المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الدرة البهية شرح القصيدة التائية في حل المشكلة القدرية



السالم
12-26-2008, 05:07 PM
عنوان الكتاب:

الدرة البهية شرح القصيدة التائية في حل المشكلة القدرية

تأليف:

عبد الرحمن بن ناصر السعدي

1376هـ

دراسة وتحقيق:

أبو محمد أشرف بن عبد المقصود

الناشر:

أضواء السلف

الطبعة الأولى: 1419هـ - 1998م


من المكتبه الاكترونية

السالم
12-26-2008, 05:11 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة الشارح


الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله، الملك الحق المبين وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، سيد المرسلين. اللهم صل على محمد وآله وصحبه؛ والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فقد طلب مني بعض الإخوان: أن أشرح "المنظومة التائية في القدر" لشيخ الإسلام والمسلمين أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية؛ لما فيها من التحقيق العظيم في مسألة القضاء والقدر. ولمتانتها وصعوبة فهمها، واحتياجها إلى شرح متوسط؛ يوضحها ويكشف عن معانيها؛ ولكون المقام والموضوع مقاما مهما جدا، والحاجة – بل الضرورة – داعية إلى علمه؛ والتحقق به معرفة واعتقاداً.
وهذا النظم: قد أتى فيه الشيخ بالعجب العجاب، وبين الحق الصريح وكشف الشكوك والشبهات: التي طالما خالطت قلوب أذكياء العلماء وحيرت كثيرا من أهل العلم الفضلاء؛ لذلك أجبت السائل لما طلبه.
وأرجو الله وأسأله: أن يعين على تحقيقه وتوضيحه؛ فإن التوضيح والبيان – خصوصا في هذا المقام – أولى من الاختصار؛ وذكر الشواهد والأمثلة الموضحة أولى من الاقتصار.
وأسأله تعالى: أن يجعل الداعي إليه إرادة وجهه الكريم، وإرادة النفع به للمشتغلين.

والشيخ رحمه الله وقدس روحه نظمها جوابا لسؤال أورده عليه من قال: "إنه ذمي"(1) ليشبه على المسلمين، وليشككهم في أصول الدين فإن الإيمان بالقضاء والقدر أحد أصول الإسلام، ومبانيه العظام.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الذمة في اللغة: الأمان والعهد، وأهل الذمة هم المعاهدون من النصارى واليهود وغيرهم ممن يقيم في دار الإسلام، وفي الحديث: "يسعى بذمتهم أدناهم" وفسر الفقهاء ذمتهم بمعنى الأمان، وقالوا في تفسير عقد الذمة: بأنه إقرار بعض الكفار على كفرهم بشرط بذل الجزية والتزام أحكام الملة.
وعلى هذا: يمكن القول بأن عقد الذمة عقد بمقتضاه يصير غير المسلم في ذمة المسلمين، أي في عهدهم وأمانهم على وجه التأبيد وله الإقامة في دار الإسلام على وجه الدام "أ هـ "أحكام الذميين والمستأمنيين في دار الإسلام" لعبد الكريم زيدان ص (20).
وفي طبعة الشيخ محمد حامد الفقي لتائية شيخ الإسلام ذكر في أولها، أن الذي نظمها شاعر رافضي على لسان يهودي، وليس هذا ببعيد، فراجع ردود شيخ الإسلام في: "منهاج السنة النبوية" على الرافضي الخبيث ابن المطهر في مسائل القدر.

السالم
12-26-2008, 05:32 PM
وهذا نص السؤال
نص السؤال الذمي للتشكيك في القدر

أيا علماء الدين، ذمي دينكم === تحير دلوه بأوضح حجة

إذا ما قضى ربي بكفري بزعمكم === ولم يرضه مني، فما وجه حيلتي ‏؟‏

دعاني، وسد الباب عني(1) فهل إلى === دخولي سبيل ‏؟‏ بينوا لي قضيتي

قضى بضلالي(2)، ثم قال‏:‏ ارض بالقضا === فهل(3) أنا راض بالذي فيه شقوتي

فإن كنت بالمقضي يا قوم راضيا === فربي لا يرضى بشؤم بليتي

وهل(4) لي رضا، ما ليس يرضاه سيدي === فقد حرت دلوني على كشف حيرتي

إذا شاء ربي الكفر مني مشيئة === فهل أنا عاص في إتباع المشيئة ‏؟‏

وهل لي اختيار أن أخالف حكمه ‏؟ === فبالله فاشفوا بالبراهين غلتي


هذه آخر السؤال المذكور

وحاصله: أنه إيراد على مذهب الجبرية القائلين: إن العبد مجبور مقهور على جميع أقواله وأفعاله؛ وإنه لا قدرة له على شيء منها.
بل هي عندهم واقعة بغير اختياره.

وهذا القول باطل بالكتاب والسنة، وباطل بالعقل والحس؛ كما سيأتي بيانه إن شاء الله. وجميع المسلمين من جميع الطوائف أهل السنة وغيرهم ينكرون هذا المذهب ويتبرؤون منه.
فيقول هذا المشبه على المسلمين، المشكك لهم، بانيا على مذهب الجبرية الذي يتبرأ منه جميع الطوائف سوى غلاة الجهمية من الجبرية يقول: "إذا كان الله قضى علي بالكفر، وقدر علي أن لا أكون مسلما، أو قدر علي المعاصي وأن لا أكون طائعا؛ فكيف لي الخلاص من الكفر والمعاصي؟
وكيف أتمكن من الإيمان والطاعة بعدما قضى علي الكفر والمعصية؟ فهل أكون معذورا إذا تجرأت على الكفر والفسوق والعصيان، وأنا لا حيلة لي في الانفكاك عنها؟(5)

وكيف أجمع بين الرضا بالقضاء، وبين الرضا بالمقضي، من الكفر والمعاصي؛ فإن الله لا يرضى بالكفر والفسوق والعصيان، فكيف قدرها علي، وهو لا يرضاها؟."

هذا حاصل هذا السؤال.

الجواب الإجمالي ورد الشارح على هذا السؤال
وجوابه على وجه الإجمال بسيط ولله الحمد.

فإنه لا يرد على مذهب جمهور طوائف المسلمين، من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وأئمة الهدى المشهود لهم بالعلم والإيمان، بل ولا على مذهب المعتزلة والقدرية والخوارج وغيرهم من أهل البدع.

فإن الجميع يقولون بما جاء به الكتاب والسنة من إثبات الأصلين:

أحدهما: الاعتراف بأن جميع الأشياء كلها أعيانها، وأوصافها وأفعالها بقضاء وقدر، لا تخرج عن مشيئة الله وإرادته؛ بل ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.

والأصل الثاني: أن أفعال العباد من الطاعات والمعاصي وغيرها واقعة بإرادتهم وقدرتهم؛ وأنهم لم يجبروا عليها؛ بل هم الذين فعلوها؛ بما خلق الله لهم من القدرة والإرادة.

ويقولون: لا منافاة بين الأمرين فالحوادث كلها التي من جملتها أفعال العباد بمشيئة الله وإرادته؛ والعباد هم الفاعلون لأفعالهم، المختارون لها، فهم الذين اختاروا فعل الخيرات وفعلوها، واختاروا ترك المعاصي فتركوها.

والآخرون: اختاروا فعل المعاصي وفعلوها، واختاروا ترك الأوامر فتركوها.

فاستحق الأولون: المدح والثواب، واستحق الآخرون الذم والعقاب.

ولم يجبر الله أحدا منهم على خلاف مراده واختياره، فلا عذر للعاصين إذا عصوا وقالوا: إن الله قدرها علينا، فلنا بذلك العذر. فيقال لهم: إن الله قد أعطاكم المكنة والقدرة على كل ما تريدون وأنتم بزيغكم وانحرافكم أرتم الشر ففعلتموه، والله قد حذركم وهيأ لكم كل سبب يصرف عن معاصيه، وأراكم سبيل الرشد فتركتموه وسبيل الغي فسلكتموه.


