المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تنبيه مصابنا في غزة بين الاتباع والابتداع



قاصمة الباطل
01-18-2009, 04:38 AM
باسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعــــــــد :

(( أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ))سورة العنكبوت / الآية 2

تأتــــــي الفــــــتن :-
ليمحص الله عباده ، ويعلم - علم تقوم به الحجة على الخلق - الذين صدقوا ويعلم الكاذبين ، وإلا فهو سبحانه وتعالى أعلم بذات الصدور .
تأتــــــي الفــــــتن :-
- فيثبت الله الذين آمنوا - حقا- بالقول الثابت في الحياة الدنيا ؛ فيهديهم - بفضله- إلى العمل الراشد ، ويجعل لهم عنده قدم صدق من بين العالمين .
- بينما يميز بها مدعي الإيمان الحق ، فيكشف لهم ضعف إيمانهم ، و تزل قدم بعد ثبوتها- بعدله - ؛ ليحيا من حيي عن بينة ، ويهلك من هلك عن بينة .

*** وللشيطان دور لا يمكن أن يستهان به حال الفتن ، حيث تواتيه الفرصة لينصب شركه بغية أن يستزل به
الأقدام ، فما أحرصه على تحقق زلل بني آدم ، ليحرمهم أجر الثبات في الفتن ، لعلمه أن عظم الأجر على عظم
المصاب إذا ثبت العبد على الاتباع ، فيجمع علي من زلت قدمه -عياذا بالله - بين :
1- شــــديد ألم المصيبــة والفتنـــة .
2- وافتيات تحصيل عظم الأجر الموعود به من يثبت عند البلاء و الفتن .
3- وقد يزيد فيستطيع بمكره أن يغطي بصيرة العبد ، فيجعله يأتي بأعمال تنافي الشرع في ذاك المقام ، فيتحمل أوزارا وأوزارا ذلك فضلا عن ألم مصابه- الذي ولابد يزيد ويعظم كلما زاد البون بينه وبين الاتباع- وخسرانه أجر الثبات والاتباع في تلكم الفتنة .

*وهذا ما جهر به الشيطان الرجيم متوعدا عباد الله المؤمنين :
(( قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم )) سورة الأعراف / الآية 16

*وقد امتن الله سبحانه وتعالى علينا فحذرنا قائلا : (( إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير )) سورة فاطر / الآية 6
إلا أن بعضًا منا كثيرا ما يَعْلَق في شَرَك الشيطان ، فيتبع خطواته غافلا عن تلكم العداوة ، متجاهلا ذلك التحذير الإلهي ، فيصبح من الخاسرين .وإنما كان يكفيه أن يستجن بالاتباع فهو خير جنة من شَرك الشيطان ، ولكنه سهل يسير على من سهله الله له .* والسؤال :- لماذا لا يحفظ الله عباده من كيد الشيطان ؟ بمعنى آخر : لماذا يخلي الله بين عباده وبين الشيطان الرجيم في هذا الموطن ؟
والجواب يأتي في هذه الآية الكريمة :
(( إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم )) سورة آل عمران / الآية 155


** كانت هذه توطئة بين يدي ذكر بعض ما حدث أو يحدث -بكل أسف- في ظل هذا المصاب المرّ
والخطب الجلل الذي حدث بسببه بعض التفريط والزلل .
ولكنّي أحببت تقديم البشارة على ما أردتُه من أمر النذارة


*إن من المسلمات العقدية عند كل مؤمن أن لكل أجل كتاب :-
((ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ))سورة النحل / الآية 61
((وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه ليقضى أجل مسمى ثم إليه مرجعكم ثم ينبئكم بما كنتم تعملون )) سورة الأنعام / الآية 60

** وهذا الأجل يأتي على أي صورة يشاؤها الله ، وبما يقدره من الأسباب :-

((ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمتهم أنفسهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية يقولون هل لنا من الأمر من شيء قل إن الأمر كله لله يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك يقولون لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا ها هنا قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم والله عليم بذات الصدور)) سورة آل عمران / الآية 154

{أن رجلا من أعظم المسلمين غناء عن المسلمين ، في غزوة غزاها مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فنظر النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل النار فلينظر إلى هذا ) . فاتبعه رجل من القوم ، وهو على تلك الحال من أشد الناس على المشركين ، حتى جرح ، فاستعجل الموت ، فجعل ذبابة سيفه بين ثدييه حتى خرج من بين كتفيه ، فأقبل الرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم مسرعا ، فقال : أشهد أنك رسول الله ، فقال : ( وما ذاك ) . قال : قلت لفلان : ( من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل النار فلينظر إليه ) . وكان من أعظمنا غناء عن المسلمين ، فعرفت أنه لا يموت على ذلك ، فلما جرح استعجل الموت فقتل نفسه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم عند ذلك : ( إن العبد ليعمل عمل أهل النار وإنه من أهل الجنة ، ويعمل عمل أهل الجنة وإنه من أهل النار ، الأعمال بالخواتيم ) .}
الراوي: سهل بن سعد الساعدي المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 6607
خلاصة الدرجة: [صحيح]


** ليهوّن الرحمن الرحيم جليل مصابنا بعظيم البشارة :-

(( إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين )) سورة : آل عمران / الآية: 140


نسأل الله العظيم رب العرش العظيم : أن يتقبل قتلى غزة المسلمين عنده شهداء .

آمين آمين آمين .

يُتبـــــــــع .

قاصمة الباطل
01-18-2009, 04:41 AM
((وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون ))
سورة الأنعام / الآية 153

قد سبق منا في التوطئة أن الغاية المرادة من موضوعنا هي مقابلة كلمات الله الكونية بكلماته الشرعية
فما حدث لنا من مصاب قدر من الله - سبحانه - وما يتوجب علينا - أعني كل المسلمين في كل مكان -
حيال هذا القدر الكوني أن نقابله بالعمل بما شرعه الله لنا في مثل تلك المصائب والنوازل قدر الطوق .
وسبيلنا الأوحد لنوال ذلك هو الحرص على الاتباع والسير على الصراط المستقيم ، والحذر من الانزلاق إلى سبيل
من تلكم السبل التي تتفرق بالعباد عن سبيل الله .

تلك هي الطريق بلا خفاء *** فدعك من بنيات الطريق
** إن من مواطن الزلل في تلكم الفتنة المصيبة ، والرزءة العصيبة :-

1- تناقل لفظة [ الشهادة ] بلا قيود شرعية على ألسنة المسلمين في كل الأمصار - إلا من رحم ربي -
وأنقل لكم كلام أهل العلم لنكون على بينة من أمرنا :

**سئل فضيلة الشيخ : محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله تعالى - :
هل يجوز إطلاق ( شهيد) على شخص بعينه فيقال الشهيد فلان ؟ .
فأجاب بقــوله :
[ لا يجوز لنا أن نشهد لشخص بعينه أنه شهيد حتى ، لو قتل مظلوماً أو قتل وهو يدافع عن الحق، فإنه لا يجوز أن نقول فلان شهيد وهذا خلاف لما عليه الناس اليوم حيث رخصوا هذه الشهادة وجعلوا كل من قتل حتى ولو كان مقتولا في عصبية جاهلية يسمونها شهيدا ، وهذا حرام ؛ لأن قولك عن شخص قتل وهو شهيد يعتبر شهادة سوف تسأل عنها يوم القيامة ، سوف يقال لك هل عندك علم أنه قتل شهيدا ؟
و لما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " ما من مكلوم يكلم في سبيل الله والله أعلم بمن يكلم في سبيله إلا جاء يوم القيامة وكلمه يثعب دما ، اللون لون الدم ، والريح ريح المسك "
فتأمل قول النبي صلى الله عليه وسلم : " والله أعلم بمن يكلم في سبيله " – يكلم : يعني يجرح – فإن بعض الناس قد يكون ظاهره أنه يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا ولكن الله يعلم ما في قلبه وأنه خلاف ما يظهر من فعله .
- ولهذا بوّب البخاري – رحمه الله – على هذه المسألة في صحيحه فقال : ( باب لا يقال فلان شهيد ) لأن مدار الشهادة على القلب ، ولا يعلم ما في القلب إلا الله – عز وجل – فأمر النية أمر عظيم ، وكم من رجلين يقومان بأمر واحد يكون بينهما كما بين السماء والأرض وذلك من أجل النية فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه " والله أعلم. ] انتهى

