المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خلق الزمن



ابو زيد القيرواني
02-09-2009, 03:44 AM
نقول قبل ان يخلق الله الخلق

اريد ان اسال سوالا اعتبره مهما

قبل و بعد تعنيان وجود الزمان

و الزمان مخلوق

فهل يجوز عقلا ان نقول
قبل ان يخلق الله الزمان

و ما هي النتائج المترتبة عن هذه الاشكالية

ناصر الشريعة
02-09-2009, 09:01 PM
نقول قبل ان يخلق الله الخلق

لا بد من التنبيه أولا إلى أن المقصود بالخلق هنا هو خلق السموات والأرض، وقد كان قبلهما مخلوقات أخرى، ولهذا فلا إشكال حين يقال إن هناك زمان قبل خلق السموات والأرض، وأما الظن بأنه لم يكن هناك مخلوقات إلا السموات والأرض فهو خطأ، فإن الله فعال لما يشاء، وكل يوم هو في شأن.

ثم يمكن أن يقال أن الزمن هو مقدار حركة موجودة أو مقدرة، وعلى كل التقديرين فلا يشكل قولنا (قبل خلق الخلق) بمعنى (خلق السموات والأرض ومن فيهما)

وينبغي هنا مراجعة مسألة إثبات حوادث لا أول لها، ومسألة خلق الله للسموات والأرض من مادة حادثة أخرى وجواز ذلك عقلا وشرعا دون إيجاب له.


فهل يجوز عقلا ان نقول
قبل ان يخلق الله الزمان
الزمان مخلوق إما على معنى خلق الحركة التي يترتب عليها الزمان، أو على معنى خلق تصور الذهن له كتصور الذهن للنسب بين الأشياء وتقدير الذهن لها.

كما ان الزمان قد يقصد به النوع وقد يقصد به آحاد الأزمنة، فكما أن للأرض زمنا يختلف عن زمان الكواكب الأخرى، وكما أن للدنيا زمنا يختلف عن زمان الآخرة، فيصح أن تكون هناك أزمنة كثيرة متعددة قبل خلق السموات والأرض، فيصح أن نقول عندها (قبل خلق ذلك الزمان المعين المحدد)، أما إن قصدنا بالزمان النوع الجامع لكل الأزمنة، فإن كلمة (قبل) هنا لا تكون صحيحة، لأنها هي أيضا داخلة في مسمى (الزمان) المخلوق هذا، فلا يكون زمان سابق له ولا لاحق له.

والخلاصة أن الزمان مخلوق على كل تقدير، فإن قصد به زمان معين صح أن تضاف له القبلية والبعدية، وإن قصد به نوع الزمان فلا يصح أن يجعل بعض آحاده سابقا عليه أو لاحقا له، وإنما هو داخل فيه.

ابو زيد القيرواني
02-10-2009, 03:15 AM
اخي مسالة الحوادث التي لا اول لها تفرد بها ابن تيمية و خالف جمهور المسليمين

فالمادة اما ان تكون جائت من مادة وهذا يعني قدمها و قدم اصغر مكوناتها على افتراض ان النوع الجديد ياتي باختلاف تركيب مكونات النوع القديم

فان قلنا ان المادة جائت من مخلوق اخر قبلها فهذا صحيح انه لا يثبت قدم الخلق لان كل من المادة و اصلها الاخر حادثين
ولكن يستدرج بنا الى مخلوق من العدم فلماذا نثبته لها المخلوق و ننفيه عن السماوات و الارض

وسوالي عن خلق الزمن يحل المشكل

فالله خلق الزمن و المكان و المادة ولا نقول قبل ان يخلق الله الخلق فالقران يقول" خلق السماوات و الارض" وبالتالي ينتفي سوال الذين يقولون ماذا كان يفعل اله قبل ان يخلق السماوات و الارض فهذا سوال غير منطقي فالله تعالى منزه عن الزمن موجود لا يدرك وجوده بعقولونا بل نومن بوجوده سبحانه
والله اعلم

ناصر التوحيد
02-10-2009, 03:23 AM
لا يدرك وجوده بعقولونا بل نومن بوجوده سبحانه
العقل طريق الايمان
فالله سبحانه يُدرك وجوده بعقولنا فآمنت عقولنا بوجوده سبحانه
انما لا تدرك عقولنا ذاته سبحانه

ابو زيد القيرواني
02-10-2009, 03:46 AM
هذا ما اردت قوله اشكرك على التصحيح اخي الحبيب

ناصر الشريعة
02-10-2009, 03:46 PM
اخي مسالة الحوادث التي لا اول لها تفرد بها ابن تيمية و خالف جمهور المسليمين
هذا غير صحيح أبدا، بل القول بحوادث لا أول لها كل واحد منها مسبوق بعدمه هو قول كثير من المسلمين، وهو جائز عقلا وشرعا.
والقول بأن الله لم يكن فاعلا منذ الأزل غير المتناهي ثم خلق الخلق هو أساس كثير من البدع التي ضلت بها طوائف كثيرة من المسلمين وغير المسلمين، وحصلت بسببه الفتنة في مسائل الأسماء والصفات والأفعال، ووقع بسببه التناقض في أقوال من أنكر فاعلية الله تعالى منذ الأزل، وأثبت فاعلية يمتنع أن يصدر عنها فعل في الأزل.
ولو تأمل المنصف خطر هذه الأقوال المترتبة على إنكار جواز حوادث لا أول لها لعرف أنها لوازم باطلة لقول باطل هو إنكار جواز فعل الله في الأزل لما يشاء.

وأنصحك أخي أن تراجع كتب أهل السنة والجماعة للتعرف على هذا القول بعيدا عن بدع الجهمية والأشاعرة التي جنت على الإسلام والمسلمين جناية عظيمة في أمر الأسماء والصفات والأفعال الإلهية.

