فريد المرادي
01-30-2009, 05:06 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
" موالاة المستعمر خروج عن الإسلام " ( يا ليت قومي يعلمون )
قال الشيخ العلامة الأديب محمد البشير الإبراهيمي - رحمه الله - في كلمة ألقيت بإذاعة " صوت العرب " بالقاهرة ( عام 1955 م ) ، ما نصه :
( إذا قلنا : " إنَّ موالاةَ المستعمِر خروجٌ عن الإسلام " فهذا حكمٌ مجمَل ، تفصيلُه أنَّ الموالاة " مفاعلةٌ " أصلُها الولاء أو الولاية ، وتمسّها في معناها مادة " التّولّي " ، والألفاظُ الثلاثة واردة على لسان الشرع ، منوطٌ بها الحكم الذي حكمنا به وهو الخروجُ عن الإسلام ، وهي في الاستعمال الشرعيِّ جاريةٌ على استعمالها اللّغوي ، وهو في جملته ضدُّ العداوة ، لأنَّ العربَ تقول : وَالَيْتُ أو عاديت ، وفلان وليّ أو عدّو ، وبنو فلان أولياء أو أعداء ، وعلى هذا المعنى تدور تصرّفات الكلمة في الاستعمَالَين الشرعيّ واللغويّ .
وماذا بين الاستعمَار والإسلام من جوامعَ أو فوارق حتى يكونَ ذلك الحكم الذي قلناه صحيحاً أو فاسداً ؟
إنَّ الإسلامَ والاستعمار ضدّان لا يلتقيان في مبدإٍ ولا في غاية ؛ فالإسلام دينُ الحرية والتحرير ، والاستعمار دين العبودية والاستعباد ، والإسلام شرع الرحمةَ والرفق ، وأمر بالعدل والإحسان ، والاستعمار قوامُه على الشدّة والقسوة والطغيان ، والإسلام يدعو إلى السلام والاستقرار ، والاستعمار يدعو إلى الحرب والتقتيل والتدمير والاضطراب ، والإسلام يُثبت الأديانَ السماوية ويحميها ، ويقرّ ما فيها من خيرٍ ويحترم أنبياءَها وكتبَها ، بل يجعل الإيمانَ بتلك الكتبِ وأولئك الرّسل قاعدةً من قواعده وأصلاً من أصوله ، والاستعمار يكفُر بكلّ ذلك ويعمَل على هدمه ، خصوصاً الإسلام ونبيّه وقرآنه ومعتنقيه .
نستنتِج من كلّ ذلك أن الاستعمارَ عدوّ لدودٌ للإسلام وأهلِه ، فوجَب في حكم الإسلام اعتبارُ الاستعمار أعدَى أعدائِه ، ووجب على المسلمين أن يطبِّقوا هذا الحكمَ الإسلامي وهو معاداةُ الاستعمار لا موالاته .
الاستعمارُ الغربيّ - وكلّ استعمارٍ في الوجود غربيّ - يزيد على مقاصدِه الجوهريّة وهي الاستئثار والاستعلاء والاستغلال ، مقصداً آخرَ أصيلاً وهو محوُ الإسلام من الكرة الأرضية خوفاً من قوّته الكامنة ، وخشيةً منه أن يعيدَ سيرتَه الأولى كرةً أخرى .
وجميعُ أعمال الاستعمار ترمي إلى تحقيق هذا المقصد ، فاحتضانُه للحركاتِ التبشيرية وحمايتُه لها وسيلةٌ من وسائل حربِه للإسلام .
وتشجيعُه للضالين المضلّين من المسلمين غايتُه تجريد الإسلام من روحانيته وسلطانه على النفوس ، ثم محوُه بالتدريج .
ونشرُه للإلحاد بين المسلمين وسيلةٌ من وسائل محوِ الإسلام ، وحمايتُه للآفات الاجتماعية التي يحرّمها الإسلام ويحاربها كالخمر والبغاء والقمار ، ترمي إلى تلك الغاية ، ففي الجزائر - مثلاً - يبيح الاستعمارُ الفرنسيّ فتحَ المقامِر لتبديد أموال المسلمين ، وفتحَ المخامر لإفساد عقولهم وأبدانهم ، وفتحَ المواخير لإفساد مجتمعهم ، ولا يبيح فتحَ مدرسةٍ عربيّة تحيِي لغتَهم أو فتحَ مدرسةٍ دينيّة تحفَظ عليهم دينَهم .
ويأتي في آخر قائمةِ الأسلحة التي يستعمِلها الاستعمارُ الغربيّ لحرب الإسلام اتّفاقُه بالإجماع على خلقِ دولةِ إسرائيل ( !! ) في صميمِ الوطَن العربي ، وانتزاعِ قطعةٍ مقدّسة من وطن الإسلام وإعطائها لليهود الذين يدينون بكذِب المسيح وصلبِه ، وبالطعن في أمّه الطاهرة .
