المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : معنى التلبيس و الغرور



لطفي
10-29-2008, 02:06 PM
قال المصنف ابن الجوزي رحمه الله في كتابه الشهير تلبيس ابليس :
التلبيس إظهار الباطل في صورة الحق و الغرور نوع جهل يوجب اعتماد الفاسد صحيحا و الردىء جيدا . و سببه وجود شبهة اوجبت ذلك و إنما يدخل إبليس على الناس بقدر ما يمكنه و يزيد تمكنه منهم و يقل على مقدار يقظهم و غفلتهم
و جهلهم و علمهم .
و اعلم ان القلب كالحصن و على ذلك الحصن سور و للسور أبواب و فيه ثلم و ساكنه العقل و الملائكة تتردد إلى ذلك الحصن و إلى جابنه ربض فيه الهوى و الشياطين تختلف إلى ذلك الربض من غير مانع . و الحرب قائمة بين اهل الحصن و اهل الربض و الشياطين لا تزال تدور حول الحصن تطلب غفلة الحارس و العبور من بعض الثلم .
فينبغي للحارس ان يعرف جميع أبواب الحصن الذي قد وكل بحفظه و جميع الثلم . و ان لا يفتر عن الحراسة لحظة فإن العدو ما يفتر .
قال رجل للحسن البصري : أينام ابليس ؟ قال: و نام لوجدنا الراحة .
و هذا الحصن مستنير بالذكر مشرق بالايمان و فيه مرآة صقيلة يتراءى فيها صور كل ما يمر به . فأول ما يفعل الشيطان في الربض إكثار الدخان فتسود حيطان الحصن . و تصدا المرآة و كمال الفكر يرد الدخان . و صقل الذكر يجلو المرآة و للعدو حملات فتارة يحمل فيدخل الحصن فيكر عليه الحارس فيخرج و ربما دخل فعبث و ربما قام لغفلة الحارس و ربما ركدت الريح الطاردة للدخان فتسود حيطان الحصن و تصدأ المرآة فيمر الشيطان و لا يدري به و ربما جرح الحارس لغفلته و أسر و استخدم و أقيم يستنبط الحيل في موافقة الهوى و مساعدته و ربما صار كالفقيه في الشر .
قال بعض السلف : رأيت الشيطان فقال لي قد كنت ألقى الناس اعلمهم فصرت ألقاهم فأتعلم منهم .
و ربما هجم الشيطان على الذكي الفطن و معه عروس الهوى قد جلاها فيتشاغل الفطن بالنظر فيستأسره .و أقوى القيد الذي يوثق به الأسرى الجهل و أوسطه في القوة الهوى و أضعفه الغفلة. و ما دام درع الإيمان على المؤمن فإن نبل العدو لا يقع في مقتل .
أخبرنا محمد بن أبي القاسم نا أحمد بن أحمد نا أبو نعيم الحافظ نا أبو محمد بن حيان ثنا أحمد بن محمد بن يعقوب ثنا محمد بن يوسف الجوهري ثنا أبو غسان النهدي قال : سمعت الحسن بن صالح رحمه الله يقول : إن الشيطان ليفتح للعبد تسعة و تسعين بابا من الخير يريد به بابا من الشر .
أنبأنا علي بن عبد الله نا محمد بن محمد النديم نا عمي عبد الواحد بن احمد ثنى أبي احمد بن الحسين العدل ثنا أبو جعفر محمد بن صالح ثنا حيان بن الفلس الجماني ثنا حماد بن شعيب عن الأعمش قال : حدثنا رجل كان يكلم الجن قالوا : ليس علينا أشد ممن يتبع السنة و أما اصحاب الاهواء فإننا نلعب بهم لعبا .