المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لك الله ياغزة الشهاده والعزة



memainzin
01-07-2009, 04:40 PM
من أجمل ما قرأت اليوم أحببت أن أنقله لكم .

لَكِ اللَّهُ يا غَزَّةَ الشَّهَادَةِ و العِزَّة



بسم اللّه و الحمد للّه وحده ناصر المستضعفين، و الصّلاة و السّلام على خاتم النّبيين و سيّد المجاهدين. و بعد.

فصُور الدّماء و الأشلاء في غزّة لم تفارقنا منذ صبيحة يوم السّبت 29 ذو الحجة 1429هـ، الموافق لـ: 27 ديسمبر 2008م، و قد نقلتها لنا مختلف وسائل الإعلام و القنوات الفضائية لتبقى شاهدة مشهودة، بل تابعنا تدميرا و إرهابا على المباشر يتبعه و يتلوه صراخ و عويل لنساء و أطفال بل و لرجال أحيانا، فلم يملك أحدنا إلاّ دمعة حارّة يسيحها على خدّيه أو يد مرتعشة يضعها على رأسه؛ و هو يرى عِزّةً في غزّة تُنتهكُ حرمتها، و معاناة تُعالَج بالقنابل، و ظلام تُضاف إلى سواده الآلام، ثمّ لا يد حانية تمسح دمعة يتيم، و لا كلمة قوية تخزي ظلم ظالم، و كأنّ بأخبار اليوم أضحت قصصا ماضية، و كأنّ بصيحة الجسد المجروح وُجّهت لضمير مفقود.

سقوا فلسطين أحلاما ملوّنة و أطعموها سخيف القول و الخطبا

عاشوا على هامش الأحداث ما انتفضوا الأرض منهوبة والعرض مغتصبا

و خلّفوا القدس فوق الوحل عارية تُبيح عزّ نهديهـا لمن رغبا

لكم اللّه يا أهل الشّموخ في غزّة الباسلة، لا نملك و قد رأينا معاناتكم في عالم أعمى، و سمعنا صراخكم في دنيا صمّاء؛ إلاّ دعاء اللّه الواحد الأحد ناصر المستضعفين و مجيب دعاء المضطرّين، أنْ ينصركم على عدوّه و عدوّكم، و أنْ يرينا مصارع القوم المعتدين تتوالى كما رأينا صواريخهم تُضرب على الشّعب المرابط.

إنّها حلقة أخرى تُضاف إلى تاريخ فلسطين خاصّة و العالم الإسلامي عامّة، قد شاهدناها بعيون حائرة و تابعناها بقلوب ثائرة، كلّنا قد تحوّل حينها إلى طائر يودّ أن يجنِّح إلى أرض الرّباط أو فارس يسير بفَرسه إلى ساحة الوغى، لكنّها أحلام سرعان ما تتلاشى تحت ظلّ واقع يبشّر بحلقات أخرى مِن معاناة لا تنتهي إلاّ أن يشاء اللّه.

لكن لا ينبغي مع ذلك الانحناء و الانزواء و ردّ المشاكل إلى غيرنا، لنتحوّل إلى مساحة فارغة لا تُحسن إلاّ العويل و التّباكي؛ و إنّ الحلول و اللّه لكثيرة علاوة على الحلّ العسكري الّذي اتّخذه إخواننا في حركة حماس المجاهدة و سائر فصائل المقاومة خيارا استراتيجيا، ليقاتلوا بذلك العدوّ الصّهيوني نيابة عن الملايين من المسلمين.

و قد يقول قائل ما هذه الحلول الّتي هي عبارة عن نسج من الخيال في ظلّ حصار مُحكم يمنع حتّى إيصال مجرّد اللّقمة الواحدة ؟!

