المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تعليقات يسيرة حول ما دار من نقاش في قناة الجزيرة...تعدد الزوجات



جمال البليدي
12-11-2008, 05:05 PM
تعليقات يسيرة حول ما دار من نقاش في قناة الجزيرة ...تعدد الزوجات



بسم الله الرحمان الرحيم


الحمد لله الذي رضي لنا الإسلام ديناً، ونصب لنا الدلالة على صحته برهاناً مبيناً، وأوضح السبيل إلى معرفته واعتقاده حقاً يقيناً، ووعد من قام بأحكامه وحفظ حدوده أجراً جسيماً، وذخر لمن وافاه به ثوابا جزيلا وفوزاً عظيماً، وفرض علينا الانقياد له ولأحكامه، والتمسك بدعائمه وأركانه، والاعتصام بعراه وأسبابه.
وأشهد ن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولا ضد له، ولا ند له، ولا صاحبة له، ولا ولد له، ولا كفؤ له، تعالى عن إفك المبطلين، وخرص الكاذبين، وتقدس عن شرك المشركين، وأباطيل الملحدين.
كذب العادلون به سواه، وضلوا ضلالا بعيدا، وخسروا خسرانا مبيناً (ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلى بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون. عالم الغيب والشهادة فتعالى عما يشركون).
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفوته من خلقه وخيرته من بريته، وأمينه على وحيه، وسفيره بينه وبين عباده، ابتعثه بخير ملة وأحسن شرعة، وأظهر دلالة وأوضح حجة، وأبين برهان إلى جميع العالمين أنسهم وجنهم، عربهم وعجمهم، حاضرهم وباديهم، الذي بشرت به الكتب السالفة، وأخبرت به الرسل الماضية، وجرى ذكره في الأعصار في القرى والأمصار والأمم الخالية، ضربت لنبوته البشائر من عهد آدم أبي البشر، إلى عهد المسيح ابن البشر أما بعد:
إن موضوع تعدد الزوجات قد إشتد فيها الجدال وكثر فيها بعد ظهور ما يسمى بالعولمة (الجوهلة) مما أدى بالمنافقين من بني جلدتنا بأن كشروا عن أنيابهم وأظهروا حقدهم وطعنهم في الإسلام متأثرين بالغربيين ودعاة التحرر(التعفن) المزعومين وقد إستطاع هؤلاء أن يروجوا باطلهم وخططهم الماكرة عن طريق الإعلام الذي أصبح بوقا لهم ولمن يحمل افكارهم الهدامة ,وقد سمعت ما دار من حوار على قناة الجزيرة حول هذا الموضوع(تعدد الزوجات) حيث أبدت الكاتبة(إقبال بركة) آرائها الشاذة المناقضة لما جاء في الشرع التي تعتبرها الكاتبة شجاعة وجرأة!! كما تدعي في الكثير من لقاءاتها الصحفية إلا أن هذه الشجاعة المزعومة لا تنطلي إلا على من يسير في فلك أفكارها الهدامة وأراءها المستوردة من وراء البحار .
وقبل أن أعلق وأقف وقفات على ما طرحته الكاتبة أرى أنه من المتعين عليّ إعطاء القراء لمحة عن معاملة الإسلام للمرأة الذي تتجنى عليه (إقبال بركة) وعن الأفكار التي تدافع عنها وتسدل الستار عن عقائدها ومناهجها وأفاعيلها .
فأقول:
الإسلام فقد انتشل المرأة من وهدتها وبدد عنها كوابيس الظلم والظلام والإذلال والاستعباد وأنزلها منزلاً كريماً ومكانة لا نظير لها عند الأمم سواء كانت أماً أو بنتاً أو زوجة أو أختاً .
فقرر الله إنسانيتها من فوق سبع سماوات فقال ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكرٍ وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير ) .
ولم تحتج المرأة المسلمة إلى عقد مؤتمرات لإثبات إنسانيتها وحقوقها فقد قررها الله ورسوله وآمن بها المسلمون .
