قتيبة
10-20-2008, 08:34 PM
حجية العقل !!
هل العقل مصدر ؟
فالعقل طريق للمعرفة وليس مصدر للمعرفة
فالعقل حاكم وليس منبع يُستقى منه المعرفة
فالطريق نعرف به والمصدر نأخذ منه
فالوحي مصدر أما العقل فهو طريق
لذلك قال بعض العلماء هو كاشف للمصدر وليس مصدرا في ذاته
مامعنى العقل ؟
هناك فرق بين مفهوم العقل عند العرب والمسلمين وبين العقل عند الغرب فعند الغرب يعني :التفكير السليم وهو بعد ابستمولوجي (معرفي)محضي
أما عند العرب والمسلمين يأخذ بعدا أخلاقيا وسلوكيا وأيديولوجيا ومعياريا وفعليا وقيميا فهو عندهم : الإحجام عن الأهواء والشهوات
فهو مشتق من العقل ويقال "عَقَلَ البعير" أي ربطه ورشده وسمي العقل عقلا لأنه يعقل صاحبه عن الوقوع في المهالك قال تعالى " فبشر عبادي الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب)
فالعقل في الأدبيات الإسلامية تارة تأتي مقابل الهوى , وأحيانا يأتي مقابل الجهل وتارة يأتي مقابل الحلم " صفة العاقل أن يحلم عمن جهل عليه" بينما في المفهوم الغربي فقط مقابل الجهل .
لماذا العقل حجة ؟
العقل حجة لأنه مناط التكليف وبه يعاقب وبه يثيب فإذا اخذ الله ما وهب اسقط ما أوجب لذلك لا حرج في الإسلام على المجنون لان العقل مناط التكليف وهو حجة باطنية على الإنسان فان لله على الناس حجتين:حجة ظاهرة وحجة باطنة , فأما الحجة الظاهرة فالرسل والأنبياء والأئمة , وأما الباطنة فالعقول فالرسل جاءوا ليثيروا دفائن العقول
والأنبياء جاءوا فقط مذكرين ومبلغين وذلك ليثيروا دفائن العقول "الفطرة الأولية الموجودة عند كل إنسان"
فالعقل هو الدليل الأساسي للعقيدة الإسلامية وهو الدليل الرابع من أدلة التشريع الإسلامي كما يؤكد ذلك علماء الأصول
إلا أن العقل هو الدليل الأول وهو المبتدأ في الإثبات إذ بدونه لا يمكن إثبات بقية الأدلة فلا يمكن إثبات إن الله واحد بالنقل لان هذا يلزم الدور والتسلسل ولا يمكن إثبات الشيء بنفسه فلا يصح إثبات الوحدانية بقولنا "قل هو الله احد" لملحد , فالعرش قبل النقش كما يقال.
فالعقل أساس النقل كما يقول الغزالي لأننا نثبت النقل بالعقل
وبعد أن يعتقد القلب بالعقل هنا يحصل التسليم الكامل للنقل فيسلم للأمور الغيبية التي جاء بها النقل الصحيح.
هل للعقل حدود ؟
فبعض المعتزلة جعل كل شيء منوطه العقل حتى الماورائيات وحتى تفاصيل الفقه وكذلك بعض الفلاسفة لذلك ظلوا في تلك الجزئية وبعض المعاصرين اعتبر إن كل أمر لم يثبته العلم فهو خرافة ولا صحة له!!
حيث إن رصيد الفكر هو العلم , فان الأمر بالشيء أمر بمقدمته.
ونسوا هؤلاء إن العلم يجهل أكثر مما يعلم بمليارات المرات , وان كثير من النظريات التي يظن إنها من المسلمات البدهية قد تساقطت وأصبحت أثرا بعد عين " وما أوتيتم من العلم إلا قليلا"
لو كانت عقول الفلاسفة صادقة لتلاقت وتطابقت لان الحق لا يتعدد ولكن الواقع أن لا يكاد ينطبق عقلان في تاريخها الطويل على تصور واحد بجميع تفصيلاته.
لذلك الفلاسفة الذين أرادوا كل شيء بالعقل ضعف إيمانهم وبعضهم غوى وكفر . فالأيمان عقيدة قلبية وليس فلسفة عقلية , فالأيمان كله قائم على الغيبيات والغيبيات كلها قائمة على النقليات بعد التسليم بالوحدانية والخالقية والتسليم للرسالة بواسطة العقل.
