المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عن السايس و الحصان



الوليد بن مصعب
01-24-2009, 06:56 PM
يقال في أصل كلمة (( السياسة )) أنها مشتقة من (( ساس الحصان )) بمعنى (( قاده إلى موقع الماء )) . و هي اشتقاق حسن , إذا كان الحصان يريد أن يشرب . أما إذا كان السايس , هو الذي يرغب في نقل بعض براميل الماء , فإن كلمة (( السياسة )) تصبح مشتقة من (( الويل للحصان )) رغم الأختلاف الظاهر بين الحروف . إنها نقطة ضعف قديمة في طبيعة كل الكلام ؛ فاللغة وحدها – مثل عكاز وحده – أداة تتوكأ عليها عبر جميع الطرق , و تطرق لك كل البواب , لكنها لا تستطيع أن تقودك إلى البيت الذي تقصده , حتى تعرف أنت طريق البيت , وتقصده , و تطرق بابه ... إن اللغة لا تقول شيئا من دون شريعة .

بموجب هذا القانون , ترتبط لغتنا العربية بمصطلحات الشرع السلامي , ارتباطا يجعلها غير صالحة للتعبير عن شرع سواه . فكلمة عسكري مثلا , تعني في لغتنا , رجلا يحمل بندقية , لكن كلمة مجاهد هي التي تحدد شرعا , أين يوجه هذا السيد سلاحه , و كلمة بنك تعني – فقط – مكان النقد , لكن بيت مال المسلمين تعني أن النقود ملك للناس , و أن أحدا لا ينفق منها فلسا , إلا بإذن شرعي من جميع الناس ( 1 ) . و كلمة رئيس تعني أن الأدارة , لها راس واحدة , لكن كلمة أولي الأمر تعني أن الأدارة لها مجالس مكلفة بها , تضم كثيرا من الرؤوس ( 2 ) . و كلمة مواطن لا تقول شيئا عن دستور الوطن , لكن كلمة مسلم تقول إن الوطن دستوره الشورى بين جميع المسلمين .

و الفرق الظاهر , بين كل كلمة و أخرى , أن إحداهما ترجمة لمصطلح إداري , ليست له شريعة في واقع العرب , و الأخرى هي المصطلح الأداري نفسه , كما يعرفه العرب في صياغته الشرعية .

فإذا عمد المرء , إلى استبدال كلمة بكلمة , بحجة أن روح التجديد , تحتم استخدام مصطلحات جديدة , فإن ذلك لا يضيف شيئا إلى لغتنا العربية , و لا يجعلها لغة معاصرة , بل يفرغها من محتواها , و يجعلها لغة عمياء من دون شريعة , كما كانت ذات مرة , في عصر أبي جهل .

إن استبدال مصطلحات الأدارة الأسلامية بمصطلحات مترجمة عن نظم إدارية أخرى , هو أقصر الطرق , و أقلها مشقة , لأنهاء الحل الأسلامي من أساسه , و إعادة العرب , أربعة عشر قرنا إلى الوراء , بحيلة كلامية , سهلة , ممكنة , سلمية , عصرية , مميتة , واحدة . لكن ثمة ملاك حارس على عتبة هذا الباب .

فاللغة العربية , منذ نزول القرآن , لغة محررة شرعا من أهواء السياسيين , و أصحاب الرأي . إنها لم تعد عكازا لأحد , و لم يعد من الممكن استخدامها للتعبير في نظام إداري آخر , سوى نظام الأدارة الجماعية في السلام . و إذا خطر لأحد ما , أن يتجاهل هذا الخندق , و يسخر اللغة العربية لاحتواء شرائع سياسية من الشرق أو الغرب , فإن العرب – من جانبهم – لا يتخلون عن مصطلحاتهم القرآنية , و لا ينسونها بمرور الزمن , و لا يستبدلون منها كلمة , و لا يضيفون إليها كلمة , مقابل أية مكافأة , أو تحت أي تهديد . و قد مر حتى الآن , أربعة عشر قرنا على نزول القرآن , تفرق العرب خلالها بين الشرائع السياسية إلى شيعة و سنة و خوارج و شعوبيين و رأسماليين و شيوعيين . و اختار كل حزب لنفسه هوية . لكن النسخة الأولى من بطاقة الهوية الأصلية , لا تزال حية , في صياغتها الصحيحة , على شفاههم جميعا , و لا تزال قادرة على جمعهم من جديد تحت إدارة واحدة , باسم صحيح واحد , في أي وقت يختارونه , و في وجه أي مقاومة . إن البطاقة لا تزال محفوظة , بمصطلحاتها الأصلية , داخل صدور العرب , في سورة الفاتحة .. و هي سورة ذات مكانة خاصة جدا , اختار لها الرسول موضع الصدارة بين سور القرآن . و مصنفة تحت عنوان ( من مقول العباد ) باعتبارها أنشودة جماعية تبدأ بصيغة أمر تقديره (قولوا) .