وعليك أخي لتصور هذه المسألة بالبحث القيم الذي كتبته الفاضلة كاملة الكواري بعنوان "قدم العالم وتسلسل الحوادث بين شيخ الإسلام ابن تيمية والفلاسفة" :
http://www.saaid.net/book/open.php?book=113&cat=1



فالمادة اما ان تكون جائت من مادة وهذا يعني قدمها و قدم اصغر مكوناتها على افتراض ان النوع الجديد ياتي باختلاف تركيب مكونات النوع القديم
مجيء المادة من مادة لا يعني قدمها كما ذكرت، إذا قدم الشيء لا بد فيه من وجوب وجوده، وجميع المادة غير واجبة الوجود، بل هي ممكنة الوجود قابلة للوجود والعدم، متصرف فيها التصرف في المخلوقات المحدثة. وقد سبق أن قلنا أن المادة إما أن تكون مخلوقة من مادة مخلوقة أخرى، أو من لا مادة سابقة عليها. فلا يمكن أن يكون هناك مدخل للقدم في المادة بحال من الأحوال، وهذا ما رجعت حضرتك إليه فيما بعد بقولك:


فان قلنا ان المادة جائت من مخلوق اخر قبلها فهذا صحيح انه لا يثبت قدم الخلق لان كل من المادة و اصلها الاخر حادثين
ولكن يستدرج بنا الى مخلوق من العدم فلماذا نثبته لها المخلوق و ننفيه عن السماوات و الارض
وأما جواب سؤالك فإننا نقول أن كل حادث مسبوق بعدمه، على أحد معنيين:
الأول: أن عدمه هو عدم ذاته، كما أن الانسان معدوم قبل أن يولد مع وجود أصله وهما والديه.
الثاني: أن عدمه هو عدم ذاته وأصله، وهو ما نقول فيه أنه مخلوق لا من مادة، وهو جائز عقل مهما احتارت فيه عقول بعض الناس، وسبق أن قلنا أن نظرية الانفجار العظيم سواء كانت صحيحة أو خاطئة فإنها تدل على تجويز العقل لحدوث المادة من غير مادة، وهذا التجويز العقلي دليل يستدل به، إذ الجواز العقلي يكفي في الدلالة عليه عدم ترتب محال على إثباته، ولا يشترط فيه علمنا بوقوعه في زمن ما.

فإذا علم هذا علمنا أن المخلوق سواء كان هو السموات أو الأرض أو ما هو قبلهما لا تخرج عن قولنا أنها حادثة بعد العدم على معنى من المعنيين، وثبوت أحدهما كاف في ثبوت مخلوقيتهما ونفي القدم عنهما.

فإذا تبين هذا قلنا أن سبب القول بأن السموات والأرض مخلوقة من مادة حادثة سابقة عليهما هو دلالة الكتاب والسنة على ذلك، فظاهر قول الله تعالى: {وهو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء} يدل على أن قبل السموات والأرض مخلوقات، وليس العدم المطلق، وكذلك قوله تعالى {ثم استوى إلى السماء وهي دخان} يدل على أن السموات خلقت من شيء، وهذا يدل على أن صورة السماوات والأرض مخلوقة من مادة أخرى حادثة.



وسوالي عن خلق الزمن يحل المشكل

فالله خلق الزمن و المكان و المادة ولا نقول قبل ان يخلق الله الخلق فالقران يقول" خلق السماوات و الارض" وبالتالي ينتفي سوال الذين يقولون ماذا كان يفعل اله قبل ان يخلق السماوات و الارض فهذا سوال غير منطقي فالله تعالى منزه عن الزمن موجود لا يدرك وجوده بعقولونا بل نومن بوجوده سبحانه
والله اعلم
قولك أنه يمتنع القول بــ (قبل أن يخلق الله الخلق) سبق بيان التفصيل فيه، فليراجع، فإن إطلاق القول هكذا خطأ.

وأما محاولة إبطال قول القائلين ماذا كان يفعل الله قبل خلق السموات والأرض بأنه لا يصح إطلاق هذا السؤال لأنه ليس هناك زمن قبل خلق السموات والأرض، فهو محاولة غير صحيحة.
لأنه لا يلزم من خلق السموات والأرض من لا مادة أن تكون هناك مخلوقات حادثة أخرى، وقد أثبت القرآن والسنة أن العرش والماء مخلوقين قبل خلق السموات والأرض، ولا دليل على حصر مخلوقات الله تعالى في هذه، بل خلق الله أعظم من ذلك، واختلاف أهل العلم في أول ما خلقه الله أهو القلم أو العرش يحمل على الاختلاف في أول مخلوق من عالمنا هذا، لا على أول مخلوق من مخلوقات الله مطلقا، وهذا هو الأصح الموافق لدوام فاعلية الربِّ جلَّ وعلا.

فإذا ثبت لدينا بالدليل القطعي أن هناك مخلوقات قبل السموات والأرض فلا يصح الاعتراض على ذلك السؤال من هذا الوجه، بل هذا السؤال صحيح في الاعتراض على من أنكر دوام فاعلية الربِّ جل وعلا، وزعم أن الفعل كان ممتنعا من الله في الأزل، ثم انقلب الممتنع ممكنا في وقت ما، فلزمهم أن الله كان عاجزا عن الفعل ثم صار قادرا، أو أن الله كان قادرا على الفعل والفعل ممكن له فيبطل إنكارهم جواز حوادث لا أول لها، وهذا الأخير هو المطلوب.

وقد سبق أن الزمان يمكن أن يكون تقدير حركة موجودة أو مقدرة، وهذا غير ممتنع بالنسبة لله تعالى، وإن كانت قد تشكل الحركة المقدرة على الإنسان فهذا شيء آخر راجع إلى نقص علمه بالشاهد والغائب.

