المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ملف: جواز المظاهرات، بحوث مؤصلة.



فخر الدين المناظر
02-02-2009, 12:37 AM
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، اما بعد..
فهذا ملف حول مشروعية المظاهرات لبعض أهل العلم، من باب الاطلاع على حجج الجمهور في المسألة، ولا يُقصد به فتح الباب لنقاش فقهي لأن ذلك ليس من مقاصد المنتدى، وبه وجب الإعلام، والله الموفق.


استدلالات أصولية في إثبات جواز الإضرابات والاعتصامات والمهرجانات الخطابية والمسيرات السلمية

كتبه الشيخ الدكتور عبد الرزاق خليفة الشايجي

الحمد لله وكفى، وصلاة وسلامًا على عباده الذين اصطفى.. اللَّهُمَّ رَبَّ جَبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنِ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ..وبعد:
فهذه مسالك أصولية في إثبات إباحة المسيرات السلمية..والإضرابات، والاعتصامات، والمهرجانات الخطابية، أو مشروعيتها، نطرحها على بساط البحث والمناقشة.

أولاً: من المقرر في أصول الفقه أن 'الأصل في العادات والأشياء الحِل والإباحة، ولا ينقل عن هذا الأصل إلا بناقل صحيح سالم من معارضٍ يساويه أو يرجح عنه' [انظر روضة الناظر [ص/389] وما بعدها]: وذلك لأن الأمور التي لم ينص الشارع على تحريمها إذا كان الانتفاع بها واستعمالها خاليًا من المفسدة الأعظم منه والمساوية له عادةً؛ فإن العقل يدعو إلى استعمالها، والانتفاع بها، والشرع يؤيد هذا؛ لقوله تعالى منكرًًا تحريم ما لم يرد نص بتحريمه: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ...[32]} [سورة الأعراف]. ولذا فقد جعل أئمتنا الذين كتبوا في 'قواعد الفقه' هذا الأصل قاعدة من قواعد الفقه الإسلامي، يُعرف بها حكم الأمور التي لم يرد بحكمها نص شرعي:

قال السيوطي في 'الأشباه والنظائر': 'قَاعِدَة: الأَصْلُ فِي الأَشْيَاءِ الإِبَاحَةُ حَتَّى يَدُلُّ الدَّلِيلُ عَلَى التَّحْرِيمِ' [الأشباه والنظائر [ص/60].
وقال الشيخ السعدي:

وَالأَصْلُ فِي عَادَاتِنَا الإِبَاحَة *** حَتَّى يَجِيءَ صَارِفُ الإِبَاحَة

وقال أيضًا:

وَسَائِلُ الأُمُورِ كَالْمَقَاصِدِ*** وَاحْكُمْ بِهَذَا الْحُكْمِ لِلزَّوَائِدِ

رسالة القواعد [ص/30]


وكذلك قال ابن القيم: 'لَمَّا كَانَتِ الْمَقَاصِدُ لا يُتَوَصَّلُ إلَيْهَا إلاَّ بِأَسْبَابٍ وَطُرُقٍ تُفْضِي إلَيْهَا كَانَتْ طُرُقُهَا وَأَسْبَابُهَا تَابِعَةً لَهَا مُعْتَبَرَةً بِهَا, فَوَسَائِلُ الْمُحَرَّمَاتِ وَالْمَعَاصِي فِي كَرَاهَتِهَا وَالْمَنْعِ مِنْهَا بِحَسَبِ إفْضَائِهَا إلَى غَايَاتِهَا وَارْتِبَاطَاتِهَا بِهَا, وَوَسَائِلُ الطَّاعَاتِ وَالْقُرُبَاتِ فِي مَحَبَّتِهَا وَالإِذْنِ فِيهَا بِحَسَبِ إفْضَائِهَا إلَى غَايَتِهَا' [إعلام الموقعين 2/148].

ولما كانت هذه الوسائل السلمية 'الإضرابات، الاعتصامات، المسيرات السلمية، المهرجانات الخطابية' هي:

ـ من قبيل العادات والتصرفات، وليست من قبيل العبادات.

ـ ولم يرد دليل شرعي يمنع منها؛ فإن الأصل في استخدامها الحِل والإباحة، وعلى المخالف الإتيان بدليل على التحريم.

فإن قيل:'كل ما عندكم عدم العلم بورود الدليل المانع من هذه الأمور وعدم العلم ليس بحجة فليس مجرد عدم الدليل دليلاً على العدم، وبالتالي لا يكون مجرد عدم العلم بورود الدليل المانع دليلاً على جواز المدعي'.

قلنا: لو وجد دليل على المنع لنقل إلينا، وانتشر بيننا، ولم يخف على جميع الأمة، فلما لم يظهر هذا الدليل ـ مع الاطلاع، والاستقصاء، وشدة البحث ـ ؛ غلب على الظن عدم وجوده، فنزل هذا الظن منزلة العلم في وجوب العلم به؛ لأنه ظن مستند إلى تحرٍ وبحثٍ واجتهادٍ. فهذا 'علمٌ بعدم الدليل لا عدم العلم بالدليل'، وإن كان الثاني؛ فليس حجة فالأول حجة [انظر روضة الناظر 1/389 وما بعدها] فعدم ورود الدليل المانع دليل على الإباحة لأنها الأصل، وهذا الاستدلال متفرع عن القاعدة الكلية الكبرى: 'اليقين لا يزول بالشك'.

ثانيًا: من منع الأخذ بهذه الوسائل السلمية، أو قال بتحريمها مطلقًا؛ فقد خالف الأصل وهو الحِل: فلابد من أن يأتي بدليل معتبر راجح، يقوى على إزالة الأصل وهو الحل، وعندها تسلم دعواه؛ لأنه لا يجوز مخالفة الأصل إلا بدليل.

ـ أما أن يقال بالتحريم بمجرد الرأي والهوى دون موازنة أهل الحل والعقد بين المصالح والمفاسد المترتبة على مثل هذه الوسائل؛ فهذا من قبيل الحكم في دين الله بالتشهي، وهو من القول على الله بغير علم، والقول على الله بغير علمٍ أشد أنواع المحرمات؛ لقوله تعالى:{قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ[33]} [سورة الأعراف].

ثالثًا: إن الذين يخرِّجُّوُن من قال بجواز مثل هذه الوسائل عن منهج السلف يطلقون الحكم بتحريم هذه الوسائل دون تفصيل أو تقييد، بل يجعلون الأصل في الأشياء عند عدم ورود الدليل هو التحريم: وهو قول مرجوح لم يذهب إليه إلا معتزلة بغداد، وبعض قليل من غيرهم ومستندهم واهٍ [الأدلة المختلف فيها [ص/7] وما بعدها]. فقولهم مخالف للقواعد الفقهية الشرعية، فإن الأصل في الأشياء ـ ومنها هذه الوسائل ـ الحِل والإباحة ما لم يرد دليل عل تحريمها، وهذه الوسائل لم يرد دليل بتحريمها بل لا نبعد عن الصواب إن قلنا: إنها قد ورد الأمر بها حيث قد ورد الأمر بإنكار المنكر كما سنذكر بعد قليل، والوسائل المذكورة إذا ترجحت مصالحها؛ شرع الأخذ بها في مجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لاسيما مع إباحة أصلها، فتكون من قبيل الوسائل التي تأخذ أحكام المقاصد، والمقصد هاهنا شرعي جليل، فكانت الوسائل المفضية إليه بنحو حكمه.

رابعًا: وعمدة ما يستدل به المانعون هو: دعوى رجحان المفاسد الكبيرة المترتبة على اتخاذ مثل هذه الوسائل: ونحن نسلم الدعوى، لو فُرض صحة وصفها وما يترتب عليها، ولكن الحقيقة أن هذا غير مسلّم، فإنه إذا تقرر:'أن الأصل في هذه الوسائل الحِل'، فإننا بعد ذلك ننظر إلى واقعها، وما يترتب عليها من المصالح والمفاسد ـ على معنى الانتقال من الإباحة إلى التحريم يكون بأدنى الأسباب ـ وبناءً عليه يتحدد حكم مثل هذه الوسائل السلمية.

ـ ومن المعلوم أن كثيرًا من هذه 'الإضرابات ـ الاعتصامات ـ المسيرات السلمية ـ المهرجانات الخطابية' إنما هي إمساك بحق عن عمل، أو إيصال كلمة حق، أو مطالبة بحق شرعي كنوع من أنواع الضغط السلمي لتغيير منكر، أو تحقيق شيء من المعروف، تحققت مصلحته، ويترتب على ذلك خير كثير، فلا بد من موازنة بين هذه المفاسد المشار إليها وبين المصالح المترتبة على ذلك.

خامسًا: لو سلمنا بوجود 'مفاسد جزئية' عند استخدام مثل هذه الوسائل، فإن هذه المفاسد قد تسوغ وتحتمل في مقابلة دفع مفاسد أعظم منها وأخطر: عملاً بقاعدة: 'جواز ارتكاب أخف المفسدتين لدفع أعلاهما'، فهذا في تعارض المفاسد، وكذلك القول حال وجود مفاسد جزئية في مقابلة المصالح العامة الغالبة، فإن التحقيق في مثل هذه الحالة:'احتمال تلك المفاسد المرجوحة لتحصيل المصالح الراجحة' وبهذا جاء نظام الشريعة، ومورد الأحكام، فشريعة الله قائمة على مراعاة مصالح العباد، بمعنى: أنها تقضي بتقديم الأهم من المصالح على ما هو دونه، كما تقضي أيضًا بالتزام المفسدة الدنيا لاتقاء المفسدة الكبرى، وذلك حين تتعارض المصالح والمفاسد، أو مفسدتان في شيء واحد.

ـ هذا هو المراد بمراعاة المصالح وهو المراد أيضًا من قاعدة:'درء المفاسد مقدم على جلب المصالح' إذ إن معناه: أن درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة المساوية، أو التي هي دون المفسدة وهو ما يعبر عنه الأصوليون بعنوان: 'انخرام المناسبة بالمفسدة المساوية أو الراجحة' [الموافقات [2/360] وما بعدها].

ـ وأما إطلاق: 'تقديم درء المفاسد على جلب المصالح' ففيه بعد عن تحرير الصواب، وعليه: فإن إطلاق القول بالتحريم قول بعيد عن التحقيق أصلاً، وشرعًا، وواقعًا.

سادسًا: في 'الصحيحين' عن أبي سعيد الخدري مرفوعًا: [مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ].

فتغيير المنكر واجب بحسب ما يتيسر من الوسائل الشرعية التي جاء الحديث بوضع أصولها، فإذا كان 'الاعتصام، الإضراب، المسيرة السلمية، المهرجان الخطابي' وسيلة مؤدية إلى إنكار المنكر بطريق القول، أو بالفعل، ولا مفاسد راجحة في مقابل ذلك؛ فما المانع الشرعي من استعمال هذه الوسيلة، بل نحن نقول: إن هذه الوسائل تأخذ أحكام المقاصد فقد يكون 'الاعتصام، الإضراب، المسيرة السلمية، المهرجان الخطابي' مستحبًا، بل قد يجب أحيانًا، مادام أنها تحقق مقصود الشرع بلا مفاسد راجحة.

سابعًا: وأما دعوى أن في اتخاذ مثل هذه الوسائل السلمية مخالفة لولي الأمر وعملاً على شق الصف، وإيذانًا بالخروج على حكام المسلمين: فهذه من العبارات الخطيرة التي لا ينبغي أن تلقى جزافًا، والتي لا يدرك أصحابها حقيقة معناها شرعًا وعرفًا؛ ذلك أن عامتهم مقلدة نقلة بلا تحرٍّ، إذ باجتماع كلمة 'أهل الحل والعقد' على ذلك تنتفي مفسدة احتمال شق الصف.

ـ ومما ينبغي أن يُعلم أن الاعتصام، أو الإضراب، أو المسيرة السلمية، أو المهرجان الخطابي؛ يعد في بعض البلاد جريمة يعاقب عليها النظام العام، ولا يأذن بها ولاة الأمور. في حين أنها في بلاد أخرى يسندها النظام العام ويؤيدها القانون، ويأذن بها ولاة الأمور، بل وقد تتولى السلطات المختصة تنظيم مثل هذه الوسائل السلمية في الزمان والمكان كما تأذن بالدعوة إليها .. . إلخ.

والسبب في ذلك: أن الوعي السياسي والنقابي في مثل هذه البلاد يكفل حرية التعبير عن الرأي المخالف، لاسيما إن كانت مطالب عادية، فردية أو جماعية.


ثامنًا: ضوابط ومحاذير شرعية: وحتى تكون الوسائل المذكورة مطابقة لأحكام الشريعة الإسلامية ومقاصدها العامة، فلابد من مراعاة الضوابط الآتية:

أن تكون المطالب والغايات والمقاصد المشروعة شرعًا وعادلة عرفًا، فإن تضمنت محظورًا؛ منعت الوسيلة تبعًا للغاية.

أن لا تؤدي الوسيلة إلى منكر يعادل المراد تغييره، أو يربو عليه، بل لابد أن يكون التغيير إلى منكر أخف وأصغر.

أن لا يصاحب الوسيلة ترك واجب كالصلاة والجمعة، أو فعل محرم كانتهاك الحرمات، أو الصدام الدموي، أو إتلاف المرافق العامة والملكيات الخاصة، أو الإضرار مطلقًا، وكذا اختلاط الرجال بالنساء، أو التلفظ بالألفاظ البذيئة، والعبارات غير المشروعة.
وختامًا .. فهذه مناقشة علمية في إثبات جواز، أو مشروعية استخدام بعض الوسائل الحديثة في سبيل تحقيق مطالب شرعية عادلة، وغايات نزيهة، تم عرضها بشكل تأصيلي مبني على الدليل والتقعيد، لنصل في نهاية المطاف إلى أن:'أقل ما يقال فيها أنها مسائل اجتهادية يسع فيها الخلاف' بل قرر فقهاؤنا قاعدة: 'لا إنكار في مسائل الخلاف' ليرسموا لنا منهجًا راقيًا في أدب الخلاف والحوار العلمي، على أن المخالف متى ما جاء في الاستدلال على منع هذه الوسائل باستدلالات مناظرة لما ذكرنا، فإنه محل تقدير وإجلال، وما قررنا في الاستدلال صواب يحتمل الخطأ، ومذهب المخالف خطأ يحتمل الصواب، والله أعلم. قال تعالى:{وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ[116]} [سورة النحل].

تاسعًا: وخلاصة القول في هذه المسألة: 'أن تُطبق القاعدة الدعوية القائلة: إن الإنكار في المنكرات العامة، ولاسيما المدعومة بقوة السلطان، يُترك أمر تقديرها والحكم فيها لأهل الحل والعقد في كل مجتمع': إذ أنه ما يجوز في مجتمعٍ ما قد لا يجوز في مجتمعٍ آخر، ولا يصح انفراد فردٍ أو طائفةٍ منهم بالقرار فيها، وذلك لأنها أمور تتعلق بعامة المسلمين، وآثارها تعود على جميعهم سلبًا أو إيجابًا، فلا يصح أن تنفرد بها مجموعة أفراد أو فرد.
ـ وعلى مجموعة أهل الحل والعقد في كل بلد: أن توازن فيها بين المصالح المتوقعة، والمفاسد المتوقع ترتبها على فعلها، فإن غلبت المصلحة في ذلك؛ جاز فعلها، وإن غلبت المفسدة في نظرهم؛ لم يجز فعلها.
ـ وبهذا القيد وحده يمكن أن يتحقق إنكار المنكرات العامة المدعومة، ويجنّب الناس الفتن والتفرق والاختلاف فيها .. كما هو واقع مشاهد في كثير من بلاد المسلمين، حيث تدور الدائرة عليهم في النهاية غالبًا.
ـ ومن هنا.. كانت الأولوية الدعوية: العمل على إيجاد مجموعة أهل الحل والعقد لكل قطر تقوم بمثل هذه الموازنات وتتخذ مثل هذه القرارات: 'وما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن' فهم ينظرون فيها من حيث الحكم، ومن حيث القدرة عليها.

فخر الدين المناظر
02-02-2009, 12:40 AM
المظاهرات
حكمها الشرعي مصالحها مفاسدها وأقوال العلماء فيها

كتبه فهد بن أحمد بن ناصر بن هلابي الجعيدي المري القحطاني


{ لا يكلف الله نفساً إَلا وسعها ج لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت }

المقدمة

الحم دلله الذي أنزل كتابه بلسان عربي مبين ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمه للعالمين وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين ، ومن تبعهم واقتفى أثارهم بإحسان إلى يوم الدين . أما بعد

إن ما يشهده العالم اليوم من أحداث وتطورات والتي نال المسلمون النصيب الأكبر ، وتحصلوا على نصيب الأسد منها ، فكل المصائب التي حلت على العالم من ظلم واضطهاد وقتل وسفك دماء إنما ذاق مرارتها المسلمون ففلسطين لم تزل تركن تحت الاحتلال وكل يوم يمر تزيد من معاناة شعبها الصابر وعراق اليوم وما يتعرض له من ظلم احتلال وإذلال لكرامة الشعب العراقي في مراكز التفتيش المنتشرة في كل الطرقات بلا مراعاة لحرمات المسلمين ولا رحمه فالشعوب المسلمة المغلوب على أمرها والتي ليس لديها أي خيار للتغير إلا أن تخرج وتعبر عن موقفها وتضامنها فقد يأست من حكامها فلم يجدوا إلا أن يخرجوا ويعبروا عن آرائهم ومواقفهم واستنكارهم بفعل بهذه المظاهرات آخذين بقاعدة ( فإن لم تستطع فبلسانك وهذا أضعف الإيمان ). فهذه رسالة صغيرة عن حكم المظاهرات المسموح منها والمحظور وأقوال العلماء في ذلك، وقد وجدت صعوبة في عدم وجود أي رسالة كتبت في المظاهرات وقلت المراجع المتعلقة بهذا الموضوع فأستعنت بالله وحاولت أن اجمع كل ما قدرت جمعه وكان هدفي من ذلك تحقيق الصواب وترجيح الراجح وإظهار الحق في هذا الموضوع واستخدمت أسلوب سهلاً وواضحاً فخرج البحث في أوضح صورة وأعمق معنى وأقوى استدلال فصار مرجعاً للدارس ودليلاً للطالب وقد قسمت البحث إلى عدة مباحث كالتالي:

الفصل الأول (حقيقة المظاهرات أو التظاهرات)

الفصل الثاني (مذهب المجوزين للمظاهرات وأدلتهم)

الفصل الثالث (مذهب المانعين للمظاهرات وأدلتهم)

الفصل الرابع (مناقشة دليل المانعين)

الفصل الخامس (المظاهرات التي قامت وكان قياداتها إسلاميين)

الفصل السادس (فتاوى العلماء في حكم المظاهرات)

الفصل السابع (بيان الراجح في هذه المسألة)


المبحث الأول
حقيقة المظاهرات أو التظاهرات

أولاً : تعريف المظاهرات

أ) تعريف المظاهرة في اللغة:

المُظَاهَرةُ المعاونة و التَّظاهُرُ التعاون و اسْتَظْهَرَ به استعان به و الظِّهارة بالكسر ضد البطانة ولها عدة معان منها:

1- الـمُظَاهَرة: الـمعاونة، وفـي حديث علـي، علـيه السلام: أَنه بارَز يَوْمَ بَدْرٍ وظاهَرَ أَي نَصَر وأَعان.

2- و الظَّهِيرُ: العَوْنُ، الواحد والـجمع فـي ذلك سواء، وإِنما لـم يجمع ظَهِير لأَن فَعِيلاً وفَعُولاً قد يستوي فـيهما الـمذكر والـمؤُنث والـجمع، كما قال الله عز وجل: إِنَّا رسولُ رب العالـمين . وفـي التنزيل العزيز: وكان الكافرُ علـى ربه ظَهيراً ؛ يعنـي بالكافر الـجِنْسَ، ولذلك أَفرد؛ وفـيه أَيضاً: والـملائكة بعد ذلك ظهير

و الظَّهِيرُ: الـمُعِين. وقال الفراء فـي قوله عز وجل: والـملائكة بعد ذلك ظهير ، قال: يريد أَعواناً فقال ظَهِير ولـم يقل ظُهَراء

4- و ظَاهَرَ علـيه: أَعان. و اسْتَظْهَرَه علـيه: استعانه. و اسْتَظْهَر علـيه بالأَمر: استعان. وفـي حديث علـي، كرّم الله وجهه: يُسْتَظْهَرُ بحُجَج الله وبنعمته علـى كتابه. وفلان ظِهْرَتـي علـى فلان وأَنا ظِهْرَتُكَ علـى هذا أَي عَوْنُكَ

5- و ظَهَرتُ به: افتـخرت به. و ظَهْرْتُ علـيه: قَوِيتُ علـيه. يقال: ظَهَرَ فلانٌ علـى فلان أَي قَوِيَ علـيه. وفلان ظاهِرٌ علـى فلان أَي غالب علـيه. و ظَهَرْتُ علـى الرجل: غلبته. وفـي الـحديث: فَظَهَر الذين كان بـينهم وبـين رسولا، عَهْدٌ فَقَنَتَ شهراً بعد الركوع يدعو علـيهم؛ أَي غَلَبُوهم؛(1) .

ظاهره من المظاهرة المعاونة(2) ، المظاهرة من الظهر لأن الظهر موضع قوة الشيء في ذاته واليد موضع قوة تناوله لغيره(3).

___________________

1) مختار الصحاح م1 ص171/2) لسان العرب م4 ص525

2)الرياض النظرة م2 ص59
3)ألتعريف م1 ص157


ب) تعريف المظاهرات في الاصطلاح

قال الخطابي معنى المظاهرة المعاونة إذا استنفروا وجب عليهم النفير وإذا استنجدوا أنجدوا ولم يتخلفوا ولم يتخاذلوا.

وأما ما تعارف عليه الناس في هذا العصر من مفهوم المظاهرة والاحتجاجات والمسيرات والإعتصامات من تعريف هي :

إعلاء لمشاعر الإسلام في زمن الضعف خير من زمجرة الملايين تستنكر الظلم والفساد، وتحارب الجريمة والرذيلة. (1)

ونستخلص من التعريف عدة أشياء وهي:

1- إعلاء لمشاعر المسلمين وإظهار لقوتهم.

2- إنكار الظلم وأمر بالمعروف ونهي على المنكر.

3- أنها وسيلة مشروعة ووسيلة إعلامية .

4- وبعضهم يرى المظاهرات في معرض الوسائل التي اتخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم لإظهار الإسلام، والدعوة إليه(2).

فهذه الأمور اقتبست من كلام من رأى جواز المظاهرات وسنية مشروعيتها

أما الشيعة فإنهم يرون بجواز المظاهرات ويعرفونها :

هي اللطم على الصدور وضرب السلاسل على الظهور؛ وخروج الجماعات في الشوارع والطرقات بالمشاعل والأعلام مباحة مشروعة بل راجحة ومستحبة وهي وسيلة من الوسائل الحسينية وباب من أبواب سفينة النجاة و أما الضرب بالطبول والأبواق وأمثالها ممالا يعد من آلات اللهو والطرب فلا ريب أيضا في أباحتها ومشروعيتها للإعلام والإشعار وتعظيم الشعار(3).

___________________

1) د. محمد الأحمري - مشروعية المظاهرات إحياء للسنة وتحقيقا لمقاصد الشريعة.

2) الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق السياسة الشرعية ص31-32.

3) الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء- في استحباب إقامة الشعائر الحسينية.


يقول الشيخ مقبل وهذا الذي نتوقعه من الرافضة وهذه سننهم التي سنها لهم عبدالله بن سبأ(1).

وأما من رأى بعدم جوز المظاهرات والخروج لإقامة المسيرات لأنها في الأصل من فعل الغرب وأنها مستحدثه لم يفعلها الصحابة ولا التابعين ولا المحدثين ولا أحد من الفقهاء ولم يرى بجوزاها حتى أهل العلم الموثوق بهم في هذا العصر(2).

والبعض من اتخذ موقف سلبي اتجاهها يعرفها بأنها:

1- خروج النساء متبرجات

2- واستعمال أصوات موسيقية أثناء المظاهرة

3- والهتاف بشعارات غير صحيحة مثل القدس عربية وستبقى عربية (والصحيح اسلامية)ووقوف المظاهرة أمام ضريح كافر أو لوضع إكليل من الزهور على قبره

4- التوسل للكفار بعبارات فيها مذلة للمسلمين - رفع صور أو دمى ذوات الأرواح

5- ظلم الآخرين كسد الطريق وتعطيل مرور الناس

6- استخدام سباب وشتائم لا تجوز شرعاً

7- اختلاط الرجال بالنساء أثناء المظاهرة

8- التشبه بالكفار بشيء من خصائصهم من لباس أو إشارة يضعها أو يرتديها المتظاهرون المسلمون

9- الاعتداء على ممتلكات الأبرياء كتحطيم محلاتهم أو نوافذهم أو إيقاد النار في المرافق العامة ونحو ذلك من المحرمات (3).

فكل من تكلم عن المظاهرات لم يرى بمشروعيتها بوجود هذه الأشياء التي ليست من الإسلام في شي وإنما يجب الأخذ بالأسباب والوسائل الشرعية كالنصيحة والمكاتبة وغيرها(4) .

___________________

1) الإلحاد الخميني في أرض الحرمين
2) شريط أقوال العلماء في التفجيرات والمظاهرات والإعتصامات والقنوت
3) جواب الشيخ المنجد تحت السؤال رقم ( 11469 ). موقع الشيخ إحسان بن محمد بن عايش العتيبـي أبو طارق
4) فتوى الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ - شريط أقوال العلماء في التفجيرات والمظاهرات والإعتصامات والقنوت.


هذه التعاريف تنطبق على المظاهرات التي تكون في ديار الإسلام حيث ان المظاهرات قد تكون مظاهرات في ديار الإسلام ومظاهرات في ديار الكفر وأنواع المظاهرات كالتالي:

أنواع المظاهرات:

1) مظاهرة تخرج أو ينتزعها مسلم في ديار الإسلام:

وهي تلك المظاهرة التي تكون في ديار الإسلام ويقوم بها المسلم داخل حدود الدولة قد تكون منظمة حيث أنها تكون بتراخيص ومصرح لها ويحدد الزمن والمكان لهذه المظاهرة وتنطلق هذه المظاهرة من المكان المحدد لها إلى المكان المخصص لإلقاء خطاباتها وقرآت كلماتها المعدة مسبقاً والشكل هذا شكل منظم ونادراً ما يخرج عن الحدود المرسومة له والبعض الأخر قد تكون عفوية أي من غير تنظيم ومن غير إعداد مجرد انفعال جماهيري وخروجهم وتظاهرهم وهذا كثيراً ما يصحب أعمال شغب وتخريب وقد تكون هناك مظاهرات للإنقلاب والخروج على الحكم حيث تحاك المؤامرات ليلاً وتخرج في الصباح لتقلب نظام الحكم .

2) مظاهرة ضد كافر محتل في أرض اسلام:

وهذا ما نشاهده في ارض فلسطين حيث ان كثير من المظاهرات التي خرجت كان لها سبب رئيسي في قيام الانتفاضات الشعبية وحتى ولو صاحب هذا أعمال عنف ضد المحتل.

3) مظاهرة احتجاج ينتزعها مسلم في ديار الكفر.

وهذه المظاهرات تعتبر من العمل السياسي الديمقراطي للشعوب ويعتبر من مقومات دولة القانون والمؤسسات المدنية عندهم والديمقراطية فهو منتشر ومسموح بشكل واسع في هذه الدول الغربية بقوانين تحدده وتقوم بتنظيم شكله وهيأته.

4) مظاهرة ينتزعها كافر أو ذمي (نصراني ) في ديار الإسلام:

لقد أعطى الإسلام الذمي خاصة والمعاهد حقوق على المسلمين فقد جاءت الأحاديث التي تحرم أي اعتداء أو مضايقة للذمي وقد أعطى عمر أموال من بيت أموال المسلمين لذمي عندما رآه يسأل فقال لها ما ألجأك إلى هذا قال الكبر والفقر قال عمر ما أنصفناك أكلنا شبيبتك ونتركك عند الهرم(1).