الحمد لله رب العالمين : فلا شيء عن الشيعة أو السنة أو النصارى أو اليهود أو الشيوعيين ؛ لأن المواطن العربي الذي رباه الأسلام , مواطن عالمي , لا ينتمي إلى غير هذه العقيدة الأنسانية الشاملة , و لا يمكن تسخيره برضاه لخدمة عقائد حزبية أو جدلية , و ليس مجهزا لخدمتها شرعا .

الرحمن الرحيم : فالمواطن العالمي , عقيدته الرحمة , لأنها العقيدة الوحيدة الموجهة إلى الناس , و ليس إلى مؤسساتهم . و كل شعار – عدا شعار الرحمة – يمكن تسخيره بوسائل الجدل , لخدمة مصالح المؤسسات , على حساب الناس أنفسهم .

مالك يوم الدين : و الدين ليس هو السياسة , و لا يخاطب الدولة , بل يخاطب الناس .

إياك نعبد , و إياك نستعين : هذه جماعة , تتكلم علنا بضمير الجماعة , و ليست مجرد مواطن مسلم وحيد .

اهدنا الصراط المستقيم : و الذي يطلب الهداية , يعرف أنه صاحب القرار الأول و الأخير , و أن ما يحدث له في حياته – و حياة عياله من بعده – ليست مسؤولة عنه , جهة إدارية أو عقائدية , بل مسؤول عنه هو شخصيا , و بالذات , عن كل مثقال ذرة منه .

صراط الذين أنعمت عليهم : و هو صراط علامته الفارقة , أنه طريق إلى الخير و النعمة , في مجتمع يضمن حق الجماعة , و يحتوي خلافاتها الشكلية , و يجمعها في نظام إداري فعال , قائم على الرحمة و التراحم .

غير المغضوب عليهم : فثمة شرائع كثيرة أخرى – غير الشرع الجماعي – تستطيع أن تجمع الناس أيضا , لكنها لا ترحمهم , لأنها لا تستطيع أن تحميهم من بطش الأقوياء .

و لا الضالين : و علامة الضال أنه إنسان وحيد , و مغترب عن عالمه . فالناس دون شرع الجماعة , أسرى في المدن تحت رحمة الأقطاع , و من دون إدارة على الأطلاق , قبائل تهيم على وجهها في الصحراء .

إن مواطننا يعرف ما يقوله , و يقوله علنا , و بإصرار. و إذا نسي أحيانا – أو جعله الشيطان ينسى – فإن التعاليم , قد فرضت عليه قراءة سورة الفاتحة بالذات , دون غيرها من السور , قبل كل ركعة , في كل صلاة , في كل يوم , من كل اسبوع , من كل شهر , من كل سنة , في أمر مستديم من الرسول شخصيا . و وراء هذا الحصن الذي يصعب اختراقه , تعيش هوية المواطن العربي , في مامن من كل تزوير , تمليه أهواء السياسة , مثل روح في صدر طائر , و الطائر في قفص , و القفص في جزيرة , و الجزيرة بعيدة في ملكوت الله ... إنها أمانة في لغته نفسها .

لهذا السبب , تختلف اللغة العربية عن كل لغة سواها , في الشرق و الغرب , و في جميع العصور , لأنها ليست وسيلة للتعبير فقط , بل و سيلة للتفاهم أولا , على معنى كل مواطن , و نوع نظام الحكم , و طريقة سير الأدارة , في مصطلحات محددة , محررة من أهواء المؤسسات , مألوفة على السنة الناس , حية , شرعية , متفق عليها بالأجماع .

و النتيجة الأولى : لاستبدال هذه المصطلحات , بمصطلحات رأسمالية أو ماركسية , هي أن يصبح العرب فجأة , شعبا من الأميين , حتى يعاد تعليمهم من جديد , فمخاطبة الناس بمصطلحات لا يعرفون لها شريعة في واقعهم , مثل مخاطبتهم بلغة أجنبية , فكرة تحتاج إلى إعادة تأهيلهم من الصفر ( 3 )

و النتيجة الثانية : أن يتعلم العرب , جميع المصطلحات الأجنبية , لكنهم يبقون عربا , عند نقطة الصفر . فلغتهم نفسها مقيدة عضويا إلى لغة القرآن , و ليس بوسعهم أن يفصلوا هذه اللغة عن الأدارة , كما فعلت بقية شعوب العالم , و يجتمعوا في نظام تشريعي قائم على وحدة الأرض أو اللون أو الحزب . إنهم – إذ ذاك – يتورطون تلقائيا , في حالة مميتة من حالات انعدام الوزن , بين إدارة من دون شريعة , و شريعة من دون إدارة . فمثلا :

كلمة ديموقراطية التي تعني حكم الشعب كلمة تقدمية براقة , بالنسبة لكل مواطن في العالم , ما عدا مواطننا العربي الذي لا يعترف شرعا بغير حكم الله , و لا يستطيع أن يتنازل عن هذا هذا المصطلح بالذات , أو يقبل استبداله , أو ينساه . و مثلا :

