المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مساجد غزة لا بواكي لها !



فريد المرادي
01-18-2009, 09:10 PM
بسم الله الرحمن الرحيم



" مساجد غزة لا بواكي لها ! "




( ثم سرنا حتى وصلنا إلى مدينة غزة ، وهي أول بلاد الشام مما يلي مصر ، متسقة الأقطار ، كثيرة العمار ، حسنة الأسواق ، بها المساجد العديدة ، والأسوار عليها . وكان بها جامع حسن ، والمسجد الذي تقام الآن به الجمعة فيها ؛ بناه الأمير المعظم الجاولي ، وهو أنيق البناء ، محكم الصنعة ، ومنبره من الرخام الأبيض ) ، هذا ما قاله الرحالة الشهير ابن بطوطة في " رحلته " ( ص 41 ) لما مر بمدينة غزة وأعجب بمساجدها الكثيرة ، ولا أدري ما سيقوله لو رأى المدينة الآن بعد عدوان مجرمي اليهود عليها ، وقد هدموا أكثر من 50 مسجدا ! ، في ظل صمت حكام العرب والمسلمين ؟ !! ، والله المستعان .



حتى المحاريب تبكي وهي جامدة * حتى المنابر ترثي وهي عيدان



يا غافلاً وله في الدهر موعظة * إن كنت في سنة فالدهر يقظان



تلكَ المصيبةُ أنْسَتْ ما تَقَدَّمَها * ومـالها من طوال الدهـر نسيان



أَعندكُم نبأ من أهل ( بغزة ) * فقد سرى بحديث القوم ركبان



كم يستغيث بنا المستضعفونَ وهُم * قَتلى و ( جرحى ) فما يهتز إنسان



لماذا التقاطع في الإسلامِ بينكم * وأنتم يا عباد الله إخوان



لمثلِ هـذا يبكي القلب من كمد * إن كان في القَلب إسلام وإيمان



وبعد ، فهذه إضاءات وبصائر أضعها بين إخواني حتى نستلهم العبر ونستخلص الدروس مما تمر به أمتنا من فتن وأزمات ؛ ومن ذلكم تدمير المساجد وقصفها ، والله الموفق .



1- العدو بفعله المشين هذا يكشف عن خبث طويته ، ويفصح عن مخبوء مكره ، فهو لا يدمر في المساجد البناء والجدران ، وإنما قصده تعطيلها من إقامة الصلوات ورفع الدعوات وترتيل آي القرآن ، وهيهات له ذلك ، فأعداد المصلين في ازدياد ولله الحمد ، بل لو دمروا المساجد عن آخرها فالمسلمون شعارهم قول نبيهم - صلى الله عليه وسلم - : " وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا " [ متفق عليه ] .



2- بين إعمارالمساجد والنصر على الأعداء علاقة وطيدة ، كما دلت نصوص الشرع العديدة ، فكلاهما باب من أبواب الجنة ، ولن يثبت في حراسة الثغور إلا من عمر المساجد بالذكر والعلم ، والجهاد لم يشرع إلا لإعلاء ذكر الله وإقامة الصلاة في الأرض ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "إن الجنة تحت ضلال السيوف " [ رواه مسلم ] ، وقال - صلى الله عليه وسلم - أيضا : "جاهدوا في سبيل الله ؛ فإن الجهاد في سبيل الله باب من أبواب الجنة ، ينجي الله به من الغم والهم " [ رواه أحمد ] .


وقال - صلى الله عليه وسلم - : "إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا " ، قال الصحابة : وما رياض الجنة ؟ قال : " حلق الذكر " [ رواه أحمد ] ، ومن أعظم الذكر تعليم القرآن وتحفيظه والدعاء .


قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : ( " فقوام الدين بالكتاب الهادي والسيف الناصر ، " وكفى بربك هاديا ونصيرا " [ الفرقان : 31 ] ، والكتاب هو الأصل ) ، " مجموع الفتاوى " ( 28 / 234 ) .



إذا علم هذا فلن يرابط في الثغور ويجاهد في سبيل الله إلا من رابط في بيوت الله وجاهد نفسه على ارتيادها والرتع من رياضها ، فمساجد غزة العامرة هي سر صمود أهلها المجاهدين أمام العدو الصهيوني الهمجي .



3- المحافظة على الصلاة من أعظم أسباب النصر على الأعداء وتثبيت الأقدام في الجهاد ، قال الله - تعالى - : " وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين " [ يونس : 87 ] .



قال الشيخ العلامة عبد الرحمن السعدي - رحمه الله - في " تفسيره " ( ص 348 ) : ( "وأوحينا إلى موسى وأخيه " حين اشتد الأمر على قومهما من فرعون وقومه ، وحرصوا على فتنتهم عن دينهم ، " أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا " أي : مروهم أن يجعلوا لهم بيوتا ، يتمكنون بها من الاستخفاء فيها ، " واجعلوا بيوتكم قبلة " أي : اجعلوها محلا تصلون فيها ؛ حيث عجزتم عن إقامة الصلاة في الكنائس والبيع العامة .