فأقول و باللّه أستعين و هو حسبي و نعم الوكيل؛ هي حلول خمسة:

الحلّ الأوّل: الحلّ الرّوحي:

فإنّ الأساس الّذي يُحذر من التّفريط فيه؛ تثبيت الأمّة على العقيدة الصّحيحة المستمدّة مِن الكتاب و السنّة و تعريفها بكلمة التّوحيد و أصول الإيمان، و تحذيرها مِن مغبّة الشّرك بكلّ أنواعه، مِن ذلك الحذر مِن الاستعانة و الاستغاثة بغير اللّه في هذه الظّروف القاسية، ذلك أنّ اللّه إنّما وعد بالنّصر لمن نصره و استنصر به حيث قال سبحانه: [[ يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوَا إِن تَنصُرُوا اللّهَ يَنصُرْكُمْ وَ يُثَبّتْ أَقْدَامَكُمْ ]] (سورة محمّد: الآية 7)، و قال سبحانه: [[ وَ لَيَنصُرَنّ اللّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنّ اللّهَ لَقَوِيّ عَزِيزٌ ]] (سورة الحجّ: الآية 40)،و كذلك ضرورة الحِفاظ على كلّ أركان الإسلام و واجباته، و لنتأمّل رحمكم اللّه كيف أوصى اللّه بالصّلاة و أرشد إليها حتّى في ظلّ المصائب حيث قال سبحانه: [[ يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصّبْرِ وَ الصّلاَةِ إِنّ اللّهَ مَعَ الصّابِرِينَ ]] (سورة البقرة: الآية 153).

و إنّ المعاصي مِن أسباب الخذلان و الهزيمة، و مَن انهزم روحيا لا شكّ أنّه منهزم عسكريا لا محالة، فالبداية إذاً مِن الرّوح، و لعلّ في غزوة أحد خير عبرة.

أمّا التسلّح بالصّبر و الدّعاء فهما مفتاحا التّوفيق و الثّبات إذا أُحسنت آدابهما و تُحلّي بهما في كلّ حين شدّةً و رخاءً.

و ليس هذا أمر أهل فلسطين خاصّة، بل لأمّة الإسلام عامّة؛ فإنّ أجساد المسلمين جسد واحد و قلوبهم قلب واحد، يتضرّر الكلّ بتضرّر البعض و يصحّ الجميع بصحّة الجماعة.

الحلّ الثّاني: الحلّ الفكري:

و لعلماء الأمّة الدّور الرّائد فيه؛ فإنّ ثقة الأمّة فيهم لعظيمة و يجب أن يكونوا على مستوى الثّقة الّتي وُضعت فيهم، و كلّ أحداث الأمّة العظيمة عادة ما تجعل العيون مصوّبة و الأعناق مشرئبة و الآذان صاغية إليهم، و لا يجوز أن يتخلّف الشّهداء إذا ما دعوا، و إذا كان على الحكّام تنفيذ الحقّ فعلى هؤلاء بيانه أوّلا؛ و كلمة حقّ مِن عالم أشدّ مِن الرّمي بالصّواريخ، فإنّ الكلمة تحرّك الرّوح، و الرّوح تدفع الجسد، و الجسد يرفع الظّلم و يُحرّر البلاد.

الحلّ الثّالث: الحلّ العسكري:

أمّا هذا الحلّ؛ فقد مُضي فيه منذ مدّة و الحمد للّه، و إنّني أصغر مِن أن أسمّي هذا حلاّ و قد اتّخذه إخواننا الفلسطينيين شعارا لهم منذ سنوات عديدة بمختلف انتماءاتهم و فصائلم، و هو أكبر مِن أن يُسمّى حلاّ و الجهاد ذروة سنام الإسلام به يُدفع الإذلال عن الأمّة و تُحفظ عزّتها، و هو جارٍ عمليا و ميدانيا سواء بانتفاضات متكرّرة أو ضربات و عمليات تهزّ الكيان الصّهيوني بين الفينة و الأخرى و تعده بالمزيد؛ فإنّ الّذي زعزع أمن أمّة بأكملها لا حقّ له في أمن ساعة في أرض دخلها عنوة، و مَن دخل أرضا بالقوّة لن تُخرجه إلاّ القوّة.