ولها حق الهجرة والنصرة والحماية من المؤمنين (يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولاهم يحلون لهن) .
وحرم الله من يؤذي المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا).
وتوعد من يفتن المؤمنين والمؤمنات عن دينهم بعذاب جهنم فقال : ( إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق ) .
وأمر الله رسوله الكريم أن يستغفر لنفسه وللمؤمنين والمؤمنات فقال تعالى : (فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات ).
وإذا أراد المنحلون وأعداء الإسلام أن يعرفوا شيئاً عن منزلة المرأة في الإسلام فليمدوا أبصارهم إلى تشييع جنازتها والصلاة عليها ولعل مما يدهش الكفار والمنافقين أن يروا مئات الآلاف في المسجدين الشريفين تنتظم صفوفهم للصلاة على جنازة امرأة مؤمنة أو طفلتها .
فهذه مزايا أعطاها الإسلام للمرأة المؤمنة يستحيل مثلها في أي ديانة محرفة أو مخترعة أو قوانين مزيفة مهما بالغت في تكريم المرأة كما تزعم ، بل الحضارة المعاصرة التي يقودها اليهود والنصارى قد مسخت المرأة مسخاً شنيعاً فجعلتها سلعة رخيصة وملعبة للرجال في ميادين العمل والأسواق ومعارض الأزياء والصحف والمجلات، فكم ترى في هذه الصحف من الصور النسائية الخليعة الفاضحة للنساء ليتلهى بهن الفجار ويستمتعوا بهذه المناظر الفاضحة المخزية ولعل الإحصائيات قد عجزت عن تسجيل حوادث الحمل والأولاد غير الشرعيين .
كل هذا نتيجة للقوانين التي تدعي أنها أنصفت المرأة وأعطتها حقوقها ومنها الحرية والمساواة .
ونتيجة للإعلام الخبيث الذي تشجعه هذه القوانين والأنظمة التي تحارب تشريع الله الخالق الحكيم الذي تضمنه الإسلام كتاباً وسنة ، الذي أعطى كلاً من الرجل والمرأة حقه بشرف وعدل وإنصاف .
هذه هي الأنظمة والقوانين التي يسيل عليها لعاب المنحلين من الإسلام كالعلمانيين واللبراليين والإباحيين في بلاد الإسلام ويريدون أن يجروا المرأة المسلمة إلى مستنقعاتها المهلكة .
لقد أعطى الإسلام كلاً من الرجل والمرأة حقه بالعدل والقسطاس المستقيم فشرع للرجال من الحقوق والواجبات ما يلائم رجولتهم وقواهم وعقولهم واستعدادهم لمواجهة الأخطار وتحمل المشاق وفطرهم التي زودهم الله بها .
وشرع للنساء من الحقوق والواجبات ما يلائم أنوثتهن وضعفهن ونقصهن عن الرجال في العقل والقوة وضعفهن في الاستعداد لمواجهة الأخطار والمشاق .
وقد رضي المسلمون رجالاً ونساءً هذا التشريع الإلهي الحكيم الرحيم واعتبروه من عقائدهم المسلمة .
ومن تفلت منه فليس بالمؤمن ، ويعتبر مستدركاً على الله ورسوله وحاشا مؤمناً بالله ورسله وكتبه أن يقع في ذلك .
وقد راعى الإسلام هذا التفاوت فبنى عليه الحقوق والواجبات لكل من الرجل والمرأة وعليهما بعد حقوق الله فمن حق الله على عباده رجالاً ونساءً أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً وأن يقوموا بأركان الإسلام والإيمان المعروفة .


