المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عرب وبربر: مؤامرة لتنصير المغرب واحتلاله.



فخر الدين المناظر
10-22-2008, 03:23 PM
عرب و بربر:
مؤامرة لتنصير المغرب واحتلاله
لفضيلة الشيخ عبد الكريم مطيع الحمداوي

تصميم الدراسة

•عرب و بربر: مؤامرة لتنصير المغرب واحتلاله

•التفرقة العرقية سلاح للترويض والإخضاع

•أهداف الفرنسيين من الاحتلال وأساليبهم

•هل المغاربة عنصران متباينان؟

•من حيث تسميتهم أمازيغ وبربر

•من حيث علاقة البربرية باللغة العربية

•هل يجب أن يعود البربر إلى النصرانية كما تريد فرنسا وتيارها في بلادنا؟

•واقع الحال وآفاق المستقبل

•كلمة أخيرة للدعاة الصادقين: لوثة العرقية في منظار العقيدة والشريعة


عرب و بربر: مؤامرة لتنصير المغرب واحتلاله

تجتاح المغرب في السنوات الأخيرة حملة شرسة مسعورة ترمي إلى تمزيق الشعب المغربي المسلم عرقيا وعقديا وأخلاقيا، وتفتيت قوته وتوهين صلابته وإضعاف مقاومته، ليتحول إلى قطيع من الأغنام بيد أجنبي متكالب، يريد أن تتقطع كل الوشائج الدينية والأواصر الأسرية والروابط الاجتماعية، كي يتمكن من مسخ الهوية المغربية واستنزاف الثروة الوطنية وتوسيع رقعة ما يطلق عليه " فرنسا ما وراء البحار"، وفي سبيل ذلك ليس من ضير أن تستعمر الأرض وتهان الكرامة، وتنهار الأخلاق، وتتفسخ القيم .

في سبيل هذه الغاية تركز دوائر النفوذ الأجنبي على محاولة القضاء على الحركة الإسلامية المغربية بصفتها صمام أمان المجتمع عقديا وأخلاقيا، بتمزيقها وتحويلها إلى شظايا خرافية أو قبورية أو مخزنية أو استخباراتية، فيرتاح أعداء الدعوة لما يؤول إليه أمرها من ضعف ووهن وانشغال لمللها ونحلها بالمعارك الجانبية والحرائق الهامشية.

كما انبعثت عناصر أخرى لإثارة البلبلة والتفرقة بين أفراد الشعب المغربي المنتمين في غالبيتهم إلى أصل واحد هو سام أب العرب قاطبة، كما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله "سام أبو العرب"[1]، سواء منهم من هاجر قبل البعثة النبوية الشريفة من اليمن، أو من هاجر بعد الفتح الإسلامي، وهو ما خططت له سلطات الحماية الفرنسية في ثلاثينات القرن العشرين بمحاولة تقسيم المغاربة إلى عرب وبربر لكل منهما أصول خاصة وديانة متميزة، ثم تقسيم سكان الجبال إلى بربر ريف، وبربر زيان، وبربر سوس، وتقسيم سكان السهول والشواطئ والصحراء إلى أعراب، ومدنيين، وأندلسيين، وحسانيين. ثم بناء التنظيمات الحزبية والبرلمانية والمؤسسات الحكومية والوظيفية والعسكرية والبوليسية على قاعدة تكريس هذه التفرقة وإذكائها وتوظيفها واستثمارها لصالح الغرب الاستعماري وأهدافه الصليبة.

لقد عرف المغرب طيلة العهد الإسلامي دولا منبعثة من عدة مناطق فيه، دولا أسسها مسلمو صنهاجة الصحراء المرابطون المجاهدون، ودعاة سوس العالمة الموحدون الأشاوس، وأخرى أسسها حماة الأرض والعرض المرينيون والوطاسيون... الخ، وكلهم من عرب الهجرات الأولى وعرب الفتح الإسلامي، فلم تمزق وحدتهم دعوة عرقية أو فكر دخيل أو ولاء لأجنبي، وكلما استضعفهم عدو انبعثت وحدتهم صلبة متحدية مدافعة، ويكفي شاهدا على ذلك ثورة مسلمي الريف بقيادة آل الخطابي، التي كانت الخطوة التأسيسية الأولى لحركة التحرير الوطني وتحقيق الاستقلال، على رغم تكالب قوتين فرنسية وإسبانية ضدها، مستعينتين عليها ببعض خونة العلماء ووعاظ السلاطين.

على هذه التفرقة عاش النفوذ الأجنبي وأولياؤه في بلادنا، وبها استمروا ومن أجلها يسعون.

حاولوا احتواء سكان السهول لضرب سكان الجبال وتوهين ثوراتهم، بدعوى أنهم يكرهون الإسلام ويبغضون الرسول صلى الله عليه وسلم، ويحاولون طرد سكان السهول، أو صرفهم عن دينهم.

فلما لم تفلح هذه الدعاوى في ترويض الشعب بجميع فئاته، واندلعت الثورات المطالبة بالعدل والمساواة والحرية عمد المخزن إلى تكوين جيش من الزنوج على غرار تجربة العباسيين أيام المعتصم إذ استعان في حكم البلاد بمرتزقة أتراك، ثم ما لبث جيش الزنوج هذا أن تمزق وانقلب على ملوكه فسامهم سوء العذاب، ثم بعد انفراط عقد السلطة المركزية في عهد السلطان عبد الحفيظ بثورة المستضعفين والجياع من سكان الجبال والسهول الذين احتلوا العاصمة "فاس"، استقدم الجيش الفرنسي لقمع الثوار وتكريس سلطة الاستعمار الأجنبي رسميا في البلاد بتوقيع عقد الحماية المشؤوم.

ثم لم يتورع الفرنسيون عقب الاحتلال عن ركوب نفس الموجة العرقية، ولكنهم فشلوا في تحقيق أهدافهم منها، نظرا لصلابة الوحدة الوطنية وتمسك المغاربة بعقيدة التوحيد ودين الإسلام الموحد. ثم لما اضطروا لمغادرة البلاد سنة 1956م، طوروا أساليبهم لنفس الأهداف من وراء ستار، لإثارة النعرات القبلية والعرقية، تلافيا لأي توجه وطني نحو استئصال بقايا رواسب الاستعمار ومخلفاته ورموزه وأعوانه وعملائه وأذنابه.

قبل أن نتناول الموضوع بتفصيل وتحليل واستدلال ينبغي أن نمهد بإيراد نماذج تاريخية تلقي الضوء على الجذور التوظيفية لهذه النزعات الطائفية لدى المخزن ثم بتوضيح الأساليب الاستعمارية المعتمدة في هذا الأمر، مستطردين بما هو واقع الحال بعد الاستقلال وآفاق المآل، لهذه المؤامرات الهادفة إلى تمزيق وحدتنا وتنصير أبنائنا وتحويل قبلتنا.


التفرقة العرقية

سلاح للترويض والإخضاع

إن التفرقة وبث الفتنة بين القبائل كان سلاح المخزن الأمثل لترويض المغاربة وإخضاعهم والقضاء على ثوراتهم ضد الظلم والفساد، يحتوي بعض سكان السهول لضرب ثوار السهول والجبال معا، ويوقع الفتنة بين قبائل عرب السهول أنفسهم فيسلح البعض منهم ويحرضه على الآخرين، فيقاتل بعضهم بعضا، وينهب بعضهم بعضا، ويستبيح بعضهم دماء بعض وأمواله. ويبقى المخزن حكما وحارسا لوحدة مزيفة وأمن مزعوم.

إلا أن هذا الأسلوب أثبت فشله على مر السنين، إذ سرعان ما كان المغاربة يكتشفون اللعبة فيتحدون مطالبين بالعدل والكرامة والحرية، وينضمون إلى بعضهم تحت راية الإسلام والوحدة، فيدفعون ثمن ذلك ضروبا من القمع والإرهاب والتشريد، ولما عجز المخزن لم يجد بدا من حماية نفسه بارتهان الوطن كاملا لدى جيش الجنرال ليوطي الغازي.

يقول المؤرخ أحمد الناصري[2]: ( فلما كانت سنة إحدى وثمانين وألف غزا المولى رشيد بلاد السوس فاستولى على تارودانت، رابع صفر من السنة، وأوقع بهشتوكة فقتل منها أكثر من ألف وخمسمائة، وأوقع بأهل الساحل وقتل منهم أكثر من أربعة آلاف، وأوقع بأهل قلعة إليغ، وقتل منهم بسفح الجبل أكثر من ألفين).

ويقول أيضا[3]:( ثم دخلت سنة خمسة وتسعين وألف فخرج السلطان في العساكر إلى جبال فازاز لحرب صنهاجة من البربر هناك فلما سمعوا بخروجه إليهم انهزموا إلى ملوية ....وأنزل السلطان بقلعة آزرو ألف فارس وبقلعة عين اللوح خمسمائة فارس، فأخذوا بمخنقهم واستراح الناس من عيثهم ببسيط سايس، ولما منعوا من السهل وانقطعت عنهم الميرة- أي الزاد – وقلت الأقوات خشعوا، ونزل وفدهم وقدموا مكناسة على السلطان تائبين فأمنهم على شرط دفع الخيل والسلاح والاشتغال بالحرث والنتاج فدفعوها عن يد وهم صاغرون، وهؤلاء هم آيت إدراسن)

ويقول[4]: ( وصعد السلطان الجبل – أي جبل فازاز - من الناحية الغربية فأول من قدم عليه من برابرته بالطاعة زمور وبنو حكم فولى عليهم رئيسهم بايشي القبلي فاستصفى منهم الخيل والسلاح ثم تجاوزهما إلى المال فاستصفاه أيضا...)

ويقول[5]: ( ولما كانت الليلة المعينة لم يرع البربر إلا رعود المدافع والمهاريس تصعق في الجو ونيرانها تنقدح في ظلمات الليل وأصداء الجبال تتجاوب من كل ناحية، فقامت عليهم القيامة وظنوا الأرض قد زالت عنهم وزحفت عليهم عساكر السلطان من باقي الجهات واشتد القتال فانهزموا وتفرقوا في الشعاب والأودية شذر مذر، فقتل رجالهم وسبيت نساؤهم وأولادهم ونهب أثاثهم وحيزت مواشيهم وأنعامهم، واستلبت خيلهم واسْتَحَرَّ القتل والنهب فيهم ثلاثة أيام والعساكر تلتقطهم من الأودية والشعاب وتستخرجهم من الكهوف والغيران، وكان عدد رؤوس القتلى ينيف على اثني عشر ألفا).

ويقول[6]: ( فقدم عليه[7] مع جماعة من المجاهدين أهل الريف من طنجة فوق المائة ومعهم زوجة الباشا أحمد الريفي وولداه منها، فقدمت هدية عظيمة، فقبض السلطان الهدية وقتل الولدين ومن معها من أهل الريف، ثم قتل معهم ثلاثمائة من بني حسان قدموا عليه للتهنئة).

ويقول[8]: ( ورد الخبر بأن ركب الحاج- أي حجاج بيت الله الحرام- قد وصل إلى تازة وهو محصور بها فاستغاث أهل فاس بالبرابرة ليأتوهم بإخوانهم، فخلصوا الركب الذي بها – ركب الحجاج- وقدموا بهم إلى فاس، فدخلوا باب الفتوح ونزل البرابرة والحياينة بالزيتون... وفي أثناء ذلك أغار عليهم جيش الوداية فقضوا عليهم وقتلوا منهم كثيرا، فأمرهم السلطان أن يعلقوا رؤوسهم على سور قصبة شراقة ففعلوا...).

وفي العصر الحديث سلط الجنرال أوفقير ضابط المباحث العسكرية الفرنسية سابقا، الجيش المغربي على قبائل الريف في مذبحة رهيبة قتلاها بالآلاف، أما أسراها فقد جمعوا في ركن من الغابة وناداهم أوفقير واحدا واحدا ليعطيهم الأمان، وقبل أن يطلب منهم الانصراف ركضا، لم يكن ينسى أن يخص كل واحد منهم برصاصة في رأسه.

لعل هذه المواقف القمعية المتطرفة ضد هذه الفئة المؤمنة تثير العجب لدى البعض، ولكن العجب يزول إذا ما عرفنا أن جريمة هؤلاء المستضعفين الوحيدة هي تشبثهم بالحرية والوحدة والعقيدة والكرامة والأرض، في مواجهة محاولات مصادرة الوحدة والحرية والعقيدة والكرامة والأرض.

ولعل في المثال التالي، وهو قطرة من بحر، خير دليل على ما نذهب إليه:

ذلك أنه في مستهل القرن العشرين ثار المغاربة ضد السلطان عبد الحفيظ، فاستنجد بالجيش الفرنسي، كما ذكر ذلك كل المؤرخين، وفي مقدمتهم محمد غريط الذي أرخ للحادث بقوله[9]:(كتب الثائرون إلى المولى عبد الحفيظ بالوعيد والتهديد باحتلال فاس الجديد، فأيقن أنهم يفعلون ما يقولون، وبأن لهم قوة بها يستطيلون ويصولون، فاضطر للدفاع عن الحضرة العلية، بجنود الدولة الفرنسوية...) ( ...ولهذه الاضطرابات والانقلابات السريعة...التي كادت تترك الناس فوضى... وتصير الدولة مطمعا، بسطت الدولة الفرنسية على المغرب حمايتها وسددت لرؤوس الفتنة رمايتها، فعادت الأمور إلى انتظامها والدولة الشريفة إلى عزها وإعظامها)[10]

وعندما استنكر علماء مراكش ما فعله السلطان عبد الحفيظ واحتجوا على الاستعانة بالجيش الاستعماري الفرنسي كتب إليهم موبخا متوعدا مهددا، بقوله[11]:

( ...وقد بلغ لعلمنا الشريف ما يتفوه به بعض الثرثارين الذين يدعون التفقه بين الجدران والأساطين، من تهويل أمر الاستعانة بالفرنسيين، فالمتحقق في حالة هؤلاء البربر لا يرى الاستعانة بالغير في حقهم محظورة، إذ البرابر كأسنان المشط في مخالفة الشرع التي هي أفظع صورة، فالاستعانة عليهم ليست إلا لاستنقاذ حرمات الله، وهذا لايوجد في الشرع عنه ناه...) وفي ثنايا هذه الرسالة يكشف صراحة عن نظرة الاستعلاء التي ينظر بها إلى الثوار بقوله: ( ...وعاملناهم معاملة بني آدم مع أنهم ليسوا من هذا القبيل)[12].

هذه النظرة الاستعلائية على المواطنين استنبتت في الحاشية والأعوان والمقربين بعد سقوط الأندلس، والاستعانة بنخبة من مهاجرتها الذين كانوا بطانة وأعوانا للأنظمة الفاسدة التي سلمتها للفرنج، ولما استخدموا من طرف المخزن، عملوا على الاستئثار بالسلطة واستبعاد أصحاب الأرض من المواطنين، وتحريض السلاطين عليهم.

ثم لما استقر الأمر للفرنسيين وأمن المخزن غائلة الثوار، كتب السلطان عبد الحفيظ إلى العلماء يهنئهم بهذه المكرمة قائلا[13]: (...فجرفتهم - أي الثوار- جنود القوة المرتجلة – أي الجيش الفرنسي – التي استبطؤوها، وشردتهم ...وأعلمناكم بهذا أن لله في طي قدرته نعما لا تحصى، وتأخذوا حظكم من الفرح والسرور...)

وبذلك انغمر مغاربة المخزن في حظهم من الفرح والسرور على حساب التفريط في الأرض والعرض والدين والكرامة كما وصف ذلك محمد غريط بقوله:[14] ( وحسنت الأحوال بعد زوال تلك الأهوال، فألوى الناس إلى خضراء الدمن[15]، وذهب بعضهم في اللهو والبطالة كل مذهب، وتآخوا على الفاحشة وبئس الإخاء، وسخوا، ولكن في ما يحرم فيه السخاء، وصاروا في يوم الجمعة كما كان أهل الأندلس يوم السبت، يفعلون أفاعيل أصحاب الطاغوت والجبت... واختلاط النساء بالرجال متعطرات متبرجات كأنهن بكل ناظر متزوجات... ومعاطاة الكؤوس على المقابر، كأنما أعيد عصر الجاهلية الغابر...)

لقد حقق المخزن غايته باستتباب أمنه ورفاهيته، فهل حقق الاستعمار الفرنسي غايته المعلنة قبل الاحتلال والمضمرة؟


أهداف الفرنسيين من الاحتلال وأساليبهم

تزعم السلطة الفرنسية أن هدف جنودها من تدخلهم في المغرب سنة 1912م هو القضاء على الفوضى وحماية النظام وتطوير البلاد وأهلها، مما تم بموجبه عقد مقايضة بينها وبين المخزن تضمن به بقاءه في مقابل وضع اليد الفرنسية على كامل التراب المغربي ثم اقتسامه مع الإسبان، وتطويره في إطار الأهداف الفرنسية المعلنة. وفي هذا يقول المؤرخ الفرنسي تيراس[16]: (وفي مستهل القرن العشرين أصبحت الأسرة العلوية مهددة من كل الجهات، لما اندلع من فوضى وثورة، ومن ثم كان لزاما على القوات الفرنسية أن تتدخل لإنقاذ السلطان وعاصمته فاس من ثورة القبائل. وفي اليوم الثاني لبسط الحماية على المغرب تمكنت قوة عسكرية أخرى من صد حملة مرابطية جديدة قادمة من موريطانيا بقيادة الشيخ الهيبة).

