المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإسلام بين المسيحية والإلحاد



عمر الأنصاري
11-04-2008, 09:46 PM
توجد ثلاث وجهات من النظر حاولت تفسير هذا العالم الذي نعيش فيه وحاولت إبداء تصوراتها حول ذالك الكائن الحي الذي نُطلق عليه "إنسان"، اتجاه نظر لهذا الكائن الحي من العين اليمنى والآخر من العين اليسرى وأما الثالث فنظر إليه بكلتيهما، أبرز ممثل للتوجه الأول المسيحية التي أخذت نقطة بدايتها وجود الروح، ويمثل التوجه الثاني الإلحاد أو المادية التي انطقت من وجود المادة واعتبرت الإنسان مكون من مجموعة من المواد التحمت فيما بينها، بينما التوجه الثالث الإسلام مزج بين المادة والروح، فالإسلام هو الدين الوحيد الذي استطاع حل مشكلة الصراع الدائم والمستمر بين الروح والمادة فألف بينهما في تناغم وانسجام أعطى للإنسان قيمته الحقيقية.


وفي الحقيقة لا يوجد فكر إلحادي أو فكر مسيحي مطبق حسب مبادئه وتوجهاته وفلسفته، فإنه على مر العصور لم ينجح أي مذهب في كسب رهان معركة اسمها *الواقع* فشتان بين تنظيرات وبين تطبيقها، وسبب فشلهم وعجزهم على تطبيق أفكارهم على أرض الواقع ليس لصعوبتها أو لعدم وجود الضروف الملائمة إنما يرجع ذلك إلى سبب واحد فقط، أنها مبادئ خاطئة خالفت طبيعة الإنسان.

إن الإنسان يكتمل فقط عندما يدمج بين الرغبات الحسية المادية وبين الرغبات الروحية الوجدانية أنذاك يرقى بجسمه وروحه عن هوس الإلحاد وهوس المسيحية.

نظر المذهب الإلحادي للإنسان باعتباره جسدا فقط بينما المسيحية نظرت للإنسان باعتباره روحا فقط، ففي حين نجد المسيحية تقمع الشهوات الجسدية بغثها وسمينها وتحاول قتل الجانب الجسدي للإنسان ليحيى فقط بروحه نجد الإلحاد يدعو إلى تحفيز الشهوات وإثارتها وكما يقول "كامي": "كل شيء جائز طالما أن الإنسان يموت وأن الله غير موجود"، لذلك سنجد أن كلا هذين التوجهين يقفان على طرفي النقيض، لقد منعت المسيحية الزواج على من سما بروحه باعتباره قد وصل إلى درجة التخلص من شهوات الجسد بينما الإلحاد أطلق العنان لشهوة الفرج من غير قيد ولا رادع فلم يجد غضاضة في نكاح المحارم وفي الزنا وحتى في اللواط، لقد ألغت الشيوعية التي تمثل المذهب المادي الإلحادي ألغت المنظومة الأسرية المكونة من زوج وزوجة أب وأم محاولة التخلص من ذلك الجانب الروحي في الإنسان بينما المسيحية ألغت الزواج ودعت إلى التبتل، لكن سرعان ما اضطرا كلاهما إلى الإقرار بالعنصر الذي حاولوا تغييبه، لأن تطبيق مثل هذه المبادئ كما سبق أن ذكرت مخالف لطبيعة الإنسان المكون من روح ومادة، فظهر فساد ما ذهبت إليه الشيوعية وظهر كذلك فساد ما ذهبت إليه المسيحية، وظهر أيضا فساد فلسفتهم التي لم تقوى على الصمود في أرض الواقع فأضافوا إليها عناصر لم يصرحوا بها لكنها أرغمتهم على الإقرار بها.
إن الإتجاه المادي كنمودج لا يقوم إلا في الكتب وفي عقول خربت وفسدت وليس له وجود في الحقيقة، فحرية الإنسان –الجانب الروحي- تقف عائقا أمام الفكرة المادية القائلة بأننا محض مادة، فمعلوم أن المادة خاضعة لقوانين مجبرة عليها فإذا كان الإنسان ليس سوى مجموعة من المواد التحمت فيما بينها فإذا هو مجبر، فمن أين إذا جاءت حريتنا الفردية في اتخاذ القرارات؟

وأما المسيحية التي حاولت إلغاء المادة سقطت هي الأخرى في متاهات ومطبات فكثرة خرافاتها وأكاذيبها حتى خالفت أبسط القوانين التي تحكم المادة.


وفي ظل هذا الصراع والتطاحن بزغ فجر الإسلام ليظهر الحقيقة لألي النهى ويقرر أن الإنسان روح وجسد، يعلن أنه جاء بغذاء للروح –الوحي- وبغذاء للجسم، ليعلن في انسجام وتناغم جميل علاقة الإنسان بالإنسان وعلاقة الإنسان بالإله في انسجام عجز التوجه الإلحادي والتوجه المسيحي على اختزال أحد طرفيه.
يذكر علي عزت بيكوفيتش سبب إخفاق هذين التوجهين إلى أنهما نظرا إلى الإنسان نظرة أحادية الجانب شطرته إلى شطرين متصادمين بين مادية ملحدة ومسيحية مغرقة في الأسرار والخرافات ينكر كل منهما الآخر ويدينه بلا أمل في لقاء، ولكن الإسلام لا يخضع لهذه القسمة الجائرة.

إن المسيحية لا تؤدي إلى تقدم والإلحاد لا يؤدي إلى إنسانية


يتبع...

أبو زياد
11-04-2008, 11:06 PM
جزاك الله خيرا أخي الكريم على الموضوع
وما قلته أخي هو تجليات قول الله عز وجل ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا ):hearts: