المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نقد مناظرة مشهورة على المنتديات بين شاب مسلم وأستاذه الملحد ...



حمادة
01-01-2009, 06:42 PM
منقول :emrose:
الحمد لله وحده .. الخالق بلا حاجة، الرازق بلا مؤنة، المستتر بالغيب ابتلاءا للعباد وامتحانا.. والصلاة والسلام على من لا نبي بعده .. وأشهد ألا اله الا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله
أما بعد
فقد وقفت على مناظرة يتناقلها الناس على المنتديات دون ذكر مصدرها، يقولون أنها جرت بين أستاذ فلسفة ملحد وطالبين شابين مسلمين في جامعة أكسفورد. النص مجهول المصدر والاسناد، ولكنه شديد الانتشار على المنتديات، على ما فيه من مخالفات ووهن في المحاجة والاثبات..

هاكم النص الكامل لتلك المناظرة:

كان ذلك عنوان لمحاضرة بروفيسور علم الفلسفة (الملحد) في جامعة أكسفورد، حيث وقف أمام فصله وطلب من أحد طلبته المستجدين أن يقف
البروفيسور: " أنت مسلم، أليس كذلك يا بني؟ "
الطالب المسلم: " نعم، يا سيدي "
البروفيسور: " لذلك فأنت تؤمن بالله؟ "
الطالب المسلم: " تماماً "
البروفيسور: " هل الله خيّر؟ " ( من الخير وهو عكس الشر )
الطالب المسلم: " بالتأكيد! الله خيّر "
البروفيسور: " هل الله واسع القدرة؟ أعني هل يمكن لله أن يعمل أي شيء؟ "
الطالب المسلم: " نعم "
البروفيسور: " هل أنت خيّر أم شرير؟ "
الطالب المسلم: " القرآن يقول بأنني شرير "
يبتسم البروفيسور إبتسامة ذات مغزى
البروفيسور: " أه" الـقــرآن "
يفكر البروفيسور للحظات
البروفيسور: " هذا سؤال لك، دعنا نقول أنّ هناك شخص مريض هنا و يمكنك أن تعالجه وأنت في استطاعتك أن تفعل ذلك، هل تساعده؟ هل تحاول ذلك؟ "
الطالب المسلم: " نعم سيدي، سوف أفعل "
البروفيسور: " إذًا أنت خيّر "
الطالب المسلم: " لا يمكنني قول ذلك "
البروفيسور: " لماذا لا يمكنك أن تقول ذلك؟ أنت سوف تساعد شخص مريض ومعاق عندما تستطيع ( في الحقيقة معظمنا سيفعل ذلك إن إستطاع ) لكن الله لا يفعل ذلك "
الطالب المسلم: لا إجابة
البروفيسور: " كيف يمكن لهذا الإله أن يكون خيّر؟ هممم..؟ هل يمكن أن تجيب على ذلك ؟ "
الطالب المسلم: لا إجابة أيضًا
الرجل العجوز بدأ يتعاطف مع الطالب المسلم
البروفيسور: " لا تستطيع، أليس كذلك؟ "
يأخذ البروفيسور رشفه ماء من كوب على مكتبه لإعطاء الطالب وقتاً للإسترخاء، ففي علم الفلسفة، يجب عليك أن تتأنى مع المستجدين
البروفيسور: " دعنا نبدأ من جديد أيها الشاب "
البروفيسور: " هل الله خيّر؟ "
الطالب المسلم: " نعم " متمتمًا
البروفيسور: " هل الشيّطان خيّر؟ "
الطالب المسلم: " لا "
البروفيسور: " من أين أتى الشيّطان؟ "
الطالب المسلم: " من... الله.. " متلعثمًا
البروفيسور: " هذا صحيح، الله خلق الشيّطان، أليس كذلك؟ "
يمرر الرجل العجوز أصابعه النحيلة خلال شعره الخفيف ويستدير لجمهور الطلبة متكلفي الابتسامة
البروفيسور: " أعتقد أننا سنحصل على الكثير من المتعة في هذا الفصل الدراسي سيداتي و سادتي "
ثم يلتفت للطالب المسلم
البروفيسور: " أخبرني يا بني، هل هناك شّر في هذا العالم؟ "
الطالب المسلم: " نعم، سيدي "
البروفيسور: " الشّر في كل مكان، أليس كذلك؟ هل خلق الله كل شيء؟ "
الطالب المسلم: " نعم "
البروفيسور: " من خلق الشّر؟ "
الطالب المسلم: لا إجابة
البروفيسور: " هل هناك أمراض في هذا العالم؟ فسق و فجور؟ بغضاء؟ قبح؟ كل الأشياء الفظيعة، هل تتواجد في هذا العالم؟ "
الطالب المسلم: " نعم " وهو يتلوى على أقدامه
البروفيسور: " من خلق هذه الأشياء الفظيعة؟ "
الطالب المسلم: لا إجابة
يصيح الأستاذ فجأةً في الطالب المسلم
البروفيسور: " من الذي خلقها؟ أخبرني "
بدأ يتغير وجه الطالب المسلم
البروفيسور بصوت منخفض: " الله خلق كل الشرور، أليس كذلك يا بني؟ "
الطالب المسلم: لا إجابة
الطالب يحاول أن يتمسك بالنظرة الثابتة والخبيرة ولكنه يفشل في ذلك
فجأة المحاضر يبتعد متهاديًا إلى واجهة الفصل كالفهد المسن، والفصل كله مبهور
البروفيسور: " أخبرني، كيف يمكن أن يكون هذا الإله خيّرًا إذا كان هو الذي خلق كل الشرور في جميع الأزمان؟ "
البروفيسور يشيح بأذرعه حوله للدلالة على شمولية شرور العالم
البروفيسور: " كل الكره، الوحشية، الآلام، التعذيب، الموت، القبح، المعاناة، التي خلقها هذا الإله موجودة في جميع أنحاء العالم، أليس كذلك أيها الشاب؟ "
الطالب المسلم: لا إجابة
البروفيسور: " ألا تراها في كلّ مكان؟ هه؟ "
البروفيسور يتوقّف لبرهة
البروفيسور: " هل تراها؟ "
البروفيسور يحني رأسه في إتجاه وجه الطالب ثانيةً ويهمس
البروفيسور: " هل الله خيّر؟ "
الطالب المسلم : لا إجابة
البروفيسور: " هل تؤمن بالله يا بني؟ "
صوت الطالب يخونه و يتحشرج في حلقه
الطالب المسلم: " نعم يا بروفيسور، أنا أؤمن "
يهز الرجل العجوز رأسه بحزن نافياً
البروفيسور: " يقول العلم أن لديك خمس حواس تستعملها لتتعرف و تلاحظ العالم من حولك، أليس كذلك؟ "
البروفيسور: " هل رأيت الله "
الطالب المسلم: " لا يا سيدي لم أره أبداً "
البروفيسور: " إذًا أخبرنا إذا ما كنت قد سمعت إلهك؟ "
الطالب المسلم: " لا يا سيدي، لم يحدث "
البروفيسور: " هل سبق وشعرت بإلهك؟ تذوقت إلهك؟ أو شممت إلهك فعلياً؟ هل لديك أيّ إدراك حسّي لإلهك من أي نوع؟ "
الطالب المسلم: لا إجابة
البروفيسور: " أجبني من فضلك "
الطالب المسلم: " لا يا سيدي، يؤسفني أنه لا يوجد لدي "
البروفيسور: " يؤسفك أنه لا يوجد لديك؟ "
الطالب المسلم: " لا يا سيدي "
البروفيسور: " ولا زلت تؤمن به؟ "
الطالب المسلم: " نعم "
البروفيسور: " هذا يحتاج لإخلاص! "
البروفيسور يبتسم بحكمة للطالب المسلم
البروفيسور: " طبقاً لقانون التجريب والإختبار وبروتوكول علم ما يمكن إثباته يمكننا أن نقول بأن إلهك غير موجود، ماذا تقول في ذلك يا بني؟ "
البروفيسور: " أين إلهك الآن؟ "
الطالب المسلم: لا إجابة
البروفيسور: " إجلس من فضلك "
يجلس الطالب المسلم مهزومًا
مسلم أخر يرفع يده: "بروفيسور، هل يمكنني أن أتحدث للفصل؟ "
البروفيسور يستدير و يبتسم
البروفيسور: " أه مسلم أخر في الطليعة! هيا هيا أيها الشاب، تحدث ببعض الحكمة المناسبة في هذا الاجتماع "
يلقي المسلم نظرة حول الغرفة
الطالب المسلم: " لقد أثرت بعض النقاط الممتعة يا سيدي، والآن لدي سؤال لك "
الطالب المسلم: " هل هناك شيء إسمه الحرارة؟ "
البروفيسور: " هناك حرارة "
الطالب المسلم: " هل هناك شيء إسمه البرودة؟ "
البروفيسور: " نعم يا بني يوجد برودة أيضاً "
الطالب المسلم: " لا يا سيدي لا يوجد "
إبتسامة البروفيسور تجمدت، وفجأة الغرفة أصبحت باردة جدا
الطالب المسلم: " يمكنك الحصول على الكثير من الحرارة، حرارة عظيمة، حرارة ضخمة، حرارة لدرجة إنصهار المعادن، حرارة بسيطة، أو لا حرارة على الإطلاق، ولكن ليس لدينا شيء يدعى " البرودة " فيمكن أن نصل حتى 458 درجة تحت الصفر، وهي ليست ساخنة، لكننا لن نستطيع تخطي ذلك، لا يوجد شيء إسمه البرودة، وإلا لتمكنا من أن نصل لأبرد من 458 تحت الصفر، يا سيدي البرودة هي فقط كلمة نستعملها لوصف حالة غياب الحرارة، فنحن لا نستطيع قياس البرودة، أما الحرارة يمكننا قياسها بالوحدات الحرارية لأن الحرارة هي الطاقة، البرودة ليست عكس الحرارة يا سيدي، إن البرودة هي فقط حالة غياب الحرارة "
سكوت في الفصل، دبوس يسقط في مكان ما
الطالب المسلم: " هل يوجد شيء إسمه الظلام يا بروفيسور؟ "
البروفيسور: " نعم "
الطالب المسلم: " أنت مخطئ مرة أخرى يا سيدي، الظلام ليس شيئا محسوساً، إنها حالة غياب شيء أخر، يمكنك الحصول على ضوء منخفض، ضوء عادي، ضوء مضيء، بريق الضوء، ولكن إذا كان لا يوجد لديك ضوء مستمر فإنه لا يوجد لديك شيء، وهذا يدعى الظلام، أليس كذلك؟ هذا هو المعنى الذي نستعمله لتعريف الكلمة، في الواقع، الظلام غير ذلك، و لو أنه صحيح لكان بإمكانك أن تجعل الظلام مظلما أكثر وأن تعطيني برطمان منه، هل تستطيع أن تعطيني برطمان من ظلام مظلم يابروفيسور؟ "
مستحقراً نفسه، البروفيسور يبتسم لوقاحة الشاب أمامه
البروفيسور: " هذا بالفعل سيكون فصلا دراسيا جيداً "
البروفيسور: " هل تمانع إخبارنا ما هي نقطتك يا فتى؟ "
الطالب المسلم: " نعم يا بروفيسور، نقطتي هي، إن افتراضك الفلسفي فاسد كبدايةً ولذلك يجب أن يكون استنتاجك خاطئ "
تسمّم البروفيسور
البروفيسور: " فاسد؟ كيف تتجرأ؟! "
الطالب المسلم: " سيدي، هل لي أن أشرح ماذا أقصد؟ "
الفصل كله أذان صاغية
البروفيسور : " تشرح... أه أشرح "
البروفيسور يبذل مجهودا جبارًا لكي يستمر تحكمه ( طبعا لو أن البروفيسور كان عربيًا لطرده من القاعة، وربما من الجامعة )
فجأة يلوّح البروفيسور بيده لإسكات الفصل كي يستمر الطالب
الطالب المسلم: " أنت تعمل على إفتراض المنطقية الثنائية "
الطالب المسلم: " ذلك على سبيل المثال أن هناك حياة و من ثم هناك ممات، إله خيّر وإله سيئ، أنت ترى أن مفهوم الله شيء ما محدود و محسوس، شيء يمكننا قياسه، سيدي إن العلم نفسه لا يمكنه حتى شرح فكرة إنه يستعمل الكهرباء والمغناطيسية فهي لم تُـر أبداً، رغم ذلك فهم يفهمونها تمامًا، إن رؤية الموت كحالة معاكسة للحياة هو جهل بحقيقة أن الموت لا يمكن أن يتواجد كشيء محسوس، الموت ليس العكس من الحياة، بل هو غيابها فحسب "
الطالب المسلم يرفع عاليًا صحيفة أخذها من طاولة جاره الذي كان يقرأها
الطالب المسلم: " هذه أحد أكثر صحف الفضائح إباحية التي تستضيفها هذه البلاد، يا بروفيسور هل هناك شيء إسمه الفسق والفجور؟ "
البروفيسور: " بالطبع يوجد، أنظر... "
قاطعه الطالب المسلم
الطالب المسلم: " خطأ مرة أخرى يا سيدي، الفسق و الفجور هوغياب للمبادئ الأخلاقية فحسب، هل هناك شيء إسمه الظُـلّم؟ لا، الظلّم هو غياب العدل، هل هناك شيء إسمه الشرّ؟ "
الطالب المسلم يتوقف لبرهة
الطالب المسلم: " أليس الشر هو غياب الخير؟ "
إكتسى وجه البروفيسور باللون الأحمر وهو غاضب جدًا وغير قادر على التحدث
الطالب المسلم: " إذًا يوجد شرور في العالم يا بروفيسور، وجميعنا متفقون على أنه يوجد شرور، ثم أن الله إذا كان موجوداً فهو أنجز عملاً من خلال توكيله للشرور، ما هو العمل الذي أنجزه الله؟ القرآن يخبرنا أنه ليرى إذا ما كان كل فرد منا وبكامل حريته الشخصية سوف يختار الخير أم الشرّ "
اُلجم البروفيسور
البروفيسور: " كعالم فلسفي لا أتصور هذه المسألة لها دخل في اختياري، كواقعي أنا بالتأكيد لا أتعرف على مفهوم الله أو أي عامل لاهوتي آخر ككونه جزء من هذه المعادلة العالمية لأن الله غير مرئي و لا يمكن مشاهدته "
الطالب المسلم: " كان يمكن أن أفكر أن غياب قانون الله الأخلاقي في هذا العالم هو ربما أحد أكثر الظواهر ملاحظة "
الطالب المسلم: " الجرائد تجمع بلايين الدولارات من إصدارها أسبوعيًا، أخبرني يا بروفيسور هل تدرسّ تلاميذك أنهم تطوروا من قرد؟ "
البروفيسور: " إذا كنت تقصد العملية الإرتقائية الطبيعية يا فتى، فنعم أنا أدرس ذلك "
الطالب المسلم: " هل سبق وأن رأيت هذا التطوّر بعينك الخاصة يا سيدي؟ "
يعمل البروفيسور صوت رشف بأسنانه و يحدق بتلميذه تحديقا صامتا متحجراً
الطالب المسلم : " برفيسور، بما أنه لم يسبق لأحد أن رأى عملية التطوّر هذه فعلياً من قبل ولا يمكن حتى إثبات أن هذه العملية تتم بشكل مستمر، فهي غير موجودة إذًا، ألست تدرسّ آرائك يا سيدي؟ إذا فأنت لست بعالم و إنما قسيس؟ "
البروفيسور: " سوف أتغاضى عن وقاحتك في ضوء مناقشتنا الفلسفية، الآن هل انتهيت؟ "
البروفيسور يصدر فحيحاً
الطالب المسلم: " إذًا أنت لا تقبل قانون الله الأخلاقي لعمل ما هو صحيح و في محله؟ "
البروفيسور: " أنا أؤمن بالموجود، وهذا هو العلم! "
الطالب المسلم: " أه العلم! "
وجه الطالب ينقسم بابتسامة
الطالب المسلم: " سيدي، ذكرت بشكل صحيح أن العلم هو دراسة الظواهر المرئية، والعلم أيضاً هو فرضيات فاسدة "
البروفيسور: " العلم فاسد؟ "
البروفيسور متضجراً
الفصل بدأ يصدر ضجيجاً، توقف التلميذ المسلم إلى أن هدأ الضجيج
الطالب المسلم: " لتكملة النقطة التي كنت أشرحها لباقي التلاميذ، هل يمكن لي أن أعطي مثالاً لما أعنيه؟ "
البروفيسور بقي صامتا بحكمة، المسلم يلقي نظرة حول الفصل
الطالب المسلم: " هل يوجد أحد من الموجدين بالفصل سبق له وأن رأى عقل البروفيسور؟ "
إندلعت الضحكات بالفصل التلميذ المسلم أشار إلى أستاذه العجوز المتهاوي
الطالب المسلم: " هل يوجد أحد هنا سبق له و أن سمع عقل البروفيسور، أحس بعقل البروفيسور, لمس أو شمّ عقل البروفيسور؟ "
يبدو أنه لا يوجد أحد قد فعل ذلك، يهز التلميذ المسلم رأسه بحزن نافياً
الطالب المسلم: " يبدو أنه لا يوجد أحد هنا سبق له أن أحسّ بعقل البروفيسور إحساسا من أي نوع، حسناً، طبقاً لقانون التجريب، والاختبار وبروتوكول علم ما يمكن إثباته، فإنني أعلن أن هذا البروفيسور لا عقل له "
الفصل تعمّه الفوضى

التلميذ المسلم يجلس، انهار البروفيسور مهزومًا ولم يتفوه بكلمة .."

انتهى نص المناظرة عند ذلك، ويلحقها تذييل مشهور في رسائل الانترنت الدعوية يحض على نشرها واحتساب الأجر.
هناك عدة نقاط ساقطة علميا في كلام الجانب المسلم هنا يجب التنبيه اليها.
قول الطالب المسلم الأول: "" القرآن يقول بأنني شرير "
هذا كلام غير مقبول! فالمسلم – على عموم الاسلام – ليس شريرا، والمؤمن – على خصوص الايمان – هو خير أهل الأرض قاطبة!! فان كان يقصد أنه لا يريد أن يزكي نفسه لأن القرءان ينهاه عن تزكية نفسه ونسبة المحامد اليها، فهذه قضية يجب بيانها بوضوح في هذا المقام، لا أن يقول لرجل ملحد أن القرءان يقول بأنه – أي المسلم - شرير – هكذا!
ويزيد الطينة بلة بسكوته عند قول المناظر: " إذًا أنت خيّر"
الطالب المسلم: " لا يمكنني قول ذلك "
البروفيسور: " لماذا لا يمكنك أن تقول ذلك؟ أنت سوف تساعد شخص مريض ومعاق عندما تستطيع ( في الحقيقة معظمنا سيفعل ذلك إن إستطاع ) لكن الله لا يفعل ذلك "
الطالب المسلم: لا إجابة"
!! فكيف لا يجيب ولا يبين الداعي الذي حمله أصلا على نفي صفة الخير عن نفسه أو على الأقل التوقف في وصف نفسه بها في ذلك المقام؟؟؟ هذا أمر عجيب!
أسجل استغرابي من قول الكاتب: " البروفيسور يبتسم بحكمة للطالب المسلم" وتكرار ذلك منه، أعني نسبة "الحكمة" الى البروفيسور الملحد!! فأنا أتساءل: من أي ملة كان كاتب هذا النص يا ترى، وكيف يزكي سفاهة ذلك الملحد على هذا النحو؟؟
عندما يبدأ الطالب المسلم الآخر الكلام يفتتح بقوله: " لقد أثرت بعض النقاط الممتعة يا سيدي، والآن لدي سؤال لك" !! فهل يدعي أنه كان مستمتعا بسماع ذلك الهراء وذلك العدوان العظيم على رب العزة جل وعلا؟؟؟؟ وكيف يخاطبه بقوله "سيدي"؟؟؟ في مثل هذا المقام لا يخاطب هذا الرجل بمثل هذا التوقير – ولا يحقر أيضا في الخطاب لمصلحة المناظرة ولأمن الفتنة – وانما يخاطب بلقبه وفقط!! وأهم من ذلك أنه لا يقال له بعد هذا الهراء المبين: لقد أمتعتنا!!! سبحان الله! هكذا يستفتح ذلك الطالب "الحكيم" الذي فيما يلي نستمع لرده "الحكيم" على ذلك المجرم، والذي من أجل رده هذا انتشر هذا الحوار على المنتديات كالنار في الهشيم، فالله المستعان!!
أما ما يلي من كلام واهن يقدمه الطالب حجة في وجه الملحد ففي الحقيقة لا حجة فيه أصلا! فالرجل لا ينكر أن سبب وقوع الشر هو غياب الخير! ولكنه يتكلم في أن الخالق القدير الذي بيده منع ذلك السبب في وقوع الشر ووجوده = لم يمنعه !!! ومع ذلك فاننا نرى الطالب يهيم في واد آخر ويرد بقوله أنه انطلاقا من "منطق ازدواجي" يقرر البروفسيور بأن الخير مكافئ للشر وأنهما كيانان موجودان يتصارعان في الدنيا، بينما الأمر ليس كذلك – في زعمه – لأن الشر ليس الا غياب الخير، كما أن الظلام ليس الا غياب النور، والبرد ليس الا غياب طاقة الحرارة وما الى ذلك من أمثلة أفاض في ضربها.. وهذا على هذا الاعتبار وفي هذا المقام قياس ناقص فاسد! وزعمه ان الشر ليس له وجود مادي وليس الا غياب الخير، هذا زعم باطل يكذبه الحس والواقع: بل الشر له رجاله وجنوده وخططه ووسائله وأدواته التي لا تخفى عن ذي بصر!! فباعتبار ارادة الله وخلقه فكل هذه الأشياء خلق مقدور أراده الله وخلقه وقدره تقديرا! فهذا القياس الذي تكلم به لا ينفي كون الله أراد خلق ذلك الشر في الأرض وقدره تقديرا، ولا يدفع الشبهة عن ذلك المتكلم!
الله تعالى خلق الأخيار وخلق أفعالهم (التي هي الخير) وخلق كذلك الأشرار وخلق أفعالهم (التي هي الشر).. فليس الشر في الدنيا على هذا الاعتبار، مجرد حالة عارضة لم توجد الا لغياب ما خلقه الله من الخير، وانما هو خلق مخصوص موجود غير معدوم خلقه الله بارادته الكونية خلقا مقصودا لغاية هي جزء من الغاية من خلق الحياة الدنيا نفسها، وجعل سبب وقوعه في الدنيا – من جهة الأسباب فقط – هو غياب المبادئ والأخلاق وكذا، وذلك لتتحقق حكمة الابتلاء والاختبار، وهي الغاية من خلق السماوات والأرض ابتداءا!
وهذا هو المعنى الذي عجز ذلك الطالب عن مجرد الاشارة اليه، والذي لا يفهم ولا يقبل العقل أبدا أي تبرير لوجود الشر في خلق الله للدنيا الا به!! فلا نقول أن الشر هو حالة غياب الخير الذي أراده الله وخلقه، فيتوهم السامع أن الله لم يرد خلق الشر في الدنيا ارادة فعلية حقيقية تماما كما خلق فيها الخير!! بل هو شر مخلوق كما أن الخير مخلوق، وكلاهما يعملان في الدنيا لتمام الغاية والحكمة التي من أجلها خلقت السماوات والأرض جميعا، ألا وهي الابتلاء!! ابتلاء الثقلين المكلفين باالايمان والاختيار والعمل..
فلا حجة في كلام ذلك المسكين ولا الزام على الاطلاق!! بل انه أشبه ما يكون عندي بحجج النصارى بين أيدي الملاحدة – وهذا ما يجعلني في الحقيقة أميل الى الظن بأن هذا النص كان مصدره ترجمة لحوار جرى بين ذلك الملحد المذكور وشباب من النصارى وليس من المسلمين، أو ربما كان خلطا لعدد من المحاورات منها ما قام به نصارى ومنها ما قام به مسلمون، فجمعه الكاتب ي قالب حوار واحد طويل ورسم له تلك القصة الواحدة، والله أعلم.