كلمة وطن تعني في لغة السياسة أرض الميعاد . و لهذا السبب , يقول السياسيون إن (( الوطن مقدس )) . و تتفق الشرائع السياسية , على إباحة التضحية بالناس , دفاعا عن تراب الوطن . و رغم أن أحدا , في وطننا العربي , لا يعارض علنا في إقرار هذه الصياغة , فإن العرب في لغتهم الشرعية , لا يعترفون بقدسية الوطن , و لا يموتون طائعين في سبيله , بل يموتون في سبيل الله , و هي فكرة مختلفة جدا , لأنها قد تعني أن يرفع المواطن سلاحه باسم الشرع , في وجه ما يدعى بوطنه المقدس . و مثلا :

كلمة الحرية تعني في دستورها الرأسمالي حرية البيع و الشراء , و هي كلمة عصرية , خلبت لب الشعراء في كل اللغات , بما في ذلك لغتنا العربية . لكن مواطننا العربي شخصيا , لا يزال اسمه عبد الله و احيانا عبيد الله , و عادة عبد المعين ( 4 ) . و مثلا :

كلمة اشتراكية تعني في لغة التطبيق , عدم دستورية الملكية الخاصة لوسائل الأنتاج , و هو تشريع عمالي , يستحيل إقراره سلميا في مجتمع لا يحكمه العمال , و يتوقف اصداره على إشعال حرب طبقية , تتولى القضاء على الملكيات الكبيرة و الصغيرة , مما يجعل الدعوة إلى الأشتراكية , ترتبط بالدعوة إلى الثورة المسلحة في جميع اللغات , و منها لغتنا العربية . رغم أن مواطننا العربي شخصيا – دون ثورة مسلحة – يردد في دستوره منذ أربعة عشر قرنا , أن الملك لله وحده لا شريك له , و أن ذلك يشمل شرعا ملكية وسائل الأنتاج . و مثلا :

كلمة دولة تعني أن تكون للدولة حدود , و تكون لها هوية و نشيد قومي , و علم مرفوع فوق سارية , و قائد يبايعه الناس على القيادة , و هي شروط تتوافر لكل دولة في العالم , ما عدا الدول العربية بالذات , التي ترتفع فيها أصوات المؤذنين , خمس مرات كل يوم , من أعلى موقع في المدن و القرى , معلنة ولاءها لدولة خفية , لا تعترف بحدود , أو نشيد قومي , أو علم , أو قيادة :

الله أكبر, الله أكبر : وهذه صيحة الجهاد , لكي يسمع من يريد أن يسمع , و الحاضر يعلم الغائب , بأن دولة المسلمين ليس فيها أرباب أو أنصاف أرباب .

أشهد أن لا إله إلا الله : و كل شهادة غيرها تعتبر مزورة , مهما قيل في نشرات الأخبار , و تعليق الأذاعة , فالمواطن المسلم لا يدين بالولاء لمواطن مثله , أو لحكومة , أو لحزب , أو لطائفة .. إنه لا يعترف شرعا , بغير حكم الجماعة .

حي على الصلاة : في وقت لاحق , سوف يضاف إلى نص الأذان , مقطع يقول أشهد أن محمدا رسول الله . و يضيف إليه الشيعة قولهم ( و أن عليا بالحق ولي الله ) . لكن ذلك سوف يحدث في وقت لاحق , بعد أن ينهار نظام الأدارة الجماعية , في الأسلام , وينتهي عصر الخلفاء الراشدين , و ينجح معاوية في الستيلاء على الحكم . أما في عصر الرسول نفسه ... فإن الأذان – الذي يعني الأعلام – كان دعوة إلى لقاء كل الأديان و الملل في يوم الجمعة بالذات . و لهذا السبب قال المالكية { إن الأذان (( واجب كفاية )) في كل بلد تقام به الجمعة . و إذا ترك أهله الأذان , قوتلوا على ذلك } , لأنهم يكونون قد أغفلوا الغرض من الأجتماع , و هو حضور الناس . أما اتباع أبي حنيفة و ألأمامية فقد اشترطوا حضور المسؤول السياسي أو نائبه , معلنين عدم جدوى اللقاء من دون هذا الشرط , في إشارة واضحة إلى أن اجتماع يوم الجمعة , لقاء سياسي إداري و ليس دينيا .

أكثر من ذلك , فإن جميع مذاهب الفقه – ما عدا المالكية – قد اتفقت على أن صلاة الجمعة , لا تقام بالضرورة في المساجد , بل في أي مكان يلتقي فيه الناس ؛ لأنه لقاء يخص ( المؤمنين ) عامة , بموجب نص الآية : [ يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة ] .

حي على الفلاح : ثم يبدأ الأجتماع الأداري بعد الصلاة , و يلتقي الناس على مصلحة الناس , في مؤتمر جماعي محرر من سلطة المؤسسات الدينية و الأقتصادية و العسكرية , محرر من مظاهر التحايل السياسي الموجه لأفساد جدية النقاش , من الغمز و اللمز و الغيبة و النميمة , إلى الصراخ بصوت عال , و التنابز بالألقاب .

الله أكبر , الله أكبر . لا إله إلا الله : في أول النداء و آخره . فهذه دعوة إلى اجتماع لا يعترف بسلطة حزب , أو كنيسة , أو إمام , و لا يساوم في بند واحد من دستوره الجماعي , و لا يدخر جهدا في الأعلان عن هويته جهارا , من أعلى بقعة في المدينة , كل يوم من أيام السنة , منذ الفجر إلى العشاء .

