المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحلم



لطفي
11-20-2008, 11:07 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
من أسماء الله الحسنى :(الحليم) :
أيها الأخوة الكرام ، لا زلنا في اسم "الحليم" .
تعاريف اسم الحليم :
الله سبحانه وتعالى حليم ، و "الحليم" من كان صفاحاً عن الذنوب ، ستاراً للعيوب ، من أدعية بعض الصالحين :
(( اللهم لا تقطعنا بقواطع الذنوب ، ولا بقبائح العيوب )) .
الذنوب والعيوب تحجب عن الله عز وجل ، فالحليم من كان صفاحاً عن الذنوب ، ستاراً للعيوب .
و "الحليم" الذي غفر بعد ما ستر .
و "الحليم" يحفظ الود ، ويحسن العهد ، وينجز الوعد .
و "الحليم" يُسبل ستره على العصاة ، ويسحب ذيل عفوه على الفجار .
و "الحليم" هو الذي لا يستخفه عاصٍ ، ولا يستفزه طغيان طاغٍ .
من رحمة الله و حلمه تأخير عقوبة الإنسان :
أيها الأخوة ، عمير بن وهب ، التقى بصفوان بن أمية في الفلاة ، قال : يا صفوان ، لولا ديون لزمتني ما أطيق سدادها ، ولولا أولاد صغار أخشى عليهم العنت من بعدي ، لذهبت وقتلت محمداً ، وأرحتكم منه ، انتهزها صفوان ، وقال له : أما أولادك فهم أولادي ، ما امتد بهم العمر ، وأما ديونك فهي عليّ بلغت ما بلغت ، فامضِ بما أردت ، ولا تقف ، سقى سيفه سماً ، وامتطى راحلة ، وتوجه إلى المدينة ، وقد يسأل أحدكم : ألا يخاف أن يُقتل هناك ؟ هو ذهب بغطاء أن يفتدي ابنه من الأسر ، فلما وصل إلى المدينة رآه سيدنا عمر قال : هذا عدو الله عمير جاء يريد شراً ، قيده بحمالة سيفه ، وساقه إلى النبي ، دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال يا عمر أطلقه فأطلقه ، قال : يا عمر ابتعد عنه ، ابتعد عنه ، قال : يا عمير ادنُ منا ، دنا منه ، قال له : سلّم علينا ، قال له : عمت صباحاً يا محمد ، قال له : قل السلام عليكم ، قال له : هذا سلامنا ، بمنتهى الغلظة ، والفظاظة ، قال له : يا عمير ما هذه السيف التي على عاتقك ؟ قال له : قاتلها الله من سيوف ، وهل نفعتنا يوم بدر ؟ قال له : يا عمير ألم تقل لصفوان لولا ديون لزمتني ما أطيق سدادها ، ولولا أطفال صغار أخشى عليهم العنت من بعدي لذهبت وقتلت محمداً ، وأرحتكم منه ؟ فوقف ، وقال له : أشهد أنك رسول الله ، لأن الذي دار بيني وبين صفوان لا يعلمه أحد إلا الله ، وأنت رسوله ، وأسلم .
صفوان بن أمية كان يقف بظاهر مكة كل يوم ينتظر الخبر السار بالنسبة إليه ثم علم أن عمير قد أسلم .
لولا أن الله أخّر عقابه لكان مصيره إلى النار ، لكن الله حليم ، لذلك قال بعضهم : إن الله جلّ جلاله علم ما كان ، وعلم ما يكون ، وعلم ما سيكون ، وعلم ما لم يكن لو كان كيف كان يكون ، علم الله بأن هذا الإنسان ينطوي على خير ، تأخرت العقوبة عنه فكانت تأخير العقوبة عنه سبب نجاته ، وإسلامه .
الحليم اسم من أسماء الأفعال ومن أسماء الصفات :
إذاً "الحليم" هو الذي يؤخر العقوبة ، وكلكم يعلم أن الأسماء الحسنى منها ما هو اسم ذات ، منها ما هو اسم صفة ، منها ما هو اسم فعل ، فإذا أخّر الله العقوبة عن إنسان متلبس بمعصية فمعنى ذلك أن "الحليم" من أسماء الأفعال ، وللتقريب :
لو أن إنساناً أخّر عقوبة عن إنسان ، وكان في داخله يغلي حقداً وألماً لا يسمى حليماً ، الإنسان الحليم في داخله هدوء وصفاء ، فإذا كان الحلم يعني أن الصفة التي يتصف بها الإنسان صفة صفاء ، وصفة سلام ، أيضاً يمكن أن نعد اسم "الحليم" من أسماء الصفات ، فالحليم من أسماء الأفعال ، ومن أسماء الصفات .
أيها الأخوة ، النقطة الدقيقة أن النبي عليه الصلاة والسلام قال :
(( إنما العلم بالتعلم ، وإنما الحلم بالتحلم ، وإنما الكرم بالتكرم )) .
[أخرجه الطبراني عن أبي الدرداء ] .
يعني هذه الصفة الرائعة كاد الحليم أن يكون نبياّ ، الحلم سيد الأخلاق ، هذه الصفة الرائعة في الإنسان متى تكون تصنعاً ، ومتى تكون تطبعاً ؟ الفرق كبير .
التحلم يفضي بالإنسان أن يتصل بالله و يُقبل عليه :
الحقيقة أيها الأخوة ، إنني أقول دائماً يمكن أن تتقرب إلى الله بكمال مشتق من كماله ، والإنسان يتصنع الحلم ، يضبط نفسه ، يضغط على أعصابه ، لا يحرك ساكناً ، يعفو ، ما دام يتصنع الحلم دفع ثمن هذا التخلق بهذا الخلق ، التحلم يفضي بك إلى أن تتصل بالله يعني عاكست نفسك .
﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ ﴾ .
( سورة النازعات الآية : 40 ) .
منعها أن تنتقم ، منعها أن تبطش ، ضبط نفسه ، هذا الضبط هو التحلم ، والتحلم ثمن الاتصال بالله ، بعد الاتصال بالله يكون الحلم الحقيقي ، فالحلم يكون تصنعاً ، وهو الثمن ويكون تطبعاً وهو الثمرة ، تتحلم فتقبل ، فيقذف الله في قلبك هذا الخلق الكريم ، فتغدو حليماً فالحلم تطبع ، والحلم تصنع ، التصنع ثمن التطبع .
المؤمن لا يحقد بل يقابل الإساءة بالإحسان :
لذلك الله عز وجل قال :