فالفلسفة تخاطب العقل وحده لا القلب بعكس العقيدة لذلك الإيمان دربه العقيدة لا الفلسفة الغيب ليس مجاله العقل , ليس عيبا في العقل إنما ليس مجاله
فكمفتاح البيت لا يصلح أن يشغل السيارة فكما أن الأنف وظيفته الشم وليس السمع وكما أن العين وظيفتها الرؤية وليس اللمس فكذلك العقل وظيفته المعقولات وليس الماورائيات أو الميتافيزيقيا.
وكما أن للنظر حدود فلا يستطيع النظر أن يقرأ الكتاب من بعد مئة متر فكذلك العقل لا يعلم ما وراء الجدار.
فان المحدود لا يتسنى له أن يحيط بغير المحدود
وهذا لا يعني أن الغيب هو ضد أو نقيض أو يتعارض مع العقل
فهناك فرق بين ما لا يستطيع أن يُدرك كنهه وماهيته لحدود قدرة العقل وبين تعارضه مع العقل فليس في الشرع مطلقا أمرا يعارض العقل فإذا وُجد فاحديهما ساقط أي انه إما انه ليس شرعا أو انه ليس معقولا.
يقول القرضاوي إن الغزالي يرى: إن العقل والشرع بمثابة العين والضوء
فهل يستطيع الإنسان لو كان نظره 6 على 6 أن يرى في الظلام ؟! كلا فالعقل بمثابة العين والشرع بمثابة الضوء.
فالعقل كالفنجان لا يستطيع أن يستوعب ما في جعبته برميل أو جيك ماء فـ " العقول أوعية خيرها أوعاها"!!
يقول الدكتور محمد الصغير :"فالعقول تدرك الكليات لا الجزئيات, والفروع لا تدركه بالبراهين .والفطرة جملة من الأوليات والبديهيات فالكل اكبر من الجزء والمظروف اصغر من الظرف والعلم خير من الجهل والحسن أولى من القبح وهكذا"
لذلك العقل يدل على أصول العقيدة مثل وجود الله لكنه لا يدل على كثير من تفاصيل الاعتقاد كعدد ركعات الصلاة أو أعمال الحج أو تفاصيل الصيام أو كيفية الصلاة الخ .
وهذا لا يعني بحال إنها تتعارض مع العقل ولكنها مما لا مجال للعقل فيها فدليلها سماعي مُبتني على الخبر الصادق حيث تنقسم الأدلة إلى قسمين :عقلية , وسمعية نقلية.
(( الذي يريد أن يعرف الغيب بالعقل مثل أعمى يزعم انه قادر على معرفة الألوان باللمس فيزعم إن الشيء الناعم ابيض وان الشيء الخشن اسود وان ما بينهما هو ألوان مختلفة حسب درجة ملامستها أو خشونتها )
(إن للعقل ثلاث مهام فيما يتصل بالوحي :
1- تصديق الوحي
2-فقه شرائعه
3- معرفة مصاديقه)
فالطريق إلى الاعتقاد يبدأ أولا بما أوجبته بديهة العقل وضرورة أوائل الحسن فيؤسس الخطاب من الخارج أولا فلا مجال لإثبات القضايا بواسطة نفس الخطاب لان هذا يفضي إلى الدور والتسلسل والمصادرة على المطلوب إنما الخطاب في نفسه هو مجرد منبه لطريقة الاستدلال.
فالله تعالى يحتج على الملحد بالدليل العقلي (أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون) حيث أن العقل يفضي إن لكل خلق خالق ولكل صنعة صانع فالعدمُ لا ينشئ الوجودَ.
وليس من الضروري أن يرتب المؤمن الأدلة ترتيبا منطقيا أو فلسفيا إنما يدرك في قرارة نفسه انه مخلوق والمخلوق لا بد له من خالق عقلا فكما لا نتصور إن حروفا تطايرت وصفت وانتظمت فكونت كلمات ثم جمعت في كتاب من غير مؤلف ولا جامع فكذلك هذا الكون البديع وهذا الخلق العجيب .
فالعقل ليس مجاله فقط في الاعتقاد وبناء الأصول ,إنما أيضا في فهم الشريعة فالنصوص تخاطب العقل والعقل هو الذي يفهمها , وفهم الواقع الذي تنزل عليه النصوص.