إن أجراس الكنائس , تدعو الناس إلى الصلاة , لكن أصوات المؤذنين , تدعوهم إلى الصلاة , و تغيير نظام الحكم . و إذا كانت أجهزة الرقابة السياسية في وطننا , لم تصادر المآذن حتى الآن , فذلك أمر مرده إلى أنها – أولا – لا تعرف لغة الأسلام الأدارية . و لأنها – ثانيا – أقصر قامة من أقصر مئذنة .
فمشكلة الأدارة العربية - من دون غيرها من الأدارات في الشرق و الغرب , و في جميع العصور - أنها ملزمة بالتعايش مع نص القرآن . و هي مشكلة تشبه أن يضطر لص سيء الحظ إلى أن يسرق ناقوسا . فلغة القرآن , لغة لأدارة اسلامية ضائعة , سرقتها الأدارة , لكنها لم تعرف أبدا أين تخفيها , لأنها تعيش حية في لغة الناس .

و عند هذا الزقاق المسدود , و في حالة مروعة من انعدام الوزن , و قفت الأدارة العربية , و المواطن العربي معا , مشلولين عن الحراك منذ إنهاء نظام الأدارة الجماعية , و لا يزالان مشلولين حتى الآن , تفصل بينهما لغتان عربيتان (5 ) إحداهما لغة حكومية , تتحدث عن جهاز إداري من دون شريعة مثل [حكم الشعب – و انتخابات – و اشتراكية – و برلمان – و حرية الصحافة – و الجيش العامل – و بنك الدولة .. . ] و الأخرى لغة إسلامية , تتحدث عن شريعة من دون جهاز إداري مثل [ الحكم لله – و بيت مال المسلمين – و كتب عليكم القتال – و هذا ما كسبت إيديكم – و كلكم راع – و كلكم مسؤول عن رعيته – و الأمر بالمعروف – و النهي عن المنكر .. ] .

كل لغة منهما , تقول شيئا مختلفا , و تتحدث عن نظام إداري مختلف , لكنهما تعيشان معا , في سلام مفتعل , جنبا إلى جنب , في كل بيت , و في كل شارع , على امتداد وطننا العربي , خلال مباراة أبدية لشد الحبل , بين إدارة لا تعترف بالناس , و ناس لا يعترفون بالأدارة .
------------------------------
هوامش المقال :


----- ( 1 ) : كلمة بنك , مشتقة من Bancum بمعنى المنضدة الطويلة التي يجلس وراءها رجل يدعى Bancherius , مهمته أن يحفظ الودائع , و يقدم القروض .

مشكلة هذا التعريف , أنه لا يشرح وظيفة البنك السياسية , و لا يحدد العلاقة الوطيدة – و الخطيرة – بين نظام البنك , و نظام الحكم نفسه . و لعل تجاهل هذه العلاقة , هو أبرز صفات الفكر السياسي المتخلف , في بلدان العالم الثالث عامة , و في الوطن العربي بالذات .

لقد بدأ نظام البنك في مصر القديمة بمثابة خزانة آمنة لحفظ الودائع , و بقي على هذه الصيغة البسيطة حتى مطلع القرن السادس عشر , الذي شهد غارة الأوربيين على قارات المحيط . و رغم ظهور طبقة جديدة من الصيارفة المحترفين قبل عصر الغارة , فإن فريضة تحريم الربا في السلام و المسيحية , حدت من قدرة البنوك على الأستثمار الحر , فيما عدا بعض مصارف المرابين اليهود , الذين سمحت لهم عقيدتهم العنصرية , بقبول التعامل بالربا . و كسبوا لليهود سمعة سيئة جدا في بلدان المسلمين و المسيحيين معا .

خلال هذه الفترة , كان البنك مجرد مصرف صغير , تملكه أسرة واحدة . و تقوم بتمويله من مالها الخاص , بالأضافة إلى ما لديها من الودائع , و كان ربحها – أو خسارتها – يتوقفان على نفوذها في بلاط أصحاب الأقطاعيات , الذين كانوا – بالأضافة إلى البابا – انشط الزبائن , و أكثرهم حاجة إلى القروض . ففي سنة 1340مثلا , أفلس أكبر مصرفين في فلورنسا , هما مصرفا (( باروي )) و (( بيرازي )) , بسبب رفض امراء الأسرة الحاكمة , أن يدفعوا ديونهم , فيما كان بنك آل ميديتشي يمول بناء كنيسة القديس بطرس , ببيع صكوك غفران موقعة من البابا , مقابل عمولة قدرها 15في المائة من ثمن الصك .

بسبب هذه العلاقة الوطيدة بين نظام البنك الخاص , و نظام الأقطاع , كان البنك الخاص فكرة محكوما عليها بالموت , مثل الأقطاع نفسه .و كانت قد بدأت تموت فعلا , و تفلس في فلورنسا مثلا , بمعدل ثلاثة بنوك من كل أربعة , عندما وصل كولمبس فجأة إلى أمريكا , و فتحت ((كنوز العالم الجديد )) طريقا معبدا بالذهب , أمام نظام مصرفي طاريء , لم يكن تاريخ المصارف قد عرفه حتى ذلك الوقت .

