صهيب
02-20-2009, 12:17 PM
خطورة الإرجاء وسبب عداء المرجئة للجهاد
[الكاتب : حامد بن عبد الله العلي]
ما هو الإرجاء، وما هي خطورة هذه العقيدة، وما هي أسبابها ؟
ولماذا هم يحاربون الجهاد ويعارضونه، حتى وزعوا لدينا شريطا محصلته أنه لاجهاد في هذا العصر، وأن المجاهدين خوارج ؟
وما حكم الدول التي تسن القوانين التي تجرم الجهاد ؟
وما حكم من يعينهم على مراقبة المجاهدين، وملاحقتهم والزج بهم في السجون ؟
الجواب :
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبنيا محمد وعلى آله وصحبه.
وبعد :
ما هو الارجاء :
والمشهور في اطلاق اللفظ الارجاء، في تاريخ الفرق، أنه يطلق على إخراج العمل من اسم الايمان، والمرجئة هي الفرقة التي تجعل الإيمان الذي فرضه الله تعالى على عباده وأرسله به رسله، هو تصديق القلب فحسب، او هو مع النطق بالشهادتين، أو معهما عمل القلب على خلاف بينهم وقد أخرجت المرجئة العمل من اسم الايمان، وجعلته أمرا زائدا على حقيقته، ليس جزءا منها، خارجا عن ماهيته، وبنوا على هذا التصور الخاطيء، عقيدتين ضالتين :
أحداهما : أن من تولى عن الانقياد بجوارحه لما جاءت به الرسل، فلم يعمل شيئا قط مع العمل والتمكن، أن ذلك لاينفي عنه اسم الايمان، ولايخرجه من دائرة الاسلام.
الثانية : أن الايمان لاينقضه فعل فاعل، مهما كان فعله موغلا في الكفر أوالاشراك، مالم يقترن بفعله، جحود أو استحلال، ذلك ان الايمان هو التصديق، فلاينقضه الا التكذيب في زعمهم.
مع أن بعض الذين يتبنون هاتين العقيدتين الضالتين، لايقولون إن الايمان هو التصديق فحسب، ومع ذلك يتناقضون هذا التناقض القبيح، إذ الإيمان إن كان قولا وعملا، فلا بد أن يكون نقضه بالقول والعمل أيضا.
أين تكمن خطورة عقيدة الارجاء ؟
وتكمن خطورة هاتين العقيدتين، في أنهما يجردان الايمان الذي نزل به القرآن، من خاصيته الحيوية التي تربط بين الباطن والظاهر، والقلب والجوارح، والتي تحول الانسان الى طاقة إيمانية هي ينبوع العمل الصالح، كما قال تعالى : { ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء * تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون } [ابراهيم 25].
وليست كلمات باهتة مجردة.
فهذان الاعتقادان، يجعلان الإيمان كالتصورات النظرية الجامدة، أوكالعقائد الميتة التي لاحراك فيها. فهما في حقيقتهما، إنما يهيئان الطريق لانحراف البشرية عن اتباع الرسل، ويفسحان السبيل لتعطيل ترجمة تعاليم الدين إلى واقع حياتي. كما أنهما يحرضان على الردة بالقول والعمل. ويجعلان التهجم على الدين، سهل المنال، ذلك أنه يكون في مأمن من الحكم بالردة، تحت ذريعة عدم توفر شرط الجحود والاستحلال.