العقل والفطرة :
فالأصل إن الإنسان فُطر على الدين (ما من مولود إلا ويولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه)
فنزعة العبادة نزعة فطرية والفطرة تعني انجذاب الإنسان إلى خالقه عفويا بالفطرة وتلقائيا
فالإنسان مفطور على العبادة
والعبادة حاجة كالجوع والعطش والحب
فالأيمان بالله غريزة فطرية وضرورة عقلية أيضا
لذلك لا تجد عصر من العصور ولا بلدة من البلادين إلا وتجد معبدا
حتى في حالة انحرافها عن معبودها الصحيح تجدها تعبد الشمس أو القمر أو النار آو البقر أو أو
وهذا دليل على حاجة الإنسان إلى العبادة ولو بالشكل الخرافي
لذلك قال بعض الملحدين:
(إن الإنسان هو الذي خلق الله وليس الله الذي خلق الإنسان)!!
فبسبب الجهل والخوف من الكوارث الطبيعية التي لم يجد لها تفسيرا كالبراكين والعواصف والخسوف والكسوف والفيضانات والزلازل وعجز الإنسان الجاهلي عن تفسيرها توهم إن هناك خالق فعبد الشمس وآخرون عبدوا القمر وآخرون عبدوا النار وآخرون عبدوا الله وهكذا وعلى هذا يقول جوليان هكسي في كتابه "الإنسان في العالم الحديث " :
( إن الإنسان كان يعبد الله من قبل في عصر العجز والجهل بسبب عجزه وجهله , أما الآن وقد تعلم وسيطر على البيئة فقد آن له أن يصبح هو الله)!!
فهؤلاء الملحدون ينكرون بدهيات الأمور
يقول الدكتور جعفر إدريس :إن وجود الخلق يقوم على مقدمتين بدهيتين ولا يماري فيهما إلا مكابر
الأولى :إن لا شيء يأتي من العدم المحض.
الثانية : لا شيء يخلق نفسه.
وكما قال الإعرابي : البعرة تدل على البعير والسير يدل على المسير فكيف بسماء ذات بروج وارض ذات فجاج وبحار ذات أمواج أفلا تدل على ألعلي القدير!!
منقـــــــــــــول
هل العقل مصدر ؟
فالعقل طريق للمعرفة وليس مصدر للمعرفة
فالعقل حاكم وليس منبع يُستقى منه المعرفة
فالطريق نعرف به والمصدر نأخذ منه
فالوحي مصدر أما العقل فهو طريق
لذلك قال بعض العلماء هو كاشف للمصدر وليس مصدرا في ذاته
مامعنى العقل ؟
هناك فرق بين مفهوم العقل عند العرب والمسلمين وبين العقل عند الغرب فعند الغرب يعني :التفكير السليم وهو بعد ابستمولوجي (معرفي)محضي
أما عند العرب والمسلمين يأخذ بعدا أخلاقيا وسلوكيا وأيديولوجيا ومعياريا وفعليا وقيميا فهو عندهم : الإحجام عن الأهواء والشهوات
فهو مشتق من العقل ويقال "عَقَلَ البعير" أي ربطه ورشده وسمي العقل عقلا لأنه يعقل صاحبه عن الوقوع في المهالك قال تعالى " فبشر عبادي الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب)
فالعقل في الأدبيات الإسلامية تارة تأتي مقابل الهوى , وأحيانا يأتي مقابل الجهل وتارة يأتي مقابل الحلم " صفة العاقل أن يحلم عمن جهل عليه" بينما في المفهوم الغربي فقط مقابل الجهل .
لماذا العقل حجة ؟
العقل حجة لأنه مناط التكليف وبه يعاقب وبه يثيب فإذا اخذ الله ما وهب اسقط ما أوجب لذلك لا حرج في الإسلام على المجنون لان العقل مناط التكليف وهو حجة باطنية على الإنسان فان لله على الناس حجتين:حجة ظاهرة وحجة باطنة , فأما الحجة الظاهرة فالرسل والأنبياء والأئمة , وأما الباطنة فالعقول فالرسل جاءوا ليثيروا دفائن العقول
والأنبياء جاءوا فقط مذكرين ومبلغين وذلك ليثيروا دفائن العقول "الفطرة الأولية الموجودة عند كل إنسان"
فالعقل هو الدليل الأساسي للعقيدة الإسلامية وهو الدليل الرابع من أدلة التشريع الإسلامي كما يؤكد ذلك علماء الأصول
إلا أن العقل هو الدليل الأول وهو المبتدأ في الإثبات إذ بدونه لا يمكن إثبات بقية الأدلة فلا يمكن إثبات إن الله واحد بالنقل لان هذا يلزم الدور والتسلسل ولا يمكن إثبات الشيء بنفسه فلا يصح إثبات الوحدانية بقولنا "قل هو الله احد" لملحد , فالعرش قبل النقش كما يقال.