5) مظاهرة ينتزعها مسلم تتجه نحو مصالح دولة كافرة على ارض الإسلام لها تصريح رسمي .

6) مظاهرة مصرح بها ، ولكن خرجت عن خط سيرها وأصابها الفوضى والغوغاء.

7) مظاهرة تقوم بها جماعة مصرح بها (جمعية صيادين وسائقين).

8) مظاهرة تقوم بها جماعة محظورة قانوناً (كحزب محظور أو موقف مثلاً).

9) مظاهرة تطالب بحقوق مشروعة قانوناً، ومظاهرة هدفها التغيير السياسي.

___________________

1) مباحث في الاقتصاد الاسلامي د/ صبحي الكبيسي



المبحث الثاني
مذهب المجوزين للمظاهرات وأدلتهم:

يرى هؤلاء المجوزين للمظاهرات إنها جائزة وسنة مشروعة سنها الرسول صلى الله عليه وسلم واستدلوا بذلك بالأدلة الآتية :

الدليل الأول:

ابن عباس رضي الله عنهما وفيه:

(فقلت: يا رسول الله ألسنا على الحق إن متنا وإن حيينا؟ قال: [بلى، والذي نفسي بيده إنكم على الحق إن متم وإن حييتم] قال فقلت ففيم الاختفاء؟ والذي بعثك بالحق لتخرجن، فأخرجناه في صفين: حمزة في أحدهما، وأنا في الآخر، له كديد ككديد الطحين حتى دخلنا المسجد، قال فنظرت إلي قريش وإلى حمزة فأصابتهم كآبة لم يصبهم مثلها، فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ الفاروق. وفرق الله به بين الحق والباطل (1).

وأخرج محمد بن عثمان بن أبي شيبة في تاريخه بسند فيه إسحق ابن أبي فروة عن ابن عباس أنه سأل عمر عن إسلامه فذكر قصته بطولها وفيها أنه خرج ورسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين حمزة وأصحابه الذين كانوا اختفوا في دار الأرقم فعلمت قريش أنه امتنع فلم تصبهم كآبة مثلها، قال فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ الفاروق(2).

وروى أبو جعفر بن أبي شيبة نحوه في تاريخه من حديث ابن عباس، وفي آخره "فقلت يا رسول الله ففيم الاختفاء؟ فخرجنا في صفين: أنا في أحدهما، وحمزة في الآخر، فنظرت قريش إلينا فأصابتهم كآبة لم يصبهم مثلها(3).

وجه الاستدلال:

أن الرسول صلى الله عليه وسلم خرج بالصحابة في مظاهرة لإظهار قوة المسلمين وكثرة عددهم بعد إلحاح الصحابة على ذلك.

___________________

1) حلية الأولياء 1/40).
2) الإصابة 2/512).
3) فتح الباري 7/59).


الدليل الثاني:

جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكو جاره فقال اطرح متاعك على الطريق فطرحه، فجعل الناس يمرون عليه ويلعنونه،‏ فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ما لقيت من الناس، فقال ‏:‏ وما لقيت منهم ‏؟‏ قال يلعنوني قال ‏:‏ لقد لعنك الله قبل الناس قال ‏:‏ إني لا أعود فجاء الذي شكاه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال ارفع متاعك فقد كفيت(1).

جاء رجل يشكو جاره فقال له اذهب فاصبر ‏,‏ فأتاه مرتين أو ثلاثا ‏,‏ فقال اذهب فاطرح متاعك في الطريق ففعل،‏ فجعل الناس يمرون ويسألونه ويخبرهم خبر جاره فجعلوا يلعنونه فعل الله به وفعل،‏ وبعضهم يدعو عليه فجاء إليه جاره فقال ارجع فإنك لن ترى مني شيئا تكرهه(2).

وجه الاستدلال:

خروج الرجل إلى الطريق.

الدليل الثالث :

وعن ابن الفضل ابن الحباب الجمحي قال سمعت ابن عائشة عن أبيه قال لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة والنساء والولائد يقولون

طلع البدر علينا من ثنيات الوداع *** وجب الشكر علينا ما دعا لله داع(3).

وجه الاستدلال:

خروج النساء والأولاد في مجيء النبي صلى الله عليه وسلم.

الدليل الرابع:

روى علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه لما هم بالهجرة تقلد سيفه و تنكب قوسه و انتضى في يده أسهماً – (و فيه أنه قال: ((من أراد أن يثكل أمه، أو يوتم ولده، أو ترمل زوجته، فليلقني وراء هذا

___________________

(1) رواه البزار بإسناد حسن.
(2) رواه أبو داود واللفظ له وابن حبان في صحيحه والحاكم وصححه على شرط مسلم.
(3) الرياض النظرة (1/480) وقال على شرط الشيخين .


الوادي)) قال علي: فما اتبعه إلا قوم من المستضعفين علمهم ما أرشدهم ثم مضى لوجهه(1).



وجه الاستدلال:

هجرة عمر رضي الله عنه العلنية.

الدليل الخامس:

فلما سمع أهل المدينة بجيش مؤتة قادمين، تلقوهم بـ (الجرف)، فجعل الناس يحثون في وجوههم التراب و يقولون: يا فرار (!) أفررتم من سبيل الله؟! فيقول رسول الله صلى الله عليه و سلم: ليسوا بفرار، و لكنهم كرار إن شاء الله(2).

وجه الاستدلال:

قول الصغار والمراهقين ! لجيش مؤتة لما رجع للمدينة : يا فرار يا فرار مع ضربهم بالحصى .

الدليل السادس:

قال لأسامة رضي الله عنه: [أوطيء الخيل أرض البلقاء‍‍] (3).

وجه الاستدلال:

وكذلك كان الرسول يرسل البعوث والسرايا ومن أهدافها الأساسية (عرض القوة).

الدليل السابع:

أن المظاهرات وسيلة لها أحكام الوسائل، والأصل في الوسائل الإباحة، وما يتلبس بوسيلة مباحة من مخالفة فالوسائل لها أحكام المقاصد، فما الذي يقصده المسلمون بهذه الوسيلة إلا إظهار الحق، ورفض الظلم، وشحذ همم الناس وألسنتهم وأقلامهم وأيديهم بما يملكون فعله، كما

___________________

1) أسد الغابة 4/ 58).
2) تاريخ الطبري (2/152) السيرة النبوية (5/33).

3) السياسة الشرعية ص31-32.


إن في هذا صناعة وحدة في الموقف ورأي للأمة(1).

الدليل الثامن:

لأن هذه الأشياء مصلحة خاصة وليست عامة ، والمظاهرات مصلحة عامة ولا قياس للعام على الخاص.

الدليل التاسع:

من رأى بنو فلينكره بيده ومن لم يستطع فبلسانه ومن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان(2).

الدليل العاشر:

قول الرسول (اصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين )(3).

الدليل الحادي عشر:

حديث (في عزل الإمام الكافر) وخروج على الإمام الظالم(4).

الدليل الثاني عشر:

سير الأنبياء مثل نوح عندما دعاء إلى الله فكان يخرج إلى قومة دعوة ويطرق أبواب بيوتكم ليلاً ونهاراً وهذا في سبيل دعوة الحق(5).

الدليل الثالث عشر:

انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً(6).

__________________

1) شروعية المظاهرات إحياء للسنة وتحقيقا لمقاصد الشريعة- د. محمد الأحمري.

2) (رواه الترمذي 4/469).

3) مصنف عبدالرازق5/361).

4) المغني10/134).

5) تفسير القرطبي4/200).

6) البخاري2/362).


الدليل الرابع عشر:

خروجهم إلى المدينة(1).

الدليل الخامس عشر:

خروج العز بن عبدالسلام من مصر فخرجت مصر جميعاً معه(2).

الدليل السادس عشر:

منع الكفار الرسول من دخول مكة عندما خرج إلى الطائف ومع ذلك استجار بالمطعم بن عدي وناصره ووقف معه(3).

الدليل السابع عشر:

خروج الصحابة إلى الحبشة(4).

الدليل الثامن عشر:

بيعة الرضوان فما هو إلا اعتصام وانتصار لعثمان(5).

___________________

1) السيرة النبوية2/217).

2) ذيل تذكرة الحفاظ1/17).

3) تاريخ الطبري 1/564- دلائل النبوة للأصفهاني1/198).

4) السيرة البوية2/164).

5) تاريخ الطبري2/121).



المبحث الثالث
مذهب المانعين للمظاهرات وأدلتهم:

يرى هؤلاء المانعين للمظاهرات إنها غير جائزة ومستحدثة

واستدلوا بذلك بالأدلة الآتية :

1) إنها ليست وسيلة شرعية من وسائل الدعوة بل تشمل كثير من المحرمات في أثناء المظاهرات.

2) المظاهرات بدعة مستحدثة أول من فعلها هم الغرب حيث انه لم يوجد في التراث أي فعل دل إن المسلمون فعلوها لا الصحابة ولا التابعين ولا أحد من الفقهاء ولا المحدثين فهو بدعة مستحدثة.

3) إنها باب للخروج على الحكام وتكفيرهم فتح باب الفتنة في الخوض في أعراض العلماء والحكام.

4) أن كل الأحاديث التي استدل بها المجوزون للمظاهرات هي كانت قبل الهجرة وقبل كمال الشريعة. ولا يخفى أن العمدة في الأمر والنهي وسائر أمور الدين على ما استقرت به الشريعة بعد الهجرة. أما ما يتعلق بالجمعة والأعياد ونحو ذلك من الاجتماعات التي قد يدعو إليها النبي صلى الله عليه وسلم كصلاة الكسوف وصلاة الاستسقاء فكل ذلك من باب إظهار شعائر الإسلام وليس له تعلق بالمظاهرات(1).

5) إنها تكون سبب في قيام الشغب والفوضى ومنح فرص للمخربين والمفسدين بقيام اعتداءت اشتباكات مع الشرطة والدولة.

6) إنها لن تغير أي قرار سياسي في البلاد العربية أما بلاد الغرب فأنها تغير وكثير ما غيرت أنظمة بفعل مظاهرات.

7) فيها تذكية للعنصرية وإحياء للجاهلية وانهم داعين للفساد.

يقول الشيخ مقبل : وقد كنت بحمد الله أحذر من تلكم التظاهرات في خطب العيد وفي خطب الجمعة(2).

يقول الشيخ محمد المنجد : وأما التظاهرات فإن فيها عدداً من المحذورات الشرعية يجب الحذر منها(3).

وكثير من العلماء ممن تكلم في محظورات التظاهر ومفاسدها سنذكرها ان شاء الله في مبحث فتاوى العلماء في المظاهرات(4).

___________________

1) رد الشيخ عبدالعزيز بن باز على فتوى الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق في المظاهرات.
2) الإلحاد الخميني في أرض الحرمين.
3) جواب الشيخ المنجد تحت السؤال رقم ( 11469 ).

4) شريط أقوال العلماء في التفجيرات والمظاهرات والإعتصامات والقنوت .



المبحث الرابع
مناقشة دليل المانعين:

الوجه الأول:

إن ما ذكرتموه من ان التظاهرات ليست وسيلة من الوسائل وإنما هي بدعة مستحدثة فليس ما استحدث في الدين بإطلاق يكون بدعة، فهي وسيلة والوسائل ليست محصورة بل متجددة مع العصر.

ويقول الدكتور يوسف القرضاوي: ليست البدعة كل ما استحدث بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بإطلاق، فقد استحدث المسلمون أشياء كثيرة لم تكن في عهده صلى الله عليه وسلم، ولم تُعَدّ بدعة، مثل استحداث عثمان أذانًا آخر يوم الجمعة بالزوراء (مكان خارج المدينة) لما كثر الناس، واتسعت المدينة. ومثل استحداثهم العلوم المختلفة وتدريسها في المساجد، مثل: علم الفقه، وعلم أصول الفقه، وعلم النحو والصرف، وعلوم اللغة والبلاغة، وكلها علوم لم تكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما اقتضاها التطور، وفرضتها الحاجة، ولم تخرج عن مقاصد الشريعة، بل هي لخدمتها وتدور حول محورها . فما كان من الأعمال في إطار مقاصد الشريعة، لا يعد في البدعة المذمومة، وإن كانت صورته الجزئية لم تعهد في عهد النبوة، إذ لم تكن الحاجة إليه قائمة(1).

يقول الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق : والمظاهرات مصلحة عامة ولا قياس للعام على الخاص.

الوجه الثاني:

إن قولكم(إنها لن تغير أي قرار سياسي) بل الواقع يشهد غير ذلك في كثير من البلدان وفي بلادنا الإسلامية فالمظاهرات التي خرجت إبان الحملة الفرنسية على مصر وبعدها ألمناوشات بين الأخوان وجمال وقيادات الثورة وجمال عبدالناصر تدل عل ان المظاهرات قد أثرت تأثر مباشر او غير مباشر على قرارت وعلى حكومات.

الوجه الثالث:

إن ما ذكرتموه من مفاسد التي تحدث في المظاهرات فليس كل من يرى بجواز التظاهرات يرى أنها جائزة ولم يقل ان المظاهرات لا تقع إلا بوجود مثل هذه الأشياء من تخريب وإداء للناس فليس صحيح أن نربط

___________________

1) القرضاوي سيرة ومسيرة- مذكرات يوسف القرضاوي.



بين المظاهرات وبين الأعمال التي تحدث كأسباب عارضة وليس من أصل التظاهرات فالأصل ان تكون سلمية وبعيدة عن مضايقة السكان فالمنع إذا ترتب عليه أضرار وإلا فلا ، وهذا يحدث ولكن نادراً بالمقابل المظاهرات السلمية.

الوجه الرابع:

لم يقل أحد ممن دعا إلى المظاهرات انه يدعوا إلى الفساد فليس من المظاهرات ان يخرج الغوغاء إلى الشارع بلا قيادة وبلا توجيه فيفسدون ويخربون وهذا من الفساد في الأرض فهناك فرق بين الإفساد في الأرض والجهاد في سبيل الله(1) .

___________________

1) مجموع فتاوي ومقالات متنوعة ( 4/ 312-313).



المبحث الخامس
المظاهرات التي قامت وكان قياداتها إسلاميين

هذه كانت مظاهرات كان أغلب قادتها من المشايخ ومن طلاب العلم ومن رواد الحركة الإسلامية ولن أذكر كل مظاهرة قامت في البلاد الإٍسلامية إنما حصرتها في عمل هؤلاء العلماء المعتبرين وطلاب العلم.

مصر:

وقعت أحداث فبراير عام 1954 التي بدأت داخل الجيش وسلاح الفرسان بقيادة خالد محيي الدين، بعد إعلان قبول استقالة محمد نجيب ، خرجت المظاهرات تطالب نجيبا بالبقاء ، وكان من المعروف أنها من تدبير الإخوان المسلمين وشهدت القاهرة أعنف المظاهرات، واضطر عبد الناصر إلى إعادة نجيب.

وفي يوم 28 فبراير خرجت المظاهرات من جامعة القاهرة والأزهر، ومن أبناء الشعب، فأصيب عدد من المواطنين، منهم الطالب ثروت يونس العطافي الطالب بكلية الهندسة، واستشهد أحد طلاب الإخوان، وهو الطالب توفيق عجينة، وحمل المتظاهرون قمصان المصابين ملوثة بدمائهم وتوجهوا إلى قصر عابدين (وخرج علماء الأزهر في المظاهرات ضد الإنجليز في عام 1919 م .

الكويت:

فعل الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق وجميع علماء السلفية في الكويت، خرجوا جميعا في مقدمة صفوف المظاهرات التي احتجت على المفسدين في الجامعة وغيروا القرار بمظاهرتهم، ثم تظاهروا عدة مرات، ويتكرر هذا منهم ولا يجرؤ أحد على نقض ذلك

السعودية:

خرج الشيخ عبدالله بن حميد رحمه الله، –والد رئيس مجلس الشورى- بأهل القصيم في مظاهرة بشأن مشكلة في مدارس البنات، وخرج الشيخ سلمان العودة منذ سبع سنوات مع العلماء والعامة احتجاجا على منعه من الكلام، وخرج معه جمع كبير من العلماء والدعاة، ولم تننتقد المظاهرة لذاتها بل الذين انتقدوا إنما كان نقدهم على التوقيت، أو احتمال الفوضى، ثم خرج أخيرا الشيخ المبارك بأهل المنطقة الشرقية.

قطر:

وقاد الشيخ القرضاوي عددا من المظاهرات، وهو يقود المظاهرات في الدوحة في كل حدث ملم.

السودان:

يخرج علماؤهم للمظاهرات، منها مظاهرات في أعقاب ضرب بلادهم قبل بضع سنوات.

الشام:

وقد خرج علماء الشام في مظاهرات يقودهم الشيخ القصاب ضد موقف الملك فيصل الشريف عندما تراخى عن الحرب للفرنسيين، وأيدهم رشيد رضا عددا من المظاهرات في زمنه.

الجزائر:

وتظاهر علماء الجزائر ودعاتهم مرات عديدة يتقدمهم محمد السعيد وعلي بلحاج، وعباسي مدني وبقية من العلماء المسنين الذين كانوا أعضاء جمعية العلماء،

باكستان:

المظاهرات التي تقوم بها الأحزاب الإسلامية المعارضة باستمرار ومن قبل المودودي.

اليمن:

خروج كثير من العلماء أمثال الزنداني وغيرهم.

الأردن:

فعل الحركات الإسلامية وحركات الأخوان المستمرة في تنظيم المظاهرات نصرة لأخواننا في فلسطين.

وكثير من الدول الإسلامية وما نراه ونشاهده يومياً في اندونيسيا عندما خرج المتظاهرون وأبعدوا سوهارتوا ونظامه الفاسد، والهند وماليزيا وجنوب أفريقيا وغيرها كثير.



المبحث السادس
فتاوى العلماء في حكم المظاهرات

فتوى الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله:

السؤال :

هل تعتبر المظاهرات الرجالية والنسائية ضد الحكام والولاة تعتبر وسيلة من وسائل الدعوة وهل من يموت فيها يعتبر شهيداً في سبيل الله؟

الجواب:

المظاهرات الرجالية والنسائية من أسباب الفتن وظلم الناس والتعدي على بعض الناس ولكن الأسباب الشرعية النصيحة والدعوة إلى الخير التي شرعها أهل العلم وأصحاب النبي بالمكاتبة والمشافعة مع الأمير والسلطان ومكاتبته ومناصحته دون التشهير به.



الشيخ عبدالله صالح الفوزان:

سؤال:

أحسن الله إليكم هناك من يرى ويدعوا إلى الاعتصامات والمظاهرات ضد الحكام والعلماء فما هو رأيكم في هذه الوسيلة؟

الجواب:

الضرر لايزال بالضرر إذا حدث حادث فيه ضرر او منكر فليس الحل في أن تكون مظاهرات او اعتصامات او تخريب وهذا ليس حل هذا زيادة شر ولكن الحل مراجعة المسؤلين ومناصحتهم وبيان الواجب عليهم لعلهم أن يزيلوا هذا الضرر.



فتوى الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق:

السؤال:

ذكرتم في كتابكم فصول من السياسة الشرعية ص31-32: أن من أساليب النبي صلى الله عليه وسلم في الدعوة التظاهرات (المظاهرة) ولا أعلم نصاً في هذا المعنى فأرجو الإفادة عمن ذكر ذلك وبأي كتاب وجدتم ذلك فإن لم يكن في ذلك مستند فالواجب الرجوع عن ذلك لأني لا أعلم في شيء من النصوص ما يدل على ذلك. ولما قد علم من المفاسد الكثيرة في استعمال المظاهرات، فإن صح فيها نص فلا بد من إيضاح ما جاء به النص إيضاحاً كاملاً حتى لا يتعلق به المفسدون بمظاهراتهم الباطلة.

والله المسئول أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح وأن يصلح قلوبنا وأعمالنا جميعاً وأن يجعلنا جميعاً من الهداة المهتدين إنه جواد كريم.

الجواب

وأما في قولي في كتاب: (فصول من السياسة الشرعية في الدعوة إلى الله) (ص31-33):

فأقول: لقد ذكرت المظاهرات في معرض الوسائل التي اتخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم لإظهار الإسلام، والدعوة إليه لما روي أن المسلمين خرجوا بعد إسلام عمر رضي الله عنه بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في صفين (إظهاراً للقوة) على أحدهما حمزة رضي الله عنه، وعلى الآخر عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولهم كديد ككديد الطحين حتى دخلوا المسجد.

ولم أر لذلك من هدف إلا إظهار القوة، وقد روى هذا الحديث أبو نعيم في الحلية بإسناده إلى ابن عباس رضي الله عنهما وفيه:

(فقلت: يا رسول الله ألسنا على الحق إن متنا وإن حيينا؟ قال: [بلى، والذي نفسي بيده إنكم على الحق إن متم وإن حييتم] قال فقلت ففيم الاختفاء؟ والذي بعثك بالحق لتخرجن، فأخرجناه في صفين: حمزة في أحدهما، وأنا في الآخر، له كديد ككديد الطحين حتى دخلنا المسجد، قال فنظرت إلي قريش وإلى حمزة فأصابتهم كآبة لم يصبهم مثلها، فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ الفاروق. وفرق الله به بين الحق والباطل)

وأرى أن التشريع الإسلامي قد جاء بكثير من الشعائر لإظهار عزة الإسلام والدعوة إليه، كصلاة الجماعة والجمعة والعيدين، ورأيت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر النساء الحيّض وذوات الخدور أن يخرجن إلى المصلى يوم العيد معللاً ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: [ليشهدن الخير، ودعوة المسلمين] ومن الخير الذي يشهدنه هو كثرة أهل الإسلام وإظهارهم لشعائره.



فتوى الشيخ سلمان بن فهد العودة:

السؤال:

رجو من فضيلتكم بيان حكم المظاهرات التي تهدف إلى مناصرة إخواننا المستضعفين سواء في فلسطين أو غيرها؟

الجواب:

لا نرى بأساً أن يجتمع المسلمون للإعراب عن احتجاجهم على معاناة إخوانهم في فلسطين، بحيث تكون مظاهرة سلمية، وبعيدةعن مضايقة السكان أو إزعاجهم، أو تعويقهم عن أعمالهم، ولا يكون فيها ارتكاب لما حرم الله من منكر بقدر ما تستطيعون.وهذا من نصرة إخوانكم، وله أثره البالغ على اليهود، وعلى من يناصرهم في كل مكان، ومن ثمراته أن يوصل الرأي الإسلامي إلى الشعوب الغربية، التي طالما هيمن اليهود على عقولها، وأوصلوا لها رسالة مضللة عن القضية.والأصل في مثل هذه الأمور الجواز، ولا تحتاج إلى دليل خاص، وقد ورد في السيرة أن المسلمين خرجوا في صفين لما أسلم حمزة وعمر، ولكنه ضعيف، إنما يغني عنه أنه لا دليل على منع مثل هذا أو تحريمه، وإنما يمنع إذا ترتب عليه ضرر أو فساد.



فتوى الشيخ أبو اسحاق الجويني:

السؤال :

ما حكم المظاهرات ؟

الجواب :

هي غير مشروعة وعلي هذا سائر علمائنا وقدعلمنا بالتجربة أن هذه المظاهرات لا قيمة لها ولا أرجعت حق مغصوب وإحراق العلم الاسرائيلي والأمريكي و صور الرؤساء لم يغير اي قرار سياسي بل أن إعتقالات و إصابات و حوادث هي نتاج تلك المظاهرات فقط .



فتوى الشيخ أبو محمد المقدسي:

السؤال :

يعم أرجاء العالم الإسلامي بشكل عام مسيرات تضامنية مع إخواننا في فلسطين ، ولقد رأينا أن بعضا من إخواننا يستحثون الناس على المشاركة بهذه المسيرات، ويعتبرونها من الأعمال التي يحبها الله ورسوله، ورأينا أيضا إخوانا لنا يقولون أن لا فائدة مرجوة من مثل مذه المسيرات.
وسؤالي لكم يا شيخ : ما هي نصيحتكم لنا في هذا الأمر ؟

الجواب :

بالنسبة للمسيرات والمظاهرات خصوصا المرتبة قانونيا كمسيرات الإخوان وغيرهم من الوطنيين فنحن لا نزج بإخواننا فيها ولاننصح بالمشاركة بها ، لكن في الوقت نفسه لا نقف في الصف السلبي المثبط عنها إذ ليس هذا من السياسة الشرعية في شيء ، فماذا يضير المسلمين أن يعارض أو يثور أو يقاتل أو يقتل في سبيل مقدساتهم أو أرضهم من لاخلاق لهم ممن يحسبون على عوام المسلمين ، أو هم فعلا من عوام المسلمين ، خصوصا وأن كثيرا من مشاركين في ذلك يقودهم الحماس للجهاد والعاطفة والغيرة الإسلامية فأي مصلحة في الوقوف في وجه هذه المسيرات أو المظاهرات خصوصا إذا كانت محسوبة على أنها غضبة لمقدسات المسلمين كما هو حال المظاهرات في هذه الأيام ، بل على العكس فإن فيها من المصالح البينة الواضحة ؛ من ذلك أن يعلم أعداء الله من اليهود وغيرهم أن ثمن تلويث مقدسات المسلمين باهظ ، ولن يمر بهدوء ، وأن الأمة لن ترضى بسلام الاستسلام ، الذي رضيه حكامها ، ولعل مثل هذه المدافعة تورث صحوة ورجعة الى الدين ولو بعد حين ، فقد قال تعالى : ( ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع ومساجد يذكر فيها اسم ا لله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز ) الآية



المبحث السابع
بيان الراجح في هذه المسألة

من خلال استعراض القولين السابقين وماجرى على دليل المانعين من مناقشة يترجح جواز المظاهرات إذا لم يترتب عليه أي ضرر أو إخلال أو فساد ، وذلك لهذه الأسباب:

السبب الأول:

إن السنة الشريفة ناطقة بوجود التظاهر فإنكار ذلك دعوى قد قام الدليل على خلافها.

السبب الثاني:

إن ما ذكروه مانعي التظاهرات ليس مستند على أي أدلة شرعية إنما خوفاً من ارتكاب أي محظورات وما ذكروه لا يقوى على مناهضة تلك الأدلة الشرعية.

السبب الثالث:

الأصل في مثل هذه الأشياء الجواز ولا تحتاج إلى دليل خاص ، وهي وسيلة مباحة فالوسائل لها أحكام المقاصد، فما الذي يقصده المسلمون بهذه الوسيلة إلا إظهار الحق، ورفض الظلم، ، وشحذ همم الناس وألسنتهم وأقلامهم وأيديهم بما يملكون فعله، كما أن في هذا صناعة وحدة في الموقف ورأي للأمة.

السبب الرابع:

إنكم لا تعلمون أثر المناصرة والمظاهرة في نفوس إخوانكم عندما يعلمون أن هناك من انتصر لهم واستنكر الجرائم المقترفة في حقهم المظلومين كالفلسطينيين وغيرهم.

السبب الخامس:

لقد أصبح التظاهر مقياسا من مقاييس الرأي عند الأمم مسلمها وكافرها في هذا العصر، فنحن لا نعلم رأي أمة من حكامها ولا من إعلامها الذي قد يسيطر عليه حزب أو قلة لا تخدم مصلحة الأمة ولا تحرص عليها، ولا نعلم من قال ممن لم يقل ومن وافق ومن خالف، فهذا قياس مهم لموقف الأمة واستنكارها لباطل أو مناصرتها لحق.

السبب السادس:

إشكال عند بعضهم في لفظ مظاهرة وتسميت البعض منهم بمناصرة فلنتفق على سميتها مناصرة ثم نقول هذه المناصرة للمظلومين في كل أرض، وتحت كل سماء.