مدى شناعة ما يترتب على عقيدة الارجاء :
وقد عبر الامام ابن القيم في نونيته عن مدى شناعة، عقيدة الارجاء، هذا التصور الخاطيء لحقيقة الايمان وما يؤدي اليه، في هذه الابيات :
وكذلك الإرجاء حين تقر بالمعــ ـــبود تصبح كامل الإيمان
فارم المصاحف في الحشوش وخرب البيت العتيق وجد في العصيان
واقتل اذا ما استعطت كل موحد وتمسحن بالقس والصلبان
واشتم جميع المرسلين ومن أتوا من عنده جهرا بلا كتمان
واذا رأيت حجارة فاسجد لها بل خر للأصنام والأوثان
وأقر أن الله جل جلاله هو وحده الباري لذي الأكوان
وأقر أن رسوله حقا أتى من عنده بالوحي والقرآن
فتكون حقا مؤمنا وجميع ذا وزر عليك وليس بالكفران
هذا هو الإرجاء عند غلاتهم من كل جهمي أخي شيطان
العلمانيون اللادينيون يفرحون بهذه العقيدة المنحرفة :
وإن مما يثير الآسى، أن هذا بعينه ما يروجه زنادقة العصر العلمانيون اللادينيون، ، فغاية أمانيهم، أن يختزل كل دين الإسلام الى أمر يعتقده الانسان ان بدا له ذلك بجنانه. وليس لاحد أن يسأله فيما وراء ذلك، عن أي التزام من قول أو عمل، فالايمان إن كان ولابد منه عند اللادينين لاينبغي أن يعدو كونه تصديقا محضا، لاينبني عليه أي موقف عملي، الا أن يكون كمالا، لايؤثر زواله أجمع في حقيقة الايمان.
الارجاء انهزام نفسي :
وقد رد على المرجئة ذينك القولين، كثير من العلماء المتقدمين والمتأخرين والمعاصرين، وطويت هذه البدعة الى حين. ثم أثير غبارها مرة أخرى من بعض الإسلاميين، متأثرين من حيث لا يشعرون ، بالدعوة اللادينية، وبتخويفها من الحكم على زنا دقتهم اللادينيين بالردة، وإشهارها سلاح الاتهام " بالتكفيريين " لمن يكفر ملحديهم، ووصمه بأنه " متطرف " أو " إرهابي ".
فتراجعت أمام صيحات هؤلاء الزنادقة، عقول حائرة، فطاشت سهامها، وفرت خوفا من الوقوع في فتنة التكفير المتخبط بغير هدى، إلى فتنة الإرجاء المخذل الذي يهدم عقيدة الأمة. فروجت للمقالتين الإرجائيتين الضالتين السابقتين، في بعض الإصدارات والكتب، وانتشرت في بعض أوساط الصحوة الإسلامية، وتبناها بعض المتحمسين، احسانا للظن بمؤلفيها أو مزكيها، فأخذت في الرواج والإنتشارسريعا.
من أسباب انتشار الارجاء، والاستهانة بمنزلة العمل من الدين، وتهوين الوقوع في الردة :
ولعل من اسباب انتشار ظاهرة الارجاء في هذا الزمن، الذي تمر به الأمة وهي تعاني تراجعا في التمسك بدينها، وهجمة من أعداءها، أنها وافقت استرواح النفوس الى طلب الدعة، والراحة من عناء مواجهة الباطل وأهله.
ومن أسبابها ايضا :
الاسترسال، والانقياد بغير شعور لضغط الواقع، مع الدعوة العالمية الى حرية المعتقد، وترك الناس وشأنهم ما يفعلون، حتى لو كانت أفعالهم نواقض تهد كيان الإيمان هدا.
ومن المعلوم أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، و معارضة الباطل لاسيما اذا كان كفرا، تستدعي جهدا وجهادا يشق على النفوس، خاصة اذا كان أهل الباطل هم الطواغيت، أهل السطوة والحبوة - من الحباء أي العطاء - وقديما قيل : ( ان البدعة اذا وافقت هوى، فما أثبتها في القلوب ).