فالعقل أساس النقل كما يقول الغزالي لأننا نثبت النقل بالعقل
وبعد أن يعتقد القلب بالعقل هنا يحصل التسليم الكامل للنقل فيسلم للأمور الغيبية التي جاء بها النقل الصحيح.
هل للعقل حدود ؟
فبعض المعتزلة جعل كل شيء منوطه العقل حتى الماورائيات وحتى تفاصيل الفقه وكذلك بعض الفلاسفة لذلك ظلوا في تلك الجزئية وبعض المعاصرين اعتبر إن كل أمر لم يثبته العلم فهو خرافة ولا صحة له!!
حيث إن رصيد الفكر هو العلم , فان الأمر بالشيء أمر بمقدمته.
ونسوا هؤلاء إن العلم يجهل أكثر مما يعلم بمليارات المرات , وان كثير من النظريات التي يظن إنها من المسلمات البدهية قد تساقطت وأصبحت أثرا بعد عين " وما أوتيتم من العلم إلا قليلا"
لو كانت عقول الفلاسفة صادقة لتلاقت وتطابقت لان الحق لا يتعدد ولكن الواقع أن لا يكاد ينطبق عقلان في تاريخها الطويل على تصور واحد بجميع تفصيلاته.
لذلك الفلاسفة الذين أرادوا كل شيء بالعقل ضعف إيمانهم وبعضهم غوى وكفر . فالأيمان عقيدة قلبية وليس فلسفة عقلية , فالأيمان كله قائم على الغيبيات والغيبيات كلها قائمة على النقليات بعد التسليم بالوحدانية والخالقية والتسليم للرسالة بواسطة العقل.
فالفلسفة تخاطب العقل وحده لا القلب بعكس العقيدة لذلك الإيمان دربه العقيدة لا الفلسفة الغيب ليس مجاله العقل , ليس عيبا في العقل إنما ليس مجاله
فكمفتاح البيت لا يصلح أن يشغل السيارة فكما أن الأنف وظيفته الشم وليس السمع وكما أن العين وظيفتها الرؤية وليس اللمس فكذلك العقل وظيفته المعقولات وليس الماورائيات أو الميتافيزيقيا.
وكما أن للنظر حدود فلا يستطيع النظر أن يقرأ الكتاب من بعد مئة متر فكذلك العقل لا يعلم ما وراء الجدار.
فان المحدود لا يتسنى له أن يحيط بغير المحدود
وهذا لا يعني أن الغيب هو ضد أو نقيض أو يتعارض مع العقل
فهناك فرق بين ما لا يستطيع أن يُدرك كنهه وماهيته لحدود قدرة العقل وبين تعارضه مع العقل فليس في الشرع مطلقا أمرا يعارض العقل فإذا وُجد فاحديهما ساقط أي انه إما انه ليس شرعا أو انه ليس معقولا.
يقول القرضاوي إن الغزالي يرى: إن العقل والشرع بمثابة العين والضوء
فهل يستطيع الإنسان لو كان نظره 6 على 6 أن يرى في الظلام ؟! كلا فالعقل بمثابة العين والشرع بمثابة الضوء.
فالعقل كالفنجان لا يستطيع أن يستوعب ما في جعبته برميل أو جيك ماء فـ " العقول أوعية خيرها أوعاها"!!
يقول الدكتور محمد الصغير :"فالعقول تدرك الكليات لا الجزئيات, والفروع لا تدركه بالبراهين .والفطرة جملة من الأوليات والبديهيات فالكل اكبر من الجزء والمظروف اصغر من الظرف والعلم خير من الجهل والحسن أولى من القبح وهكذا"
لذلك العقل يدل على أصول العقيدة مثل وجود الله لكنه لا يدل على كثير من تفاصيل الاعتقاد كعدد ركعات الصلاة أو أعمال الحج أو تفاصيل الصيام أو كيفية الصلاة الخ .