** و سئل فضيلته : عن حكم قول فلان شهيد ؟
فأجــاب بقــوله :
[ الجواب على ذلك أن الشهادة لأحد بأنه شهيد تكون على وجهين :
أحدهما : أن تقيد بوصف مثل أن يقال كل من قتل في سبيل الله فهو شهيد ، ومن قتل دون ماله فهو شهيد ، ومن مات بالطاعون فهو شهيد ونحو ذلك ، فهذا جائز كما جاءت به النصوص ، لأنك تشهد بما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونعنى بقولنا – جائز – أنه غير ممنوع وإن كانت الشهادة بذلك واجبة تصديقا لخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم .
الثاني : أن تقيد الشهادة بشخص معين مثل أن تقول بعينه إنه شهيد ، فهذا لا يجوز إلا لمن شهد له النبي صلى الله عليه وسلم أو اتفقت الأمة على الشهادة له بذلك وقد ترجم البخاري – رحمه الله – لهذا بقوله : ( باب لا يقال فلان شهيد) قال في الفتح 90/6 " أي على سبيل القطع بذلك إلا إن كان بالوحي "
وكأنه أشار إلى حديث عمر أنه خطب فقال : ((تقولون في مغازيكم فلان شهيد ، ومات فلان شهيدا ولعله قد يكون قد أوقر رحالته ، ألا لا تقولوا ذلكم ،ولكن قولوا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :[ من مات في سبيل الله ، أو قتل فهو شهيد ]وهو حديث حسن أخرجه أحمد وسعيد ابن منصور وغيرهما من طريق محمد ابن سيرين عن أبي العجفاء عن عمر ) أ . هـ . كلامه .
ولأن الشهادة بالشيء لا تكون إلا عن علم له ، وشرط كون الإنسان شهيدا أن يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا وهي نية باطنة لا سبيل إلى العلم بها ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم ، مشيرا إلى ذلك : " مثل المجاهد في سيبل الله ، والله أعلم بمن يجاهد في سبيله " .
وقال : " والذي نفسي بيده لا يكلم أحد في سبيل الله ، والله أعلم بمن يكلم في سبيله إلا جاء يوم القيامة وكلمه يثعب دما اللون لون الدم ، والريح ريح المسك " . رواهما البخاري من حديث أبى هريرة .
*ولكن من كان ظاهره الصلاح فإننا نرجو له ذلك ، ولا نشهد له به ولا نسيء به الظن . والرجاء مرتبة بين المرتبتين ، ولكننا نعامله في الدنيا بأحكام الشهداء فإذا كان مقتولا في الجهاد في سبيل الله دفن بدمه في ثيابه من غير صلاة عليه، وإن كان من الشهداء الآخرين فإنه يغسل ويكفن ويصلى عليه.
*ولأننا لو شهدنا لأحد بعينه أنه شهيد لزم من تلك الشهادة أن نشهد له بالجنة وهذا خلاف ما كان عليه أهل السنة فإنهم لا يشهدون بالجنة إلا لمن شهد له النبي صلى الله عليه وسلم ، بالوصف أو بالشخص
* وذهب آخرون منهم إلى جواز الشهادة بذلك لمن اتفقت الأمة على الثناء عليه وإلى هذا ذهب شيخ الإسلام ابن تيميه – رحمه الله تعالى - .

وبهذا تبين أنه لا يجوز أن نشهد لشخص أنه شهيد إلا بنص أو اتفاق ، لكن من كان ظاهره الصلاح فإننا نرجو له ذلك كما سبق ، وهذا كاف في منقبته ، وعلمه عند خالقه – سبحانه وتعالى - . ] انتهى النقل من كتاب : (( المناهي اللفظية )) مسألة رقم : 64 ، 65.

** ففرق بين الإطلاق والتعيين كما فصّل شيخنا- رحمه الله تعالى -، فالمراد من سوق تلكم المسألة ليس الدعوة لتجنب استخدام لفظة (الشهادة ) في هذا المقام ، وليس نفي أنها حاصلة لقتلى المسلمين في غزة الحبيبة ، لا بل المراد التقيد -عند استخدامها على ألسنتنا أو إطلاقها - بما جاءت به النصوص الشرعية من شروط وضوابط وقيد ، وجب على كل متسنن مريد لكمال الاتباع التقيد بها ، وعدم تجاوز حدودها ؛ واليقظة هنا واجبة ؛ لأنه موطن زلق
دحض مزلة قد تزل فيه أقدام العالمين بله غيرهم وبخاصة إذا غلبت العاطفة ومع اشتداد الخطب .
فتذكيري لنفسي وإياكم من باب :- لا يستجرينكم الشيطان يا قومنا :-
-‏ ‏عن ‏ ‏مطرف ‏ ‏قال قال ‏ ‏أبي :-‏
[ انطلقت في وفد ‏ ‏بني عامر ‏ ‏إلى رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فقلنا أنت سيدنا فقال السيد الله تبارك وتعالى قلنا وأفضلنا فضلا وأعظمنا ‏ ‏طولا ‏ ‏فقال ‏ ‏قولوا بقولكم أو بعض قولكم ولا ‏يستجرينكم ‏ ‏الشيطان .] صحيح أبي داود / كتاب الأدب / باب : كراهية التمادح / والرقم في عون المعبود هو : 4172
قال العظيم أبادي في: [عون المعبود شرح سنن أبي داود] معلقا :
{قوله : ‏( ولا يستجرينكم الشيطان ) ‏
‏: أي لا يتخذنكم جريا بفتح الجيم وكسر الراء وتشديد التحتية أي كثير الجري في طريقه ومتابعة خطواته . وقيل هو من الجراءة بالهمزة أي لا يجعلنكم ذوي شجاعة على التكلم بما لا يجوز . ‏
‏وفي النهاية أي لا يغلبنكم فيتخذكم جريا أي رسولا ووكيلا ... } انتهى .

والله أسأل أن يلهمنا رشدنا ، وأن يجعل قتلنا في غزة الحبيب في زمرة شهدائنا آمين .
يُتبــــــــــع .

قاصمة الباطل
01-19-2009, 04:59 PM
** قال رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -:[[ من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد ]] صحيح البخاري / رقم: 2697

** قال أهل العلم : إن شرطي قبول العمل هما :

1- أن يكون العمل أخلص { التوحيد } :-
- قال تعالى :-(( و ما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء و يقيموا الصلاة و يؤتوا الزكاة و ذلك دين القيمة )) سورة البينة / الآية 5
- قال تعالى :-(( وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله و برسوله و لا يأتون الصلاة إلا و هم كسالى و لا ينفقون إلا و هم كارهون )) سورة التوبة / الآية 54

2- أن يكون العمل أصوب { المتابعة } :-
- قال تعالى :-((ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب)) سورة الحشر / الآية 7
- قال رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -:[ من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ] صحيح مسلم / رقم : 1718
- قال تعالى :- (( لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ))سورة النور / الآية 63

*** كثيرا ما نسمع في هذه الآونة ، كلمة نتداولها كثيرا على الألسنة ، نعبر بها عن واقعنا و حالنا حيال نصرة إخواننا : [[ لا نملك لكم إلا الدعاء ]]فمن منا لا يرفع كفيه إلى السماء ، مخلصا لله في الدعاء ؛ كيما يرفع عن أهل غزة الحبيبة عظيم مصابها ، و شديد البلاء ، سائلين الله القبول
عاملين بما جاء من صحيح الأثر عن الرسول :-
- قال رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم :-
(( الدعاء هو العبادة { قال ربكم ادعوني أستجب لكم } )) صحيح أبي داود / رقم: 1479


** فالدعاء سبيلنا الأوحد إلى نصرة الإخوان ، فوجب لقبوله أن يتحقق الشرطان : الإخلاص والمتابعة :
-((هو الحي لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين الحمد لله رب العالمين ))سورة غافر / الآية 65
- قال رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -:[ من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ] صحيح مسلم / رقم : 1718

** والسؤال : ما السبيل ليرفع الله دعاءنا ويستجيب- بواسع فضله- فيفرج عنّا عظيم كربنا ؟
قال تعالى :- ((من كان يريد العزة فلله العزة جميعا إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد ومكر أولئك هو يبور))
سورة فاطر / الآية 10
** وأي عمل صالح أفضل من إخلاص التوحيد لله ، وكمال المتابعة لرسوله !!