﴿ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ .
( سورة آل عمران الآية : 134 ) .
فكأن الإنسان المؤمن يمر بهذه المراحل الثلاث ، أولاً يكظم غيظه ، بعدئذ يعفو في نفسه ، بعدئذٍ يقابل الإساءة بالإحسان ، لذلك قال تعالى : ﴿ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ .
﴿ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴾ .
( سورة فصلت ) .
هذه صفة المؤمن يرد على الإساءة بالإحسان ، والمؤمن لا يحقد ، لأنه موحد ، والحقد يتولد من الشرك الخفي .
(( وأخوف ما أخاف على أمتي الشرك الخفي ، أما إني لست أقول إنكم تعبدون صنماً ولا حجراً ، ولكن شهوة خفية ، وأعمال لغير الله )) .
[ورد في الأثر]
أحد العارفين ذو النون المصري ، شعر بضيق ، وبتشتت ، وشعر بضياع فقال : أين قلبي ؟ يعني هناك قول يلفت النظر :
يقول الحسن البصري : من صلى فلم يشعر بشيء ، من قرأ القرآن فلم يشعر بشيء ، من ذكر الله فلم يشعر بشيء ، فليعلم أنه لا قلب له .
الشدائد تسوق الإنسان إلى باب الله عز وجل :ذو النون المصري ، شعر بضيق ، وتشتت ، وشعر بضياع فقال : أين قلبي أين ضاع قلبي ؟ قلبي في ضياع ! وفي طريقه في بعض أزقة المدينة رأى باباً يُفتح ، ورأى أماً تضرب ابنها ، وتلقيه خارج البيت ، وتغلق الباب ، جلس هذا الطفل يبكي ، أين يذهب ؟ إلى أي بيت يدخل ؟ من يسأل ليطعمه ؟ أين ينام ؟ فما كان منه إلا أن عاد إلى باب البيت وجلس على عتبة الباب يبكي ، وكانت أمه من رحمتها الشديدة تنظر إليه من ثقب الباب ، فما كان منها إلا أن فتحت الباب ، وأخذت ابنها ووضعته في حضنها ، وقالت : يا قرة عيني ، يا عزيز نفسي ، أنت الذي حملتني على ما تكره ، لو أطعتني لما رأيت مني ما تكره ، فصاح هذا العارف بالله : وجدت قلبي ، وجدت قلبي .
يعني أي شيء تكرهه ألمّ بك فاعلم أنه محض رحمة من الله ، أراد أن يعالجك ، أن يقربك إليه ، أن يلفت نظرك .

