثم جاءت نظرية الانفجار العظيم فأبطلت هاتين الحجتين الأساسيتين اللتين اعتمد عليهما الإلحاد الحديث؛ إذ إنها تقتضي أن هذا الكون - بما في ذلك الزمان والمكان - له بداية مطلقة.
((إن العلماء الكونيين يعتقدون أن الانفجار العظيم يمثل ليس فقط ظهور المادة والطاقة من فراغ موجود سابقاً, بل خلق الزمان والمكان أيضاً. إن الكون لم يخلق في زمان ومكان. بل إن الزمان والمكان هما جزء من العالم المخلوق))(1).
وعلى ذلك يوافق (ستيفن هوكنج ) الذي دعاه بعضهم بـ (نيوتن العصر الحديث ), حيث قال: ((إن أعظم سوء فهم للانفجار العظيم هو القول بأنه بدأ كتلة من المادة في مكان ما من خلاء الفضاء. لم تكن المادة وحدها هي التي خلقت أثناء الانفجار العظيم, بل إن الزمان والمكان أيضا خلقا, وإذن فبالمعنى [الذي يقال به] إن للمكان بداية, فللزمان أيضا بداية))(2)
ـــــــــــ
(1) تصميم الكون, ص123.
"Cosmologists believe that the big bang represents not just the appearance of matter
and energy in a preexisting void, but the creation of space and time too. The universe
was not created in space and time; space and time are part of the created universe"
Davies, cosmic, p.123
(2) الكون, بولزو, ص46.
"The biggest misunderstanding about the big bang is that it began as a lump of mat-
ter somewhere in the void of space. It ws not just matter that was created during the
big bang. It was space and time that were created . So in the sense that time has be-
ginning, space also has a beginning." Boslouh, Universe, p.64
والانفجار العظيم يقتضي أيضاً أن تلك الكمية العظيمة من الطاقة التي انبثقت إثر ذلك الانفجار لم تجد من الوقت ما يكفيها لتتفاعل وتتحول كيف شاءت حتى يتكوَّن منها - بمحض المصادفة - هذا الكون الذي نسكنه, بل كان عليها أن تتحرك منذ البداية بطريقة معينة, وبسرعة محسوبة حتى تتكون منها المجموعات الشمسية والنجوم والأفلاك و الحياة البشرية؛ لهذا يتساءل بعض الفيزيائيين متعجبين: ((لماذا بدأ الكون بما يقارب ذلك المعدل الحرج من التمدد الذي يفرق بين النماذج التي تعود فتتقوض والنماذج التي تستمر في التمدد إلى الأبد, بحيث أنها تظل إلى يومنا هذا - أي بعد عشرة آلاف بليون سنة - متمددة بما يقارب المعدل الحرج؟ لو أن معدل التمدد بعد ثانية واحدة من الانفجار العظيم كان اقل ولو بجزء واحد من مائة ألف مليون جزء, لعاد الكون فتقوَّض قبل أن يصل إلى حجمه الحالي))(1).
ولهذه النظرية - إن صحت - ميزة أخرى بالنسبة لقضية الإيمان بوجود الخالق, إذ أنها تجعل مقدمات الأدلة الكونية في غاية الوضوح والتحديد. لقد كان الفلاسفة واللاهوتيين الغربيون - وما زال كثير منهم - حين يدلل على وجود الخالق بوجود الكون يتحدث عن الكون أو العالم بطريقة عامة غامضة, كما يتحدث عن وجه دلالته على خالقه بالطريقة نفسها. لكن علماء الفيزياء الفلكيين - ومن تبعهم من الفلاسفة واللاهوتيين - يشيرون الآن إلى شيء محدد هو مادة هذا الكون - وما يتعلق بها من زمان ومكان - مجموعة في أصغر حجم. فلم يعد السؤال عن العالم بصفة عامة ولا غامضة وإنما عن هذه المادة المحددة. والسؤال أيضاً صار منضبطاً ومحدداً: إنه سؤال عن خلقها، عن كيفية حدوثها بعد أن لم تكن شيئا.
ـــــــــــ
(1) تاريخ الزمان, هوكنج, ص1211 – 1222.
"Why did the universe start out with so nearly the critical rate of expansion that sep-
arates models that recollapse from those that go on expanding forever, so that even
now, ten thousand million years later, it is still expanding at nearly the critical rate?
If the rate of expansion one second after the big bang had been smaller by even one
part in hundred thousand million, The universe would have recollapsed before it ever
reached its present size" . Hawking, Time, p.121-122.
إن المادة بحسب هذه النظرية - ليست أزلية بل حادثة.
من أين جاءت إذن؟
قلنا في بداية هذا البحث أن الإلحاد الحديث اعتمد - قبل مقدم الفيزياء الحديثة - على دعوتين اثنتين هما أزلية المادة وطول المدة التي جعلت من الممكن أن يتكون منها - بمحض المصادفة - هذه الكائنات التي نشهدها.