(2) ** وما يعنينا في هذا المقام هو هديه عليه السلام في قنوته حال النوازل :-

قنــــوت فـي الفريضـــة :
======================
ولا يشـرع القنـوت فـي الفريضـة إلا فـي النازلـة ، ولا يخـص بها صـلاة دون صـلاة ، فيشرع للإمام القنوت بالمأمومين في الفرائض الخمس سرها وجهرها، ولا يخص صلاة دون أخرى بقنوته حيث وردت بذا السنة .
أ- ويجعلـه بعـد الركـوع .
* عـن أبـي هريـرة ـ رضي الله عنه ـ " أن رسـول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كـان إذا أراد أن يدعـو علـى أحـد أو يدعـو لأحـد قنـت بعـد الركـوع " . صحيح البخاري / حديث رقم : 4560 / ص : 535 .
* هـذا الحكـم عـلى الراجـح .
ب-وصــح عـن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ أنـه رفــع يديــه فـي القنــوت :
* عـن أنـس بـن مـالك ـ رضي الله عنه ـ " ... فمـا رأيـت رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ وجـد علـى شـيء قـط وجـده عليهـم ، فلقـد رأيـتَ رَسـول الله ـ صـلى الله عليـه وعلى آلـه وسـلم ـ فـي صـلاة الغـداة رفـع يديـه ، فدعا عليهم ... " .
*حـديث صـحيح ـ رواه الإمـام أحمـد ( 3/137 ) وإسـناده صحيح . صفة قنوت النـبي / ص : 11 .
وقـد صـح عـن عمـر بـن الخطـاب ، وابـن عبـاس ـ رضي الله عنهما ـ أنهمـا رفعـا أيديهمـا فـي القنـوت . صفة قنوت النبي / ص : 13 .
ج ـ وكـان ـ صـلى الله عليـه وعلى آلـه وسـلم ـ يجهـر بدعـائه فـي القنوت ، يسمع به المأموميـن كمـا دل عليـه قـول ابـن عبـاس فـي الحـديث " ويؤمـن مـن خلفه " دليل عـلى جهـره بالدعـاء فـي القنـوت .
* ولحديـث أبـي هريـرة ـ رضي الله عنه ـ : " أن رسـول الله ـ صـلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ كـان إذا أراد أن يدعـو عـلى أحــد . أو يدعــوَ لأحـد قنـت بعـد الركـوع . فربمـا قـال : إذا قـال : " سـمع الله لمـن حمـده .
اللهـم ربنـا لك الحمـد . اللهـم أنـج الوليـد بـن الوليـد . وسـلمة بـن هشـام . وعيـاش بـن أبـي ربيعـة . اللهـم أشـدد وطأتـك علـى مضَـر ، واجعلهـا سـنين كسـني يوسـف " .
قـال : " يجهـر بذلـك " .....
صحيح البخاري / حديث رقم : 4560 / ص : 535 .

د- حكم الســـجع فـي دعـــاء القنوت {سواء في قنوت الوتر أو القنوت في الفرائض } :
وهـذا بـاب توسَّـعَ فيـه كثيـر ممـن وُكِلَـت إليهـم إمامـة المسـلمين فـي الجماعـات ، وصـلاة التـراويح فـي رمضـان ، فتـرى معظمـهم يزيـدون علـى دعـاء القنـوت فـي الوتـر أدعيـة أخـرى يتخيرونهـا ـ وبعضـها يتناقلونهـا بينهـم ـ يلتزمـون فيهـا السـجع ، وهـذا مخالـف لهـدي النـبـي ـ صـلى الله عليـه وعلى آلـه وسلم ـ مـن وجهيـن :
الأول :
عـدم ثبـوت مـا يفيـد اسـتحباب ـ فضـلاً عـن جـواز ـ مطلـق الدعـاء عقـب دعـاء قنـوت الوتـر ، بـل لـم يَـرِد عنـه ـ صـلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ حديـث صحيــح ، أو حتـى ضـعيف يـدل عـلى أنـه زاد علـى الدعـاء الـذى علَّمَـهُ للحسـن ـ رضي الله عنه ـ ... فزيـادة إلا ما ورد عن بعض السلف وصححه الألباني في كتابه (( صفة الصلاة)) من زيادة الصلاة على النبي
صلى الله عليه وسلم بعد دعاء القنوت في الوتر قائلا ما نصه : [فهي زيادة مشروعة لعمل السلف بها ]
حاشية رقم :5 / كتاب صفة الصلاة / تحت عنوان : القنوت في الوتر .
الثانــي :
كراهـة النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ للسـجع عنـد الدعـاء ... والدليـل عـلى ذلـك :
* عـن ابـن عبـاس قـال : حَـدِّث النـاس كـلَّ جمعـةٍ مـرة ، فـإن أبيـتَ فمرَّتيـن ، فـإن أكثْـرتَ فثَـلاثَ ، مـرار ولا تُمِـلَّ النـاس هـذا القـرآن ، ولا ألفيَنَّـك تأتـي القَـومَ وهـم فـي حديـث مـن حديثهـم فَتقُــصُّ عليهـم ، فتقَطــعُ عليـهم حديثهـم فَتُمِلُّهُـم ، ولكـن أنصِــت ، فـإذا أمــروك فحدِّثهُـم وهـم يشـتهونَهُ ، فانظـرِالسـجعَ مـن الدعـاء فاجتنبـه فإِنـي عَهِـدتُ رسـول الله ـ صـلى الله عليـه وسـلم ـ وأصحابـه لا يفعلـون إلا ذلـك 0 يعنـي لا يفعلـون إلا ذلـك الاجتنـاب .
صحيح البخاري / حديث رقم : 6337 / ص : 744 .

هـ ـ صــفة الدعــاء فـي القنــوت :
========================
ولـم يصـح عنـه ـ صـلى الله عليـه وعلى آلـه وسـلم ـ أنـه اختـص قنـوت النوازل بدعـاء معيـن قـط ، بـل وردت عنـه جُمَـل مختلفـة مـن الأدعيـة تنـدرج تحـت الدعـاء للمؤمنيـن ، أو لعـن الكافريـن .

ح ـ وكـان من هديـه تـرك القنـوت بـزوال السـبب أو العـارض 0 ففـي حديـث أبـي هريـرة ـ رضي الله عنه ـ : قنـت رسـول الله ..... " اللهـم نـج الوليـد بـن الوليـد ، اللهـم نـج سـلمة بـن هشـام ، اللهـم نـج المسـتضعفين مـن المؤمنيـن ، اللهـم اشـدد وطأتـك عـلى مُضَـر اللهـم اجعلهـا كسـني يوسـف " .
قـال أبـو هريـرة : وأصـبح رسـول الله ـ صـلى الله عليـه وسـلم ـ ذات يـوم فلـم يَـدْعُ لهـم ، فذكـرت ذلـك لـه ، فقـال : " ومـا تَراهـم قـد قَدِمُـوا ؟ " . سنن أبي داود / تحقيق العلامة الألباني / ( 2 ) ـ أول كتاب : الصلاة / ( 345 ) ـ باب :
القنوت في الصلوات / حديث رقم : 1442 / ص : 249 / صحيح .
* حديـث عـن أنـس بـن مالـك ، أن النبـي ـ صلى الله عليه وسـلم ـ {قنـت شهـرًا ، ثـم تركـه . }سنن أبي داود / ..... / ( 2 ) ـ أول كتاب : الصلاة / ( 345 ) ـ باب : القنوت في الصلوات / حديث رقم : 1445 / ص : 249 . صحيح .
**وقـد عـد بعـض الصحابـة ـ رضـوان الله عليهـم أجمعيـن ـ التــزام القنــوت ( فـي الفريضـة ) مطلقًـا دون سـبب عـارض بدعـة ، فعـن أبـي مالـك الأشـجعيِّ ، سـعد بـن طـارق ؛ قـال : قلـت لأبـي : يـا أبـت ! إنـك قـد صليــت خلـف رسـول الله ـ صلى الله عليـه وسـلم ـ وأبـي بكــر وعمـر وعثمـان وعـلى ها هنـا بالكوفـة ، نحـوًا مـن خمـس سـنين ، فكانـوا يقنتـون فـي الفجـر ؟ فقـال : أي بنـى ! مُحـدَث " .
سنن ابن ماجه / تحقيق الشيخ الألباني / ( 5 ) ـ كتاب : إقامة الصلاة والسنة فيها / ( 145 ) ـ باب :
ما جاء في القنوت في صلاة الفجر / حديث رقم : 1241 / ص : 221 / صحيح .
ط ـ القنـوت فـي الفجـر أبـدًا ، بدعـة كما صـرح بذلـك بعـض أصحـاب رسـول الله ـ صلى الله عليـه وعلى آله وسلم ـ
كمـا فـي الحديـث السـابق ..... ومـن المحـال أن رسـول الله ـ صلى الله عليـه وعلى آلــه وسـلم ـ كـان فـي كـل غـداة بعــد اعتدالـه مـن الركـوع يقــول " اللهــم اهدنـي فيمـن هديـت ..... " ويرفـع بذلـك صوتـه ، ويؤمِّـن أصحابه دائمًـا ، إلـى أن يفـارق الدنيـا ، ثـم لا يكــون ذلـك معلومًـا عنـد الأمـة بـل يضيعـه أكثـر أمتـه ، حتـى يقـول الصحابـي : إنـه محـدث كمـا قـال سـعد بـن طـارق الأشـجعيِّ . الوجيز / ص : 110 .