السبب السابع:

والتظاهر مع الحق، وضد الباطل سنة مشروعة جارية، سنها الله في إظهار الإنكار على الفساد في قوله: "وليشهد عذابهما طائفة" وسنها في الابتهاج بالأعياد، ووداع الرسول صلى الله عليه وسلم للغزاة حين خروجهم والاحتفال بهم حال عودتهم، وفي إظهار القوة كما فعل مع أبي سفيان فألزمه رؤية قوة المسلمين، وقطع الطريق عليه أن يفكر في إمكان مواجهة القوة الضاربة للإسلام، ومن قبل طلب الرسول صلى الله عليه وسلم من الطائفين أن يهرولوا في الطواف إظهارا لقوة وصحة أجسامهم، مما يراجع تفصيله في فقه الحج وفي السير. وإن لم نظهر موقفنا وحميتنا وصوتنا وتعاطفنا مع إخواننا المقهورين وحمانا المنتهك فما ذا بقي؟ فإظهار الحق، بكل وسيلة وغمط الباطل بكل وسيلة، في عموم ما ذكر، مما تواترت على مشروعيته الأدلة تواترا معنويا، وهي سنة في الإسلام قائمة.



الخاتمة:

وحيث منّ الله تبارك وتعالى عليّ بعونه وتوفيقه حتى بلغ هذا البحث نهايته فإن النتائج التي توصلت إليها هي مايلي :

1. أن المظاهرات منها ماهو جائز وهي كل مظاهره خلت من المحاذير الشرعية ومظاهرات غير جاهزة وهي كل مظاهرة أدت إلى مفاسد أخرجتها عن كونها مظاهرة مشروعة.

2. إن المظاهرات هي نوع من التعاون والنصرة وتقدر بقدرها وخلوّها من المفاسد والنكرات.

3. إن المظاهرات وسيلة وهي مصلحة يمكن تحقيق أهداف اسلامية نبيلة.

4. إن المظاهرات ليست عبادة محضة وإنما وسيلة من الوسائل ولها حكم المقاصد .



المراجع

1. السيرة النبوية

2. في استحباب إقامة الشعائر الحسينية.

3. أسد الغابة

4. ألتعريف

5. الإصابة

6. الإلحاد الخميني في أرض الحرمين

7. الرياض النظرة

8. السياسة الشرعية

9. السيرة النبوية

10. القرضاوي سيرة ومسيرة

11. المغني

12. تاريخ الطبري

13. تفسير القرطبي

14. حلية الأولياء

15. دلائل النبوة للأصفهاني

16. ذيل تذكرة الحفاظ

17. شروعية المظاهرات إحياء للسنة وتحقيقا لمقاصد الشريعة

18. صحيح أبوداؤد

19. صحيح البخاري

20. صحيح الترمذي

21. صحيح الحاكم

22. فتح الباري

23. لسان العرب

24. مجموع فتاوي ومقالات متنوعة

25. مختار الصحاح

26. مذكرات يوسف القرضاوي

27. مسند البزار

28. مصنف عبدالرازق

فخر الدين المناظر
02-02-2009, 12:42 AM
مشروعية المظاهرات: إحياء للسنة وتحقيقا لمقاصد الشريعة


الشيخ الدكتور محمد الأحمري

الحمد لله الذي بين الهدى للناس بآي قرآنه، وسنة نبيه قولا وفعلا، وصلى الله على رسوله الذي أظهر الحق وناصره ودعا لإظهاره إلى يوم القيامة، أما بعد:
فقد نزلت هذه الشريعة لتكريم الإنسان وهدايته، وبيان لطرق عزته، ورفع الظلم عنه، وزرع الحرية في قلبه وسلوكه، وإلزام مجتمعه بذلك، فيعبّد لله ليرتفع فوق ما سواه، ويتهاوى ظالموه، ويذل محتقروه. وأول مباني الرجولة كلمة حق يقولها صادق في وجه ظالم مفسد، وهي أصدق وأبلغ عندما يبلغّها شعب كامل، فالآلاف التي جأرت بالحق في عدد من مدن الإسلام وغيرها هذه الأيام أحيت الوحدة والقوة وأنذرت عصابة الدمار والإفساد بنيران سخط كامل من قبل ربع البشرية من المسلمين ومن غيرهم.

من المحيط إلى بغداد ثوار *** شعب تزمجر في أحشائه النار:

وأي إعلاء لمشاعر الإسلام في زمن الضعف خير من زمجرة الملايين تستنكر الظلم والفساد، وتهيج على جور الصهيونية وشؤمها، وتحارب الجريمة والرذيلة. فكلمة الحق واجب وشعيرة، وإذا كان اظهار الفرح بالعيد وجمع الناس سنة، حتى على من ليست الصلاة في حقه واجبا ولا سنة، فيخرج تكثيرا لسواد المسلمين، وابتهاجا بما يسرهم جميعا، فكيف لا نقف مع إخواننا الذين يجزرون كالأغنام، وتسوى بدورهم الأرض، وتنتهك حرماتهم، ويقتل أطفالهم ونساؤهم، ثم يحظر قوم على المسلمين أن يجأروا بالشكوى لله ويخرجون في الصعدات، يدعون، ويهددون، ويخيفون، ويظهرون قوة الدين، ونصرة العدل، وتضامن المسلمين، فإنهم إن فقدوا السلاح والحماية والعدة فما زالوا يملكون حناجرهم وأجسامهم يعلنون بها رفض الظلم وانكار الفساد، وهذا أقل ما يجب عليهم فعله، إنهم لا يملكون سلاحا، ولا يملكون مالا، ولا يملكون دولا، ولا رجالا تمنع حرماتهم، ولم يبق إلا الصوت والصدى فهل ستبخلون حتى بهذا وتمنعوه؟

عجبا!!، لقد دمر الذل القلوب، وسحق الجهل العقول، فأصبح قوم يننتظرون من الباغي فتوى أن يسمح لهم بأن ينكروا فعله، ومن العدو إذنا بالإعتراض عليه. وقوم يهجرون ما يعرفون من سنة نبيهم، وما تظاهرت عليه النصوص وصححته العقول، وعليه عمل علماء الزمان، ويقفون منها موقف من يختار الذل والخنوع منهجا يسميه حكمة، ويسمون الذليل فاهما، فإن كان حديثا حبيبا لبعض القلوب المرعوبه، مؤداه منسجم مع أهوائهم لفقوا له تصحيحا، وإن كانوا لا يحبونه لفقوا لرده سبلا عديدة، ولم تنقصهم وسيلة، ولم ولن تنقص ذا هوى حيلة.

ولكن الحق أبلج، شواهده في القلوب قبل شواهد الفتاوى والكتب، وهذه بعض شواهده لمن أعرض عن الوعي، وأغلق القلب والعين. وإني هنا أذكر لكم أمورا مما ورد في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وما تقرر في دينه من أصول وقواعد وما فهمه العلماء ونفذوه قولا وعملا:

1- فمن المعروف أن العالم كله يشاهد ما يحدث في مدنكم، ويهتم به غاية الإهتمام ويقرأ توجهاتكم وقناعاتكم، وقد لا ينساق لموقف واحد صغير، ولكن مواقف صغيرة كثيرة تدل على شيء آخر، والمظاهرات الأخيرة في البلاد العربية والإسلامية وغيرها، كان لها وقع السلاح على من يحرص أن يبيعكم سلاحا، يتقوى به البائع، و تجوعون به وتذلون، ولا يكشف عارا، ولا يحمي ذمارا، ويحرص أن يبيعكم متعا ولباسا وطعاما، ولكن غضبكم يخيفه، وقد يجيعه أو يفسد بضاعته يوما عاجلا أو آجلا. يوم يعرف أنكم غضبتم وأنكم تعنون ذلك. فقوته من مالكم، وسيادته من عبوديتكم، وتجبره من خنوعكم، فما سار تيار كهرباء في الدنيا إلا بخط سالب وخط موجب، فإن غير السالب عادته، وتمرد على خنوعه انهارت قوة الموجب، لو كففنا عن عبوديتنا لتعامل معنا العالم بشكل آخر تماما، نحن نملك أن نخرج ونتكلم، وقد نتضرر.. ولن نقتل فلم الذل الماحق؟، وقد أصيب أعداؤكم بالكآبة لما رأوا من تظاهراتكم، كما أصيبت قريش من خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول مظاهرة بين صفين على أحدهما حمزة وعلى الآخر عمر، إظهار قوة بلا حرب، وعزة بلا مواجهة.

2- وما ترون من قتل إخوانكم فهو منكر يجب عليكم إنكاره، ولا يد لديكم فليقم اللسان بهذا وأنتم تملكونه، فإن فقدتموه فماذا بقي إلا القلب ولكن لا تنتقلوا تبّاعين للهوى معرضين عن قاعدة تغيير المنكر التي ترتب مراتب التغيير، باليد ثم اللسان ثم القلب، وما دمتم بلا يد فلا تعجزون عن أرجل تسير وحناجر تصرخ بالظالمين.

3- نعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم خرج بالصحابة في مظاهرة لإظهار قوة المسلمين وكثرة عددهم بعد إلحاح الصحابة على ذلك، قال الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق: "لقد ذكرت المظاهرات في معرض الوسائل التي اتخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم لإظهار الإسلام، والدعوة إليه لما روي أن المسلمين خرجوا بعد إسلام عمر رضي الله عنه بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في صفين (إظهاراً للقوة) على أحدهما حمزة رضي الله عنه، وعلى الآخر عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولهم كديد ككديد الطحين حتى دخلوا المسجد.

ولم أر لذلك من هدف إلا إظهار القوة، وقد روى هذا الحديث أبو نعيم في الحلية بإسناده إلى ابن عباس رضي الله عنهما وفيه: فقلت: يا رسول الله ألسنا على الحق إن متنا وإن حيينا؟ قال: «بلى، والذي نفسي بيده إنكم على الحق إن متم وإن حييتم»، قال فقلت: "ففيم الاختفاء؟ والذي بعثك بالحق لتخرجن"، فأخرجناه في صفين: حمزة في أحدهما، وأنا في الآخر، له كديد ككديد الطحين حتى دخلنا المسجد، قال فنظرت إلي قريش وإلى حمزة فأصابتهم كآبة لم يصبهم مثلها، فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ الفاروق. وفرق الله به بين الحق والباطل" انتهى (حلية الأولياء 1/40).

وأورده صاحب الإصابة في أسماء الصحابة هكذا: "وأخرج محمد بن عثمان بن أبي شيبة في تاريخه بسند فيه إسحق ابن أبي فروة عن ابن عباس أنه سأل عمر عن إسلامه فذكر قصته بطولها وفيها أنه خرج ورسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين حمزة وأصحابه الذين كانوا اختفوا في دار الأرقم فعلمت قريش أنه امتنع فلم تصبهم كآبة مثلها، قال فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ الفاروق" انتهى (الإصابة 2/512).

وذكره ابن حجر ـ رحمه الله ـ في فتح الباري قائلاً: "وروى أبو جعفر بن أبي شيبة نحوه في تاريخه من حديث ابن عباس، وفي آخره "فقلت يا رسول الله ففيم الاختفاء؟"، فخرجنا في صفين: أنا في أحدهما، وحمزة في الآخر، فنظرت قريش إلينا فأصابتهم كآبة لم يصبهم مثلها"، وأخرجه البزار من طريق أسلم مولى عمر عن عمر مطولاً" انتهى (فتح الباري 7/59).

ولكنني وجدت بعد رسالتكم أن مدار هذا الحديث على إسحق بن عبدالله بن أبي فروة وهو منكر الحديث. وكنت أرى أن التشريع الإسلامي قد جاء بكثير من الشعائر لإظهار عزة الإسلام والدعوة إليه، كصلاة الجماعة والجمعة والعيدين، ورأيت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر النساء الحيّض وذوات الخدور أن يخرجن إلى المصلى يوم العيد معللاً ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: «ليشهدن الخير، ودعوة المسلمين» [رواه أبو داود وصححه الألباني]، ومن الخير الذي يشهدنه هو كثرة أهل الإسلام وإظهارهم لشعائره، وكذلك كان الرسول يرسل البعوث والسرايا ومن أهدافها الأساسية (عرض القوة)، كما قال لأسامة رضي الله عنه: «أوطيء الخيل أرض البلقاء‍‍»..

فهذا هو الذي جعلني أنسب هذا النوع من التظاهرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أعني إلا ما جاء في هذه الأحاديث من إظهار عزة الإسلام، وكثرة المسلمين، وهذا باب من أبواب الدعوة إلى الله. وكنت أرى أن هذا الأسلوب يمكن استخدامه استخداماً صحيحاً في الحض على صلاة الجمعة والجماعة، والحض على صلاة العيدين في المصلى خارج المدينة وحث الرجال والنساء على الخروج لهذه الصلاة الجامعة وكذلك جمع الناس بين الفينة والأخرى للأمور الهامة التي تنزل بالمسلمين كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يفعل إذا نزل بالمسلمين أمر فيقول الصلاة جامعة، وكذلك في المحاضرات والندوات الحاشدة التي يكون من مقاصدها ـ بعد تلقي العلم ـ إظهار كثرة المهتدين، وجمهور المسلمين، وكذلك في عرض قوة أهل الإسلام في جيوشهم الحربية وآلاتهم العسكرية، لأن كل ذلك مما يكسر قلوب العدو، ويرهب أعداء الله، ويعلي منار الإسلام".

ولما احتج عليه الشيخ ابن باز بضعف أحد الرواة، وتنازل الشيخ عن لفظ مظاهرات كما بينه فيما بعد، وقد سألته آن ذاك فأظهر لي الشيخ عبد الرحمن أنه تعرض لفتنة من سفهاء أساءوا له وشنعوا عليه، ولا يحب أن يظهر عند الناس آنذاك أنه يخالف الشيخ ابن باز، وبخاصة مع كثرة الخصوم، والشامتين به، زمن ارتفاع أصوات أهل الفتنة والمخرقة، أما هو فلم يزل يعتقد بما كتبه في الكتاب أول مرة، وعرض أن يكتب أحد غيره تأييدا لرأيه الأول ذاك، وهو الآن حي يرزق ويمكن سؤاله، ثم أيد رجوعه بفعله فقد خرج بعد ذلك في عدة مظاهرات بجواره الشيخ حامد العلي والشيخ الشايجي والشيخ الطبطبائي وغيرهم من العلماء، في محافل معروفة وصور موثقة، ثم إن فيما سبق وما سيأتي حجة مغنية عن الوقوف عند هذا، واثبات عملي بعد القولي بتراجعه عن القول السابق، وفي قول وفعل جلة علماء العصر وهو منهم كفاية.

4- أن المظاهرات وسيلة لها أحكام الوسائل، والأصل في الوسائل الإباحة، وما يتلبس بوسيلة مباحة من مخالفة فالوسائل لها أحكام المقاصد، فمالذي يقصده المسلمون بهذه الوسيلة إلا إظهار الحق، ورفض الظلم، وكشف الخيانات اليهودية، وشحذ همم الناس وألسنتهم وأقلامهم وأيديهم بما يملكون فعله، كما ان في هذا صناعة وحدة في الموقف ورأي للأمة.

5- جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكو جاره فقال اطرح متاعك على الطريق فطرحه، فجعل الناس يمرون عليه ويلعنونه، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال "يا رسول الله ما لقيت من الناس"، فقال : وما لقيت منهم؟ قال: "يلعنوني"، قال: لقد لعنك الله قبل الناس، قال: "إني لا أعود"، فجاء الذي شكاه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال ارفع متاعك فقد كفيت. ورواه البزار بإسناد حسن بنحو إلا أنه قال: "ضع متاعك على الطريق أو على ظهر الطريق" فوضعه، فكان كل من مر به قال: "ما شأنك؟"، قال جاري يؤذيني فيدعو عليه فجاء جاره فقال: "رد متاعك فلا أؤذيك أبدا". و"روى" أبو داود واللفظ له وابن حبان في صحيحه والحاكم وصححه على شرط مسلم: (جاء رجل يشكو جاره فقال له: «اذهب فاصبر»، فأتاه مرتين أو ثلاثا، فقال اذهب فاطرح متاعك في الطريق ففعل، فجعل الناس يمرون ويسألونه ويخبرهم خبر جاره فجعلوا يلعنونه فعل الله به وفعل، وبعضهم يدعو عليه فجاء إليه جاره فقال: "ارجع فإنك لن ترى مني شيئا تكرهه" (كتاب الزواجر عن اقتراف الكبائر باب الصلح، الكبيرة العاشرة بعد المائتين: إيذاء الجار ولو ذميا).

6- وإن الصوت والإعلام والضجيج نصف الحرب، ومن شهد الحرب الإعلامية التي يمارسها اليهود في أمريكا، علم مقدار أهمية هذه المظاهرات وخطورتها في العصر الحديث، إن الإعلام الأمريكي يخفي خبر المظاهرات الإسلامية ولا يذكرها، وإن ذكرها أحدهم قلّل جدا من قدرها، ولكن تقاريرها تصل ذوي القرارات النهمة، وهم يعلمون أنها تعمل في النفوس عملا مروعا للبغاة، فهي بدايات مخيفة، وهي حقيقة قد تؤدي أن يتجاوب الناس معها.

وقد هرع حكام العرب لأمريكا يستنقذونها ويطلبونها الكلام أو الإحتجاج بما يكف الاضطراب، أو عدم الاستقرار، وبدأ الحديث عن الخوف من سقوط الحكومات الموالية لإسرائيل. ولولا شعور العالم بدلالات المظاهرات لما تغيرت المواقف، أو لما خفف المفسدون في الأرض خوفا من مضاعفة الموقف. فكيف تخذلون إخوانكم حتى في عمل كهذا؟، فلا تبخلوا بكلمة حق لا تضير، وقد تنفع كثيرا، فالمسلم أخو المسلم لا يسلمه ولا يخذله، والذين لا يستنكرون ولا يتظاهرون ولا يتكلمون ولا يكتبون، قد أسلموا إخوانهم، وتهاونوا بحقوقهم، ثم إنكم لا تعلمون أثر المناصرة والمظاهرة في نفوس إخوانكم عندما يعلمون أن هناك من انتصر لهم واستنكر الجرائم المقترفة في حقهم.

7- أما الذين يقلدون رجالا صالحين لهم خير كبير، ولكنهم يخطئون فيما لا يدركون، فإن عليهم أن يتقوا الله، ويخرجوا من ربقة العصمة لمشائخهم، واتّباعهم في الخطأ والصواب، فهذه مصادمة للحق بالرجال، وأنتم تعلمون أن هؤلاء الأفاضل قد دفعتهم نيات صالحة فقالوا قولا ربما كان صوابا آنذاك في زمن غير الزمن، وفي حال غير الحال، فعليكم أن تتبعوا فقه السلف وهديهم، في تقدير الأمور، ووعي العالم المحيط، فالسلفية إما أن تكون فترة تاريخية غابرة، فتلك قد انقضت، وإما أن تكون منهجا حيا متجاوبا مع مقتضيات الزمن، فهذا أوان العلم والعقل. فإن أولئك العلماء أنفسهم الذين تحتجون بهم كانوا يمنعون في شبابهم الراديو والتلفاز، وفي أواخر أعمارهم تبين لهم خطؤهم وتراجعوا، وإنا لا نملك لكم أن نبعثهم فيعتذروا لكم عن خطأ لم يعد الإصرار عليه صحيحا، ولا مناسبا، ولكننا نناشد القلوب الحية، والعيون التي ترى، والعقول التي تعي أن تخرج من ضيق التاريخ إلى نهج الشريعة، وتهاجر إلى هذا الزمان ثم تعرف ما يدور، ومن جمد فلن يجمّد العالم ولن يغلق إلا فهمه ولن يضر إلا نفسه، إن اتباع الرسول ص غاية في المعاصرة، والمتابعة للزمان، وهي منهج متحرك وليست صورة تاريخية جامدة.

8- دليل فعل العلماء: ومن فعل العلماء، ما تعلمونه من فعل الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق وجميع علماء السلفية في الكويت، خرجوا جميعا في مقدمة صفوف المظاهرات التي احتجت على المفسدين في الجامعة وغيروا القرار بمظاهرتهم، ثم تظاهروا عدة مرات، ويتكرر هذا منهم ولا يجرؤ أحد على نقض ذلك، وتظاهر علماء الجزائر ودعاتهم مرات عديدة يتقدمهم محمد السعيد وعلي بلحاج، وعباسي مدني وبقية من العلماء المسنين الذين كانوا أعضاء جمعية العلماء، ومن قبل هذا مواقف علماء المسلمين في أغلب بلاد المسلمين، إن لم يكن كلها. قديما وحديثا، وقد خرج علماء الشام في مظاهرات يقودهم الشيخ القصاب ضد موقف الملك فيصل الشريف عندما تراخى عن الحرب للفرنسيين، وأيدهم رشيد رضا عددا من المظاهرات في زمنه، وخرج علماء الأزهر في المظاهرات ضد الإنجليز في عام 1919م.

وفي الجزيرة العربية، خرج الشيخ عبدالله بن حميد رحمه الله ـ والد رئيس مجلس الشورى ـ بأهل القصيم في مظاهرة بشأن مشكلة في مدارس البنات، وخرج الشيخ سلمان العودة منذ سبع سنوات مع العلماء والعامة احتجاجا على منعه من الكلام، وخرج معه جمع كبير من العلماء والدعاة، ولم تننتقد المظاهرة لذاتها بل الذين انتقدوا إنما كان نقدهم على التوقيت، أو احتمال الفوضى، ثم خرج أخيرا الشيخ المبارك بأهل المنطقة الشرقية، وقاد الشيخ القرضاوي عددا من المظاهرات، وهو يقود المظاهرات في الدوحة في كل حدث ملم، وفي السودان يخرج علماؤهم للمظاهرات، منها مظاهرات في أعقاب ضرب بلادهم قبل بضع سنوات، وفي بلدان العالم الإسلامي من العلماء المؤيدين ما لا يحصى عددا، فهل نستبعد علماء كعلماء الباكستان "المودودي، واليمن "الزنداني" وكثيرون من الشام ومصر وغيرها.

ولسنا بصدد تحقيق الحق والباطل في خطاب المتظاهرين، ولكن النقاش في شرعية العمل، فقد دلت الأدلة الشرعية على صحتها وفعلها منذ عهد النبوة، ومارسها العلماء الموتى والأحياء من شتى المدارس ومن المدرسة السلفية تحديدا، ومن أشدهم تمسكا. ولم يزل علماء العصر يخرجون في كل مكان ينبذون الظلم والفساد وينكرون على الطغاة، وعلى المفسدين في الأرض، فإن منع علماء الخروج على الحكام، فلم لا يجوز حتى الصراخ في وجوه اليهود المحتلين العنصريين القتلة!. أما المفاسد التي تحتمل من هذا العمل فصحيح أنها قد تقع، ولكنها مفاسد محتملة، والمصلحة متيقنة، فلا يسقط اليقيني بالمحتمل، واظهار الحق وشعائر الدين ومناصرة الحق واجب لا يسقطه احتمال أذى، ثم إن خروج العلماء والزعماء في هذه المظاهرات مما يعطيها وزنا وأهمية، ويرشدها ويبعدها عن الفساد، ويؤكد السلطة والاحترام لقادة المظاهرات ورعاة مصالح الأمة.

9- أما رأي المخالفين، فهو منطلق من الخوف من تهمة الخروج على الحاكم، وهذا شأن آخر، لأن هذا الخروج في المظاهرات على ظلم اليهود لا علاقة له بالخروج على ظلم الحكام، وليس معهم أدلة منع تعوق ما سبق، وهذه وسيلة أصلها الإباحة، وقد أشكل على بعضهم عدم ورود اللفظ، فلنسمها مناصرة، ونفرق بينها وبين المظاهرة، ثم نقول هذه المناصرة للمظلومين في كل أرض، وتحت كل سماء، والمظاهرة ضد العدوان الداخلي، ثم يقوم من يهمهم هذا "التفريق الجديد" بتحريم "المظاهرات" وإباحة "المناصرات". أما هذه الحال القائمة المانعة لإظهار الدين والمناصرة والأخوة والتعاطف فليست من الدين في شيء وليست من العلمانية في شيء.

10- لقد أصبح التظاهر مقياسا من مقاييس الرأي عند الأمم مسلمها وكافرها في هذا العصر، فنحن لا نعلم رأي أمة من حكامها ولا من إعلامها الذي قد يسيطر عليه حزب أو قلة لا تخدم مصلحة الأمة ولا تحرص عليها، ولا نعلم من قال ممن لم يقل ومن وافق ومن خالف، فهذا قياس مهم لموقف الأمة واستنكارها لباطل أو مناصرتها لحق.

11- وقد تعطلت في الحياة الإسلامية وسائل قياس الرأي العام، كالتي كانت على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم عندما كان يرى الناس يوافقن على رأيه في اعادة الغنائم، فيقول إني لا أعلم من رضي ممن لم يرض فاذهبوا "وليأتني عرفاؤكم بالخبر"، فقد كان هناك عرفاء للمجتمع، ينقلون إليه ومنه الموقف والرأي، ويتفقدون مجموعاتهم ويعرفون قرارهم وما يحبون، وهذه طريقة مبكرة رائعة في قياس الرأي، والإستشارة والتصويت على موقف. وما دام هذا الأمر غير موجود اليوم فإن إظهار الرأي مهم لمعرفة القرار أو دفعه باتجاه محدد، أو صناعة رأي عند غير ذوي الرأي وتأييده.

12- وهناك دائما وسائل جديدة، لا تخالف الشرع، وقد لا تكون عرفت قديما لأن التكوين الإجتماعي والسياسي للمجتمعات قديما لم يكن يعرفها ولا تتناسب معه، مثال ذلك العصيان المدني، وهو عصيان في غاية السلمية، ولكنه مدمر لمصالح المستعمرين، وقد ساهم بدور كبير في استقلال الهند عندما استخدمه غاندي بذكاء كبير، وهو لم يخترع النظرية، ولكنه طبق فكرة مقال قرأه، وكانت ظروف بريطانيا بلا شك مساعدة على انهاء هيمنتها.

13- تبين جدوى هذه المظاهرات الكبيرة في رفع الأذى عن شعوب عديدة عبر التاريخ، وآخر شواهد ذلك ما رأيناه في إفريقيا الجنوبية ونيل سكانها الحرية بوسائل منها المظاهرات، كما حدث في أندونيسيا عندما خرج المتظاهرون وأبعدوا سوهارتوا ونظامه الفاسد، وما حدث من تظاهر اليوغسلاف ضد الطاغية سلوبودان ميلسوفتش، واستطاعوا تحرير أنفسهم بالخروج في مظاهرات عارمة وذهبوا إلى البرلمان، واسقطوا الصنم، وصانوا دماءهم وأعراضهم وكرامتهم من جوره، وفي التاريخ شواهد لا تحصى لفائدة هذه المظاهرات.

ثم لو تأملنا إنهاء الاستعمار في أغلب المستعمرات حول العالم في بلدان مسلمة وغيرها، من الهند إلى الفلبين إلى سوريا ومصر وشمال افريقيا وإيران والعراق لوجدنا المظاهرات ذات أثر مشهود لا يناقش فيه عاقل، فهي من أهم الوسائل ولا يعني أنها وسيلة حق معصومة من الخطأ، ولكن الذين يناقشون بأنهم عندما اختفوا في جحورهم لم يصدر منهم خطأ أبدا، وهذا حق لهم لا نعارضه، ولا ندعي عليهم بأنهم فعلوا شيئا، ولكن من يبني أمة وينقذ موقفا ويصنع نصرا، ويتبع محمدا صلى الله عليه وسلم ورجال العلم والعمل فلا شك أنه سيقع في أخطاء لن يقع فيها أبدا المعصومون من العمل ومن الخطأ ومن الصواب، وسيجدون كل الشواهد الباطلة والصحيحة على خطأ العاملين، وتقصيرهم وتعثرهم، والماشي يخطئ الطريق أحيانا ويقصر، ولكن حسبه أنه شمر واجتهد، والقاعدون لا عيوب ولا فضائل. أما العاملون فيحصل منهم الخطأ ويصابوا، ومن ظهر عمله بان خطؤه، ورأى الناس عيوبه، ولكنه يحرك بخيره غيره، وهو أجدر بالعلم وبالفقه، ومعرفة الحق من الخطأ، ووعي مقاصد الشرع، وإدراك روح القرآن بعمله بكتاب ربه من كل متفلسف كليل.