أميل الى هذا الظن لأن النصارى هم الذين يؤمنون بأن الشر من صنع الشيطان لا من خلق الله، وأن الله – حاشاه وتعالى علوا كبيرا – ماض في صراع ندي مع الشيطان لتطهير الأرض من الشرور، وأنه قد رسم "خطة" تتحرك الروح القدس في تنفيذها في سبيل ذلك، كما يدعون قاتلهم الله! ففي ضوء هذا المعتقد عندهم فانهم يتذرعون بأن الشر سببه أن الروح القدس لم تدخل الى ذلك المكان بعد، وأن الله لا يريد – دونما تفريق بين ارادة تكوين وخلق وارادة تشريع وابتلاء – لذلك الشر أن يكون موجودا في الدنيا على الاطلاق، فيكون الناتج البدهي أن يقول لهم مناظرهم: اذا هو موجود رغما عنه – سبحانه وتعالى عن ذلك – فتنهار حينئذ سائر حججهم ومتمسكاتهم الواهية، ولا يجدون جوابا!!!
فهذا المثال وهذه الحجة هي من هذا الصنف، من صنف حجج النصارى!! فكأنما يريد أن ينفي أن يكون الله قد أراد خلق الشر في العالم، ولكن لا يدري كيف ينتهي الى تلك النتيجة!!!
الا أن ذكر الطالب في كلامه لمسألة الاختيار، يجعلني أتصور أنه لم يكن نصرانيا وانما كان مسلما جاهلا.. (أو ربما كان الحوار مخلطا من جمع ولصق لحوارات كثيرة كما أسلفت) حيث قال: " إذًا يوجد شرور في العالم يا بروفيسور، وجميعنا متفقون على أنه يوجد شرور، ثم أن الله إذا كان موجوداً فهو أنجز عملاً من خلال توكيله للشرور، ما هو العمل الذي أنجزه الله؟ القرآن يخبرنا أنه ليرى إذا ما كان كل فرد منا وبكامل حريته الشخصية سوف يختار الخير أم الشرّ"
وهذا الكلام بهذا الأسلوب غريب حقا.. أن يقال أن الله جعل الشرور سبيلا "لانجاز" عمل وهو القرءان! القرءان ليس هو الغاية من خلق الحياة الدنيا، وانما هو كلامه المنزل الذي هو سبيل النجاة فيها في ضوء الغاية التي ما خلق الكون كله الا من أجلها! فكيف لا يصرح المتكلم في هذا المقام الدقيق بأن الغاية من خلق السماوات والأرض كلها، ليس الشر فقط ولا تنزيل القرءان وسائر الكتب فقط = انما هو الابتلاء والامتحان بالاختيار والعمل، لينحل بذلك الاشكال من أساسه، دون الحاجة الى ذلك اللجاج الطويل الذي قدم به الكلام وفتح به أبواب انهدام الحجة على رأسه؟؟؟
فلا الحجة واضحة ولا صياغتها خرجت بما يتكلم به المسلمون أصلا، (الله لم "يوكل" الشر "لينجز" القرءان!!!) والله المستعان!
هذا الاستطراد في وسط كلام الطالب اذ يقول: "كان يمكن أن أفكر أن غياب قانون الله الأخلاقي في هذا العالم هو ربما أحد أكثر الظواهر ملاحظة " ثم ينتقل ليقول:
" الجرائد تجمع بلايين الدولارات من إصدارها أسبوعيًا، أخبرني يا بروفيسور هل تدرسّ تلاميذك أنهم تطوروا من قرد؟ "
فما هذا الخلط العجيب؟؟؟؟ كان يمكن ان يفكر – بحد لفظه، ولعلها ترجمة حرفية ركيكة - أن غياب قانون الله الأخلاقي ... الخ! ولكنه لم يفكر بهذا؟؟ فبماذا فكر؟؟؟ العبارة مبتورة بوضوح! ثم ما علاقة غياب "قانون الله الأخلاقي" بالجرائد التي تجمع بلايين الدولارات، بتعليم البروفيسور لنظرية داروين؟؟؟؟ كأن هناك سقطا في الحوار أو قصا ولصقا فاسدا!! والا كان ذلك المتكلم يهذي في الهواء!!!
لفت انتباهي قول الكاتب في ثنايا الكلام واصفا رد فعل البروفيسور: "( طبعا لو أن البروفيسور كان عربيًا لطرده من القاعة، وربما من الجامعة ) " فهذا تعليق فاسد ولا شك!! ما معنى "لو كان عربيا" ؟؟؟ العرب فيهم مسلمون وفيهم كفار وفيهم ملاحدة أيضا!! فما علاقة جنسية البروفيسور بهدوئه – مثلا – أو صبره على كلام الطالب؟؟؟ وهل حسن الاستماع صفة منتفية عن "العرب" – هكذا – بينما يتمتع بها الغربيون الكفار – هكذا على اطلاق؟؟ هذا من رواسب عقدة "الخواجة" الجاهلية عند الكاتب.. نسأل الله العافية.
وهل قول البروفيسور هذا فيما بعد: " سوف أتغاضى عن وقاحتك في ضوء مناقشتنا الفلسفية، الآن هل انتهيت؟" هذا مما يدل على حسن الاستماع والخطاب عنده والذي لا يرى الكاتب المسكين مثله في "العرب" ؟؟؟ هداه الله وغفر له!
أما قول الطالب: "" سيدي، ذكرت بشكل صحيح أن العلم هو دراسة الظواهر المرئية، والعلم أيضاً هو فرضيات فاسدة ""
فهذا اطلاق فاسد في ذاته! نعم العلم فيه فرضيات ونظريات، الا أنها ليست كلها فاسدة، ففيها الصحيح وفيها الفاسد .. وهذا أمر لا ينكره عاقل!!
ما ينتقل اليه الطالب يعد ذلك من حجة وجود العقل وفساد الوصول الى الحكم بغيابه لامتناع مشاهدته والحس به، هو حجة مشهورة – وهي حجة ظاهرة صحيحة ولا شك - وأظن أن الذي قام بجمع هذا النص قد رأى أن يختم الحوار بوضع هذه الحجة المشهورة لتكون بمثابة الضربة القاضية في الجدال. وعلى أي حال فان كان مسلما، فحسنا فعل في ذلك الجمع، ولكنه أساء ولا شك وكذب في دعواه أنه كان حوارا واحدا جرى في جامعة كذا على هذا النحو!! وما كان يضيره من شيء لو صرح بأنه حوار أو مناظرة افتراضية قام بجمع مادتها من حوارات أخرى – مثلا – أو ألفها من عند نفسه!
ومما يحلو لي ذكره هنا أني قد وجدت في أحد منتديات الملاحدة أحدهم ينتقد حجة "الأستاذ لا عقل له" بزعمه بأن هذا سوء أدب من الطالب! وليس كذلك أنه من باب الزام المجادل بلوازم منهجه، لاثبات فساد ذلك المنهج في الاستدلال! والا فمعلوم أن البروفيسور له عقل كما لسائر البشر!! واحتج أحدهم على هذه الحجة بأن العقل لا نعرفه بالنظر الى خلاياه ولكن برؤية لوازم وجوده وهي التفكير والحركة والعمل وكذا .. وغفل ذلك المسكين عن أن هذه الاستدلال هو عين ما نريد الوصول اليه من هذا المثال، وهو ما يستدل به جميع العقلاء على وجود الله: آثار صنعته في الوجود سبحانه وتعالى، لا رؤيته بذاته عبر الحواس والتجريب!!

هذه هي ملاحظاتي على النص، وقد أسهبت فيها واستطردت لشعوري بأهمية تلك الفوائد التي ذكرتها في ثنايا النقد، والله أسأل أن ينفع به قارئه وأن يغفر لي ذنبي وزللي .. آمين.