– قنــــوت فـي الوتــر :
=====================
قنــوته ـ صـلى الله عليــه وعلى آلــه وسـلم ـ فـي الوتــر ، والسـنة فـي هــذا القنـوت أن يكـون قبـل الركــوع .
* فعـن أُبـي بـن كعــب : " أن رســول الله ـ صـلى الله عليـه وسـلم ـ كـان يوتـر فيقنُـتُ قبـل الركـوع .سنن ابن ماجه / ( 5 ) ـ كتاب : إقامة الصلوات والسنة فيها / 120 ) ـ باب :
ما جاء في القنوت ..... / حديث رقم : 1182 / ص : 120 / صحيح .
وكـان مـن هديـه ـ صـلى الله عليـه وعلى آلـه وسـلم ـ القنـوت فـي الوتـر فـي رمضـان وغيـره للحديـث السـابق . هدي النبي في رمضان . عمرو عبد المنعم / ص : 33 .

ـ صيغــة القنــوت فـي الوتــر :
* قـال الحسـن بـن علـي بـن أبـي طالـب : علمنـي رســول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كلمـات أقولهـن فـي الوتـر : " اللهــم ! اهدنـي فيمـن هديـت ، وعافنـي فيمـن عافيــت ، وتولنـي فيمـن توليـت ، وبـارك لـي فيمـا أعطيــت ، وقنـي شــر مـا قضيـت ، [ ف ] إنـك تقضـي ولا يُقضـى عليـك ، [ و] إنـه لا يـذل مـن واليـت ، [ ولا يعـز مـن عاديـت ] تباركـت ربنـا وتعاليـت ، [ لا منجـا منـك إلا إليـك ] " .
قال الشيخ الألباني في كتاب : صفة صلاة النبي/ ص : 180 : ( هذه الزيادة ثابتة ) .
وقال في رسالة : قيام رمضان ـ ص : 36 / إسناده صحيح .
* قـال الحســن بـن علـي بـن أبـي طالـب : علمنـي رســول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كلمـات أقولهـن فـي قنـوت الوتـر : " اللهــم ! اهدنـي فيمـن هديـت ، وعافنـي فيمـن عافيـت ، وتولنـي فيمـن توليـت ، وبـارك لـي فيمـا أعطيــت ، وقنــي شــر مـا قضيـت ؛ فإنـك تقضـي ولا يُقضـى عليـك ، أنـت تمـن ، ولا يمـن عليـك ، أنـت الغنـي ، ونحـن الفقـراء إليـك ، وإنـه لا يـذل مـن واليـت ، تباركـت ربنـا ! وتعاليـت .
قال الشيخ الألباني في : مشكاة المصابيح : ( 1226 ) / إسناده صحيح 0
وحسنه ابن حجر العسقلاني في : هداية الرواة ـ ( 2 / 59 ) .

** وفي الأخير : هذا من مواطن الزلل ، والإحداث بالعمل ، ولذا وجب التنبيه ؛ لنكون في أمرنا على بصيرة
نتقرب بما شرع لنا الرحمن ، غير متبعين لخطوات الشيطان :
- فلا قنوت للنساء في الفرائض إلا في الجماعة مع الإمام الراتب ، وكذا كل منفرد بأدائه لفريضة .
-كذا لا يشرع الزيادة في قنوت الوتر عن المسنون .
- ويبقى لنا الدعاء قبل السلام من الصلاة ، في سجود شرع لكل أن يجتهد سائلا مولاه :
((كشف النبي الستارة ، والناس صفوف خلف أبي بكر ، فقال : أيها الناس ، إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة ، يراها المسلم ، أو ترى له ثم قال : ألا إني نهيت أن أقرأ راكعا ، أو ساجدا فأما الركوع ، فعظموا فيه الرب ، وأما السجود ، فاجتهدوا في الدعاء ، قمن أن يستجاب لكم ))
صحيح النسائي / رقم: 1044

أسأل الله أن يستجيب دعاءنا ، ويفرج كرب إخواننا ، إنه بكل جميل كفيل هو مولانا ونعم الوكيـــــل .




يتبع

قاصمة الباطل
01-21-2009, 04:48 AM
(3) - ومن مواطن الزلل في هذه المحنة العصيبة :
[ الدعوة إلى الصلاة على شهداء غزة صلاة الغائب في بعض الأمصار]

لانشكك في أن هذا العمل أخلص قائم على التوحيد مراد به وجه الله تعالى ، ولكن هل هو أصوب ، لنا فيه سنة أو سلف ؟؟
السؤال بمعنى آخر : هل هذه الدعوة لها مستند من الكتاب أو السنة أو فعل لسلف الأمة ؟

**قـــال تعـــــــــــالى:
((وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون ))
سورة الأنعام / الآية 153
*و قال رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -:[[ من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد ]] صحيح البخاري / رقم: 2697

** وهذه المسألة ذات شقين :
( أ )- ما حكم الصلاة على الشهيـد ؟
(ب)- متى تشرع الصلاة على الغائب ؟

-وهاكم بسط المسألة بشقيها على التفصيل :
قال الشيخ الألباني في كتابه الماتع : [ أحكام الجنائز وبدعهــــا ]:-

( ....والصلاة على الميت المسلم فرض كفاية ، لأمره صلى الله عليه وسلم بها في أحاديث أذكر منها حديث زيد بن خالد الجهني : " أن رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم توفي يوم خيبر ، فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " صلوا على صاحبكم " ، فتغيرت وجوه الناس لذلك ، فقال : " إن صاحبكم غل في سبيل الله " ، ففتشنا متاعه فوجدنا خرزا من خرز اليهود لا يساوي درهمين " . أخرجه مالك في " الموطأ " ( 2/14 ) وأبو داود ( 1/425 ) والنسائي ( 1/ 278 ) 58 -