هذا بالنّسبة لأصحاب الجبهة، و ماذا على بقية الأمّة ؟

لا شكّ أنّ هذا يعود أساسا إلى الحكومات العربية و الإسلامية و جامعة الدّول العربية بالخصوص؛ الاجتماع لدراسة الوضع الفلسطيني شيء جيّد له قيمته، و لكن الأجود منه نوعية التّوصيات الّتي تتمخّض عن تلك الاجتماعات، و إلاّ فإنّ الأمّة الفلسطينية ليست بحاجة إلى تنديد مجرّد عن الفعل أو إلى قول عار من التّطبيق، فلقد ضاع الوقت الكثير و سال الدّم الغزير، و أمثال بني صهيون لن يلجم تَشَيْطنهم إلاّ كلمة قويّة تصحبها ضربة حديدية تنقل العمل الميداني للمقاومة نقلة نوعية مِن الدّفع إلى الهجوم.

و لن تستطيع الدّولة العربية و الإسلامية الواحدة بمفردها القيام بذلك لعدّة أسباب، لكن يُمكن للدّول العربية و الإسلامية مجتمعة أن تفعل ذلك، فإنّ العمل الجماعي العسكري له فائدتان؛ لا يُكلّف خزائن هذه الدّول المالية و أعتدها شيئا كبيرا، و من جهة أخرى يندفع عنها بذلك الحرج السّياسي اتّجاه الغرب الّذي لا شكّ أنّه سيقف في وجه أيّ محاولة تسير ضدّ الدّولة السّرطانية، لكن الجماعة قوّة لن يستطيع الغرب مجابهتها مجتمعة بخلاف الانفراد، و إنّ يد اللّه مع الجماعة و إنّما يأكل الذّئب مِن الشّاة القاصية.

و لا شكّ أنّ تمرير السّلاح إلى فصائل المقاومة أكبر ما يحتاجه الشّعب الفلسطيني في الوقت الرّاهن، إذ مسألة الجنود غير مطروحة الآن عندهم، فإنّ لفلسطين مِن المخزون البشريّ الّذي تسري في عروقه روح المقاومة ما يكفي و الحمد للّه، و لكنّها أياد لا سيوف لها و لا غمدان.

الحلّ الرّابع: الحلّ الاقتصادي:

لا شكّ أنّ الحصار الظّالم المضروب على غزّة قد أضرّ كثيرا بالشّعب هناك، و النّاس في صبرهم يتفاوتون، و العدوّ الصّهيوني ما رمى بضربه هذا إلاّ إلى تركيع المقاومة مخطِّطا لانقلاب متوقَّع مِن الشّعب على حكومته بعد أنْ تعجز أن توفّر له لقمة العيش، و هذا ما لم يتحقّق و خاب توقّعهم و الحمد للّه، الأمر الّذي أفقد إسرائيل صبرها و عجّل لها باتّخاذ قرار الدّمار بعد الحِصار الّذي زعزع نوعا ما أولويات الحركة، و هي ترى شعبا يئنّ تحت مطارق الجوع و الظّلام لولا أنّ اللّه سلّم.

إنّ حدود فلسطين ليست معبر رفح وحده، بل هناك حدود ممتدّة و معابر أخرى، فيجب على البلدان المتاخمة لأرض فلسطين أن تُسعف أبناءها و إخوانها مِن هذه البلاد، و لا يعني هذا نسيان مشكلة معبر رفح، بل يجب أن يُعاد فتحه عاجلا قبل حلول الكارثة الإنسانية الّتي حذّر منها الغرب نفسه، إذ لا معنى في أنْ يُجلد شعب أعزل بأكمله بسبب أنّ قَدَره كونه من غزّة، و هذا التّعجيل تُمليه القوانين الدّولية علاوة على روابط الأخوّة الإسلامية و العربية.