14- والتظاهر مع الحق، وضد الباطل سنة مشروعة جارية، سنها الله في إظهار الإنكار على الفساد في قوله: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ} [سورة النور: 2]، وسنها في الابتهاج بالأعياد، واستقبال الرسول صلى الله عليه وسلم، وتوديعه للغزاة حين خروجهم والاحتفال بهم حال عودتهم، وفي إظهار القوة كما فعل مع أبي سفيان فألزمه رؤية قوة المسلمين، وقطع الطريق عليه أن يفكر في إمكان مواجهة القوة الضاربة للإسلام، ومن قبل طلب الرسول صلى الله عليه وسلم من الطائفين أن يهرولوا في الطواف اظهارا لقوة وصحة أجسامهم، مما يراجع تفصيله في فقه الحج وفي السير.

وإن لم نظهر موقفنا وحميتنا وصوتنا وتعاطفنا مع إخواننا المقهورين وحمانا المنتهك فما ذا بقي؟ فاظهار الحق، بكل وسيلة وغمط الباطل بكل وسيلة، في عموم ما ذكر، مما تواترت على مشروعيته الأدلة تواترا معنويا، وهي سنة في الإسلام قائمة.

فخر الدين المناظر
02-02-2009, 12:46 AM
مشروعية المظاهرات

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد؛

لقد كثر التساؤل من كثير من الإخوة المهتمين بشأن المسلمين بموضوع المظاهرات السلمية التي تقوم بغرض نصرة إخواننا المسلمين في شتى بقاع العالم، أو للتصدي للظلم والظالمين.

ومع أن الموضوع بدهي وفطري وشرعي من أول وهلة، إلا أن هناك من حرمها وجرمها ووصف من يقومون بها بالخوارج، وهؤلاء لما كان الإعلام يضيفهم إلى العلم، وجعل لهم جمهورا من عامة الناس يتلقون عنهم ويثقون فيهم دون بحث أو تمحيص، جعلهم ذلك يتمادون في إصدار الفتاوى دون ضابط أو تمييز، مما وسمهم غالبا بقلة العلم وضعف الفهم معا، وهؤلاء المتعالمون لا يقلون خطرا على الأمة من أعدائها الظاهرين؛ لأنهم يسيرون في خط تجريم كل ما فيه حركة أو عمل أو كلمة تتصدى لأعداء الأمة، أو تفضح الأنظمة الفاسدة العميلة، بل يبررون لها أفعالها ومواقفها المخذلة.

أما عن مشروعية المظاهرات السلمية فهي وسيلة واجبة على من استطاع من المسلمين في التصدي للظلم والعدوان والمطالبة بالحقوق، إن لم توجد وسيلة أخرى أقوى وأشد تأثيرا.

وتفصيل ذلك في أمور:


الأمر الأول:
حرية التعبير عن الرأي:

فالإسلام كفل لأهله حرية التعبير عن الرأي، والمطالبة بالحقوق، الدينية والدنيوية، مما يحقق مصالح المسلمين، ويلبي احتياجاتهم؛ بل التعبير عن الرأي يعد من فروض الكفاية التي إن قام بها البعض سقطت عن الباقين، وهذا داخل لا محالة في فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بما تحمله من ضوابط وقيود شرعية تؤدي إلى أفضل النتائج دون إحداث ضرر بمصالح المجتمع، أو تَعَدِّ على حدود الشرع، أو تساهل وتفريط فيها.
كما أن هذا من النصيحة الواجبة لحديث تميم بن أوس الداري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " الدين النصيحة " قلنا: لمن؟ قال: " لله، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم " .


الأمر الثاني:
نصرة المظلومين:

فقد أمرنا الله سبحانه وتعالى برفع الظلم وإحقاق الحق وسمى ذلك نصرا " والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون * وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين * ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل * إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم " .

وكذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا بنصرة إخواننا المظلومين – يشمل ذلك المسلمين في كل بقاع الأرض – فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " انصر أخاك ظالما أو مظلوما " قيل: يا رسول الله! هذا ننصره مظلوما، فكيف أنصره ظالما!؟ قال: " تكفه عن الظلم " .


الأمر الثالث:
التغيير إلى الأفضل:

نحن مأمورون شرعا بالتغيير إلى الأفضل، وعدم الرضا أو السكوت على الفساد والمعاصي والظلم، وإلا أصابنا الله بالخذلان في الدنيا، والنيران في الآخرة؛ فقد جاء في التنزيل: " ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون " وقال تعالى: " واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة وأعلموا أن الله شديد العقاب " .
لذا قال صلى الله عليه وسلم: " إن الناس إذا رأوا منكرا فلم يغيروه، يوشك أن يعمهم الله بعقابه " ، وفي رواية لأبي داود: " إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب " وقال صلى الله عليه وسلم: " ما من قوم يُعمل فيهم بالمعاصي يقدرون أن يُغَيِّروا عليهم ولا يغيروا، إلا أصابهم الله بعقاب قبل أن يموتوا " .
وعن حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عذابا من عنده ثم لتدعنَّه ولا يستجاب لكم " .


الأمر الرابع:
التغيير الجماعي:

لا شك أن الأصل في الدعوة والتغيير إنما يكون بالعمل الجماعي لا بالمجهود الفردي، وهذا معنى قوله تعالى: " وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون " ، وفي حديث السفينة قال صلى الله عليه وسلم: " فإن أخذوا على يديه أنجوه ونجُّوا أنفسهم، وإن تركوه أهلكوه وأهلكوا أنفسهم " .


الأمر الخامس:
المصالح المرسلة:

إذا اعتبرنا جدلا أن المظاهرات لم يشهد لها الشرع بإبطال ولا باعتبار معين؛ فهي داخلة في المصالح المرسلة؛ حيث تجلب النفع، وتدفع الضر عن المسلمين؛ فالأصل في تكاليف الشريعة أنها ترجع إلى حفظ مقاصدها في الخلق؛ ضرورية كانت أم حاجية، أم تحسينية.
والمطالبة بحقوق المسلمين المغتصبة، ورفع الأذى الواقع عليهم، ورد العدوان عنهم، وتذكيرهم بحقوقهم، وتنبيه الحكام إلى حقوق المواطنين، ودعوتهم للإصلاح، ومحاربة مظاهر الفساد؛ لا شك أن ذلك كله جلب للمنافع ودفع للمضرات، فهو داخل في المصالح المرسلة التي اعتمدها الإمام مالك كثيرا في مذهبه.
وبدون هذه المظاهرات يتأكد عبث الحكومات الظالمة بمقدرات الشعوب، وعدم مبالاتها بتوفير حاجاتهم وضرورياتهم.
كما يتأكد استبداد أعداء الإسلام المحتلين لبلادنا، إذا استنامت الشعوب ولم تنتفض لتحرير بلادها، ومن لا يملك السلاح لقتال المحتلين المغتصبين، فإنه لا يعدم التظاهر وشحذ همم المسلمين في كل مكان حتى تظل قضاياهم حيَّة لا تموت، وحتى تتوفر لهم أسباب النصر والتمكين بإذن الله تعالى.


الأمر السادس:
الوسائل متجددة غير جامدة:

لا تتحقق النصيحة أو النصرة أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتغيير إلى الأفضل إلا بوسائل، والوسائل من قبيل العادات، تختلف من زمان لآخر، ومن مكان لآخر، وللوسائل حكم المقاصد، ولم ينص الشرع على وسائل بعينها في كل الأمور، ولا حرم سواها من الوسائل المستحدثة.
كما أن الوسائل المستحدثة وإن كانت بدعا بالمعنى اللغوي العام، إلا أنها ليست بدعا شرعا ما دامت فرضتها الحاجة ولم تخرج عن مقاصد الشريعة؛ بل هي الوعاء الذي به يُظهر الناسُ التزامهم بأوامر الشرع ونواهيه.
كما سيأتي كيف اعتمد السلف الصالح التواعد على التجمع ضد الخلفاء الفاسدين الظالمين، دون إنكار من أئمة الأمة، بل استحسنوا فعلهم وسردوه في مناقبهم.
وعليه فليست المظاهرات تقليدا أعمى للغرب، فهي ليست في حد ذاتها عبادة، ولكنها أصبحت واجبة لأنها الوسيلة الأقوى لتغيير المنكر ونصرة المظلومين، وقد أعلن الشهيد عبد العزيز الرنتيسي رحمه الله تعالى: أن مظاهرة واحدة تخرج في الإسكندرية لتأييدنا تبث الأمل والفرحة فينا أكثر من عملية استشهادية في قلب تل أبيب.


الأمر السابع:
ضوابط الوسائل:

لا بد في الوسائل من ضوابط تجعلها متفقة مع الشريعة ومقيدة بها غير متضاربة معها أو خارجة عليها، ومن هذه الضوابط:
1- عدم مخالفة الشرع بأدلته وقواعده الكلية.
2- أن يكون الهدف الذي قامت من أجله الوسيلة مشروعا غير ممنوع.
3- ألا يترتب عليها مفسدة أكبر من المصلحة المرجوة؛ لأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.
4- إذا اتصفت الوسيلة بهذه المواصفات فإنها تنزل منزلتها من حيث الوجوب أو الاستحباب أو الندب حسب قيمة الهدف الموصلة إليه، والظرف المؤدي إليها، فرب وسيلة تكون واجبة في موقف، لكنها محرمة في غيره.


الأمر الثامن:
فاعلية المظاهرات:

قد يرى البعض أن المظاهرات وسيلة غير فاعلة، فالأولى تركها.
هذه نظرة غير صائبة، بدليل سقوط عدد من الأنظمة المستبدة في العالم عن طريقها، كما أنها أقلقت العيد من النظم الفاسدة؛ لذا تصر على محاربتها وقمعها.
وإنما آتت المظاهرات أكلها ونجحت في العالم الغربي اليوم دون العالم الإسلامي؛ لأنها أصبحت هناك وسيلة مكتسبة بمرور الزمن، والنضال المستمر، والتضحية، وتكاتف فئات المجتمع من علماء وساسة ومهنيين وعمال.
كما أنهم لم يجدوا من رجال الدين الموظفين لدي الحكومات من يُؤْثِرُ لهم الدَّعَةَ والخُمُول، والبعد عن إقلاق النظام، بخاصة من يفسرون المظاهرات على أنها خروج على الحاكم، وكأن الحاكم عندهم نبي مرسل تجب طاعته وإن أمر بالمنكر ونهى عن المعروف، وجند كل وسائله لتبديل شرع الله، وحارب الدعاة، واعتقل العلماء، وباع الوطن، وحالف الأعداء المعلنين الحرب على الإسلام، وخذل إخواننا المستضعفين في كل مكان، ونسوا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا طاعة في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف " .
كما أن المظاهرات السلمية ليست الوسيلة الوحيدة للتغيير والإصلاح، فهناك وسائل عديدة تربوية، وحركية، معلنة، أوخفية مستحدثة، أو تقليدية، إذا تضافرت جميعا يمكن أن يكون لها التأثير الفعال في زمن قياسي.
والوقت والعمل جزء من العلاج بعدما استغل الأعداء شتى الوسائل الممكنة لتربية الشعوب على السكون والدعة، وإيثار راحة النفس على البذل والتعب لأجل الآخرين، فقد يحتاجون زمنا ليتفاعلوا مع الوسائل العملية الحركية القوية التي تقلق الأنظمة المستبدة؛ بل كانت سببا في سقوطها في عدد من دول العالم.



الأمر التاسع:
المظاهرة في اللغة:

المعاونة. والتظاهر: التعاون. واستظهر به: استعان به. والظهير: العون. وظاهر عليه: أعان. وظهر عليه: قوي عليه وغلبه. وظاهره: عاونه. والمظاهرة من الظهر لأن الظهر موضع قوة الشيء في ذاته.


الأمر العاشر:
المظاهرة اصطلاحا:

معاونة من استنصر بإخوانه من المسلمين لرفع ظلم أو ضرر واقع عليه.


الأمر الحادي عشر:
الأدلة من القرآن الكريم على أن المظاهرة وسيلة مشروعة:

1- قوله تعالى: " إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير " .
فقوله تعالى: " والملائكة بعد ذلك ظهير " يعني : متظاهرون وأعوان له. وهو بمعنى المظاهرة والنصرة والتأييد.
2- قوله تعالى عن نبيه موسى عليه السلام: " قال رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين " .
يعني: لن أكون معينا لمن أدت معاونته إلى جُرْم. وقيل معناه: بما أنعمت علي من القوة أعين أولياءك فلن أستعملها في مظاهرة أعدائك .
3- قوله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود " .
واختلف أهل التأويل في (العقود) التي أمر الله جل ثناؤه بالوفاء بها بهذه الآية، بعد إجماع جميعهم على أن معنى (العقود): العهود؛ فقال بعضهم : هي العقود التي كان أهل الجاهلية عاقد بعضهم بعضاً على النصرة والمؤازرة والمظاهرة على من حاول ظلمه أو بغاه سوءاً، وذلك هو معنى (الحلف) الذي كانوا يتعاقدونه بينهم .
4- قوله تعالى: " فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين " .
قال عبد الله بن عبيد: ما زال النبي صلى الله عليه وسلم مستخفيا حتى نزل قوله تعالى: " فاصدع بما تؤمر " فخرج هو وأصحابه .


الأمر الثاني عشر:
الأدلة من السنة المشرفة:

1- جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فشكا إليه جارا له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم – ثلاث مرات – " اصبر " ثم قال له في الرابعة أو الثالثة: " اطرح متاعك في الطريق " ففعل؛ قال: فجعل الناس يمرون به ويقولون: ما لك؟ فيقول: آذاه جاره فجعلوا يقولون: لعنه الله، فجاءه جاره فقال: رد متاعك، لا والله لا أوذيك أبدا .
وفي رواية فجاء – الذي آذى جاره - إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! ما لقيت من الناس؟ فقال: " وما لقيت منهم؟ " قال: يلعنونني، فقال: " لقد لعنك الله قبل الناس " قال: إني لا أعود، فجاء الذي شكاه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: " ارفع متاعك فقد كُفْيت " .
وفي رواية صحيحة قال: فاجتمع الناس عليه .
ففي هذه الرواية الصحيحة اجتمع الصحابة في الطريق لنصرة أخيهم المظلوم، ولعنة الظالم؛ حيث جعلوا يقولون: اللهم العنه، اللهم اخزه.

2- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان " .
والحديث استوعب جميع الوسائل الشرعية المتاحة، والمظاهرة من وسائل الإنكار باللسان، كما أنها تضامن بين المسلمين لنصرة المظلوم، فهي بذلك وسيلة قوية جمعت بين الحديثين السابقين؛ حديث أبي هريرة وحديث أبي سعيد الخدري.

3- الهجرة كانت مظاهرة لنصرة الحق، وكذلك استقبال الأنصار للنبي صلى الله عليه وسلم، وهو تفسير قوله تعالى في سورة الأنفال: " وأيدكم بنصره " على الكفار، أو بمظاهرة الأنصار، أو بإمداد الملائكة يوم بدر .
وقد خرج الرجال والنساء والأطفال يوم الهجرة في مظاهرة حاشدة لاستقبال النبي صلى الله عليه وسلم وهم يقولون:
طلع البـدر علينـــا من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا مــا دعــا لله داع
قال ابن كثير: وفي الصحيحين بسندهما عن أبي بكر في حديث الهجرة قال: وخرج الناس حين قدمنا المدينة في الطريق وعلى البيوت، والغلمان والخدم يقولون: الله أكبر جاء رسول الله، الله أكبر جاء محمد ... .

4- لما أشيع أن عثمان بن عفان رضي الله عنه قد قتلته قريش يوم الحديبية، دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلى البيعة فكانت بيعة الرضوان تحت الشجرة .
فكانت تلك البيعة تشبه التظاهرة لنصرة عثمان رضي الله عنه، مع أنهم لم يخرجوا للجهاد ولا مستعدين له، وإنما خرجوا للطواف بالبيت الحرام.
فإن قيل كانت تلك بيعة للجهاد ضد الكفار الذين أشيع أنهم غدروا بعثمان، قلنا وتلك لنصرة المسلمين في فلسطين أو العراق أو غيرهما ممن تحقق وتيقن أن العدو من الكفار قد غدر ونكل بهم.

5- في قصة إسلام عمر رضي الله عنه وفيها: فقلت: يا رسول الله ! ألسنا على الحق، إن متنا أو حيينا؟ قال: " بلى " فقلت: ففيم الاختفاء؟ والذي بعثك بالحق لنخرجن ، فخرجنا في صفين: حمزة في صف، وأنا في صف - له كديد ككديد الطحن - حتى دخلنا المسجد، فلما نظرت إلينا قريش أصابتهم كآبة لم يصبهم مثلها قط. فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم: الفاروق.
وقال صهيب: لما أسلم عمر رضي الله عنه جلسنا حول البيت حلقاً، فطفنا واستنصفنا ممن غلظ علينا.
وهو معنى قول ابن مسعود: " ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر " .
وهو قوله: " كان إسلام عمر عزا، وهجرته نصرا، وإمارته رحمة. والله ما استطعنا أن نصلي حول البيت ظاهرين حتى أسلم عمر " .

وأثر إسلام عمر هذا قد رواه:
1- أبو جعفر بن أبي شيبة في تاريخه بسند فيه إسحاق بن أبي فروة عن ابن عباس كما في الإصابة لابن حجر ( 2 / 512 ) وفتح الباري ( 7 / 55 ) .
2- مسدد من طريق جعفر بن محمد عن أبيه عن علي نحوا منه؛ كما في فتح الباري لابن حجر ( 7 / 56 ) و( 7 / 48 ) .
3- والبزار من طريق أسلم مولى عمر عن عمر مطولا، كما في الفتح ( 7 / 55 ).
4- وأبو نعيم في الدلائل ( 1 / 89 ، 80 ).
5- وأبو نعيم في حلية الأولياء ( 1 / 40 ).
6- وابن عساكر في تاريخه ( 52 / 25 ).
7- وأخرجه ابن الجوزي بسنده في كشف المشكل على صحيح البخاري (3 / 83 ) من طريق أبي نعيم الأصبهاني وفيه أيضا إسحاق بن أبي فروة.
8- كما أن هذا الأثر أورده مُسلِّما به كل من:
أ‌- ابن الجوزي في تاريخ عمر بن الخطاب ( ص 13 ).
ب‌- وابن الجوزي أيضا في صفة الصفوة ( 1 / 272 ، 273 ).
ت‌- والسيوطي في تاريخ الخلفاء.
ث‌- وبدء سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم لمحمد بن عبد الوهاب.
ج‌- والمباركفوري في الرحيق المختوم ( ص 126 ) .

أما عن صحة هذا الأثر:

1- فقد ضعف الذهبي رواية ابن عباس كما في تاريخ الإسلام ( 2 / 45 ) دون أن يبين سبب ضعف، فلعل تضعيفه لوجود إسحاق ابن أبي فروة فقد قال فيه: ( لم أجد من مشاه ) .
2- وأما إسحاق بن أبي فروة الذي في رواية تاريخ ابن أبي شيبة:
فهو إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة المدني مولى عثمان ( ت: 144هـ )؛ فقد قال فيه البخاري: تركوه، وقال أحمد: لا يكتب حديثه ولا تحل الرواية عنه ونفض يده وضعفه وأنكره.
ومع هذا فليس متفق على تركه؛ فقد روى له الإمام الترمذي وقال: تركه بعض أهل العلم. كما روى له أبو داود في سننه، وهو القائل في رسالته إلى أهل مكة: ( ليس في "كتاب السنن" الذي صنفته عن رجل متروك الحديث شيء، وإذا كان فيه حديث منكر بينت أنه منكر) .
3- بينما قال ابن حجر عن رواية مسدد: وسنده صحيح، وهو شاهد جيد لحديث ابن عباس لكون مخرجه عن آل علي رضي الله عنهم .

وبتصحيح ابن حجر لهذا الأثر تكون المظاهرات سنة فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم لإعلاء الحق ومواجهة الباطل.

الأمر الثالث عشر:
سيرة السلف الصالح رضي الله عنهم:

1- في سنة إحدى وثلاثين ومائتين قتل الواثقُ الخليفةُ العباسيُ الإمامَ أحمدَ بن نصر الخزاعي.
و كان أحمد بن نصر هذا من أهل العلم والديانة والعمل الصالح والاجتهاد في الخير، وكان من أئمة السنة الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، وكان الواثق من أشد الناس في القول بخلق القرآن، يدعو إليه ليلاً ونهاراً سراً وجهاراً. فقام أحمد بن نصر هذا يدعو إلى الله و إلى الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر والقول بأن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق، في أشياء كثيرة دعا الناس إليها. فاجتمع عليه من الخلائق ألوف كثيرة، وجماعات غزيرة، فلما كان شهر شعبان من هذه السنة انتظمت البيعة لأحمد بن نصر الخزاعي في السِّر على القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والخروج على السلطان لبدعته ودعوته إلى القول بخلق القرآن، ولما هو عليه وأمراؤه و حاشيته من المعاصي والفواحش وغيرها، فتواعدوا على أنهم في الليلة الثالثة من شعبان وهي ليلة الجمعة يضرب طبل في الليل فيجتمع الذين بايعوا في مكان اتفقوا عليه، ولكن لخطأ بعض أتباعه انكشف أمرهم جميعا، وقطعت رأس أحمد بن نصر .
وأحمد بن نصر هذا إمام من أئمة أهل السنة والجماعة، وكان من أهل العلم والعمل، وهو تلميذ: الإمام مالك، وحماد بن زيد، وسفيان بن عيينة، وهشيم، ومن تلامذته: أحمد بن إبراهيم الدورقي، وأخوه يعقوب، ويحيى بن معين، ومحمد بن يوسف الطباع.
ولما ضربت عنقه قالت رأسه: ( لا إله إلا الله ) كما قرأت رأسه وهي معلقة: " الم* أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون " .
ذكره الإمام أحمد بن حنبل يوما فقال: رحمه الله، ما كان أسخاه بنفسه لله، لقد جاد بنفسه له. كما أحسن يحيى بن معين عليه الثناء جدا.
وفي قصة أحمد بن نصر هذه مسألتان:
الأولى: جواز العمل السري والبيعة عليه لأجل إزالة المنكر والتصدي لبدع وظلم الإمام ولو كان خليفة المسلمين. وقد تم منه ذلك دون إنكار أحد من الأئمة الأعلام الذين بايعوه أو عاصروه كأحمد بن حنبل ويحيى بن معين، بل أثنوا عليه وبجلوه، وتُرجم له في كتب الرجال والتاريخ بإمام أهل السنة.
الثانية: جواز التجمع والتواعد عليه لمحاربة المنكر وإزالته والتصدي للظلم، دون إذن الإمام أو الحاكم.
وخبر اتفاقه للخروج والتظاهر ضد الظلم والفساد أورده العلماء في مناقبه رضي الله عنه وأرضاه.

2- ومن ذلك ما ذكره ابن الجوزي في المنتظم قال في حوادث سنة 464هـ؛ حيث اجتمع الحنابلة في جامع القصر، فأقاموا فيه مستغيثين، وأدخلوا معهم الشيخ أبا إسحاق الشيرازي وأصحابه، وطلبوا قلع المواخير وتتبع المفسدات ومن يبيع النبيذ، وضرب عملة جديدة للتعامل فيما بينهم، حتى استجاب لهم أمير المؤمنين، ووعد بقلع المواخير ومكاتبة عضد الدولة برفعها، والتقدم بضرب دراهم يتعامل بها، فلم يقتنع أقوام منهم بالوعد، وأظهر أبو إسحاق الخروج من البلد فروسل برسالة سكتته .

3- ومنه ما ذكره ابن الجوزي في المنتظم من اجتماع الناس في يوم الخميس رابع عشر المحرم من سنة ( ) خلق كثير، بعد أن أغلقوا دكاكينهم – يعني: إضراب - وقصـدوا دار الخلافة، وبين أيديهم الدعاة والقراء وهم يلعنون أهل الكرخ – أي منكرين لبدعة إظهار شتم الصحابة التي وقعت من أهل الكرخ – واجتمعوا وازدحموا على باب الغربة، وتكلموا من غير تحفظ في القول فراسلهم الخليفة ببعض الخدم أننا قد أنكرنا ما أنكرتم ، وتقدمنا بأن لا يقع معاودة، فانصرفوا .

4- عن محمد بن أبي حرب قال : سألت أبا عبد الله – أحمد بن حنبل - عن الرجل يسمع المنكر في دار بعض جيرانه، قال: يأمره، قلت: فإن لم يقبل؟ قال: تجمع عليه الجيران وتهول عليه .

5- قال الإمامان أحمد وابن المبارك رحمهما الله " إذا اختلف الناس في شيء فانظروا ماذا عليه أهل الثغور فإن الحق معهم لأن الله يقول " والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين " .


الأمر الرابع عشر:
موقف العلماء المعاصرين منها:

1- هناك من العلماء المعاصرين من جرم أو منع المظاهرات أيا كانت، كالشيخ عبد العزيز بن باز، وغيره من علماء المملكة.
وهؤلاء بنوا فتواهم على ما قد يصحب المظاهرات من تخريب وتشغيب، واختلاط فاحش، وسب ولعن للحكام.
وآثروا أن ينصح ولاة الأمور سرا دون الجهر أو التشهير بهم.
وعليه فإن سلمت المظاهرات من التخريب والتشغيب والاختلاط والسب، وكان ولاة الأمور ممن لا يعملون على حفظ الدين والحقوق للناس، ولا ينتصحون للحق سرا، ولا يرجعون عن باطلهم، فإن فتوى هؤلاء العلماء متوجهة نحو الإباحة.

فإن كانت المظاهرات ضد اليهود والأمريكان المعتدين على أمة فلا مجال للإنكار، بل التأييد والمشاركة في المظاهرات واجب على كل مستطيع، وتكون المظاهرات وقتها درجة من درجات الجهاد في سبيل الله تعالى.
2- هناك فريق آخر يرى مشروعية المظاهرات كتعبير عن الرأي وإظهار لنصرة المظلومين حتى تُقضى لهم حقوقهم، في عصر الفساد والاحتلال، ما دامت لا تجر إلى ضرر يكون أشد من الظلم الواقع على الناس.
3- هناك من العلماء من يشارك بنفسه في المظاهرات بخاصة علماء الأزهر الشريف، وقد تكرر خروجهم متكتلين في المظاهرات مرات عديدة في العصر الحديث، وبخاصة في ثورة 1919، وضد الاحتلال الإنجليزي، وفساد الملك والحكومات المصرية، ومن قبل في مواجهة الاحتلال الفرنسي؛ حيث كانت المظاهرات تخرج من مسجد الأزهر الشريف، ولا نعلم أحد من العلماء حرم ذلك، بل على العكس تماما فقد سردت تلك المظاهرات ضمن مفاخر الأزهر الشريف ومفاخره، ولأن المساجد لها دور كبير في الحياة العامة وتجميع الناس على قلب واحد للتصدي للمنكر؛ فقد سن وزير الأوقاف المصري قانونا يجرم خروج المظاهرات من المساجد، وهذا من البدع الخطيرة التي تحصر دور المسجد في مجرد أداء الصلوات، مما يسير في فلك العلمانية التي تهدف إلى فصل الدين عن الحياة.