*** قلت- الكاتبة- : [والشاهد من الحديث قوله : ( صلوا على صاحبكم ) حيث فيه جواز صلاة بعض المسلمين دون بعض حيث ترك الصلاة عليه رسول الله عليه الصلاة والسلام لحكمة -ليس هذا محل تفصيل القول فيها- ، وأمرهم بها ، فاستدل بذلك أهل العلم على أن الصلاة على الميت فرض كفاية وليس فرضا على التعيين ]
ويستثنى من ذلك- أي فرضية الصلاة - شخصان فلا تجب الصلاة عليهما :
الاول : الطفل الذي لم يبلغ ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل على ابنه ابراهيم عليه السلام ، قالت عائشة رضي الله عنها : " مات ابراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثمانية عشر شهرا ، فلم يصل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم " . أخرجه أبو داود ( 2/166 )
الثاني : الشهيد ، لان النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل على شهداء أحد وغيرهم ، وفي ذلك ثلاثة أحاديث سبق ذكرها في المسألة ( 32 ) ، ( ص 5 2 ) .
منها : - عن أنس بن مالك :- [ أن شهداء أحد لم يغسلوا ودفنوا بدمائهم ولم يصل عليهم ] أبي داود - 2/ 3136
- [ أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بحمزة وقد مثل به ولم يصل على أحد من الشهداء غيره . يعني شهداء أحد . ] وهو أيضا عن أنس بن مالك و إسناده حسن.
.....................
ولكن ذلك لا ينفي مشروعية-أي جواز- الصلاة عليهما بدون وجوب كما يأتي من الاحاديث فيهما في المسألة التالية :
59 - وتشرع الصلاة على من يأتي ذكرهم :
*******************************
الثاني : الشهيد ، وفيه إحاديث كثيرة ، أكتفي بذكر بعضها
1- . عن شداد بن الهاد : " أن رجلا من الأعراب جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم آمن به واتبعه ، ثم قال : أهاجر معك . . فلبثوا قليلا ، ثم نهضوا في قتال العدو ، فأتي به النبي صلى الله عليه وسلم " . . ثم كفنه النبي صلى الله عليه وسلم في جبته ، ثم قدمه فصلى عليه . . " . أخرجه النسائي وغيره بسند صحيح ، وقد مضى بتمامه المسألة ( 39 ) ( ص 61 ) .
2 - عن عبد الله الزبير : " أن رسول الله صلى اله عليه وسلم أمر يوم أحد بحمزة فسجي ببردة ، ثم صلى عليه فكبر تسع تكبيرات ، ثم أتي بالقتلى يصفون ، ويصلي عليهم . وعليه معهم " . أخرجه الطحاوي في " معاني الآثار " ( 1/290 ) وإسناده حسن . رجاله كلهم ثقات معروفون ، وابي اسحاق قد صرح بالحديث . وله شواهد كثيرة ذكرت بعضها في " التعليقات الجياد " في المسألة ( 75 ) .
3 . عن أنس بن مالك رضي الله عنه : " أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بحمزة وقد مثل به وصلى عليه،ولم يصلِّ على أحد من الشهداء غيره . يعني شهداء أحد " 4 . أخرجه أبو داود بسند حسن ، وهو مختصر حديثه المتقدم المسألة ( 37 ) . ( ص57 - 58 ) .
4 . عن عقبة بن عامر الجهني : " أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خرج يوما فصلى على أهل أحد صلاته على الميت [ بعد ثمان سنين ] [ كالمودع للأحياء والأموات ] ، ثم انصرف إلى المنبر [ فحمد الله وأثنى ] عليه فقال : إني فرط لكم ، وأنا شهيد عليكم ، [ وإن موعدكم الحوض ] وإني والله لأنظر إلى حوضي الآن ، [ وإن عرضه كما بين أيلة إلى الجحفة ] ، - وإني أعطيت مفاتيح خزائن الأرض ، أو مفاتيح الأرض واني والله ما أخاف عليكم أن وتشركوا بعدي ولكن أخاف عليكم [ الدنيا ] أن تتنافسوا فيها [ وتقتتلوا فتهلكوا هلك من كان قبلكم ] قال : فكانت آخر نظرة نظرتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ] " . أخرجه البخاري ( 3 / 64 - 7 / 279 - 280 و302 ) ومسلم ( 7 / 67 ) وأحمد ( 4 149 ، 153 ، 154 ) ، والسياق للبخاري ..... )) انتهى النقل بتصرف .

*** خلاصة ما أوردناه :
- إذن الصلاة على الميت المسلم فرض كفائي إذا قام به بعض المسلمين سقط عن باقيهم .
-الصلاة على الشهيد جائزة وليست واجبة ، ودليل ذلك عند أهل العلم ثبوت كل من الترك والفعل عن رسولنا عليه الصلاة والسلام مما نزل بحكمها من الوجوب ( الفرضية ) إلى المشروعية أو الجواز .


** نتابع عرض الشق الآخر من المسألة ( حكم الصلاة على الميت الغائب )
قال الشيخ الألباني - رحمه الله تعالى - في نفس المصدر السابق :

(( ... السابع : من مات في بلد ليس فيها من يصلي عليه ، صلاة الحاضر ، فهذا يصلي عليه طائفة من المسلمين صلاة الغائب ، لصلاة النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي وقد رواها جماعة من أصحابه يزيد بعضهم على بعض ، وقد جمعت أحاديثهم فيها ، ثم سقتها في سياق واحد تقريبا للفائدة . والسياق لحديث أبي هريرة : " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم نعى للناس [ وهو بالمدينة ] النجاشي [ أصحمه ] [ صاحب الحبشة ] في اليوم الذي مات فيه : [ قال : إن أخا قد مات ( وفي رواية : مات اليوم عبد لله صالح ) [ بغير أرضكم ] [ فقوموا فصلوا عليه ] ، [ قالوا : من هو ؟ قال النجاشي ] [ وقال : استغفروا لأخيكم ] ، قال : فخرج بهم إلى المصلى ( وفي رواية : البقيع ) [ ثم تقدم فصفوا خلفه ] [ صفين ] ، [ قال : فصففنا خلفه كما يصف على الميت وصلينا عليه كما يصلى على الميت ] [ وما تحسب الجنازة إلا موضوعة بين يديه ] [ قال : فأمنا وصلى عليه ] ، وكبر ( عليه ) أربع تكبيرات " . أخرجه البخاري ( 3/90 ، 145 ، 155 ، 157 ) ومسلم ( 3/54 ) واللفظ .... ثم أخرجه أحمد ( 4/264 - 263 ) عن جرير بن عبد الله مرفوعا بلفظ " إن أخاكم النجاشي قد مات فاستغفروا له . وإسناده حسن .
- وأعلم أن هذا الذي ذكرناه من الصلاة على الغائب " هو الذي لا يتحمل الحديث غيره ، ولهذا سبقنا إلى اختيارة ثلة من محققي المذاهب ،
وإليك خلاصة من كلام ابن القيم رحمة الله في هذا الصدد ، قال في " زاد المعاد " ( 1/205 ، 206 ) :
" ولم يكن من هديه صلى الله عليه وسنته الصلاة على كل ميت غائب ، فقد مات خلق كثير من المسلمين وهو غيب ، فلم يصل عليهم ، وصح عنه أنه صلى على النجاشي صلاته على الميت ، فاختلف في ذلك على ثلاثة طرق :
1 . أن هذا تشريع وسنة للأمة الصلاة على كل غائب وهذا قول الشافعي وأحمد
2 . وقال ، أبو حنيفة ومالك : هذا خاص به ، وليس ذلك لغيره .
3 . وقال شيخ الاسلام ابن تيمية :
الصواب أن الغائب إن مات ببلد لم يصل عليه فيه ، صلي عليه صلاة الغائب كما صلى النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي لأنه مات ببن الكفار ، ولم يصل عليه وإن صلي عليه حيث مات لم صل عليه صلاة الغائب ، لان الفرض سقط بصلاة المسلمين عليه ، والنبي صلى الله عليه وسلم صلى على الغائب وتركه كما وفعله وتركه سنة . وهذا له موضع والله أعلم .