ثم جاءت نظرية الانفجار العظيم فأبطلت هاتين الحجتين الأساسيتين اللتين اعتمد عليهما الإلحاد الحديث؛ إذ إنها تقتضي أن هذا الكون - بما في ذلك الزمان والمكان - له بداية مطلقة.
((إن العلماء الكونيين يعتقدون أن الانفجار العظيم يمثل ليس فقط ظهور المادة والطاقة من فراغ موجود سابقاً, بل خلق الزمان والمكان أيضاً. إن الكون لم يخلق في زمان ومكان. بل إن الزمان والمكان هما جزء من العالم المخلوق))(1).
وعلى ذلك يوافق (ستيفن هوكنج ) الذي دعاه بعضهم بـ (نيوتن العصر الحديث ), حيث قال: ((إن أعظم سوء فهم للانفجار العظيم هو القول بأنه بدأ كتلة من المادة في مكان ما من خلاء الفضاء. لم تكن المادة وحدها هي التي خلقت أثناء الانفجار العظيم, بل إن الزمان والمكان أيضا خلقا, وإذن فبالمعنى [الذي يقال به] إن للمكان بداية, فللزمان أيضا بداية))(2)
ـــــــــــ
(1) تصميم الكون, ص123.
"Cosmologists believe that the big bang represents not just the appearance of matter
and energy in a preexisting void, but the creation of space and time too. The universe
was not created in space and time; space and time are part of the created universe"
Davies, cosmic, p.123
(2) الكون, بولزو, ص46.
"The biggest misunderstanding about the big bang is that it began as a lump of mat-
ter somewhere in the void of space. It ws not just matter that was created during the
big bang. It was space and time that were created . So in the sense that time has be-
ginning, space also has a beginning." Boslouh, Universe, p.64
والانفجار العظيم يقتضي أيضاً أن تلك الكمية العظيمة من الطاقة التي انبثقت إثر ذلك الانفجار لم تجد من الوقت ما يكفيها لتتفاعل وتتحول كيف شاءت حتى يتكوَّن منها - بمحض المصادفة - هذا الكون الذي نسكنه, بل كان عليها أن تتحرك منذ البداية بطريقة معينة, وبسرعة محسوبة حتى تتكون منها المجموعات الشمسية والنجوم والأفلاك و الحياة البشرية؛ لهذا يتساءل بعض الفيزيائيين متعجبين: ((لماذا بدأ الكون بما يقارب ذلك المعدل الحرج من التمدد الذي يفرق بين النماذج التي تعود فتتقوض والنماذج التي تستمر في التمدد إلى الأبد, بحيث أنها تظل إلى يومنا هذا - أي بعد عشرة آلاف بليون سنة - متمددة بما يقارب المعدل الحرج؟ لو أن معدل التمدد بعد ثانية واحدة من الانفجار العظيم كان اقل ولو بجزء واحد من مائة ألف مليون جزء, لعاد الكون فتقوَّض قبل أن يصل إلى حجمه الحالي))(1).
ولهذه النظرية - إن صحت - ميزة أخرى بالنسبة لقضية الإيمان بوجود الخالق, إذ أنها تجعل مقدمات الأدلة الكونية في غاية الوضوح والتحديد. لقد كان الفلاسفة واللاهوتيين الغربيون - وما زال كثير منهم - حين يدلل على وجود الخالق بوجود الكون يتحدث عن الكون أو العالم بطريقة عامة غامضة, كما يتحدث عن وجه دلالته على خالقه بالطريقة نفسها. لكن علماء الفيزياء الفلكيين - ومن تبعهم من الفلاسفة واللاهوتيين - يشيرون الآن إلى شيء محدد هو مادة هذا الكون - وما يتعلق بها من زمان ومكان - مجموعة في أصغر حجم. فلم يعد السؤال عن العالم بصفة عامة ولا غامضة وإنما عن هذه المادة المحددة. والسؤال أيضاً صار منضبطاً ومحدداً: إنه سؤال عن خلقها، عن كيفية حدوثها بعد أن لم تكن شيئا.
ـــــــــــ
(1) تاريخ الزمان, هوكنج, ص1211 – 1222.
"Why did the universe start out with so nearly the critical rate of expansion that sep-
arates models that recollapse from those that go on expanding forever, so that even
now, ten thousand million years later, it is still expanding at nearly the critical rate?
If the rate of expansion one second after the big bang had been smaller by even one
part in hundred thousand million, The universe would have recollapsed before it ever
reached its present size" . Hawking, Time, p.121-122.
إن المادة بحسب هذه النظرية - ليست أزلية بل حادثة.
من أين جاءت إذن؟