الميزة الأولى , لهذا المصرف الرأسمالي الجديد , أنه لا يحرم الربا , لأنه نشأ في نظام إداري تحت إشراف التجار , يقوم على حرية الكسب , و ليس على تعاليم الدين .

و الميزة الثانية , إنه لا يقدم قروضا لحاكم إقطاعي , بل يقدمها لحاكم منتخب في اقتراع عام , مما يعني أن الناس أنفسهم , هم المسؤولون عن سداد القروض .

و قد تكفلت مناجم الذهب الجديدة في كاليفورنيا و كندا و نيوزيلندا و جنوب أفريقيا , بتوفير غطاء ذهبي , لبلايين الدولارات و الجنيهات و الماركات و الفرنكات التي اصدرتها بنوك الأستثمار الرأسمالية , حتى بلغ مجموع الأستثمار العالمي في بناء السكك الحديدية مثلا , أكثر من مائة مليار دولار , قبل بداية الحرب العالمية الأولى سنة 1914.

هذا البنك الجديد نظام رأسمالي بحت , لا يمكن تقليده خارج البلدان الرأسمالية , و لا يشبه شيئا من أنظمة البنوك القائمة في الدول السوفياتية و العالم الثالث , و لا توجد منه صيغتان متشابهتان في أي مكان . فالولايات المتحدة تتبنى صيغة خاصة في ( البنك الفيدرالي ) . و بريطانيا لها صيغة أخرى , كذلك سويسرا و بلجيكا و السويد . لكن جميع الصيغ تتفق على ثلاثة مباديء أساسية :

المبدأ الأول : أن البنك الرأسمالي , لا وطن له . فهو يعمل في الداخل و الخارج , و يقبل ودائع مالية من المواطنين و الأجانب , لأنه لا يتبع الأدارة السياسية .

المبدأ الثاني : أن البنك الرأسمالي , لا يمول المشروعات , بل (( يستثمر )) أمواله فيها , مما يجعل عنصر الربح , أهم من نوع المشروعات نفسها . و قد دأبت البنوك الرأسمالية على تمويل مشروعات موجهة ضد مصلحة الناس عمدا . مثل مصانع السلاح عندما كان الناس في حاجة ملحة إلى الخبز .

المبدأ الثالث , أن البنك الرأسمالي , لا يمكن فصله عن نظام تعدد الأحزاب و السوق الحرة . فهو مؤسسة تجارية , في نظام قائم على سلطة التجار . و كل محاولة لأستعارة هذا النظام , من دون سلطة التجار , فكرة من شأنها أن تقود إلى كارثة مالية محققة .

بعد ظهور النفط , عرف العالم نظاما مصرفيا جديدا , تمثل في مصارف الدول المنتجة للنفط . و هي مصارف تغطي عملاتها بما تسميه ( الذهب الأسود ) , و تقلد المصارف الرأسمالية في إدارتها و قوانينها , و تشبهها من الخارج في أدق التفاصيل , لكنها تختلف عنها في الواقع , بقدر ما يختلف مصرف عائلي من القرون الوسطى , عن بنك أمريكي حديث .

فهذه الصيغة الطارئة , لا يحميها نظام تعدد الأحزاب , و لا تحرسها صحافة حرة , و لا يضمن الناس قروضها للدولة , و لا يستطيع الموظف الذي يتولى إدارتها , أن يرفض أمرا صادرا إليه من الأدارة السياسية , دون أن يخسر وظيفته فورا , إذا لم يلقوا به في السجن .

و في هذه الصيغة الخطرة , كان من الواضح أن مبنى البنك , ليس مكانا آمنا لودائع الناس , بل مجرد حيلة لسرقتها , و إن الشعوب ذات الفكر السياسي المتخلف التي فشلت في فهم الخدعة , عليها أن تدفع ثمنا باهظا من قوت عيالها . فقد أصبحت سرقة البنوك فنا سياسيا جديدا , في أكثر بلدان العالم حاجة إلى القرش .

في هايتي مثلا , كان الرئيس دوفالييه , يقبض دولارا عن كل كيس من الدقيق , تنتجه الدولة , دون أن يعرف وزير الأقتصاد نفسه بأمر هذا الخوة , لأن الرئيس المذكور , كان يقبضها خارج هايتي , بمساعدة من بنك هايتي .

و في الفلبين , بلغ حجم مسروقات الرئيس ماركوس و امرأته حوالي ثلاثة مليارات دولار , قام بتحويلها بنك الفلبين , باعتبارها عوائد لشركات أجنبية .