والأقوال ثلاثة في مذهب أحمد ، وأصححها هذا التفصيل قلت : واختار هذا بنص المحققين من الشافعية فقال الخطابي في " معالم السنن " ما نصه : قلت : النشجاشي رجل مسلم قد آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم وصدقه على نبوته . " إلا أنه كان يكتم إيمانه والمسلم إذا مات وجباء المسلم إذا مات وجب على المسلمين أن يصلوا عليه : إلا أنه كان بين ظهراني أهل ، الكفر ، ولم يكن بحضرته من يقوم بحقه في الصلاة عليه ، فلزم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفعل ذلك ، إذ هو نبيه ووليه وأحق الناس به . فهذا - والله أعلم - هو السبب الذي دعاه إلى الصلاة عليه بظاهر الغيب .
فعلى هذا إذا مات المسلم ببلد من البلدان ، وقد قضى حقه في الصلاة عليه ، فانه لا يصلي عليه من كان في بلد آخر غائبا عنه ، فإن علم أنه لم يصل عليه لعائق أو مانع عذر كأن السنة أن يصلى عليه ولا يترك ذلك لبعد المسافة .
فإذا ، صولوا عليه أستقبلوا القبلة ، ولم يتوجهوا إلى بلد الميت إن كان في غير جهة القبلة .
-وقد استحسن الروياني - هو شافعي أيضا ما ذهب إليه الخطابي " وهو مذهب أبي داود أيضا فإنه ترجم للحديث في " سننه " بقوله " باب في الصلاة على المسلم بموت في بلاد الشرك " : واختار ذلك من المتأخرين العلامة المحقق الشيخ صالح المقبلي كما في " نيل الأوطار " ( 4/ 43 ) واستدل لذلك بالزيادة الني وقعت ني بعض ظرق الحديث : " إن أخاكم قد مات بغير أرضكم ، فقوما فصلوا عليه " وسندها على شرط الشيخين .
ومما يؤيد عدم مشروعية الصلاة على كل غائب أنه لما مات الخلفاء الراشدون وغيرهم لم يصل أحد من المسلمين عليهم صلاة الغائب . ولو فعلوا لتواتر النقل بذلك عنهم . فقابل هذا . بما عليه كثير من المسلمين اليوم من الصلاة على كل غائب لاسيما إذا كان له ذكر وصيت ، ولو من الناحية السياسية فقط ولا يعرف بصلاح أو خدمة للاسلام " ولو كان مات في الحرم المكى وصلى عليه الآلاف المؤلفة في موسم الحج صلاة الحاضر ، قابل ما ذكرنا بمثل هذه الصلاة تعلم يقينا أنها من البدع التي لا يمتري فيها عالم بسننه صلى الله عليه وسلم ومذهب السلف رضي في الله عنهم . ))
انتــهى النقل بتصرف .

*** خلاصة ما جاء في هذه المسألة :
-أن الصلاة على الميت الغائب جائزة شريطة أن يكون قد مات في بلاد الكفر ، وتيقن أنه لم يُصلَّ عليه
والدليل في ذلك حديث الصلاة على النجاشي .
- أما إذا ثبت أن هذا الميت قد صلي عليه في بلده ، فلا تشرع حيئذ الصلاة عليه صلاة الغائب للأدلة المساقة
في كلام سيخنا على التفصيل ، مما عليه السلف الصالح .

** يا قومنا لا يستجرينكم الشيطان ، هدانا الله وإياكم لحسن الاتباع ، وأعاذنا بفضله من زلل الابتداع .
إنــه بكــل جميــل كفيـــل هــو مولانــا ونعـــم الوكيـــل .
يُتبـــــــــــع.

قاصمة الباطل
01-22-2009, 03:09 AM
نذكر ملخص لما سبق من مسائل استجرى الشيطان بها قومنا فزلت فيها- بكل أسف - بعض الأقدام :-

1- اطلاق بل الجزم ( بالشهادة ) للمعين .
2- الدعوة إلى القنوت في الصلاة دون التقيد بأحكامه الفقهية ( إما جهلا أو غفلة عن أحكامه الشرعية ) .
3- الدعوة للصلاة على شهداء غزة -في بعض الأمصار- ( صلاة الغائب ) رغم عدم صحة ذلك شرعا .
** قد تناولنا هذه المسائل مستدلين : بما ورد في حكمها شرعا، وبأقول أهل العلم فيها على التفصيل المذكور آنفا .

***وبقي لنا في هذا المقام ذكر الأصل الجامع الذي يتحتم على كل متبصر في دينه أن يرجع إليه
ويتمسك به عقيدة وعملا فيما يُسْتَحدث من مسائل - أبدا - وعند النوازل خاصـــــة .
- وصدق من قال : [ من رام الوصول فعليه بالأصول ]
وقبل التفصيل في ذكر هذا الأصل : أذكر بعض ما حدانا إلى ذكره :-
تفشى بين المسلمين في كافة الأمصار دعاوى كثيرة من باب حب الخير والمؤازرة لأهل غزة الحبيبة
في مصابها الجلل أذكر بعض الأمثلة غير التي تناولناها فيما سبق تفصيلا:-
- فمنهم من دعا إلى صلاة ركعتين في جوف الليل يقنط فيها المصلي - في وقت محدد -كل في رحله
يستنصر لأهل غزة .
- ومنهم من اجتهد في نشر أدعية مخصوصة لأهل غزة ، ولم يألُ جهدا في ارسالها على الجوال لكل من يعرف
موصيا المرسل إليه بنشرها على من يعرف مرغبا له بذكر عظيم الثواب ومعضدا دعواه بأدلة من الكتاب والسنة يعلم الله النها ليست في موضعها الصواب .
- ومنهم من دعا لصيام يوم بعينه بنية الاستنصار لأهل غزة .
- ومنهم من دعا لعمل مأدبة دينية ، يختمها الحضور بصلاة ركعتين في جماعة يقنت في الركعة الثانية بعد الركوع بهم إمامهم ( أو إمامتهم فللنساء دور في النصرة - بزعمهن - ) يطيل القنوط بالمصلين يستنصر لأهل غزة .

- و..............والكثير ولذا توجب علينا رد كل هذه المسائل لأصل جامع نفصله كما يلي :

وَلَيْـسَ مَشْـرُوعًا مِـنَ الأُمــورْ ****غَيــرُ الــذي فِـي شَـرْعِنَا مَذْكُــورْ
ذكر شـيخ الإسـلام رحمه الله : أن الأصـل الـذي بنـى عليـه الإمـام أحمـد مذهبـه :
أن الأصل في العـادات الإباحـة ، فـلا يحــرم منهـا إلا مـا ورد تحريمـه ، بينما الأصـل فـي العبـادات أنـه لا يشـرع منهـا إلا مـا شـرعه الله ورسـوله .

مجموعة الفوائد البهية ... / ص : 76 .
ـ وعلـى هـذه القاعـدة ، لـو رأيـت رجـلاً يفعـل شـيئًا ـ [ مـن المعامـلات والعـادات ] (1) ـ فقلـت لـه : هـذا حـرام . فسـيقول لـك : أيـن الدليـل علـى تحريـم هـذا الشـيء ؟ . فحينئـذ أنـت المطالـب بالدليـل علـى تحريـم هـذا الشـيء .
القواعد الفقهية / العثيمين / ص : 31 .
ـ فالأصــل فـي العـادات والمعامـلات الإباحـة ، فـلا يحْــرُمُ منهـا شـيء إلا مـا دل عليـه الدليـل مـن الكتـاب أو السـنة أو الإجمـاع أو القيـاس الصحيـح .
وكـل مـن حـرم شـيئًا مـن ذلـك طولـب بالدليـل السَّـالم مـن المعـارضِ الراجـح ، ولا يُطالَـبُ المبيـحُ بالدليـل ، لأنـه مسـتمسـك بالأصـل .
منظومة القواعد ... / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم .

فالأصــل فـي العبـادات المنـع والتوقـف حتـى يُعْلَـم دليــل ، فـلا عبـادة إلا بدليـل . فلابـد أن نعبـد الله
علـى بصيـرة 0 قـال تعالـى :
{ قُـلْ هَـذِهِ سَـبِيلِي أَدْعُـو إِلَـى اللهِ عَلَـى بَصِيـرَةٍ أَنَـا وَمَـنِ اتَّبَعَنِـي ... } .
سورة يوسف / آية : 108 .
............... . ( نكتفي بذلك النقل عن هذه القاعدة وإلا فباقي أدلتها كثير )

* ولنفصل القول في: (الأصـل فـي العبـادات الحظـر والمنـع .)
• قـال شـيخ الإسـلام ابـن تيميـة فـي مجمـوع الفتـاوى ( 31 / 35 ) :
" بـاب العبـادات والديانـات والتقربـات متلقـاة عـن الله ورسـوله ، فليـس لأحـدٍ أن يجعـلَ شـيئًا عبـادة أو قربـةً ؛ إلا بدليـل شـرعي " . ا . هـ .
• فعن جابر - رضي الله عنه - قال : "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيش يقول : صبحكم ومساكم ويقول: بعثت أنا والساعة كهاتين ويقرن بين إصبعيه : السبابة والوسطى ويقول : أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدى هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة" ( رواه مسلم ) وفي رواية للنسائي : "وكل ضلالة في النار" وفي الصحيحين : "من أحدث في أمرنا هذا ماليس منه فهو رد"