البدع تبدأ صغارا ثم تؤول كبارا :
وقد كان بعض السلف يقول : إن البدع تبدأ صغارا ثم تؤول كبارا، وقد وجدنا هذا حقا في المرجئة، فما كنا نظن أن تتعدى نزعة التخذيل لديهم إلى درجة أن ينتقلوا من التنظير الشرعي لتسلط الطواغيت على الأمة، إلى التنظير للاحتلال الصليبي لها، ثم كان منهم أن فعلوا ذلك، ففيهم اليوم من علا صوته مدافعا عن الاحتلال الصليبي للعراق، واصفا إياه بأنه أخف الضررين ، وفيه مصلحة للشعب العراقي، محاربا المجاهدين فيها، ناعتا لهم بأقبح أوصاف الذم، ولاريب أن في هذا القول من الضلال الصريح، بل الكفر القبيح ما فيه.
اقتران الإرجاء بالتخذيل عن الجهاد ومحاربة المجاهدين :
هذا وسبب اقتران الإرجاء بالتخذيل عن الجهاد، ومحاربة المجاهدين، أن منبعهما واحد، إذ كان الإرجاء في حد ذاته، نزعة تخذيل، وهو عاهه ضعف، هي جزء من التركيب النفسي والعضوي للشخص.
وأيضا داعيهما واحد، فالإرجاء - كما قال المأمون - " دين الملوك "، ولهذا ما بعد عن الحقيقة من قال :
إن الإرجاء أصلا نشأ نشأة سياسية، ولهذا كان المرجئة دوما أداة طيعة بيد الملوك والحكام والساسة، لأن محصلة عقيدتهم الضالة أنهم يقولون : دعوا من تولى عليكم، يقول ويفعل ما شاء ، لأنه مؤمن بمجرد انتسابه إلى الاسلام، يكفيه ذلك، والله يحكم فيه يوم القيامة، ليس ذلك إليكم، فدعوه يوالي الكفار، ويحارب الإسلام، وينصب الطاغوت حاكما بين الناس، ويفتح باب كل شر على الأمة، فإنما هي الذنوب، التي لايسلم منها أحد، كل ابن آدم خطاء !! بل هو خير ممن ينكر عليه، لأنهم خوارج، والعصاة أهون شرا من الخوارج، فليت شعري، ما أحوج الطواغيت إليوم إلى هذا " الافيون " ليسري في جسد الأمة !
حكم من يجرم الجهاد، ويعين الطواغيت على ملاحقة المجاهدين :
هذا وكل من قام بجهاد مشروع، ينصر فيه دين الله، أو يدفع عن حرمات المسلمين، أو يكف بأس الذين كفروا عن أهل الإسلام، فإن سن القوانين التي تجرم هذا الجهاد المشروع، وملاحقة من يقوم به، إرضاء للكافرين، هو من نواقض الإسلام، وهو من اتخاذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين، وقد تبرأ الله تعالى ممن اتخذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين، قال تعالى { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء.. الآية }، وقال تعالى { يا أيها الذين آمنوا لاتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين }.
وإثم النهي عن جهاد الكفار، من اعظم الآثام، لانه لا فتنة أعظم من فتنة ظهور الكفار على بلاد المسلمين، واستعلاءهم على أهل الإسلام، فمن يكن عونا على الفتنة هو شريك في جريمتها، وجزء منها، وإذا كان الله تعالى قد قال { وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا }.
قال ذلك في الذين يقعدون مع المنافقين، ولا ينكرون عليهم خوضهم في آيات الله بالباطل، فكيف بالذين يعينون أهل الباطل على باطلهم، ثم كيف بالذين يحاربون أهل الحق إرضاء لأهل الباطل!.
ومعلوم أن من نصر قوما ووالاهم حشر معهم يوم القيامة، فمن نصر المجاهدين ووالاهم حشر معهم، ومن نصر الكفار ووالاهم وكان معهم على المجاهدين، حشر معهم، ولسوف يتبرؤون منه، يوم لا ينفع مال ولا بنون، بل ذلك اليوم يكفر بعضهم ببعض، ويلعن بعضهم بعضا، كما قال تعالى عن الكافرين وأولياءهم : { ويوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ومأواكم النار ومالكم من ناصرين }.