و في إيران , تكفل بنك الدولة بتهريب 25مليار دولار لحساب الشاه و عياله . و هو مبلغ يزيد عن ميزانية إيران نفسها , جمعه الشاه , من عمولاته على النفط , بعد إسقاط مصدق , و سخر البنك المركزي في تحويله شهريا إلى مصارف سويسرا و الولايات المتحدة . و عندما قامت الثورة , و جاء الأيرانيون الفقراء لأسترداد أموالهم من سويسرا , طلبت هذه الدولة (( المحايدة )) أن يثبتوا أولا ( أن الشاه لم يكسب أمواله بعرق جبينه ) .

إن نظام البنك – دون نظام الأدارة الجماعية – فكرة لا علاقة لها بالأصل , و لا تمثل بنكا حقيقيا , و لا تضمن حق أصحاب الودائع , و لا تؤمن القروض , حيث يجب تأمينها , و لا تمنع تبذير المال العام على أهواء السياسيين بل تكون وسيلة شرعية لتبذيره , و تصبح مكتبا لأنفاق مال الناس , من دون علم الناس أنفسهم .

في عصر الرئيس عبد الناصر , وقعت المواجهة بين نظام هذا البنك الراسمالي و الثورة العربية , لأول مرة في تاريخ العرب . لكن افتقار ثقافتنا العربية إلى صيغة الشرع الجماعي , لم يتح لعبد الناصر أن يكتشف علاجا آخر لنظام البنك , سوى أن يؤممه كما فعل لينين , مرتكبا خطأ بديهيا جدا .

فتأميم البنك , مرتبط بوجود حزب عمالي حاكم , يتولى الأشراف على ميادين الأنتاج نفسها من الصناعة و الزراعة معا . و هو في الواقع (( جمعية عمومية )) لها سلطة أعلى من سلطة الأدارة السياسية , مما يؤهلها لحماية المال العام من أهواء الأفراد و الأسر , و يمنحها القدرة على الردع الفوري , و تأمين المحاكم العلنية للمخالفين . أما من دون نظام الحزب اللينيني , فقد كان تأميم البنوك الذي اختاره عبد الناصر , مجرد دليل آخر , على مدى تخلف فكرنا السياسي , في غياب شرع الجماعة في الأسلام . و بدلا من أن تصبح القاهرة , مركزا ماليا للعرب , كما أصبحت مركزا سياسيا لهم .

و بدلا من أن يولد مصرف عربي حقيقي , قادر على تجميع قوى الثورة المادية , وراء شعاراتها السياسية , اختار (( الخبراء )) المحيطون بعبد الناصر , أن يؤمموا البنك المركزي , و يسدوا الطريق أمام كل قرش يصلهم من الخارج , و يحرموا مصر من أموال النفط , و يحرقوها على نار هادئة من البؤس و الحاجة و يهيئوها لمجيء المنقذ أنور السادات , الذي عاد ففتح كل شيء على مصراعيه , دون أن ينفتح أمام مصر باب حقيقي واحد .

إن نظام البنك ليس فكرة , بل قنبلة مميتة , قادرة على قتل أمم بأكملها , لكي يعيش رجل سارق واحد . و إذا شاءت ظروف الفكر السياسي المتخلف , أن تحجب هذه الحقيقة , وراء مصطلحات مستوردة من حضارة راسمالية ذات واقع آخر . فإن الثمن لا يدفعه (( المفكرون )) , بل يدفعه الناس يوميا , من لقمة خبزهم اليومي , مثل رسوم أبدية على الشمس و الهواء .
-----------------------------------

---- (2 ) : لقب رئيس في القاموس الرأسمالي , ليس مستمدا من لغة السياسة , بل من لغة الأقتصاد , فالرئيس President كلمة مشتقة من Presideبمعنى يترأس مجلسا ( و ليس يحكم مجلسا ) مثل رئيس شركة مساهمة . و هو نظام لا يعطي الرئيس , سوى صوت واحد في مجلس الأدارة . و يشترط اختيار أعضاء المجلس نفسه , في اقتراع عام أمام جمعية عمومية .

إن استعمال هذا اللقب , خارج محتواه الرأسمالي , جعله مجرد بديل جديد من لقب الملك في بلدان العالم الثالث , ينتحله الحاكم مدى الحياة , و يورثه أحيانا لأولاده , كما حدث في هايتي و كوريا الشمالية و سوريا .

فالفرق الذي لا يمكن تعويضه , بين رئيس في بلد رأسمالي , و رئيس في بلد فقير مثل هايتي , أن أحدهما راع بعصاه و كلابه , يقود قطيعا من الفقراء الخائفين . و الآخر مدير مجلس إدارة , يتم انتخابه من قبل جمعية عمومية , لها مصالح راسمالية عملاقة , و اتحادات عمالية منظمة . و هو فرق قد يسهل إلغؤه في صحافة هايتي , لكن ذلك لا يلغيه من واقع هايتي نفسها .

---- ( 3 ) : كلمة انتخابات نموذج من نماذج مخاطبة العرب , بمصطلحات لا يعرفون لها شريعة في واقعهم . فالأنتخابات في البيئة الراسمالية تجري بين خصمين , لهما مصالح متعارضة , أحدهما تسانده قوة رأس المال , و الآخر تسانده الأتحادات العمالية . و هما خصمان قد يختلفان حول مسائل جانبية كثيرة , لكنهما ملتزمان دائما بدستور رأسمالي واحد , يضمن حرية رأس المال , و حرية الكسب , و حرية الأعلان , و حرية القضاء . و إذا جرب أحدهما أن يعبث بهذه الحريات , أو بواحدة منها , فإن تكافؤ القوى , يتيح لخصمه قوة قادرة على ردعه , فورا , و دون إبطاء .