هذا وفيما يلي اعادة صياغة أعددتها لهذا الحوار، في صورة حوار آخر افتراضي بين ذلك الفيلسوف والطالب المسلم.. كتبته ليكون فيه ارشاد لمن أراد محاجة الملاحدة أن يتعلم كيف يأتي بنيانهم من القواعد ويرجعهم في كل ما يقول الى الكتاب الذي لا نجاة لانسان حتى يعتقد انه كلام رب العالمين، خالق كل شيء سبحانه وتعالى.. فانطلاقنا بحججنا لا يأتي من رؤوسنا ولا من عند أنفسنا وانما مما علمنا ربنا، فهو الكتاب الذي فيه الحجة الدامغة الباقية الى قيام الساعة، والتي لا مزيد عليها ولا قيمة للجاج دونها، والذي به هدى الله من هدى من الأولين، ويهدي به من يشاء من اللاحقين، والحمد لله رب العالمين، والله نسأل أن يتوفانا مسلمين، آمين.
ولعل الاخوة الدعاة المعتنين بمناظرة الملاحدة أن ينقلوا هذه الصياغة في مكان تلك المتهافتة المتهاوية سابقة الذكر، ولعل الله أن يجعلها سببا لهداية من يشاء من خلقه وأن يوصل بها النور الى قلوب غلفها الجهل والحقد والهوى .. والله الموفق الى ما يحب ويرضى.-------

الحمد لله وحده ..
وقف البروفيسور الملحد المغرور أمام فصله وطلب من أحد طلبته الذين يظهر عليهم سمت المسلمين، أن يقف، ثم قال له:
أنت مسلم، أليس كذلك يا بني؟
الطالب المسلم: نعم، يا دكتور.
البروفيسور: لذلك فأنت تؤمن بالله؟
الطالب المسلم: لا أشك فيه طرفة عين!
البروفيسور : عظيم! فأنت اذا تؤمن بأن الله خيّر وبأنه لا حدود لقدرته..
الطالب المسلم : بالتأكيد!
البروفيسور : حسنا.. هذا سؤالي لك، لنفترض أنّ شخصا مريضا دخل الى هنا وأنت يمكنك أن تعالجه وفي استطاعتك أن تفعل ذلك، فهل تساعده؟ هل تحاول ذلك؟
الطالب المسلم: نعم يا دكتور، سوف أفعل طلبا للثواب من ربي..
البروفيسور: إذًا أنت رجل خيّر لا تمتنع عن فعل الخير متى أمكنك!!
الطالب المسلم : لا يمكنني قول ذلك عن نفسي.
البروفيسور: لماذا لا يمكنك أن تقول بذلك؟ أنت سوف
تساعد شخصا مريضا ومعاقا عندما تستطيع ولن تتأخر عن ذلك
ولكن يا بني: الله الذي تعبده لا يفعل ذلك مع كونه قادرا مستطيعا!! بل انه هو الذي أمرضه وأعاقه باختياره مع أنه لو شاء لما فعل!! فأنت اذا أخير وأفضل من ربك!!
يتبسم البروفيسور بسمة انتصار واضحة!
فاذا بالطالب المسلم يقول: أولا يا بروفيسور، أنا لا يمكنني أن أقول بأن كل من ينقذ رجلا مريضا أو معاقا يعد فاعلا للخير على سبيل القاعدة المطلقة، لأنه قد يكون انقاذه له من أجل غرض شرير يضمره ولا يعلنه ويخفيه في صدره... نعم! قد يكون ذلك جزءا من خطة شريرة عنده لا تظهر للناس، أو لقصد وغاية خبيثة، علم بها من علم وجهل بها من جهل!
ولهذا فالعمل عندنا في ديننا أساسه النوايا، وعليها يتميز، وهي امتحان الرب للبشر، هي وذات العمل نفسه.. فالأعمال بالنيات وهذا أصل من أصول ديننا. فمن عمل عملا ظاهره الخير وهو يريد به الشر، كتب له عملا شريرا آثما، واعتبر عند الرب الذي يعلم سرائر الخلق وما يخفون في أنفسهم وما هو أخفى منه: آثما شريرا، وان انتفع بذلك العمل من انتفع من الناس، ومن لم يرد بما يعمل أجرا من ربه في الآخرة لم يكن له بعد موته من عمله ذاك من نصيب، مهما كان العمل في نفسه عظيما! ومسألة النية هذه لا يطلع عليها الا خالق القلوب وباريها.
كما أن الأعمال بالمقاصد والمآلات.. والوسائل لها نفس أحكام المقاصد في شريعة الله، شريعة الحكمة المطلقة.. فمن عمل عملا شريرا – في نفسه - يريد به أن يدفع شرا أكبر منه – ودفع أكبر الضررين وجلب أكبر المنفعتين قاعدة من قواعد الشريعة كذلك - فانه يؤجر على ذلك ويعد رجلا خيرا حكيما.. ألا ترى أنه اذا قبض أحد الحراس على مجرم سفاح قاتل ونكل به وانتقم منه كان في حكم العقل والعرف بطلا شريفا؟ ولو أن القاضي حكم بقتل ذلك المجرم كان ذلك منه عين العدالة والحكمة، ولا نقبل منه غير ذلك!
فهذا خير ولا شك، مع أن العمل في نفسه قتل وازهاق نفس!!
فالشر لا يكون شرا الا ان كان شرا من كل الوجوه والمآلات.. ويغلب ضرره على نفعه.. والخير لا يكون خيرا الا ان كان خيرا من كل الوجوه والمآلات.. ويغلب خيره ونفعه على ضرره.. والحكيم هو الذي يزن الأمور بميزان حساس دقيق، فلا ينظر الى ذات العمل وحده وينزعه عند الحكم عليه من سباقه ولحاقه ودوافعه وثمراته!
فليس كل من يفعل الخير فيما يظهر للناس هو فاعل خير على الحقيقة ولا العكس!!
قد يساعد أحد الخبثاء رجلا ضرير البصر على عبور الطريق لا لشيء الا ليحاول أن يسرق حافظة نقوده!! فهذا ساعد مريضا معاقا على حاجته، ففعل فعلا خيرا فيما يظهر للناس، ولكن سواء وفق في سرقة الحافظة في غفلة من الناس أم لم يوفق، هل هو في نفسه يوصف بأنه رجل خير؟؟؟ كلا!!
البروفيسور: اذا فأنت تدعي أن الهك خلق الشر في الأرض من أجل الخير؟؟؟ كيف هذا؟؟
حينئذ يجيب الطالب جوابا طويلا قائلا:
لا أقول أنه يَحسُن بل انه يجب لمصلحة الخلق والغاية التي من أجلها خلقت الدنيا وجميع ما فيها، أن يكون فيها الشر والمرض والفساد!!
فلو فهمتَ يا بروفيسور لماذا خلق الله السماوات والأرض ابتداءا لعلمت أنها ما خلقت الا من أجل الامتحان والابتلاء.
((الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ)) [الملك : 2]
((وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)) [الذاريات : 56]
((وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً)) [الفرقان : 20]

كل ما يصيبنا فيها امتحان، حتى نحاسب على اختياراتنا وما نحن فاعلون!
الخير الذي يصيبنا امتحان، والشر الذي يصيبنا في الدنيا هو أيضا امتحان!
انكم أيها البروفيسور تقولون أن مجرد وجود الشر والمرض في الأرض هذا دليل اما على أن الرب غير قادر على جعل الحياة الدنيا جنة تخلو من الشر، أو على أنه شرير يريد أن تكون الدنيا مكانا للشر يخلو من الخير! وأنا أقول لك أن هذا الاستدلال باطل لأنه مبني على فهم فاسد أصلا للغاية من خلق الحياة الدنيا نفسها!!
الشيطان مخلوق من مخلوقات الله خلقه لذات الغاية التي من أجلها خلق كل صنوف الشر!! ليس الشطيان ندا لله ولا منافسا له ولا هو في "صراع" النظير معه، يتسابقان على جمع الناس! هذا تصور من لا يفهم لماذا خلق الله الخلق!
الخير والشر متصارعان في هذه الدنيا صراعا طاحنا بين المخلوقين، لا صراعا للخالق واتباعه ضد نظير له من خلقه له أتباعه!! الله غني عن العالمين، لا ند ولا مكافئ له ولا نظير! والعقل المحض يوجب أن يكون الرب الخالق لكل شيء، منزها فوق الندية للمخلوقين! فالصراع ليس بينه وبين منافسه! وانما هو بين مخلوقات اختارت الخيار الصائب، وأخرى ضلت وانكرفت، وما كان خلق هؤلاء ولا هؤلاء في الدنيا الا ليبتلى كل فريق منهم بالآخر، ويمتحن في اختياره ويحاسب عليه ويجزاه الجزاء الأوفى! انه صراع كان ولا يزال ماضيا في جميع العصور.. وهذا الصراع في حد ذاته هو في الحقيقة الغاية من خلق الحياة الدنيا نفسها على هذا النحو، ومن ابتلاء وامتحان المكلفين فيها!! لو أرادها خالقها جنة ينعم الناس فيها ويرفهون لجعلها كذلك، ولو أرادها جحيما يعذبون فيه ويهلكون لجعلها كذلك ولكن ما هكذا أراد لها خالقها!
تأمل هذه النصوص:
((وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ)) [هود : 118]
((وَلَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَا مِنكُم مَّلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ)) [الزخرف : 60]
((وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ)) [المائدة : 48]
((وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن يُدْخِلُ مَن يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُم مِّن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ)) [الشورى : 8]
((وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ)) [الأنعام : 165]
((وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُم مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَـذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ)) [هود : 7]
((وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ)) [السجدة : 13]
((الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ)) [الملك : 2]
((كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ)) [الأنبياء : 35]
وغير ذلك في ذلك الكتاب في هذا المعنى كثير وكثير!