وجواب سؤال القائل: ماذا كان يفعل الله قبل خلق السموات والأرض؟
هو أن الله لم يكن معطلا عن كماله وأفعاله، ثم صار فاعلا بعد أن لم يكن فاعلا، وإنما كان الله دائم الفاعلية، سواء فسرنا ذلك بأفعاله القائمة بذاته جلَّ وعلا، أو بخلقه للمفعولات الحادثة شيئا بعد شيء.
وبهذا لا يكون الله معطلا عن الفعل كما هو ظن بعضهم، مما جرَّ أعداء الإسلام إلى طرح مثل هذا السؤال الذي لا ينقض إلا قول من أنكر دوام فاعلية الربِّ جل وعلا، وكون كل ما سوى الله حادث مخلوق مسبوق بعدمه.

ومن أراد المزيد حول هذه المسألة فليراجع لزاما الرابط المذكور في هذه المشاركة، فإن تحقيق هذه المسألة يترتب عليها مسائل كثيرة جدا، وبها يكون الخلاص من كثير من ضلالات الجهمية والأشاعرة والفلاسفة، وهذا يظهر أهمية فهمها فهما صحيحا موافقا للكتاب والسنة ودلالة العقل الصريح.

وفقك الله أخي للعلم النافع والعمل الصالح.

ابو زيد القيرواني
02-10-2009, 10:04 PM
التهجم على الفرق الاسلامية ليس هدفي فانا مسلم و لا ازيد عليها


ولكن ما تعليقك على هذا الحديث
أول ما خلق الله القلم فقال له: اكتب. فقال: وما أكتب؟ قال: اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة


فهذا واضح انه اول الخلق
فلما تاوله الى ما يوافق وجود حوادث لا اول لها

ناصر الشريعة
02-10-2009, 10:48 PM
ليس هناك تهجم على الفرق المنتسبة للإسلام وإنما بيان لحقيقتها.

وسؤالك قد أجيب عليه في المشاركة السابقة:

واختلاف أهل العلم في أول ما خلقه الله أهو القلم أو العرش يحمل على الاختلاف في أول مخلوق من عالمنا هذا، لا على أول مخلوق من مخلوقات الله مطلقا، وهذا هو الأصح الموافق لدوام فاعلية الربِّ جلَّ وعلا.

فالراجح أن هناك مخلوقات قبل القلم، وأن حديث (أول ما خلق الله القلم) هو بنصب (أولَ) على الظرفية، بمعنى (عندما خلق الله القلم قال له اكتب)، وإن قيل أن (أول) مرفوع بالابتداء، وخبره (القلم) فهو كما سبق ذكره على معنى أول شيء من هذا العالم المحسوس لنا، لا أول كل مخلوقات الله تعالى.

وهناك من أهل العلم من يقول أن أول مخلوق على الإطلاق هو القلم أو العرش، ولكن الراجح هو ما تقدم من أنهما أول مخلوقات عالمنا هذا لا ما عداه.

وما يهمنا هنا أن القلم والعرش والماء مخلوقة قبل السموات والأرض، وعليه لا يصح القول أنه ليس هناك زمن قبل خلق السموات والأرض.

ومن الأدلة على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( قدر الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة ، وكان عرشه على الماء ) كما في صحيح مسلم. فدل على صحة قولنا (قبل خلق السموات والأرض)، وأنه لا يعترض على ذلك بأنه لم يكن هناك زمن قبل خلق السموات والأرض، وهذا هو المطلوب إثباته كما ترى وفقك الله لرضوانه.

ابو زيد القيرواني
02-12-2009, 12:48 AM
وأن حديث (أول ما خلق الله القلم) هو بنصب (أولَ) على الظرفية، بمعنى (عندما خلق الله القلم قال له اكتب)

هذا فهم فيه تعسف

فالحديث اول ما خلق الله القلم فقال لخ اكتب

فلا يقال
عندما خلق الله القلم فقال له اكتب

فوجود الفاء يجعل هذا المعنى مستبعدا و يجعل المتكلم غير عارف باللغة و النبي صلى الله عليه و اله و سلم فصيح وخصوصا ان كان الكلام وحيا

فالمعنى الاول مرفوض

اما المعنى الذي يفهم من الحديث ان القلم اول مخلوق

وهذا عام فلا يخصص بعالمنا الا بدليل من الوحي الصحيح

فالحوادث التي لا اول لها تفيد الملحد حيث تنفي ضرورة وجود الخلق
فالالاشياء موجودة من الازل ثم جاء منها كوننا ثم يجيء منه كون اخر و هكذا

ناصر الشريعة
02-19-2009, 11:18 PM
ليس هناك تعسف في الفهم، بل الأمر في غاية الوضوح، فإن الإشكال الذي أوردته على رواية الحديث مخصوص بتلك الرواية، وأما على اللفظ الآخر: (لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ قَالَ لَهُ: اكْتُبْ , فَجَرَى بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ) فلا إشكال.
وهذا اللفظ أخرجه الطبراني في معجمه الكبير، فقال:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن أَحْمَدَ بن حَنْبَلٍ , حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بن جَمِيلٍ الْمَرْوَزِيُّ. ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن حَاتِمٍ الْمَروْزِيُّ , حَدَّثَنَا حِبَّانُ بن مُوسَى , وَسُوَيْدُ بن نَصْرٍ , قَالُوا: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ , عَنْ رَبَاحِ بن زَيْدٍ , عَنْ عُمَرَ بن حَبِيبٍ , عَنِ الْقَاسِمِ بن أَبِي بَزَّةَ , عَنْ سَعِيدِ بن جُبَيْرٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ: لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ قَالَ لَهُ: اكْتُبْ , فَجَرَى بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ.
وقال عنه الهيثمي في مجمع الزوائد: "رجاله ثقات" .
وهو كما قال، وإسناده صحيح.