الأمر الخامس عشر:
المظاهرات حق دستوري وقانوني:

1- القانون الدولي لحقوق الإنسان يضمن الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات السلمية.
والحق في حرية التعبير هو حق أساسي ضروري للتمتع بالحقوق الخاصة بحرية الاشتراك في الجمعيات والتجمع السلمي.
وتنص المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن: لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفي التماس الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين، بأية وسيلة ودونما اعتبار للحدود.
والحق في حرية التعبير منصوص عليه أيضا في المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والمادة 9 من الميثاق الأفريقي (بنجول) والمادة 13 من الاتفاقية الأمريكية والمادة 10 من الاتفاقية الأوروبية.
2- كما تنص المادة 20 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن: لكل شخص حق في حرية الاشتراك في الاجتماعات والجمعيات السلمية.
وتضمن المادة 21 من العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الحق في التجمع السلمي، كما تحمي المادة 22 حرية تكوين الجمعيات.
وتعلن المادة 11 من الاتفاقية الأوروبية أن: لكل شخص الحق في حرية التجمع السلمي وحرية تكوين الجمعيات مع آخرين.
كما تضمن المادتان 15 و16 من الاتفاقية الأمريكية الحق في التجمع السلمي والحق في حرية تكوين الجمعيات.
3- ينص كل من العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والاتفاقية الأوروبية، والاتفاقية الأمريكية، على أنه يجوز للدول فرض قيود قانونية معينة على ممارسة حرية تكوين الجمعيات.
ولغة التقييد المستخدمة في الاتفاقيتين تشبه المادة 22 من العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تنص على أنه: لا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسة هذا الحق إلا تلك التي ينص عليها القانون وتشكل تدابير ضرورية، في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام، أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم.
4- و ينص أيضا الميثاق الأفريقي (بنجول) على الحق في حرية الاشتراك في الجمعيات والتجمعات.
5- والمادة 47 من الدستور المصري تنص على أن: حرية الرأي مكفولة، ولكل إنسان التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير في حدود القانون، والنقد الذاتي والنقد البناء ضمانا لسلامة البناء الوطني.
6- كما نصت المادة في المادة 54 على: للمواطنين حق الاجتماع الخاص في هدوء وغير حاملين سلاحا دون حاجة إلى إخطار سابق، ولا يجوز لرجال الأمن حضور اجتماعاتهم الخاصة، والاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات مباحة في حدود القانون.


خاتمة:

وبَعدُ: فإن الذي نراه بعد هذا العرض أن المظاهرات السلمية التي لا يصحبها تخريب للممتلكات العامة أو الخاصة، ولا سب، ولا تعطيل لمصالح الناس، ولا إعاقة لحركة المرور، ولا اختلاط مفسد بين الجنسين، ولا يترتب عليها منكر أشد مما يُراد إزالته؛ وسيلة واجبة على من استطاع من المسلمين في التصدي للظلم والعدوان والمطالبة بالحقوق لأنها:

أ‌- مصلحة مرسلة، الأمة في حاجة إليها.
ب‌- وسيلة مباحة، لم يأت نص بمنعها.
ت‌- حض عليها القرآن الكريم، وذكرتها السنة المشرفة.
ث‌- اتبعها سلفنا الصالح دون إنكار.
ج‌- أفتى بها أئمة السلف كعبد الله بن المبارك وأحمد بن حنبل.
ح‌- أفتى بها أئمة العصر مثل العلامة يوسف القرضاوي، والشيخ سلمان العودة، وكثير غيرهما.
خ‌- قام علماء وطلاب الأزهر بمظاهرات عديدة على مدى العقود دون نكير، بل كان النكير على من يتخلف عنها.
د‌- فيها إظهار لقوة المظلومين فيخاف الحكام من هدر حقوقهم.
ذ‌- فيها إرعاب للظالمين ليعيدوا المظالم إلى أهلها.
ر‌- فيها نصرة للضعفاء المظلومين وتأكيد معنى الأخوة لله.
ز‌- فيها تذكير للناس بفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتصدي للظالمين، في عصر لا تصلحه إلا الإيجابية.
س-فيها إشعال عاطفة الإسلام القوي الذي يحمي الحقوق ويدافع عنها، فتحتفظ الأمة بحيويتها وروحها الوثابة للحق والعدل.
ش-فيها كشف لعلماء السلطان الساكتين على العبث بمقدرات الشريعة، ومحاولة تغييب وعي الأمة عن حقيقة دينها وأحكام شريعتها.
ص-فيها إيقاظ لصورة العدو المغتصب لبلاد المسلمين في أذهانهم حتى يستعدوا للقائه قبل أن يأخذهم على غفلة.
ض-كما أنها حق دستوري وقانوني، مكفول للمواطنين بنصوص القرارات الدولية.

فإذا صاحب هذا كله تعاونٌ من الجهات الحكومية المختصة، ووفرت الوسائل والطرق والأماكن المناسبة لإقامة المظاهرات، وقامت بحراستها، وحمايتها من بعض الفئات التي لها مصلحة في الإثارة والتخريب وتهديد السلم الاجتماعي؛ وقتها تؤتي المظاهرات أكلها، وتكون مؤثرة بشكل يليق وحضارة أمتنا الإسلامية العريقة.

هذا والله تعالى أعلى وأعلم؛

وكتب العبد الفقير إلى ربه القدير
السيد سليمان نور الله

- رواه أبو داود وابن حبان.
- سورة الشورى الآيات 39 : 42.
- رواه أحمد والبخاري والترمذي وابن حبان.
- سورة هود آية 113.
- سورة الأنفال آية 25.
- رواه أحمد والترمذي وصححه وابن ماجه وابن حبان في صحيحه عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
- رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وابن حبان عن جرير رضي الله عنه.
- رواه الترمذي.
- سورة الأعراف لآية : 181.
- رواه البخاري عن النعمان بن بشير.
- رواه أحمد والبخاري ومسلم والنسائي وآخرون عن علي بن أبي طالب، وللحديث ألفاظ عديدة منها " لا طاعة لبشر في معصية الله جل وعلا " رواه ابن حبان
- سورة التحريم الآية: 4.
- سورة القصص الآية: 17.
- انظر تفسير البيضاوي.
- سورة المائدة الآية: 1.
- انظر تفسير الطبري.
- سورة الحجر آية : 94.
- تفسير القرطبي.
- حديث صحيح عن أبي هريرة، رواه أبو داود ( 5153 ) وابن حبان ( 520 ) واللفظ له. وفي رواية أبي جحيفة قال: " لعنة الله فوق لعنته ".
- رواه البزار بإسناد حسن.
- رواه البخاري في الأدب المفرد.
- رواه أحمد ومسلم والترمذي والنسائي.
- سورة الأنفال الآية: 26.
- راجع تفسير الآية من سورة الأنفال من تفسير البيضاوي.
- الرياض النضرة ( 1 / 480 ) وقال على شرط الشيخين.
- صفوة السيرة النبوية لابن كثير ( 2 / 138 ).
- تاريخ الطبري ( 2 / 632 ).
- رواه البخاري في صحيحه كتاب فضائل الصحابة – باب مناقب عمر بن الخطاب- رقم: 3684.
- قال ابن حجر: رواه ابن أبي شيبة والطبراني.
- طبعة دار التقوى – القاهرة.
- ط جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض.
- ط1 دار الحديث القاهرة 1420 هـ - 2000 م.
- ثم لك أن تعجب من أن أحدهم خرج على إحدى القنوات الفضائية، وقال: إن هذا الأثر لم يرد!!!؟؟؟.
- ميزان الاعتدال للذهبي ( 1 / 193 ).
- رسالة الإمام أبي داود السجستاني إلى أهل مكة في وصف سننه ( ص 33 ) اعتنى بها عبد الفتاح أبو غدة ط1 دار البشائر الإسلامية 1417هـ - 1997 م.
- فتح الباري ( 7 / 48 ) من طبعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض.
- راجع تفاصيل القصة في البداية والنهاية لابن كثير ( 10 / 750 ) وكذلك الكامل في التاريخ لابن الأثير، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي، وتاريخ ابن خلدون في أحداث سنة 231 هـ.
- أول سورة العنكبوت.
- المنتظم لابن الجوزي ( 16 / 139 ).
- المنتظم لابن الجوزي ( 16 / 94 ).
- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للخلال ( ص 50 ).
- سورة العنكبوت الآية: 69. وانظر مجموع فتاوى ابن تيمية ( 28 / 442 ).

فخر الدين المناظر
02-02-2009, 12:49 AM
الإبانة عن وجوب المظاهرة والإعانة
فتوى في وجوب نصرة أهل غزة بكل وسيلة

بقلم الدكتور حاكم المطيري
أستاذ قسم التفسير والحديث
كلية الشريعة - جامعة الكويت

سؤال: صدرت حديثا بعض الفتاوى تحرم خروج المظاهرات والمسيرات لنصرة أهل غزة بدعوى أنها من الفساد في الأرض وأنها تصد عن ذكرى الله وأن الواجب الاقتصار على الدعاء لهم فما صحة مثل هذه الفتاوى؟

الجواب : الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا الأمين وآله وصحبه أجمعين وبعد...هذه المسائل هي من النوازل التي لا يعرف أحكامها إلا من تصورها على حقيقتها كما يقول الأصوليون (الحكم على الشيء فرع من تصوره) ولا شك أن هذه الفتوى صدرت ممن لا يعرف حقيقة المظاهرات ولا يعرف مدى أثرها وتأثيرها ومعرفة حكم هذه النازلة يحتاج إلى مقدمات:

أولا : أن الشارع أذن في جهاد العدو باستخدام كل وسيلة تحقق المقصود سواء في دفع عدوانه في جهاد الدفع أو تحقيق النصر عليه والظفر به في جهاد الفتح فالأصل في هذا الباب الإباحة والمشروعية لكل الوسائل إلا ما قام الدليل على تحريمه بل باب الجهاد قد يسوغ فيه ما لا يسوغ فيما سواه كإباحة لبس الحرير ومشي الخيلاء لغيض العدو وخروج النساء مع الرجال لمداواة الجرحى ومساعدة المقاتلين.....الخ فاغتفر فيه الشارع مثل هذه الأمور لمراعاة مصلحة الجهاد.

ثانيا : وقد ثبت بالنصوص الشرعية وجوب الجهاد بالنفس والمال واللسان كما في الحديث الصحيح(جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم)(رواه أحمد والنسائي وصححه ابن حبان والحاكم على شرط الشيخين) ولا يخفى أن جهاد اللسان ليس له تأثير مباشر على العدو فلا هو كالجهاد بالنفس الذي يباشر فيه المجاهد الحرب بنفسه وبيده وبدنه وسلاحه ولا هو كالمال الذي يحتاج إليه الجهاد بالنفس ـ بل قد لا يتحقق الجهاد بالنفس إلا بالمال الذي يوفر به السلاح والعدة والعتاد للمقاتلين ـ ومع ذلك أوجب الشارع الجهاد بالكلمة كما قال تعالى{وحرض المؤمنين} والتحريض هو حث المؤمنين باللسان على الجهاد في سبيل الله وفي الحديث الصحيح (أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر) وفي الصحيح(من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه...).

ثالثا: وإذا ثبت أن الكلمة والتحريض باللسان كل ذلك من وسائل الجهاد وأنواعه وأنها واجبة على كل من استطاعها فإن لها هي أيضا صورا كثيرة ومن ذلك:

1 ـ الحرب الإعلامية والدعائية لإرهاب العدو وشق صفه والفت في عضده كما في قصة غزوة الخندق حين استأذن نعيم بن مسعود النبي صلى الله عليه وسلم أن يخدع الأحزاب بإثارة الإشاعة الكاذبة بينهم فأذن له وقال صلى الله عليه وسلم (الحرب خدعة) وكذا أذن لمحمد بن مسلمة وأصحابه حين بعثهم لقتل ابن أبي الحقيق فأذن لمحمد بن مسلمة أن يقول ما يشاء مما يحقق الظفر بالعدو .

2- الشعر والخطب للتعبئة المعنوية كمدح المجاهدين لرفع معنوياتهم وإثارة الحماس فيهم وتحريضهم أو لهجاء العدو وإضعاف معنوياته وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لحسان بن ثابت كما في الصحيح(أهجهم وروح القدس معك) وقال(لهو عليهم أشد من وقع النبل) وما ذاك إلا لشدة أثر الشعر والكلمة وقوة تأثيرها المعنوي على العدو وإلا فليس للكلمة في ذاتها تأثير مادي حسي مباشر ومع ذلك جعلها الشارع من أنواع الجهاد.

3- السب والشتم الذي يغيض العدو كقوله صلى الله عليه وسلم يوم أحد حين قال أبو سفيان أعل هبل! فقال النبي للصحابة ألا تجيبوه؟ قالوا : وما نقول؟ قال: قولوا (الله أعلى وأجل) وقوله لهم يوم حنين (شاهت الوجوه).

4 ـ وكذا يكون جهاد الكلمة بالاستغاثة والاستنصار بالمجاهدين برفع الصوت وإثارة النخوة والحمية فيهم كما حصل يوم حنين حين أمر النبي صلى الله عليه وسلم عمه العباس أن يصرخ حين فر المسلمون في بداية المعركة (يا للأنصار يا للخزرج يا لأصحاب السمرة) فأقبلوا عليه كارين قد أخذتهم الحمية والنخوة حتى استقتلوا وهزم الله عدوهم وكل ذلك بالصرخة والاستغاثة والكلمة المؤثرة .

رابعا: وإذا ثبت مشروعية ذلك كله وأنه من صور جهاد الكلمة فالمظاهرة هي من الوسائل التي تتحقق بها كل صور جهاد كلمة فإن المقصود بالمظاهرات اليوم هو إما إثارة النخوة والحمية في المجاهدين أو تأييدهم وتثبيتهم ورفع معنوياتهم أو استنصار الأمة لهم أو إغاضة عدوهم والإعلان عن جرائمه والتنديد بها إلى غير ذلك من صور جهاد الكلمة.

خامسا : ثم إن حقيقة المظاهرة هي من التظاهر وهو التعاون والتناصر بين جماعة على أمر ما فهو في حد ذاته لا حكم له بل تجري عليه الأحكام الشرعية بحسب المقصود من التظاهر فإن كان الأمر المقصود مشروعا مستحبا فالتظاهر من أجله مشروع مستحب وإن كان واجبا فهو واجب وإن كان محرما فهو محرم وإن كان مكروها فهو مكروه وإن كان مباحا فهو مباح وقد سمى القرآن تعاون عائشة وحفصة على صرف النبي صلى الله عليه وسلم عن بعض نسائه تظاهرا كما قال تعالى{فإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير} وقد أمر الشارع بالتعاون على البر والتقوى وحرم التعاون على الإثم والعدوان كما قال تعالى{وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} والتعاون هو التناصر والتظاهر ولا يتحقق إلا من اثنين فأكثر فإن التفاعل لا يكون إلا بين اثنين مما يوجب على كل مسلم أن يعاون أخاه المسلم ويناصره ويظاهره على تحقيق الخير أو دفع الضر بأي وسيلة ممكنة لهما كما في الحديث الصحيح(المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يسلمه) وفي الصحيح(أنصر أخاك ظالما أو مظلوما) قالوا عرفنا مظلوما كيف ينصره ظالما قال(يأخذ على يده فذلك نصرته) والمقصود أن الخطاب عام لكل مسلم أن ينصر أخاه المظلوم برفع الظلم عنه ولو بالكلمة كما في الصحيح (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع ونصرة المظلوم) فمن ادعى أن هذا خاص بالحكومات دون أفراد الأمة فقد أبطل دلالات كل هذه النصوص العامة.

سادسا: أن مثل هذه الوسائل قد وقع شبيهها في السيرة فقد جاء في السيرة أن الصحابة في مكة لما أسلم عمر خرجوا صفين على رأس أحدهما حمزة وعلى الثاني عمر حتى دخلوا البيت كتظاهر وتعاون بينهم على إرهاب قريش وردعها عن التعرض للمؤمنين المستضعفين في مكة وقد أورد هذه القصة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في (مختصر سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم 1/91) في قصة إسلام عمر وذهابه إلى النبي صلى الله عليه وسلم في دار ابن الأرقم( فقال: ما أنت بمنتهٍ يا عمر؟ فقلت: أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأنّك رسول الله، فكبّر أهل الدّار تكبيرةً سمعها أهل المسجد. فقلت: يا رسول الله، ألسنا على الحقّ، إن متنا أو حيينا؟ قال: بلى. فقلت: ففيم الاختفاء؟ والذي بعثك بالحقّ لنخرجنّ، فخرجنا في صفّين. حمزة في صفٍّ، وأنا في صفٍّ ـ له كديد ككديد الطّحن ـ حتى دخلنا المسجد. فلما نظرت إلينا قريش أصابتهم كآبة لم يصبهم مثلها قط. فسمّاني رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ: الفاروق.وقال صهيب: لما أسلم عمر ـ رضي الله عنه ـ جلسنا حول البيت حِلقاً، فطفنا واستنصفنا مِمَن غلظ علينا)انتهى من مختصر الشيخ محمد بن عبد الوهاب.وقد قال محمد بن إسحاق في السيرة النبوية 1 / 64 (قال عمر عند ذلك: (والله لنحن بالإسلام أحق أن ننادي منا بالكفر، فليظهرن بمكة دين الله،فإن أراد قومنا بغياً علينا ناجزناهم، وإن قومنا أنصفونا قبلنا منهم، فخرج عمر وأصحابه، فجلسوا في المسجد، فلما رأت قريش إسلام عمر سقط في أيديهم)وهذه الحادثة أخرجها مطولا ابن أبي شيبة في تاريخه ـ كما في الإصابة 4/590 ـ ومن طريقه أبو نعيم الأصبهاني في الحلية 1/40 وفي الدلائل 1/221 رقم 187 قال حدثنا أحمد بن محمد بن الحسن قال : ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال : ثنا عبد الحميد بن صالح قال : ثنا محمد بن أبان،عن إسحاق بن عبد الله،عن أبان بن صالح،عن مجاهد،عن ابن عباس قال : سألت عمر بن الخطاب رضي الله عنه : لأي شيء سميت الفاروق ؟ قال : أسلم حمزة قبلي بثلاثة أيام وخرجت بعده بثلاثة أيام فإذا فلان ابن فلان المخزومي قلت له : أرغبت عن دين آبائك واتبعت دين محمد ؟ قال : إن فعلت فقد فعله من هو أعظم حقا مني عليك قلت : من هو ؟ قال : ختنك وأختك قال : فانطلقت فوجدت الباب مغلقا وسمعت همهمة قال : ففتح لي الباب فدخلت فقلت : ما هذا الذي أسمع عندكم ؟ ـ ثم ذكر القصة ـ قلت : أين رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : عليك عهد الله وميثاقه أن لا تجبهه بشيء يكرهه قلت : نعم قالت : فإنه في دار أرقم بن أبي أرقم في دار عند الصفا فأتيت الدار وحمزة في أصحابه جلوس في الدار ورسول الله صلى الله عليه وسلم في البيت فضربت الباب فاستجمع القوم فقال لهم حمزة : ما لكم ؟ قالوا : عمر بن الخطاب قال : افتحوا له الباب فإن قبل قبلنا منه ، وإن أدبر قتلناه ، فسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ما لكم ؟قالوا : عمر بن الخطاب قال : فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ بمجامع ثيابه ثم نتره نترة فما تمالك أن وقع على ركبتيه على الأرض قال : ما أنت بمنته يا عمر ؟ قال : قلت : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله قال : فكبر أهل الدار تكبيرة سمعها أهل المسجد قلت : يا رسول الله ألسنا على الحق إن متنا وإن حيينا ؟ قال : بلى والذي نفسي بيده إنكم لعلى الحق إن متم وإن حييتم قال : فقلت : ففيم الاختفاء ؟ والذي بعثك بالحق لتخرجن فأخرجناه في صفين حمزة في أحدهما وأنا في الآخر له كديد ككديد الطحين حتى دخلنا المسجد ، قال : فنظرت إلي قريش وإلى حمزة فأصابتهم كآبة لم يصبهم مثلها فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم الفاروق وفرق بين الحق والباطل »وأخرجه أيضا من طريق ابن أبي شيبة ابن عساكر في تاريخ دمشق 44 / 29 أخبرنا أبو البركات الأنماطي أنا أبو الفضل بن خيرون أنا أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن أنا أبو جعفر محمد بن عثمان نا عبد الحميد بن صالح نا محمد بن أبان عن إسحاق بن عبد الله عن أبان بن صالح عن مجاهد عن ابن عباس قال سألت عمر بن الخطاب لأي شئ سميت الفاروق فذكره ..قال ابن حجر في الإصابة (وأخرج محمّد بن عثمان بن أبي شيبة في تاريخه بسند فيه إسحاق بن أبي فروة) وهذا إسناد ضعيف إلا أن هذا الخبر من أخبار السير وله شواهد كثيرة تؤكده كما عند ابن إسحاق في السيرة ومن ذلك أيضا:

1ـ ما أخرجه ابن سعد في الطبقات 3/269 قال أخبرنا محمد بن عمر قال حدثني علي بن محمد عن عبيد الله بن سلمان الأغر عن أبيه عن صهيب بن سنان قال( لما أسلم عمر ظهر الإسلام ودعي إليه علانية وجلسنا حول البيت حلقا وطفنا بالبيت وانتصفنا ممن غلظ علينا ورددنا عليه بعض ما يأتي به).وهذا وإن كان فيه الواقدي فلا يضره لأنه من أعلم الناس بالمغازي والسير وقد قال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي المملكة الأسبق ـ الفتاوى والرسائل 5/66 ـ عن ابن إسحاق والواقدي (فإنهما وإن تكلم فيهما بعض أئمة العلم فهما مشهوران بالعلم عند أئمة زمانهما .....)ثم ساق ثناء الأئمة عليهما والاحتجاج بهما في باب الأخبار والمغازي والسير وذب عنهما ما قيل فيهما من طعن وأطال في ذلك ونقل كلام شيخ الإسلام ابن تيمية وهو في الصارم المسلول 1/101 حيث استدل بخبر فيه الواقدي ثم قال(وإنما سقنا القصة من رواية أهل المغازي مع ما في الواقدي من الضعف لشهرة هذه القصة عندهم مع أنه لا يختلف اثنان أن الواقدي من أعلم الناس بتفاصيل أمور المغازي وأخبرهم بأحوالها وقد كان الشافعي وأحمد وغيرهما يستفيدون علم ذلك من كتبه)

2ـ وأخرج ابن سعد أيضا 3/270 قال أخبرنا عبد الله بن نمير ويعلى ومحمد ابنا عبيد قالوا أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال سمعت عبد الله بن مسعود يقول (ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر قال محمد بن عبيد في حديثه لقد رأيتنا وما نستطيع أن نصلي بالبيت حتى أسلم عمر فلما أسلم عمر قاتلهم حتى تركونا نصلي)وهذا إسناد صحيح.

3 ـ وأخرج ابن سعد أيضا 3/270 قال أخبرنا يعلى ومحمد ابنا عبيد وعبيد الله بن موسى والفضل بن دكين ومحمد بن عبد الله الأسدي قالوا أخبرنا مسعر عن القاسم بن عبد الرحمن قال قال عبد الله بن مسعود (كان إسلام عمر فتحا وكانت هجرته نصرا وكانت إمارته رحمة لقد رأيتنا وما نستطيع أن نصلي بالبيت حتى أسلم عمر فلما أسلم عمر قاتلهم حتى تركونا فصلينا) وهذا إسناد صحيح أيضا.

فهذه الأخبار كلها تؤكد صحة ما جاء في خبر ابن أبي فروة وأن عمر لما أسلم خرج بالصحابة إلى البيت وتظاهروا وتناصروا حتى طافوا بالبيت حلقا وصلوا فيه وانتصفوا ممن آذاهم إلا أن روية ابن أبي فروة أحسن تفصيلا وسردا للقصة.

وهذه الحادثة حتى على فرض ضعفها سائغ الاستدلال بها لموافقتها الأصول العامة وليس في الباب ما يعارضها ومعلوم في أصول مذهب أحمد وغيره من الأئمة أنه يعمل بالضعيف ويستدل به إذا لم يوجد ما يعارضه كمال قال ابن القيم في إعلام الموقعين عن أصول مذهب أحمد بن حنبل1/31(الأصل الرابع الأخذ بالمرسل والحديث والضعيف إذا لم يكن في الباب شيء يدفعه وهو الذي رجحه على القياس وليس المراد بالضعيف عنده الباطل ولا المنكر ولا ما في روايته متهم بحيث لا يسوغ الذهاب إليه والعمل به بل الحديث الضعيف عنده قسيم الصحيح وقسم من أقسام الحسن ولم يكن يقسم الحديث إلى صحيح وحسن وضعيف بل إلى صحيح وضعيف وللضعيف عنده مراتب فإذا لم يجد في الباب أثرا يدفعه ولا قول صاحب ولا إجماعا على خلافه كان العمل به عنده أولى من القياس وليس أحد من الأئمة إلا وهو موافقه على هذا الأصل من حيث الجملة فإنه ما منهم أحد إلا وقد قدم الحديث الضعيف على القياس).

أما القول بأن هذه القصة في مكة وأنها منسوخة فقول باطل إذ المنسوخ هو الصفح والعفو بآيات الجهاد وليس العكس مع أن القول الراجح كما قال شيخ الإسلام أن أحكام العهد المكي غير منسوخة بل يعمل فيها في حال الاستضعاف.

ولا يؤثر في مشروعية التظاهر ما قد يقع فيه من تجاوزات غير مقصودة إذ يبقى للتظاهر حكمه وللأفعال العارضة فيه حكمها ومعلوم أن الجهاد قد يقع فيه تجاوزات وأخطاء كما حصل في قتال الصحابة في الأشهر الحرم وما حصل من تجاوز من خالد بن الوليد في القتال حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم(اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد) ومع ذلك لم يعزله عن الجيش ولم يتوقف الجهاد لوقوع مثل هذه الأخطاء فيه وكذا ما قد يقع في جهاد الكلمة من تجاوز لا يفضي إلى ترك جهاد الكلمة وكذلك المظاهرات فإن ما قد يقع فيها من تجاوز له نفس الحكم سواء بسواء فلا يمنع التعاون بين المؤمنين والتظاهر فيما بينهم لنصرة إخوانهم بالكلمة بدعوى أنه قد يقع منهم بعض التجاوز.وكذا لا يبطل مشروعية المظاهرة عدم جدواها كما يتوهم المتوهمون لأن إنكار المنكر باللسان هو في حد ذاته وجب شرعا وهو من صور الجهاد فلا يلتفت إلى النتائج في مثل هذا بل يجب على الأمة القيام بما أمر الله القيام به ومن ذلك الصدع بالحق كما في الحديث الصحيح(وأن نقول الحق أو نقوم بالحق حيثما كنا لا نخاف في الله لومة لائم) سواء زال المنكر أو لم يزل إذ هذا معنى قيامها لله بالعدل والقسط قولا وفعلا .وكذا لا يلتفت إلى ترك السلطة لواجباتها فإن ذلك لا يسوغ للأمة التخلي عن الواجب عليها كما قال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ في الفتاوى 4/101 حيث قال في مسألة وجوب الدعوة(وهذا يدخل في الجهاد فإن قام ولاة الأمر بذلك فإنه متعين عليهم وهذا من أهم مقاصد الولاية التي من أجلها أمر بالسمع والطاعة لحماية حوزة الدين فإذا أخل بذلك من جهة الولاة فواجب على المسلمين أن يعملوا هذا).
وكذا لا يلتفت إلى رفض الحكومات للمظاهرات إذ تقاعس الحكومات عن القيام بواجب النصرة للشعب الفلسطيني منكر أعظم يجب على الأمة إنكاره بكل وسيلة حتى تقوم الحكومات بواجباتها المنوطة بها. والمقصود أنه إذا ثبت أن جهاد الكلمة من أفضل أنواع الجهاد وأن الأصل في وسائل جهاد العدو الإباحة والحل حتى يقوم دليل الحظر والمنع وأن الوسيلة قد تكون واجبة إذا لم يتحقق الواجب إلا بها وأن المظاهرة هي من التظاهر وهو التعاون والتناصر بين جماعة من الناس على أمر ما وأن الشارع قد أمر بالتعاون والتناصر بين المؤمنين على البر والتقوى ومن ذلك نصرة المظلوم والأخذ على يد الظالم وإزالة المنكر أو إنكاره باللسان وأن وقوع شيء من المحظورات في المظاهرات لا يبطل مشروعيتها ووجوبها ..الخ إذا ثبت ذلك كله فلم يبق إذن إلا معرفة مدى أثر المظاهرات اليوم في إزالة المنكر أو تخفيفه أو التنديد به وإنكاره ومثل ذلك لا يرجع في معرفة حكمه إلى الفقهاء ـ لو خفي أمره ـ بل إلى الخبراء في السياسة والإعلام والجهاد ولا خلاف بينهم على أهمية المظاهرات وشدة تأثيرها على الرأي العام وعلى العدو وأنها باتت في هذا العصر الذي صار العالم فيه كالقرية الصغيرة من أهم وسائل التأثير وأشدها ولا أدل على ذلك من دعوة المجاهدين في غزة الأمة إلى التظاهر نصرة لهم لما لذلك من أثر معنوي ونفسي وسياسي في صالح المجاهدين في فلسطين.فكيف والأمر أظهر من أن يذكر سواء مدى أثر المظاهرات في الضغط على الحكومات الإسلامية للمبادرة إلى نصرة أهل غزة وكذا مدى أثر المظاهرات على أهل غزة أنفسهم وتثبيتهم ورفع معنوياتهم وكذا شدة أثرها على استنهاض أهل النجدة والنخوة من الأفراد والجماعات للمبادرة لإغاثتهم ونصرتهم وكذا شدة أثرها في النكاية بالعدو والتنديد بجرائمه فهذه الأسباب كاف بعضها للقول بوجوبها والواقع أصدق شاهد على ضرورتها فكيف بها كلها؟ فهذا ما لا ينبغي الخلاف فيه ثم المرجع في هذا كله للكتاب والسنة وإجماع الأمة فإن اختلف الفقهاء في نازلة تخص الجهاد وأحكامه فأحق أهل العلم بالإتباع هم أهل الثغر والعلماء الربانيون المجاهدون فهم أبصر من غيرهم بالواقع وأقدر على تنزيل نصوص الشارع عليها وأعلم بتحقق المناط فيها والله تعالى أعلم.