فالواجبُ على المسلمين أن يفهَموا هذا ، وأن يعلَموا أنَّ مَن كان عدوًّا لهم فأقلّ درجاتِ الإنصاف أن يكونوا أعداءً له ، وأنَّ موالاتَه بأيّ نوعٍ من أنواع الولاية هي خروجٌ عن أحكام الإسلام ، لأنَّ معنى الموالاةِ له أن تنصرَه على نفسِك وعلى دينِك وعلى قومِك وعلى وطنِك .
والمعاذِير التي يعتَذر بها المُوالون للاستعمار كالمداراة وطلبِ المصلحة يجب أن تدخُل في الموازين الإسلامية ، والموازينُ الإسلاميّة دقيقةٌ تزِن كلَّ شيء من ذلك بقَدرِه وبقَدرِ الضرورة الداعيَة إليه ، وأظهرُ ما تكون تلك الضروراتُ في الأفراد لا في الجماعات ولا في الحكومات .
وموالاةُ المستعمِر أقبحُ وأشنَع ما تكون من الحكومات ، وأقبحُ أنواعِها أن يُحالَف حيث يجب أن يُخالَف ، وأن يُعاهَد حيث يجب أن يُجاهَد ) .
إلى أن قال - رحمه الله وأجزل له المثوبة - :
( أيّها المسلمون أفراداً وهيئات وحكومات :
لا توالُوا الاستعمارَ فإنَّ موالاتَه عداوةٌ لله وخروجٌ عن دينه .
ولا تتولّوه في سِلم ولا حَرب فإنَّ مصلحتَه في السِّلم قبل مصالحكم ، وغنيمَته في الحرب هي أوطانُكم .
ولا تعاهِدوه فإنّه لا عهدَ له .
ولا تأمَنوه فإنّه لا أمانَ له ولا إيمان .
إنَّ الاستعمارَ يلفِظ أنفاسَه الأخيرة فلا يكتُبْ عليكم التاريخُ أنّكم زِدتم في عمره يوماً بموالاتكم له .
ولا تحالِفوه فإنَّ من طَبعِه الحيوانيّ أن يأكلَ حليفَه قبلَ عدوِّه ) .
المصدر : " آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي " ( 5/68-70 ) .
" موالاة المستعمر خروج عن الإسلام " ( يا ليت قومي يعلمون )
قال الشيخ العلامة الأديب محمد البشير الإبراهيمي - رحمه الله - في كلمة ألقيت بإذاعة " صوت العرب " بالقاهرة ( عام 1955 م ) ، ما نصه :
( إذا قلنا : " إنَّ موالاةَ المستعمِر خروجٌ عن الإسلام " فهذا حكمٌ مجمَل ، تفصيلُه أنَّ الموالاة " مفاعلةٌ " أصلُها الولاء أو الولاية ، وتمسّها في معناها مادة " التّولّي " ، والألفاظُ الثلاثة واردة على لسان الشرع ، منوطٌ بها الحكم الذي حكمنا به وهو الخروجُ عن الإسلام ، وهي في الاستعمال الشرعيِّ جاريةٌ على استعمالها اللّغوي ، وهو في جملته ضدُّ العداوة ، لأنَّ العربَ تقول : وَالَيْتُ أو عاديت ، وفلان وليّ أو عدّو ، وبنو فلان أولياء أو أعداء ، وعلى هذا المعنى تدور تصرّفات الكلمة في الاستعمَالَين الشرعيّ واللغويّ .
وماذا بين الاستعمَار والإسلام من جوامعَ أو فوارق حتى يكونَ ذلك الحكم الذي قلناه صحيحاً أو فاسداً ؟
إنَّ الإسلامَ والاستعمار ضدّان لا يلتقيان في مبدإٍ ولا في غاية ؛ فالإسلام دينُ الحرية والتحرير ، والاستعمار دين العبودية والاستعباد ، والإسلام شرع الرحمةَ والرفق ، وأمر بالعدل والإحسان ، والاستعمار قوامُه على الشدّة والقسوة والطغيان ، والإسلام يدعو إلى السلام والاستقرار ، والاستعمار يدعو إلى الحرب والتقتيل والتدمير والاضطراب ، والإسلام يُثبت الأديانَ السماوية ويحميها ، ويقرّ ما فيها من خيرٍ ويحترم أنبياءَها وكتبَها ، بل يجعل الإيمانَ بتلك الكتبِ وأولئك الرّسل قاعدةً من قواعده وأصلاً من أصوله ، والاستعمار يكفُر بكلّ ذلك ويعمَل على هدمه ، خصوصاً الإسلام ونبيّه وقرآنه ومعتنقيه .