﴿فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ ﴾ .
( سورة الأنعام ) .
(( رأيت أناساً يساقون إلى الجنة في السلاسل )) .
[أخرجه الطبراني عن أبي الفضيل ] .
فهذه الشدائد أحياناً تسوقنا إلى باب الله ، هذه المصائب .
(( يا عبادي إني حَرَّمتُ الظُّلمَ على نفسي ، وجعلتُه بينكم محرَّما ، فلا تَظَالموا يا عبادي ، كُلُّكم ضالّ إلا مَنْ هَدَيتُه ، فاسْتَهدُوني أهْدِكم ، يا عبادي ، كُلُّكم جائع إلا مَنْ أطعمتُهُ ، فاستطعِموني أُطْعِمْكم )) .
[أخرجه مسلم والترمذي عن أبي ذر الغفاري ] .
(( لو أنَّ أوَّلَكم وآخرَكم وإنْسَكم وجِنَّكم ، كانوا على أتْقَى قلب رجل واحدِ منكم ما زاد ذلك في مُلْكي شيئاً ، يا عبادي ، لو أنَّ أوَّلَكم وآخرَكم ، وإنسَكم وجِنَّكم ، كانوا على أفجرِ قلب رجل واحد منكم ، ما نقص ذلك من ملكي شيئاً ، يا عبادي ، لو أنَّ أوَّلكم وآخرَكم ، وإنسَكم وجِنَّكم ، قاموا في صعيد واحد ، فسألوني ، فأعطيتُ كُلَّ إنسان مسألتَهُ ما نقص ذلك مما عندي إلا كما يَنْقُص المِخْيَطُ إذا أُدِخلَ البحرَ ، ذلك لأن عطائي كلام وأخذي كلام ، فمن وَجَدَ خيراً فليَحْمَدِ الله ، ومن وجد غير ذلك ـ هنا ـ فلا يَلُومَنَّ إلا نَفْسَهُ )) .
[أخرجه مسلم والترمذي عن أبي ذر الغفاري ] .
الحلم حارس أمين يحول بين الإنسان وبين حماقات كبيرة :أيها الأخوة ، الحلم حارس أمين يحول بين الإنسان وبين حماقات كبيرة ، نقيض الحلم الغضب ، والفوران ، فالحليم يحمي نفسه من حماقات كبيرة ، والحلم حارس أمين فالحماقات قد تؤدي بصاحبها إلى الهلاك ، يعني بساعة غضب شديد يُطلق زوجته ، يشرد أولاده ، يهدم بيته ، أما الحلم سيد الأخلاق .
أيها الأخوة ، قد يكون الحلم فضلاً عن أنه حارس أمين يكون سبباً لتكون هادياً وداعياً إلى الله عز وجل ، صفة الحلم ، والأناة ، والتروي من صفات الدعاة إلى الله عز وجل .
من خلق الإيمان أن تدعو للناس بالهداية و التوفيق :
شيء آخر ، قال مالك بن دينار : كان لي جار يتعاطى الفواحش الكثيرة وجيرانه يتأذون منه ، ويمقتونه ، فشكوا إليّ ، فأحضرناه ، ونصحناه ، إما أن تتوب ، وإما أن ترحل ، فأبى أن يفعُ واحدة منهما ، قلنا له نشكوك إلى السلطان ، قال : السلطان يعرفني ، قلنا ندعو الله عليك ، فقال : اللهم أرحم بي منكم ، فغاظني ذلك ، فلما أمسيت قمت وصليت ودعوت عليه ، فوقع في قلبي هاتف ، لا تدعو عليه ، ادعُ له .
كلما ارتقى إيمانك تدعو للآخر ، ولا تدعُ عليه ، بل ادعُ له بالتوفيق ، يعني النبي عليه الصلاة والسلام حينما كُذب بالطائف ، وحينما أغرى أهل الطائف صبيانهم أن يضربوه ، وسال الدم من قدمه الشريفة وجاءه جبريل ، وقال : يا محمد أمرني ربي أن أكون طوع إرادتك ، لو شئت لأطبقت عليهم الأخشبين ، قال : لا يا أخي ، اللهم اهدِ قومي فإنهم لا يعلمون ، لعل الله يخرج من أصلابهم من يوحده .