ولو كنا نحسن التأسي لعلمنا أن كل خير في أتباع من سلف وكل شر في ابتداع من خلف ومالم يكن يومئذ دينا فليس اليوم بدين ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها وأول هذه الأمة لما عمل بالاتباع وتجنب الابتداع غير الله به وجه الأرض {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد : 11]
- وعلى هذا فكل عملٍ يؤسَّس على البدع لا يكون صواباً، عبادة كان أم غير ذلك، لأن الابتداع في الدين استدراك على الشريعة، وهذا ما فهمه أصحاب النبي صلوات ربي وسلامه عليه .
ـ وهاكم جملة من أقوال السلف عسانا نسترشد بها في حالك ظلمات ما أصابنا من عظيم البلايا وشديد الخطوب :

-* عـن نافـعٍ أن رجـلاً عطـسَ إلى جنـب ابـن عمـرَ ، فقــال : الحمـد لله ، والسـلامُ علـى رسـول الله ، قـال ابـن عمـر : وأنـا أقـول الحمـد لله والسـلام علـى رسـول الله ، وليـس هكـذا علمنـا رسـولُ اللهِ ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ، علمنـا أن نقـول : " الحمـد لله علـى كـل حـال " . صحيح الترمذي / كتاب : الأدب عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله / حديث رقم : 2738
-* وعـن سـعيد بـن المسـيِّب : أنـه رأى رجـلاً يصلـي بعـد طلـوع الفجـر أكثـر مـن ركعتيـن ، يكثـر فيهمـا الركـوع والسـجود ، فنهـاه ، فقـال : يـا أبـا محمـد ! يُعذبُنـي الله علـى الصـلاة ؟ ! . قـال لا ، ولكـن يُعذبُـك علـى خـلاف السـنة . رواه البيهقي في السنن الكبرى ، وصحح سنده : الشيخ علي حسن عبد الحميد في : عِلم أصول البدع / ص : 71 .
-*وكان عمر رضي الله عنه يقول : " كل محدثة بدعة وإن رآها الناس حسنة " [ اللالكائي رقم 126 وابن نصر في السنة رقم 70 بسند صحيح ]
-*وعن ابن مسعود رضي الله عنه " اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم عليكم بالأمر العتيق " [ أبو خيثمة في العلم 54 ] .
-* ودخل ابن عمر رضي الله عنهما مسجداً يوماً، فثوّب المؤذن [ أي التثويب المبتدع ] ـ وهو قول المؤذن قبل إقامة الصلاة: الصلاة يا مسلمون، الصلاة الصلاة، يقول ذلك على باب المسجد تذكيراً للناس بقرب الإقامة ـ فلما ثوّب المؤذن التثويب المبتدع، خرج ابن عمر رضي الله عنهما من المسجد وقال أخرجتني البدعة .[ الترمذي ]
-* قال ابـن مسـعود " ـ رضي الله عنه ـ لما رأى قوماً حلقاً يسبحون الله بالحصى :
إما أنكم على ملةٍ أهدى من ملة محمد  أو مفتتحوا باب ضلالة
وقال الراوي في آخر القصة: ( فرأينا أكثر الذين كانوا في الحِلق يطاعنونا يوم النهروان مع الخوارج ) .
بدعة صغيرة في نظر القوم، أدت بهم إلى الخروج عن أهل السنة والجماعة بل قتال أهل السنة والجماعة .
( اقتصـادٌ فـي السـنة ، خيـرٌ مـن اجتهـادٍ فـي بدعـة .)
-*وكان الشافعي رحمه الله يقول : " من استحسن فقد شرع " وذلك لقوله سبحانه : {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ} [الشورى : 21]
-* نقل ابن الماجشون عن مالك رحمه الله أنه قال:
1ـ (من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمداً خان الرسالة ؛لأن الله تعالى يقول: (( اليوم أكملت لكم دينكم )) فما لم يكن يومئذ ديناً فلا يكون اليوم ديناً)
[ الاعتصام للشاطبي 1/ 111 ] .
-* وقال ابن القيم رحمه الله: (الأصل في العبادات البطلان حتى يقوم دليل على الأمر) [ إعلام الموقعين 1/ 344 ] .
-* وقال ابن كثير رحمه الله: (وباب القربات يُقتصر فيه على النصوص ولا يُتصرف فيه بأنواع الأقيسة والآراء . ) [ تفسير ابن كثير 4/ 401 ] .
-* وقال الذهبي رحمه الله: (كل ما أُحدث بعد نزول هذه الآية ((اليوم أكملت لكم دينكم )) فهو فضلة وزيادة وبدعة . )[ سير أعلام النبلاء (18/ 509 ) ] .
-* وقال ابن حجر: (البدعة في عرف الشارع مذمومة بخلاف اللغة)[ الفتح/ 13/ 252 ـ 254 ] .
-* وقال ابن رجب: (ما وقع في كلام السلف من استحسان بعض البدع، فإنما ذلك في البدع اللغوية لا الشرعية) [ جامع العلوم والحكم 233 ] .

-* وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (العبادات والديانات والتقربات متلقاه عن الله ورسوله ، فليس لأحدٍ أن يجعل شيئاً عبادةً أو قربةً إلا بدليل شرعي .) [ الفتاوى 31/ 35 ] .
-* وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : ( فمن ندب إلي شيء يتقرب به إلي الله أو أوجبه بقوله أو فعله من غير أن يشرعه الله فقد شرع من الدين مالم يأذن به الله . ومن اتبعه في ذلك فقد اتخذه شريكاً لله شرع له من الدين مالم يأذن به الله نعم قد يكون متأولا في هذا الشرع فيغفر له لأجل تأويله إذا كان مجتهدا الاجتهاد الذي يعفي فيه عن المخطيء ويثاب أيضاً على اجتهاده لكن لا يجوز اتباعه في ذلك كما لا يجوز اتباع سائر من قال أو عمل قولاً أو عملاً قد علم الصواب في خلافه وإن كان القائل أو الفاعل مأجوراً أو معذوراً )) أ . هـ .
-*قال الحسن: ( إنما هلك من كان قبلكم حين تشعبت بهم السبل و حادوا عن الطريق فتركوا الآثار و قالوا في الدين برأيهم فضلوا و أضلوا)
- *و قال أيضا: "السنة و الذي لا إله إلا هو بين الغالي و الجافي فاصبروا عليها رحمكم الله، فإن أهل السنة كانوا أقل الناس فيما مضى و هم أقل الناس فيما بقي، الذين لم يذهبوا مع أهل الإتراف في إترافهم و لا مع أهل البدع في بدعهم و صبروا على سنتهم حتى لقوا ربهم فكذلك إن شاء الله فكونوا".
-* وقال حسان بن عطية: "ما ابتدع قوم بدعة في دينهم إلا نزع الله من سنتهم مثلها ثم لا يعيدها إليهم إلى يوم القيامة".