وأما على لفظ (أول ما خلق الله القلم فقال له: اكتب، قال: رب وماذا أكتب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة)
فيصح أن تكون العبارة جملة واحدة هي (أولَ ما خلق الله القلمَ فقال له اكتب قال: ...) أي أنه عند خلق الله للقلم وقوله له اكتب قال القلم: رب وماذا أكتب؟

وعلى القول بأن العبارة جملتان اثنتان هما: (أولُ ما خلق الله القلمُ) ، (فقال له اكتب) فيكون المعنى أولُ ما خلق الله من هذا العالم، واستظهره ابن حجر في الفتح، وقال: (أَوَّلِيَّة الْقَلَم بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا عَدَا الْمَاء وَالْعَرْش أَوْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا مِنْهُ صَدَرَ مِنْ الْكِتَابَة ، أَيْ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ اُكْتُبْ أَوَّل مَا خُلِقَ).

والدليل على أن الأولية هنا إضافية بالنسبة لهذا العالم المشهود وليست مطلقة لجنس المخلوقات:

أنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم وجود مخلوقات أخرى قبل القلم، وذلك في الصحيح من حديث عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (قدر الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة ، وعرشه على الماء).

وفي حديث عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَىْءٌ قَبْلَهُ ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ ، ثُمَّ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ ، وَكَتَبَ فِى الذِّكْرِ كُلَّ شَىْءٍ) هذا لفظ البخاري، وفي لفظ ابن حبان: (كان الله وليس شيء غيره وكان عرشه على الماء ثم كتب في الذكر كل شيء ثم خلق السماوات والأرض)

فعلم من هذا أن العرش كان مخلوقا قبل القلم، لأن كتابة المقادير كانت عند أول خلق الله للقلم قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وفي ذلك الحين كان العرش موجودا على الماء كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، ومن زعم أن القلم خلق قبل العرش فليس لديه ما يثبت ذلك، بل لفظ حديث عمران بن حصين يرده، إذ فيه الإخبار بأن العرش كان على الماء، ثم ذكر خلق السموات والأرض والكتابة في اللوح المحفوظ، فدل على أن خلق القلم والتقدير الكتابي متأخر عن وجود العرش والماء.، لا سيما أن رواية ابن حبان مصرح فيها بالترتيب، فجعلت وجود العرش على الماء سابقا لكتابة مقادير الخلائق، ثم بعد ذلك خلق السموات والأرض، وهذه الرواية صحيحة ثابتة قاطعة للنزاع، وقد ورد في صحيح البخاري في حديث عمران بن حصين أنه قال: (جَاءَ نَفَرٌ مِنْ بَنِى تَمِيمٍ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ « يَا بَنِى تَمِيمٍ ، أَبْشِرُوا » . قَالُوا بَشَّرْتَنَا فَأَعْطِنَا . فَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ ، فَجَاءَهُ أَهْلُ الْيَمَنِ ، فَقَالَ « يَا أَهْلَ الْيَمَنِ ، اقْبَلُوا الْبُشْرَى إِذْ لَمْ يَقْبَلْهَا بَنُو تَمِيمٍ » . قَالُوا قَبِلْنَا . فَأَخَذَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُحَدِّثُ بَدْءَ الْخَلْقِ وَالْعَرْشِ ، فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا عِمْرَانُ ، رَاحِلَتُكَ تَفَلَّتَتْ ، لَيْتَنِى لَمْ أَقُمْ )
فقوله فيه: (يحدث بدء الخلق والعرش) يؤكد على معنى قولنا أن الحديث مسوق للإخبار عن خلق السموات والأرض، لا عن جميع المخلوقات، فليتأمل هذا.


كما أن في حديث عمران بن حصين أن قول النبي صلى الله عليه وسلم كان جوابا على سؤال أهل اليمن: (جِئْنَاكَ لِنَتَفَقَّهَ فِى الدِّينِ وَلِنَسْأَلَكَ عَنْ أَوَّلِ هَذَا الأَمْرِ مَا كَانَ)، ولا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أجابهم على سؤالهم، فلما كان جوابه صلى الله عليه وسلم مطابقا لسؤالهم علمنا من قوله صلى الله عليه وسلم: (كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَىْءٌ قَبْلَهُ ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ ، ثُمَّ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ ، وَكَتَبَ فِى الذِّكْرِ كُلَّ شَىْءٍ) أنه إنما كان السؤال والجواب عن خلق السموات والأرض لا عن جنس المخلوقات، فإنه لم يذكر لهم أول مخلوق، ولم يصرح بذلك لا بخلق العرش والماء ولا بخلق القلم، وإنما ذكر خلق السموات والأرض.
ولو كانوا سألوا عن أول مخلوق على الإطلاق لكان الجواب أن أول مخلوق هو كذا، سواء كان القلم أو العرش أو غيرهما، أو كان الجواب برد العلم فيه إلى الله وحده كما كان جوابه في أمر الروح.
ولكن لما كان جواب النبي صلى الله عليه وسلم غير متضمن لأول مخلوق على الإطلاق، علم أنهم لم يسألوا عن جنس المخلوقات، وإنما سألوا عن خلق هذا العالم المشهود لهم وهو السموات والأرض، وهو أمر وردت به الشريعة وذكر في القرآن والسنة كثيرا، فلا يستغرب حاجة الناس إلى معرفته والسؤال عنه.

كما أن في سؤالهم (هذا الأمر) سؤال عن حاضر موجود معلوم لهم بدلالة لفظ الإشارة والتعريف في (الأمر)، وليس هذا إلا هذا العالم المشهود لهم، وهو السموات والأرض، لأن أول مخلوق ليس أمرا معلوما لهم ولا مشاهدا حتى يسألوا عن بداية خلقه كيف كانت.

ثم أن السؤال عن بداية خلق السموات والأرض سؤال صحيح، ولهذا بينه القرآن الكريم كثيرا وكذلك السنة النبوية، بل أمر الله عز وجل به فقال تعالى: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} وهذا وإن كان في بدء المخلوقات المشاهد في الأرض، فيعم خلق السموات والأرض أيضا بالتفكر في أمرهما.

