المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رد المجهول عن الخوض في حياة الرسول !!



حسام الدين حامد
11-10-2008, 10:45 PM
صعلكةٌ بين البحرين !!


البحران !!


نسب النبي صلى الله عليه وسلم .

هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان ، وعدنان من ولد إسماعيل عليه السلام.

قال ابن كثير رحمه الله :
( فهذا النسب الذي سقناه إلى عدنان لا مرية فيه ولا نزاع، وهو ثابتٌ بالتواتر والإجماع، وإنما الشأن فيما بعد ذلك، لكن لا خلاف بين أهل النسب وغيرهم من علماء أهل الكتاب أن عدنان من ولد إسماعيل نبي الله ) " الفصول في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم".

قال ابن القيم رحمه الله :
( وهو خير أهل الأرض نسبًا على الإطلاق؛ فلنسبه من الشرف أعلى ذروة وأعداؤه كانوا يشهدون له بذلك، ولهذا شهد له به عدوه – إذ ذاك – أبو سفيان بين يدي ملك الروم، فأشرف القوم قومه وأشرف القبائل قبيلته وأشرف الأفخاذ فخذه .) " زاد المعاد – وقصة أبي سفيان مع هرقل رواها البخاري في صحيحه ".


الرواية والدارية !!


قال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله:

( فإن المسلمين اشتدت عنايتهم منذ عهد الصدر الأول بحفظ أسانيد شريعتهم من الكتاب والسنة، بما لم تعن به أمةٌ قبلهم، فحفظوا القرآن ورووه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم متواترًا، آيةً آية، وكلمةً كلمة، وحرفًا حرفًا، حفظًا في الصدور وإثباتًا بالكتابة في المصاحف، حتى رووا أوجه نطقه بلهجات القبائل، ورووا طرق رسمه في الصحف، وألفوا في ذلك كتبًا مطولة وافية.

وحفظوا أيضًا عن نبيهم كل أقواله وأفعاله وأحواله، وهو المبلغ عن ربه، والمبين لشرعه، والمأمور بإقامة دينه، وكل أقواله وأفعاله وأحواله بيان للقرآن، وهو الرسول المعصوم والأسوة الحسنة، يقول الله تعالى في صفته ( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) [النجم : 3-4]، ويقول (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) [النحل : 44]، ويقول أيضًا (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) [الأحزاب : 21]، وكان عبد الله بن عمرو يكتب كل شيء يسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فنهته قريش، فذكر ذلك للرسول فقال ( اكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج مني إلا حق) " رواه أحمد في المسند بإسناد صحيح، ورواه أبو داود وغيرهما بمعناه"، وأمر المسلمين في حجة الوداع بالتبليغ عنه أمرًا عامًّا، فقال ( وليبلغ الشاهد الغائب فإن الشاهد عسى أن يبلغ من هو أوعى له منه) "رواه البخاري" وقال (فليبلغ الشاهد الغائب؛ فرب مبلغ أوعى من سامع) "رواه البخاري".

ففهم المسلمون من كل هذا أنه يجب عليهم أن يحفظوا عن رسولهم كلّ شيء وقد فعلوا، وأدوا الأمانة على وجهها ورووا الأحاديث عنه، إما متواترة باللفظ و بالمعنى، وإما متواترة في المعنى فقط، وإما مشهورة، وإما بالأسانيد الصحيحة الثابتة مما يسمى عند العلماء "الحديث الصحيح" و "الحديث الحسن".

واجتهد علماء الحديث في رواية كل ما رواه عنه الرواة وإن لم يكن صحيحًا عندهم، ثم اجتهدوا في التوثق من صحة كل حديثٍ وكل حرفٍ رواه الرواة، ونقدوا أحوالهم ورواياتهم، واحتاطوا أشد الاحتياط في النقل.

فكانوا يحكمون بضعف الحديث لأقل شبهة في سيرة الناقل الشخصية، مما يؤثر في العدالة عند أهل العلم، أما إذا اشتبهوا في صدقه وعلموا أنه قد كذب في شيء من كلامه فقد رفضوا روايته، وسموا حديثه (موضوعًا) أو (مكذوبًا)، وإن لم يعرف عنه الكذب في رواية الحديث مع علمهم أنه قد يصدق الكذوب.

