المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الدين سبب رُقي الحضارات



عمر الأنصاري
10-19-2008, 03:17 PM
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه، أما بعد:

إن مما ابتليت به الأمة في زماننا الحاضر هو الإتباع الأعمى للغرب شبرا بشبر حتى أصبحو هم السادة و القادة و أغلب المغفلين و المتشدقين يظنون أن الغرب حقق الكمال الحضاري و التطور المطلق و لا يعلم هؤلاء الجهلة أن الذين نصبوهم سادة على أنفسهم يعيشون في ضنك و قلق ، فلا مقارنة بين حضارتهم المزيفة و حضارتنا العريقة و لا مقارنة بين سعادتهم الوهمية و سعادتنا الحقيقية.
و قد رغبت أن أتطرق في هذا الموضوع لبعض الجوانب من "حضارتهم" و جوانب من حضارتنا لنرى الفرق الجلي الذي لا ينكره إلا أعمى البصيرة، لكن عدلت عن ذلك مضطرا لتعذر الوصول إلى المراجع، فاكتفيت بهذا الموضوع المتواضع أذكر فيه سبب رقي الحضارات.

الفصل الأول : الحضارة وعوامل رُقيها
اختلف علماء التاريخ والمؤرخون قديما و حديثا في تعريف الحضارة.
فالحضارة من حضر يحضر و حضرة أي الوجود و المجيء نقول حضر فلان إذا جاء، والحضارة ضد البداوة. ولا يهم التعريف اللغوي بقدر ما يهم التعريف الاصطلاحي للحضارة، فالحضارة : -سيفيليس عند اليونان و قد اختلف في ترجمتها إلى العربية هل هي المدنية أم الحضارة- كما جاء في كتاب قصة الحضارة لوول ديورانت و الذي يعتبر كتابه هذا قاموسا لتاريخ الشعوب و قاموسا للحضارة الانسانية ، جاء فيه أن الحضارة هي مجموع العوامل الطبيعية و المناخية و الزمنية و العقائدية أو الأخلاقية الكفيلة بتطور قبيلة من القبائل لتكون بذلك ما يعرف بالحضارة، فبالنسبة للعوامل الطبيعية و المناخية فتطور الحضارة يلزمه وجود ضروف ملائمة تساعد على الإستقرار كخصوبة التربة و اعتدال المناخ و تساقط الأمطار ووجود التروات الطبيعية...وبالنسبة للعامل الزمني فهو سبب لايجاد حضارة متقدمة حسب تقدم الصناعة و العلوم في ذلك الزمان، وكذلك العقائد و الدين المتبع من طرف تلك القبيلة أو المجتمع فهو يشكل العامل الأبرز لتطور الحاضرة، أبرز مثال على ذلك العصور الوسطى التي ارتقت فيها الحضارة الإسلامية إلى أرقى الدرجات بينما انبطحت فيها الحضارة النصرانية-المسيحية- إلى أسفل الدركات.