" وأقيموا الصلاة " فإنها معونة على جميع الأمور ، " وبشر المؤمنين " بالنصر والتأييد ، وإظهار دينهم ، فإن مع العسر يسرا ، إن مع العسر يسرا ) .



وقال الحافظ ابن كثير - رحمه الله - في " تفسيره " ( 2 / 210 - 211 - عمدة التفسير ) : ( عن ابن عباس : " واجعلوا بيوتكم قبلة " قال : أمروا أن يتخذوها مساجد ، وكأن هذا - والله أعلم - لما اشتد بهم البلاء من قبل فرعون وقومه ، وضيقوا عليهم ؛ أمروا بكثرة الصلاة ، كما قال - تعالى - : " يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة " [ البقرة : 153 ] ، وفي الحديث : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا حزبه أمر صلى " ، ولهذا قال - تعالى - في هذه الآية : " واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين " أي : بالثواب والنصر القريب ) .



ونقول كما قال رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - مخاطبا اليهود : " نحن أحق وأولى بموسى منكم " [ متفق عليه ] ، وفي رواية أخرى قال - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه : " أنتم أحق بموسى منهم - أي اليهود - " .



قال العلامة ابن الأزرق الأندلسي - رحمه الله - في كتابه النافع " بدائع السلك في طبائع الملك " ( 2 / 571 ) : ( المحافظة فيه - أي الجهاد - على الصلاة أهم ما يقدم من عمل صالح ويستصحب فيه ؛ لوجوه :


أحدها : النهي عن الفحشاء والمنكر ، والفرار من الزحف من أفحش الفحشاء والمنكر ، فتنهى عنه لا محالة .


الثاني : أن من خواصها تقوية القلب ، وتنشيط الجوارح ، واستدعاء ريح النصر ...


الثالث : أنها محل المناجاة المستلزمة للقرب ، " أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد " ، ومن قرب من مولاه ، هان عليه من سواه ...


الرابع : أنها عماد الدين ، وشعار المسلمين ؛ فعليها يجاهد ، وعنها يدافع ... ) .




4- ( القلوب الصادقة والأدعية الصالحة هي العسكر الذي لا يغلب ) كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - ، ومن أكثر ما يكون في بيوت الله الضراعة لله بالدعاء مع طول القنوت وإخلاص القلوب .


وقال ابن الأزرق - رحمه الله - في " بدائع السلك " ( 2 / 587 ) : ( صدق اللجإ إلى الله - تعالى - بعد بذل الوسع في مراجعته - أي العدو الكافر - من أعظم ما يرجى به الخلاص منه ) .



فاللهم إنك عالم بالسرائر ، ومطلع على مكنونات الضمائر ، اللهم إنك غني بعلمك واطلاعك على أمور خلقك عن إعلامنا لك ، وهؤلاء اليهود من عبيدك قد تسلطوا على عبادك المسلمين ، وكفروا بك وبنعمتك وما شكروها ، وألغوا العواقب وما ذكروها ، أطغاهم حلمك وتجبروا بأناتك حتى تعدوا علينا بغيا ، وأساؤوا إلينا عتوا وعدوا ، اللهم قل الناصر واعتز الظالم ، وأنت المطلع العالم والمنصف الحاكم ، بك نستعين عليهم ، وإليك نهرب منهم، فقد تعززوا بالمخلوقين ، ونحن نستعين بالله رب العالمين ، اللهم إنا حاكمناهم إليك ، وتوكلنا في إنصافنا منهم عليك ، فاحكم بيننا بالحق وأنت خير الحاكمين ، وأظهر قدرتك فيهم ، وأرنا ما نرتجيه ، فقد أخذتهم العزة بالإثم ، اللهم فاسلبهم عزهم ، وملكنا - بقدرتك - نواصيهم ، يا أرحم الراحمين ، وصلى الله على نبينا وعلى آله وسلم تسليما .


فريد المرادي ( 21 محرم 1430 هـ ) .
http://merathdz.com/play.php?catsmktba=2026

أم حذيفة
01-23-2009, 10:23 AM
جزاكم الله خيرا واحسن اليكم

قد قرات ان في احد المقالات ان اليهود يستغربون صمت العرب حيال تدمير المساجد....بالامس القران ثم الرسول صلى الله عليه وسلم ثم المساجد وغدا .......

تهان مقدساتنا ليل نهار ولا نحسن الا الدعاء والله المستعان
رحماك ربي ونصر قريب ان شاء الله

فريد المرادي
01-25-2009, 08:30 PM
الأخت الكريمة أم الشهيد : حفظك الله - تعالى - ، وأسأله - سبحانه - أن سيتجيب دعاءك إنه قريب مجيب .