فهل اكتفى الفرنسيون بتحقيق هدفهم المعلن هذا، أم كانت لهم أهداف أخرى مضمرة أشمل وأوسع وأبعد خطرا؟

إن الاستعمار الفرنسي لم يقدم قط لحماية النظام السياسي المغربي، ولا لنشر الهدوء والأمن والتطور، بل قدم وفي برنامجه أن يحول البلاد وأهلها عن الإسلام ولغة القرآن ( العربية)، ويقتطع المنطقة بكاملها عن أمتها ويربطها نهائيا بالغرب الصليبي كنيسة وعادات وتقاليد وأخلاقا وأعراقا. وفي هذا يقول ويلفريد ناب[17]: ( وكتب ليوطي بنفسه قائلا:" إنه ليس من مهامنا تعليم اللغة العربية للسكان الذين لم يتعلموها، لأن العربية هي إحدى العوامل المتعلقة بالإسلام، لأنها لغة القرآن، وهدفنا هو تطوير البربر خارج إطار الدين الإسلامي". كما اتبع هذا النهج وعمل لهذا الهدف عدد من الفرنسيين الرسميين والموظفين العسكريين فشجعوا الأسطورة المختلقة التي تدعي بأن هوية البربر تتميز عن الهوية العربية، وأن أصل البربر قبل الإسلام يتضمن ارتباطهم بالمسيحية واليهودية.).

وفي هذا يقول " BOBIN BIDWELL "[18]: ( يقول الجنرال بريموند في كتابه تحت عنوان فرعي" البربر بلد أروبي": لا يوجد هناك عرب في شمال إفريقيا، فالسكان ربما جاؤوا من سيبيريا ويتكلمون لغة تشبه لغة الكيشوا في الأنديز)

There are no Arabs in North Africa. The population probably came from Siberia and speaks a language with similarities to the Kichoua of the Andes.

ويضيف[19]: ( ويقول الأستاذ برنار Bernard ": لا يوجد عرب في شمال إفريقيا، بل بربر على مستويات تعريب مختلفة).

There are no Arabs in North Africa: There are merely Berbers at different stages of Arabisation.

ويضيف[20]: ( وعندما أحيل الماريشال ليوطي على المعاش لخص سياسته البربرية على النمط التالي قائلا: "لقد كان هدفي من الغزو هو أن أحمي البربري من أي تدخل في حياته الخصوصية وأعرافه القبلية وتقاليده... إن نجاحي في إقامة المغرب الكبير ...وهو أمر كان يبدو مستحيلا، يعتبر ثمرة ونتيجة لنجاحي في التغلغل إلى الروح البربرية والتمكن منها. ولقد ساندت دائما العنصر البربري ضد العنصر العربي. إن العنصر البربري لن يفهمه إلا الجندي).

Mon secret, celui de ma Conquête, Ce fut de protéger le Berbère contre toute intrusion dans sa vie intime, dans les coutumes du clan, dans ses traditions…

Si je n’avais pas conquis l’âme berbère, il m’aurait été impossible de constituer un grand Maroc. J’ai toujours soutenu l’élément, berbère contre l’élément arabe dégénéré… l’élément berbère ne sera jamais Compris que par un Soldat.

ويضيف[21]: ( واهتم الماريشال ليوطي اهتماما كبيرا بدراسة عادات البربر وأعرافهم، كما قام في 9- 1- 1915م بتعيين لجنة للدراسات البربرية . وفي يونيو 1921م وبخ الماريشال ليوطي الضابط"A.I." الذي كتب إليه من "كرامة" باللغة العربية وانتهره قائلا:" إنه يتحتم علينا أن ننتقل مباشرة من البربرية إلى الفرنسية، فالعربية هي عامل الأسلمة، لأنها لغة القرآن، أما مصلحتنا فتحتم علينا أن نطور البربر خارج إطار الدين الإسلامي)

Nous devons tendre a passer directement bu Berbère au français… L’arabe est un facteur d’islamisation parce que cette langue s’apprend dans le Coran ; or notre intérêt nous command de faire évoluer les berbères hors le cadre de l’Islam…

ويضيف[22]: ( وأعطى ليوطي تعليماته لضباطه بألا يساهموا في نشر الإسلام بين البربر فقال:" ينبغي أن يستوعب ضباطنا جيدا هذه المبادئ، كما يجب عليهم بالأخص أن يحرصوا على عدم الظهور كأمناء وحماة للإسلام..

Tous nos officiers doivent être bien pénétrés de ces principes qu’ils évitent surtout de se présenter en fourriers de l’islam.

إن عملية تحويل البربر إلى فرنسيين سهلة التنفيذ حسب "دي كايكس"، وذلك أنه ليس للبربر ثقافة ذاتية خاصة بهم، وعليه فإنهم لن يقاوموا الثقافة الفرنسية... ولكن المشكلة الوحيدة لديه هي أن الكتاب الفرنسيين يعتبرون البربر حقيرين وجشعين.

وكتب " PIQUET" الذي كان يعمل في الجنوب: "إن البربر أكثر استعدادا من الأجناس الأخرى للانسجام مع الحضارة الأوربية، ولم يدرك أنه تسرع في حكمه بسهولة اندماج البربر بالفرنسيين، كما أن القائلين بهذا الرأي ينسون مقولة الماريشال" BUGEAUD" وهي:" إذا أخذت جمجمة لمسيحي وجمجمة لمسلم وتركتهما على النار تغليان في قدر واحدة لمدة مائة سنة فإنك ستحصل على مرقين مختلفين)

Faites bouillir dans une même marmite pendant cents ans, un crâne de chrétien et un crâne de musulman vous obtiendrez deux bouillons séparés.

ويضيف[23]: ( إن فكرة إمكانية احتواء البربر أدت إلى ممارسة تفضيلهم على العرب في الشؤون المادية كالمنح الحكومية مثلا، وفي منتصف العشرينات حينما كانت معظم مناطق البربر تقاوم الاحتلال لم تفتأ سلطات الحماية تتطلع لليوم الذي ستشكل فيه هذه القبائل دعما رئيسا لها.

لقد كتب الأستاذ"BERNARD" سنة 1924م: "إن البربر أكثر انقيادا من العرب وذلك لأنهم أضعف حساسية وأقل اهتماما بأن يتفوقوا على المسيحيين".

وبعد مرور سنوات كتب أحدهم:" إن فرنسا لها الحق في تحويل البربر إلى فرنسيين" بينما يتخيل آخر إمكانية ظهور أمة فرنسية في إفريقيا بعد مرور فترة من الزمن).

ويضيف[24]: ( إن من السخرية السياسية أن ترغب السلطات الفرنسية في استعداء البربر ضد العرب... لاسيما وقد كان هذا هو الهدف الحقيقي للموظفين العاملين في المغرب، كما أن حرصهم الشديد على تحويل البربر إلى فرنسيين يقود طبيعيا إلى تنصيرهم، وغزاتهم سيكونون بعثات تبشيرية تنصيرية، لذلك علينا أن نعرفهم بالمسيح)

Les conquérants seront les missionnaires. Parlons-leur de Jésus.

ويضيف[25]: ( ولإنجاح هذه السياسة البربرية تقرر إبعاد التأثير العربي الإسلامي، يقول "دي كايكس" ما معناه: "إن التعريب هو الأسلمة ، وهذا يعني إحكام قبضة ديانة من أهم أركانها الجهاد المقدس ونشر لغة بإمكانها أن تصبح وسيلة لنشر أفكار معادية).

Arabiser c’est Islamisé. C’est donc approfondir l’emprise d’une religion de guerre sainte et répandre une langue qui peut être le véhicule d’idées hostiles.

ويستطرد الكاتب نفسه قائلا[26]:( ويزعم داعية آخر يسمى" FONTAINE" أن جميع العرب كسالى ومفسدون... كما يلاحظ بلهجة المنتصر أن العرب قد وصلوا إلى إفريقيا قبل الفرنسيين وعليهم أن يغادروا المنطقة حالا...

إن هذه الأمثلة من الدعاية المبتذلة تبرهن على أهمية الصعوبات التي واجهت الفرنسيين عند انتهاجهم سياستهم المحكوم عليها بالفشل مسبقا، وتجدر الإشارة هنا إلى أن موزعي المنشورات من خلال حملاتهم الدعائية وصلوا إلى درجة من الإسفاف جعلتهم يزعمون أن مناطق البربر تابعة لفرنسا لأن التكوينات الجيولوجية لجبال الريف مماثلة لجبال الألب)

ويضيف[27]: (في عام 1931م أدرك الداعية الكبير "LEGLAY" أن هذه السياسة قد فشلت نهائيا فكتب حزينا في كتابه " إفريقيا الفرنسية": إن الشعوب مهما اختلفت فيما بينها فإنها عندما تكتشف طموحاتها وقضاياها المشتركة فإنها تتحد في توجيه الانتقادات إلى الفرنسيين" )

من خلال هذه النصوص، وغيرها لا يكاد يحصى، يتضح الهدف الحقيقي للاحتلال الفرنسي للمغرب، وهو تحويل المغاربة إلى نصارى دينا، وفرنسيين من درجة دنيا لغة وثقافة ووضعا اجتماعيا، وإلحاق المغرب أرضا بتراب ما كانوا يطلقون عليه"فرنسا ما وراء البحار".

إلا أن هذا المشروع الخيالي الفرنسي ظل يتلقى الضربات القاسية على يد المقاومة المغربية في الأرياف والجبال والسهول والصحارى، فلم يجد الفرنسيون بدا من الاستعانة بسلطة المخزن التي أصبحت مرتهنة في أيديهم ضعيفة لا حول لها ولا قوة، واستغلال وضعية السلطان المولى يوسف كإمام للمسلمين، حيث أجبروه على تزكية الحملات العسكرية الفرنسية ضد الثوار. وفي هذا كتب " BOBIN BIDWELL"[28]) إن استغلال وضعية السلطان كإمام ساعدت الفرنسيين على التدخل في المسائل المتفجرة مثل تعليم المسلمين وإصلاح نظام الأحباس، من غير إحداث معارضة، وفي استمالة شريف تازروالت الذي كان يعتبر أحد الشخصيات الدينية البارزة في الجنوب.وكتب الماريشال ليوطي: " كنت سعيدا جدا حين طلب مني السلطان أن أوجه باسمه الجيش الفرنسي في عملية علوية شريفة للقضاء على ثورة الهيبة، وأن نتصدى بقوة لهذه المقاومة الإسلامية معززين بالسلطة الدينية التمثيلية للسلطان، وأعتقد أن اقتراح السلطان هذا يعد من أحسن المناورات السياسية الناجحة في التعامل مع الأهالي)

ولعل في إيراد البرقية التي أجبر المولى يوسف على إرسالها إلى المقيم العام الفرنسي بالمغرب بمناسبة انتصار الجيش الفرنسي على المقاومة المغربية في تازة ما يغني لتوضيح هذا الأمر، وهذا نص البرقية كما وردت في كتاب "ليوطي الإفريقي"[29]:

( الرباط في 19 مايو، الساعة الحادية عشرة وأربعين دقيقة.

من صاحب الجلالة إلى المقيم العام.

أولا: تلقينا بكامل الغبطة والسرور نبأ دخولكم المظفر إلى تازة على رأس جيشكم، وبالمناسبة نبعث إليكم بتهانينا لنجاحكم في هذه العمليات العسكرية المتعاقبة التي هيئت ونفذت تحت قيادتكم الرشيدة كما نرجو منكم أن تبلغوا تهانينا الحارة لكل من الجنرال "كورو" والجنرال "بومكرتن" وإلى ضباطهم وكافة الجنود الذين أعرب لهم عن تقديري الكبير للشجاعة والحنكة التي أظهروها خلال عملياتهم الشاقة.

ثانيا: إننا نوصيكم بانتظار رسائلنا الشريفة التي تقدم التهاني باسمنا إلى كل من القائد أحمد ولد علي وهوارة لموقفهم العادل، كما نؤكد تأييدنا للقائد هاشم ولد الحاج المدني والحاج اجميعان ولد علي، وندعوهم باسم المخزن أن يستخدموا كل نفوذهم ونشاطهم للمحافظة على الهدوء وإخضاع السكان للفرنسيين).

ثم في 11 سبتمبر 1914م أجبروا المولى يوسف على توقيع الظهير البربري الأول الذي يضفي الشرعية على السياسة الفرنسية البربرية، ويقضي بأن تلغى الشريعة الإسلامية لدى القبائل البربرية التي تم إخضاعها من قبل الجيش الفرنسي، وإحلال العرف مكانها في المعاملات والأحوال الشخصية، والقوانين الجنائية، على أن تتخذ قرارات وزارية لضبط محتويات هذا العرف وتقنينها، وبمقتضى هذا الظهير أحدث المقيم الفرنسي العام المارشال ليوطي ابتداء من سنة 1915 في قبائل البربر ما سمي " الجماعات العدلية"، تمهيدا لتحويلها إلى سلطة قضائية حقيقية لا تلتزم في أحكامها بأي جزئية أو كلية من أحكام الشريعة الإسلامية، وإنما بالعرف الجاهلي لسكان ما قبل الإسلام وبالقانون الفرنسي.

ثم عزز الفرنسيون هذه الخطوة في أول عهد السلطان محمد بن يوسف قبل أن يلتقي بالحركة الوطنية الاستقلالية وينخرط فيها، فاستصدروا باسمه وتوقيعه ظهيرا آخر سنة 1930م، هو ما دعي تاريخيا بالظهير البربري، شرعوا بمقتضاه قانونا يفصل بين من صنفوهم عربا، عن من صنفوهم بربرا، واعْتُبر بمقتضى هذا القانون أن الإسلام واللغة العربية خاصان بسكان السهول وهم وحدهم العرب والمسلمون، وأن سكان الجبال غير عرب وغير مسلمين، وأوجب لذلك أن تؤسس في مناطقهم محاكم لا تطبق الشريعة الإسلامية ومدارس لا تدرس إلا اللغة الفرنسية.

ثم خطت السلطة الفرنسية خطوة ثقافية أخرى في المناطق التي تعدها وحدها عربية مسلمة بأن قررت فصلهم تدريجيا عن لغة القرآن، بتخصيص حصص في المدارس الرسمية لتعليم اللهجة العربية الدارجة التي استحدثت لها قواعد نحوية وصرفية وتعبيرية، وشهادات ابتدائية وثانوية، ودبلوما عاليا يفتح للحاصلين عليه آفاقا واسعة للتوظيف والترقية.

يقول شارل أندري جوليان [30]: ( بدأت السياسة البربرية باحتشام، بالظهير البربري سنة 1914م، ثم أخذت فجأة صورة علنية بالظهير الصادر في 16 مايو 1930م، وقد أمضاه السلطان الفتي محمد بن يوسف، وهو يقر الصلاحية العدلية للجماعات العدلية التي أنشأها ليوطي، وينشئ محاكم لا تحكم بالإسلام وإنما بالعرف، مركبة من الأعيان ومكلفة بالحكم في جميع القضايا المدنية والتجارية وقضايا المنقولات والقضايا العقارية، وفي كل مادة تتعلق بالأحوال الشخصية أو نظام الميراث، كما تؤسس بمقتضى هذا الظهير محاكم استيناف لا تحكم بالشريعة الإسلامية وإنما بالعرف أيضا، باستثناء الأحكام الاستينافية المتعلقة بالقضايا الجنائية حيث نص البند السادس على أن للمحاكم الفرنسية صلاحية البث في الجنايات المرتكبة بالبلاد البربرية مهما كانت وضعية صاحب الجناية وكل ذلك عملا بالخطة التي وضعت منذ انتصاب الحماية لتكريس العرف وإلغاء الشريعة . ثم أمر السلطان بأن يتلى الظهير الشريف في المساجد والأسواق والأماكن العامةوأن تسرع السلطة الفرنسية إلى تنفيذه في جميع ربوع المغرب.)

وقد برهن إصدار الفرنسيين لهذا الظهير وإجبار السلطان على توقيعه، على مدى الضغط الممارس على السلطة المغربية وممثلها الذي لم يكن يملك من أمره شيئا، وفي هذا يقول "BOBIN BIDWELL":[31] ( ولم يحتج إلى سلطته – أي سلطة السلطان- إلا خلال الاضطرابات التي وقعت عقب صدور الظهير البربري، كما لم يحتج لرسائله الشريفة إلا لتزكية قراءة الظهير في المساجد.... إنه يمكننا الترحيب بمواقف السلطان محمد الخامس في السنوات الأولى للثلاثينات، فسلطات الحماية لم تمرنه على السلطة، كما أن الجنرال" Spilman" اقترح أن يروض السلطان على النظر إلى الفرنسيين كأعضاء أوفياء ومخلصين، وأن يروع ويخوف من وجود شباب مغربي في مثل عمره يشجبون ويستنكرون بعنف توقيعه للظهير البربري).

وعن هذا الظهير الذي استصدر لخدمة أهداف الاستعمار والكنيسة الصليبية يقول " ويلفريد ناب":[32]( في عام 1930م نفذ الفرنسيون قانونا جديدا على شكل ظهير، والظهير هو المصطلح الذي يطلق على الطريقة العادية التي ينهجها السلطان لوضع التشريعات ذات الصبغة الدينية، وأعطى هذا الظهير شرعية قانونية للمحاكم القبلية التي شكلت للبربر، وبذلك وضعت قبائل البربر تحت حاكمية القوانين الفرنسية...) ثم يضيف: ( ويمكن وصف هذا الظهير بأنه هجوم على الإسلام ومحاولة لتقسيم البلاد).

