الجندى
11-04-2008, 08:50 AM
الدولة ليست سوبر ماركت!
محمود سلطان : بتاريخ 3 - 11 - 2008
المصدر (http://www.almesryoon.com/ShowDetailsC.asp?NewID=55957&Page=1&Part=5)
منذ أيام، صادرت "المغرب" المجلة الفرنسية الأسبوعية "إكسبريس إنترناسيونال"، العدد الممتدد ما بين 30 أكتوبر إلى 5 نوفمبر 2008 بسبب تضمنه صورة مزعومة للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وملفا مكونا من 10 صفحات يقارن بين محمد والمسيح عليهما السلام، على نحو يسئ للإسلام.
قرار المصادرة، أثار ردود أفعال متباينة، وكالعادة تصدر المشهد المغربي، من يمثل علينا دور "التنويريين"، منتقدين قرار المصادرة، مدعين أن القارئ المغربي، ناضج وواع ويجيد التفرقة بين الصالح والطالح لهويته الإسلامية!
الجدل المغاربي بشأن منع "إنترناسيونال"، يكاد يكون طبعة مستنسخة، للفتن التي يثيرها اليسار العربي في غالبية المنطقة العربية، كلما تعرضت إى من دولها لأزمة مشابهة.. حيث يفترض اليسار والمتطرفون العلمانيون أن "الدولة" لا تتجاوز مفهوم "السوبرت ماركت" الذي يعرض كل السلع بما فيها المخدرات بكامل أصنافها، وأن يترك للناس حرية الاختيار بين "الجبنة الفلمنك" وبين "الحشيش"، وليس ثمة دور للدولة إلا أن توفر السلعتين وتترك الناس وشأنهم !
لا توجد دولة في العالم، تقبل أن تكون إزاء التزاماتها ومسئوليتها، القيام بدور "شاهد ما شفش حاجة".. ولا توجد دولة في العالم ـ بما فيها الدول التي تقدس الحريات العامة ـ تقبل أن يترك وعيها الجمعي يستباح هكذا بلا ضوابط او أسقف أو حدود، ولا يوجد في العالم بما فيها الدول العلمانية، وعلى رأسها فرنسا "اللائكية"ـ المتطرفة في علمانيتها ـ دولة محايدة بالمعنى الإطلاقي، إزاء حرية الممارسات الدينية والثقافية والاجتماعية، فألمانيا تعترض على ارتفاع قباب المساجد على أبراج الكنائس، وباريس قننت تشريعات لمحاصرة المحجبات، وصادرت كتبا (الحلال والحرام للقرضاوي ، وأطلس الخلق التركي) وتشكلت في عدد من الدول الأوربية أحزاب وحركات اجتماعية لمناهضة المد الإسلامي في أوروبا.. وجميعها ممارسات لم تصدر عن محبة للمسيح عليه السلام ولا غيرة على دينه وعقيدته، فالغرب نفسه يسئ له، بأعمال أدبية وفنية، فهي مجابهات يحركها قدر كبير من "القلق الثقافي" وخوفا على هوية أوروبا المسيحة، المهددة فعلا بالتنامي الإسلامي غير المسبوق في حواضرها.. وإذا كنا ـ نحن المسلمون ـ نعتبر ذلك "عملا عدوانيا" ضد المسلمين فإن العواصم الغربية الرسمية تعتبره عملا شرعيا ويدخل في إطار ما يسمى الأمن القومي الغربي.
فإذا كانت أوروبا ـ رغم تراثها وخبراتها التاريخية وريادتها فيما يتعلق بحرية الرأي ـ تنحو هذا المنحى قلقا على ثقافتها وهويتها الحضارية.. فلم يستكثر اليساريون والمتطرفون العلمانيون على دولة عربية أن تكون عند حسن ظن شعوبها بها، وتقوم بمسؤليتها تجاه حضارتهم وما يؤذيها من قول أو عمل؟!
محمود سلطان : بتاريخ 3 - 11 - 2008
المصدر (http://www.almesryoon.com/ShowDetailsC.asp?NewID=55957&Page=1&Part=5)
منذ أيام، صادرت "المغرب" المجلة الفرنسية الأسبوعية "إكسبريس إنترناسيونال"، العدد الممتدد ما بين 30 أكتوبر إلى 5 نوفمبر 2008 بسبب تضمنه صورة مزعومة للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وملفا مكونا من 10 صفحات يقارن بين محمد والمسيح عليهما السلام، على نحو يسئ للإسلام.
قرار المصادرة، أثار ردود أفعال متباينة، وكالعادة تصدر المشهد المغربي، من يمثل علينا دور "التنويريين"، منتقدين قرار المصادرة، مدعين أن القارئ المغربي، ناضج وواع ويجيد التفرقة بين الصالح والطالح لهويته الإسلامية!
الجدل المغاربي بشأن منع "إنترناسيونال"، يكاد يكون طبعة مستنسخة، للفتن التي يثيرها اليسار العربي في غالبية المنطقة العربية، كلما تعرضت إى من دولها لأزمة مشابهة.. حيث يفترض اليسار والمتطرفون العلمانيون أن "الدولة" لا تتجاوز مفهوم "السوبرت ماركت" الذي يعرض كل السلع بما فيها المخدرات بكامل أصنافها، وأن يترك للناس حرية الاختيار بين "الجبنة الفلمنك" وبين "الحشيش"، وليس ثمة دور للدولة إلا أن توفر السلعتين وتترك الناس وشأنهم !
لا توجد دولة في العالم، تقبل أن تكون إزاء التزاماتها ومسئوليتها، القيام بدور "شاهد ما شفش حاجة".. ولا توجد دولة في العالم ـ بما فيها الدول التي تقدس الحريات العامة ـ تقبل أن يترك وعيها الجمعي يستباح هكذا بلا ضوابط او أسقف أو حدود، ولا يوجد في العالم بما فيها الدول العلمانية، وعلى رأسها فرنسا "اللائكية"ـ المتطرفة في علمانيتها ـ دولة محايدة بالمعنى الإطلاقي، إزاء حرية الممارسات الدينية والثقافية والاجتماعية، فألمانيا تعترض على ارتفاع قباب المساجد على أبراج الكنائس، وباريس قننت تشريعات لمحاصرة المحجبات، وصادرت كتبا (الحلال والحرام للقرضاوي ، وأطلس الخلق التركي) وتشكلت في عدد من الدول الأوربية أحزاب وحركات اجتماعية لمناهضة المد الإسلامي في أوروبا.. وجميعها ممارسات لم تصدر عن محبة للمسيح عليه السلام ولا غيرة على دينه وعقيدته، فالغرب نفسه يسئ له، بأعمال أدبية وفنية، فهي مجابهات يحركها قدر كبير من "القلق الثقافي" وخوفا على هوية أوروبا المسيحة، المهددة فعلا بالتنامي الإسلامي غير المسبوق في حواضرها.. وإذا كنا ـ نحن المسلمون ـ نعتبر ذلك "عملا عدوانيا" ضد المسلمين فإن العواصم الغربية الرسمية تعتبره عملا شرعيا ويدخل في إطار ما يسمى الأمن القومي الغربي.
فإذا كانت أوروبا ـ رغم تراثها وخبراتها التاريخية وريادتها فيما يتعلق بحرية الرأي ـ تنحو هذا المنحى قلقا على ثقافتها وهويتها الحضارية.. فلم يستكثر اليساريون والمتطرفون العلمانيون على دولة عربية أن تكون عند حسن ظن شعوبها بها، وتقوم بمسؤليتها تجاه حضارتهم وما يؤذيها من قول أو عمل؟!