ولا عجب!
ألا ترى أننا لا نعرف هل الصنعة التي صنعها الصانع صنعة جيدة أم تالفة حتى نستعلم منه هو نفسه عن الغاية التي من أجلها صنع تلك الصنعة؟؟ لهذا فانه لا نفع لأداة تقع في يدك دون أن يكون لها "كتيب ارشادات" من اعداد صانعها يخبرك فيه لماذا صنعها على نحو ما صنعها، وما هي الغاية التي يريدها منها! أما أن يترك الصانع ذلك الأمر الخطير للناس ليجتهدوا في محاولة فهمه، فيصيب من يصيب ويخطئ من يخطئ ويهلك من يهلك، وهو في ذلك كله لا يعنيه ما الناس فاعلون بها، - يتركهم فيها هملا فلا هو أرشدهم الى ما يريد منهم ولا عدل بهم فوفاهم جزاء أعمالهم بعد خروجهم منها بالعدل فمن بلغه مراد ربه وعمل به كوفئ ومن بلغه ولم يعمل به حوسب، ومن لم يبلغه كان له امتحانه الخاص في يوم الحساب حتى يتساوى الخلق جميعا في عدالة خالقهم التامة، وفي الغاية من خلق الدنيا (= الامتحان والابتلاء بالعمل) فلا يترك محسنا الا كافأه ولا مسيئا الا جازاه باساءته - أن يترك الصانع تلك الصنعة هملا وعبثا هكذا فهذا شر محض أو عجز وجهل محض! والرب سبحانه منزه عن ذلك!
((أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ)) [المؤمنون : 115]
ولهذا أيها البروفيسور، فانه لا يُتصور أن ربا حكيما كاملا متصفا بصفات الكمال والحسن كلها، يصنع صنعة تعجز أو تتخلف عن الغاية التي من أجلها صنعت!! فمعيار حكمنا على صنعة الخلق في الدنيا ليس هل نحن منعمون فيها كما نهوى أم لا، وانما: هل هي صالحة للقيام بغاية الامتحان والابتلاء التي خلقها من أجلها خالقها أم لا!! فاذا كان الكمال، غاية الكمال في اتقان الصنعة، هو أن تعمل تلك الصنعة عملا محكما دقيقا من أجل الغاية التي صنعت من أجلها دون زيادة أو نقصان، فاننا حينئذ نفهم أنه لن تعمل الدنيا للغاية التي خلقت لها الا بوجود ما فيها من الشر والمرض والألم والكوارث والعلل والتشوهات وغير ذلك مما ترونه ولا تفهمون له تفسيرا!!
ولا عجب ألا تجدوا له تفسيرا في نظرياتكم وظنونكم!!
لماذا يوجد الشر؟
لماذا خلق الله الشر؟
لماذا يمرض الناس؟
لماذا هناك زلازل ؟؟
لماذا هناك كوارث وحروب؟؟
لماذا يموت الناس؟؟
لماذا .. لماذا .. لماذا ...
كل هذا عندنا جوابه الذي لا يقبل عقل سوي بخلافه..
فمن أين جئنا نحن بهذا الفهم؟؟
انما جئنا به من كتاب الارشاد الذي أنزله الرب للناس وأمرهم بألا يأخذوا الحق الا منه، فلن يجدوه الا فيه!! انه كتاب الوحي السماوي الذي ينزله الله على كل رسول يصطفيه لينذر به أمته!
انه "الكتاب"!
وخاتم تلك الكتب هو هذا الذي بين أيدينا، المحفوظ الى قيام الساعة، كتاب الله القرءان.
كتاب الهداية والوحي والارشاد .. والذي يجيب الانسان على سائر تلك الأسئلة جوابا حكيما لا تستقيم له حياته ولا يعتدل له قلبه ولا ينجو بعد موته - ما دام قد سمعه وبلغته دعوته - الا بحسن فهمه والعمل بما فيه!
حاولوا ما شئتم يا أرباب الفلسفة أن تأتوا من ظنونكم وافتراضاتكم بجواب شاف محكم يربط الدنيا بما بعدها والحياة بالموت والخير بالشر، ويضع كل الأسئلة في منظومة واحدة لها جواب واحد، لا يؤدي بمن يتأمله الا الى تعظيم الخالق الواحد الأحد ومحبته وتقديره حق قدره، والقناعة بنسبة سائر المحامد اليه..
حاولوا بعقولكم في معزل عن هذا الكتاب، ثم تعالوا لنتناقش فيما جئتم به، ولن تأتوا الا بمثل ما جاء به سابقوكم مما لا شفاء فيه ولا غنية ولا يورث الا الريبة والشك والجزع!
فهلا ساءلتم الصانع عن صنعته أيها البروفيسور؟؟؟
ان ادعاءنا بأن الله هو خالق السماوات والأرض لا ينفصل ولا ينفك طرفة عين عن دعوانا بأن القرءان هو كتابه المنزل وهو كلامه الحق!!
فكيف أطلب منك قبول زعمي بأن خالق العالم اسمه الله، ولا أطالبك بالنظر فيما يقول هذا الخالق عن خلقه وعن الغرض منه فيما أدعي أنا أنه كتابه المنزل من عنده، والذي لا سبيل لفهم ذلك الغرض الا منه؟؟
انني أدعوك يا بروفيسور الى أن تنظر الى الأمر على اعتبار أن الدنيا ليست دارا منقطعة منبتة، وانما هي دار عمل موصولة بحساب من بعدها ثم جزاء عادل! لو تأملت لوجدت هذا هو مقتضى عدالة خالق تلك الدنيا! فلا يموت انسان وقد أجرم وأذنب وطغى في الناس الا وبعد موته يجد جزاءه العادل! ولا يموت انسان قد عمل من الخير ما ظهر للناس أو خفي عنهم، كافأوه به أو لم يكافئوه، الا وله جزاءه أيضا.. ولكن على شرط أن يكون مريدا به ما يريد الخالق من مخلوقاته أن يريدوه ويقصدوه فيكون لهم الأجر منه عليه، وأن يكون الخير عند هذا العامل هو ما أخبر الخالق نفسه أنه خير، والشر هو ما قرر الخالق أنه شر، لا ما ظنه كل فيلسوف بتنظيره وافتراض عقله، أصاب فيه أو أخطأ، وتابعه على ذلك من الناس من تابعه!!
فان قبلتَ من الأساس أن هذا المتكلم في هذا الكتاب هو خالق كل شيء، فأنى لك بعد ذلك أن ترد عليه – وهو العليم بخلقه ((ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير)) – ما أخبرك في رسالته اليك بأنه خير، هكذا بظنونك أنت وأنت لا ترى من مآلات الأمور الا مقدار ما يراه الانسان العاجز – عجز البشر ونقصهم الطبيعي - مهما قدر، الصغير مهما كبر؟؟؟ أنت حتى لا ترى ما وراء هذا الجدار وهو ما يبعد عنك الا بضعة أمتار!! أفتكون أنت أحكم وأعلم من الذي خلق كل شيء وعلم كل شيء؟ كلا ولا ريب! أفتكون في غنية عن أن يرشدك بعلمه الى ما تصح به حياتك ويستقيم لك به أمرك؟؟ كلا ولا ريب! ولا ينكر هذا الا مكابر مغرور، يتغافل أو يتعامى متعمدا عما علمه يقينا من تاريخ الفلسفة الحافل الطويل ومقدار ما فيها من شك وريبة وتقلب وتخبط وظنون تناطح ظنونا وأوهام تناطح أوهاما وافتراضات متضاربة كلها مبنية على أسس هشة من الظن لا تكاد تبقى في الأرض بضعة قرون أو ربما عقود معدودة حتى يظهر من ينقضها نقضا وينصرف القوم من حولها حيارى الى غيرها من مثلها كما السوائم لا يوجهها راع ولا مرشد!!!
فهي كما في هذا المثال البديع:
((فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ)) [الرعد : 17]
وهذا المثال:
((أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء)) [إبراهيم : 24]
((وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ)) [إبراهيم : 26]
وصدق الذي قال: ((وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنّاً إَنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ عَلَيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ)) [يونس : 36]
وقال: ((أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)) [التوبة : 109]
ومن هنا فمرضك يا بروفيسور – ان مرضتَ – شر لك ان لم تعمل بما أراد الخالق من عباده أن يعملوا به في تلك الأحوال!! فمن صبر واحتسب وحسن ظنه بربه على شدة ما يلاقي، غفر له ذنبه، وارتفعت درجته وفاز في الآخرة وعلا أجره! أما من جزع وقنط من رحمة ربه وساء ظنه بالله فقد خسر ولا شك، وخاب وندم حيث لا يجدي الندم!!
المسألة ليست لعبا ولا مزاحا ولا وهما!! لسنا هنا في دار تنعيم ورفاهية، تحت رعاية رب "يحاول" أن يحمينا من الأمراض والأوجاع والأسقام ويحاول أن يحسن الينا لكنه لا يستطيع!! كلا وحاشاه سبحانه، انما نحن في دار جعل خالقها فيها هذا الذي تراه من البلايا والشرور لحكمة بالغة قد أفلح من فهمها وعمل بمقتضاها، وآمن بالبعث والحساب والنشوروعمل من أجل مشهد يوم عظيم، وقد خاب وخسر من بلغه ذلك العلم عن ربه فصده وأبى أن يقبله، وحرص على ألا يموت الا شاتما لربه متنقصا منه مسيئا اليه، على أي وجه كانت تلك الاساءة!!
أسأل الله السلامة
وفيما علمنا نبينا أن الرجل المؤمن لا يصاب بمرض حتى الشوكة يشاكها الا غفر له بها ذنب أو رفعت له بها درجة ان كان من الصابرين المحسنين المتوجهين الى ربهم بالضراعة والدعاء.. وفي الحديث الصحيح يعجب النبي عليه السلام من أمر المؤمن كيف أن كل أمره له خير، وليس ذلك لأحد الا المؤمن: ان أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وان أصابته ضراء صبر فكان خيرا له!!
فكل أمره خير، مهما أصابه!
انه المؤمن الذي آمن بالله وآمن – كذلك ولا بد – باليوم الآخر!! فهما ايمانان لا ينفصلان! أنت ذاهب اليه بعد موتك وكذا كل من وطئ تلك الأرض من البشر! كلهم راجعون اليه محاسبون أمامه.. فمن كفر بيوم الحساب فكيف له أن يفهم الحكمة من الحياة والموت والأوجاع والمضار والأسقام وغير ذلك مما هو واجد في هذه الدنيا، وكيف له أن يصبر عليها أو أن يحتملها فضلا عن أن يفهم لها ولو وجها واحدا من وجوه الخير؟؟