لقد كان هذا الظهير كما يقول شارل أندري جوليان[33]: ( لصالح الدعاية الكاثوليكية التي يتزعمها حينئذ الأسقف "هاري فيال"، وتنادي بها صحيفة "لو ماروك كاثوليك – المغرب الكاثوليكي"، والمجلة التاريخية لبعثات التبشير " لا ريفو ديستوار دو ميسيون"، واتهم الإصلاح – أي الظهير البربري – بأنه ظهر في وقت تفاقمت فيه الدعاية التبشيرية الفرنسية ونشطت فيه جهود ضابط فرنسي هو " الكومندان ماتي" لنشر نسخ من كتاب عن حياة المسيح باللغة العربية، وتنصيب مغاربة من القبائل متنصرين ككتبة بمحاكم الجماعات).

ولذلك قام المغاربة عن بكرة أبيهم في الجبال والسهول والصحارى لمقاومة هذه المؤامرة الفرنسية كما وصف ذلك شارل أندري جوليان[34] قائلا: ( وكان للحملة على الظهير البربري انعكاسات عميقة، فلقد انطلقت الحركة من مساجد سلا حيث ظل دعاء أيام الخطب " يا لطيف" يذكر عقب كل صلاة ويختم بهذه الجملة" اللهم إنا نعوذ بك من غضبك فلا تفرق بيننا وبين إخواننا البربر"، ودوى جامع القرويين بهذا الذكر ، وأقبل الجمهور على حرم مولاي إدريس يردد نفس الذكر، فكانت بذلك مظاهرة شعبية جعلت السلطة تحرك الباشا، ولتوقيف الإضرابات استقبل الباشا وفدا يتألف من عشرة أعضاء، فلم يقتصر على اعتقالهم بل سلط عليهم عقوبة الجلد...كما لم يهتم أحد أو يتأثر بقراءة رسالة السلطان التي يدين فيها حركة الشباب الاحتجاجية، ويبرر سياسة تكريس العرف البربري).

هكذا عبدت طريق الغزاة الفرنسيين كي يعملوا على تقسيم المغاربة المسلمين إلى طائفتين عرقيتين، عرب وبربر، ويعملوا على تنصير سكان الجبال تمهيدا لتنصير المنطقة كلها، ويؤسسوا مدارس بربرية فرنسية، تستبعد لغة القرآن الكريم مطلقا، وتقطع جذور السكان عن أصولهم الدينية وأنسابهم وأقاربهم في المناطق الأخرى، وتؤلبهم على إخوة الدين والرحم من عرب السهول بدعوى أنهم جنس غريب عن المنطقة، وأن دينهم الإسلامي خاص بجزيرة العرب، وأن الدين الوطني للمغرب هو المسيحية.

ثم أسسوا أديرة وكنائس ومآوى في الجبال ألحقوا بها الأطفال الأيتام والمشردين واللقطاء وعزلوهم عن المجتمع المسلم واقتصروا في تعليمهم على اللهجة البربرية واللغة الفرنسية والدين المسيحي، وكونوا من خريجي هذه المراكز قيادة فكرية وسياسية لتيار جديد في المنطقة مركزه في باريس تحت عنوان" معهد الدراسات البربرية" تسيره الاستخبارات العسكرية الفرنسية مباشرة، بتوجيه من الكنيسة وقسسها، وغايته تحويل شمال إفريقيا – المغرب وتونس والجزائر وليبيا- إلى مستعمرة فرنسية ممسوخة دينا وجنسا ولغة وهوية. ثم تحويل المنطقة كلها إلى قاعدة عسكرية لحرب صليبية تشن على باقي الوطن العربي والعالم الإسلامي. وقد حقق الفرنسيون بتأسيسهم هذه الأديرة والكنائس والمآوى نجاحا لا ينكر، وكانت أكثر النتائج من نصيب كنيسة "تيومليلين" في ضاحية آزرو، بمأواها ومدرستها التي كانت تستوعب أطفال المأوى، وتدرسهم حسب الخطة الاستعمارية المرسومة، لاسيما بعد أن أسسوا لتلامذتها " جمعية قدماء تلامذة مدرسة آزرو"، ومن هذه المدرسة تخرج منظر هذا التيار المدعو" محمد شفيق". وكثير من زملائه، وفي هذه الجمعية كان نشاطهم.

وحرصا منهم على تمييع الغيرة الدينية والنخوة الوطنية واغتيال روح المقاومة في مجتمع سكان الجبال الذين أبلوا البلاء الحسن في مقاومة الفرنسيين، أجبروا شباب الأطلس المتوسط - وكانوا شوكة في خاصرة الاستعمار - على الانخراط في الجيش الفرنسي وكونوا منهم لفيفا أجنبيا حكموا بجنوده بلادا إسلامية أخرى، وقاوموا بهم الاحتلال الألماني لفرنسا، فلم يبق في المنطقة إلا الأطفال والشيوخ والنساء، وسلطوا على الأطفال الأديرة والقسس والرهبان، أما النساء فنشروا الفاحشة بين كثير منهن، اختطفوهن واستباحوا أعراضهن للجيش الفرنسي الغازي، وكونوا منهن فرقا للغناء والرقص في المناسبات والاحتفالات والأعراس الفرنسية، بدعوى أن هذا هو الفن الراقي الأصيل الذي ورثه البربر عن آبائهم وأجدادهم، وليس العلم والفقه وعقيدة النخوة والإباء والجهاد، واستمر استغلال هذا العفن الدخيل واستثماره سياحيا في مجتمعاتنا على يد حفنة من المتاجرين بأعراض الأمة وكرامتها بعد الاستقلال، إلى أن شاعت ظواهر يندى لها الجبين، أعراسا علنية وسرية للشذوذ، وأقراصا مدمجة للمخنثين والداعرات، توزع في كافة أنحاء العالم للتسلية والترفيه على غير المغاربة وغير المسلمين، موازاة مع تغييب تراث علماء البربر وفقهائهم ومجاهديهم، حتى لم يعد يذكر عن كثير من مناطق البربر إلا رقص المخنثين من الذكور والإناث ومنكرات الفاحشة والانحلال، وغاب ذكر أفذاذ العلماء والفقهاء والمجاهدين أمثال أبي الحسن اليوسي وعبد العزيز بن إدريس الزموري من الأطلس المتوسط، أوعبد الكريم الخطابي وعبد الله كنون من الريف، أو الفقيه الصالح عبد الله بن حسين المغاري والعالم الجليل المختار السوسي من سوس، أو الأصولي البارع عبد الواحد الونشريسي شهيد محراب العلم بفاس، وَامَّحَتْ من الذاكرة مراكز للعلم كتابا وسنة وفقها وأصولا وأدبا وتاريخا وفلسفة، مبثوثة منذ فجر التاريخ الإسلامي في الجبال والأودية والصحارى، بها عشرات آلاف المخطوطات النادرة، مثل زاويتي تانغملت وتامكروت ومكتبتيهما، وعشرات غيرهما.

وبعد أن أتم الفرنسيون مؤسساتهم الاستعمارية التنصيرية انتقلوا إلى مرحلة جديدة موغلة في المكر، فأخذوا يمهدون لتجاوز السلطان نفسه، والضغط عليه إن تردد في مساعدتهم ومسايرتهم نحو أهدافهم، وظهرت أصوات مسموعة تتساءل عن جنسية السلطان، هل هو عربي أم بربري؟ وعن مدى شرعية جلوسه على عرش المغرب، وأن عليه أن يختار بين صفتي العروبة والبربرية، إذ لكل صفة نتائجها وعواقبها، إن كان عربيا فلا يحق له أن يبقى سلطانا على أرض بربرية، وإن كان بربريا فعليه أن يساهم في تصفية الإسلام واللغة العربية والجنس العربي من البلاد، وفي هذا يقول" BOBIN BIDWELL" [35]: ( واختلف كيرنير وفونتين في ملاحظاتهم حول السلطان، يقول فونتين:" إن السلطان باعتباره عربيا لا يمتلك الحق في حكم مناطق البربر، بينما يعتقد كيرنير أنه مادام السلطان من البربر فلا ينبغي له أن يغازل العرب).

إلا أن هذا المشروع الاستعماري الفرنسي أصيب بنكسة أفقدته صوابه، وذلك بعد اللقاء التاريخي بين السلطان محمد الخامس وبين الحركة الوطنية الناشئة، واتفاق الطرفين على النضال المشترك ضد الحماية الفرنسية ومخططاتها العدوانية على الشعب والوطن والدين والهوية، فكان النصر والاستقلال سنة1956م.

وعلى الرغم من اندحار المشروع الصليبي التنصيري المرتبط بالاستعمار، فإنه ظل بعد الحصول على الاستقلال، ولحد الساعة، يرفض إعلان هزيمته واللحاق بأوليائه ومؤسسيه في فرنسا، بل ويحاول دائما التماسك وتجديد الأساليب وتطوير الوسائل والتمويه على الأهداف، والتسلل إلى الساحة عبر الثقافة والسياسة والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، والإعلام المكتوب والمرئي والمسموع، محافظا على قنوات الدعم الأجنبي ماديا ومعنويا ولوجيستيكيا، مرتبطا ارتباطا وثيقا بالاستخبارات الأجنبية، مستغلا تناقض المصالح الحزبية وتضارب التوجهات الفكرية والعقدية، يمارس الابتزاز على كل ساحة وبكل سبيل، مما لا تتسع لشرحه هذه الدراسة الموجزة.

ولئن كان النظام المغربي يعتقد أنه يستطيع احتواء هذا التيار بمثل الأساليب الممارسة حاليا، فهو مخطئ، لأن الفرنسيين والكنيسة الصليبية لن يترددوا في الإطاحة به وإحلال بديلهم الاستعماري العرقي مكانه، إذا ما تأكدوا من قدرة بديلهم العرقي هذا على السيطرة والصمود، لأنه هو الوحيد الذي لا يتورع عن إعلان الردة الرسمية عن الإسلام، وتنفيذ كل ما تريده فرنسا والكنيسة، والتنكر لكل القيم .


هل المغاربة عنصران متباينان؟


إن هذا الزعم الاستعماري لم يقصد به في الحقيقة إلا خدمة أهداف فرنسا في المنطقة المغاربية عامة، وإلا فإن هذه الدعوى العرقية مردودة على أصحابها، يفندها واقع الحضارة الإنسانية المعاصرة، كما يفندها العلم والتاريخ والأصول اللغوية والاجتماعية والنضال الجهادي للمنطقة منذ أربعة عشر قرنا.

ويمكن أن نوجز بعض الردود على هذه الدعاوى المتهافتة فيما يلي:

من حيث واقع التطور الحضاري الإنساني المعاصر، تعد الدعاوى العرقية وشعارات التمايز بالدم واللون واللسان متخلفة عن ركب التطور والرقي وعالم مساواة الإنسان لأخيه الإنسان، ودول أروبا وأمريكا التي يحاولون الارتباط بها واتخاذها قدوة، وهي قبلتهم، تعطي جنسيتها لمن ولد على أرضها، ولمن تزوج امرأة منها ولمن تزوجت رجلا فيها، ولمن أقام مدة معينة على أرضها، وتجرم قوانينها تجريما شديدا كل تفرقة عنصرية باللون أو الدين أو العرق أو اللسان. بل إن فرنسا نفسها مكونة في أصلها من أعراق مختلفة انضاف إليها المهاجرون من كل بقاع العالم، فلم تظهر فيها أي دعوى عرقية قط، وأمريكا وهي أكبر وأقوى دولة في العالم، فيها من الأعراق والألوان واللهجات واللغات ما لا يكاد يعد، ومع ذلك يعتز أهلها بمواطنتهم ولغتهم الرسمية التي هي الإنجليزية ووحدتهم القومية وعلمهم الواحد، ويجرمون كل دعوة عرقية، وكل جنوح من أحدهم خارج ثوابت الدولة يعتبر خيانة وتخريبا وتخلفا.

ومن حيث علم الحفريات البشرية تثبت الدراسات والمكتشفات خلال القرن العشرين أن "إنسان النياندرتال L' homme De Neanderthal" وجد على امتداد المنطقة العربية من المحيط إلى الخليج لاسيما في كل من فلسطين والمغرب والجزائر وليبيا والصحراء الكبرى. ففي أحد أودية الصحراء الجافة بوادي تليسي سنة 1927م عثر على هيكل هذا الإنسان، كما عثر عليه أيضا في حفرية أخرى بضاحية من ضواحي الرباط، و حفرية جنوبي رأس سبارتل بمغارات هرقل بمدينة طنجة، ورابعة في كهف التابون بسفوح جبل الكرمل بفلسطين، وخامسة في الجبل الأخضر في برقة سنة1955م، وهذه الاكتشافات البشرية تكتسب قيمتها العلمية الكبيرة من كونها أثبتت بالدليل العلمي تشابه هذه الهياكل المكتشفة فيما بينها مما يعد أدلة مادية على وحدة سكان المنطقة العربية في أنسابهم وأصولهم منذ عصور سحيقة موغلة في القدم، ترجع إلى أكثر من خمسين ألف سنة.

ومن حيث الدراسات التاريخية القديمة بما فيها المراجع العربية واليونانية وغيرها، فإنها تؤكد انتساب البربر إلى الجنس العربي والتقاءهم معه في الأصول. وفي هذا يقول صاحب كتاب" تاج العروس من جواهر القاموس[36]" ( إنهم – أي البربر- بقية من نسل يوشع بن نون من العماليق الحميرية وهم رهط السميدع... وأكثر قبائلهم بالمغرب في الجبال من سوس وغيرها متفرقة في أطرافها، وهم زناتة وهوارة وصنهاجة وكتامة ولواتة ومديونة وشبانة، وكانوا كلهم بفلسطين مع جالوت، فلما قتل تفرقوا)

ويقول المؤرخ اليمني القاضي عبد الله بن عبد الوهاب الشماخي: ( أصل البربر قبل الزمن التاريخي بخمسة آلاف سنة يعود إلى الموجة البونية نسبة إلى بون صنعاء باليمن، وهي أول هجرة خرجت من اليمن واتجهت إلى سيناء ثم إلى المغرب، وتكونت منهم البطون البربرية الصنهاجية وغيرها، ومنهم من احتفظ باسمه القديم وهم البونيون، الذين نزلوا بعنابة في الجزائر، وكانت تسمى بونة، ويقول ابن خلدون إن البربر يعود نسبهم إلى الكنعانيين ولكن هذا خطأ، لأن الكنعانيين هاجروا إلى شمال إفريقيا بعدهم ثم امتزجوا بهم. وهذه الموجة هي التي غطت المغرب كله...وأعتقد أن ذلك كان في أيام المعينيين واليعربيين، وحسبك أن حروبهم تدعى الحروب البونية ، يقول ويلز: عرفت بالحروب البونية نسبة إلى بون صنعاء، ونقلت عن معروف الدواليبي قوله: إنما سمي البونيون نسبة إلى بون صنعاء، وهذا البون واسع وفيه القبائل الشرسة، وهي أشبه بقبائل الأوراس )

نخلص من هذا إلى أن سكان المغرب الأوائل ينتسبون إلى عدد من الهجرات العربية المتتابعة من عدة طرق، إلى منطقة شمال إفريقيا، وتنتسب كلها إلى سام بن نوح عليه السلام.

أول هذه الهجرات من نسل العماليق، وهم عرب أقحاح كما يقول الطبري[37]: ( فعاد وثمود والعماليق وأميم وجديس وطسم هم العرب، لسانهم الذي جبلوا عليه لسان عربي. وقد كان منزل جدهم عمليق الذي يرجع نسبه إلى لاوذ بن سام أب العرب، في جوار مكة، ثم انتشرت قبيلته في الجزيرة العربية والعراق والشام ومصر وغيرها، فلما هزم النبي داود عليه السلام ملكهم جالوت في فلسطين في القرن الثاني عشر قبل الميلاد خرجوا متجهين إلى المغرب حتى انتهوا إلى شمال إفريقيا).

ويقول ابن عبد الحكم[38]: ( فتقدمت زناتة ومغيلة إلى المغرب وسكنوا الجبال وتقدمت لواتة فسكنت أرض انطابلس وهي برقة وتفرقت في هذا المغرب وانتشروا حتى بلغوا السوس).

أما الهجرة الثانية فهي أيضا عربية النسب صريحته، وهي التي سارت مع الملك العربي "إفريقش" وسميت القارة باسمه. ذلك أنه في الألف الثاني قبل الميلاد وصل إلى شمال إفريقيا إفريقش بن صيفي ملك التبابعة من قبائل كهلان وصيفي العربية قادما من جنوب شبه الجزيرة العربية، وكانت أبرز القبائل التي رافقته كتامة وصنهاجة وحمير، استقروا في منطقة شمال إفريقيا واستوطنوها، وتنسب هذه القبائل كلها إلى قحطان وفالغ من ذرية سام بن نوح عليه السلام. ثم اختلطت القبائل المهاجرة الأولى من العماليق، بالقبائل الوافدة مع إفريقش فكونوا شعبا واحدا متجانسا. وفي هذا يقول محمد عبد الرزاق مناع[39]: ( وقد اختلط المهاجرون من كهلان وحمير وصيفي وبني كنعان وتصاهروا حتى صارت الجماعتان جماعة واحدة كونت شعبا متجانسا).

وبعد الفتح الإسلامي تتابعت موجات الهجرة العربية إلى المنطقة جهادا في ربوع الأندلس وأصقاع إفريقيا ووقوفا في وجه الحملات الصليبية على المنطقة، وتعليما للغة العربية والفقه والحديث والقرآن وعلومه، مما تحفل به كتب التاريخ ولا تتسع له هذه العجالة.