فخر الدين المناظر
02-02-2009, 12:58 AM
فتوى الشيخ محمد الحسن ولد الددو :
http://www.youtube.com/watch?v=yt5K-cydqQQ

ملف (المظاهرات : ضوابط وأحكام):

http://www.islamonline.net/arabic/In_Depth/Demonstration/index.shtml

فتوى فريق الفتوى بإشراف الشيخ عبد الله الفقيه :

http://www.islamweb.net/ver2/Fatwa/ShowFatwa.php?lang=A&Id=5843&Option=FatwaId

فتوى أخرى للشيخ الأحمري :

http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?cid=1122528617700&pagename=IslamOnline-Arabic-Ask_Scholar/FatwaA/FatwaAAskTheScholar

فتوى الشيخ القرضاوي:
http://www.ikhwan.net/vb/showthread.php?t=73831

الشيخ وهبة الزحيلي نائب رئيس مجمع فقهاء الشريعة الإسلامية بأمريكا وأستاذ الشريعة الإسلامية بدمشق "

http://www.moheet.com/newsSave.aspx?nid=209293

هذا مجرد غيض من فيض، ولو تتبعت فتاوى أهل العلم ما فرغت.

وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.

مالك مناع
02-02-2009, 03:00 PM
ليست العبرة بكثرة الفتاوى، وإنما العبرة بالأدلة الشرعية ومدى تعلقها ومناسبتها للمطلوب، ولئن أتبع قوماً فيهم العلامة ابن باز والألباني وابن عثيمين والفوزان والوادعيّ خيرٌ لي من أن أتبع غيرهم (لا سيما في النوازل والمستجدات)، لما عُرفوا به من الحكمة ودقة النظر والفهم والتمسك بالأدلة الشرعية على فهم السلف الصالح، ولا يعني ذلك أن غيرهم ليسوا بتلك الصفات، ولكنها سنة الله في خلقه " وجعلنا بعضكم فوق بعض درجات ".

فخر الدين المناظر
02-02-2009, 04:09 PM
قد سبق وقلنا الآتي..

فهذا ملف حول مشروعية المظاهرات لبعض أهل العلم، من باب الاطلاع على حجج الجمهور في المسألة، ولا يُقصد به فتح الباب لنقاش فقهي لأن ذلك ليس من مقاصد المنتدى، وبه وجب الإعلام، والله الموفق.

والأمة لم تكن يوما محرومة من العلماء والمفاضلة قد تؤدي إلى تقليد، ولسنا مماليك لمالك.. والعصمة دفنت بدفن النبي (ص) واتباع الدليل المؤصل أولى من تقليد مذموم، وليس كمن انشد :
أنا حنبلي ما حييت فإن أَمُت* فوصيتي للناس أن يتحنبلوا

http://www.mmf-4.com/vb/showthread.php/-1618/index.html

ولن أعلق على مداخلات قد تفضي إلى غلق الموضوع.

مالك مناع
02-02-2009, 04:46 PM
- باب الاجتهاد مفتوح لمن دخله بشروطه، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، وللأسف فإن كثيراً من طلاب العلم عندهم غلو في دعوى الاجتهاد، فيتزبب بعضهم قبل أن يتحصرم، وكم أريقت من دماء المسلمين بدعوى الاجتهاد ونبذ التقليد وما فتنة الجزائر عنا ببعيدة والله المستعان .

- الاجتهاد منه مطلق، ومنه مقيد، وأنه يتبعض، فقد يكون العالم مجتهدا في الشريعة على جميع المذاهب، وقد يكون مجتهداً في مذهب دون غيره، وقد يكون مجتهداً في الحديث دون غيره، أو الفقه دون غيره، وقد يكون عالما في باب من أبواب الفقه دون غيره، كالفرائض، والمناسك، والبيوع ... الخ . فأهل السنة يقبلون من كل عالم في بابه، ولا يتكلم عالمهم إلا في فنِّه، ويحيل على غيره فيما لا يحسن.

- المسائل الشرعية مختلفة المراتب ، ولكل مسألة أهلها الذين يتناولونها:

أ‌- فهناك مسائل فرعية في أبواب الفقه ، ويتناولها عامة العلماء، إلا إذا خرجت هذه المسائل عن مجاله الذي تأهّل فيه.

ب - وهناك خصومات ترجع إلى القضاة والحكام ، لا مطلق العلماء.

ج- وهناك مسائل ونوازل عامة خيرها وشرها يعم الأمة ، ولا يقتصر ذلك على طائفة معينة، أو مسائل تتصل بالحرب والسلم والعلاقات الدولية بين المسلمين بينها البين، وبينها وبين الدول الأخرى ... ونحو ذلك ، وهذه مسائل لها صلتها الوثيقة بباب الموازنة بين المصالح والمفاسد فهذه المسائل لا يتكلم فيها مطلق العلماء، فضلا عن جمهور طلاب العلم، بل يتكلم فيها أهل الاجتهاد والاستنباط العام وخواص أهل العلم، وقد قال تعالى : ( وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول إلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ) وهناك حالات لايستقل هؤلاء العلماء بالفتوى فيها حتى يجتمعوا بولاة الأمور، وينظروا الأصلح للأمة، فإذا تكلم في هذا النوع من المسائل الأحداثُ علماً وتجربة أفسدوا، وقد وقع ذلك في هذه السنوات، فخاض الأحداث في مسائل التكفير، والحكم بالخروج على ولاة الأمور لظلمهم او لكفرهم ـ حسب اعتقاد أصحاب هذه الفتاوى ـ وأعلنوا الحرب على كثير من الدول الإسلامية فضلا عن غيرهم ، فكان من آثار ذلك ما كان، مع أن هذه المسائل والنوازل لو كانت في عهد عمر ـ رضي الله عنه ـ لجمع لها القراء من أهل بدر وأعيان الصحابة .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - :

(( وفي الجملة فالبحث في هذه الدقائق - أي دقائق أحكام الجهاد والنوازل- من وظيفة خواص أهل العلم )) منهاج السنة ( 4 / 504 )

وقال الإمام ابن القيم - رحمه الله - :

(( العالم بكتاب الله وسنة رسوله وأقوال الصحابة فهو المجتهد في النوازل فهذا النوع الذي يسوغ لهم الإفتاء ويسوغ استفتاؤهم ويتأدى بهم فرض الإجتهاد وهم الذين قال فيهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها " . إعلام الموقعين ( 4 / 212 ) .

-أخيراً ..معلوم أن الشريعة منوطة بالمقاصد، وتحقيق المصالح ودرء المفاسد، ولكل زمان فهم وأحكام ومصالح ومقاصد يجب مراعاتها في ضوء الثوابت العامة، وذلك لتجدد القضايا، فإن الزمن له حركة، والمدنيّة ولادة، والحضارة متوقدة متجددة، ولمن عجز عن الاجتهاد - وما أكثرهم في هذا الزمان- فعليهم أن يقلدوا الراسخين في العلم على قدْر حاجتهم، وتقليد منضبط خير من اجتهاد أهوج.

فخر الدين المناظر
02-02-2009, 05:00 PM
كل هذا معلوم يا اخي ولا يحتاج منك إلى نسخه، وقد ألف فيه اهل العلم منذ القديم، وتجد كلاما نفيسا في "فتاوى ابن رشد" في مراتب المفتين حين سأله الفقيه أبو العباس الطنجي المري.. إنما في كلامكم بعض الأشياء التي تطرق لها الرابط الذي وجهتكم إليه، والرابط يغني عن زيادة الكلام، مع التنبيه ان التوسع في هذه الأشياء هنا غير وارد حتى لا يتعارض مع استراتيجيات المنتدى.. :emrose::emrose::emrose:

لهذا فإني ممسك عن النقاش حتى لا يقفل الرابط لأني أريد إضافة كلام احد اهل العلم الذين سيتواجدون معنا قريبا في المنتدى إن شاء الله تعالى، وليس كل صامت عن حجته مبطلا في اعتقاده، ولا كل ناطق بها لا برهان له محقا في انتحاله.‏:emrose:

مالك مناع
02-02-2009, 05:11 PM
بارك الله فيكم .. ليس في كلامي علاقة بالرابط الذي تفضلتم مشكورين بإحالتنا عليه وأرجو الرجوع إلى كلامي وتأمله ليتضح المقصود .. وفقكم الله.

فخر الدين المناظر
03-17-2010, 01:25 AM
كنت قد وجهت دعوة إلى الشيخ الفاضل المحقق أحد بن فخري الرفاعي ووعدني بالدخول في المنتدى وقد وعد بأن يكمل ما بدأه في ملف المظاهرات لكن لعله نسي كل ذلك حفظه الله وأنا الآن أنقل القسم الأول من مداخلته بانتظار أن يكمل ما بدأه حفظه الله، وسأذكره حالما أفرغ من بعض المسائل إن شاء الله تعالى.

[ الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ،، وبعد ؛
فاللهم انا نسألك الاخلاص في القول والعمل ، اللهم اهدنا الى الحق ، ونور بصائرنا وسدد رأينا ووفقنا لما تحبه وترضاه يا رب العالمين .

سأتكلم في الموضوع من خلال عدة قواعد :

القاعدة الأولى : الأصل في الأشياء الاباحة .
فالأقوال والأفعال لها حالتان :
إما ان تكون عبادات فالأصل فيها التوقيف ، وأعني بالتوقيف أنه لا يسعنا أن نتعبد الله تعالى بعبادة الا اذا دل دليل معتبر على مشروعيتها .

وإما أن تكون عادات : معاملات ..أطعمة ...أشربة ، لبس وزينة وغير ذلك ، والأصل في هذه الأشياء الإباحة ما لم يدل دليل معتبر على تحريمها والنهي عنها .

قال الزركشي في " البحر المحيط :
"فالشرع قد قَرّر أن الأصلَ فِي الأشيَاءِ علَى أنها على الإِباحة إلا ما استَثْناه الدَّليل ، وفائدة ذلك أنه إذا وقع الخلاف فِي حكمِ شيء في الشرعِ هل هو على الإِباحة أو المنْعِ ؟ حكَم بِأَنَّهُ على الإِباحة ، لأنّ الشرع قد قرر ذَلك ". البحر المحيط للزركشي 7/263

وقال ابن قدامة في المغني 1/161 : " لأن الأصل الإباحة، وترك النبي صلى الله عليه وسلم لا يدل على الكراهة، فإنه صلى الله عليه وسلم قد يترك المباح كما يفعله " .

والمظاهرات والمسيرات لم يرد فيها شيء عن الشارع يمنع منها .
وقد أشار ابن قدامة رحمه الله فيما نقلته عنه قريبا : أن ترك النبي صلى الله عليه وسلم لأمر لا يدل على الكراهة فضلا عن التحريم . لأن الأصل الاباحة .


القاعدة الثانية : حد البدعة .

من المعروف أن العبادات الأصل فيها التوقيف كما سبق قريبا ، ولكن هناك جانب آخر وهو جانب العادات فهل الزيادة فيه يُعَدُّ من البدعة التي هي ردٌّ، وهي ضلالة ؟
وهل تندرج في حديث عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلة الله عليه وسلم : "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد" وفي لفظ " كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد " ؟

قال الشيخ محمد بن ابراهيم آل الشيخ في الرسائل والفتاوى :
"((مَن أَحدَثَ فِيْ أَمْرنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنهُ فَهُوَ رَدٌّ)) وفي رواية ((مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ)). ولا يخفى أَنه لا يقصد بالميكرفون واستعماله قربة ولا زيادة ثواب عن غيره وإِنما المقصود به كما لا يخفى تكبير الصوت حتى يسمعه من لا يسمع صوت الخطيب لاتساع المسجد ونحوه، فمثله مثل النظارة في تكبير الحرف وتقريبه، إِذ القارىء لا يقصد بقراءته القرآن وهو يقرؤه بالنظارة زيادة القربة والثواب وإِنما يهدف إِلى التمكن من القراءة بوضوح، فكذلك الميكرفون، بل قد يكون استعمال الميكرفون قربة من القرب إِذا احتيج إِلى ذلك إِذ أَنه وسيلة إِلى تبليغ الخطبة جميع المصلين، وكذا إِبلاغ صوت المؤذن. وقد يقال إِنه من العادات التي لا يقصد بفعلها التعبد وإِنما هو من الأُمور العادية، ولو سمع ما يقال عن العوائد بأَنها بدع محدثة لاعتبر جميع ما لم يكن في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وعهد أَصحابه من المآكل والمشارب والملابس والمراكب وكافة أَنواع رسائل الحياة مما استحدث بعد تلك العهود من البدع والمنكرات، والقول بذلك في غاية السقوط والبطلان والجهل التام بأصول الدين ومقاصده."

"وقال العلامة ابن عثيمين " مجموع الفتاوى "
"ولهذا كان من القواعد المقررة عند أهل العلم " أن الأصل في العبادات الحظر والمنع حتى يقوم دليل على المشروعية" قال سبحانه : (أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يإذن به الله) وهذا إنكار عليهم.
وعلى العكس من ذلك فالأصل في المعاملات والأفعال والأعيان الإباحة والحل حتى يقوم دليل على المنع.وهذا الحديث ورد في العبادات وهي التي يقصد الإنسان بها التعبد والتقرب إلى الله، فنقول لمن يزعم شيئاً عبادة: هات الدليل على أن هذا عبادة، وإلا فقولك مردود .... وإذا تردد الأمر بين كونه عبادة أو عادة فالأصل أنه عادة ، ولا ينهى عنه حتى يقوم دليل على أنه عبادة".


لقد بين الشيخان رحمهما الله حد البدعة ، وأنها لا تدخل في العادات لذلك فقد قال الشافعي رحمه الله :
" المحدثات ضربان ما أحدث يخالف كتابا أو سنة أو أثرا أو إجماعا فهذه بدعة الضلال وما أحدث من الخير لا يخالف شيئا من ذلك فهذه محدثة غير مذمومة " مناقب الشاقفعي للبيهقي .

وقد درج المسلمون رحمهم الله على استحداث الكثير من الأمور التي كانت فيها مصلحة ، كجمع الناس على نسخة واحدة من القرآن الكريم ، وقبل ذلك جمع القرآن ، وجمع السنة ، وتأليف الكتب في علم الشريعة ، واستحداث الدواوين ، ونظام الخراج ، واستخدام الآت الحرب الدبابات ، والبنادق ، وغيرها ، وركوب الطائرات ، وهذه كلها محدثات .

بل إن المسلمين استحدثوا أمورا أخذوها عن الروم وأهل فارس ، كنظام الدواوين ، وصك النقود وغير ذلك مما رأى المسلمون فيه مصلحة لأهل الإسلام

من خلال هاتين المقدمتين أرى أن المظاهرات تخرج عن قيد محدثات الضلالة لأنها من العادات اولا ، ولم يرد دليل في الشرع يمنع منها .
وكذا يتبين من كلام العلماء أن المحدثات في العادات ليس فيها استدراك على الشرع ، بل بعض هذه المحدثات قد يكون واجبا اذا اقتضته المصلحة ، حتى ولو كان تقليدا لغير المسلمين وقد أوردت بعض الأمثلة الدالة على ذلك .

وهناك اشارة واضحة في كلام ابن قدامة الذي نقلته عن " المغني " تبين بوضوح أن ترك النبي صلى الله عليه وسلم لشيء لا يدل على الكراهة .
وبهذا أقول أن ترك السلف لشيء مع وجود مقتضاه لا يدل على الكرهة بله التحريم .

القاعدة الثالثة : من هم أولوا الأمر ؟

اختلف المفسرون في المقصود بقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ) سورة النساء (59) .
فمنهم من قال (أولي الأمر) هم العلماء. ومنهم من قال أنهم الأمراء والولاة، ومنهم من قال أنهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن مقال أن (أولي الأمر) هم أولو العقل والرأي الذين يدبرون أمر الناس، أي أهل الحل والعقد الذين قال الإمام النووي فيهم: (فإن أهل الحل والعقد هم الطليعة الواعية والفئة المستنيرة من أهل الإجتهاد ومن الأمة هم الجديرون باختيار الإمام)(المجموع للنووي).
.
وأنا أرى أن المقصود بهم الأمراء ما داموا يستظلون بظل العلماء .

لكني أقول : هل الأمير او الحاكم او السلطان الذي لا يُحكّم منهج الله تعالى ويستبدل به تشريعا وضعيا ، يحل ما حرم الله ، ويحرم ما أحل الله ، هل هذا هذا الحاكم هو المقصود بهذه الأية ؟ّّّ!!

لا يشك من له أدنى معرفة بعلوم الشريعة الاسلامية أنه ليس المقصود بأولي الأمر ، فما الفرق بين هذا الحاكم وبين النصارى واليهود ؟

لقد قام (834ھ -914ھ) الونشريسي في مجموعه المسمى "المعيار المعرب"، بجمع أكثر من ستة آلاف فتوى صادرة عن مشاهير العلماء، الذين عاشوا في بلاد الأندلس والمغرب وشمال إفريقيا، في خلال الفترة ما بين أواخرالقرن الرابع الهجرى والقرن العاشر الهجري. ولقد تناولت كثير من هذه الفتاوى النوازل والمشكلات التى واجهت المسلمين في هذه البلاد على مدى قرون، ومنها استيلاء النصارى على أجزاء كبيرة منها، ووقوع المسلمين تحت حكمهم. وتضمنت بعض هذه الفتاوى مبدأ ولاية العلماء، وقيامهم مقام الحاكم المسلم في غيابه. وهذه مناقشة لبعض هذه الفتاوى، وأنا أنصج اخواني بمراجعته فهو من أعظم الكتب التي صنفت في هذه القضايا .

ومن بين هذه الفتاوى :
سئل الداودي وهو الامام أحمد بن نصر الداودي المالكي توفي سنة 402 سئل عن بلاد المصامدة في منطقة جبلبة معزولة بالمغرب، لم تكن تخضع لسلطة الدولة المسلمة، من يملك حق تحكيم الشريعة في المقيمين بها، فأجاب بعبارة صريحة بقوله: "كل بلد لا سلطان فيه، أوفيه سلطان يضيع الحدود، أو السلطان غير عدل، فعدول الموضع وأهل العلم، يقومون في جميع ذلك مقام السلطان "

وسئل الامام أبو الحسن القابسي توفي سنة 403عن مكان في بلاد السودان القديمة، كان خاضعا لحاكم غير مسلم، وفي البلد رجل مسلم ولاه ملك البلد القضاء بين المسلمين ورضي به المسلمون لأنفسهم، هل تجوز أحكامه وتنفذ على المسلمين؟ فأجاب بتفصيل:

"إذا كان هذا المكان الذي دار فيه هذا الأمر، مستقرا للمسلمين سكنوه وأقاموا فيه، فلا بد لهم ممن ينظر في أمورهم ويحكم بينهم، وتكون لهم يد يقوى بها على من عصى الحكم ويأمر بها من الغالب على المكان، إذ لا يمكن أن يفتات على الملوك في سلطانهم، ولا سيما سلطان الكفر والعداوة. فإن كان ناظر المسلمين منهم يحكم فيهم بأحكام المسلمين فحكمه ماض إذا أصاب وجه الحكم، ولازم لمن رضي أن يدخل في سلطانه ويقيم تحت نظره من مقيم أو مجتاز"

والناظر في كتاب " غياث الأمم عند التياث الظلم" للجويني يرى عجبا .

مما تقدم يظهر أن معظم الذين الذين يحكمون بلاد المسلمين في عصرنا هذا ليسوا ممن تنطبق عليهم هذه الآية الكريمة ، وليسوا من ولاة الأمر بالمسمى الشرعي .

وهذه فتوى الشيخ صالح بن فوزان بن عبدالله الفوزان/ أسئلة وأجوبةفي مسائل الإيمان والكفر/
السؤال السادس عشر:

ما حكم تنحية الشريعة الإسلامية واستبدالها بقوانين وضعية كالقانون الفرنسي البريطاني وغيرها ، مع جعله قانوناً ينص فيه على أن قضايا النكاح والميراث بالشريعة الإسلامية ؟

الجواب :
من نحّى الشريعة الإسلامية نهائياً وأحل مكانها القانون فهذا دليل على أنه يرى جواز هذا الشيء ، لأنه ما نحاها وأحل محلها القانون إلا لأنه يرى أنها أحسن من الشريعة ، ولو كان يرى أن الشريعة أحسن منها لما أزاح الشريعة وأحل محلها القانون، فهذا كفر بالله عز وجل .
أما من نص على أن قضايا النكاح والميراث فقط تكون على حسب الشريعة ، هذا يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض، يعني يحكّم الشريعة في بعض، ويمنعها في بعض، والدين لا يتجزأ، تحكيم الشريعة لا يتجزأ، فلا بد من تطبيق الشريعة تطبيقا كاملاً، ولا يطبق بعضها ويترك بعضها .


القاعدة الرابعة : كيف ننصح حكام هذا الزمان ؟

أحب في البداية أن أبين أن الأصل في النصيحة أن تكون بين الناصح والمنصوح سرا ، فإذا جَهَرتَ بها كان تعيّيرا وتشهيرا لا نصيحة ، وقد بين الحافظ ابن رجب الحنبلي يرحمه الله الفرق بين النصيحة والتعيير في رسالته المطبوعة ، وقد أجاد أيّما اجادة ، وأنصح شباب الأمة بقراءة هذه الرسالة لأنها تربي الشباب على أدب رفيع وخلق قويم .

لكنني أتساءل فأقول اذا لم تُجدِ النصيحة في السر مع حاكم يُجاهر بالمعصية والفساد ، فهل عليّ بأس اذا قمت بنُصحه جهرا وعلانية ؟
سنرى ذلك من خلال أقوال العلماء وسأذكر دليلا واحدا ، وإن لزمني ذكر غيره فعلت إن شاء الله :

أخرج الشيخان في صحيحهما عن أبي وائل : قال : قال أسامةُ - رضي الله عنه - : سمعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يقول : « يُؤتَى بالرجل يوم القيامة فيُلْقى في النار ، فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُ بَطْنِهِ، فَيَدُورُ بها كما يدُور الحمار في الرَّحَى ، فيجتمع إِليه أَهلُ النار، فيقولون : يا فُلانُ مالك ؟ أَلم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ فيقول : بلى ، كنتُ آمر بالمعروف ولا آتيه ، وأَنْهَى عن المنكر وآتيه».
ولمسلم في رواية ، قال : قيل لأسامة : « لو أَتيتَ عثمانَ فَكلَّمْتَهُ ، فقال : إنكم لَتَرَوْنَ أَنِّي لا أُكَلِّمُهُ إِلا أُسْمِعُكم ، وإني أُكلِّمُهُ في السِّرِّ ، دونَ أَن أَفْتَح بابا لا أكونُ أوَّلَ مَنْ فَتحَهُ ، ولا أَقول لرجلٍ إن كان عليَّ أَميرا : إِنَّهُ خيرُ الناس : بعدَ شيء سمعتُه من رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- ، قالوا : وما هو ؟ قال : سمعتُه يقول : يُجَاءُ بالرجل يوم القيامة فيُلْقى في النار ، فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُهُ، فيدور كما يَدُور الحمار بِرَحَاهُ ، فَيجتَمِعُ أَهل النار عليه، فيقولون : يا فلان ، ما شأنك ؟ أَليس كنتَ تأمُرُنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟ فيقول : كنت آمُرُكم بالمعروف ولا آتيه، وأنهاكم عن الشر وآتيه».
قال : « وإِني سمعتُه يقول : مَرَرْتُ ليلةَ أُسْرِيَ بي بأَقوامٍ تُقْرَضُ شِفَاهُهم بمقاريضَ من نارٍ ، قلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال : خُطَباءُ أُمَّتك الذين يقولون ما لا يفعلون».


احتج بعضهم بهذا الحديث على عدم جواز النصيحة لولي الأمر إلا سرا ،
مع أني أعتبر أن هذا يدل على تمام أدب أسامة بن زيد رضي الله عنهما مع الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه ، وعلّل أسامة رضي الله عنهما ذلك بعدم رغبته بفتح باب لم يُفتح من قبل ، وكان يرى أن وراء هذا الباب سيلا عرمرما من الفتن ، وقد كان .

وأرى أن الحديث لا يحمل بين طياته دلالة على عدم جواز النصح الا بالسر ، فمن كان يطلب من أسامة رضي الله عنهما أن يأمر عثمان رضي الله عنه كانوا من الصحابة غالبا ، ولو علموا أن هذا الأمر غير جائز لما طالبوا ، هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى فإن أسامة رضي الله عنه اعتذر إليهم بما قدمنا ، ولم يعتذر بعدم الجواز ..


قال الحافظ النووي في " شرح مسلم "18 / 118 :
" قوله ( أفتتح أمرا لاأحب أن أكون أول من افتتحه ) يعنى المجاهرة بالإنكار على الأمراء فى الملأ كما جرى لقتلة عثمان رضى الله عنه ، وفيه الأدب مع الأمراء ، واللطف بهم ، ووعظهم سرا ، وتبليغهم ما يقول الناس فيهم لينكفوا عنه ، وهذا كله اذا أمكن ذلك ، فإن لم يمكن الوعظ سرا والإنكار ، فليفعله علانية لئلا يضيع أصل الحق "

وقال العيني في " عمدة القاري " 23/34:
" فيه الأدب مع الأمراء واللطف بهم ووعظهم سرا وتبليغهم قول الناس فيهم ليكفوا عنه هذا كله إذا أمكن فإن لم يمكن الوعظ سرا فليجعله علانية لئلا يضيع الحق لما روى طارق بن شهاب قال قال رسول الله أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر وأخرجه الترمذي من حديث أبي سعيد بإسناد حسن "
قال الطبري : معناه : إذا أمن على نفسه ، أو أن يلحقه من البلاء ما لا قبل له به ، روي ذلك عن ابن مسعود وحذيفة وهو مذهب أسامة .
وقال آخرون الواجب على من رأى منكرا من ذي سلطان أن ينكره علانية كيف أمكنه ، روي ذلك عن عمر وأبي بن كعب رضي الله تعالى عنهما " .