الفصل الثاني العامل الرئيس في رُقي الحضارة
لقد بعث الرسول صلى الله عليه و سلم في قوم كانوا من أحط الأمم ، انتشرت فيهم الرذائل و فسدت عقائدهم و تهشمت الروابط بينهم، عانوا من الحروب و الغارات هذا إلى جانب فقرهم و قلة مواردهم فلم يكن لهم مورد للغنا سوى التجارة .
و لكن خلال أقل من 20 عاما استطاع الرسول صلى الله عليه و سلم أن يجعل من هؤلاء الرعاع الهمج سادة القوم و قادته، ودانت لهم الأمم ، وتداعت لهم الشعوب :
ترى الناس ما سرنا يسيرون خلفنا وإن نحن أومأنا إلى الناس وقّفوا
فخلال مدة وجيزة أنشأت جزيرة العرب حضارة متقدمة نافست أشد و أعتا الحضارات ، ولم تكتف بمنافستهم بل أردختم لسلطانها سواء بدخولهم الاسلام أو دفعهم الجزية.
علما أن جزيرة العرب *أولا كانت تعاني من قلة الموارد و صعوبة التضاريس و المناخ الصحراوي، *ثانيا لم تكن لها تقنية متطورة أو أجهزة تساعدها للنهوض، *ثالثا كانت تعاني من فساد الاعتقاد و انحطاط الأعراف.
و مع كل هذه الضروف التي بوجود واحدة منها يتعذر ايجاد حضارة فما البال اذا اجتمعت كلها و مع ذلك نهضت جزيرة العرب و أصبحت أقوى الحضارات فما كان سبب هذا التطور؟؟
لقد قدِم الرسول صلى الله عليه و سلم و لم تتحول صحاريهم إلى جنان و لم تـلفظ الأرض الكنوز و لم تتفجر الآبارو لم تمطر السماء الذهب و لم تتطور أسلحة و تقنيات قبائل العرب ،
فما الذي تغير حتى تطورة حضارتهم ؟؟
الذي تغير هو الدين و الأخلاق و الأعراف ، لقد أكرمهم الله بالإسلام و شرفهم و أعلاهم به فدانت لهم الشعوب، وأنزل الله عليهم بذلك الخيرات تترا.
و من هذا التحليل الموجز يتضح أن العامل الأهم لبناء الحضارة هو "الدين"

الفصل الثالث رد الشبهات

وقد تطرح شبهة في هذا المجال بل قد طرحت و هي قولهم : إن كان الدين هو سبب قيام الحضارة ، ونحن مُسَلِّمُون بذلك، فلماذا إذن لم نحقق التطور و حققه الغرب الكافر الملحد بل و سيطروا على الأرض كلها .
فالرد على هذه الشبهة من وجهين
*أولا : لو طبقنا الإسلام حقا لحكمنا العالم بالعدل والحق، و لنا في عهد الصحابة خير دليل . ولما أصبحنا مسلمين "اسما" أنزل الله علينا الرجس من السماء و أصبحنا أذل الخلق، فالحضارة الإسلامية لا تقاس بعمران الدنيا ولذاتها ، فإن المسلمين لما اشتغلوا ببناء القصور الفارهات، وركنوا إلى الدنيا واستهانوا بالعلوم الشرعيات، وتكالبوا على الغرب كما تتكلاب الضباع على الجيف، رماهم الله بالدواهي والمصيبات ، فالفهمَ الفهمَ ، فإن الإسلام لم يأتِ لعمارة الدنيا إلا بالطاعات .
*ثانيا : قال تعالى " فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتو أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون " الآية 44 الأنعام . فالذين كفروا مد الله لهم الدنيا، حتى إذا لقو الله تعالى لم تكن لهم حجة على الله فقد آتاهم العلم فعلموا و أنكرواو، والدنيا يعطيها الله لمن يحب ويكره ، ولكن الدين لا يعطيه الله إلا لمن يحب

*ثالثا : إن من يزعم أن الغرب حققوا التقدم الحضاري مخطئ، فهو لم يُفرق بين التقدم الحضاري والتقدم التكنولوجي، صحيح أن الغرب حقق تطورا باهرا في مجال التكنولوجيا-اعتمادا على ما سرقه من المسلمين في العصور الوسطى- لكنه يعاني من تمزق كبير في الجانب الحضاري، فهل الدعوة إلى زواج المثليين تعتبر حضارة وهل إبادة الشعوب من أجل السطو على خيراتهم تعتبر حضارة، وهل المجتمع الذي يعاني من التفكك الاسري ومن أعلى نسب الجريمة من زنا وسرقة ومن انتشار نسبة المنتحرين هل يدخل هذا المجتمع في عداد المجتمعات الحضارية !!!!!!؟؟؟

هذا وما كان من خطأ أو نسيان فمني ومن الشيطان وما كان من صواب فمن الله وحده