من حيث تسميتهم

أمازيغ وبربر

أما تسميتهم "أمازيغ" فأصلها من الجد الأعلى للبرانس وهو "مازيغ بن كنعان" ذكر ذلك ابن خلدون في تاريخه[40] نقلا عن نسابة البربر " هاني بن بكور الضريبي وسابق بن سليمان المطماطي وكهلان بن أبي لؤي وأيوب بن أبي يزيد وغيرهم" قال:( إن البربر فرقتان كما قدمنا وهما البرانس والبتر، فالبتر من ولد بر بن قيس بن عيلان، والبرانس بنو برنس بن سفجو بن ابزج بن جناح بن واليل بن شراط بن تام بن دويم بن دام بن مازيغ بن كنعان بن حام، وهذا الذي يعتمده نسابة البربر)[41]

فالتسمية إذن بالنسب الكنعاني لفصيل من فصائلهم، وليس للفصائل كلها، ومن المعلوم أن أغلب المؤرخين يعتبرون الساميين والحاميين سلالة واحدة، موطنها الأصلي هو الجزيرة العربية، وأنه لا وجود لسلالتين منفصلتين حامية وسامية، لأنهما اندمجتا في بعضهما منذ القدم.

وأما تسميتهم "بربر" فنحن إذا رجعنا إلى قواميس اللغة العربية وجدنا لكلمة"بربر" أصلا راسخا، ذلك أنها تكرار للفظ عربي هو " بر "، وقد وردت في القرآن الكريم بعدة معاني، لأن حرفي الباء والراء في المضاعف أربعة أصول، هي الصدق، وخلاف البحر، ونبات البُـرّ الذي هو الحنطة، وحكاية صوت.

وردت اسما من أسماء الله الحسنى في قوله تعالى: (إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ)الطور28.

وجاءت خلقا كريما من صفات الأنبياء والأصفياء في قوله تعالى: (وَبَرّاً بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّاراً عَصِيّاً )مريم14، (وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً) مريم32.

ووردت بمعنى الصدق والطاعة والقبول في قوله تعالى (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ) البقرة44، (لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ)آل عمران92

كما وردت بمعنى ما سوى البحر في قوله تعالى: (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِيَ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ)المائدة96.

ولعل هذا المعنى الأخير للبر - بفتح الباء – هو أصل التسمية "بربر"، لأن اليونانيين والرومان كما هو مشهور، أول من أطلق على سكان شمال إفريقيا هذه التسمية، عندما كانوا يهاجمون المنطقة من السواحل، فترهق الحرب الأهالي ويقررون اللجوء إلى البر جبالا وأودية وكهوفا، بعيدا عن مناطق الغزو الأجنبي في الشواطئ، ويتنادون "البر...البر..."، ثم يتخذون من هذه الأماكن الحصينة جبهة للمقاومة الشعبية ضد الاستعمار الذي يحتل السواحل. وعندما سمع اليونانيون نداءهم "البر..البر.." ورأوا آثار هجماتهم المباغتة على معاقل الاستعمار وحصونه ومزارعه، أطلقوا عليهم هذه التسمية إشارة إلى ما تتسم به مقاومتهم من شراسة وعنف، ولذلك تجد هذه اللفظة في القواميس اللاتينية تعني الوحشية والعنف كما في الأمثلة التالية:

متوحش/Barbarian

فظ/Barbaric

وحشية/Barbarism

همجية/Barbarie

أما المؤرخون العرب فيذهبون إلى أن أصل التسمية هو نسبهم إلى بر بن عيلان بن مضر من أجداد العرب، وهو ما ورد في الشعر الجاهلي قبل الإسلام على لسان طرفة بن العبد:

ولكن دعا من قيس عَيلان عصبةٌ *** يسوقون في أعلى الحجاز البرابرا[42]

وإلى هذا الأصل المشترك بينهم وبين العرب تشير الشاعرة تماضر أيضا:

فأقسم أنا والـبـرابــر إخوة *** نمانا وَهُمْ جَدٌّ كريم المناقــب

أبونا أبوهم قيس عيلان في الذرى*** وفي حرسه يسقى غليل المحارب

ويقول شاعرهم البربري الآخر قيس بن خالد يفتخر بأصله العربي:

أيها السائل عنا، أصلـنا*** قيس عيلان بنو العـز الأول

نحن ما نحن بنو بر الندى *** طارد الأزمـة نحار الإبــل

نحن ما نحن بنو بر القوى *** عرف المجـد وفي المجد دخل

إن قيسا قيس عيلان هم ***معدن الحق على الخـير دلل

وعلى هذا الأساس فإن للبربر شرف الانتساب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وهم أخواله من الرضاعة، لأن حليمة السعدية مرضعته، يرتفع نسبها إلى قيس عيلان.

ومن المؤرخين من يذهب إلى أن أصل التسمية في اللغة العربية من " البربرة" وهي اختلاط الأصوات وكثرتها وزمجرتها، من "بربر الأسد" إذا زمجر، وفي حديث على كرم الله وجهه [43]:لما طلب منه أهل الطائف أن يكتب لهم الأمان على تحليل الزنا والخمر فامتنع، قاموا ولهم تغذمر[44] وبربرة، ومنه الحديث: " فأخذ اللواء غلام أسود فنصبه وبربر"[45].

والذي نراه أن التسمية" بربر" ليس لها أصل يفيد عرقا أو نسبا، لأنهم فصائل كثيرة، وتطلق عليهم حسب مناطقهم وأنسابهم تسميات متعددة، وقد اشتهروا في التاريخ بالبتر والبرانس ومازيغ نسبة إلى جد فصيل منهم، وفي المصطلح الشعبي المتداول "زيان والريفيون والسوسيون، والقبائل والشاوية والزواريون .. وكل هذه التسميات الشعبية لها جذورها في اللغة العربية.

على أن هذه النزعة العرقية لم تكن معروفة أو متداولة فيما قبل الاستعمار الأجنبي للمنطقة، بل كان المغاربة شعبا واحدا متمسكا بوحدته الوطنية والعقدية والعرقية، وإنما وفدت هذه اللوثة الخبيثة مع الغزو الصليبي لبلادنا، في إطار برنامجه لمسخ هوية البلاد وأهلها وأصالتها، وتمزيقها على صعيد العرق بتقسيمنا إلى عرب وبربر، وعلى صعيد الدين بالادعاء أن سكان الجبال لهم دينهم العرفي المستقى من بقايا ديانات مسيحية أو يهودية أو مجوسية كانت في بلادهم، كل ذلك من أجل تكريس النفوذ الفرنسي الكنسي في أوطان المسلمين كافة، تطبيقا لسياسة "فرق تسد"، وسعيا لتحقيق طموح إمبراطورية استعمارية حاقدة.


من حيث علاقة البربرية باللغة العربية

وفي هذا المجال يحسن بنا أن نورد قول المؤرخ اليمني القاضي عبد الله بن عبد الوهاب الشماخي:( اللغة العربية والبربرية تشتركان في الأصول والتركيب... إن البربرية الموجودة الآن لغة عربية قديمة، وغير صريحة، لأن هناك العربية الصريحة والعربية غير الصريحة، العربية غير الصريحة ما كانت قبل نزول الوحي، في أطوار تكوينها. فاللغة الحميرية إذا رأيتم هي اللغة البربرية، ثم جاءت الأسواق قبل البعثة النبوية بنحو ثلاثمائة عام فبدأت تتهذب وتصقل في سوق عكاظ وأمثاله، حتى جاءت اللغة العربية الصريحة التي شرفها القرآن ورفعها إلى القمة).

إلا أن ما ذهب إليه الشماخي وهو ما يؤكده التقارب بين البربرية واللهجة اليمنية الحالية، وكثير من التقاليد المشتركة بين الشعبين اليمني والبربري في العادات والتقاليد والملابس والحلي، لا ينفي أن اللهجات البربرية قد تأثرت على مر السنين بالشعوب الوافدة إلى المنطقة من غير العرب، كالفينيقيين والرومان والبيزنطيين والوندال، على رغم أنهم ووجهوا بمقاومة شرسة من قبل الأهالي ولم يستطيعوا النفوذ إلى ما سوى بعض السواحل، وإن كان هذا التأثير محدودا جدا، فحروف التيفيناغ التي لدى الطوارق وتبناها التيار البربري الفركفوني مثلا، مستمدة من الفينيقيين وهم ساميون كما ذهب إليه غوستاف لوبون[46]، ورغم ما طرأ عليها بسبب الاتصال المباشر بالعالم الخارجي تجارة ومدافعة فإن هذه الحروف مازال أكثرها أقرب إلى حروف اللغات السامية عربية وحميرية وسريانية وآرامية...

وكذلك الحال فيما يتعلق بأغلب القواعد النحوية والصرفية وتركيب الجمل والمفردات التي لا تكاد كلها تقريبا تبتعد عن أصلها العربي إلا بما أحدثه في بعضها عامل الزمن والاستعمال الدارج مما يؤكد أنها أصيلة في كلامهم وغير دخيلة أو منقولة، وأن اللغة البربرية هي لهجة عربية قديمة وغير صريحة مثلما كان الحال في لهجات قبائل عرب الجزيرة قبل البعثة وقبل أن يوحدها القرآن الكريم، سواء اللهجات التي انقرضت وبقيت لنا منها نقوش تدل عليها مثل الثمودية والصفوية واللحيانية، أو العربية الباقية كلغة قريش بصفائها واشتراك القبائل الأخرى في فهمها واختصاصها وحدها في الكتابة والشعر والخطابة لاسيما بعد نزول جل مفردات القرآن بها، وكلغات القبائل الأخرى التي لكل منها تميز خاص نطقا أو تعبيرا، كما هو حال كشكشة[47] ربيعة ومضر، وفحفحة[48] هذيل، وطمطمانية[49] حمير، وعجعجة[50] قضاعة، وشنشنة[51] اليمن ، وعنعنة[52] تميم، ولكنها كلها تجتمع في كونها لغة عربية.

وهذا ما قررته دائرة معارف "يونيفرساليس" مؤكدة: " أن اللغة البربرية امتداد لصيغ اللغة العربية"، وأن الآداب البربرية " مستمدة من المشرق العربي"، وأن "جميع اللهجات البربرية مطبوعة بطابع اللغة العربية"[53]

ولعل من المفيد في هذا المجال أن نسوق بإيجاز ما ذكره الدكتور محمد بن عبد الكريم الجزائري[54]،قال: ( لعل كثرة اختلاط سكان الشمال الإفريقي مع مختلف الأجناس المتوالية على احتلال بلدهم، وتبدل الطقس وقساوة الطبيعة، كل ذلك أصبح سببا في تبربر لغتهم العربية وتلاثغ ألسنتهم بعد فصاحتها، وفي إمكاننا أن نأتي ببعض البراهين لعلها تكون خير مرشد لمن ضل السبيل في بحثه عن عروبة الشمال الإفريقي لغة وجنسا:

البرهان الأول: ثلث مفردات اللغة البربرية عربي النزعة.

البرهان الثاني: عدم وجود ما يقابل اللغة العربية إن أريد حذفها وتعويضها باللغة البربرية.

البرهان الثالث: وجود حروف في اللغة البربرية لا وجود لها في سوى اللغة العربية، ثم لا تكاد تجد حرفا من هذه يعسر النطق به في تلك، مثل حرف الضاد والعين والغين والطاء وجميع الحروف التي تفردت بها لغة الضاد، والعجيب أن هذه اللغة هي لغة ذات ضاد كالضاد العربية تماما... إن هذه البربرية ليست مستقلة بذاتها، وإنما هي عربية في أصلها قد تحرفت بطول الزمن، حتى أصبحت أكثر بعدا عن العربية الفصيحة من هذه اللهجات العامية المختلفة التي تتكلمها الشعوب الناطقة بالضاد.

البرهان الرابع: سرعة انتشار العربية في البربر بمجرد امتزاجهم بالعرب الفاتحين. ولعل خير دليل على عروبة البربر بالأصالة أنهم لم يتأثروا بأية لغة من لغات الأجناس الكثيرة التي مرت بهم مثلما تأثروا باللغة العربية.

البرهان الخامس: وجود التشابه الخَلْقي والخُلُقي المشترك فيهما – أي عرب هجرات ما قبل الإسلام وهجرات ما بعده – قديما وحديثا، قال ابن خلدون: ( البربر لم يكن لهم انتحال للمباني والصنائع والمدن، وبهذه الصفة يشبهون العرب، على أن يقاس حضري أولئك وبدويهم بحضري وبدوي هؤلاء).

البرهان السادس: وجود أسماء وألقاب عربية تلقب بها البربر قبل الفتح الإسلامي، قال ابن خلدون: ( ومن الأسماء العربية عند البربر موسى بن صالح من بني يفرن، الكاهن المشهور)، فلو لم يكونوا عربا ما أسموا أبناءهم بأسماء عربية صريحة مثل صالح هذا، وزياد والد طارق بن زياد).



هل يجب أن يعود البربر

إلى النصرانية كما تريد فرنسا وتيارها في بلادنا؟

يعتمد في الترويج لهذا الهدف قدماء المتعاونين مع سلطة الحماية والاستعمار في بلادنا، والمنظرون السريون والعلنيون للتيار البربري الفرانكفوني في المغرب ومنطقة شمال إفريقيا، وفي أوروبا بأكاديمية الدراسات البربرية بفرنسا ومراكز التوجيه والدعم المادي واللوجيستيكي في المعسكر الاستعماري، على مقولة متهافتة هي زعمهم بأن الدين الأصلي لسكان ما قبل الإسلام هو المسيحية، ولذلك ينبغي استبعاد اللغة العربية والانتقال مباشرة إلى اللغة الفرنسية والتغريب، تمهيدا للردة والتنصير، ولئن رفعوا شعار الدفاع عن البربرية مرحليا، فإنما ذلك لتبرير الانتقال إلى الفرنسية مباشرة، والدليل واضح في دعاة هذا الاتجاه، لأنهم لا يعلمون أبناءهم إلا الفرنسية، ولا يتكلمون في أغلب حياتهم العملية إلا بـها، ويصرحون بأنها هي لغة الإدارة وتسيير الِشأن العام، بل منهم من التحق مباشرة وعلانية بالمسيحية وأخذ يسمي أبناءه بأسماء فرنسية. مع العلم بأن الردة عن الإسلام تكاد تعم أعضاء هذا التيار، حتى وجد منه من يدعو صراحة وعلى منابر الإعلام المرئي والمسموع إلى طرد الدين الإسلامي واستبعاد أهله من الوطن.

وبغض النظر عن تهافت منطق أذناب الاستعمار وبقاياه المعاصرين، فإنه كذلك يدحض من عدة وجوه، منها:

1 – أن الدين ليس قضية وراثية وإنما هو إيمان إرادي واقتناع حر، يقرره المرء بمحض إرادته، فقد يصبح المرء مؤمنا ويمسي كافرا، والعكس بالعكس، وقد تكون الأسرة كلها كافرة وابنها مسلم، وقد يكون الأب مؤمنا والابن كافرا – نعوذ بالله من الكفر والشرك - ، وهذا من البديهيات العقدية، وسكان المغرب بجميع فصائلهم قد اختاروا الإسلام واعتنقوه بكامل وعيهم وإرادتهم، بعد أن تبين لهم الرشد من الغي والهدى من الضلال، ويستطيع أي منهم أن يرتد في أي لحظة تعمى فيها بصيرته، دون الاعتماد على هذه الحجة الصليبية التي تزعم أن البربر قوم مسيحيون، وأن على الكنيسة أن تستردهم وتنتشلهم رغم أنفهم من "براثن" الإسلام، بواسطة احتلال أرضهم، وتشريد عائلاتهم، ومصادرة ثروات بلادهم، ونشر الفاحشة وشذوذ القسس والرهبان بين أبنائهم، وفصلهم عرقيا ولغويا عن أصولهم في النسب، و لسانيا عن لغة قرآنهم المجيد، ودينيا عن الإسلام والعقيدة الصافية البيضاء.

2 – أن سكان مغرب ما قبل الإسلام لم يعرف أكثرهم المسيحية ولم تنتشر في مجتمعهم، باستثناء بعض شواطئهم التي احتلها الرومان والبيزنطيون والوندال، وقد عرفوا قبلها اليهودية زمان النبي سليمان عليه السلام، وقبل ذلك انتشرت فيهم المجوسية والوثنية عبادة للنار والنجوم والطواطم والأوثان وبعض الحيوانات التي وجدت مرسومة في الحفريات والصخور. فإذا تقبلنا هذا المنطق المتهافت لدى التيار الفرانكفوني في بلادنا، فسوف ينبعث من يطالب بالعودة إلى الوثنية أو المجوسية أو اليهودية بحكم أن هذه الديانات كانت منتشرة قبل المسيحية، وأن على البربر أن يرتدوا يهودا أو مجوسا أو وثنيين.

3 – أننا بالمقياس التاريخي وحده نستطيع أن نثبت أن الدين الأصلي للسكان لم يكن المسيحية أو الوثنية أو المجوسية أو اليهودية، وإنما كان ملة أبينا إبراهيم عليه السلام وهو سمانا المسلمين ، وقد أثبت صاحب السيرة الحلبية أن إسماعيل عليه السلام قد أرسل بدين أبيه إبراهيم أب الأنبياء عليهم السلام إلى الحميريين العماليق وهم معدن البربر وأصلهم، فاعتنقوه ونقلوه معهم إلى إفريقيا.