من خلق الإيمان أن تدعو للناس بالهداية ، يبدو أن هذا الشاب تاب توبة نصوحة وعاد إلى الله ، واتفق أن رآه الذي دعا عليه أولاً ، ثم دعا له بالتوفيق ، أن رآه في موسم الحج يطوف ويبكي .
التلطف و العطف و الشفقة مع العصاة أفضل ألف مرة من الشتم و الضرب و التعنيف :
هناك قصة لها مغزى ومؤثرة ، قال الإمام مالك بن دينار : بينما هو ماشي في الطريق رأى رجلاً مخموراً ، طرحته الخمرة أرضاً ، والزبد على شفتيه ، ويقول : الله ، الله وهو في حالة الهذيان ، فعظم على هذا الإمام أن يخرج هذا الاسم (اسم الجلالة) من فم نجس ، وتلطف معه ، ومسح فمه ، وأكرمه على الرغم من سكره ، وبعد أن صحا قيل لهذا السكران : أتدري من اعتنى بك واهتم بحالك ؟ إنه الإمام مالك ، يبدو أن هذه العناية اللطيفة بهذا العاصي أثارت حساسيته .
إخوانا الكرام ، أحياناً العصاة عندهم رقة ، مغلوبون ، يعصون الله ويبكون فالداعية الناجح يتلطف مع هؤلاء ، يحتويهم ، يأخذ بيدهم .
هذا المغني الذي أزعج أبا حنيفة سنوات طويلة بغنائه وعوده في الليل ، وله أغنية مشهورة ، أضاعوني وأي فتىً أضاعوا ، فلما غاب عنه هذا الصوت علم أن به مكروهاً تفقد أحواله فإذا هو في السجن ، ذهب إلى المسؤول عن السجن ليخلصه من السجن ، أبو حنيفة بمكانته ، بعلمه ، بشأنه ، فصاحب السجن إكراماً له أطلق سراحه ، أركبه على دابته أردفه خلفه ، قال : يا فتى ، هل أضعناك ؟ ذاب بكاءً ، وعاهد الله أن يدع الغناء .
يعني أنت إن رأيت عاصياً ، بدل أن تعنفه ، وأن تحتقره ، وأن تشتمه ، وأن تعين الشيطان عليه ، تلطف به ، أره عطفاً ، وشفقة ، وعندئذٍ تعينه على الشيطان ، والفرق كبير جداً أن تعين الشيطان على العاصي ، وبين أن تعين العاصي على الشيطان ، بكى تأثراً وندماً ، وتاب إلى الله عز وجل ، وعاهد أبا حنيفة على أن يدع الغناء .
أكبر عقاب للمؤمن أن يحجب عن الله عز وجل :
أحياناً كما قال ابن عطاء الله السكندري : ربّ معصية أورثت ذلاً وانكساراً خير من طاعة أورثت عزاً واستكباراً ، هناك قصة أرويها كثيراً :
أن شاباً سمع من شيخه قولاً : يا بني إن لكل معصية عقاباً ، هكذا سمع ، يبدو أنه زلت قدمه في مخالفة ، فحسب كلام شيخه توقع المصيبة ، فانتظرها ، زلت قدمه والآن ينتظر المصيبة ، مضى أسبوع ، أسبوعان ، ثلاثة أسابيع ، لم يحدث شيء لا في بيته ، ولا في صحته ، ولا في أولاده ، فتعجب ، ففي أثناء صلاته ناجى ربه ، قال : يا رب لقد عصيتك فلم تعاقبني ، قال : وقع في قلبه أن يا عبدي قد عاقبتك ولم تدرِ ، ألم أحرمك لذة مناجاتي ؟ .
أحياناً يكون أكبر عقاب للمؤمن أن يحجبه الله عنه ، الناس لا يرون شيئاً ، إنسان بكامل صحته ، أموره كلها صحيحة ، لكن محجوب عن الله عز وجل ، هذا من تأديب الله لأوليائه ، الذنب يحجب ، والآية الكريمة :