إجراء هذه الأنتخابات في بلد متخلف , لم يدخل العصر الصناعي , و لا يملك رأس المال و الأتحادات العمالية , يجعل المعركة الأنتخابية , مجرد تمثيلية لمعركة أخرى دون دماء – مثل مباراة الشطرنج – بين فلاح فقير , يمثل رأسماليين وهميين , و فلاح فقير آخر , يمثل عمالا وهميين , يتنافسان للوصول إلى برلمان لا سلطة له . و عندما يصلان إلى البرلمان يكتشفان , ما تكتشفه البيادق على رقعة الشطرنج , و يعرفان أنهما ليسا طرفا حقيقيا في المعركة , و لا علاقة لهما بأمر الربح و الخسارة , مما يجعل النائب البرلماني في دول العالم الثالث نموذجا مشهورا من نماذج الفساد الأداري و الخلقي معا .

إن القول , بأن الدولة تتبرع طائعة لكل مواطن بحق التصويت , فكرة مريبة لا علاقة لها بنظام الأنتخابات . فحق الأقتراع العام الذي ظهر لأول مرة في بريطانيا بعد منتصف القرن الثامن عشر , لم تتبرع به الدولة للمواطنين , بل انتزعه المواطنون لأنفسهم خلال معارك طويلة , تحت قيادة زعماء راديكاليين من طراز جون ويلكز , الذي كانت أجهزة الأعلام الرسمي تدعوه باسم (( زعيم الغوغائيين )) . و عندما قدم مشروع قانون الأقتراع إلى مجلس اللوردات سنة 1831 – بعد مائة سنة من عصر ويلكز – لم يزد عدد المواطنين الذين أبيح لهم حق التصويت عن 625ألف مواطن , و هي نسبة تعادل 5 في المائة فقط من عدد الناخبين . و قد دامت المعركة نصف قرن آخر , قبل ن تعترف حكومة بنجامين دزرائيلي بحق التصويت لخمسة ملايين من العمال و الفلاحين سنة 1884. أما النساء البريطانيات , فإنهن لم ينلن هذا الحق , إلا بعد سبع و ثلاثين سنة أخرى , عندما أثبتت ظروف الحرب العالمية الأولى , حاجة جهاز الدولة إلى الأستعانة بالنساء في مصانع الذخيرة و المجهود الحربي .

و الواقع أن التاريخ لا يعرف دولة واحدة , تبرعت لمواطنيها بحق التصويت سوى دول العالم الثالث التي الهمها الله الزهد في السلطة , إ لى حد دعاها أن توزع الأدارة مجانا على مواطنين , لا يطالبون بحصة الأدارة , و لا تجمعهم أحزاب حقيقية , و لا تنطق باسمهم إذاعة , و لا يسمح لهم بالخروج في المظاهرات , إلا بإذن من الأدارة .
--------------------------

---- ( 4 ) : الفرق بين كلمة عبد و كلمة رقيق أن علاقة الرقيق بسيده علاقة استعباد , و العبد علاقة عبادة . فالرقيق ليس حرا في اختيار سيده , لأنه لا يملك حق الحرية نفسه . أما العبادة فإن شرطها الأساسي أن تتم بالقبول و حرية الأختيار .

لهذا السبب , لا يستعمل القرآن كلمة عبد بمعنى رقيق , بل بمعنى مخلوق كما في قوله ( عبيد الله ) أي مخلوقاته , و هو المعنى الأصلي لكلمة ( عبد ) في اللغات السامية . أما استعمال كلمة عبد بمعنى ( رقيق ) , فهو استعمال جاهلي مترسب في لغتنا العربية منذ أن كانت لغة قبائل من الوثنيين الأميين في الجاهلية , وقد تعمد القرآن أن يصححه , بتحرير كلمة ( العبد ) من العبودية , و قصرها على معنى العبادة , في مصطلحات مثل ( عباد الله , و عبد الله و رسوله ) { و ما ربك بظلام للعبيد } ؛ لأن العبد الذي لا يظلم , ليس مستعبدا أصلا .