وكذلك توثقوا من حفظ كل راوٍ، وقارنوا رواياته بعضها ببعض وبروايات غيره، فإن وجدوا منه خطأ كثيرًا وحفظًا غير جيد ضعفوا روايته، وإن كان لا مطعن عليه في شخصه ولا صدقه، خشية أن تكون روايته مما خانه فيه الحفظ.

وقد حرروا القواعد التي وضعوها لقبول الحديث، وهي قواعد هذا الفن – أي فن مصطلح الحديث – وحققوها بأقصى ما في الوسع الإنساني احتياطًا لدينهم، فكانت قواعدهم التي ساروا عليها أدق القواعد للإثبات التاريخي وأعلاها وأدقها، وإن أعرض عنها في هذه العصور المتأخرة كثير من الناس، وتحاموها بغير علم منهم ولا بينة.

وقلدهم فيها العلماء في أكثر الفنون النقلية فقلدهم علماء اللغة و علماء الأدب وعلماء التاريخ وغيرهم، فاجتهدوا في رواية كل نقل في علومهم بإسناده، كما تراه في كتب المتقدمين السابقين، وطبقوا قواعد هذا العلم عند إرادة التوثق من صحة النقل في أي شيء يرجع فيه إلى النقل) "الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث" .


صعلكة بين البحرين !!


ولقد وجد صعلوكٌ في نفسه الأهلية أن يردم البحرين، فنظرنا فإذا هو يحمل في يديه كومةً من تراب، فضحكنا منه حتى بلغ منا الضحك مبلغه، وظننا ألّا سبيل إلى مزيد من سخفٍ من طرفه وضحك من طرفنا، إلا أنه زادنا ضحكًا حين رمى كومة التراب فعفّر بها وجهه، ولقد سقط في أيدينا فوجدناه خليطًا لا يكاد يتجانس، خليطًا من جهلٍ وتعالم، وتدليسٍ وتظاهرٍ بالشرف، ووقاحةٍ وتظاهرٍ بالأدب.


وسأعرض آلته الهزيلة التي ظنها تكفي لردم البحرين، مصرحًا بحاله من كذبٍ وتدليس، غير آبهٍ لما يقال عنه "شخصنة"، ولا ملتفتٍ لما يقال عنه "عدم موضوعية"، ولستُ أدري ما أصل تلك اللوثة الغريبة، أن يكون قولك لمن كذب "كذاب" شيئًا مستهجنًا، فهل يقوم كذب بغير فاعل؟! ولا أدري متى كانت مواجهة المدلس بحقيقته بعدًا عن الموضوعية؟! والذي أدريه أن المذموم حقًّا هو الاستدلال بالحياة الشخصية لإنسان على ردّ ما يأتي به ولو كان حقًّا، أما الاستدلال بما يأتي به الإنسان على صفاته الشخصية فليس لذلك موضعٌ في المذمة!!

حسام الدين حامد
11-10-2008, 10:57 PM
أولًا : وفد كندة !!


كان ربيعة بن الحارث والعباس بن عبد المطلب تاجرين، وكانا يقولان إنهما من بني آكل المرار من كندة يتعززون بذلك؛ لأن بني آكل المرار من كندة كانوا ملوكًا.

قال ابن القيم رحمه الله:
( قال الزهري وابن إسحاق: كانا - أي العباس وربيعة - تاجرين وكانا إذا سارا في أرض العرب فسئلا من أنتما ؟ قالا: "نحن بنو آكل المرار" يتعززون بذلك ويدفعون به عن أنفسهم؛ لأن بني آكل المرار من كندة كانوا ملوكًا........

وآكل المرار هو: الحارث بن عمرو بن حجر بن عمرو بن معاوية بن كندة، وللنبي صلى الله عليه وسلم جدة من كندة مذكورة وهي أم كلاب بن مرة) " زاد المعاد، وعزا المحقق كلام الزهري وابن إسحاق إلى "السيرة النبوية" و " البداية والنهاية" كليهما لابن كثير رحمه الله".

