المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سؤال متعلق بشرك الطاعة



mithak
01-17-2009, 09:39 PM
فضيلة الشيخ علي بن خضير الخضير - حفظه الله -

سؤال متعلق بشرك الطاعة؛ معظم أهل الإسلام الآن يتحاكمون إلى غير شرع الله، وذلك لتحاكمهم في المحاكم القضائية والتي تحكم بقوانين فرنسية وأخرى غربية، بجانب تطبيقها لبعض أحكام الإسلام - مثل الأمور المتعلقة بالطلاق والمواريث - فهل هذا هو المقصود بشرك الطاعة؟

وما هو واجبنا منها، وهي التي تحكم في جل أحوالنا الآن؟ علما بان البعض ممن يتصفون بالالتزام بالدين؛ يعلمون عدم شرعية هذه المحاكم، ومع ذلك لا يستطيعون أن يتحاكموا لغيرها.

نرجو منكم التوضيح، وجزاكم الله خيرا.
* * *
الجواب:

لا! هذا شرك التحاكم إلى غير الله ورسوله، لأن فيه خصومة وحكم بين اثنين متخاصمين.

أما شرك الطاعة؛ فهو في اتباع من له أمر ونهي في أمر عام مخالف للشريعة، مخالفة ظاهرة، مجمع عليها.
• وما هو واجبنا منها؟

الواجب؛ هجرها والكفر بها، وبغضها ومعاداتها، وتكفير قضاتها وغيره، قال تعالى: {وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون * إلا الذي فطرني فإنه سيهدين}، {إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده}.

ولا يجوز لكم التحاكم إليها أبدا، إذ التحاكم إليها من التحاكم إلى الطاغوت، قال تعالى: {ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به}.

وغاية ما هنالك؛ أنكم وقعتم في ضرورة، والضرورة لا تبيح الشرك، وإنما يجوز الشرك غير المتعدي مع الإكراه فقط، قال تعالى: {من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان}.

ولو كان ذهاب المال يبيح الشرك؛ لما ترك الصحابة أموالهم وبيوتهم وهاجروا لله محققين للتوحيد وملة إبراهيم عليه السلام.

واليك بعض الأدلة على ذلك:

قال تعالى: {والفتنة أكبر من القتل}، وقال تعالى: {والفتنة أشد من القتل}.

قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: (قال أبو العالية ومجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة والحسن وقتادة والضحاك والربيع بن أنس؛ الشرك أشد من القتل).

وقال الشيخ ابن سحمان: (الفتنة هي الكفر، فلو اقتتلت البادية والحاضرة حتى يذهبوا لكان أهون من أن ينصبوا في الأرض طاغوتا يحكم بخلاف شريعة الإسلام).

وقال الشيخ ابن عتيق - ردا على من قاس الاضطرار على الإكراه في الكفر - : (قال تعالى: {فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه}، فشرط بعد حصول الضرر أن لا يكون المتناول باغيا ولا عاديا، والفرق بين الحالتين لا يخفى).

وقال: (وهل في إباحة الميتة للمضطر ما يدل على جواز الردة اختيارا؟! وهل هذا إلا كقياس تزوج الأخت والبنت بإباحة تزوج الحر المملوك عند خوف العنت وعدم الطول، فقد زاد هذا المشبه على قياس الذين قالوا: {إنما البيع مثل الربا}) [راجع كتاب هدية الطريق: ص151].

وقال تعالى: {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون}، وقال تعالى: {فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه}.

وقال ابن تيمية في الفتاوى [14/476]: (إن الشرك والقول على الله بغير علم والفواحش ما ظهر منها وما بطن والظلم لا يكون فيها شيء من المصلحة)، وقال: (إن إخلاص الدين لله والعدل واجب مطلقا في كل حال وفي كل شرع).

وقال في الفتاوى [14/477]: (وما هو محرم على كل أحد في كل حال لا يباح منه شيء، وهو الفواحش والظلم والشرك والقول على الله بلا علم).

وقال في الفتاوى [14/470 - 471]: (إن المحرمات منها ما يقطع بأن الشرع لم يبح منه شيئا لا لضرورة ولا غير ضرورة، كالشرك والفواحش والقول على الله بغير علم والظلم المحض، وهي الأربعة المذكورة في قوله تعالى: {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله مالم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله مالا تعلمون}، فهذه الأشياء محرمة في جميع الشرائع، وبتحريمها بعث الله جميع الرسل، ولم يبح منها شيئا قط، ولا في حال من الأحوال، ولهذا أنزلت في هذه السورة المكية).

وقال في الفتاوى [14/474]: (أما الإنسان في نفسه فلا يحل له أن يفعل الذي يعلم أنه محرم لظنه أنه يعينه على طاعة الله).

وفي السيرة؛ أن المسلمين حصروا في الشعب ثلاث سنين، وفي السيرة؛ قصة الهجرة إلى الحبشة وفيها مساومات قريش للنبي صلى الله عليه وسلم في قصص معروفة، فلم يفعل الشرك أو الكفر من اجل ذلك.
[سؤال طرح على الشيخ ضمن لقاء منتدى السلفيين]