ولعل اعتناقهم لديانة إبراهيم التوحيدية هو ما يفسر عدم اهتمامهم بالأصنام والأوثان والنحت والرسم، وما اكتشف بمنطقتهم من آثار- وهو قليل جدا بالنسبة لما عند الأمم غيرهم - ليس إلا من بقايا الغزو الروماني والبيزنطي والوندالي لبلادهم. مما يؤكد احتفاظهم طيلة تاريخهم القديم ببعض معاني التوحيد الإبراهيمي الخالص، كما يفسر سرعة استجابتهم لهذا التوحيد نفسه عندما وفد إليهم من جديد في ثوبه المحمدي على يد الفاتحين صحابة وتابعين، فاعتنقوا الإسلام وتفاعلوا معه وأتقنوا لغته، وجاهدوا في سبيله، ونقلوه إلى أمم غيرهم في الأندلس ومجاهل إفريقيا، تم كل ذلك في ظرف لم يتجاوز ثلاثين سنة بعد وصول عقبة بن نافع إلى المنطقة سنة92 هجرية، وهذه ظاهرة لم تتكرر في أي قطر آخر دخل إليه الإسلام، ثم تحمل البربر بعد ذلك مسؤولية إقامة أمر الإسلام سياسة وإدارة وتسييرا للشأن العام، بتأسيس أنظمة سياسية متكاملة وإقامة إمبراطوريات عظيمة نصرت العقيدة وأهلها، ودافعت عن قيم الدين ومثله وشريعته، ووحدت منطقة الشمال الإفريقي من المحيط الأطلسي إلى الحدود الليبية المصرية، ومن الأبيض المتوسط إلى بحيرة تشاد كما هو شأن دول المرابطين والموحدين والمرينيين.

4 – أن الارتباط العاطفي بالجزيرة العربية وعالم الغيب من خير الأدلة على انتمائهم لأبناء عمومتهم عرب المشرق، فبمجرد ما سمعوا بظهور النبي صلى الله عليه وسلم، اشرأبت أعناقهم إليه، قبل أن تأتي جيوش الفتح، وشاعت بينهم أحاديث وأخبار ما زالت رائجة في أدبياتهم لحد الآن، وإن لم نتـأكد من صحتها، عن وفود منهم قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، آمنت به وأيدته ونقلت دينه إلى أهلها وعشيرتها، من ذلك ما ذكره أبو العباس بن إبراهيم الدكالي في كتابه" الذهب المنقود في ذكر الأعلام من الآباء والجدود" أشار فيه إلى حديث صحبة رجال سبعة من قبيلة رجراجة البربرية وفدوا على الرسول الكريم وآمنوا به وحملوا رسالته إلى قومهم. ومازال المغاربة لحد الآن يفتخرون بكون بعض أجدادهم من الصحابة الكرام، ويتغنون في أهازيجهم الشعبية وأدعيتهم بمن يسمونهم" رجراجة الأحرار"

5 – أننا بمقياس التجربة والواقع نرى فشل كل جهود المبشرين في تنصير المغاربة منذ السماح لهم بفتح الكنائس في مدينة فاس سنة1760م، مرورا بمعاهدة الحماية سنة 1912م، والظهيرين البربريين الاستعماريين في سنة1914م وسنة 1930م، وبالجهود التي يبذلها في هذا المجال بقايا الخونة وعملاء الاستعمار في العصر الحديث، مما يؤكد أن المغاربة يرفضون كل محاولة لتغريبهم وتنصيرهم وشق صفوفهم عرقيا، أو إبعادهم عن دينهم ولغة قرآنهم (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ )[55].



واقع الحال وآفاق المستقبل

إن هذا البحث لم يحملنا عليه انتماء إلى عرق دون عرق، أو قوم دون قوم، ولئن تضمن تنقيبا عن الأصول والأعراق الوطنية، فإنما للرد على دعاة العرقية والعنصرية، من أولياء النفوذ الأجنبي وأتباعه، خاطبناهم بلغتهم، دحضا لمفترياتهم، وإقامة للحجة عليهم. وإلا فإن الحديث والكتابة عن الانحراف قد يكون أحيانا ترويجا ودعاية له.

وما دعانا لإثارة الموضوع، إلا عواصف وأنواء تقصف مجتمعنا وأبناءنا، وتحاول تدمير حاضرنا ومستقبلنا، وتخريب دنيانا وآخرتنا، وتوهين صفنا ووحدتنا، والقضاء على حريتنا واستقلالنا، وتحويلنا إلى ذيول وأتباع لأجنبي صليبي مستعمر.

يشهد بذلك ما تعرفه بلادنا حاليا من فساد اجتماعي واقتصادي وسياسي، وانحلال أخلاقي وإعلامي، ونشاط محموم سائب لكل دعاة الفاحشة، ودعاة التبعية للمستعمر القديم، ودعاة التحلل من القيم والأخلاق، ودعاة التمرد على الدين، ودعاة بيع الأعراض والمتاجرة في المحرمات، مما ينذر بفتنة عارمة تحل بديارنا، وتعصف بمستقبل أبنائنا، وتدمر وجودنا كأمة لها تاريخها المجيد وطموحها الراقي العتيد، ونِدِّيـتُها للأمم غيرها.

ويصرح بذلك أولياء الردة والكفر والولاء للأجنبي علانية وبكل جراءة ووقاحة، وكأنما نامت نواطير[56] البلد، أو غاب ناطورها، وانكسر نُطَّارُها[57]، فعاثت في أرجائها الثعالب وهرجت ومرجت وبعثرت المَقَاثي والمزروعات.

إن بني إسرائيل لُعِنوا لأنهم كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه، وقال الله تعالى عنهم: ( لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ )[58].

وإن هذا مآل من فعل فعلهم فلم ينته عن منكر ولم ينه عنه، وهو ما ورد تفصيله في الحديث الشريف[59]:( عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أول ما دخل النقص على بني اسرائيل كان الرجل أول ما يلقى الرجل فيقول يا هذا اتق الله ودع ما تصنع فإنه لا يحل لك، ثم يلقاه من الغد فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده، فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض، ثم قال: "لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون... إلى قوله: فاسقون" ثم قال: كلا والله لتأمرُنَّ بالمعروف ولتَنْهَوُنَّ عن المنكر ولتأخذُنَّ على يد الظالم ولتأطُرُنَّه على الحق، ولَتقصرُنَّه على الحق قصرا، أو لَيَضْربَنَّ الله ُبقلوب بعضكم على بعض ولَيَلْعَنَنَّكُم كما لعنهم )

إن الإسلام الذي وحد القبائل المتنافرة، والشعوب المتناكرة، والأقوام المتناحرة هو البلسم الشافي للأمراض العرقية والعنصرية وفتن التناحر والتقاتل والتنابز.

وإن ما شاع في بلادنا من جراءة على الله، وتمرد على القيم، ومحاولات خبيثة لتخريب الوحدة الوطنية، وتوهين الصف الواحد المتراص، يحمل الدعاة مسؤولية عظيمة وخطيرة، لأن بين أيديهم دواء ما تعاني منه الأمة من أمراض وأوبئة، وتقاعسهم عن إفشاء الدواء والتمكين منه ظلم عظيم. ولسوف يسألون...





كلمة أخيرة للدعاة الصادقين:

لوثة العرقية

في منظار العقيدة والشريعة


إن القلوب المؤمنة، والأفئدة المتشربة لدين التوحيد والإخلاص لله تعالى حقا، والصادقة في تحمل أمانة التبليغ، لا بد أن تتطهر من لوثة العرقية، وتسلس قيادها لله عقيدة صافية وشريعة على النهج السليم.

إن الإخلاص لله تعالى هو تصفية جميع النوايا والأعمال من ملاحظة المخلوقين، فإن شابـها شيء من ملاحظتهم كان الشرك أكبر أو أصغر، ظاهرا أو خفيا.

وإن العرقية دائما مشوبة بالشرك، وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول[60] (إن الله تعالى يقول أنا خير شريك فمن أشرك معي شريكا فهو لشريكي، يأيها الناس أخلصوا أعمالكم لله تعالى فإن الله تعالى لا يقبل إلا ما خلص له، ولا تقولوا هذا لله وللرحم فإنها للرحم وليس لله منها شيء، ولا تقولوا هذا لله ولوجوهكم فإنها لوجوهكم وليس لله تعالى منها شيء) فكيف بمن يلاحظ انتماءه العرقي قبل انتمائه العقدي أو معه في بره أو صدقته أو زكاته أو زواجه أو مصاهرته أو صِلاته وعلاقاته ؟

إن كل تجمع أو تكتل أو تحزب يراعي فيه المرء مع الله انتماءه العرقي أو القبلي هو للعرق أو للقبيلة، وليس لله منه شيء، والله تعالى يقول فيما يرويه عنه نبيه صلى الله عليه وسلم:( من عمل عملا أشرك فيه غيري فهو له كله وأنا عنه بريء وأنا أغنى الأغنياء عن الشرك[61]).

ولئن كانت العصبية العرقية والقبلية تزلزل أركان الوحدة الوطنية وتمزق شمل الأمة، فإن أخطر من ذلك أيضا أنها تعصف بالإيمان نفسه، وتخرب دنيا المرء وآخرته. يقول عز وجل:

- (لَن تَنفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)[62] .

- ( فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ )[63].

ترى الرجل يفتخر بآبائه وأصوله، ومِنْ أصوله مَنْ هم جُثِيّ[64] جهنم، ولن ينفعه ذلك أو يغني عنه يوم القيامة من الله شيئا ، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:[65] (لَينتهينَّ أقوام يفتخرون بآبائهم الذين ماتوا، إنما هم فحم جهنم، أو لَيكونُنَّ أهونَ على الله من الجُعَل الذي يدهده الخرء بأنفه، إن الله قد أذهب عنكم عُبِّـيَّةَ[66] الجاهلية، إنما هو مؤمن تقي وفاجر شقي، الناس كلهم بنو آدم وآدم خلق من تراب)

ويقول: [67]( يا أيها الناس إن الله تعالى قد أذهب عنكم عُبِّـيَّةَ الجاهلية وتَعَظُّمَها بآبائها، فالناس رجلان رجل برٌّ تقيٌّ كريم على الله تعالى، ورجل فاجر شقيٌّ هَيِّـنٌ على الله تعالى، إن الله عز وجل يقول: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [68]")

ويقول[69]: (من ادعى دعوى الجاهلية فهو من جُثِيِّ[70] جهنم، قيل: يا رسول الله وإن صام وصلى؟ قال: وإن صام وصلى، تداعوا بدعوى الله الذي سماكم بها، المؤمنين المسلمين عباد الله )

ويقول عن العصبية العرقية[71]:( دعوها فإنها منتنة )

وعن الحسن أن أُبَيّاً قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا اعتـزى[72] أحدكم بعزاء الجاهلية فأَعِضُّوه بِـهَـنِ[73] أبيه ولا تُكَنُّوا)[74].

إننا ذريةُ أبٍ واحد وأمٍّ واحدة خُلِقا من تراب، ومن نفسٍ واحدة خلق منها رب العزة زوجها (وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء)، وإن قيامنا بواجب الدعوة الإسلامية عبادةٌ مفروضة، لها أدبها، وأركانها، وشروطها. وأدبها الحياء من الله تعالى فلا نشرك معه غيره وجوها أو أرحاما أو عرقا أو قبيلة، ومن شروطها تطهير النوايا من الشرك كبيرا أو صغيرا ظاهرا أو خفيا، ومن أركانها إيثار الأتقياء بمحبتنا وولائنا وتعاوننا في الله معهم، مهما تباعدت الأرحام والأعراق والمصالح، على غيرهم من أولي العرق أو القبيلة أو المصلحة.

إن دعوى التخلص من لوثة العرقية والتطهر من نتنها ليست شقشقة باللسان، أو استعراضا متكلفا مرائيا لنصوص لا أثر لها في السلوك، ولكنها تحتاج إلى دليل، ودليلها تصرفات المرء ومعاملاته وأقواله وملامحه وتصريحاته وتلميحاته، ولئن تكلف امرؤ خُلقا ليس من أخلاقه ونية ليست نيته، فإن الله تعالى يقول: (وَلَوْ نَشَاء لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ )[75].







--------------------------------------------------------------------------------

-[1] سنن الترمذي 5/725، تفسير ابن كثير 4/13

[2] - الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى - الطبعة الأولى ج 7 ص 40

[3] - نفس المرجع ص 66

[4] - نفس المرجع ص 70

[5] نفس المرجع ص 80

[6] نفس المرجع السابق ص 170

[7] - أي السلطان عبد الله بن إسماعيل

[8] نفس المرجع ص 176

[9] - فواصل الجمان لمحمد غريط ص 129

[10]- نفس المرجع السابق

[11] - نفس المرجع ( فواصل الجمان) ص 131

[12]- نفس المرجع السابق ص131

[13] نفس المرجع ص 131

[14]- نفس المرجع ص 133- 134

[15] - البغاء والفاحشة

[16] - تاريخ المغرب – تيراس – ص 102

[17] ويلفريد ناب : شمال غرب إفريقيا، ص 274

[18] - بوبين بودويل: المغرب تحت حكم الاستعمار ص 48

[19] - نفس المرجع ص 49

[20] - نفس المرجع ص 51

[21] - نفس المرجع ص 52

[22] - نفس المرجع ص 53

[23] - نفس المرجع ص 53

[24] - نفس المرجع ص 54

[25] - نفس المرجع ص 55

[26] - نفس المرجع ص 57

[27] - نفس المرجع ص 56

[28] - كتاب "المغرب تحت حكم الاستعمار" ص 66

[29] - كتاب ليوطي الإفريقي ص 173

[30] - شارل أندري جوليان، إفريقيا الشمالية تسير ص 169

[31] - المغرب تحت حكم الاستعمار ص 69

[32] - شمال غرب إفريقيا ص 274

[33] - إفريقيا الشمالية تسير ص 169

[34] - نفس المرجع السابق ص 169

[35] - المغرب تحت حكم الاستعمار ص 57

[36] - الجزء 3 الصفحة 38

[37] - تاريخ الطبري 1/402

[38] - ص 170

[39] - إفريقش فاتح إفريقيا ص 12

[40] - تاريخ ابن خلدون 6/187

[41] - يقول ابن خلدون عن الكنعانيين (4/164): " بنو كنعان بن مازيع بن حام بن نوح عليه السلام وقيل هم من ولد سام ابن نوح وكان كنعان قد نزل الشام بجهة فلسطين عند تبلبل الألسنة بعد الطوفان وتوراثها بنوه بعد ذلك وكان كل من ملك منهم يلقب بجالوت إلى أن انتهى الملك إلى رجل منهم اسمه كلياذ وهو جالوت الذي قتله داود عليه السلام وبقتله تفرق بنو كنعان وباد ملكهم "



[42] - البرابر في هذا البيت بمعنى صغار الغنم والمعز

[43] - تاج العروس3/443

[44] - الغذمرة الغضب والصخب واختلاط الكلام

[45] - تاج العروس 3/38

[46] - حضارة العرب ص 301

[47] - الكشكشة: يجعلون بعد كاف الخطاب في المؤنث شينا مثل رأيتكش

[48] - الفحفحة: يجعلون الحاء عينا

[49] - الطمطمانية: كقولهم: طاب امهواء أي طاب الهواء

- [50] العجعجة: يجعلون الياء المشددة جيما كقولهم في مري وفقيمي وتميمي: مرج وفقيمج وتميمج

[51] - الشنشنة: وهي جعل الكاف شينا كقولهم في " لبيك اللهم لبيك": لبيش اللهم لبيش

[52] - العنعنة: تقول في موضع أن: عن

[53] - دائرة معارف يونيفيرساليس 3/171،172

[54] - الدكتور محمد بن عبد الكريم الجزائري ، الثقافة ومآسي رجالها ص 169

[55] - آل عمران 85

[56] - جمع مفرده ناطور وهو حافظ المزرعة

[57] - نطار: بضم النون وفتح الطاء المشددة كرمان هو الخشبة التي تنصب في الزرع كتمثال، لتخويف العصافير

[58] - المائدة 78،79

[59] - تفسير القرطبي 6/253

[60] - تفسير القرطبي 2/146، معجم الصحابة 2/32، سنن الدارقطني1/51

[61] - سبل السلام 4/185

[62] - الممتحنة 3

[63] - المؤمنون 101

[64] - جثي بضم الجيم وكسرها جمع مفرده جاث، من جثا يجثو إذا جلس على ركبتيه، قال تعالى:"ونَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً"

[65] - سنن الترمذي 5/734

[66] - العبية بضم العين وكسرها وتشديد الياء: الكبر والفخر والنخوة

[67] - تفسير ابن كثير 4/219

[68] - سورة الحجرات 13

[69] - صحيح ابن خزيمة 3/195

[70] - جثي بضم الجيم وكسرها جمع مفرده جاث، من جثا يجثو إذا جلس على ركبتيه، قال تعالى:"ونَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً"

[71] - سنن الترمذي 5/517

[72] - الاعتزاء بعزاء الجاهلية هو أن ينادي الرجل: يا لعرقي ..يا لقبيلتي وأصلي ينتصر بهم على المسلمين

[73] - هَنٌ على وزن أخ: كلمة كناية عن الشيء يستفحش ذكره

[74] - السنن الكبرى 6/242، أحمد 5/136

[75] - سورة محمد 30

فخر الدين المناظر
10-22-2008, 07:18 PM
أنصح بقراءة الموضوع، وهو لا يهم فقط المغاربة بل حتى المشارقة... فالاستفادة مضمونة.

DirghaM
10-22-2008, 07:28 PM
أنصح بقراءة الموضوع، وهو لا يهم فقط المغاربة بل حتى المشارقة... فالاستفادة مضمونة.