وقفات مع ما طرحته الكاتبة من شبهات:




بادئ ذي بدأ يجب أن يعلم أنني سمعت الحوار يوم الإعادة(الأربعا 12 ذي الحجة 1429 ) فلم يتسنى لي تدوين أو تسجيل ما جاء في الحوار إنما دونت فقط النقاط التي ذكرتها الكاتبة لتطعن في الإسلام بطريقة ماكرة على أسلوب العلمانيين والمتغربين في تشويه الإسلام والمسلمين ومحاولة تغييره بنظامهم الجديد الذي قد بدت آثاره في الكثير من البلدان كما تقدم دون أدون أن أفرغ كلامها بالنص فليعذرني القراء على ذلك وإلا فكلامها ليس بجديد ولا يختلف عن كلام بني علمان وأتباع ماركس ولينين .


النقطة الأولى :إستدلالها بقوله تعالى({ وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ }[ النساء : 129 ]على أن العدل مستحيل تحقيقه ومنه لا يمكن تعدد الزوجات لكونه مشروط بالعدل.
التعليق:
أ هذا الإستدلال منك أيها الكاتبة إعترافا على وجوب تحكيم شرع الله أم أنه ذر الرماد في العيون على طريقة إعتقد ثم استدل؟!
وإلا:هل تقبلين بنصوص الوحي في مسألة الحجاب الذي تحاربينه بكل هوادة ,وهل تقبلين بنصوص الوحي في مسألة تقليد الكفار والتشبه بهم والتشييد بأفكارهم الهدامة التي تروجين لها في كتبك ولقاءاتك؟!
فإن كانت النصوص الشرعية ذات قيمة عندك لكان الأولى لك أن تحكميها في نفسك وتسعي للدفاع عنها بدلا من محاربتها بإسم الحرية تارة وبإسم التقدم تارة أخرى وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
والرد على هذا الإستدلال من ستة أوجه:
الوجه الأول:
أن العدل المشروط في الآية الأولى { فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء }[ النساء : 3 ] هو غير العدل الذي حكم باستحالته في الآية الثانية { وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ }[ النساء : 129 ] فالعدل في الآية الأولى هو العدل في الأمور المادية المحسوسة والذي يستطيع الإنسان أن يقوم به ، وهو العدل في المسكن والملبس والطعام والشراب والمبيت والمعاملة . أما العدل المستحيل الذي لا يستطيعه الرجل فهو العدل المعنوي في المحبة والميل القلبي.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعدل كل العدل في الأمور المادية بين زوجاته ولكنه صلى الله عليه وسلم كان يميل عاطفياً إلى زوجته السيدة عائشة – رضي الله عنها – أكثر من بقية زوجاته ، وكان صلى الله عليه وسلم يبرر ميله القلبي هذا بقوله : " اللهم هذا قسمي فيما أملك ، فلا تؤاخذني فيما تملك ولا أملك
الوجه الثاني: ليس معقولاً أن يبيح الله تعدد الزوجات ثم يعلقه بشرط مستحيل لا يقدر الإنسان على فعله ، ولو أراد الله سبحانه وتعالى أن يمنع التعدد لمنعه مباشرة وبلفظ واحد، وفي آية / واحدة ، لأن الله قادر على ذلك وعالم بأحوال عباده.
الوجه الثالث :نص الله تعالى في كتابه الكريم على تحريم الجمع بين الأختين فقال تعالى : { وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف } [ النسا : 23 ] كما نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن أن تنكح المرأة على عمتها أو العمة على ابنة أخيها ، أو المرأة على خالتها أو الخالة على بنت أختها . فما هو معنى تحريم الجمع بين الأختين والجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها إذا كان التعدد – أصلاً – محرماً ؟.
الوجه الرابع: ثبت من الحديث النبوي الشريف أن العرب الذين دخلوا في الإسلام كان لدى بعضهم أكثر من أربع زوجات ، وكان لدى قيس بن ثابت عندما أسلم ثمان زوجات ، وكان لدى غيلان بن سلمة الثقفي عشر زوجات ، وكان عند نوفل بن معاوية خمس زوجات فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بأن يقتصر كل واحد منهم على أربع زوجات فقط ويفارق الأخريات. وهذا دليل قوي على إباحة الإسلام للتعدد.