﴿ كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ﴾ .
( سورة المطففين ) .

البطل من اصطلح مع الله في وقت مبكر :من أطاع عصاك فقد عصاك ، الأب البطل ، المعلم البطل الذي يجعل من إعراضه عن ابنه ، أو عن تلميذه أكبر عقاب له ، أما من استخدم الضرب والتعنيف ذهبت هيبته وكان حاجزاً كبيراً بينه وبين من يربيه .
فهذا الإنسان يتوب من الذنب ، ويرجع ، يتوب ويرجع ، فالشيطان وسوس له إلى متى تتوب وترجع ؟ من أجل أن يقنطه من رحمة الله ، فمرة هذا الشاب الذي يتوب ويرجع صلى ركعتين ، ثم رفع بصره إلى السماء ، وقال : يا من عصمت المعصومين ، ويا من حفظت المحفوظين ، ويا من أصلحت الصالحين ، إن عصمتني تجدني معصوماً ، وإن أهملتني تجدني مخذولاً ، ناصيتي بيدك ، ديوني بين يديك ، يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ، هذه الواقعة يؤيدها القرآن الكريم ، قال تعالى :

﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ .
( سورة الزمر ) .
لذلك قالوا : ما أمرنا الله أن نتوب إليه إلا ليتوب علينا ، وما أمرنا أن نستغفره إلا ليغفر لنا ، وما أمرنا أن ندعوه إلا ليستجيب لنا ، فالبطل هو الذي يصطلح مع الله في وقت مبكر .
الحليم من صبر على أذى الآخرين :سهل بن عمرو الذي تمنى سيدنا عمر أن يضرب عنقه بالسيف ، حين قال للنبي عليه الصلاة والسلام في المفاوضات ، قال له : اكتب هذا ما اتفق عليه محمد رسول الله قال : لا أكتب رسول الله ، لو آمنا بك لما خالفناك ، فقال النبي الكريم : اكتب هذا ما اتفق عليه محمد بن عبد الله ، ما قبل أن يكتب رسول الله ، وكان في منتهى الغلظة ، والقسوة ، فسيدنا عمر هاج ، وماج ، وتمنى أن يعاقبه ، قال له النبي الكريم : لا يا عمر ـ حليم ـ لعلك ذات يوم تسمع منه كلاماً تحمده عليه ، وبعد وفاة النبي أسلم وقال كلاماً يذيب القلب .
أنت لا تعلم ، لكن الله يعلم ، كن حليماً ، تلطف ، كن ذات أناة .
أيها الأخوة الكرام :
(( إنما العلم بالتعلم ، وإنما الحلم بالتحلم ، وإنما الكرم بالتكرم )) .
[أخرجه الطبراني عن أبي الدرداء ] .
والتحلم تصنع الحلم ، والتحلم ثمن الحلم الأصيل الحقيقي ، فالحلم يكون تصنعاً وهو الثمن ، ويكون تطبعاً وهو الثمرة .
والحمد لله رب العالمين
كتبه الدكتور محمد راتب النابلسي .

ميلاااف
11-21-2008, 12:05 AM
ماااحوجنا لهذه الكلمات جزاك الباري خيرا..

لطفي
11-21-2008, 04:29 PM
و جزاك بالمثل اخي الغالي
بارك الله فيك ووفقك لما يحبه و يرضاه

مش فاهم
11-21-2008, 05:26 PM
و "الحليم" يحفظ الود ، ويحسن العهد ، وينجز الوعد .
و "الحليم" يُسبل ستره على العصاة ، ويسحب ذيل عفوه على الفجار .
و "الحليم" هو الذي لا يستخفه عاصٍ ، ولا يستفزه طغيان طاغٍ

والله لقد رأيت هذا رأي العين

جزاك الله خيرا وادخلك الجنة بشفاعه نبيه وحبيبه محمد صلى الله عليه وسلم