نعم الإستفادة مضمونة أخي .. فقط سانتقل لمشاهدة الجلسة البرلمانية على التلفاز ونعود للموضوع غدا إن شاء الله قراءة ونقلا ..


بالمناسبة أرجو الإنتباه إلى خطأ في العنوان ، فربما المقصود هو : عرب وبربر ،، وليس عرب وبرر ..

فخر الدين المناظر
10-22-2008, 07:35 PM
بالمناسبة أرجو الإنتباه إلى خطأ في العنوان ، فربما المقصود هو : عرب وبربر ،، وليس عرب وبرر ..

هو كذلك أخي الفاضل، فالصحيح عرب وبربر، والمرجوا من الأخ المراقب تعديل العنوان.

جزاك الله خيرا على الملاحظة والتنبيه.

قتيبة
10-22-2008, 07:57 PM
شكرا على الموضوع

اما من ناحية التنصير فهذا شبه مستحيل لان في اوج الاستعمار الفرنسي للجزائر لم يستطيعوا ان ينصرون المسلمين بينما استطاع المنصرون الفرنسيون من تنصير الشعوب في المستعمرات الفرنسية التي ليست فيها مسلمين

لا خوف على ابناء المرابطين على ثغور الاسلام و لاخوف على امة اسست دولها على طاعة الله كما فعل يوسف بن تاشفين وهم المرابطون وكذلك الموحدون كابن تومرت

اضافة الي ان بعض المؤرخين ذكروا ان البربر اصولهم من اليمن

فخر الدين المناظر
10-28-2008, 12:25 PM
نعم أخي الفاضل قتيبة أعانك الله وحفظك... لكن الأمر يختلف (طبعا النصرانية مرفوضة لكل صاحب عقل سليم) لكن هذا لا ينفي ارتداد بعض الجهال، فالمنصر الخبيث يختار ضحيته بعناية، يجب أن تكون ضحيته متوفر فيها الشروط التالية:

1- الفقر. (يسهل الإغراء بالمال حتى يتنصر أو يساعدهم في عملية التنصير عبر توزيع شرائط مسموعة وغيره)

2- الجهل بالإسلام. (يسهل عليهم زعزعة معتقده وإيمانه عبر شبهات تافهة في نظر المتخصصين وكبيرة في نظر الجهال)

3- مستوى ثقافي ضئيل. ( فيظهر المنصر ذو ثقافة كبيرة فيحاول خلق تبعية ثقافية حيث يركن الأضعف ثقافيا للأقوى)

4- الجهل بالنصرانية. (حتى يظهر له المنصر الجانب المشرق ويخفي عليه الجوانب المظلمة المتهافتة).

أما بالنسبة لموضوع أصل الأمازيغ، فقد كنتُ دوما أسمع بعض الإخوة من الأساتذة يتحدثون في هذا الموضوع وأن الأمازيغ ذو أصل عربي، وكان يقول به مفكرون من المشرق والمغرب لكن لم أكن مهتما لغياب التوثيق، وقد كان أحد إخواننا الأمازيغ من المؤرخين في كلية العلوم الإنسانية بإحدى المدن المغربية يعتز أيما اعتزاز بعروبته... وقد كان هذا بالنسبة لي غريبا -لجهلي بالمسألة- أحسبه فقط يطبق مبدأ كل من تحدث العربية وتبنى ثقافتها فهو عربي... لكن خفيت عني المسألة حتى عثرت على هذا البحث الموثق ... وإن شاء الله قد اتوسع في المسألة من أجل الاستزادة.


اضافة الى ان بعض المؤرخين ذكروا ان البربر اصولهم من اليمن

فعلا أخي الفاضل، وقد ذكر صاحب البحث هذا :


ويقول المؤرخ اليمني القاضي عبد الله بن عبد الوهاب الشماخي: ( أصل البربر قبل الزمن التاريخي بخمسة آلاف سنة يعود إلى الموجة البونية نسبة إلى بون صنعاء باليمن، وهي أول هجرة خرجت من اليمن واتجهت إلى سيناء ثم إلى المغرب، وتكونت منهم البطون البربرية الصنهاجية وغيرها، ومنهم من احتفظ باسمه القديم وهم البونيون، الذين نزلوا بعنابة في الجزائر، وكانت تسمى بونة، ويقول ابن خلدون إن البربر يعود نسبهم إلى الكنعانيين ولكن هذا خطأ، لأن الكنعانيين هاجروا إلى شمال إفريقيا بعدهم ثم امتزجوا بهم. وهذه الموجة هي التي غطت المغرب كله...وأعتقد أن ذلك كان في أيام المعينيين واليعربيين، وحسبك أن حروبهم تدعى الحروب البونية ، يقول ويلز: عرفت بالحروب البونية نسبة إلى بون صنعاء، ونقلت عن معروف الدواليبي قوله: إنما سمي البونيون نسبة إلى بون صنعاء، وهذا البون واسع وفيه القبائل الشرسة، وهي أشبه بقبائل الأوراس )

senchero
10-28-2008, 12:51 PM
لدينا نفس المشكل في الجزائر
لكن الذي ساهم في هذا التفكك في الجزائر ,هو الاعمال الوحشية التي قامت بها المجموعات ة الارهابية واستغلال الحركة الامازيغية الملحدة او المسيحية هذه العمليات لتشويه الدين و العروبة عند ضعاف النفوس

طالب المعرفة
10-29-2008, 01:59 AM
شكرا اخي الفاضل على الموضوع
هناك شردمة من المتعصبين لقوميتهم يريدون زرع الفتنة بين ابناء الشعب المغربي المسلم ولكن لن ولم ينجحو بمشيئة الله
بالنسبة لتنصير المغاربة هذا أمر صعب ولكن ليس مستحيلا خصوصا المغاربة المقمين في بلاد الغرب عندما يرجعون الى بلادهم يعطونهم بعض الكتب الانجلية في مناء الجزيرة الخضراء

فخر الدين المناظر
11-26-2008, 03:19 PM
استغلال الأمازيغية، لمحاولة التفرقة بين أفراد الدين الواحد والبلد الواحد من أساليب الاستعمار، فتذكروا معي المصنفات التي صدرت أيام الاحتلال الفرنسي للمغرب والجزائر، كانت التصنيفات تقول بأن الأمازيغ عرق آري ينتمي لأوروبا وبالتالي العرب استعمروهم دينيا وثقافيا وغيره، وبدأ هذا المسلسل الدرامي في الظهور وحددت شخصياته، لكن الأجداد رحمهم الله عرفوا كيف يتعاملون مع هذه المسألة فباءت المخططات الاستعمارية بالفشل ودحر المستعمر ..
الآن بدأ انبعاث من جديد لحركات أمازيغاوية علمانية تطبق نفس المخطط، لكن بشيء من التحايل والتدرج والخبث... هذا البحث الموثق ذو أهمية قصوى في هذا الزمان يمكننا من الفهم، من وضع تأطير تاريخي، من الرد على شبهاتهم ...
أما التنصير فأقول بأن "كتاب النصارى ينفر من الدين النصراني" والنصرانية لا تحتاج إلا لجرة قلم مع كوب قهوة بحليب صباحي حتى تأتي على بنيانها من القواعد.

إن هم إلا يظنون
11-26-2008, 04:12 PM
وفي مصر نفس المؤامرة, عرب وأقباط

فخر الدين المناظر
11-29-2008, 06:26 PM
وفي مصر نفس المؤامرة, عرب وأقباط

أصبتَ أخي وفقك الله..

فخر الدين المناظر
12-07-2008, 11:18 PM
نعم الإستفادة مضمونة أخي .. فقط سانتقل لمشاهدة الجلسة البرلمانية على التلفاز ونعود للموضوع غدا إن شاء الله قراءة ونقلا ..

الجلسات البرلمانية أخي إبراهيم أصبحت مملة.

DirghaM
12-08-2008, 11:08 AM
الجلسات البرلمانية أخي إبراهيم أصبحت مملة.
جداً جداً ..
إنما جرّني إليها يومها خلاف حاد ومشدات كلامية بين الإسلاميين والإشتراكيين كمــا أخبرني الأخ يـاسين


ويستطرد الكاتب نفسه قائلا[26]:( ويزعم داعية آخر يسمى" fontaine" أن جميع العرب كسالى ومفسدون... كما يلاحظ بلهجة المنتصر أن العرب قد وصلوا إلى إفريقيا قبل الفرنسيين وعليهم أن يغادروا المنطقة حالا...

أعتقد أن الصحيح هو " بعد " ليناسب قول الكذاب ..


( ...وقد بلغ لعلمنا الشريف ما يتفوه به بعض الثرثارين الذين يدعون التفقه بين الجدران والأساطين، من تهويل أمر الاستعانة بالفرنسيين، فالمتحقق في حالة هؤلاء البربر لا يرى الاستعانة بالغير في حقهم محظورة، إذ البرابر كأسنان المشط في مخالفة الشرع التي هي أفظع صورة، فالاستعانة عليهم ليست إلا لاستنقاذ حرمات الله، وهذا لايوجد في الشرع عنه ناه...) وفي ثنايا هذه الرسالة يكشف صراحة عن نظرة الاستعلاء التي ينظر بها إلى الثوار بقوله: ( ...وعاملناهم معاملة بني آدم مع أنهم ليسوا من هذا القبيل)[12].

سبحان الله .. دماء الخيانة والمكر يخري في عروق هذه الأسرة منذ عقود خلت إلى يومنا هذا ..


ولحد الساعة، يرفض إعلان هزيمته واللحاق بأوليائه ومؤسسيه في فرنسا، بل ويحاول دائما التماسك وتجديد الأساليب وتطوير الوسائل والتمويه على الأهداف، والتسلل إلى الساحة عبر الثقافة والسياسة والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، والإعلام المكتوب والمرئي والمسموع، محافظا على قنوات الدعم الأجنبي ماديا ومعنويا ولوجيستيكيا، مرتبطا ارتباطا وثيقا بالاستخبارات الأجنبية، مستغلا تناقض المصالح الحزبية وتضارب التوجهات الفكرية والعقدية، يمارس الابتزاز على كل ساحة وبكل سبيل، مما لا تتسع لشرحه هذه الدراسة الموجزة.
مؤخرا حصل المعرب على " الوضع المتقدم " من الإتحاد الأوروبي .. في إنتظار سنة 2012 لتزال الحدود الجمركية بينه وبين دول الأعداء .. ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ..


ظل دعاء أيام الخطب " يا لطيف" يذكر عقب كل صلاة
أعتقد هذا الدعاء الذي إشتهر يومها عــلى هذا النحو :
يا لطيفُ يا لطيف ، ألطف بنا بما جرت به المقادير .. ولا تفرق بيننا وبين إخواننا البرابر ..

فخر الدين المناظر
05-21-2009, 01:01 AM
بخصوص المشادات أخي إبراهيم، فكلما استضافت القناتين الحلقومتين أحد الإسلاميين، فستضمن مناظرة ومواجهة ساخنة، الذي أدهشني عند الإسلاميين خاصة حزب العدالة والتنمية هو الأخ الدكتور الرباح، ما شاء الله مناظر قوي جدا بل هو أقواهم حجة وأفصحهم لسانا حسب ما رأيتُ من ممثلين إعلاميين للحزب..

أما مسألة المخفي من التاريخ، فهذا حدث ولا حرج، أخبرني مؤرخ ثقة أن القبائل العربية والأمازيغية دائما كانت تتحد في محاولة للخروج عن الحاكم، حيث كان الرأي الفقهي السائد في المغرب هو ما بينته هنا :

http://www.eltwhed.com/vb/showpost.php?p=61814&postcount=2

وهنا :

http://www.eltwhed.com/vb/showpost.php?p=94531&postcount=3

هذا في زمن لم تكن هناك نعرات عرقية ...

الذي همني في هذا البحث أيضا هو السلف المشترك بين العرب والأمازيغ المتمثل في ابن نوح عليه السلام وهو "سام" وكيف ذكر صاحب البحث الهجرة التي كانت قبل الميلاد وتطور اللغة ...

كل هذا والشيخ معروف عنه بانه لا يخشى في الله لومة لائم، وقد تحدى بعض علماء البلاط ليناظروه في مسألة هل القوانين المغربية شرعية أو وضعية ... لكن دون مجيب..

Ahmed-DK
05-22-2009, 12:11 AM
جزاك الله خير أخونا و دكتورنا فخر الدين على هذا الطرح الجميل.
أظن أن مسألة تنصير المغاربة صعب بعض الشيء مع العلم أن الفاتيكان قد حدد هدفا و هو تنصير %10 من سكان المغرب في فترة لا تتجاوز العشر سنوات.
العقلية المغربية سواء عرب أم أمازيغ يصعب عليها تقبل الخرافات التي تنبني عليها العقيدة النصرانية كتجسد الإله و صلبه و موته على الصليب و غيرها من تفاهات.
أضف إلى ذلك أن إرتباط المغاربة بالإسلام قوي جدا بالرغم من ابتعادهم عن الدين و عدم الالتزام بالتعاليم الإسلامية.
و يكفي نشر بعض الحقائق للديانة النصرانية بين الشباب المغربي فأنا متأكد بأن النصرانية ستلقى نفورا بينهم.

متعلم أمازيغي
05-22-2009, 03:27 PM
نعم سيدي الفاضل فأول محاولة لتنصير المغرب في تاريخه الحديث كان سنة 1930 عندما أصدروا الظهير البربري الذي زاد المسلمين اتحادا و تماسكا،و لا بد أن نلقي الضوء على سبب اصدار هذا الظهير و على ما بنى المحتل الغاشم صرح ظهيره.
أولا تاريخ المغرب الحديث لم يكتب بموضوعية، و نجد قراءتان للتاريخ المغربي،التاريخ الوطني و هو الذي يحدثنا عن الصراع الذي كان بين السلطة المغربية و معها النخبة من جهة و المستعمر من جهة أخرى،و هناك تاريخ لا وطني و هو الذي كتبه المستعمر نفسه،و هذا الأخير يركز على الصراع الذي كان بين من يسمونهم المحرومين و هم الشعب و البربر بصفة خاصة-مع تحفظي من استعمال مصطلح بربر- و الطبقة الأرستقراطية الحاكمة.
و قد أصدر المحتل الظهير الغاشم لسببين أحدهما سياسي و الآخر ديني،أما السياسي فالمتمثل في عدم دفع بعض القبائل للضرائب فظن المستعمر أن ذلك نتيجة رفض هذه الأخيرة لحكم عربي،و أما الديني فبسبب عدم توريث الزوجة،مما يعني عند المحتل رفض البربر للتشريع الاسلامي.
و جواب الشبهتان أن تلك القبائل كان لها ولاء للعرش العلوي و لم يكن رفضها لدفع الضرائب شكل من أشكال التمرد بل نوع من الاحتجاج لتقصير الدولة في حماية تلك القبائل من المخاطر الخارجية،و هذه القبائل كانت صحراوية و بعضها عربية و ليست كلها بربرية.
أما مسألة عدم توريث الزوجة فلأسباب معقدة،متمثلة في كون هذه القبائل كان الرعي هو نشاطها الاقتصادي الوحيد،و بالتالي توريث زوجة من قبيلة أخرى سيؤدي الى اشراكها في استغلال أراضي القبيلة الأخرى،و بالتالي كانت الزوجة تمنع من ارث زوجها،هذا كل ما في الأمر فجعل المحتل من هذه الحبة قبة..

ناصر التوحيد
05-22-2009, 07:07 PM
عرب وبربر
نحبهم في الله تعالى لحبهم لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم ولدين الاسلام دين الله تعالى وللعربية لغة كتاب الله تعالى

إن الإسلام الذي وحد القبائل المتنافرة، والشعوب المتناكرة، والأقوام المتناحرة هو البلسم الشافي للأمراض العرقية والعنصرية وفتن التناحر والتقاتل والتنابز.
نعم

فلم تمزق وحدتهم دعوة عرقية أو فكر دخيل أو ولاء لأجنبي، وكلما استضعفهم عدو انبعثت وحدتهم صلبة متحدية مدافعة
لم ولن ..بفضل الله تعالى

فخر الدين المناظر
05-23-2009, 05:42 PM
السوسويولوجيا الكولونيالية كانت أيضا تهدف إلى إيقاظ النعرات، وتم استغلال علم الاجتماع لصالح مصالح فرنسا، فظهرت في هذه الحقبة دراسات متعسفة تدليسية تحاول تجريد فئة من الشعب المغربي بكل ما يربطه بما هو عربي، وخاصة الإسلام ..
وفي زماننا المعاصر مازالت الحركة الأمازيغية الثقافية تصطاد في الماء العكر، وكونت فئة علمانية بامتياز وغذت العصبية العرقية في نفوس أتباعها حتى المسلمين منهم ... ولا أرى إلا أياد خفية تريد تعطيل الصحوة بهذا البلد، حيث كثرت النعرات والمشاكل والثغور، فساهم ذلك في إضعاف المغرب خارجيا، فلا حضور له في السياسة الخارجية، كما ضعف داخليا .. فهل نعالج قضايا الفساد أم قضايا العلمنة أم قضايا التفرقة أم قضايا التنمية ؟؟

وأكاد أجزم الآن بأن البلدان المغاربية هي أكثر البلدان مواجهة للمد الاستعماري الثقافي بعد الدول المستعمرة عسكريا.. فهناك مخططات استعمارية تهدف إلى إحداث تغير اجتماعي وثقافي جذري للشعوب المغاربية، فنحن على أبواب حصون الغرب لا يفصلنا عنها إلا حوالي خمسة عشر كيلومترا... ومجاورة شعب مسلم يسبب لهم الرهاب ...
وقد طرح الشيخ الحمداوي السؤال الأصل، قبل أن نتحدث عن رابطة الإسلام أو عن أي شيء، هل المغاربة عنصران متباينان في الأصل ؟؟؟


هل المغاربة عنصران متباينان؟



إن هذا الزعم الاستعماري لم يقصد به في الحقيقة إلا خدمة أهداف فرنسا في المنطقة المغاربية عامة، وإلا فإن هذه الدعوى العرقية مردودة على أصحابها، يفندها واقع الحضارة الإنسانية المعاصرة، كما يفندها العلم والتاريخ والأصول اللغوية والاجتماعية والنضال الجهادي للمنطقة منذ أربعة عشر قرنا.