الوجه الخامس: عدد الرسول صلى الله عليه وسلم زوجاته ، وكان في عصمته عندما توفي تسع زوجات . وظل المسلمون يقومون بالتعدد خلال 1400 سنة لفهمهم التام واعتقادهم الراسخ بإباحة الإسلام للتعدد ، ويرى الدكتور مصطفى السباعي أن القائلين بهذه الدعوى الباطلة عبارة عن فريقين ؛ الأول منهما : حسن النية ، رأى هجوم الغربيين ومن يجري في فلكهم على نظام تعدد الزوجات في الشريعة الإسلامية ، فظن أنه يستطيع بهذا القول أن يخلص الإسلام مما يتهمونه به.
الوجه السادس:
جاء في (( صحيح البخاري )) أن سعيد بن جبير قال : ( وقال لي ابن عباس : هل تزوجت؟ فقلت : لا . قال : فتزوج فإن خير هذه الأمة أكثرها نساءً ).
النقطة الثانية :زعمها بأن التعدد يكون سبباً رئيسياً في إهمال تربية النشء
والجواب:
إن الإهمال لا ينجم عن التعدد وحده بل إن له أسباباً كثيرة منها عدم مبالاة الأب بتربية أولاده أو انحرافه عن جادة الصواب بشرب الخمر أو تعاطي المخدرات أو لعب القمار أو مصاحبة رفقاء السوء وغير ذلك. وقد يكون الإهمال نتيجة لاختلاف وقع بين الزوجين حول أمر من الأمور المتعلقة بشئون الأسرة.
كما أن فقد الأطفال لمن يعولهم ويتعهدهم بالرعاية والتوجيه يعد سبباً من الأسباب التي تحول دون تربيتهم تربية سليمة.
أما بخصوص تشرد الأطفال وارتباطه بتعدد الزوجات فيقولمحمود شلتوت: إنه ليس لتعدد الزوجات من حالات التشرد أكثر من (3%) بالمائة وهي نسبة ضئيلة جداً لا يصح أن يذكر بإزائها أن للتشرد أثراً بتعدد الزوجات ، وأن تتخذ تلك العلاقة أساساً للتفكير في وضع حد للتعدد مع ما للتعدد من فوائد اجتماعية كثيرة. واعتمد الشيخ شلتوت في كلامه هذا على إحصائية أجراها مكتب الخدمة الاجتماعية في القاهرة لبحث حالات التشرد.
النقطة الثالثة: زعمها بأن الظروف الإقتصادية لا تسمح بتعدد الزوجات وبالتالي يجب إلغاءه نهائيا.
والجواب:إن قضية تعدد الزوجات قضية اجتماعية ودينية وليست قضية اقتصادية، وأن المشكلات الاقتصادية التي تتعرض لها الأسرة عند تعدد الزوجات أهون بكثير من المشكلات الاجتماعية التي تتعرض لها الأسرة عندما يكون بها عانس أو مطلقة أو أرملة، والأرزاق بيد الله تعالى ، والإنسان لا يضمن رزقه في ظل نظام الزوجة الواحدة ، حتى يشكو منه في ظل تعدد الزوجات. وقد يكون للرجل الواحد زوجة واحدة ولكنها مسرفة مبذرة، وأكثر خطورة اقتصادية من أربع زوجات صالحات مدبرات لدى رجل آخر. وفي العصر الحديث بعض البلاد الإسلامية يزيد دخل الفرد كلما زاد عدد زوجاته، لأن أبواب العمل أصبحت مفتوحة أمام النساء ، وكل امرأة تعمل تحصل على راتب شهري وهذا يتيح للزوجة والزوج فرصة طيبة للادخار والاستثمار ورفع مستوى المعيشة وتحقيق الرفاهية لكل أفراد الأسرة. وحديث عبد الله بن مسعود الذي رواه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في خلق الإنسان بين أن الرزق والأجل والعمل والشقاوة والسعادة تكتب على الإنسان عند نفخ الروح وهو في بطن أمه بعد مضي 120 يوماً .. ولا يخرج أي إنسان للحياة إلا ورزقه مقدر من الله فيجب التوكل عليه سبحانه.