ولما كان سؤال أهل اليمن هو عن خلق السموات والأرض الذي كان في ستة أيام، ذكر لهم النبي صلى الله عليه وسلم خلقها، وقدم قبل ذلك ذكر الإخبار عن أولية الله تعالى، ووجود عرشه على الماء، وتقديره الكتابي بالقلم لكل شيء، فكان ذلك من قبيل جواب الحكيم الذي يزيد السائل على ما سأل عنه بما فيه فائدة له ينبغي الاعتناء بها، ولم يكن في تلك الموجودات ما ذكر خلقه في هذا النص إلا ما سألوا عنه وهو خلق السموات والأرض، فدل ذلك على أن سؤالهم إنما كان عن السموات والأرض لا عن أول مخلوق على الإطلاق.

ولو كان القول بوجود مخلوق أول لجنس المخلوقات أمرا ضروريا شرعا وعقلا لا يتم الإيمان إلا به، ولا تقوم الحجة القاطعة على الملاحدة إلا بتحققه، لكان من أهم ما يعتنى بذكره وبيانه بأصرح الألفاظ وأبينها في القرآن والسنة، ولما توقف على حديث واحد ظني الدلالة يختلف في فهمه أهل الإسلام قبل غيرهم.

وإذا رجعنا إلى نصوص الكتاب والسنة لم نجد فيه حدا لفاعلية الله تعالى في الأزل كما لا نجد فيه حدا لفاعلية الله تعالى في الأبد، ومن ذلك قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ}، وهذا يعم الأزل والأبد، ومثله:
قوله تعالى: {وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ}.
وقوله تعالى: {قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ}.
وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ}.
وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ}.

وما من مخلوق في الأزل إلا وممكن أن يكون قبله مخلوق، إلى ما لا نهاية، وكل مخلوق مسبوق بعدمه، فكيف يقال أن ذلك ينفي خلق تلك المخلوقات المسبوقة بعدمها؟!
وهل هذا إلا جهل بالمسألة أصلا؟! فكيف يكون الشيء مخلوقا ثم يقال أنه أزلي، بل كل مخلوق مسبوق بعدمه، مخلوق بمشيئة الله تعالى وإرادته، وهذا يبطل أصلا الضلال الذي وقع فيه من عطل الله عن كماله وزعم أنه كان ممتنعا منه الفعل ثم انقلب الامتناع إلى الإمكان فجأة هكذا كما يزعمه الجهمية، فتسلط عليهم الملاحدة وألزموهم بلوازم باطلة التزموها أو تهربوا منها بما هو مثلها في الفساد أو أشد.

وأرجو أن يكون فيما ذكر توضيحا كافيا لما أشكل عليك، ثم أني أدعوك بارك الله فيك إلى التزام ما جاء في الكتاب والسنة، وما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وترك ما أحدثه المبتدعة في الدين، من الرافضة والجهمية والصوفية وغيرهم، فإن الدين ما شرعه الله لنبيه صلى الله عليه وسلم وأمته، لا ما خالف فيه هؤلاء دين الله وشريعته، وإن طلب الحق وإنكار الباطل من أوجب الواجبات، فلا يصح التهاون في ذلك من أجل إرضاء الرافضة والمبتدعة وجعلهم هم وأتباع الحق سواء بسواء، فإن الحق أشرف من أن يكون مائعا هكذا، ومن أن ينسب إليه كل مبطل ومخالف له.

هداك الله إلى الحق، وأرشدك إلى السنة، ووقاك البدع وأهلها.

محمد الناظوري
02-20-2009, 01:15 AM
عزيزي ابو زيد القيرواني
أهلا بك
ما مفهوم الزمان و ما المراد به؟ قد يقول قائل أن الزمان مقدار حركة و لكن أي حركة و أي مقدار؟ هل يمكن أن نتحدث عن زمان لا علاقة له بالكون؟

أغلب من يتحدث عن الزمان يربطه بتغيرات ما لذا نجد مثلا العالم الفيزيائي البريطاني ستيف هوكين يكتب عن "بداية الزمان" و لكن ما معنى الزمان في مفهومه هو و تصوره للكون؟؟ ,.. قد تفكر في هذه المسألة و تجد أن الزمان إذن مرتبط بتغير ما و ليس بالكون فقط, قد يكون حدث تغيير قبل تغيير الكون مثلا قبل الانفجار الكبير السبب الذي سبب أسبباب تطور الكون و هناك أكثر من إشارة تدعم هذه النظرية من بينها توسع الكون و إذا قمنا بعملية الرجوع للوراء فلابد و أن يكون للكون بداية و من المستحيل الرجوع في الزمان (تغيير حالة الكون و ما فيه) الى ما لا نهاية فلا يمكن ان نجمع "لا نهاية" مع" تغير" يحصل في اي نقطة على مستقيم الزمان بدايته لا نهاية و نهايته لا نهاية : نقيضين, أليس كذلك؟

سؤالك مثل تلك القضية تماما فاستعمال "قبل" و "بعد" بدون زمان مستحيل و فوق العقل و لهذا يكون السؤال غير صحيح بالمرة, و قد قرأت لأحدهم يتساءل لماذا ينتظر الله مدة معينة قبل خلق الكون ليخلق الكون و هل يمكن أصلا انتظار لانهائي قبل لحظة خلق الكون؟ .. هذا سؤال غير صحيح اذ لا يمكن استعمال "قبل" بدون زمان و ذلك مستحيل و السؤال هذا مثل: "من خلق الأول الذي لا بداية( أو لا مُحدث) له؟" .. هل يمكن فهم و تصور هذه الاشكالية؟؟؟ ..مستحيـــل!!!!

المتملحدين و المستلحدين يلجئون الى المستحيلات لنقض عقيدة الخلق عندما لا يجدون شيء يدافعون به عن عقيدتهم, فهنا لا أعرف فرق بين النصارى الذين يعتقدون بما اللامفهوم الذي لا تطيقه العقول و المستلحدين الذين يدافعون عن عقيدتهم بنقض النقيض بالمستحيلات.!!!!!