وإذا أردت زياد إيضاح لهذا المقام:

فإنه من المعلوم لكل أحد: أن كل فعل يفعله العبد، وكل كلام يتكلم به، فلا بد فيه من أمرين:
1- قدرة منه على ذلك الفعل والقول.
2- وإرادة منهم.

فمتى اجتمعن، وجدت منه الأقوال والأفعال.
والله تعالى هو الذي خلق قدرة العبد وإرادة العبد.
وخالق السبب التام، خالق للسبب.
فالله تعالى خالق أفعال العباد، والعباد هم الفاعلون لها حقيقة.
فهذا الإيراد الذي أورده هذا المشكك وما أشبهه من الإيرادات التي يحتج بها أهل المعاصي بالقدر- يجيبونهم بهذا الجواب المفحم فيقولون: دلت أدلة الكتاب والسنة الكثير على أن الخالق كل شيء، وعلى كل شيء قدير وأن كل شيء بقضاء وقدر: الأعيان والأوصاف والأفعال.

* ودلت أيضا أدلة الكتاب والسنة: أن العباد هم الفاعلون لفعلهم حقيقة بقدرتهم واختيارهم، فإنه تعالى نسب إليهم وأضاف إليهم كل ما فعلوه من إيمان وكفر، وطاعة ومعصية. وإنه تعالى مكنهم من هذا ومن هذا.
ولكنه تعالى حبب إلى المؤمنين الإيمان وزينه في قلوبهم وكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان.
وولى الآخرين ما تولوا لأنفسهم، حيث اختاروا الشر على الخير وأسباب العقاب على أسباب الثواب.
وهذا كما أنه معلوم بالضرورة من الشرع، فهو معلوم بالحس الذي لا يمكن أحدا المكابرة فيه.
فإن العبد يفرق بين أفعاله التي يقسر ويجبر ويقهر عليها، وبين أفعاله التي يختارها ويريدها، ويحب حصولها.
فهذا الجواب المجمل.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)في الأصل: "دوني" وما أثبته من (س) والفتاوى والعقود.

(2) في الأصل: "ضلالي" وما أثبته من (س) والفتاوى والعقود.
(3) في الفتاوى والعقود: "فما".
(4) في الفتاوى والعقود: "فهل".

(5) فائدة: ولله در الإمام (أبي الخطاب) إذ يقول في قصيدته في السنة:

قالوا فأفعال العباد فقلت ما === من خالق غير الإله الأمجد

قالوا فهل فعل القبيح مراده === قلت الإرادة كلها للسيد

لو لم يرده وكان نقيصة === سبحانه عن أن يعجزه الردى

وفي مناظرة بين الأستاذ أبي إسحاق الإسفراييني، والقاضي عبد الجبار المعتزلي:
قال القاضي عبد الجبار في ابتداء جلوسه للمناظرة: سبحان من تنزه عن الفحشاء
فقال الأستاذ مجيبا: سبحان من لا يقع في ملكه إلا ما يشاء
فقال عبد الجبار: أفيشاء ربنا أن يعصى فقال الأستاذ أيعصى ربنا قهرا؟
فقال عبد الجبار: أفرأيت إن منعني الهدى وقضى علي بالردى أحسن إلي أم أساء؟
فقال الأستاذ: إن كان منعك ما هو لك فقد أساء وإن منعك ما هو له فهو يختص برحمته من يشاء. فانقطع عبد الجبار" اهـ طبقات الشافعية الكبرى للسبكي (4/261، 262).