قلت : حديث طارق بن شهاب المشار اليه له شواهد هو بها صحيح .

وممن كان يرى من الصحابة الإنكار على الامام علانية بالاضافة الى عمر وأبي بن كعب رضي الله عنهما : أمنا عائشة ولها موقف مشهور مع عثمان بن عفان رضي الله عنهما ، وكذا الزبير وطلحة وعبادة بن الصامت وأبو ذر صاحب المواقف المشهورة رضي الله عنهم جميعا

وهذه النماذج تدل دلالة واضحة على جواز الانكار علانية ، وهذه المواقف وقعت مع أئمة أطهار رضي الله عنهم وارضاهم من الخلفاء الراشدين ، فما بالك بحكام هذه الأيام الذين استدبروا الدين واتخذوه ظهريا ، واستبدلوا شرائعه بشرائع مستوردة !!!

كتبته على عجل ، فمن رأى فيه خطأ او خللا فليصحح أو فلينصح وجزاكم الله خيرا .

يتبع ان شاء الله. ]

إن هم إلا يظنون
03-17-2010, 06:36 AM
http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=16370

متروي
03-17-2010, 08:46 PM
- أكثر ما يتحجج به القائلون بعدم جواز المظاهرات هو المفاسد التي قد تحدث او لا تحدث و لكن ليست المظاهرات هي الوسيلة الوحيدة فهناك الاضراب و هو اكثر فعالية من المظاهرات فلماذا لا يدعو علماؤنا إلى إضراب عام بحيث يلتزم كل إنسان بيته فلا يخرج من بيته أصلا إلا للضرورة قصوى فلا تحدث مفاسد ولا مخالفات شرعية و لا أي شيء و تستمر حتى يتخذ ولاة أمورنا قرارا فعالا فلو أن علماؤنا فعلوا هذا أثناء الهجوم السابق على غزة لفتحت المعابر و لوصل الدعم و الاسناد إلى إخواننا المحاصرين هناك و لو طبقت الان لحافظنا على المسجد الاقصى لكن المشكلة الحقيقية ليست في الناحية الفقهية الشرعية و إنما فيمن يقول كلمة الحق و يتحمل تبعتها.

زينب من المغرب
03-18-2010, 12:39 AM
وأنا أقول لماذا لا يدعوننا لنرابط في المساجد ولا نخرج منها
فإما الموت جوعا أو عودة الأقصى
أنا ضد المظاهرات والمسيرات فهي لا أراها سوى تفريج للعدو على غثائيتنا
وإن كان غير فأطالب بخطة واحدة من خطط اليهود أفشلتها المسيرات

عبد الله بن أدم
03-18-2010, 01:25 AM
أنا ضد المظاهرات والمسيرات فهي لا أراها سوى تفريج للعدو على غثائيتنا
وإن كان غير فأطالب بخطة واحدة من خطط اليهود أفشلتها المسيرات
سنة ألفين خرج علينا زنادقة العلمانية بقانون سموه :إدماج المرأة في التنمية وهو قانون علماني مستقى من مقررات بكين النسوية يقضي بالحرية الجنسية للمرأة وتجريم تعدد الزوجات ومنع الحجاب وغيرها من المقررات الجائرة ولما تقدم الحزب الحاكم في المغرب بهذه المبادرة المتطرفة إلى البرلمان لمناقشتها خرج في مدينة البيضاء مسيرة مليونية شارك فيها أكثر من مليون انسان ضد القانون المسيرة الإحتجاجية تقدمها أساتذة و مثقفون وطلاب جامعات وعلماء وباقي فئة الشعب المغربي وبفضل تلك المسيرة الغاضبة تم إلغاء القانون الجائر بأمر من ملك المغرب

زينب من المغرب
03-18-2010, 01:43 AM
بارك الله فيك أخي الكريم
لاحظ جيدا لهذه الفروق:
مظاهرة للتنديد بقانون في نفس البلد خرج متظاهرون وبالملايين==> النتيجة الحتمية لمظاهرة كهذه إما إسقاط القانون المقترح أو الإعتصام
النظام الحاكم : إسلامي ويخضع لرغبة الشعب المتمثلة في هذه الملايين التي خرجت
في المقابل:
الحرب في فلسطين والعدو متمركز في فلسطين ومصالحه بعيدة عنا ونحن نخرج في مسيرات لا تصله منها إلا الصور==> أتنمنى أن تكتب بنفسك النتيجة
ولو أنه لا مجال للمقارنة فإن دققت أخي الكريم بارك الله فيك النظر ستجد أنني كتبت
إن كان غير فأطالب بخطة واحدة من خطط اليهود أفشلتها المسيرات
وهنا أقصد نكبات فلسطين والمسيرات العربية

عبد الله بن أدم
03-18-2010, 01:51 AM
الأخت زينب أنا فقط أتكلم عن أصل الفعل وهو هل للمظاهرات والإضرابات و الإعتصامات من نتيجة
أما بالنسبة للقضية الفلسطينبة فالأمر مختلف وما أخذ بالقوة لا يرد طبعا بالمظاهرات

إن هم إلا يظنون
03-18-2010, 06:33 AM
- أكثر ما يتحجج به القائلون بعدم جواز المظاهرات هو المفاسد التي قد تحدث او لا تحدث و لكن ليست المظاهرات هي الوسيلة الوحيدة فهناك الاضراب و هو اكثر فعالية من المظاهرات فلماذا لا يدعو علماؤنا إلى إضراب عام بحيث يلتزم كل إنسان بيته فلا يخرج من بيته أصلا إلا للضرورة قصوى فلا تحدث مفاسد ولا مخالفات شرعية و لا أي شيء و تستمر حتى يتخذ ولاة أمورنا قرارا فعالا فلو أن علماؤنا فعلوا هذا أثناء الهجوم السابق على غزة لفتحت المعابر و لوصل الدعم و الاسناد إلى إخواننا المحاصرين هناك و لو طبقت الان لحافظنا على المسجد الاقصى لكن المشكلة الحقيقية ليست في الناحية الفقهية الشرعية و إنما فيمن يقول كلمة الحق و يتحمل تبعتها.
فعلا, العصيان المدني في رأيي أفضل وأقوى تأثيرا من المظاهرات

الاشبيلي
03-18-2010, 04:23 PM
اعتقد والله اعلم

ان الدعاء والعودة الى الكتاب والسنة والالتزام بتعاليم الاسلام هي افضل الطرق لنغيض بها اعداء الله

طبعا هذا للضعفاء

ولكن للحكام فحسبي الله عليهم


والله اعلم

فخر الدين المناظر
01-30-2011, 02:15 AM
ننتظر رسالة الشيخ أبا عبد الله الرفاعي حفظه الله في نفس الموضوع على منتدانا المبارك

نور الدين الدمشقي
01-30-2011, 03:37 AM
يا اخوان...هل قامت هذه المظاهرات بتغيير الى الأفضل ام لا؟هل كذلك نجحت المظاهرات قبلها في تونس ام لا؟ هل ستظنون انه اذا عين نظام حكم جديد ان شاء الله في مصر سيكون اكثر عدلا ومراعاة لمطالب الشعب ام لا؟ اذا كان الجواب نعم...أليس رفع الظلم على هؤلاء العباد أكثر اولوية من المفاسد التي قد تترتب عليها بعض هذه المظاهرات؟

ريم 1400
01-30-2011, 12:00 PM
نحن نجلس تحت التكيف المركزي في هدوء وأمان 000 ثم نتكلم عن المظاهرات التي أُجبروا أهلها للخروج مما وجدوا من الظلم الفاحش الذي لا تطيق النفس البشرية تحمله 00000 انشاء الله تكون هذي المظاهرات سبب في زوال كل حاكم ظالم

وماشاء الله على الذي جلس وهو يأكل ويشرب وينام سبع ساعات :26:ثم يقول ماهذي المظاهرات وهي لا تجوز شرعا ويتمسك بأقوال علماء ربما لو كانوا على قيد الحياة

لاغيروا أرائهم لا تتكلم لا تتكلم عن المظاهرات حتى تتذوق مرارة جوع أهل غزة

ابن عبد البر الصغير
01-05-2012, 12:03 AM
وقعتُ على درر فقهية وأصولية في هذا الرابط، ما شاء الله تعالى وجزاكم عنَّا خيرا يا أبا فراس . وشيخنا أبو عبد الله الرفاعي انقطع عن الشبكة منذ سنوات شيخي الكريم . وأظن أن واقع الثورات السلمية في مصر وتونس قد ردت على كل المعترضين ههنا، فهاهي المظاهرات أسقطت طاغيتين . والحمد لله على كل حال .

والرأي الفقهي عند غالب السادة العلماء المانعين قد انقلب الآن، فسبحان الله رأي كان محجرا عليه سابقا أصبح هو المعتمد واقعا، والناس الذين انتقدوا فتاوى الإمام القرضاوي حفظه الله سابقا أصبحوا اليوم يوافقونه، فسبحان الله تعالى، كيف يظلم الناس البعض.

مالك مناع
01-05-2012, 11:23 AM
القدر ليس بحجّة على الشريعة، فما يقدّره الله لحكمة نعلمها أو لا نعلمها لا يجوز أن يكون حجّة لفعل ما حرّمه علينا عند من قال بالتحريم إنطلاقاً من النصوص وليس مجرد القياس، وقد يكون التقدير الرباني محل فرح وسعادة لكلّ مؤمن، لكن هذا التقدير الرباني لا يجوز اتخاذه حجّة على الشريعة، فتُعطّل نصوص الشريعة؛ لأنّ القدر الرباني كان موافقًا لأهواء الخارجين على الشريعة في حالة مّا .. فالله تعالى يُحمد على تقديره، والعبد يُذمّ على عدوانه ومخالفته، وإن كان الفعل محل النظر واحدًا.. ولهذا قال كثير من الفقهاء إنّ إخبار النّبيّ صلى الله عليه وسلّم ببعض الأمور المستقبلية ليس صارفًا للأمر الشّرعي إذا كان مخالفًا له؛ كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن الظعينة تخرج من الحيرة حتى تطوف بالبيت في غير جوار أحد، مع أنه نهى كما هو معلوم عن سفر المرأة من غير محرم، فإخباره عن شيء سيحدث مستقبلاً هو حديث عن قدر يقدّره الله .. وأقدار الله فيها ما حرمته الشريعة وفيها ما أباحته، ولهذا أجمع السلف على أنّ كلّ شيء بقدر، الطاعة بقدر من الله، والمعصية بقدر من الله.

والكلام فيما يحدث الآن من مظاهرات وثورات يطول، ويخطأ من يساوي بينهم فيعمم بالحلّ تارة أو بالتحريم تارة أخرى، وأنا أحترم من ينطلق في الحكم الشرعي من الأدلة الشرعية المعتبرة سواء من وافقني أو من خالفني .. يكفيني أنه انطلق من وحي مُوثّق وفهم مُسدّد له فيه سلف، ولكن أين هو ذاك الرجل ؟! فإني وجدت أغلب من يكتب في مثل هذه الأمور لا سيما من طلبة العلم الإنترنتيين (موافقاً أو مخالفاً)، يسوق هواه اعتقاده وبنانه، ويتكلف في حشو الأدلة وحشرها للانتصار لرأيه وهواه، وبعض طلاب العلم يجيب على حكم شرعي بخطاب خلا من آية أو حديث يحسبه القارئ من حماسته لجيفارا أو تروتسكي .. والله المستعان.

على أني أنبه على أمرٍ قد يغفل عنه البعض وقد ذكرته سابقاً: أنه ممّا تقرّر عند أهل العلم قاعدة: (ليس المنهيّ عنه شرعاً كالمعدوم حِسّاً)؛ بمعنى: أن إدراك الطريقة الشرعية للتعامل مع الأمور الواقعية المخالفة للشرع - عند من أداه اجتهاده إلى ذلك- أمر مطلوب شرعاً، فكونُها مخالفةً للشرع لا يلزم منه عدم التعاطي معها بما يحقق أحسن المقاصد الشرعية ضمن هذا الواقع، أو أن نتعامل معها كالمفقود غير الموجود.

فالواجب الآن توجيه الجهود إلى استثمار هذه الأوضاع المهلهلة في تحقيق أفضل المكاسب الشرعية ضمن هذا الواقع وبأسلوب شرعي، وهذا ما قصدته من وجوب التعامل مع هذا الواقع حتى لو كنت ترى حرمته لأن المنهي عنه شرعاً ليس كالمعدوم حساً، فكونه محرماً لا يمنع من التعامل معه بالطرق الشرعية. والنبي عليه الصلاة والسلام نهى عن الزواج بلا ولي كما هو معلوم، و إن كان هذا منهي عنه فإن النبي صلى الله عليه و سلم أقرّ لمن تزوجت بلا ولي بالمهر، فلم يعامل المنهي عنه شرعا كأنه معدوم بل عامله كأنه موجود.

ومصلحة الاجتماع والإئتلاف لا سيما في هذه الظروف الحساسة من أعظم المقاصد الشرعية المطلوبة، فيسوغ أن يترك الإنسان الراجح لتأليف القلوب واجتماع الكلمة خوفا من تفويت مقاصد شرعية عظيمة إذا ما تمسك بهذا الراجح وهو مأجور على تقديمه المصلحة الأهم وهي تأليف القلوب ودفع التنافر والخلاف، فيكون بهذا تاركا لما يراه حقاً لأجل التمسك بما هو آكد منه. كما ترك النبي بناء البيت على قواعد إبراهيم لكون قريش كانوا حديثي عهد بالجاهلية وخشي تنفيرهم بذلك، ورأى أن مصلحة الاجتماع والائتلاف مقدمة على مصلحة البناء على قواعد إبراهيم. وقال ابن مسعود لما أكمل الصلاة خلف عثمان وأنكر عليه فقيل له في ذلك: فقال الخلاف شر. وغير ذلك كثير.


وأنا اعلم أن مثل هذا الكلام قد يغضب الكثيرين خاصة في هذه الأيّام الّتي تسيّدت فيها العاطفة وظهرت، وخنس صوت العقل، وأصبحت موافقة الجمهور مغنمًا ومخالفته مغرمًا، لكنّ الواجب اتباع الدليل، ولو خالف أهواءنا، والأهواء في الفتنة هي الطّاغوت الأكبر، كما جاء في مصنف ابن أبي شيبة وغيره بسند صحيح عن سعيد بن جبير قال: «قال لي راهب: يا سعيد: في الفتنة يتبين لك من يعبد الله تعالى، ومن يعبد الطاغوت» وصدق رحمه الله ..

وعد الآخرة
01-05-2012, 12:43 PM
القدر ليس بحجّة على الشريعة، فما يقدّره الله لحكمة نعلمها أو لا نعلمها لا يجوز أن يكون حجّة لفعل ما حرّمه علينا عند من قال بالتحريم إنطلاقاً من النصوص وليس مجرد القياس، وقد يكون التقدير الرباني محل فرح وسعادة لكلّ مؤمن، لكن هذا التقدير الرباني لا يجوز اتخاذه حجّة على الشريعة، فتُعطّل نصوص الشريعة؛ لأنّ القدر الرباني كان موافقًا لأهواء الخارجين على الشريعة في حالة مّا .. فالله تعالى يُحمد على تقديره، والعبد يُذمّ على عدوانه ومخالفته، وإن كان الفعل محل النظر واحدًا.. ولهذا قال كثير من الفقهاء إنّ إخبار النّبيّ صلى الله عليه وسلّم ببعض الأمور المستقبلية ليس صارفًا للأمر الشّرعي إذا كان مخالفًا له؛ كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن الظعينة تخرج من الحيرة حتى تطوف بالبيت في غير جوار أحد، مع أنه نهى كما هو معلوم عن سفر المرأة من غير محرم، فإخباره عن شيء سيحدث مستقبلاً هو حديث عن قدر يقدّره الله .. وأقدار الله فيها ما حرمته الشريعة وفيها ما أباحته، ولهذا أجمع السلف على أنّ كلّ شيء بقدر، الطاعة بقدر من الله، والمعصية بقدر من الله.

والكلام فيما يحدث الآن من مظاهرات وثورات يطول، ويخطأ من يساوي بينهم فيعمم بالحلّ تارة أو بالتحريم تارة أخرى، وأنا أحترم من ينطلق في الحكم الشرعي من الأدلة الشرعية المعتبرة سواء من وافقني أو من خالفني .. يكفيني أنه انطلق من وحي مُوثّق وفهم مُسدّد له فيه سلف، ولكن أين هو ذاك الرجل ؟! فإني وجدت أغلب من يكتب في مثل هذه الأمور لا سيما من طلبة العلم الإنترنتيين (موافقاً أو مخالفاً)، يسوق هواه اعتقاده وبنانه، ويتكلف في حشو الأدلة وحشرها للانتصار لرأيه وهواه، وبعض طلاب العلم يجيب على حكم شرعي بخطاب خلا من آية أو حديث يحسبه القارئ من حماسته لجيفارا أو تروتسكي .. والله المستعان.

على أني أنبه على أمرٍ قد يغفل عنه البعض وقد ذكرته سابقاً: أنه ممّا تقرّر عند أهل العلم قاعدة: (ليس المنهيّ عنه شرعاً كالمعدوم حِسّاً)؛ بمعنى: أن إدراك الطريقة الشرعية للتعامل مع الأمور الواقعية المخالفة للشرع - عند من أداه اجتهاده إلى ذلك- أمر مطلوب شرعاً، فكونُها مخالفةً للشرع لا يلزم منه عدم التعاطي معها بما يحقق أحسن المقاصد الشرعية ضمن هذا الواقع، أو أن نتعامل معها كالمفقود غير الموجود.

فالواجب الآن توجيه الجهود إلى استثمار هذه الأوضاع المهلهلة في تحقيق أفضل المكاسب الشرعية ضمن هذا الواقع وبأسلوب شرعي، وهذا ما قصدته من وجوب التعامل مع هذا الواقع حتى لو كنت ترى حرمته لأن المنهي عنه شرعاً ليس كالمعدوم حساً، فكونه محرماً لا يمنع من التعامل معه بالطرق الشرعية. والنبي عليه الصلاة والسلام نهى عن الزواج بلا ولي كما هو معلوم، و إن كان هذا منهي عنه فإن النبي صلى الله عليه و سلم أقرّ لمن تزوجت بلا ولي بالمهر، فلم يعامل المنهي عنه شرعا كأنه معدوم بل عامله كأنه موجود.

ومصلحة الاجتماع والإئتلاف لا سيما في هذه الظروف الحساسة من أعظم المقاصد الشرعية المطلوبة، فيسوغ أن يترك الإنسان الراجح لتأليف القلوب واجتماع الكلمة خوفا من تفويت مقاصد شرعية عظيمة إذا ما تمسك بهذا الراجح وهو مأجور على تقديمه المصلحة الأهم وهي تأليف القلوب ودفع التنافر والخلاف، فيكون بهذا تاركا لما يراه حقاً لأجل التمسك بما هو آكد منه. كما ترك النبي بناء البيت على قواعد إبراهيم لكون قريش كانوا حديثي عهد بالجاهلية وخشي تنفيرهم بذلك، ورأى أن مصلحة الاجتماع والائتلاف مقدمة على مصلحة البناء على قواعد إبراهيم. وقال ابن مسعود لما أكمل الصلاة خلف عثمان وأنكر عليه فقيل له في ذلك: فقال الخلاف شر. وغير ذلك كثير.


وأنا اعلم أن مثل هذا الكلام قد يغضب الكثيرين خاصة في هذه الأيّام الّتي تسيّدت فيها العاطفة وظهرت، وخنس صوت العقل، وأصبحت موافقة الجمهور مغنمًا ومخالفته مغرمًا، لكنّ الواجب اتباع الدليل، ولو خالف أهواءنا، والأهواء في الفتنة هي الطّاغوت الأكبر، كما جاء في مصنف ابن أبي شيبة وغيره بسند صحيح عن سعيد بن جبير قال: «قال لي راهب: يا سعيد: في الفتنة يتبين لك من يعبد الله تعالى، ومن يعبد الطاغوت» وصدق رحمه الله ..


بارك الله فيك أستاذنا الفاضل مالك مناع وزادك علما وحكمة ونفع بك الاسلام والمسلمين

ابو ذر الغفارى
01-05-2012, 01:46 PM
بارك الله فيك أستاذ مالك مناع فمل أراك الا مصيبا للحق فى حكم المسألة وفى فقه التعامل مع الواقع والله أعلى واعلم ومما يحزننى ان يتبنى النتدى راى فى هذه المسألة التى تثير الخلاف بين المسلمين فيعرض لأصحابه ...
فاما أن يعرض لأصحاب الرأيين أو يمنع الرأيين
لأن الأمر يثير النفس عندما أقرأ كلمة أن المانعين من تلك المظاهرات لم يقدموا دليل شرعى على هذا وانما هو هوى فالأدلة قدمت والذين ننسبهم للهوى هو أعلام هذه الأمة فلا أرى هذا لائق بمثل هذا المنتدى المبارك الذى احبه ويعلم الله هذا
والله المستعان

ابن عبد البر الصغير
01-05-2012, 05:50 PM
ومن تحدث عن القدر أيها الكريم ؟

إنما نقول أن أغلب علماء مصر أباحوا الخروج على مبارك، وأقروه بجواز المظاهرات - غالبهم - ، وما تقوله مما لا يخفى علينا غير أن فيه نظر حين الإسقاط. وعموما لو تتبعتَ مداخلاتي على الخاص ستجد طرفا من ذلك فقهيا ، ومسألة الإنكار على المخالف الفقهي ليست على إطلاقها بل لها تحريرات ولوازم وفرعيات.

ومن أراد مناقشة الكلام الصادر عن بعض اهل العلم فليناقشه فقهيا وأصوليا في رابط آخر أو على الخاص. فالمقالات بها تأصيلات بديعة والناس تتمادح، فالأخ مالك حفظه الله لم يرد على شيء مما جاء اعلاه فاطمئنوا.


وأنا أحترم من ينطلق في الحكم الشرعي من الأدلة الشرعية المعتبرة سواء من وافقني أو من خالفني .. يكفيني أنه انطلق من وحي مُوثّق وفهم مُسدّد له فيه سلف، ولكن أين هو ذاك الرجل

هم أمامك اعلاه من أصحاب التأصيلات .

ابو ذر الغفارى
01-05-2012, 09:12 PM
أضع للاخوانى وأحبابى هنا من المخالفين والموافقين هاتين الرسالتين للشيخ بندر العتيبى وفيهما بيان لحكم الخروج على الحاكم وحكم من حكم بغير ما انزل الله بالأدلة الشرعية وذكر اقوال الشيخ بن باز وبن عثيمين والألبانى والله الموفق

ـ أولاً: الكتاب بصيغة أكروبات (pdf)ـ

http://www.archive.org/download/Al7okm/Alhokm_vol2.pdf
أو
http://www.archive.org/download/Al7o...okm_v2_PDF.pdf


ـ ثانيًا: الكتاب بصيغة وورد (doc)ـ

http://www.archive.org/download/Al7okm/Alhokm_vol2.doc
أو
http://www.archive.org/download/Al7o...v2_Doc.pdf.doc

ـ أولاً: الكتاب بصيغة أكروبات (pdf)ـ
http://www.bn-dr.com/ktb/wja/01_wja_(pdf).zip


ـ ثانيًا: الكتاب بصيغة وورد (doc)ـ
http://www.bn-dr.com/ktb/wja/02_wja_(word_kh toot).zip

متروي
01-05-2012, 09:27 PM
يا أخ أحمد هذا الموضوع فيه أدلة كثيرة على جواز المظاهرات فإن كانت لك حجج فناقشها أما الإحالة إلى كتب فلان و فلان فلا يبين الحق ولا يجلي الأمر فتستطيع بإطلاعك على تلك الكتب أن ترد على القائلين بالجواز مع أن الأصل في الأشياء الإباحة و المظاهرات ليس فيها نص شرعي .

أبو عثمان
01-05-2012, 09:31 PM
كلام الشيخ مالك كلام طيّب بارك الله فيه
ومخالفة الاخوة مثل شيخنا ابن عبدالبر خلاف الكبار يُحترم ويُقدّر .

ابو ذر الغفارى
01-05-2012, 10:40 PM
يا أخ أحمد هذا الموضوع فيه أدلة كثيرة على جواز المظاهرات فإن كانت لك حجج فناقشها أما الإحالة إلى كتب فلان و فلان فلا يبين الحق ولا يجلي الأمر فتستطيع بإطلاعك على تلك الكتب أن ترد على القائلين بالجواز مع أن الأصل في الأشياء الإباحة و المظاهرات ليس فيها نص شرعي .

أخى الحبيب مترى أنا أحيل الى الكتابين لأنهما صغيرين يمكن الاطلاع عليهما بسهولة
والمشكلة تتلخص فى نقتطين
الأولى :ما هو دليل القائل بجواز الخروج على الحاكم المسلم مع وجود نص صحيح صريح للنبى صلى الله عليه وسلم يمنع فيه الخروج الا فى حالة واحدة وهى (الا أن تروا كفرا بواحا )
الثانية : ما هو الدليل أن من حكم بغير ما أنزل الله يحكم عليه بالكفر الأكبر لمجرد الفعل نفسه بغير اشتراط استحلال هذا الأمر
اليست كل معصية حكم بغير ما أنزل الله ؟؟؟؟
أليس مذهب أهل السنة عدم التكفير بفعل الكبيرة حتى مع الاصرار عليها ما لم يستحلها الفاعل
أليس الاستحلال أمر قلبى لا يمكننا الحكم به الا بتصريح الفاعل بذلك ؟؟؟

ابن عبد البر الصغير
01-05-2012, 10:55 PM
صدرنا رحب بالخلاف، والتدارس الفقهي يكون على الخاص إن شاء الله، غير أني لا أحب أن نكون غير منصفين لخلاف السادة العلماء، الروابط زاخرة بالأدلة الشرعية والاستدلالات الفقهية والأصولية ويأتي من يزعم بأن رأي الجمهور لا يتقيد بالكتاب والسنة ولا دليل عليه وأين هو ذلك الرجل !! بل ما نقله شيخنا أعلاه هو مجرد غيض من فيض، وإلا فهناك بحوث وكتب سواء عند السلف أو الخلف أقوى حجة وأعظم بيانا.

فلماذا الانتقاص من رأي فقهي زاخر له شواهد من الكتاب والسنة وأقوال السلف والسادة العلماء، والادعاء بأنه اتباع الهوى وغير ذلك من الأغلاط ؟كان يكفي المخالف إن لم يحبب التدارس الفقهي أن يقول هناك خلاف في المسألة ونحترم من يقول بخلاف كلامنا والأمر فيه سعة، والسلام .

ثم أحد الإخوة يأتي بروابط تقول برأي آخر، متجاهلا ان التأصيلات أعلاه ناقشت تلك الأدلة المخالفة فما الغاية من التكرار ؟ ويدل هذا على أن بعض الناس لا تقرأ وتمر مرور الكرام فوق العناوين لا أقل ولا أكثر .

فمتى سنصل إلى مرحلة التأدب بآداب الخلاف دون تشنجات ؟ أم فقط نريد قفل الرابط حتى يُقبر ؟

أبو عثمان
01-05-2012, 11:21 PM
الشيخ الحبيب ابن عبدالبر
لم ار اي تشنجات والكل مؤدب ممن شارك , فيما رأيت
الا ان كانت عينك وقعت على ما لم تقع عيني , وارجو ان لا يكون التثريب لأجل المخافة لا لأجل عدم التأدب .