فلما مُكّن للإسلام في الأرض ووفدت الوفود على رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان فعل العباس وربيعة دافعًا لأن يتقدم الأشعث بن قيس أفضل من في وفد كندة ليسأل عن هذا الأمر (يا رسول الله !! نحن بنو آكل المرار وأنت ابن آكل المرار.) "السيرة النبوية لابن كثير".

ولنترك الحكاية كاملة للأشعث بن قيس إذ يقول:
قدِمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفدَ كندة ولا يرون إلا أني أفضلهم، قلتُ : يا رسول الله ألستم منا؟!
قال: لا !! نحن بنو النضر بن كنانة، لا نقفو أمنا ولا ننتفي من أبينا !!
فكان الأشعث بن قيس يقول: لا أوتي برجل نفى رجلًا من قريشٍ من النضر بن كنانة إلا جلدته الحد ."رواه ابن ماجة وحسنه الألباني ".

فالأشعث بن قيس لما سأل كان جواب النبي صلى الله عليه وسلم بالنفي، وأنه لا يترك النسب إلى الآباء وينتسب للأمهات كما كان يفعل العباس وربيعة، إذ الانتفاء من الآباء والانتساب للأمهات فيه رمي للأمهات بالفجور وإن لم يقصد إليه المرء، وهذين المعنيين يحتملهما لفظ الحديث وسببه إذ ( قفا فلانٌ فلانًا إذا قذفه بما ليس فيه، وقيل معناه: لا نترك النسب إلى الآباء وننتسب إلى الأمهات) "النهاية في غريب الحديث".


ولما فهم الأشعث الجواب أغلظ القول فيمن ينسب أحدًا من قريش إلى غيرهم اتباعًا لنسب أمه أو جدته وتركًا لنسب الآباء والأجداد..

الخلاصة: كان البعض من قريش ينسب نفسه إلى كندة اتباعًا لأمه أو جدته، فسأل أفضل من في وفد كندة رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فرفض النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، ونهى عن الانتساب للأمهات دون الآباء، إذ في ذلك رميٌ للأمهات بالفجور وإن لم يقصد المنتسب لأمه ذلك، ففهم الأشعث الأمر وتوعد كل من ينفي رجلًا من قريش ينسبه لأمه بحد القذف !!


أليس هذا واضحًا ؟! أليس هو ظاهر الوضوح ؟!!

فانظروا إلى هذا الجاهل كيف فهم الحديث ..

قال : (* بلغ النبي صلعم أن رجالاً من كندة يزعمون أنهم منه وأنه منهم، فقال إنما كان يقول ذلك العباس وأبو سفيان ابن حرب إذا قدما المدينة فيأمنا بذلك، وإنا لن ننتفي من آبائنا، نحن بنو النضر بن كنانة.......... (*)البداية والنهاية لأبن كثير باب تزويج عبد المطلب أبنه عبد الله ج2ص 316 ).

فنقل الحديث من "البداية والنهاية" وتغاضى عن قول ابن كثير رحمه الله عقبة مباشرة (وهذا حديثٌ غريبٌ جدًّا من حديث مالك، تفرد به القدامي وهو ضعيف.) والكاتب لا يعرف شيئًا عن قواعد التوثيق حتى إنك ستراه - بعد ذلك - يكتفي بحذف الإسناد ووضع (...............) مكانه وكأن الإسناد لغوٌ لا ضير من حذفه !

ولم يكتفِ بنقله لحديثٍ ضعيف وجهله بالحديث المقبول الحسن، بل زاد فعلق فاضحًا جهله بقوله (نجد أن العباس وأبو سفيان ابن حرب قالا أن محمدا من كندة وليس من بني هاشم وأعترف محمد بذلك).