والله أعلم
[الكاتب : حامد بن عبد الله العلي]
ما هو الإرجاء، وما هي خطورة هذه العقيدة، وما هي أسبابها ؟
ولماذا هم يحاربون الجهاد ويعارضونه، حتى وزعوا لدينا شريطا محصلته أنه لاجهاد في هذا العصر، وأن المجاهدين خوارج ؟
وما حكم الدول التي تسن القوانين التي تجرم الجهاد ؟
وما حكم من يعينهم على مراقبة المجاهدين، وملاحقتهم والزج بهم في السجون ؟
الجواب :
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبنيا محمد وعلى آله وصحبه.
وبعد :
ما هو الارجاء :
والمشهور في اطلاق اللفظ الارجاء، في تاريخ الفرق، أنه يطلق على إخراج العمل من اسم الايمان، والمرجئة هي الفرقة التي تجعل الإيمان الذي فرضه الله تعالى على عباده وأرسله به رسله، هو تصديق القلب فحسب، او هو مع النطق بالشهادتين، أو معهما عمل القلب على خلاف بينهم وقد أخرجت المرجئة العمل من اسم الايمان، وجعلته أمرا زائدا على حقيقته، ليس جزءا منها، خارجا عن ماهيته، وبنوا على هذا التصور الخاطيء، عقيدتين ضالتين :
أحداهما : أن من تولى عن الانقياد بجوارحه لما جاءت به الرسل، فلم يعمل شيئا قط مع العمل والتمكن، أن ذلك لاينفي عنه اسم الايمان، ولايخرجه من دائرة الاسلام.
الثانية : أن الايمان لاينقضه فعل فاعل، مهما كان فعله موغلا في الكفر أوالاشراك، مالم يقترن بفعله، جحود أو استحلال، ذلك ان الايمان هو التصديق، فلاينقضه الا التكذيب في زعمهم.
مع أن بعض الذين يتبنون هاتين العقيدتين الضالتين، لايقولون إن الايمان هو التصديق فحسب، ومع ذلك يتناقضون هذا التناقض القبيح، إذ الإيمان إن كان قولا وعملا، فلا بد أن يكون نقضه بالقول والعمل أيضا.
أين تكمن خطورة عقيدة الارجاء ؟
وتكمن خطورة هاتين العقيدتين، في أنهما يجردان الايمان الذي نزل به القرآن، من خاصيته الحيوية التي تربط بين الباطن والظاهر، والقلب والجوارح، والتي تحول الانسان الى طاقة إيمانية هي ينبوع العمل الصالح، كما قال تعالى : { ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء * تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون } [ابراهيم 25].
وليست كلمات باهتة مجردة.
فهذان الاعتقادان، يجعلان الإيمان كالتصورات النظرية الجامدة، أوكالعقائد الميتة التي لاحراك فيها. فهما في حقيقتهما، إنما يهيئان الطريق لانحراف البشرية عن اتباع الرسل، ويفسحان السبيل لتعطيل ترجمة تعاليم الدين إلى واقع حياتي. كما أنهما يحرضان على الردة بالقول والعمل. ويجعلان التهجم على الدين، سهل المنال، ذلك أنه يكون في مأمن من الحكم بالردة، تحت ذريعة عدم توفر شرط الجحود والاستحلال.