ويمكن أن نوجز بعض الردود على هذه الدعاوى المتهافتة فيما يلي:

من حيث واقع التطور الحضاري الإنساني المعاصر، تعد الدعاوى العرقية وشعارات التمايز بالدم واللون واللسان متخلفة عن ركب التطور والرقي وعالم مساواة الإنسان لأخيه الإنسان، ودول أروبا وأمريكا التي يحاولون الارتباط بها واتخاذها قدوة، وهي قبلتهم، تعطي جنسيتها لمن ولد على أرضها، ولمن تزوج امرأة منها ولمن تزوجت رجلا فيها، ولمن أقام مدة معينة على أرضها، وتجرم قوانينها تجريما شديدا كل تفرقة عنصرية باللون أو الدين أو العرق أو اللسان. بل إن فرنسا نفسها مكونة في أصلها من أعراق مختلفة انضاف إليها المهاجرون من كل بقاع العالم، فلم تظهر فيها أي دعوى عرقية قط، وأمريكا وهي أكبر وأقوى دولة في العالم، فيها من الأعراق والألوان واللهجات واللغات ما لا يكاد يعد، ومع ذلك يعتز أهلها بمواطنتهم ولغتهم الرسمية التي هي الإنجليزية ووحدتهم القومية وعلمهم الواحد، ويجرمون كل دعوة عرقية، وكل جنوح من أحدهم خارج ثوابت الدولة يعتبر خيانة وتخريبا وتخلفا.

ومن حيث علم الحفريات البشرية تثبت الدراسات والمكتشفات خلال القرن العشرين أن "إنسان النياندرتال l' homme de neanderthal" وجد على امتداد المنطقة العربية من المحيط إلى الخليج لاسيما في كل من فلسطين والمغرب والجزائر وليبيا والصحراء الكبرى. ففي أحد أودية الصحراء الجافة بوادي تليسي سنة 1927م عثر على هيكل هذا الإنسان، كما عثر عليه أيضا في حفرية أخرى بضاحية من ضواحي الرباط، و حفرية جنوبي رأس سبارتل بمغارات هرقل بمدينة طنجة، ورابعة في كهف التابون بسفوح جبل الكرمل بفلسطين، وخامسة في الجبل الأخضر في برقة سنة1955م، وهذه الاكتشافات البشرية تكتسب قيمتها العلمية الكبيرة من كونها أثبتت بالدليل العلمي تشابه هذه الهياكل المكتشفة فيما بينها مما يعد أدلة مادية على وحدة سكان المنطقة العربية في أنسابهم وأصولهم منذ عصور سحيقة موغلة في القدم، ترجع إلى أكثر من خمسين ألف سنة.

ومن حيث الدراسات التاريخية القديمة بما فيها المراجع العربية واليونانية وغيرها، فإنها تؤكد انتساب البربر إلى الجنس العربي والتقاءهم معه في الأصول. وفي هذا يقول صاحب كتاب" تاج العروس من جواهر القاموس[36]" ( إنهم – أي البربر- بقية من نسل يوشع بن نون من العماليق الحميرية وهم رهط السميدع... وأكثر قبائلهم بالمغرب في الجبال من سوس وغيرها متفرقة في أطرافها، وهم زناتة وهوارة وصنهاجة وكتامة ولواتة ومديونة وشبانة، وكانوا كلهم بفلسطين مع جالوت، فلما قتل تفرقوا)

ويقول المؤرخ اليمني القاضي عبد الله بن عبد الوهاب الشماخي: ( أصل البربر قبل الزمن التاريخي بخمسة آلاف سنة يعود إلى الموجة البونية نسبة إلى بون صنعاء باليمن، وهي أول هجرة خرجت من اليمن واتجهت إلى سيناء ثم إلى المغرب، وتكونت منهم البطون البربرية الصنهاجية وغيرها، ومنهم من احتفظ باسمه القديم وهم البونيون، الذين نزلوا بعنابة في الجزائر، وكانت تسمى بونة، ويقول ابن خلدون إن البربر يعود نسبهم إلى الكنعانيين ولكن هذا خطأ، لأن الكنعانيين هاجروا إلى شمال إفريقيا بعدهم ثم امتزجوا بهم. وهذه الموجة هي التي غطت المغرب كله...وأعتقد أن ذلك كان في أيام المعينيين واليعربيين، وحسبك أن حروبهم تدعى الحروب البونية ، يقول ويلز: عرفت بالحروب البونية نسبة إلى بون صنعاء، ونقلت عن معروف الدواليبي قوله: إنما سمي البونيون نسبة إلى بون صنعاء، وهذا البون واسع وفيه القبائل الشرسة، وهي أشبه بقبائل الأوراس )

نخلص من هذا إلى أن سكان المغرب الأوائل ينتسبون إلى عدد من الهجرات العربية المتتابعة من عدة طرق، إلى منطقة شمال إفريقيا، وتنتسب كلها إلى سام بن نوح عليه السلام.

أول هذه الهجرات من نسل العماليق، وهم عرب أقحاح كما يقول الطبري[37]: ( فعاد وثمود والعماليق وأميم وجديس وطسم هم العرب، لسانهم الذي جبلوا عليه لسان عربي. وقد كان منزل جدهم عمليق الذي يرجع نسبه إلى لاوذ بن سام أب العرب، في جوار مكة، ثم انتشرت قبيلته في الجزيرة العربية والعراق والشام ومصر وغيرها، فلما هزم النبي داود عليه السلام ملكهم جالوت في فلسطين في القرن الثاني عشر قبل الميلاد خرجوا متجهين إلى المغرب حتى انتهوا إلى شمال إفريقيا).

ويقول ابن عبد الحكم[38]: ( فتقدمت زناتة ومغيلة إلى المغرب وسكنوا الجبال وتقدمت لواتة فسكنت أرض انطابلس وهي برقة وتفرقت في هذا المغرب وانتشروا حتى بلغوا السوس).

أما الهجرة الثانية فهي أيضا عربية النسب صريحته، وهي التي سارت مع الملك العربي "إفريقش" وسميت القارة باسمه. ذلك أنه في الألف الثاني قبل الميلاد وصل إلى شمال إفريقيا إفريقش بن صيفي ملك التبابعة من قبائل كهلان وصيفي العربية قادما من جنوب شبه الجزيرة العربية، وكانت أبرز القبائل التي رافقته كتامة وصنهاجة وحمير، استقروا في منطقة شمال إفريقيا واستوطنوها، وتنسب هذه القبائل كلها إلى قحطان وفالغ من ذرية سام بن نوح عليه السلام. ثم اختلطت القبائل المهاجرة الأولى من العماليق، بالقبائل الوافدة مع إفريقش فكونوا شعبا واحدا متجانسا. وفي هذا يقول محمد عبد الرزاق مناع[39]: ( وقد اختلط المهاجرون من كهلان وحمير وصيفي وبني كنعان وتصاهروا حتى صارت الجماعتان جماعة واحدة كونت شعبا متجانسا).

وبعد الفتح الإسلامي تتابعت موجات الهجرة العربية إلى المنطقة جهادا في ربوع الأندلس وأصقاع إفريقيا ووقوفا في وجه الحملات الصليبية على المنطقة، وتعليما للغة العربية والفقه والحديث والقرآن وعلومه، مما تحفل به كتب التاريخ ولا تتسع له هذه العجالة.


من حيث تسميتهم

أمازيغ وبربر


أما تسميتهم "أمازيغ" فأصلها من الجد الأعلى للبرانس وهو "مازيغ بن كنعان" ذكر ذلك ابن خلدون في تاريخه[40] نقلا عن نسابة البربر " هاني بن بكور الضريبي وسابق بن سليمان المطماطي وكهلان بن أبي لؤي وأيوب بن أبي يزيد وغيرهم" قال:( إن البربر فرقتان كما قدمنا وهما البرانس والبتر، فالبتر من ولد بر بن قيس بن عيلان، والبرانس بنو برنس بن سفجو بن ابزج بن جناح بن واليل بن شراط بن تام بن دويم بن دام بن مازيغ بن كنعان بن حام، وهذا الذي يعتمده نسابة البربر)[41]

فالتسمية إذن بالنسب الكنعاني لفصيل من فصائلهم، وليس للفصائل كلها، ومن المعلوم أن أغلب المؤرخين يعتبرون الساميين والحاميين سلالة واحدة، موطنها الأصلي هو الجزيرة العربية، وأنه لا وجود لسلالتين منفصلتين حامية وسامية، لأنهما اندمجتا في بعضهما منذ القدم.

وأما تسميتهم "بربر" فنحن إذا رجعنا إلى قواميس اللغة العربية وجدنا لكلمة"بربر" أصلا راسخا، ذلك أنها تكرار للفظ عربي هو " بر "، وقد وردت في القرآن الكريم بعدة معاني، لأن حرفي الباء والراء في المضاعف أربعة أصول، هي الصدق، وخلاف البحر، ونبات البُـرّ الذي هو الحنطة، وحكاية صوت.

وردت اسما من أسماء الله الحسنى في قوله تعالى: (إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ)الطور28.

وجاءت خلقا كريما من صفات الأنبياء والأصفياء في قوله تعالى: (وَبَرّاً بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّاراً عَصِيّاً )مريم14، (وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً) مريم32.

ووردت بمعنى الصدق والطاعة والقبول في قوله تعالى (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ) البقرة44، (لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ)آل عمران92

كما وردت بمعنى ما سوى البحر في قوله تعالى: (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِيَ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ)المائدة96.

ولعل هذا المعنى الأخير للبر - بفتح الباء – هو أصل التسمية "بربر"، لأن اليونانيين والرومان كما هو مشهور، أول من أطلق على سكان شمال إفريقيا هذه التسمية، عندما كانوا يهاجمون المنطقة من السواحل، فترهق الحرب الأهالي ويقررون اللجوء إلى البر جبالا وأودية وكهوفا، بعيدا عن مناطق الغزو الأجنبي في الشواطئ، ويتنادون "البر...البر..."، ثم يتخذون من هذه الأماكن الحصينة جبهة للمقاومة الشعبية ضد الاستعمار الذي يحتل السواحل. وعندما سمع اليونانيون نداءهم "البر..البر.." ورأوا آثار هجماتهم المباغتة على معاقل الاستعمار وحصونه ومزارعه، أطلقوا عليهم هذه التسمية إشارة إلى ما تتسم به مقاومتهم من شراسة وعنف، ولذلك تجد هذه اللفظة في القواميس اللاتينية تعني الوحشية والعنف كما في الأمثلة التالية:

متوحش/barbarian

فظ/barbaric

وحشية/barbarism

همجية/barbarie

أما المؤرخون العرب فيذهبون إلى أن أصل التسمية هو نسبهم إلى بر بن عيلان بن مضر من أجداد العرب، وهو ما ورد في الشعر الجاهلي قبل الإسلام على لسان طرفة بن العبد:

ولكن دعا من قيس عَيلان عصبةٌ *** يسوقون في أعلى الحجاز البرابرا[42]

وإلى هذا الأصل المشترك بينهم وبين العرب تشير الشاعرة تماضر أيضا:

فأقسم أنا والـبـرابــر إخوة *** نمانا وَهُمْ جَدٌّ كريم المناقــب

أبونا أبوهم قيس عيلان في الذرى*** وفي حرسه يسقى غليل المحارب

ويقول شاعرهم البربري الآخر قيس بن خالد يفتخر بأصله العربي:

أيها السائل عنا، أصلـنا*** قيس عيلان بنو العـز الأول

نحن ما نحن بنو بر الندى *** طارد الأزمـة نحار الإبــل

نحن ما نحن بنو بر القوى *** عرف المجـد وفي المجد دخل

إن قيسا قيس عيلان هم ***معدن الحق على الخـير دلل

وعلى هذا الأساس فإن للبربر شرف الانتساب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وهم أخواله من الرضاعة، لأن حليمة السعدية مرضعته، يرتفع نسبها إلى قيس عيلان.

ومن المؤرخين من يذهب إلى أن أصل التسمية في اللغة العربية من " البربرة" وهي اختلاط الأصوات وكثرتها وزمجرتها، من "بربر الأسد" إذا زمجر، وفي حديث على كرم الله وجهه [43]:لما طلب منه أهل الطائف أن يكتب لهم الأمان على تحليل الزنا والخمر فامتنع، قاموا ولهم تغذمر[44] وبربرة، ومنه الحديث: " فأخذ اللواء غلام أسود فنصبه وبربر"[45].

والذي نراه أن التسمية" بربر" ليس لها أصل يفيد عرقا أو نسبا، لأنهم فصائل كثيرة، وتطلق عليهم حسب مناطقهم وأنسابهم تسميات متعددة، وقد اشتهروا في التاريخ بالبتر والبرانس ومازيغ نسبة إلى جد فصيل منهم، وفي المصطلح الشعبي المتداول "زيان والريفيون والسوسيون، والقبائل والشاوية والزواريون .. وكل هذه التسميات الشعبية لها جذورها في اللغة العربية.

على أن هذه النزعة العرقية لم تكن معروفة أو متداولة فيما قبل الاستعمار الأجنبي للمنطقة، بل كان المغاربة شعبا واحدا متمسكا بوحدته الوطنية والعقدية والعرقية، وإنما وفدت هذه اللوثة الخبيثة مع الغزو الصليبي لبلادنا، في إطار برنامجه لمسخ هوية البلاد وأهلها وأصالتها، وتمزيقها على صعيد العرق بتقسيمنا إلى عرب وبربر، وعلى صعيد الدين بالادعاء أن سكان الجبال لهم دينهم العرفي المستقى من بقايا ديانات مسيحية أو يهودية أو مجوسية كانت في بلادهم، كل ذلك من أجل تكريس النفوذ الفرنسي الكنسي في أوطان المسلمين كافة، تطبيقا لسياسة "فرق تسد"، وسعيا لتحقيق طموح إمبراطورية استعمارية حاقدة.


من حيث علاقة البربرية باللغة العربية


وفي هذا المجال يحسن بنا أن نورد قول المؤرخ اليمني القاضي عبد الله بن عبد الوهاب الشماخي:( اللغة العربية والبربرية تشتركان في الأصول والتركيب... إن البربرية الموجودة الآن لغة عربية قديمة، وغير صريحة، لأن هناك العربية الصريحة والعربية غير الصريحة، العربية غير الصريحة ما كانت قبل نزول الوحي، في أطوار تكوينها. فاللغة الحميرية إذا رأيتم هي اللغة البربرية، ثم جاءت الأسواق قبل البعثة النبوية بنحو ثلاثمائة عام فبدأت تتهذب وتصقل في سوق عكاظ وأمثاله، حتى جاءت اللغة العربية الصريحة التي شرفها القرآن ورفعها إلى القمة).

إلا أن ما ذهب إليه الشماخي وهو ما يؤكده التقارب بين البربرية واللهجة اليمنية الحالية، وكثير من التقاليد المشتركة بين الشعبين اليمني والبربري في العادات والتقاليد والملابس والحلي، لا ينفي أن اللهجات البربرية قد تأثرت على مر السنين بالشعوب الوافدة إلى المنطقة من غير العرب، كالفينيقيين والرومان والبيزنطيين والوندال، على رغم أنهم ووجهوا بمقاومة شرسة من قبل الأهالي ولم يستطيعوا النفوذ إلى ما سوى بعض السواحل، وإن كان هذا التأثير محدودا جدا، فحروف التيفيناغ التي لدى الطوارق وتبناها التيار البربري الفركفوني مثلا، مستمدة من الفينيقيين وهم ساميون كما ذهب إليه غوستاف لوبون[46]، ورغم ما طرأ عليها بسبب الاتصال المباشر بالعالم الخارجي تجارة ومدافعة فإن هذه الحروف مازال أكثرها أقرب إلى حروف اللغات السامية عربية وحميرية وسريانية وآرامية...

وكذلك الحال فيما يتعلق بأغلب القواعد النحوية والصرفية وتركيب الجمل والمفردات التي لا تكاد كلها تقريبا تبتعد عن أصلها العربي إلا بما أحدثه في بعضها عامل الزمن والاستعمال الدارج مما يؤكد أنها أصيلة في كلامهم وغير دخيلة أو منقولة، وأن اللغة البربرية هي لهجة عربية قديمة وغير صريحة مثلما كان الحال في لهجات قبائل عرب الجزيرة قبل البعثة وقبل أن يوحدها القرآن الكريم، سواء اللهجات التي انقرضت وبقيت لنا منها نقوش تدل عليها مثل الثمودية والصفوية واللحيانية، أو العربية الباقية كلغة قريش بصفائها واشتراك القبائل الأخرى في فهمها واختصاصها وحدها في الكتابة والشعر والخطابة لاسيما بعد نزول جل مفردات القرآن بها، وكلغات القبائل الأخرى التي لكل منها تميز خاص نطقا أو تعبيرا، كما هو حال كشكشة[47] ربيعة ومضر، وفحفحة[48] هذيل، وطمطمانية[49] حمير، وعجعجة[50] قضاعة، وشنشنة[51] اليمن ، وعنعنة[52] تميم، ولكنها كلها تجتمع في كونها لغة عربية.