ففهم المسكين الجاهل أن أبا سفيان والعباس كانا ينسبان محمدًا صلى الله عليه وسلم بينما هما كان ينسبان نفسيهما حتى يأمنا على تجارتهما، وفهم المدلس أن النبي صلى الله عليه وسلم اعترف بأن العباس وأبا سفيان كان ينسبانه لكندة، بينما النبي صلى الله عليه وسلم يقول إنهما كانا ينسبان نفسيهما ليأمنا على تجارتهما ورفض النبي صلى الله عليه وسلم فعلتهما .

أرأيت إلى حمقٍ في الفهم كهذا؟! أرأيت خلطًا للأمور كهذا؟! فكيف يفهم مثل هذا؟! وكيف يكتب مثل هذا؟! وكيف يقرأ امرؤ لمثل هذا؟!

يتبع إن شاء الله ..

عبدو_ازرق
11-11-2008, 04:05 PM
شكرا عزيزي صراحة
هدا الكتاب المدلس فيه تهجم واضح وحقد كامن للرسول وللدين الاسلامي
لكن ما اتر في هو تهجمه على امهاتنا وعلى عفتهن
كما ان الملعون
يتوارى عن دكر حقائق كتيرة
من السيرة العطرة
هدا هو 2رد شاهدته على هدا الكتاب المفبرك
تحياتي

حسام الدين حامد
11-11-2008, 04:30 PM
أخي الحبيب عبدو-أزرق

سيتم الرد على كل الكتاب من أوله إلى آخره بإذن الله تعالى ... وإن كان هناك نقطة بعينها ملحة فضعها في قسم الحوارات الخاصة ..

فإن كانت نقطة تريد جوابها فستجده .. وإن كانت لا تريدها فلك أن ترى من خلال الرد كيف أن أهل الباطل لا يستطيعون إلا انتهاج الباطل من مراوغة وكذب وتدليس وتحريف حين ينتقدون الحق .. فلن يخلو الأمر من فائدة في الحالتين بفضل الله .

حفظك الله من كل سوء.

حسام الدين حامد
12-18-2008, 10:20 PM
ثانيًا : إسنادٌ تالف!!

زعم الجاهل أنّ عبد المطلب وابنه عبد الله تزوجا في مجلسٍ واحدٍ، وأن عبد الله توفيّ وآمنة حامل برسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن حمزة بن عبد المطلب أكبر من رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع سنوات، فكيف يكون الزواج في نفس المجلس على الحالة السابقة والأبناء ليسا من سنّ واحد؟!

قلنا : سلمنا أن عبد الله مات وآمنة حامل مع أن هذا مختلف فيه، وسلمنا أنّ حمزة رضي الله عنه أكبر من رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع سنين مع أن هذا مختلف فيه .. فأين الرواية التي تثبت زواج عبد المطلب وعبد الله في مجلس واحد ؟!

فإذا بالجاهل اعتمد على رواية فيها من الضعف ما لو كان بجبلٍ لذهب بأصله، ثم حرّف الرواية وزاد فيها وأخذ، ولنبدأ بالرواية الأصلية دون تحريف وزيادة:


قال محمد بن سعد في كتابه " الطبقات الكبرى " :

قال: حدثنا محمد بن عمر بن واقد الأسلمي قال: حدثني عبد الله بن جعفر الزهري عن عمته أم بكر بنت المسور بن مخرمة عن أبيها قال:
وحدثني عمر بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عن يحيى بن شبل عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين قالا:
كانت آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب في حجر عمها وهيب بن عبد مناف بن زهرة، فمشى إليه عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بابنه عبد الله بن عبد المطلب أبي رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فخطب عليه آمنة بنت وهب فزوجها عبد الله بن عبد المطلب، وخطب إليه عبد المطلب ابن هاشم في مجلسه ذلك ابنته هالة بنت وهيب على نفسه فزوجه إياها، فكان تزوج عبد المطلب بن هاشم وتزوج عبد الله بن عبد المطلب في مجلس واحد، فولدت هالة بنت وهيب لعبد المطلب حمزة بن عبد المطلب، فكان حمزة عم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في النسب وأخاه من الرضاعة.