إن اسم عبد الله الذي لا يعجب الشعراء المحبين للحرية , رمز من أقوى رموز المعارضة الجماعية في الأسلام لنظام الأقطاع و حكم الفرد . فالمواطن الذي اسمه ( عبد الله ) لا يستعبده مواطن مثله . و إذا شاءت ظروف الأدارة أن تسمح بوقوع مثل هذه الكارثة , فإن اسم عبد الله , يصبح منشورا سياسيا معارضا , يوزع يوميا على جميع البيوت .
-------------------------------------------

---- ( 5 ) : اللغة ليست وسيلة للتخاطب فقط , بل هي أيضا ذاكرة الناس . و من دون اللغة , يتوه الأنسان عن موقعه في الماضي و الحاضر , كما يتوه المريض فاقد الذاكرة , عن اسمه و عنوانه . و قد نجم عن ارتباط اللغة العربية بنص القرآن , أن أصبح القرآن هو ذاكرة العرب نفسها , مما جعل استبعاد لغته , من شؤون الحكم و الأدارة , بالنسبة للعرب , لطمة مميتة أضاعت صوابهم إلى حد فقدان الوعي . فمثلا :

كلمة مجاهد تعيش في ذاكرة المواطن العربي بمعنى جندي الله الذي يتطوع للدفاع عن شرع الجماعة , بقلبه و لسانه و يده و ماله . و قد نجم عن استبدال هذا المصطلح بكلمة عسكري منذ عصر معاوية , أن فقد الجندي العربي ذاكرته , و نسي مهمته في الدفاع عن شرع الجماعة , و سخر سلاحه لخدمة الأقطاع , و أحل لنفسه أن يستأثر بالسلطة , على غرار ما فعل الجندي الروماني , الذي لم يسمع أصلا بكلمة مجاهد . و مثلا :

كلمة الحكم لله ترتبط في ذاكرة المواطن العربي , بمعنى الحكم الوحيد العادل . و هو حكم له شريعة و قوانين , منها أن الناس مسؤولون شخصيا عما كسبت أيديهم , و أنهم مسؤولون دائما , و في جميع الأوقات . و قد نجم عن استبدال هذا المصطلح بكلمة حكم الشعب , أن فقد المواطن العربي ذاكرته , و نسي مسؤوليته الشخصية , و نسي أن يحصد ما زرعته يداه , و صار بوسعه أن يقرأ آيات قرآنية , مثل { و ما ربك بظلام للعبيد } , و يهز رأسه خشوعا , من دون أن يكتشف , أنه شخصيا , مظلوم و مستعبد , في شهادة واضحة , على مدى ما يعانيه هذا المواطن من فقدان الوعي . و مثلا :

كلمة الجامع تعيش في ذاكرة المواطن العربي بمعنى بيت الله , و هو بيت له حرمة و قوانين , منها المجادلة بالحسنى , و التأدب في الخطاب , و خفض الصوت , و تجنب سوء الظن , و الغيبة و النميمة و التنابز بالألقاب .

أما كلمة مؤتمر فإنها لا تعني في ذاكرة المواطن العربي شيئا له حرمة أو قانون , و لا يعرف سببا شرعيا , يدعوه إلى حضور المؤتمر , و لا يعرف دستوره , و لا يعترف بشعاراته , و ليس بوسعه أن يعتبره بديلا من الجامع , من دون أن يلاحظ فداحة هذه الخطيئة بالذات .

أن استبدال مصطلحات القرآن , بمصطلحات مترجمة عن شرائع أخرى , خطأ سياسي مميت جدا , لأنه يجعل العرب يفقدون ذاكرتهم سرا , دون أن يفقدوا لغتهم العربية . فكلمة الديموقراطية مثلا , لا تلغي كلمة الشورى , بل تلغي ما يتذكره العرب , عن معنى الديموقراطية . و كلمة الدستور لا تلغي كلمة كتاب الله فحسب , بل تلغي كل ما يعرفه العرب , عن معنى الدستور . و كلمة برلمان لا تصبح بديلا من كلمة الجامع فحسب , بل تلغي من ذاكرة العرب معنى البرلمان .

فإذا طالت القائمة – و هي في الواقع طويلة جدا – فمن المتوقع أن تتضاعف كلمات اللغة العربية , بمقدار ما ينشط المترجمون , و يتعلم العرب , مصطلحا جديدا , مقابل كل مصطلح يعرفونه في لغة القرآن . لكن ذلك لن يجعلهم عربا فصحاء , بل سوف يجعلهم عربا من دون ذاكرة , لهم لغة عمرها أربعة عشر قرنا , تنقل مصطلحاتها من لغات أوربية عمرها أربعة قرون فقط , في شهادة معلنة , على أن أمة بأسرها , تستطيع أن تفقد ذاكرتها , و تضيع زمانها و مكانها معا , بحيلة شفهية محضة .

دره قول فلاديسلاف
01-31-2009, 06:42 PM
مقال يستحق القراءة المتانية , و إمعان النظر . للرفع , مع الشكر للزميل الفاضل

مراقب 1
01-31-2009, 09:22 PM
http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=16380

فخر الدين المناظر
01-31-2009, 09:51 PM
مجرد خبيث يدس السم في العسل، وكتاب الإمام القرضاوي حفظه الله ماحق لكل شبهات العلمانيين :

http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=13789

لينة
02-01-2009, 09:45 AM
نعم اخي انه مجرد خبيث وحقير ودنئ
أتعلم انه هو نفسه اللاديني درة قول فلاديسلاف اللاديني ودنجل المصطلكاوي
وقبل ذلك منكر السنة أحمد الزكير والعديد مما كشفه لنا الخ المرقب في قسم الشكاوى ليظهر لي مدى حقد هؤلاء على الاسلام ومدى قذارتهم