شكرا لك

محمد الناظوري
02-20-2009, 04:01 AM
هذا غير صحيح أبدا، بل القول بحوادث لا أول لها كل واحد منها مسبوق بعدمه هو قول كثير من المسلمين، وهو جائز عقلا وشرعا.
والقول بأن الله لم يكن فاعلا منذ الأزل غير المتناهي ثم خلق الخلق هو أساس كثير من البدع التي ضلت بها طوائف كثيرة من المسلمين وغير المسلمين، وحصلت بسببه الفتنة في مسائل الأسماء والصفات والأفعال، ووقع بسببه التناقض في أقوال من أنكر فاعلية الله تعالى منذ الأزل، وأثبت فاعلية يمتنع أن يصدر عنها فعل في الأزل.
ولو تأمل المنصف خطر هذه الأقوال المترتبة على إنكار جواز حوادث لا أول لها لعرف أنها لوازم باطلة لقول باطل هو إنكار جواز فعل الله في الأزل لما يشاء.


أستاذ ناصر الشريعة تحية طيبة و بعد,
هل يجوز أن نعتقد بتسلسل الخلائق أو بحوادث لا أول لها كل واحد منها مسبوق بعدمه ؟
هل يمكن مثلا أن نقول أن الكون سبقه عدم لكن خُلق من شيء آخر هو كذلك سبقه عدم و هكذا كل حادث سبقه عدم الى ما لا نهاية؟ هل هذا ما تريد قوله أم أنا الذي أساء فهم كلامك ؟

أظن أن الاعتقاد بأن الله فاعل منذ الأزل عقيدة تؤدي الى وحدة الوجود (هنا أقصد Panentheism و ليس Pantheism).. فهل صفة الخلق أزلية بمعنى أن الله خلق مخلوقات منذ الأزل كل مخلوق أو حدث سبقه عدم في زمان (هنا تغير المخلوقات او الحوادث) لامتناهي وجوده أزلي ؟!!
هذا قول بأزليين الله و الحادث (او الحوادث) أليس كذلك ؟

أنا أعتقد و الله أعلم, لكن أرجوا التصويب إن كنت على باطل في هذه المسألة, أن الله هو الخالق منذ الأزل ليس بصفة الخلق (أي يخلق منذ الأزل) لكن بصفة الإرادة أن يخلق منذ الأزل. خلق الله الكون مثلا بإرادة أزلية.

شكرا لك

مجدي
02-20-2009, 08:47 PM
السلام عليكم . بداية هل يستطيع احد الاخوة ان يضع لنا اين قال ابن تيمية بالقدم النسبي ؟
بصراحة احالني الكثير من الاخوة ولم اجد ذلك .
على اي حال :
القدم النسبي ليس هو القدم .
القدم النسبي يقال عما كان مسبوق بشيء قبله .
فالقديم الذي تسبقه علته وسببه يسمى قديما نسبيا اذا كان اصله من صورة اخرى مسبوقة كذلك بنفس السبب ودائما السبب سابق لذلك .
لا شك ان الله خالق كل شيء وحتى الزمان والمكان . ولم يكن زمان ولا مكان حتى خلقهم الله عز وجل .
فالمكان وعاء المادة أو الحيز الذي تشغله المخلوقات والزمان هو مقدار التغير النسبي بين شيئين .

مجدي
02-20-2009, 08:56 PM
قال ابن القيم :
و حقيقة الأزمان نسبة حادث ****** لسواه تلك حقيقة الأزمان

مجدي
02-20-2009, 09:13 PM
قال شيخ الاسلام ـ رحمه الله تعالى‏:‏

فصــل

وصفه ـ تعالى ـ بالصفات الفعلية ـ مثل الخالق، والرازق، والباعث، والوارث، والمحيى، والمميت ـ قديم عند اصحابنا، وعامة اهل السنة من المالكية، والشافعية، والصوفية‏.‏ ذكره محمد بن اسحاق الكلاباذي، حتى الحنفية والسالمية والكَرّامية‏.‏ والخلاف فيه مع المعتزلة، والاشعرية‏.‏

وكذلك قول ابن عقيل في ‏(‏الارشاد‏)‏ وبسط القول في ذلك، وزعم ان اسماءه الفعلية ـ وان كانت قديمة ـ فانها مجاز قبل وجود الفعل، وذكر ذلك عن القاضي في ‏(‏المعتمد‏)‏ في مسائل الخلاف مع السالمية، والقاضي انما ذكر للمسالة ثلاثة ماخذ‏:‏

احدها‏:‏ انه مثل قولهم‏:‏ خبز مشبع، وماء مروٍ، وسيف قاطع، وليس ذلك بمجاز؛ لان المجاز ما يصح نفيه، كما يقال‏:‏ عن الجد ليس باب؛ ولا يصح ان يقال‏:‏ عن السيف الذي يقطع‏:‏ ليس بقطوع، ولا عن الخبز الكثير، والماء الكثير ليس بمشبع، ولا بمروى فعلم ان ذلك حقيقة‏.‏ هذا تعليل القاضي‏.‏

قلت‏:‏ وهذا لان الوصف بذلك يعتمد كمال الوصف الذي يصدر عنه الفعل لا ذات الفعل الصادر‏.‏ وعلى هذا فيوصف بكل ما يتصف بالقدرة عليه وان لم يفعله‏.‏

قلت‏:‏ وقد اختلف اصحابنا في قول احمد‏:‏ لم يزل الله عالمًا متكلمًا غفورًا، هل قوله‏:‏ لم يزل متكلمًا‏.‏ مثل قوله‏:‏ غفورًا، او مثل قوله‏:‏ عالمًا‏؟‏ على قولين‏.‏

الماخذ الثاني‏:‏ ان الفعل متحقق منه في الثاني من الزمان، كتحققنا الان انه باعث وارث قبل البعث والارث، وهذا ماخذ ابي اسحاق بن شاقلا والقاضي ـ ايضًا ـ وهذا بخلاف من يجوز ان يفعل ويجوز الاَّ يفعل‏.‏