وهذا ما قررته دائرة معارف "يونيفرساليس" مؤكدة: " أن اللغة البربرية امتداد لصيغ اللغة العربية"، وأن الآداب البربرية " مستمدة من المشرق العربي"، وأن "جميع اللهجات البربرية مطبوعة بطابع اللغة العربية"[53]

ولعل من المفيد في هذا المجال أن نسوق بإيجاز ما ذكره الدكتور محمد بن عبد الكريم الجزائري[54]،قال: ( لعل كثرة اختلاط سكان الشمال الإفريقي مع مختلف الأجناس المتوالية على احتلال بلدهم، وتبدل الطقس وقساوة الطبيعة، كل ذلك أصبح سببا في تبربر لغتهم العربية وتلاثغ ألسنتهم بعد فصاحتها، وفي إمكاننا أن نأتي ببعض البراهين لعلها تكون خير مرشد لمن ضل السبيل في بحثه عن عروبة الشمال الإفريقي لغة وجنسا:

البرهان الأول: ثلث مفردات اللغة البربرية عربي النزعة.

البرهان الثاني: عدم وجود ما يقابل اللغة العربية إن أريد حذفها وتعويضها باللغة البربرية.

البرهان الثالث: وجود حروف في اللغة البربرية لا وجود لها في سوى اللغة العربية، ثم لا تكاد تجد حرفا من هذه يعسر النطق به في تلك، مثل حرف الضاد والعين والغين والطاء وجميع الحروف التي تفردت بها لغة الضاد، والعجيب أن هذه اللغة هي لغة ذات ضاد كالضاد العربية تماما... إن هذه البربرية ليست مستقلة بذاتها، وإنما هي عربية في أصلها قد تحرفت بطول الزمن، حتى أصبحت أكثر بعدا عن العربية الفصيحة من هذه اللهجات العامية المختلفة التي تتكلمها الشعوب الناطقة بالضاد.

البرهان الرابع: سرعة انتشار العربية في البربر بمجرد امتزاجهم بالعرب الفاتحين. ولعل خير دليل على عروبة البربر بالأصالة أنهم لم يتأثروا بأية لغة من لغات الأجناس الكثيرة التي مرت بهم مثلما تأثروا باللغة العربية.

البرهان الخامس: وجود التشابه الخَلْقي والخُلُقي المشترك فيهما – أي عرب هجرات ما قبل الإسلام وهجرات ما بعده – قديما وحديثا، قال ابن خلدون: ( البربر لم يكن لهم انتحال للمباني والصنائع والمدن، وبهذه الصفة يشبهون العرب، على أن يقاس حضري أولئك وبدويهم بحضري وبدوي هؤلاء).

البرهان السادس: وجود أسماء وألقاب عربية تلقب بها البربر قبل الفتح الإسلامي، قال ابن خلدون: ( ومن الأسماء العربية عند البربر موسى بن صالح من بني يفرن، الكاهن المشهور)، فلو لم يكونوا عربا ما أسموا أبناءهم بأسماء عربية صريحة مثل صالح هذا، وزياد والد طارق بن زياد).

ابو يوسف المصرى
05-23-2009, 07:47 PM
حفظك الله تعالى يا استاذنا
وجعلك الله تعالى فخرا للدين وعزا للاسلام

-----------
دارفور ...اقباط مصر....نوبة مصر.....غرب نيجريا....جنوب السودان...شرق السودان....دارفور.....وسط افريقيا .....اكراد العراق....اقليم ايتشه .البربر..الامازيغية.....وغيرها
مسلسل طويل من القدم منه ما تحقق ومنه ما يزال في طور التحقيق

الاستاذ/ فخر الدين المناظر
هل تاذن لنا في نشر الموضوع

فخر الدين المناظر
06-13-2011, 02:50 PM
حفظك الله تعالى يا استاذنا
وجعلك الله تعالى فخرا للدين وعزا للاسلام

-----------
دارفور ...اقباط مصر....نوبة مصر.....غرب نيجريا....جنوب السودان...شرق السودان....دارفور.....وسط افريقيا .....اكراد العراق....اقليم ايتشه .البربر..الامازيغية.....وغيرها
مسلسل طويل من القدم منه ما تحقق ومنه ما يزال في طور التحقيق

الاستاذ/ فخر الدين المناظر
هل تاذن لنا في نشر الموضوع

الاخ الفاضل باركك الرحمن، لك الإذن في النشر، والشيخ صاحب الموضوع لا يعارض ذلك

مهدي بن زياد
06-16-2011, 03:33 AM
بالسنبة لي . والدي فيلالي شريف . بمعنى انه عربي قح . و والدتي شلحة (الشلوح هم الامازيغ سكان منطقة سوس و عاصمتهم اغادير) او على الاقل والديها كذلك . لانها هي ولدت و تربت في الدار البيضاء. و طوال حياتي لم اعرف نفسي الا بكوني مسلم مغربي و لا اجد غضاضة في وصف نفسي بالامازيغي اذا كان هذا يطيب النفوس. كونك مغربيا فهذا معناه انك مختلط العرق و اللغة. للاسف الحركة البربرية -و انا اسميها بربرية لانها ليست امازيغية- تسوق لعكس هذا الكلام و تريد ان تضحك على عقول العامة وتفهمهم ان هنلك شيء اسمه عرق امازيغي نقي و ان هنلك مدن يسكنها الامازيغ فقط . كذبوا و الله العظيم. المغرب هو اكثر البلدان اختلاطا بين الاعراق . ليس فقط بين العرب و الامازيغ . بل و السود و الاوروبيين الذين جاؤوا في عصر الرومان و الوندال . و الاندلسيين... لذلك تجد في المغرب بعض المناطق الكثير من اهلها شعورهم شقراء و بشرتهم بيضاء و كانهم ألمان. و اخرون سمر . و اخرون سود و كانهم سينيغاليون. بل ان هذا التباين تجده في كل الارض التي تسمى تامزغا او ارض الامازيغ .
للاسف هؤلاء يريدون تخريب بلادنا التي تعايش فيها العرب و الامازيغ منذ بداية الفتح . الامازيغ هم من احتضنوا مولاي ادريس الاول بعد ان طارده العرب. و العرب هم من عينوا طارق بن زياد الامازيغي قائد مهما في جيشهم رغم كونه حديثا بالاسلام و بالعرب. الامازيغ احتضنوا الاسلام و نشروه في عدة بلدان. و العرب هم من اوصلوا الاسلام للامازيغ و اخرجوهم من وضعهم المؤسف و السيء في ذلك الزمن.
أبي الاسلام لا أب لي سواه...اذا افتخروا بعمر او بتميم

ابن عبد البر الصغير
03-25-2013, 12:05 AM
الشيخ الحمداوي حفظه الله صاحب بحوث نفيسة بارك الله في الناقل والمنقول والكاتب والقارئ .

وما المقال الأخير لأحمد عصيد في دفاعه عن التنصير إلا خير دليل لأطروحة الشيخ الكريم.

كميل
03-25-2013, 12:24 AM
حاولت في السابق التصدي كثيرا لهذه المؤامره الامر لايشمل المغرب فقط بل كل الدول الامازيكيه والهدف حول اخراج الامازيك من ثقافتهم العربيه الاسلاميه واستبدالها بثقافه فرنسيه الامر خطير ايها الاخوه خطير جدا فمثلما يعاني المشرق من التشيع الفارسي لدينا التنصير الفرنسي بالمغرب واقترح فتح منتدى خاص لذلك لمواجهة هذا الامر وساكون مشترك به وبكل سرور

محمد احمد السلامى
03-27-2013, 08:20 AM
اذا نظرت للموضوع بشكل مبدأي ستجد ان المخطط الغربي ناجح لان العناصر كلها متوافرة 1) اللعب على وتر العرقية وبأن الاسلام دين الغزاة وبأن اللغة العربية لغة الغازي 2) الجهل العام بالدين والعلاقة القشرية بتفاصيله 3) الظروف المعيشية الصعبة لان معظم سكان المغرب العربي من الشباب الذي لا يجد فرص وافاق للحياة والرفاهية فيتجه لما يراه بارقة امل من خلال التنصر 4) كما قال الاخ الجزائري اخطاء الجماعات الاسلامية والعشرية الدامية التي شوهت الاسلام في نظر الكثيرين واصبح مادة يمكن اللعب عليها عاطفيا ليل نهار ------------- لكن :
هناك مثل يقول لا يصح الا الصحيح .. يعني لا يعيش معافى الا الشيء الصحيح .. النصرانية ليست بصحيح بل هي ضلال بين وتزييف واضح وكذب مفترى ... فمبديأ قد تصمد النصرانية وينجح المخطط ولكن مع مرور الوقت واتساع الفترة الزمنية المتاحة لنقد النصرانية سوف تنهار وينهار معها كل شيء ... الاسلام باقي لانه الحق بغض النظر عن الاساليب .. الحرب بين الخير والشر والحق والباطل قائمة الى يوم الدين ولا تظنوا اخواني ان ذلك سوف يتوقف يوما ما من حروب بالدبابات الى حروب بالكتابات ونسأل الله ان يحيينا على الايمان ويمتنا على الاسلام.

متروي
03-27-2013, 02:16 PM
ر 4) كما قال الاخ الجزائري اخطاء الجماعات الاسلامية والعشرية الدامية التي شوهت الاسلام في نظر الكثيرين واصبح مادة يمكن اللعب عليها عاطفيا ليل نهار -------------

كلام الأخ الجزائري مخالف تماما للواقع و الحقيقة فليس كل شيء نلصقه بالجماعات الإسلامية ؟؟؟؟ فالمسألة الأمازيغية في الجزائر أقدم بكثير من وجود الجماعات الإسلامية بل هي ملتصقة شحما و لحما و دما بالأحزاب العلمانية أما الجماعات الإسلامية التي يلصق بها السبب فهي في الواقع و الحقيقة هي من قضى على النزعة الأمازيغية في الجزائر و الكلام بالدليل و البرهان لا بالإدعاء و الكذب على الضعفاء الذين لا يستطعون ردا ..
ففي الجزائر كانت المسألة الأمازيغية في أوج عنصريتها في فترة السبعينيات من القرن الماضي و كانت غاية في العنصرية البغضية للعرب و الإسلام و معاداة الحكومة مما جعل الجيش يتدخل في بلاد القبائل سنة 1981م و يرتكب أفعالا شنيعة حتى أصبح يوم 20 أفريل 1981م يسمى الربيع الأمازيغي و لما جاءت فترة الديمقراطية تشكل فيها حزبان جهويان عنصريان و لم يكن للجماعات الإسلامية و لا للأحزاب الإسلامية أي دور فيها و بطول الممارسة السياسية المكيافيلية لدعاة الأمازيغية اكتشف الأمازيغ أن هؤلاء الدعاة مجرد تجار دم لا يهمهم شيء سوى مصالحهم مما دفع بأمازيغ بلاد القبائل إلى لفظهم و رميهم في مزبلة التاريخ و حاول عنصريون آخرون تشكيل بديل عنصري لما يسمى بالحركة الأمازيغية سموها بحركة العروش (القبائل) لكنها فضحت بأسرع مما فضح به سابقوها و بعدها انتهت تماما الحركة الأمازيغية فلم يعد لها أي شأن يذكر نهائيا حتى لغتهم نسوها و اصبحت مطالبهم هي مطالب بقية الشعب الجزائري فبعد طول تجربة و لهث وراء السراب أدركوا أنهم حقا جزءا من الشعب الجزائري لن تفيده الأمازيغية في أي شيء ..
أما الجماعات الإسلامية فهي في الفترة التي كانت فيها في أوج قوتها في مرحلة التسعينيات تجنبت تماما بلاد الأمازيغ حتى أنها كانت تسمى بسويسرا الجزائر لأنها كانت آمن منطقة في البلاد كلها فكيف تتسبب إذن في زيادة عنصرية البربر ؟؟؟؟ و بعدما ضعفت الجماعات الإسلامية في كل الجزائر لم تجد للعجب من يحتضنها سوى بلاد الأمازيغ و أصبح معظم عناصر القاعدة في الجزائر أمازيغ كلهم من أبناء منطقة القبائل و أمير القاعدة في كل بلاد المغرب الإسلامي و نواته الصلبة لم يجد مكانا يأويه و يحميه سوى بلاد القبائل ..
إذن من العدل أن نقول الحق فالحركة الأمازيغية العنصرية لن تجد مكانا تنمو فيه سوى مقرات الأحزاب العلمانية و متى ما دخلت الأحزاب الإسلامية أو الجماعات الإسلامية زال كل شيء له علاقة بالقومية أو العنصرية أو التعصب العرقي ..

Almumen
03-27-2013, 02:59 PM
حتى لغتهم نسوها و اصبحت مطالبهم هي مطالب بقية الشعب الجزائري فبعد طول تجربة و لهث وراء السراب أدركوا أنهم حقا جزءا من الشعب الجزائري لن تفيده الأمازيغية في أي شيء ..
..
هذا و مثل هذا هو ما يزيدالبغضاء و الشحناء و الكراهية وصولا إلى العنصرية.
هل نلوم الله (أستغفر الله) أن جعلنا أمازيغ?
لماذا لما أرسل رسول الله صلى الله عليه و سلم رسله إلى ملوك البلدان لم يقل لهم أن لغاتكم لن تنفعكم و لا تصلح لشيئ.
يا أخي الكريم. كلنا فينا نزعة لما هو له فلا تيقضها بثل كلامك هذا.
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

متروي
03-27-2013, 03:35 PM
هذا و مثل هذا هو ما يزيدالبغضاء و الشحناء و الكراهية وصولا إلى العنصرية.
هل نلوم الله (أستغفر الله) أن جعلنا أمازيغ?
لماذا لما أرسل رسول الله صلى الله عليه و سلم رسله إلى ملوك البلدان لم يقل لهم أن لغاتكم لن تنفعكم و لا تصلح لشيئ.
يا أخي الكريم. كلنا فينا نزعة لما هو له فلا تيقضها بثل كلامك هذا.
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لم تفهم كلامي فالذي أقصده أن عرب الجزائر لا يهتمون بالعربية ولا يطالبون بها و لا يفكرون فيها و هي من آخر اهتماماتهم و أمازيغ الجزائر اصبحوا مثلهم فالكل اصبح يهتم فقط بالمعيشة و أدركوا أن جميع السياسيين تجار فقط لا يختلفون عن النظام المتسلط في شيء؟؟؟

Almumen
03-27-2013, 04:21 PM
لم تفهم كلامي فالذي أقصده أن عرب الجزائر لا يهتمون بالعربية ولا يطالبون بها و لا يفكرون فيها و هي من آخر اهتماماتهم و أمازيغ الجزائر اصبحوا مثلهم فالكل اصبح يهتم فقط بالمعيشة و أدركوا أن جميع السياسيين تجار فقط لا يختلفون عن النظام المتسلط في شيء؟؟؟
مفهوم.
أعتذر لك إذن.

طالبة علم و تقوى
03-27-2013, 05:12 PM
هذا و مثل هذا هو ما يزيدالبغضاء و الشحناء و الكراهية وصولا إلى العنصرية.
هل نلوم الله (أستغفر الله) أن جعلنا أمازيغ?
لماذا لما أرسل رسول الله صلى الله عليه و سلم رسله إلى ملوك البلدان لم يقل لهم أن لغاتكم لن تنفعكم و لا تصلح لشيئ.
يا أخي الكريم. كلنا فينا نزعة لما هو له فلا تيقضها بثل كلامك هذا.
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


هل نلوم الله (أستغفر الله) أن جعلنا أمازيغ?

حاشا لله أخونا الفاضل ! " هذه نتيجة كثرة إجترار الكلام و حوارات في مواضيع حساسة متعددة الأوجه لا تغني و لا تسمن حقيقة " ...
بل يا أخونا بيبرس إن مِتنا و أُعطينا الإختيار من جديد لن نختار سوى الإسلام دين الله و بعده نعمةً نسل عرقنا و شعبنا الأمازيغي الكريم الذي إختاره الله لنا عن علم و حكمة من بين كل الشعوب التي خلق و فرق فيها ذرية بني آدم و بكل فخر و لله الحمد و المنة ....و العرب و سيد الخلق منهم الأحب إلى القلب و لهم الفضل الكبير و تشريف من علام الغيوب و لا عنصرية و لا عداء أبدا إن شاء الله و كل نفس بما كسبت رهينة

الحمد لله الحق أعدل العادلين البصير بعباده و المطلع على قلوبهم

فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ. فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ. وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ

ابن عبد البر الصغير
03-27-2013, 08:48 PM
هذه لقطة من لقطات الندوة العلمية التي شارك فيها الشيخ الفيزازي حفظه الله حول الأمازيغية، حيث قام شباب من متعصبة الحركة الثقافية الأمازيغية بمقاطعة الشيخ والتلاسن معه، فلما نبههم الشيخ بأن يتأدبوا بآداب الإسلام ، صرخ أحدهم أنا لستُ مسلما !!

وهذا الفيديو نسوقه حتى يعلم إخواننا الأحباب من أهل الأمازيغ ما يريده هؤلاء المتعصبة وأن ينبهوا عائلاتهم وأصدقائهم إلى هذا المخطط الخبيث :



http://youtu.be/BhD9APd1AKQ