النقطة الرابعة: زعمها بأن تعدد الزوجات يؤدي إلى قيام النزاع بين أفراد الأسرة الواحدة نتيجة للعداوة بين زوجات الرجل الواحد وبين أولادهن .

فنقول : إن هذا النزاع يرجع إلى الغيرة الطبيعية التي لا يمكن أن تتخلص منها النفوس البشرية ، فالغيرة موجودة في كل مكان تتساوى فيه الفرص للأفراد ، وهكذا تظهر الغيرة بين النساء في ظل نظام تعدد الزوجات والغيرة والحزن اللذين تحس بهما المرأة حين يتزوج زوجها بأخرى شيء عاطفي ، والعاطفة لا يصح أن تقدم في أي أمر من الأمور على الشرع . والضرر الذي يلحق بالمرأة نتيجة للتعدد أخف بكثير من الأضرار التي تلحق بها في حالة بقائها بدون زوج.
ويلاحظ أن الغيرة بين الزوجات لم تمنع الرسول صلى الله عليه وسلم ولم تمنع أصحابه من الأخذ بنظام تعدد الزوجات. وتحث العداوة كثيراً بين الزوجة الواحدة وبين أصحابه من الأخذ بنظام تعدد الزوجات. وتحدث العداوة كثيراً بين الزوجة الواحدة وبين أقرباء زوجها ، وقد ما يرجع ما يحدث من خلافات ومنازعات في بعض حالات تعدد الزوجات إلى تهاون الزوج وضعفه وعدم عدله وإنصافه في معاملة أهل بيته، هذا بالإضافة إلى ضعف الوازع الديني في نفوس بعض الزوجات بحيث لا يستطعن كبح جماح الغيرة، ومن ثم يعمدن إلى العمل على إلحاق الضرر بضرائرهن، وتعكير صفو الأسرة .
كما يلاحظ أن النزاع بين الزوجات وبين الزوج إنما يحدث في الغالب من أجل الحصور على مطلب من مطالب الحياة الأسرية من مأكل وملبس ومسكن وما شابه ذلك. وقد يكون النزاع حول مكانة كل زوجة من زوجها ، ومكانة ولد لدى والده. ولهذه المنازعات شبيه في حالة وحدة الزوجة ففيه نجد الزوجة تتنازع مع زوجها في بعض الأحيان من أجل مكانتها عنده بالنسبة لأمه أو أخته. وقد تختلف معه خلافاً حاداً يؤدي إلى الطلاق لأنه لم يوفر لها بعض ما تحتاج إليه من ملابس أو أثاث أو حلي.
ونرى أن علاج هذه المشكلات الأسرية يعتمد في الدرجة الأولى على شخصية الرجل وعلى قدرته على إدارة شئون منزله، فإذا كان الرجل عادلاً حازماً فإن النزاع لا يجد طريقاً إلى منزله. أما إذا كان ضعيف الشخصية فإن النزاع سيدب – بلا شك – بين أفراد أسرته، وسواءً أكان لديه زوجة واحدة أم عدة زوجات.
وقد تتألف الأسرة من زوج واحد وزوجة واحدة فقط وأولاد ولكن أمور هذه الأسرة ليست على ما يرام وذلك لوجود تنافر بين الزوجين أو لأن العلاقة الزوجية بينهما لم تقم على أساس سليم. أو يكون النزاع لسوء خلقهما معاً أو سوء خلق واحد منهما.
النقطة الخامسة : تدعي الكاتبة بإن في نظام تعدد الزوجات هضماً لحقوق المرأة، وإهداراً لكرامتها.
وهذا كلام غير صحيح ألبتة، فتعدد الزوجات رحمة للنساء، وذلك لأن عدد الرجال الصالحين للزواج أقل بكثير من عدد النساء الصالحات للزواج كما مر بنا في ثنايا هذا البحث، ووجود المرأة كزوجة ثانية أو ثالثة أو حتى رابعة في أسرة خير لها من أن تكون بدون زواج.