مدى شناعة ما يترتب على عقيدة الارجاء :
وقد عبر الامام ابن القيم في نونيته عن مدى شناعة، عقيدة الارجاء، هذا التصور الخاطيء لحقيقة الايمان وما يؤدي اليه، في هذه الابيات :
وكذلك الإرجاء حين تقر بالمعــ ـــبود تصبح كامل الإيمان
فارم المصاحف في الحشوش وخرب البيت العتيق وجد في العصيان
واقتل اذا ما استعطت كل موحد وتمسحن بالقس والصلبان
واشتم جميع المرسلين ومن أتوا من عنده جهرا بلا كتمان
واذا رأيت حجارة فاسجد لها بل خر للأصنام والأوثان
وأقر أن الله جل جلاله هو وحده الباري لذي الأكوان
وأقر أن رسوله حقا أتى من عنده بالوحي والقرآن
فتكون حقا مؤمنا وجميع ذا وزر عليك وليس بالكفران
هذا هو الإرجاء عند غلاتهم من كل جهمي أخي شيطان
العلمانيون اللادينيون يفرحون بهذه العقيدة المنحرفة :
وإن مما يثير الآسى، أن هذا بعينه ما يروجه زنادقة العصر العلمانيون اللادينيون، ، فغاية أمانيهم، أن يختزل كل دين الإسلام الى أمر يعتقده الانسان ان بدا له ذلك بجنانه. وليس لاحد أن يسأله فيما وراء ذلك، عن أي التزام من قول أو عمل، فالايمان إن كان ولابد منه عند اللادينين لاينبغي أن يعدو كونه تصديقا محضا، لاينبني عليه أي موقف عملي، الا أن يكون كمالا، لايؤثر زواله أجمع في حقيقة الايمان.
الارجاء انهزام نفسي :
وقد رد على المرجئة ذينك القولين، كثير من العلماء المتقدمين والمتأخرين والمعاصرين، وطويت هذه البدعة الى حين. ثم أثير غبارها مرة أخرى من بعض الإسلاميين، متأثرين من حيث لا يشعرون ، بالدعوة اللادينية، وبتخويفها من الحكم على زنا دقتهم اللادينيين بالردة، وإشهارها سلاح الاتهام " بالتكفيريين " لمن يكفر ملحديهم، ووصمه بأنه " متطرف " أو " إرهابي ".
فتراجعت أمام صيحات هؤلاء الزنادقة، عقول حائرة، فطاشت سهامها، وفرت خوفا من الوقوع في فتنة التكفير المتخبط بغير هدى، إلى فتنة الإرجاء المخذل الذي يهدم عقيدة الأمة. فروجت للمقالتين الإرجائيتين الضالتين السابقتين، في بعض الإصدارات والكتب، وانتشرت في بعض أوساط الصحوة الإسلامية، وتبناها بعض المتحمسين، احسانا للظن بمؤلفيها أو مزكيها، فأخذت في الرواج والإنتشارسريعا.
من أسباب انتشار الارجاء، والاستهانة بمنزلة العمل من الدين، وتهوين الوقوع في الردة :
ولعل من اسباب انتشار ظاهرة الارجاء في هذا الزمن، الذي تمر به الأمة وهي تعاني تراجعا في التمسك بدينها، وهجمة من أعداءها، أنها وافقت استرواح النفوس الى طلب الدعة، والراحة من عناء مواجهة الباطل وأهله.
ومن أسبابها ايضا :
الاسترسال، والانقياد بغير شعور لضغط الواقع، مع الدعوة العالمية الى حرية المعتقد، وترك الناس وشأنهم ما يفعلون، حتى لو كانت أفعالهم نواقض تهد كيان الإيمان هدا.
ومن المعلوم أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، و معارضة الباطل لاسيما اذا كان كفرا، تستدعي جهدا وجهادا يشق على النفوس، خاصة اذا كان أهل الباطل هم الطواغيت، أهل السطوة والحبوة - من الحباء أي العطاء - وقديما قيل : ( ان البدعة اذا وافقت هوى، فما أثبتها في القلوب ).