الحلّ الخامس: الحلّ السّياسي:

الجانب السّياسي لا ينبغي أنْ يُستهان به؛ فإنّه و إن لا يرفع الأزمة كلّية سوف يساهم في تخفيفها على الأقلّ، ما روعي فيه روح العزّة و الكرامة، أمّا مفاوضات الشّروط المسبقة من العدوّ و حوارات الخضوع و الاستسلام، فلن تزيد فلسطين إلاّ وهنا و لن تزيد الصّهاينة إلاّ قوّة، فإنّ هؤلاء اشتهروا عند العام و الخاصّ برميهم من خلال المؤتمرات و المفاوضات المنعقدة معهم إلى تلميع صورتهم و ربحهم الوقت و وضع أصحاب الحقّ في صورة الإرهابيين الّذين لا يبتغون سلما و لاسلاما.

و إنّ أنظمتنا الإسلامية و العربية لتزخر برجال ذوي حِنكة في السّياسة و قدم راسخة فيها، يستطيعون أداء الدّور المنشود رفقة رجال فلسطين و غزّة إذا ما وُضعت الثّقة فيهم و شُدّ على عضدهم مِن طرف الجميع.

و لعلّ أوّل قرار ينبغي اتّخاذه مِن طرف بعض الأنظمة؛ طرد السّفراء الإسرائليين مِن بلدانهم، فإنّه أمر إذا لم تُملِه فنون السّياسة فإنّ مبادئ الأخلاق تحتّمه.

و لنا في تاريخ الجزائر المجاهدة عبرة؛ فإنّه في الوقت الّذي كانت المعارك الحامية تُدار على أعالي الجبال مِن طرف رجالات المقاومة و الثّورة الجزائرية، كان الوفد السّياسي يؤدّي نِعم الدّور في تدويل القضية الجزائرية و عقد المفاوضات مع المستعمر الفرنسي دون خضوع أو استسلام أو مناقضة للجناح العسكري لجبهة التّحرير الوطني؛ ممّا بشّر و أثمر بعد ذلك بإشراق شمس الاستقلال على الجزائر. صحيح أنّ المعطيات و الوقائع تختلف اليوم، لكن حركة التّاريخ بين جولاتها شبه كبير.

أدركنا جميعا أنّ القضية الفلسطينية ليست قضية الفلسطينيين وحدهم، و أنّ أحداث غزّة ليست مشكلة حكومة حماس وحدها، و أنّ مقاومة المحتلّ ليست مهمّة الفصائل الجهادية وحدها...، بل إنّ القضية قضية كلّ من شهد للّه بالوحدانية و لنبيّنا محمّد صلّى اللّه عليه و سلّم بالرّسالة، و لن يقرّ لأمّة الإسلام قرار و لن يهدأ لها بال، ما دام هذا الجسد السّرطاني الإسرائيلي في قلبها، و إنّ اللّه سائلنا و سائل أصحاب القرار عن كلّ دم فلسطيني سيح بغير حقّ، و عن كلّ دمعة ذُرفت تحت الظّلام، و عن كلّ صرخة شُقّ بها الفضاء، و إنّ عهد صلاح الدّين قد ولّى، و لكن الأمّة الّتي أنجبت أمثال صلاح لا زالت حيّة؛ فأبشري يا دولة الطّغاة و الطّغيان بما يسوؤُكِ مِن الطّوفان، فإنّ التّاريخ لا يُقدَّر بزمن، و الزّمن في رحمه مفاجئات، و إنّ أنصاركم أنصار لمصالح عابرة و أنصارنا أنصار لعقائد ثابتة، و إنْ ربحتم معركة اليوم فإنّكم ستخسرون حرب الغد، و لسوف يكون ختامها نور و نصر و عزّة للمسلمين، و نار و خيبة و ذِلّة لليهود المعتدين، و إنّ قتلانا لفي الجنّة و إنّ قتلاكم لفي النّار. و اللّه أكبر على من طغى و تجبّر و هو نعم المولى و نعم النّصير.

و سبحانك اللّهم و بحمدك أشهد أن لا إله إلاّ أنت أستغفرك و أتوب إليك.

أخوكم محمّد بن حسين حدّاد الأمازيغيّ الجزائريّ

tarekzyad@gmail.com

ليلة الاثنين 01 محرّم 1429هـ، الموافق لـ: 29 ديسمبر 2008م

منقول من موقع ميراث السنه

http://merathdz.com/play.php?catsmktba=1991