وأي إنسان على ذروٍ من تحقيقٍ وتثبُّتٍ ينظر في هذا الإسناد سيجد فيه:

أولًا :
محمد بن عمر هذا هو الواقدي، وقد استقر إجماع من يعتد به من أهل العلم على ضعفه وترك حديثه، قال فيه النووي في المجموع (ضعيف عند أهل الحديث وغيرهم)، وقال فيه الذهبي في "السير" (انعقد الإجماع اليوم على أنه ليس بحجة وأن حديثه في عداد الواهي)، وقال فيه البخاري (متروك الحديث تركه أحمد وابن المبارك وابن نمير وإسماعيل بن زكرياء) " عن تهذيب التهذيب".

إنه الواقدي الذي اتهمه غير واحدٍ من أهل العلم بالكذب كالنسائي وابن المديني وبندار وإسحاق بن راهويه وحكاه البخاري عن الإمام أحمد بن حنبل " تهذيب الكمال وغيره" ؟! فكيف تقبل رواية متهم بالكذب؟!

إنه الواقدي الذي قال عنه بعضهم إنه "ثقة"، فكان توثيقهم أدنى من أن يلتفت إليه كما قال الذهبي في "السير" (لا عبرة بتوثيق من وثقه ......إذ قد انعقد الإجماع اليوم على أنه ليس بحجة)، إذ توثيق هؤلاء القلة مخالف للقواعد كما قال الألباني رحمه الله إن مَن وثق الواقدي فقد (خالف ما عليه المحققون من الأئمة قديمًا وحديثًا، ولمنافاته علم المصطلح على وجوب تقديم الجرح المفسر على التعديل، وأي جرحٍ أقوى من الوضع؟!) "دفاع عن الحديث النبوي".

ولو قبلنا من الواقدي حكاياتٍ عن المغازي وتاريخ الصحابة فإن ذلك يكون دون احتجاجٍ به، فالأمر كما قال الذهبي رحمه الله (وقد تقرر أن الواقدي ضعيفٌ يُحتاج إليه في الغزوات والتاريخ، ونورد آثاره من غير احتجاج، أما في الفرائض فلا ينبغي أن يذكر، فهذه الكتب الستة ومسند أحمد وعامة من جمع في الأحكام نراهم يترخصون في إخراج أحاديث أناس ضعفاء - بل ومتروكين - ومع هذا لا يخرجون لمحمد بن عمر شيئًا)"سير أعلام النبلاء".

على أن حكايات الواقدي يُحتاج إليها في الغزوات وتاريخ الإسلام ولا يعتد بها في الجاهلية، عن إبراهيم الحربي أنه قال ( كان الواقدي أعلم الناس بأمر الإسلام وأما الجاهلية فلم يعلم منها شيئًا) "تهذيب التهذيب".

فهذا الواقديّ متروكٌ وحديثه واهٍ بالإجماع، وأخباره تُروى في الغزوات والتاريخ دون احتجاجٍ بها، وحكاياته عن الجاهلية لا يعتد بها، فكيف نقبل روايته في شأن حدث في الجاهلية بل ونعتد بها ؟!

فهل الواقديّ هو الآفة الوحيدة في هذا الإسناد؟!!

ثانيًا:
متى وُلِد المسور بن مخرمة رضي الله عنه ؟!

إنّ المؤرخين جميعًا (لم يختلفوا أن مولده كان بعد الهجرة)"تهذيب التهذيب"!!
فكيف تصح هذه الرواية عن المسور بن مخرمة في الحديث عن زواج والد النبي صلى الله عليه وسلم وهو الذي لم يولد إلا بعد الهجرة؟!

فهل انتهى الأمر عند الانقطاع بين المسور بن مخرمة ووقت زواج عبد الله بن عبد المطلب ؟!

ثالثًا:
أضف إلى ذلك أن "عمر بن محمد" هذا هو الذي قال فيه ابن حجر رحمه الله (مجهول الحال) "تقريب التهذيب".

فهل انتهى الأمر عند جهالة حال عمر بن محمد؟؟

رابعًا:
أليس يحيى بن شبل هذا هو الذي قال فيه الذهبي رحمه الله ( لا يعرف ) "ميزان الاعتدال" ؟!