نستنتِج من كلّ ذلك أن الاستعمارَ عدوّ لدودٌ للإسلام وأهلِه ، فوجَب في حكم الإسلام اعتبارُ الاستعمار أعدَى أعدائِه ، ووجب على المسلمين أن يطبِّقوا هذا الحكمَ الإسلامي وهو معاداةُ الاستعمار لا موالاته .
الاستعمارُ الغربيّ - وكلّ استعمارٍ في الوجود غربيّ - يزيد على مقاصدِه الجوهريّة وهي الاستئثار والاستعلاء والاستغلال ، مقصداً آخرَ أصيلاً وهو محوُ الإسلام من الكرة الأرضية خوفاً من قوّته الكامنة ، وخشيةً منه أن يعيدَ سيرتَه الأولى كرةً أخرى .
وجميعُ أعمال الاستعمار ترمي إلى تحقيق هذا المقصد ، فاحتضانُه للحركاتِ التبشيرية وحمايتُه لها وسيلةٌ من وسائل حربِه للإسلام .
وتشجيعُه للضالين المضلّين من المسلمين غايتُه تجريد الإسلام من روحانيته وسلطانه على النفوس ، ثم محوُه بالتدريج .
ونشرُه للإلحاد بين المسلمين وسيلةٌ من وسائل محوِ الإسلام ، وحمايتُه للآفات الاجتماعية التي يحرّمها الإسلام ويحاربها كالخمر والبغاء والقمار ، ترمي إلى تلك الغاية ، ففي الجزائر - مثلاً - يبيح الاستعمارُ الفرنسيّ فتحَ المقامِر لتبديد أموال المسلمين ، وفتحَ المخامر لإفساد عقولهم وأبدانهم ، وفتحَ المواخير لإفساد مجتمعهم ، ولا يبيح فتحَ مدرسةٍ عربيّة تحيِي لغتَهم أو فتحَ مدرسةٍ دينيّة تحفَظ عليهم دينَهم .
ويأتي في آخر قائمةِ الأسلحة التي يستعمِلها الاستعمارُ الغربيّ لحرب الإسلام اتّفاقُه بالإجماع على خلقِ دولةِ إسرائيل ( !! ) في صميمِ الوطَن العربي ، وانتزاعِ قطعةٍ مقدّسة من وطن الإسلام وإعطائها لليهود الذين يدينون بكذِب المسيح وصلبِه ، وبالطعن في أمّه الطاهرة .
فالواجبُ على المسلمين أن يفهَموا هذا ، وأن يعلَموا أنَّ مَن كان عدوًّا لهم فأقلّ درجاتِ الإنصاف أن يكونوا أعداءً له ، وأنَّ موالاتَه بأيّ نوعٍ من أنواع الولاية هي خروجٌ عن أحكام الإسلام ، لأنَّ معنى الموالاةِ له أن تنصرَه على نفسِك وعلى دينِك وعلى قومِك وعلى وطنِك .
والمعاذِير التي يعتَذر بها المُوالون للاستعمار كالمداراة وطلبِ المصلحة يجب أن تدخُل في الموازين الإسلامية ، والموازينُ الإسلاميّة دقيقةٌ تزِن كلَّ شيء من ذلك بقَدرِه وبقَدرِ الضرورة الداعيَة إليه ، وأظهرُ ما تكون تلك الضروراتُ في الأفراد لا في الجماعات ولا في الحكومات .
وموالاةُ المستعمِر أقبحُ وأشنَع ما تكون من الحكومات ، وأقبحُ أنواعِها أن يُحالَف حيث يجب أن يُخالَف ، وأن يُعاهَد حيث يجب أن يُجاهَد ) .
إلى أن قال - رحمه الله وأجزل له المثوبة - :
( أيّها المسلمون أفراداً وهيئات وحكومات :
لا توالُوا الاستعمارَ فإنَّ موالاتَه عداوةٌ لله وخروجٌ عن دينه .
ولا تتولّوه في سِلم ولا حَرب فإنَّ مصلحتَه في السِّلم قبل مصالحكم ، وغنيمَته في الحرب هي أوطانُكم .
ولا تعاهِدوه فإنّه لا عهدَ له .
ولا تأمَنوه فإنّه لا أمانَ له ولا إيمان .
إنَّ الاستعمارَ يلفِظ أنفاسَه الأخيرة فلا يكتُبْ عليكم التاريخُ أنّكم زِدتم في عمره يوماً بموالاتكم له .
ولا تحالِفوه فإنَّ من طَبعِه الحيوانيّ أن يأكلَ حليفَه قبلَ عدوِّه ) .
المصدر : " آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي " ( 5/68-70 ) .