***فالله خلـق الخلـق لعبادتـه قـال تعالـى :
{ وَمَـا خَلَقْـتُ الْجِـنَّ وَالإِنـسَ إِلاَّ لِيَعْبُـدُونِ } . سورة الذاريات / آية : 56 .
وَبَيَّـنَ سـبحانه فـي كتابــه ، وعلى لسـان رسـوله العبـادات التـي يُعْبَـدُ بهـا ، وأَمـر بإخلاصهـا لـه ، فمـن تقـرب بهـا لله مخلصـًا ، فعملـه مقبـول ، ومـن تقـرب لله بغيرهـا ، فعملـه مـردود ، كمـا قـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم :
" مَـنْ عَمِـلَ عَمَـلاً لَيْـسَ عَلَيْـهِ أَمرُنـا فَهُـوَ رَدٌّ " .
صحيح مسلم / حديث رقم : 18 ـ ( 1718 )
وصاحبـه (1) داخـل فـي قولـه تعالـى :
{ أَمْ لَهُـمْ شُـرَكَاء شَـرَعُوا لَهُـم مِّـنَ الدِّيـنِ مَـا لَـمْ يَـأْذَن بِـهِ اللهُ ... } .
سورة الشورى / آية : 21 .
وبيـان هـذا الحديـث : أن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قيـد قبـول العبـادة بأخذهـا عنـه ، وصدورهـا منـه صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم ، فاعتبـار غيـر مـا أتـى بـه صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم مـن العبـادات ، اعتبـار مـردود علـى صاحبـه . ] مجموعة الفوائد البهية ... / ص : 77 / بتصرف .
فهـذا الأصـل ينفعـك فيمـا إذا رأيـت مـن يتعبـد عبـادة ، فأنكـرت عليـه 0 فقـال : أيـن الدليـل علـى إنكـارك ؟ . قـل : أيـن الدليـل علـى فعلـك ؟ .
[ فالـذي يقـوم بالعبـادة هـو المطالَـب بالدليـل على عبادتـه ] القواعد الفقهية / العثيمين / ص : 33 / بتصرف .
فـلا يجـوز للإنسـان أن يتعبـد لله عـز وجـل بعبـادة ، إلا إذا ورد دليـل مـن الشـارع بكـون تلـك العبـادة مشـروعة ، ولا يجـوز لنـا أن نختـرع عبـادات جديـدة ونتعبـد الله ـ عـز وجـل ـ بهـا ، سـواء عبــادة جديـدة فـي أصلهـا ، ليسـت مشـروعة ، أو نبتـدع صفــة فـي العبــادة ليسـت واردة فـي الشـرع ، أو نخصـص العبـادة بزمـان أو مكـان . وأدلـة ذلـك : قولـه تعالـى :
{ قُـلْ إِن كُنتُـمْ تُحِبُّـونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِـي يُحْبِبْكُـمُ اللهُ ... } . سورة آل عمران / آية : 31 .
وقولـه تعالـى :
{ ... وَاتَّبِعُـوهُ لَعَلَّكُـمْ تَهْتَـدُونَ } . سورة الأعراف / آية : 158 .
وقولـه تعالـى :
{ لَقَـدْ كَـانَ لَكُـمْ فِـي رَسُـولِ اللهِ أُسْـوَةٌ حَسَـنَةٌ ... } . سورة الأحزاب / آية : 21 .
وقولـه تعالـى :
{ أَمْ لَهُـمْ شُـرَكَاء شَـرَعُوا لَهُـم مِّـنَ الدِّيـنِ مَـا لَـمْ يَـأْذَن بِـهِ اللهُ ... } . سورة الشورى / آية : 21 .

***وكما أن البدع لا تسمى ديناً شرعا، فما بني عليها يكون باطلاً، كذلك ما بُني على الرأي المحض والقياس الفاسد لا يكون صواباً، وقد ذمّ السلف الرأي المحض، والقياس المصادم للنص،
-* فقد قال الشعبي: ( لعن الله أرأيت ) [ إعلام الموقعين 1/ 73 ] .
-* وقال صالح بن مسلم: سألت الشعبي عن مسألة في النكاح فقال: ( إن أخبرتك برأيي فبل عليه ) [ إعلام الموقعين 1/73 ]
فهذا قول الشعبي في رأيه، وهو من كبار التابعين، وقد لقي مائةً وعشرين من الصحابة وأخذ عن جمهورهم .
-* وعن عبد الرحمن بن مهدي قال: سمعت حمّاد بن زيد يقول: قيل لأيوب السختياني: مالك لا تنظر في الرأي ؟ فقال أيوب: قيل للحمار مالك لا تجتر؟ قال: أكره مضغ الباطل . [ إعلام الموقعين 1/ 75 ] .
-*وقد كتب عمر بن عبد العزيز رحمه الله إلى الناس: " إنه لا رأي لأحد مع سنةٍ سنها رسول الله " [ إعلام الموقعين 1/ 74 ] .
-* وقال الأوزاعي رحمه الله: عليك بآثار من سلف وإن رفضك الناس، وإياك وآراء الرجال وإن زخرفوا لك القول . [ إعلام الموقعين 1/ 75 ] .
وقد اتفق العلماء أنه لا اجتهاد في مورد النص، بل قعّد العلماء قاعدة: لا مساغ للاجتهاد في مورد النص . أي أنه لا يجوز الاجتهاد باستعمال الرأي والقياس فيما ورد فيه نص شرعي من كتابٍ أو سنةٍ أو إجماعٍ صحيحٍ ثابت .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ( لا يجوز الحكم بالقياس قبل الطلب التام للنصوص، إلا إذا أيس من الظفر بنصٍ، بحيث يغلب على ظنه عدمه، فهنا يجوز بلا تردد ) . [ المسوّدة في أصول الفقه 370 ] .
***أن لا يكون العمل مبنياً على اتباع الهوى:
*ومن أسباب مجانبة الصواب في الأعمال الشرعية :-
1- ما بُني منها على اتباع الهوى، وقد أنكر الله على المشكرين لاتباعهم الهوى قال تعالى: ((إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ))[ النجم 23 ] وأمر نبيه أن يحكم بالحق ولا يتبع الهوى كما قال تعالى: (( فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله ))[ص 26 ] .
2- أن لا يكون الدافع لفعلها العاطفة والحماس المجرّد عن العلم:
ومن أسباب مجانبة الصواب في الأعمال ما بُني منها على الحماس المجرد عن العلم والفهم.
3- الخطأ في الاستدلال:
ومن أسباب مجانبة الصواب في الأعمال الشرعية: الاستدلال بالأدلة استدلالاً خاطئاً .
وقد انقسم الناس في الاستدلال من حيث الجملة إلى ثلاثة أقسام: وأعني بانقسام الناس في الاستدلال الذين يبحثون عن الدليل ويتحرون العمل بمقتضاه ، واستثني المقلدة فهم لا يستدلون أصلاً، وإذا استدلوا فإنما يستدلون تبعاً لقول من قلّدوه فالأصل عندهم قول المقلَّد لا الدليل .
ومن أمثلة الاستدلال الخاطئ، الاستدلال بقاعدة : [المصالح والمفاسد بلا ضوابط ولا قيود .]
إن المصلحة المعتبرة في الشرع لم تأتِ من بابٍ واسعٍ ليس له حدود، وبلا ضوابط تضبط العمل بها، بل ذكر أهل العلم لاعتبار المصالح ضوابط، منها:
أولاً: أن لا يكون في المسألة نص يمنعها بخصوصها، وإلا كان عدم الجواز واضحاً، ولو ظنت فيه مصلحة لأنها حينئذٍ وهم .[شرح القواعد الفقهية للزرقا (209 ـ 210)] .
ثانياً: ومن ضوابط العمل بالمصلحة، ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى حيث قال: كل أمر يكون المقتضي لفعله على عهد رسول الله موجوداً لو كان مصلحة ولم يُفعل، يُعلم أنه ليس بمصلحة [ اقتضاء الصراط المستقيم ] . . ... منقول

*****وفي الأخير : عن عمرو بن عوف المزني قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ((من أحيا سنة من سنتي فعمل بها الناس كان له مثل أجر من عمل بها لا ينقص من أجورهم شيئا ومن ابتدع بدعة فعمل بها كان عليه أوزار من عمل بها لا ينقص من أوزار من عمل بها شيئا .)) صحيح لغيره هكذا علق عليه الألباني في : صحيح ابن ماجه / رقم: 174
- على كل من أراد أن يأتي بجديد في العقائد أو العبادات أن يسوق النص و الدليل إذ الفعل سنة و الترك أيضا سنة طالما وجد المقتضي و انتفى المانع و لم يفعل، كتركهم الأذان للعيدين و تركهم تلاوة القرآن على الموتى، و تركهم تلاوة القرآن بصوت جهري قبل العصر و الجمعة، فالترك هنا هو السنة إذ أنهم عن علم وقفوا و ببصر نافذ كفوا. ففي السنن كفاية و على من أراد أن يسن للناس سنة حسنة أن يدلهم على هدي نبيه صلى ا لله عليه و سلم و يظهر لهم الشرائع و الشعائر ويحيي السنن التي اندرست و انطمست لا أن يبتدع في دين الله ما ليس منه
و لا يصل العبد إلى الله إلا بموافقة حبيبه صلى الله عليه و سلم في شرائعه و من جعل الطريق إلى الوصول في غير الإقتداء يضل من حيث يظن أنه مهتدٍ، و كل الطرق مسدودة إلا من طريقه صلى الله عليه وسلم فاتبع طريق الهدى و لا يضرك قلة السالكين و إياك و طرق الضلالة و لا تغتر بكثرة الهالكين.


موقع الاكاديمية الاسلامية المفتوحة لطلبة العلم الشرعي وطلب العلم


وجزى الله عنا خير الجزاء الاخت الفاضلة التي قامت باعداد هذا الموضوع وبذل هذا الجهد الطيب

تقبل الله منا ومنها صالح الاعمال يارب