هنا يتوقف البروفيسور مغضبا ولا يجد ما يقول .. ثم بعد برهة طويلة وهمهمة عالية من الطلبة ينظر الى الطالب ويقول:
البروفيسور : يؤسفني أن أقول أن خطبتك الطويلة هذه لا تثبت لك شيئا..
يقول العلم أن لديك خمس حواس تستعملها لتدرك العالم
من حولك، أليس كذلك؟
فهل رأيت الله ؟؟؟؟
الطالب المسلم: كلا لم أره أبداً
البروفيسور: إذًا أخبرنا إذا ما كنت قد سمعت إلاهك؟
الطالب المسلم: لم يحدث
البروفيسور : هل سبق وشعرت بإلاهك؟ تذوقت إلهك؟ أو شممت
إلهك فعلياً؟ هل
لديك أيّ إدراك حسّي لإلهك من أي نوع؟
الطالب المسلم : كلا.
البروفيسور : ولا زلت تؤمن به؟
الطالب المسلم: نعم ولا أرتاب فيه طرفة عين!
وأفهم الحكمة من ذلك التغييب أيضا، اذا سمحت لي ببيانها!
البروفيسور : الحكمة من أي شيء؟؟
الطالب المسلم: من استتار الرب في الغيب وامتناع ادراك حواسنا له في هذه الدنيا..
البروفيسور: فما هي اذا؟
انه نفس الجواب الواحد الذي علمه لنا ربنا: انه الابتلاء!
ان رأس الابتلاء في الدنيا لكل انسان انما هو الايمان، والايمان تصديق يتبعه عمل.. وأنا أسألك يا بروفيسور، لو أنك رأيت الله اليوم، كشف عنه الحجاب في السماء وظهر لك، وظهرت قوته الذاتية وتجلت لك لتراها بعينك، - على عظم ذلك الخالق سبحانه والذي لا ترضى العقول السوية بأقل من الاقرار بضرورة ذلك العظم المتناهي له ولذاته وصفاته، - هل يسعك بعد ذلك أن تكفر به أو تكذب رسله؟
البروفيسور: لو وقع ما تقول حقا وأدركته حواسي حقيقة لا وهما، فبلا شك لن أملك أن أنكر وجوده!
الطالب المسلم: عظيم! فلهذا السبب يا بروفيسور ولهذه العلة بالتحديد، فانه سبحانه يحجب نفسه عن المكلفين فلا يرونه قبل يوم الحساب!
البروفيسور: كيف هذا؟ تقصد أنه يحجب نفسه لأنه يريد منا أن نكفر وننكر وجوده؟؟؟
الطالب المسلم: كلا! ولكن لأنه يريد أن يمتحنك في ذلك.. هل ستقر بوجوه على نحو ما يقر كل عاقل لا يكاد ينظر الى شيء في الدنيا الا ويجده يصرخ في وجهه بأن له خالق مدبر حكيم متقن لا حد لقدرته؟؟ أم ستختار أن تنكر الواضحات الجليات بحجة أنك لا تراه هو نفسه بعينيك!!
لهذا فانه لا يرسل بآية كونية كبرى، كأن يكشف ستار السماوات للبشر جميعا ليروا نوره سبحانه، أو أن ينزل لهم ملائكة – والملائكة خلق عظيم مهيب قد وصفه النبي عليه السلام فيما ترك لنا من نصوص الوحي – أو نحو ذلك حتى يظل الانظار والامهال والابتلاء قائما الى يوم الحساب – وهو غاية خلق الحياة الدنيا أصلا – فيهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة، ويختار كل عاقل ما يختار وهو مسؤول عنه! فاذا كان يوم القيامة، انشقت السماء وتنزلت الملائكة وقضي الأمر، وصار الخبر الغيبي واقعا عينيا مشاهدا، فمن آمن وصدق بالحق فاز، ومن كفر وكذب واستكبر هلك، ولا يظلم ربك أحدا!!
واسمع هذا النص في كتاب الله: ((وَقَالُواْ لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكاً لَّقُضِيَ الأمْرُ ثُمَّ لاَ يُنظَرُونَ)) [الأنعام : 8]
أي لو رأوه على صورته التي خلقه الله عليها فانهم لن يطيقوا ذلك، ولهذا فلا يقع تنزل الملائكة جهارا الى الأرض على هذا النحو الا بقيام الساعة! فانهم اذ يطلبون ذلك فانما يطلبون ما يهلكهم، ولو أنه وقع لقضي الأمر ولما بقي في الأرض انظار ولا ابتلاء اذ حتى لو قدر أن بقوا من بعدها أحياء فلن يكون هناك ايمان وكفر أصلا فلا انظار اذا ولا امهال!!
فكيف بتجلي الله ذاته لهم وكشفه الحجب أمامهم؟؟ لما تجلى الرب للجبل كما في القرءان انهار الجبل وخر موسى صعقا، وما هذا الا بكشف شيء يسير من الحجب للجبل، الذي هو أصلب وأشد وأثقل الكتل على الأرض!!
فلو أراد الخالق أن يحمل سائر البشر على أن يؤمنوا به وعلى أن تنحني له أعناق وجباه البشر جميعا في صعيد واحد فلا ترفع رأسها من السجود أبدا، لفعل ولما أعجزه ذلك ولا عجب، ولكنه لا يريد ذلك:
((إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّن السَّمَاء آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ)) [الشعراء : 4]
وانما المراد أن يكون هناك انظار وامهال واختيار وسؤال! ولهذا خلقت الدنيا وأنظر الناس فيها الى يوم الوقت المعلوم!
فلهذا، ابحث يا بروفيسور مهما تبحث، وانظر مهما تنظر، فلن ترى الله في هذه الدنيا ولن تسمعه مهما مد لك في عمرك!! وتظل مع ذلك كغيرك من البشر مطالبا بالايمان به بآياته وآثاره وأعماله التي لا ينكرها رجل له عينان.
ثم استطرد الطالب قائلا:
أخبرني يا بروفيسور ألست تدرسّ تلاميذك أنهم تطوروا من
قرد؟
فهل سبق وأن رأيت هذا التطوّر بعيني رأسك يا دكتور؟
يقف البروفيسور متحجرا ولا يجيب!
الطالب المسلم : برفيسور، بما أنه لم يسبق لأحد أن رأى عملية التطوّر هذه
فعلياً من قبل ولا يمكن حتى إثبات أن هذه العملية تتم بشكل مطرد، فهي غير
موجودة إذًا! واذ تقوم أنت بتدريسها فأنت لست بعالم و إنما أنت كاهن! فهذه عقيدتك في الغيب وليست امرا مشاهدا ملموسا محسوسا قد قمت أو قام غيرك برصده واختباره امبيريقيا!
البروفيسور غاضبا: من الذي قال هذا؟؟ الارتقاء ثابت علميا بالتجربة والمشاهدة ولا مراء فيه!!
الطالب المسلم: كلا ليس ثابتا! انما الثابت أن هناك كائنات تتغير خصائصها الجينية من جيل الى جيل لأسباب مختلفة وتحت عوامل متعددة، ولكن هذا لا يثبت وحدة أصل الأنواع كما يدعي داروين، ولا يثبت – بالتأكيد – أن الانسان كان أصله القرد، ولا يثبت تلك الأسطورة الطويلة المفصلة التي شيدها الارتقائيون ليشرحوا بها كيف نشات كل صنوف الكائنات بالتدريج من بعضها البعض!!
فان شئت يا بروفيسور أن نقلب الجدال الى الكلام حول نظرية داروين فلا اشكال عندي ولكني أظن أن الوقت والمقام لن يسعفنا.. وخلاصة الأمر أن الارتقاء وان سماه أصحابه علما فهو في الحقيقة ليس الا ديانة غيبية أسطورية!!
فمصطلح "العلم" هو اصطلاح نطلقه نحن المسلمون على كل خبر وافق الواقع والحق بدليله.. بينما يطلقه أهل الفلسفة على كل افتراض وضعوه، سواء ثبتت صحته بالقطع واليقين أو الحس والمشاهدة أم لم تثبت!! فهو اصطلاح قد يطلق على فرضيات فاسدة، ربما يكون غاية ما عند أصحابها اذ يقررونها ويجعلونها "علما" أنهم لا يتصورون – بظنونهم الفاسدة – أن هناك ما هو أحسن تأويلا وتفسيرا لظواهر الطبيعة منها!! فلتسمه أنت علما كما يحلو لك يا دكتور ولكنه في الحقيقة وعند الحكماء ليس بعلم!!
عندئذ بدأ الفصل يصدر ضجيجاً، فتوقف التلميذ المسلم إلى أن هدأ
الضجيج
الطالب المسلم : لتكملة النقطة التي كنت أشرحها قبل ذلك لباقي
التلاميذ، هل يمكن لي
أن أعطي مثالاً لما أعنيه؟
البروفيسور بقي صامتا، والشاب المسلم يلقي نظرة حول الفصل
الطالب المسلم : هل يوجد أحد من الموجودين بالفصل سبق له وأن رأى عقل البروفيسور؟
عندئذ إنفجرت الضحكات بالفصل
وحينها أشار التلميذ المسلم إلى أستاذه العجوز المتهاوي وقال
هل يوجد أحد هنا سبق له و أن سمع عقل البروفيسور، لمس بعقل البروفيسور, تذوق او شمّ او رأى عقل البروفيسور؟
يبدو أنه لا يوجد أحد قد فعل ذلك، حسناً، طبقاً لقانون التجريب الامبيريقي، فإنني أعلن أن هذا
البروفيسور لا عقل له !!!
الفصل تعمّه الفوضى
التلميذ المسلم يجلس، البروفيسور لا يتفوه بكلمة.
......