وهذا يشبه من بعض الوجوه وصف النبي قبل النبوة، بانه خاتم النبيين، وسيد ولد ادم، وخاتم الرسل ووصف عمر بانه فاتح الامصار، كما قيل‏:‏ ولد الليلة نبي هذه الامة، وكما قال‏:‏ ‏(‏اقتدوا باللذين من بعدي ابى بكر وعمر‏)‏ ‏.‏

وقد ذكر طائفة من الاصوليين ان اطلاق الصفة قبل وجود المعنى مجاز بالاتفاق، وحين وجوده حقيقة، وبعد وجوده وزواله محل الاختلاف؛ لكن هذه الحكاية مردودة عند الجمهور، فيفرقون بين من يتحقق وجود الفعل منه،وبين من يمكن وجود الفعل منه‏.‏

ثم قد يقال‏:‏ كونه خالقًا في الازل للمخلوق فيما لا يزال بمنزلة كونه مريدًا في الازل ورحيمًا، وبهذا يظهر الفرق بين اطلاق ذلك عليه واطلاق الوصف على من سيقوم به في المستقبل من المخلوقين، فعلى الوجه الاول يكون الخالق بمنزلة القادر، وعلى هذا الوجه يكون الخالق بمنزلة الرحيم‏.‏وهذا الفرق يعود الى‏:‏

الماخذ الثالث‏:‏ وهو ان الله ـ سبحانه ـ في ذاته حاله قبل ان يفعل وحاله بعد ان يفعل سواء، لم تتغير ذاته عن افعاله، ولم يكتسب عن افعاله صفات كمال كالمخلوق‏.‏

وهذا الماخذ نبه عليه القاضي ـ ايضًا ـ فقال‏:‏ وايضًا فقد ثبت كونه الان خالقًا والخالق ذاته، وذاته كانت في الازل، فلو لم يكن خالقًا وصار خالقًا للزمه التغير والتحويل، والله يتعالى عن ذلك، وعلى هذا فيكون ذلك بمنزلة الرحيم والحليم‏.‏

الماخذ الرابع‏:‏ ان الخلق صفة قائمة بذاته ليست هي المخلوق، وجوز القاضي في موضع اخر ان يقال‏:‏ هو قديم الاحسان والانعام، ويعنى به ان الاحسان صفة قائمة به غير المحسن به، ومنع ان يقال‏:‏ يا قديم الخلق، لان الخلق هو المخلوق، وهذا احد القولين لاصحابنا، وهو قول الكَرّامية والحنفية وتسميها فرقة التكوين‏.‏

والقول الثاني‏:‏ ان الخلق هو المخلوق، كقول الاشعرية‏.‏

قال القاضي في عيون المسائل‏:‏ ‏(‏مسالة‏)‏ والخلق غير المخلوق، فالخلق صفة قائمة بذاته، والمخلوق هو الموجود المخترع لا يقوم بذاته، قال‏:‏ وهذا بناء على المسالة التي تقدمت، وان الصفات الصادرة عن الافعال موصوف بها في القدم‏.‏

قلت‏:‏ ثم هل يحدث فعل في ذاته من قول او ارادة عند وجود المخلوقات‏؟‏ فيه خلاف بين اصحابنا وغيرهم، مبنى على الصفات الفعلية،مثل الاستواء والنزول ونحو ذلك، مع اتفاقهم على انه لم يزل موصوفًا بصفاته قديمًا بها لم يتجدد له صفة كمال، لكن اعيان الاقوال والافعال، هل هي قديمة، ام الكمال انه لم يزل موصوفًا بنوعها‏؟‏

وتلخيص الكلام هنا‏:‏ ان كونه خالقًا وكريمًا، هل هو لاجل ما ابدعه منفصلاً عنه من الخلق والنعم ‏؟‏ ام لاجل ما قام به من صفة الخلق والكرم‏؟‏ الثاني هو قول الحنفية والكَرَّامية، وكثير من اهل الحديث، واصحابنا في احد القولين، بل في اصحهما، وعليه يدل كلام احمد وغيره من علماء السنة‏.‏

وعلى هذا القول، يقال‏:‏ انه لم يزل كريمًا وغفورًا وخالقًا، كما يقال‏:‏ لم يزل متكلمًا، ويكون في تفسير ذلك قولان كما في تفسير المتكلم قولان، هل هو يلحق بالعالم او بالغفور‏؟‏ والاول هو قول الاشعرية، بناء على ان الخلق هو المخلوق‏.‏

وعلى هذا، فقول اصحابنا‏:‏ كان خالقًا في الازل اما بمعنى القدرة التامة، كما يقال‏:‏ سيف قاطع، او بمعنى وجود الفعل قطعًا في الحال الثاني، كما يقال‏:‏ هذا فاتح الامصار، وهذا نبي هذه الامة، وعلى هذا المعني فالخلق من الصفات النسبية الاضافية‏.‏

واذا جعلنا الخلق صفة قائمة به، فهل هي المشيئة والقول، ام صفة اخرى‏؟‏ على قولين‏.‏ الثاني قول الحنفية، واكثر الفقهاء والمحدثين، كما اختلف اصحابنا في الرحمة والرضا والغضب، هل هي الارادة ام صفة غير الارادة‏؟‏ على قولين، اصحهما انها ليست هي الارادة‏.‏

فما شاء الله كان، و هو لا يحب الفساد، ولا يرضى لعباده الكفر‏.‏

واما قولنا‏:‏ هو موصوف في الازل بالصفات الفعلية من الخلق والكرم، والمغفرة، فهذا اخبار عن ان وصفه بذلك متقدم؛ لان الوصف هو الكلام الذي يخبر به عنه، وهذا مما تدخله الحقيقة والمجاز، وهو حقيقة عند اصحابنا، واما اتصافه بذلك فسواء كان صفة ثبوتية وراء القدرة، او اضافية، فيه من الكلام ما تقدم‏.‏

http://www.al-eman.com/IslamLib/viewchp.asp?BID=252&CID=116

نضال مشهود
05-24-2009, 03:13 AM
تصحيح لكلام الأخ ناصر السنة:


وما من مخلوق في الأزل إلا وممكن أن يكون قبله مخلوق، إلى ما لا نهاية، وكل مخلوق مسبوق بعدمه، فكيف يقال أن ذلك ينفي خلق تلك المخلوقات المسبوقة بعدمها؟!.