متروي
01-06-2012, 12:06 AM
فهذا بحث حول جواز المظاهرات للشيخ أبي المنذر الشنقيطي
قمت بتلخيصه و إختصاره
فعلى من يخالف رأيه أن يرد بالدليل من الكتاب و السنة
أدلة الجواز

الدليل الأول: قاعدة "الأصل في الأشياء الإباحة"
المظاهرات لم يرد في الشرع ما يقتضي منعها والأصل فيها الإباحة حتى يرد مانع، وهي باقية على الأصل في المشروعية والإباحة ومن زعم الحرمة فعليه الدليل ولا يستثنى من هذه القاعدة إلا العبادات.
قال تعالى في كتابه : { وَقَدْ فَصلَّ لكُمْ ما حَرَّم عليْكُم }
الدليل الثاني: أن المظاهرات مركبة من أمرين مباحين
المظاهرات ليست إلا عبارة عن اجتماع الناس من أجل مطالبة الإمام بحق مشروع أو الشكوى من ظلم موضوع .
والقائلون بمنع المظاهرات إما أن يقولوا بأن مطالبة الإمام بالحقوق ورفع المظالم أمر غير مشروع .
وإما أن يقولوا بأن اجتماع الناس وتجمهرهم غير مشروع

الدليل الثالث: أن المظاهرات وسيلة لمقصد مشروع
النصوص الشرعية دالة على مشروعية دفع الظلم وما كان معينا على ذلك من الوسائل فهو محمود.
فينبغي الحرص على رفع الظلم بكل وسيلة لم يرد نص بتحريمها .
ولهذا أثنى النبي صلى لله عليه وسلم على حلف الفضول لأن فيه رفعا للظلم وإعانة للمظلومين .


الرد على شبهات المخالفين
الشبهة الأولى :
قولهم : التظاهر بدعة ومخالف لمنهج السلف حيث لم يؤثر أنهم تظاهروا .
وهم بهذا الكلام يحاولون تصوير التظاهر ضد هؤلاء الحكام بأنه من أعمال البدع والمحدثات، والرد على هذا الكلام من عدة وجوه :
1- قد حدثت صورة من التظاهر في زمن النبي صلى الله وأدّت مفعولها ولم ينكرها النبي صلى الله عليه وسلم :
عن إياس بن عبد الله بن أبي ذباب - رضي الله عنه - : قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : «لا تضربوا إماء الله، فجاء عمر إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال : ذئرن النساء على أزواجهن، فرخص في ضربهن، فأطاف بآل رسول الله نساء كثير يشكون أزواجهن، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : لقد طاف بآل محمد نساء كثير يشكون أزواجهن ليس أولئك بخياركم». أخرجه أبو داود.
2- أن مجرد ترك النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والسلف لفعل لا يعني ذلك بالضرورة أنه محرم أو أنه بدعة ما لم يقم على ذلك دليل .
لأنه قد يكون مباحا ولا يفعلونه لعدم وجود الباعث على فعله .
وقد يكون مباحا ويوجد الباعث على فعله ولا يفعلونه لعجزهم عن فعله أو لأن الظروف لم تتهيأ لفعله .
3- أنه في مجال البدعة ومخالفة السلف ينبغي التفريق بين أمرين :
البدعة في مجال الأمور التعبدية والبدعة في مجال الأمور الدنيوية ..
فالأمور التعبدية مبنية على التوقف فلا يجوز العمل بشيء حتى يثبت له دليل .
والأمور الدنيوية او العادية مبنية على الإباحة فلا تمنع حتى يرد الدليل على المنع .
وقد عرف الشاطبي البدعة بأنها :
"طريقة في الدين مخترعة، تضاهي الطريقة الشرعية، يقصد بالسلوك عليها ما يقصد بالطريقة الشرعية"." [الاعتصام" (1/51)].
4- العلماء عندما تحدثوا عن الأدلة الشرعية حصروها في أربعة أشياء :
1- الكتاب
2- السنة
3- الإجماع
4- القياس .
ولم يذكروا أن عمل السلف وقولهم يعتبر دليلا مستقلا، بل إنه يعتبر مفسرا للأدلة الشرعية وذلك يقتضي أمرين :
الأول : أن نفهم النصوص الشرعية وفق فهمهم ولا نخالفهم في تأويلها .
الثاني : ألا نترك ما أجمعوا على وجوبه ولا نفعل ما أجمعوا على حرمته ونبحث عن الراجح في ما اختلفوا فيه .
وليس تركهم للشيء دليلا على أنه ممنوع إلا في العبادات لأنها مبنية على التوقيف والأتباع ممنوعة من الإحداث والإبتداع .

الشبهة الثانية :
قالوا :وإذا كان الأمير الذي يضرب الظهر ويأخذ المال يجب السمع والطاعة له فمعنى ذلك أنه يحرم التظاهر ضده .
و الرد عليها من وجوه :
1- أن لفظة : (تسمع وتطيع للأمير، وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع) لم ترد إلا من طريق مرسل.
2- على فرض صحة هذه اللفظة "تسمع وتطيع للأمير، وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك"
فهي في حق الإمام الشرعي الذي استجمع شروط الإمامة وثبتت له .
3- على فرض صحة هذا اللفظ : "تسمع وتطيع للأمير، وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك " فالمقصود منه النهي عن الخروج بالسلاح على الإمام الشرعي بسبب ظلمه وجوره .
4- وأيضا ليس معنى رواية "تسمع وتطيع للأمير، وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك " ترك الإنكار على الحاكم
روى مسلم عن عبد الله بن مسعود :
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل).
عن قيس بن أبي حازم عن أبي بكر الصديق أنه قال :
أيها الناس إنكم تقرءون هذه الآية :{ يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم }وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه) رواه ابو داود والترمذي .
الشبهة الثالثة :
قال المانعون للمظاهرات : التظاهر يعتبر خروجا على الحكام وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الخروج عليهم .
والرد على هذا الكلام من عدة وجوه :
1-أن الخروج على الحاكم له في الشرع صورة واحدة وهي حمل السلاح عليه وقتاله من أجل إسقاطه وانتزاع الحكم منه و ليس منه التظاهر عليه سلميا ومن حق الأمة عزل الحاكم إذا ظهر فيه انعدام الأهلية .
2- أن هؤلاء الحكام لا يعتبرون من الناحية الشرعية أئمة حتى يكون الخروج عليهم ممنوعا ولهذا قال عليه الصلاة والسلام : (إن أمر عليكم عبد أسود مجدع يقودكم بكتاب الله فاسمعوا له وأطيعوا) فقيد وجوب طاعته بكونه يقود بكتاب الله وهذا القيد المذكور ورد في روايات: مسلم وأحمد وأبي عوانة والنسائي وابن حبان والطبراني في المعجم الأوسط .
فقد روى الإمام البخاري في صحيحه عن معاوية : قال :سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحد إلا كبه الله على وجهه ما أقاموا الدين .
وإذا كانت حرمة الخروج مشروطة بإقامة الدين بالنسبة لأئمة قريش الذين هم أشرف الأئمة فمن دونهم أولى
وقد نص على هذه المسالة الجويني في غياث الأمم فقال متحدثا عن الخروج على السلطان :
(فأما إذا تواصل منه العصيان وفشا منه العدوان وظهر الفساد وزال السداد وتعطلت الحقوق والحدود وارتفعت الصيانة ووضحت الخيانة واستجرأ الظلمة ولم يجد المظلوم منتصفا ممن ظلمه وتداعى الخلل والخطل إلى عظائم الأمور وتعطل الثغور فلا بد من استدراك هذا الأمر المتفاقم على ما سنقرر القول فيه على الفاهم إن شاء الله عز وجل وذلك أن الإمامة إنما تعني لنقيض هذه الحالة فإذا أفضى الأمر إلى خلاف ما تقتضيه الزعامة والإيالة فيجب استدراكه لا محالة وترك الناس سدى ملتطمين مقتحمين لا جامع لهم على الحق والباطل أجدى عليهم من تقريرهم اتباع من هو عون الظالمين وملاذ الغاشين وموئل الهاجمين ومعتصم المارقين الناجمين) [غياث الأمم - (1 / 80)].
وقال ابن الوزير :
(منع الخروج على الظّلمة استثنى من ذلك من فحش ظلمه، وعظمت المفسدة بولايته، مثل: يزيد بن معاوية، والحجّاج بن يوسف ) [الروض الباسم لابن الوزير - (1 / 51)].

الشبهة الرابعة :
قام البعض ممن يحاول جاهدا تصوير المظاهرات على أنها من الأفعال المحرمة بجمع بعض الأمور التي اعتبرها مفاسد للمظاهرات فذكر منها :
1- أن القول بمشروعية المظاهرات يفتح الباب أمام أهل الباطل وأهل البدع لكي يطالبوا بما يريدون .
2- أنها تضييع الأوقات والأموال
3- أنها سبب لبعض المخالفات الشرعية مثل الاختلاط وترك الصلاة
4-أن فيها إثارة الفوضى في الشارع والعبث بالممتلكات
5- أن فيها تعطيل الانتاج ومصالح البلاد بسبب الإضراب عن العمل
6- أنها سبب لزعزعة أمن البلاد نتيجة لهذا التصارع والفوضى
7- أنها سبب لتعطيل مصالح الناس بإغلاق المحلات وتعطيل السير
8- أن المظاهرات سبب للشر والفتنة والتعدي على الآخرين ويندس فيها مثيروا الشغب
9- أنها ترك للسنة وإحياء للبدعة لأن الناس ينشغلون بها ويتركون الوسائل الشرعية .

و الجواب عليها :
أولا :
ينبغي للقائلين بتحريم المظاهرات أن يحددوا أولا طبيعة حرمتها :
هل هي محرمة بذاتها بغض النظر عما يترتب عليها من مصالح أو مفاسد ؟
أم أن حرمتها ليست إلا بسبب ما يترتب عليها من مفاسد؟
فإذا كانت محرمة لذاتها فينبغي أن يبينوا لنا الأدلة الدالة على ذلك .
وإذا كانت محرمة لما يترتب عليها من مفاسد فليعترفوا بإباحتها في الأصل ..وليقروا بإباحة كل مظاهرة تخلوا من تلك المفاسد .
ثانيا:
أن هذه المفاسد التي قالوا بأنها تقتضي حرمة المظاهرات قد تكون كذلك لو أن الهدف من المظاهرات هو المطالبة بتوفير "علب الشوكلاطه" وتوسيع "ساحات المنتزهات" ..
أما وأن الأمر يتعلق بقضايا الامة الخطيرة الديني منها والدنيوي مثل موالاة الكفار والإعانة على قتل المسلمين
ومثل إعانتهم على احتلال بلاد المسلمين ومثل ظلم عباد الله وتجويعهم وسومهم سوء العذاب وتمكين الكفار من ثروات المسلمين و تعطيل حكم الله
فإن هذه المفاسد الكلية المحققة الخطيرة على الدين والدنيا التي يتحرك المتظاهرون اليوم من أجل رفعها لا يمكن أن تقارن بهذه المفاسد المظنونة الصغيرة التي ذكر المانعون .

ابو ذر الغفارى
01-06-2012, 01:31 AM
قبل أى شيء أنا احب أخوانى هنا فى هذا المنتدى من المرابطين فى سبيل الله نحسبهم كذلك ولا نزكى على الله احد والغرض عندى وعندكم كما اظن ان شاء الله الوصول لما يرضى الله تعالى واتباع الدليل من غير تعصب لرأى احد كما امرنا الله عند التنازع أن نرد الأمر لله ورسوله فى الكتاب والسنة

- أن لفظة : (تسمع وتطيع للأمير، وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع) لم ترد إلا من طريق مرسل.[/center][/QUOTE
اذا كان هذا الحديث فيه خلاف فعندك باب الامارة كله فى صحيح مسلم
[QUOTE=متروي;268122- على فرض صحة هذه اللفظة "تسمع وتطيع للأمير، وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك" فهي في حق الإمام الشرعي الذي استجمع شروط الإمامة وثبتت له [/center]
اين الدليل على هذا التقيد .
3
- على فرض صحة هذا اللفظ : "تسمع وتطيع للأمير، وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك " فالمقصود منه النهي عن الخروج بالسلاح على الإمام الشرعي بسبب ظلمه وجوره .[/center]
أين الدليل على التقيد بالسلاح هل لأن الصحابة قالوا أفلا ننابذهم بالسيوف يكون الأمر موقوف على السيوف ؟؟ بهذا المبدء الذين ياكلون الربا ضعف واحدا لا شيء عليهم لأن الله نهى عن أكل الربا اضعافا مضاعفة فهذا اللفظ خرج على مقتضى الغالب ثم النبى نهى نهى عام مقيد بالكفر ولم يقيد شيء من الوسائل بحرمة ولا اباحة
4
- وأيضا ليس معنى رواية "تسمع وتطيع للأمير، وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك " ترك الإنكار على الحاكم روى مسلم عن عبد الله بن مسعود : (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل). عن قيس بن أبي حازم عن أبي بكر الصديق أنه قال : أيها الناس إنكم تقرءون هذه الآية :{ يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم }وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه) رواه ابو داود والترمذي .[/center]
كل هذا عام لا يقيد الخاص الذى هو ظلم الحاكم

[color="#0000ff"]الشبهة الثالثة : قال المانعون للمظاهرات : التظاهر يعتبر خروجا على الحكام وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الخروج عليهم . والرد على هذا الكلام من عدة وجوه : 1-أن الخروج على الحاكم له في الشرع صورة واحدة وهي حمل السلاح عليه وقتاله من أجل إسقاطه وانتزاع الحكم منه و ليس منه التظاهر عليه سلميا ومن حق الأمة عزل الحاكم إذا ظهر فيه انعدام الأهلية .[/center]
هذا حكم شرعى فأين الدليل عليه ؟؟؟ وما المقصود بانعدام الأهلية هل هو الجنون مثلا أم الكفر أم الظلم ؟؟

2- أن هؤلاء الحكام لا يعتبرون من الناحية الشرعية أئمة حتى يكون الخروج عليهم ممنوعا[/center]
هذا أيضا حكم فأين الدليل من الشرع على أن الحاكم هو الرجل الصالح فأن فسد سقطت ولايته ولم يعد حاكما شرعيا وقد كان الامام أحمد بن حنبل ينادى المأنون بأمير المؤمنين فى الوقت الذى كان يأمر فيه المأمون بتعليم الأطفال فى الكتاتيب أ، القرآن مخلوق


ولهذا قال عليه الصلاة والسلام : (إن أمر عليكم عبد أسود مجدع يقودكم بكتاب الله فاسمعوا له وأطيعوا) فقيد وجوب طاعته بكونه يقود بكتاب الله وهذا القيد المذكور ورد في روايات: مسلم وأحمد وأبي عوانة والنسائي وابن حبان والطبراني في المعجم الأوسط .[/center]

نعم معنى الحديث أنه لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق فان أمر الحاكم بمعصية وبغير ما فى كتاب الله فلا طاعة له فى ذلك لكن سقوط ولايته هذا حكم لايفيده هذا الحديث


فقد روى الإمام البخاري في صحيحه عن معاوية : قال :سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحد إلا كبه الله على وجهه ما أقاموا الدين . وإذا كانت حرمة الخروج مشروطة بإقامة الدين بالنسبة لأئمة قريش الذين هم أشرف الأئمة فمن دونهم أولى [/center]

نقبل هذا الاستنباط من صاحبه جزاه الله خيرا على اجتهاده ونرد النص الصحيح الذى حدد فيه أفصح الخلق وأنصحهم صلى الله عليه وسلم حدد فيه شرط الخروج بالكفر البواح فقط؟؟


وقد نص على هذه المسالة الجويني في غياث الأمم فقال متحدثا عن الخروج على السلطان : (فأما إذا تواصل منه العصيان وفشا منه العدوان وظهر الفساد وزال السداد وتعطلت الحقوق والحدود وارتفعت الصيانة ووضحت الخيانة واستجرأ الظلمة ولم يجد المظلوم منتصفا ممن ظلمه وتداعى الخلل والخطل إلى عظائم الأمور وتعطل الثغور فلا بد من استدراك هذا الأمر المتفاقم على ما سنقرر القول فيه على الفاهم إن شاء الله عز وجل وذلك أن الإمامة إنما تعني لنقيض هذه الحالة فإذا أفضى الأمر إلى خلاف ما تقتضيه الزعامة والإيالة فيجب استدراكه لا محالة وترك الناس سدى ملتطمين مقتحمين لا جامع لهم على الحق والباطل أجدى عليهم من تقريرهم اتباع من هو عون الظالمين وملاذ الغاشين وموئل الهاجمين ومعتصم المارقين الناجمين) [غياث الأمم - (1 / 80)]. وقال ابن الوزير : (منع الخروج على الظّلمة استثنى من ذلك من فحش ظلمه، وعظمت المفسدة بولايته، مثل: يزيد بن معاوية، والحجّاج بن يوسف ) [الروض الباسم لابن الوزير - (1 / 51)]. [/center]
مع احترامى الكامل لكن نحن مأمورون فى التنازع الى الرد الى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وعموم علماء أهل السنة على خلاف هذا الرأى المذكور عن الجوينى وبن الوزير

horisonsen
01-06-2012, 01:40 AM
رد على متروي في موضوع سابق قام فيه بتضعيف حديث نبوي بادئ الرأي وقد صححه الأئمة وعمل به الخلف والسلف ألا وهو حديث (( من كان له نصيحة لذي سلطان فلا يبدها علانية ))

من بركة العلم أن تنسبه إلى أهله فإن كان الكلام من كيسك فنعم الكيس هو، وإن كان من كيس آخر فلا تتشبع بما لم تعط كلابس ثوبي زور!!! ومن العلماء الكثيرين الذين دخلوا على السلطان للنصيحة من لدن الشافعي وأبي يوسف القاضي إلى ابن تيمية إلى ابن باز وغيرهم فلعلك تقاطعهم وتقاطع كتبهم يا أيها المجمل المعمم!!!
وأراك قد استهويت التخريج على طريقة عبد المنعم سليم والجديع وغيرهما ممن هو على طريقة متأخرة المتأخرين الذين ما فهموا كلام المتقدمين والذي نقله إلينا المتأخرون كابن الصلاح وابن تيمية وابن القيم وابن حجر وغيرهم من المتأخرين.
ثم إنكم وضعتم حدا بين المتقدمين والمتأخرين لم يعلم به لا المتقدمون ولا المتأخرون، وقلتم أن آخر المتقدمين هو ابن عدي أو العقيلي أو كذا.
ثم إن كلام المتقدمين (على زعمكم) قليل في التصحيح والتضعيف بسبب كثرة أهل العلم فيهم فيوردون الحديث بإسناده ويتركون الحكم للقارئ اللبيب فحرمتم أنفسكم من الإستفادة من كلام المتأخرين (الناقلين لكلام المتقدمين الذي تدعون إليه، والراوي أعلم بمرويه كما يقال) في الحديث من ابن الصلاح وابن تيمية ونزولا إلى الألباني وابن باز وغيرهم.
ثم إن كان الحديث ضعيفا لم تنبس ببنت شفة عن النقولات عن السلف في العمل بمقتضاه وأنه الموافق للعقل والقياس في درء الفتن وكذلك موافق لنصوص أخرى نوردها هنا، فما عمل به السلف هو منهجنا، واتهامي بأنني أرمي من رماه السلف بالغوغائية لا يجدي نفعا في النقد، فإن قال بكلامي من السلف من قال نسبت إليهم ولا ينسب الكلام إلي، وحتى المقالة فلم أكتبها وإنما كتبها الدكتور عبد الحق التركماني العراقي من تلاميذ حمدي السلفي رحمه الله، ولم أورد اسمه في الأصل لأنني أحلت على موقعه وهو المراد عادة عند الإحالة إلى هنالك لمن استقرأ مقالاتي في منتدى التوحيد.\
ولا إخالك بعد أن تنتهي من قراءة هذه السطور إلا أن تستعين بصديق!! فيتبين بهذا من كيس من قمت وقعدت؟؟ فأحدثت جلبة تعكر على المقالة هدفها التربوي.
ورد في كتاب "معاملة الحكام في ضوء الكتاب والسنة" لعبد السلام برجس رحمه الله

الدليل الثاني :
أخرج البخاري في (( صحيحه )) ( ) ، كتاب الإيمان وكتاب الزكاة ،ومسلم في (( صحيحه )) ( ) ، كتاب الإيمان وكتاب الزكاة عن سعد بن أبي وقاص – رضي الله عنه -، قال :
أعطي رسول الله  رهطاً – وأنا جالس فيهم -، قال : فترك رسول الله  منهم رجلاً لم يعطه، وهو أعجبهم إلي، فقمت إلي رسول الله  فساررته، فقلت : يا رسول الله !ما لك عن فلان ؟ والله إني لأراه مؤمناً، قال : (( أو مسلماً ... )) وفيه قال  :
(( إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه وخشية أن يكب في النار على وجهه )).
قال النووي – رحمه الله - :
(( فيه التأدب مع الكبار، وأنهم يسارون بما كان من باب التذكير لهم والتنبيه ونحوه، ولا يجاهرون فقد يكون في المجاهرة به مفسدة )) ا هـ ( )
الدليل الثالث :
أخرج الترمذي في (( سننه )) ( ) - أبواب الفتن -، قال :
حدثنا بندار : حدثنا أبو داود : حدثنا حميد بن مهران، عن سعد بن أوس، عن زياد بن كسيب العدوى، قال :
كنت مع أبي بكرة تحت منبر ابن عامر – وهو يخطب وعليه ثياب رقاق -، فقال أبو بلال ( ) :
انظر إلي أميرنا يلبس ثياب الفساق !
فقال أبو بكرة : اسكت، سمعت رسول الله  يقول :
(( من أهان سلطان الله في الأرض أهانه الله )).
قال الترمذي : (( حسن غريب )) ا هـ.
وأخرجه الإمام أحمد في المسند ( ) من الطريق نفسه دون ذكر القصة ولفظه : (( من أكرم سلطان الله – تبارك وتعالي – في الدنيا، أكرمه الله يوم القيامة، ومن أهان سلطان الله – تبارك وتعالي – في الدنيا، أهانه الله يوم القيامة ))
وهناك أدلة أخرى نوردها فيما بعد خشية الإطالة.

على كل نحن نسأل فضيلتكم من ذا الذي ضعّف هذا الحديث وغيره من الأحاديث -التي تقض مضجعكم- من أهل العلم بالحديث، فإن المحدثين نادرين كالكبريت الأحمر بين الفقهاء والمفسرين، ولقد علم القاصي والداني أن المحدث لا يبلغ مرتبته تلك إلا بعد أن أحاط بالأحاديث النبوية دراية ورواية حتى يبلغ مرتبة الاجتهاد فيها، وهذا قليل جدا، ولهذا لا يكفي في الحديث النظر في مجرد اسناده فقد يكون شاذا أو يعتضد بغيره، وقد بلغ لهذه الرتية علماء أجلاء من المتقدمين والمتأخرين فكانوا كالصيارفة الذين يعلمون مرتبة الحديث وأنه من مشكاة النبوة أم لا بأمارات تخفى على كثير من المتعالمين، والله لن يحرم الأمة هذا الخير في حفظ سنة نبيها.
فنقلنا لك تصحيح الألباني وغيره للحديث، فإن كنت تقول لا أقبل، فلكي تقنعنا لا يكفي مجرد طعنك في الإسناد وتجرؤك على الحكم عليه، فهذا لا يتم من الأغمار والمجهولين لإقناع الأمة، ولا يحمل هذا العلم إلا من كل جيل عدوله، فبيّن لنا عن اسم المضعف للحديث لنرى سيرته بين الناس. فإن كنت أنت المضعف نقول لا نقبل تضعيف مجهول العين والحال، وأعرب لنا عن اسمك فنعرفك هل أنت من الأعلام أم من الصغار.
وأما من أراد النظر في سيرة من نقلتُ التصحيح عنهم وإقرارهم لذلك كالألباني وعبدالسلام برجس وعبد الحق التركماني. فلينظر من جهلهم سيرهم يجدها عطرة ويسيرة المنال. فهذا العلم دين ولينظر أحدكم عمن يأخذ دينه.

مالك مناع
01-06-2012, 02:27 AM
حنانيك يا ابن عبد البر ..فقد أسأت التأمل في كلامي فحملته ما لا يحتمل .. وتكلفت في رده بسوء ظن لا يليق بمثلك أيها الفاضل، وأسرعت فيما ينبغي فيه التريث والتؤدة من التطاول على عرض أخيك، وأنا والله يا أخي لا أحب لك أن تقوم هذا المقام، فكلامي الذي عبته عليّ إنما كان فيمن يتكلم من طلبة العلم "فيما يحدث الآن من مظاهرات وثورات" لا سيما الانترنتيين منهم، وهؤلاء الأفاضل الذين تعنيهم قطعاً ليسوا مشمولين فيهم لأن كلامهم سابق عن الأحداث الحالية: وهذا واضح من صدر الفقرة:


والكلام فيما يحدث الآن من مظاهرات وثورات يطول، ويخطأ من يساوي بينهم فيعمم بالحلّ تارة أو بالتحريم تارة أخرى، وأنا أحترم من ينطلق في الحكم الشرعي من الأدلة الشرعية المعتبرة سواء من وافقني أو من خالفني .. يكفيني أنه انطلق من وحي مُوثّق وفهم مُسدّد له فيه سلف، ولكن أين هو ذاك الرجل ؟! فإني وجدت أغلب من يكتب في مثل هذه الأمور لا سيما من طلبة العلم الإنترنتيين (موافقاً أو مخالفاً)، يسوق هواه اعتقاده وبنانه، ويتكلف في حشو الأدلة وحشرها للانتصار لرأيه وهواه، وبعض طلاب العلم يجيب على حكم شرعي بخطاب خلا من آية أو حديث يحسبه القارئ من حماسته لجيفارا أو تروتسكي .. والله المستعان.

فهذه الأمور التي أقصدها تُفهم من سياق الكلام وسباقه، وانتقادي لهذه الزمرة من طلبة العلم كان لطريقتهم في الاستدلال بغض النظر عن ما ترجح لديهم في هذه المسألة بدليل أني شملت الموافقين والمخالفين في النقد، فلا أدري لم حصرت الكلام في المخالفين فقط ؟

لا أريد أن أزيد على هذا التوضيح وإن كان في كلامك ما يحتمل الزيادة (كقولك أن جواز المظاهرات هو قول الجمهور! وهذه دعوى لا تصمد عند التحقيق) مخافة أن ندخل في الجدل المذموم، فالكلام في هذه المسائل قلما يخلو من الهوى ومن إثارة للخصومات بين الإخوة، وما سبق أظنه كافياً لدفع ما توهمته من تنقصي في حق أحد بعينه، وأظنه كافياً كذلك لرد كل ما بنيته من اتهامات وإساءة الظن بأخيك ..

ابن عبد البر الصغير
01-06-2012, 02:58 AM
والكلام فيما يحدث الآن من مظاهرات وثورات يطول،

استنتجتُ من كلامك أن الآنية معناها هنا المظاهرات والثورات المعاصرة بما في ذلك ثورة مصر وتونس وغيرها، لا سيما مشاركاتك الأولى التي تنبئ عن اعتراضك. ومسألة أن جواز المظاهرات هو مذهب جمهور المعاصرين فهذا مما لا ينكره الملاحظ، والجمهور نعني به الكثرة .

وحضرتك علّقتَ على رابط أصله فتاوى بعض العلماء، فإتيانك على النقطة هنا لا سيما حين جمعك بكلمة " أغلب الكتبة لا سيما طلبة العلم" فقلتَ بعموم وخصوص مما أشكل على المعنى المفهوم.

وعموما اعتذر منك أخي الكريم الفاضل إن كنتُ دستُ لك على طرف، إنما هي من آفات وسلبيات الحوار كتابة والله المستعان.

مالك مناع
01-06-2012, 03:00 AM
لا عليك أخي الكريم .. والله يغفر لي ولك.