البدع تبدأ صغارا ثم تؤول كبارا :
وقد كان بعض السلف يقول : إن البدع تبدأ صغارا ثم تؤول كبارا، وقد وجدنا هذا حقا في المرجئة، فما كنا نظن أن تتعدى نزعة التخذيل لديهم إلى درجة أن ينتقلوا من التنظير الشرعي لتسلط الطواغيت على الأمة، إلى التنظير للاحتلال الصليبي لها، ثم كان منهم أن فعلوا ذلك، ففيهم اليوم من علا صوته مدافعا عن الاحتلال الصليبي للعراق، واصفا إياه بأنه أخف الضررين ، وفيه مصلحة للشعب العراقي، محاربا المجاهدين فيها، ناعتا لهم بأقبح أوصاف الذم، ولاريب أن في هذا القول من الضلال الصريح، بل الكفر القبيح ما فيه.
اقتران الإرجاء بالتخذيل عن الجهاد ومحاربة المجاهدين :
هذا وسبب اقتران الإرجاء بالتخذيل عن الجهاد، ومحاربة المجاهدين، أن منبعهما واحد، إذ كان الإرجاء في حد ذاته، نزعة تخذيل، وهو عاهه ضعف، هي جزء من التركيب النفسي والعضوي للشخص.
وأيضا داعيهما واحد، فالإرجاء - كما قال المأمون - " دين الملوك "، ولهذا ما بعد عن الحقيقة من قال :
إن الإرجاء أصلا نشأ نشأة سياسية، ولهذا كان المرجئة دوما أداة طيعة بيد الملوك والحكام والساسة، لأن محصلة عقيدتهم الضالة أنهم يقولون : دعوا من تولى عليكم، يقول ويفعل ما شاء ، لأنه مؤمن بمجرد انتسابه إلى الاسلام، يكفيه ذلك، والله يحكم فيه يوم القيامة، ليس ذلك إليكم، فدعوه يوالي الكفار، ويحارب الإسلام، وينصب الطاغوت حاكما بين الناس، ويفتح باب كل شر على الأمة، فإنما هي الذنوب، التي لايسلم منها أحد، كل ابن آدم خطاء !! بل هو خير ممن ينكر عليه، لأنهم خوارج، والعصاة أهون شرا من الخوارج، فليت شعري، ما أحوج الطواغيت إليوم إلى هذا " الافيون " ليسري في جسد الأمة !
حكم من يجرم الجهاد، ويعين الطواغيت على ملاحقة المجاهدين :
هذا وكل من قام بجهاد مشروع، ينصر فيه دين الله، أو يدفع عن حرمات المسلمين، أو يكف بأس الذين كفروا عن أهل الإسلام، فإن سن القوانين التي تجرم هذا الجهاد المشروع، وملاحقة من يقوم به، إرضاء للكافرين، هو من نواقض الإسلام، وهو من اتخاذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين، وقد تبرأ الله تعالى ممن اتخذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين، قال تعالى { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء.. الآية }، وقال تعالى { يا أيها الذين آمنوا لاتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين }.
وإثم النهي عن جهاد الكفار، من اعظم الآثام، لانه لا فتنة أعظم من فتنة ظهور الكفار على بلاد المسلمين، واستعلاءهم على أهل الإسلام، فمن يكن عونا على الفتنة هو شريك في جريمتها، وجزء منها، وإذا كان الله تعالى قد قال { وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا }.
قال ذلك في الذين يقعدون مع المنافقين، ولا ينكرون عليهم خوضهم في آيات الله بالباطل، فكيف بالذين يعينون أهل الباطل على باطلهم، ثم كيف بالذين يحاربون أهل الحق إرضاء لأهل الباطل!.
ومعلوم أن من نصر قوما ووالاهم حشر معهم يوم القيامة، فمن نصر المجاهدين ووالاهم حشر معهم، ومن نصر الكفار ووالاهم وكان معهم على المجاهدين، حشر معهم، ولسوف يتبرؤون منه، يوم لا ينفع مال ولا بنون، بل ذلك اليوم يكفر بعضهم ببعض، ويلعن بعضهم بعضا، كما قال تعالى عن الكافرين وأولياءهم : { ويوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ومأواكم النار ومالكم من ناصرين }.
والله أعلم