السالم
12-26-2008, 05:39 PM
وأما الجواب المفصل. فقد ذكره الشيخ قدس الله روحه فقال:


1- سؤالك يا هذا، سؤال معاند === مخاصم(1) رب العرش، باري البرية

2- فهذا سؤال، خاصم الملأ العلا === قديما به إبليس، أصل البلية

3- ومن يك خصما للمهيمن يرجعن === على أم رأس هاويا في الحفيرة


[الشرح]


بين الشيخ في أول الجواب: أن هذا السؤال والإيراد، إنما صدر عن رجل معاند مكابر، مخاصم لله.
فإن هذا السؤال في الحقيقة موجه إلى الله والسائل قد أورده على ربه واعترض عليه، وزعم: أن الله ظالم له، حيث قدر عليه الكفر والمعاصي وعذبه عليه. وكل من عاند الله، فحجته داحضة باطلة، وهو مخصوم محجوج.
وهذا السؤال من جنس سؤال إبليس حيث قال: {قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ} (لأعراف:16)
فقال: {فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي} ولم يقل: "غويت".

وإبليس هو الذي غوى واستكبر عن أمر ربه، حيث أمره بالسجود لأدم فقال: {قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلاً} (الإسراء:61، 62).
فإبليس خاصم الله، وبادأه بالمعصية، واستكبر عن أمره، واستكبر على آدم.
فكل من خاصم عن نفسه، أو عن غيره في معصية الله، فهو وارث إبليس، وعنه أخذ هذه الخصومة. فكل من خاصم الحق، فلج وخصم، كما أن كل من خاصم بالحق فلج وغلب.
{وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً} (الإسراء:81).
وكل من نصر الباطل، فهو من خصوم الله
ولكن: أصناف القدرية الثلاثة(2)، هم أحق الناس بهذا الوصف.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في العقود: "تخاصم".
(2) قسم شيخ الإسلام القدرية إلى ثلاثة أقسام في غير موضع من كتبه: فقال: "وأهل الضلال الخائضون في القدر انقسموا إلى ثلاث فرق: مجوسية ومشركية وإبليسية
فالمجوسية: الذين كذبوا بقدر الله وإن آمنوا بأمره ونهيه؛ فغلاتهم أنكروا العلم والكتاب ومقتصدوهم أنكروا عموم مشيئته وخلقه وقدرته وهؤلاء هم المعتزلة ومن وافقهم
والفرقة الثانية: المشركية الذين أقروا بالقضاء والقدر وأنكروا الأمر والنهي؛ قال تعالى: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ} (الأنعام: 148) فمن احتج على تعطيل الأمر والنهي بالقدر فهو من هؤلاء وهذا قد كثر فيمن يدعي الحقيقة من المتصوفة
والفرقة الثالثة: وهم الإبليسية الذين أقروا بالأمرين لكن جعلوا هذا متناقضا من الرب - سبحانه وتعالى - وطعنوا في حكمته وعدله كما يذكر ذلك عن إبليس مقدمهم؛ كما نقله أهل المقالات ونقل عن أهل الكتاب" اهـ التدمرية (207، 208)
وراجع أيضا: الاستقامة (1/433) ومنهاج السنة (3/82) ومجموع الفتاوى (22/131، 132) وطريق الهجرتين لابن القيم (167-178).

السالم
12-26-2008, 06:32 PM
اتوقف
ومن اراد المتابعة الكتاب ضمن المكتبة الالكترونية

http://tahmil.darcoran.info/tahmil.php?filename=prog/httpdocs/maktabat-assa3di-alissdar-attalit.zip

السالم
01-20-2009, 12:06 PM
شرح كتاب الدرة البهية شرح التائية - 1
http://www.liveislam.net/browsearchive.php?sid=&id=37477

شرح كتاب الدرة البهية شرح التائية - 2
http://www.liveislam.net/browsearchive.php?sid=&id=37569

شرح كتاب الدرة البهية شرح التائية - 3
http://www.liveislam.net/browsearchive.php?sid=&id=37666

شرح كتاب الدرة البهية شرح التائية - 4
http://www.liveislam.net/browsearchive.php?sid=&id=37870




.