وهذا لا يعني بحال إنها تتعارض مع العقل ولكنها مما لا مجال للعقل فيها فدليلها سماعي مُبتني على الخبر الصادق حيث تنقسم الأدلة إلى قسمين :عقلية , وسمعية نقلية.
(( الذي يريد أن يعرف الغيب بالعقل مثل أعمى يزعم انه قادر على معرفة الألوان باللمس فيزعم إن الشيء الناعم ابيض وان الشيء الخشن اسود وان ما بينهما هو ألوان مختلفة حسب درجة ملامستها أو خشونتها )
(إن للعقل ثلاث مهام فيما يتصل بالوحي :
1- تصديق الوحي
2-فقه شرائعه
3- معرفة مصاديقه)
فالطريق إلى الاعتقاد يبدأ أولا بما أوجبته بديهة العقل وضرورة أوائل الحسن فيؤسس الخطاب من الخارج أولا فلا مجال لإثبات القضايا بواسطة نفس الخطاب لان هذا يفضي إلى الدور والتسلسل والمصادرة على المطلوب إنما الخطاب في نفسه هو مجرد منبه لطريقة الاستدلال.
فالله تعالى يحتج على الملحد بالدليل العقلي (أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون) حيث أن العقل يفضي إن لكل خلق خالق ولكل صنعة صانع فالعدمُ لا ينشئ الوجودَ.
وليس من الضروري أن يرتب المؤمن الأدلة ترتيبا منطقيا أو فلسفيا إنما يدرك في قرارة نفسه انه مخلوق والمخلوق لا بد له من خالق عقلا فكما لا نتصور إن حروفا تطايرت وصفت وانتظمت فكونت كلمات ثم جمعت في كتاب من غير مؤلف ولا جامع فكذلك هذا الكون البديع وهذا الخلق العجيب .
فالعقل ليس مجاله فقط في الاعتقاد وبناء الأصول ,إنما أيضا في فهم الشريعة فالنصوص تخاطب العقل والعقل هو الذي يفهمها , وفهم الواقع الذي تنزل عليه النصوص.
العقل والفطرة :
فالأصل إن الإنسان فُطر على الدين (ما من مولود إلا ويولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه)
فنزعة العبادة نزعة فطرية والفطرة تعني انجذاب الإنسان إلى خالقه عفويا بالفطرة وتلقائيا
فالإنسان مفطور على العبادة
والعبادة حاجة كالجوع والعطش والحب
فالأيمان بالله غريزة فطرية وضرورة عقلية أيضا
لذلك لا تجد عصر من العصور ولا بلدة من البلادين إلا وتجد معبدا
حتى في حالة انحرافها عن معبودها الصحيح تجدها تعبد الشمس أو القمر أو النار آو البقر أو أو
وهذا دليل على حاجة الإنسان إلى العبادة ولو بالشكل الخرافي
لذلك قال بعض الملحدين:
(إن الإنسان هو الذي خلق الله وليس الله الذي خلق الإنسان)!!
فبسبب الجهل والخوف من الكوارث الطبيعية التي لم يجد لها تفسيرا كالبراكين والعواصف والخسوف والكسوف والفيضانات والزلازل وعجز الإنسان الجاهلي عن تفسيرها توهم إن هناك خالق فعبد الشمس وآخرون عبدوا القمر وآخرون عبدوا النار وآخرون عبدوا الله وهكذا وعلى هذا يقول جوليان هكسي في كتابه "الإنسان في العالم الحديث " :
( إن الإنسان كان يعبد الله من قبل في عصر العجز والجهل بسبب عجزه وجهله , أما الآن وقد تعلم وسيطر على البيئة فقد آن له أن يصبح هو الله)!!
فهؤلاء الملحدون ينكرون بدهيات الأمور
يقول الدكتور جعفر إدريس :إن وجود الخلق يقوم على مقدمتين بدهيتين ولا يماري فيهما إلا مكابر
الأولى :إن لا شيء يأتي من العدم المحض.
الثانية : لا شيء يخلق نفسه.
وكما قال الإعرابي : البعرة تدل على البعير والسير يدل على المسير فكيف بسماء ذات بروج وارض ذات فجاج وبحار ذات أمواج أفلا تدل على ألعلي القدير!!
منقـــــــــــــول