ويقول أحد المفكرين الغربيين المنصفين عن هذا الموضوع : (( إن نظام الزواج بامرأة واحدة فقط وتطبيقه تطبيقاً صارماً قائم على أساس افتراض أن عدد أعضاء الجنسين متساوياً ، وما دامت الحالة ليست كذلك، فإن في بقائه قسوة بالغة لأولئك اللاتي تضطرهن الظروف إلى البقاء عانسات )) .
كذلك نرى أن في التعدد صيانة للمرأة بجعلها زوجة فاضلة بدلاً من أن تكون خالية أو عشيقة. ويجب أن يعلم النساء أن اكتفاء الرجل بزوجة واحدة لا يحقق آمال الكثيرات من النساء اللواتي لهن الحق في أن يكن زوجات وأمهات وربات بيوت. وعدم أخذ الرجال بنظام التعدد يؤدي إلى بقاء الكثيرات من النساء بلا زواج ولا أولاد ولا أسر، وهذا يمثل خطراً كبيراً على المرأة نفسها وعلى المجتمع الذي تعيش فيه .
وليس في إباحة الإسلام لتعدد الزوجات ظلماً للمرأة ولا هضماً لحقوقها فقد أعطاها الإسلام الحق في أن تشترط في عقد الزواج أن لا يتزوج زوجها عليها، ويكون لها حسب هذا الشرط الخيار في أن تطالب بفسخ عقد الزواج إذا تزوج زوجها عليها لأن الزوج قد أخل بشرط من شروطه. أو ترضى بالأمر الواقع وتقبل بمشاركة غيرها لها في بيت الزوجية.
ولو فات الزوجة أن تشترط هذا الشرط في عقد الزواج فإن الشريعة الإسلامية تعطيها الحق في طلب الطلاق إذا قصر زوجها في حق من حقوقها .
وإذا كان التعدد يلحق بعض الضرر بالمرأة التي يتزوج عليها زوجها ، فإن منفعته مؤكدة للزوجة الجديدة، لأنها لم تقبل بالزواج من رجل متزوج في الأصل إلا لأنها لم تقبل بالزواج من رجل متزوج في الأصل إلا لأنها ترى في قبولها فائدة لها، وأن الضرر الذي ينالها كزوجة ثانية أقل بكثير من الأضرار التي ستتعرض لها إذا بقيت بدون زواج، والضرر الكثير يدفع – كما هو معروف شرعاً – بالضرر القليل.

وأخيرا .....
إن إباحة تعدد الزوجات ليس استهانة بالمرأة, ولا حطاً من شأنها وقدرها, إنما هو لمصلحة المرأة والرجل والمجتمع.
والمشكلة هنا ليست في شرع الله, وإنما في الأخطاء الشخصية والفردية التي تقع من الأفراد, وبالتالي لا ننسب إلى شرع الله الخطأ والظلم, وإنما ما يحدث من مآسي ومشاكل من وراء تعدد الزوجات يرجع إلى فشل الزوج في إحداث التوازن بين الطرفين, إن الدين لا يضيره إساءة بعض المسلمين في استغلال رخصة التعدد دون عدل, فالإسلام يعُلو ولا يُعلى عليه, وهو الميزان والضابط, فمن وافقه كان على حق, ومن خالفه فهو المخطأ، وعليه أن يراجع نفسه, وعلاج الظلم الذي يحدث من البعض إذا تزوج بأخرى لا يكون بمنع ما أباحه الله - عز وجل -, إنما يكون بالتعليم والتربية، والتفقة في أحكام الدين.


وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وكتبه جمال البليدي
الأربعاء 12 ذي الحجة 1429 هـ الموافق لـ 10 ديسمبر 2008


المراجع:
تعدد الزوجات في الإسلام دكتور محمد بن مسفر بن حسين الطويل.
الحقوق والواجبات على الرجال والنساء في الإسلام للعلامة ربيع المدخلي.