انتهى.

حمادة
06-06-2009, 09:05 PM
up

موحد حتى الاستشهاد
06-07-2009, 03:59 AM
رائع

جزاك الله خيرا.

abouhayder
06-07-2009, 04:10 AM
أنا أشك في صحة هذه المناظرة مع أنني أميل الى نشرها فهي تعتمد ولا تعتضد والله المستعان .

حمادة
06-07-2009, 04:14 AM
--------------------------------------------------------------------------------

أنا أشك في صحة هذه المناظرة مع أنني أميل الى نشرها فهي تعتمد ولا تعتضد والله المستعان .
اخي الحبيب هل طالعت الموضوع ام لا ؟ لانه يفهم من كلامك انك لم تطالعه !
الموضوع هو نقد لتلك المناظرة التي ينشرها العوام فيما بينهم بغية احتساب الاجر والثواب .
شكرا

حمادة
06-07-2009, 04:21 AM
موحد حتى الاستشهاد
شكرا لك اخي الحبيب على المرور

التواضع سيصون العالم
06-01-2011, 08:23 PM
لديك حس نقدي أحسدك عليه اخي حمادة
غياب الحس النقدي هو أحد أسباب تخلفنا في الوقت الراهن من وجهة نظري
لذلك ترا هذه المنظارة منتشرة في كثير من المنتديات..ترا الردود على شكل
الله أكبر...ظهر الحق وزهق الباطل...ما أغبى الملاحدة وما أذكانا نحن المسلمون... على الرغم من أن هذه المنظارة هي الغباء في حد ذاته...طبعا قبل أن تنقيها من شوائبها
على الرغم من أني أفضل إلا تضرب عقل الاستاذ كمثال....فهو يستطيع أن يقول العقل هو الدماغ واستطيع أن اراه متى شئت...بل أفضل أن تضرب الثقب الأسود كمثال موجود غير قابل للإدراك بواسطة الحواس الخمسة بل ندركه عن طريق آثاره في الجاذبية
تحياتي

نور الدين الدمشقي
06-01-2011, 10:20 PM
أظن النقد منقول وليس من كلام الأخ الحبيب حمادة. وعلى أية حال, فهو نقد جيد.

أبو يحيى الموحد
06-01-2011, 11:25 PM
أظن النقد منقول وليس من كلام الأخ الحبيب حمادة. وعلى أية حال, فهو نقد جيد.


اخي ...الاخ حمادة كتب في اول الموضوع......منقول...:emrose:

التواضع سيصون العالم
06-01-2011, 11:35 PM
اخي ...الاخ حمادة كتب في اول الموضوع......منقول...
اعتقدت ان هذا نقد الأخ حمادة
إذا أخي حمادة بما أن النقد منقول...فأنا لا أحسدك على حسك النقدي:)):