فهل انتهى الأمر عند ذلك ؟؟

خامسًا:

أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين رحمه الله كان مولده كما قال الذهبي رحمه الله في سيره (ولد سنة ستٌّ وخمسين في حياة عائشة وأبي هريرة أرّخ ذلك أحمد بن البرقي) ..

وذلك يعني ببساطة أنه ولد بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم وموت أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم، وذلك يعني ببساطة – كذلك – أنه لم يحضر زواج والد النبي صلى الله عليه وسلم.

فها هو إسنادٌ فيه الواقدي وقد علمتَ حاله، فهو متروكٌ وحديثه واهٍ بالإجماع، وأخباره تُروى في الغزوات والتاريخ دون احتجاجٍ بها، وحكاياته عن الجاهلية لا يعتد بها، ثم فيه الانقطاع بين المسور بن مخرمة ووقت زواج عبد الله بن عبد المطلب، ثم فيه جهالة حال عمر بن محمد، ثم فيه جهالة يحيى بن شبل، ثم فيه الانقطاع بين أبي جعفر محمد بن عليّ ووقت زواج عبد الله بن عبد المطلب.

فهل انتهى الحال عند هذا الإسناد المثخن بالانقطاع والضعفاء والمجاهيل ؟!؟!

لا ..

سادسًا:

هذه الرواية تخالف روايةً أقوي منها:


حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بن حَمْدَانَ الْحَنَفِيُّ الأَصْبَهَانِيُّ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بن أَحْمَدَ الْجَوَارِبِيُّ الْوَاسِطِيُّ ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بن مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بن عِمْرَانَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن جَعْفَرٍ الْمَخْرَمِيِّ ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ مَوْلَى الْمِسْوَرِ بن مَخْرَمَةَ ، عَنِ الْمِسْوَرِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : قَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ : " خَرَجْتُ إِلَى الْيَمَنِ فِي إِحْدَى رِحْلَتَيِ الإِيلافِ ، فَنَزَلْتُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ ، فَرَآنِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الدُّيُورِ ، فَنَسَبَنِي فَانْتَسَبْتُ لَهُ ، فَقَالَ : أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَنْظُرَ إِلَى بَعْضِكَ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، مَا لَمْ تَكُنْ عَوْرَةً ، فَفَتَحَ إِحْدَى مَنْخَرَيَّ فَنَظَرَ ، ثُمَّ نَظَرَ فِي الآخَرِ ، فَقَالَ : أَشْهَدُ أَنَّ فِي إِحْدَى يَدَيْكَ مُلْكًا ، وَفِي الأُخْرَى نُبُوَّةً ، وَإِنَّا لَنَجِدُ ذَلِكَ فِي بني زُهْرَةَ ، فَكَيْفَ ذَلِكَ ؟ قُلْتُ : لا أَدْرِي ، قَالَ : هَلْ لَكَ مِنْ شَاعَةٍ ؟ قُلْتُ : وَمَا الشَّاعَةُ ؟ قَالَ : زَوْجَةٌ ، قُلْتُ : أَمَّا الْيَوْمَ فَلا ، قَالَ : فَإِذَا رَجَعْتَ فَتَزَوَّجْ فِي بني زُهْرَةَ ، فَرَجَعَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ ، فَتَزَوَّجَ هَالَةَ بنتَ وُهَيْبِ بن عَبْدِ مَنَافِ بن زُهْرَةَ ، فَوَلَدَتْ لَهُ حَمْزَةَ وَصَفِيَّةَ ، وَزَوَّجَ عَبْدَ اللَّهِ ابْنَهُ آمِنَةَ بنتَ وَهْبٍ ، فَقَالَتْ قُرَيْشٌ : نَتَجَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ عَلَى ابْنِهِ ، فَوَلَدَتْ لَهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَكَانَ حَمْزَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَخَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الرَّضَاعَةِ ، أَرْضَعَتْهُمَا ثُوَيْبَةُ مَوْلاةُ أَبِي لَهَبٍ ، وَكَانَ أَسَنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " .

( المعجم الكبير للطبراني، ومثلها في مستدرك الحاكم، ودلائل النبوة للبيهقي، ودلائل النبوة للأصبهاني، وعيون الأثر لابن سيد الناس، وتاريخ دمشق لابن عساكر ).

فهذه الرواية متصلة الإسناد إلى العباس بن عبد المطلب يحدّث فيها عن أبيه عبد المطلب، وأنه لمّا تزوج من هالة بنت وهيب أنجب منها حمزة وصفية، ثم تزوج عبد الله من آمنة فقالت قريش حينئذٍ " غلب عبد الله أباه "، وهذا هو ما يفهمه كل عربيّ من تلك الرواية، وهكذا فهمها ابن كثير رحمه الله فأوردها قائلًا (فرجع عبد المطلب فتزوج هالة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة، فولدت حمزة وصفية، ثم تزوج عبد الله بن عبد المطلب آمنة بنت وهب، فولدت رسول الله صلى الله عليه وسلم) " السيرة النبوية".

لكن إسناد هذه الرواية آفته من (عبد العزيز بن عمران) فإنه متروك، لكنه لم يتهم بالكذب، وكان عارفًا بالأنساب "انظر : لسان الميزان – وتقريب التهذيب ".

فهذه الرواية أقوى من رواية الواقديّ الذي اتهم بالكذب ولم يعرف من أمر الجاهلية شيئًا، وليس فيها مثل ما في رواية الواقدي من جهالات وانقطاعات.

إذن .. رواية الواقدي ضعيفة الإسناد مسلسلة بالضعف والجهالة والانقطاع .. مخالفةٌ لرواية أقوى منها ..

فانظروا إلى آدميّ "!!" يأتي ليستدل بهذه الرواية كيف فعل بها !!

قال (* عن محمد بن عمر بن واقد الأسلمي .. .. عن أبى جعفر محمد بن علىّ بن الحسين قالا: كانت آمنة في حجر عمها وهيب بن عبد مناف بن زهرة فمشى إليه عبد المطلب بن هاشم بابنه عبد الله أبى رسول الله صلعم فخطب ؛ عليه آمنة بنت وهب فزوجها عبد الله ؛ وخطب إليه عبد المطلب في مجلسه ابنته هالة بنت وهيب على نفسه ؛ فزوجه إياها فكان تزوج عبد المطلب وتزوج عبد الله في مجلس واحد ؛ فولدت هالة بنت وهيب لعبد المطلب حمزة بن عبد المطلب ؛ فكان حمزة عم رسول الله صلعم في النسب وأخاه من الرضاعة. لما تزوج عبد الله بن عبد المطلب آمنة بنت وهب أقام عندها ثلاثا وكانت تلك السنة عندهم إذا دخل الرجل على امرأته في أهلها. )

فهو أولًا : يضع مكان الإسناد (......) وكأنه شيءٌ ثانويٌّ لا يعنينا الالتفات إليه !! ولا عجب ولا بدع !! فإن ذاك الجاهل من أمةٍ لا تعرف شيئًا عن الإسناد!!

وهو ثانيًا: أضاف إلى الرواية ما ليس منها فقال ( لما تزوج عبد الله بن عبد المطلب آمنة بنت وهب أقام عندها ثلاثا وكانت تلك السنة عندهم إذا دخل الرجل على امرأته في أهلها.) وهذه الزيادة ليست من تلك الرواية في شيءٍ، وهذا تدليس وكذب.

أضف إلى ذلك ما سبق: من استدلاله برواية فيها متروكٌ متهمٌ بالكذب لا يعوَّل عليه في أخبار الجاهلية، وفوق ذلك ففي إسنادها مجاهيل، وفيها انقطاع يصل إلى عشرات السنين بين المسور بن مخرمة وزواج عبد الله بن عبد المطلب و بين أبي جعفر وزواج عبد الله بن عبد المطلب، وهي فوق ذلك مخالفة لروايةٍ أخرى أقوى منها !!