المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الغاية من الخلق وحكمة الوجود ( ج 4 )



المراجع
12-23-2008, 09:00 PM
العبادة والخلافة بالعلم


ان لا شيء اطيب للعبد ولا الذ ولا اهنا ولا انعم لقلبه وعيشه من محبة فاطره وباريه ودوام ذكره والسعي في مرضاته . وهذا هو الكمال الذي لا كمال للعبد بدونه وله خلق الخلق ولا جله نزل الوحي وارسلت الرسل وقامت السموات والارض ووجدت الجنة والنار ولاجله شرعت الشرائع ووضع البيت الحرام ووجب حجه على الناس اقامة لذكره الذي هو من توابع محبته والرضا به وعنه ، ولاجل هذا امر بالجهاد وضرب اعناق من اباه واثر غيره عليه وجعل له في الاخرة دار الهوان خالدا مخلدا . وعلى هذا الامر العظيم اسست الملة ونصبت القبلة ، ولا سبيل الى الدخول الى ذالك الا من باب العلم .............
قال محمد بن شهاب الزهري ( ما عبد الله بمثل الفقه ) اي انه ما يعبد الله بمثل ان يتعبد بالفقه في الدين فيكون نفس التفقه عبادة وقد يراد به انه ما عبد الله بعباده افضل من عبادة يصحبها الفقه في الدين لعلم الفقيه في دينه بمراتب العبادات ومفسداتها وواجباتها وسننها وما يكملها وما ينقصها ، وكلا المعنيين صحيح .
وقد تواترت النصوص النبوية بان افضل الاعمال ايمان بالله ، فهو راس الامر والاعمال بعده على مراتبها ومنازلها . والايمان له ركنان : احدهما : معرفة ماجاء به الرسول صلى الله عليه وسلم . والثاني : تصديقه بالقول والعمل . والتصديق بدون العلم والمعرفة محال فانه فرع العلم بالشيء المصدق به .
اذا العلم من الايمان بمنزلة الروح من الجسد ولا تقدم شجرة الايمان الا على ساق العلم والمعرفة .


العلم بالله اصل كل علم

ولا ريب ان اجل معلوم واعظمه واكبره هو الله الذي لا اله الا هو رب العالمين وقيوم السموات والارضين الملك الحق المبين الموصوف بالكمال كله المنزه عن كل عيب ونقص وعن كل تمثيل وتشبيه في كماله . ولا ريب ان العلم به وباسمائه وصفاته وافعاله اجل العلوم وافضلها ونسبته الى سائر العلوم كنسبة معلومه الى سائر المعلومات كما ان العلم به من اجل العلوم واشرفها فهو اصلها كله كما ان كل موجود فهو مستند في وجوده الى الملك الحق المبين ومفتقر اليه في تحقيق ذاته وانيته وكل علم فهو تابع للعلم به مفتقر في تحقيق ذاته اليه فالعلم به اصل كل علم كما انه سبحانه رب كل شيء ومليكه وموجوده . فمن عرف الله عرف ما سواه ، ومن جهل ربه فهو لما سواه اجهل قال تعالى ( ولا تكونوا كالذين نسواالله فانساهم انفسهم ) 19 الحشر فتامل هذه الاية تجد تحتها معنى شريفا وعظيما وهو ان من نسى ربه انساه ذاته ونفسه فلم يعرف حقيقته ولا مصاله بل نسى ما به صلاحه وفلاحه في معاشه ومعاده فصار معطلا مهملا بمنزلة الانعام السائبة بل ربما كانت الانعام اخير بمصالحها منه لبقائها هداها الذي اعطاها اياه خالقها ، واما هذا فخرج عن فطرته التي خلق عليها فنسى ربه فانساه نفسه وصفاتها وما تكمل به وتزكو به وتسعد به في معاشها ومعادها قال تعالى ( ولا تطع من اغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان امره فرطا )28 الكهف فغفل عن ذكر ربه فانفرط عليه امره وقلبه فلا التفات له الى مصالحه وكماله وما تزكو به نفسه وقلبه بل هو مشتت القلب مَضيعه مفرط الامر حيران لا يهتدي سبيلا .
المقصود ان العلم بالله اصل كل علم وهو اصل علم العبد بسعادته وكماله ومصالح دنياه واخرته ، والجهل به مستلزم للجهل بنفسه ومصالحها وكمالها وما تزكو به وتفلح به . فلعلم به سعادة العبد والجهل به اصل شقاوته ......................