قلت : (الأزل) ليس زمن معين أو مدة زمنية معينة حتى يقال إن فيه مخلوق.
وإنما هو عبارة عن (عدم البداية)

نضال مشهود
05-24-2009, 03:23 AM
نصحيح لكلام الأخ مجدي:


لا شك ان الله خالق كل شيء وحتى الزمان والمكان . ولم يكن زمان ولا مكان حتى خلقهم الله عز وجل . فالمكان وعاء المادة أو الحيز الذي تشغله المخلوقات والزمان هو مقدار التغير النسبي بين شيئين .

قولنا (الزمان) و (المكان) قول مجمل، فلا بد من التفصيل فيه كي يمكن الحكم عليه.

قإن أردت به: المكان المطلق بدون المتمكن فيه، والزمان المطلق بدون الحركة والفعل،
فهذا معدوم لا وجود له في الواقع، فلا يوصف بأنه مخلوق.

وإن أردت بالمكان هنا: مكان المخلوق، وبالزمان : زمان حركة المخلوق،
فلا شك أن كل مكان للمخلوق مجعول حادث، وكل زمان للمخلوق مجعول حادث.

نضال مشهود
05-24-2009, 03:33 AM
نقول قبل ان يخلق الله الخلق

اريد ان اسال سوالا اعتبره مهما

قبل و بعد تعنيان وجود الزمان

و الزمان مخلوق

فهل يجوز عقلا ان نقول
قبل ان يخلق الله الزمان

و ما هي النتائج المترتبة عن هذه الاشكالية

لا بد أن نتفق أولا على تعريف (الزمان) والمراد منه حتى لا تختلط الأمور.

إن أريد بـ(الزمان) نسبة بين (الحادثين) أو (أكثر) فلا شك أنه لا أول لوجوده،
حيث إن الله لم يزل ولا يزال فعالا، والأفعال حوادث يأتي الواحد منها تلو الآخر.

وإن أريد بـ(الزمان) مدة حركات المخلوق المعين، فلا شك أنه تابع لوجود تلك الحركة،
ولا شك أيضا أن حركة ذلك المخلوق إنما وجد بعد وجوده.
ومن الواضح أن وجود ذلك المخلوق حادث، فوجود حركته وزمن تلك الحركة حادث بطريق الأولى.

وهل زمن حركة ذلك المخلوق المعين مخلوق؟
لا أظن أن في العربية الصحيحة شيء اسمه (خلق الزمن)، لأن الزمن في حد ذاته تصور محض لا شحص له.
وإنما في اللغة: (تقليب الأزمان) أو: (جعل الأزمان).

ناصر التوحيد
05-24-2009, 11:06 AM
الله تعالى خلق الزمان والمكان

http://www.islamweb.net/ver2/Fatwa/ShowFatwa.php?Option=FatwaId&lang=A&Id=78492

مواطن
05-24-2009, 11:44 AM
نقول قبل ان يخلق الله الخلق

اريد ان اسال سوالا اعتبره مهما

قبل و بعد تعنيان وجود الزمان

و الزمان مخلوق

فهل يجوز عقلا ان نقول
قبل ان يخلق الله الزمان

و ما هي النتائج المترتبة عن هذه الاشكالية

لا يجوز لان هذا التصور يستحيل على العقل استيعابه لانك لا تستطيع ان تستوعب اي حدث من دون زمن
,,
ما دام (( لا يجوز عقلا )) اذا يعتبر خارج النطاق الكلاسيكي او المنطقي

والله اعلم

نضال مشهود
05-24-2009, 04:09 PM
الله تعالى خلق الزمان والمكان

http://www.islamweb.net/ver2/fatwa/showfatwa.php?option=fatwaid&lang=a&id=78492

نعم، جزاكم الله خيرا.

إن أريد بالزمان : الليل والنهار - والذي هو مقدار تقلب الأرض أو الشمس والقمر، فهو مخلوق.
كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فَإِنَّهُ قَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ يُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالزَّمَانُ هُوَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ ؛ فَدَلَّ نَفْسُ الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّهُ هُوَ يُقَلِّبُ الزَّمَانَ وَيُصَرِّفُهُ"

وأستفيد من الآية في الرابط أن (الليل والنهار) قد يطلق في اللغة إنهما "مخلوقان"، وليس فقط "مجعولا". فجزاكم الله خيرا.

وقال شيخ الإسلام :

" اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ " الَّذِي هُوَ حَاصِلٌ بِالشَّمْسِ هُوَ تَبَعٌ لِلسَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ؛ لَمْ يَخْلُقْ هَذَا اللَّيْلَ وَهَذَا النَّهَارَ قَبْلَ هَذِهِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ؛ بَلْ خَلَقَ هَذَا اللَّيْلَ وَهَذَا النَّهَارَ تَبَعًا لِهَذِهِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ؛ فَإِنَّ اللَّهَ إذَا أَطْلَعَ الشَّمْسَ حَصَلَ النَّهَارُ وَإِذَا غَابَتْ حَصَلَ اللَّيْلُ ؛ فَالنَّهَارُ بِظُهُورِهَا وَاللَّيْلِ بِغُرُوبِهَا فَكَيْفَ يَكُونُ هَذَا اللَّيْلُ وَهَذَا النَّهَارُ قَبْلَ الشَّمْسِ وَالشَّمْسِ [ وَالْقَمَرِ ] مَخْلُوقَانِ مَعَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ . وَقَدْ قَالَ تَعَالَى : { وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ } وَقَالَ تَعَالَى : { لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ }