المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صحة الإسلام مع الشرط الفاسد ..



مالك مناع
03-06-2009, 05:33 PM
وقفت على شبهة هزيلة تشدق بها أحد الأغبياء وقد ظن بأنه أتى بما لم تأت به الأوائل، فقد ذكر الحديث الذي رواه أنس أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لرجل: أسلم، قال: أجدني كارهاً، قال: أسلم وإن كنت كارها. صححه الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 1454 ) .

فقال: كيف يأمر (النبي صلى الله عليه وسلم) الرجل أن يسلم وهو كاره للإسلام ؟! هل يريد (النبي صلى الله عليه وسلم) أن يُكره الرجل على الإسلام رغم عدم اقتناعه به ؟! ثم أليس في هذا تحايل على الدين والمبادئ التي يحملها (النبي صلى الله عليه وسلم).

تلك هي شبهته الواهية والتي يكفي مجرد التأمل بها لإسقاطها، فينقلب ما ظنه الجهول مذمة إلى منقبة عظيمة لهذا الدين القويم ولهذا النبي الرحيم بأمته العطوف بها .. ولكننا ابتلينا في زمن الشبكة العنكبوتية بأناس لا خلاق لهم ولا إنصاف.

ولهذا الحديث نظائر جهلها الخصم ولو عرفها لطار بها فرحاً لظنه بأنها تقوي حجته وهي في الحقيقة لا تزيدها إلا وهناً ، مثل الحديث الذي رواه الإمام أحمد في مسنده: حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن قتادة عن نصر بن عاصم عن رجل منهم أنه: أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم على أنه لا يصلي إلا صلاتين، فقبل ذلك منه.

ومثل ما رواه الإمام أحمد في مسنده أيضاً عن جابر رضي الله عنه قال : اشترطت ثقيف على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا صدقة عليهم ولا جهاد وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سيتصدقون ويجاهدون .

فهذه الأحاديث وغيرها تتعلق بفقه دعوة الكفار إلى الإسلام وهو التدرج معهم وتأليف قلوبهم، ولذا بوّب ابن حجر على الحديث الثاني بقوله :« باب التآلف على الإسلام » كما في المطالب العالية (9/537).

قال الشوكاني في نيل الأوطار (باب الحدود - أبواب أحكام الردة والإسلام): هذه الأحاديث فيها دليل على أنه يجوز مبايعة الكافر، وقبول الإسلام منه، وإن شرط شرطا باطلا، وأنه يصح إسلام من كان كارها.


قال الشيخ علي الصياح حفظه الله تعليقاً على الحديث الثاني:

وهنا يتفطن أنه ربما لا يفقه بعض الكفار الدين الإسلامي حقيقة، أو يثقل عليه شيء منه، ولكن ما إن يدخل في الإسلام وتستقر حلاوة هذا الدين في قلبه حتى يكون أشد حماساً وتمسكاً من بعض المسلمين الأصليين، وهذا أمر مُشاهد، وقال أبو داود في السنن: حدثنا الحسن بن الصباح أخبرنا إسماعيل بن عبد الكريم حدثني إبراهيم عن أبيه عن وهب، قال: سألت جابراً عن شأن ثقيف إذ بايعت، قال : اشترطت على النبي صلى الله عليه وسلم أن لا صدقة عليها ولا جهاد وأنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك يقول : " سيتصدقون ويجاهدون إذا أسلمو".

وفي الحديث دليل على "صحة الإسلام مع الشرط الفاسد" فيقبل منه الإسلام قبولا مبدئيا ترغيبا له فيه، ثم يرشد وينصح ويأمر بالخمس كلها. لذا بوب مجد الدين ابن تيمية على هذا الحديث وغيره بقوله :«باب صحة الإسلام مع الشرط الفاسد » كما في المنتقى (2/4164) قلتُ: ويشبهه الشرط الفاسد في البيوع فيصح البيع مع فساد الشرط!

وهذا الحديث يدخل في باب المصالح والمفاسد فمصلحة أن يسلم مع النقص الذي يرجى تكميله أولى من أن يبقى على الكفر المحض، وقد أشار إلى هذا شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (35/32).

وللحافظ ابن رجب رحمه الله كلام جيد حول الحديث قال فيه:« ومن المعلوم بالضرورة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل من كل من جاءه، يريد الدخول في الإسلام الشهادتين فقط، ويعصم دمه بذلك، ويجعله مسلما.

فقد أنكر على أسامة ابن زيد قتله لمن قال لا إله إلا الله لما رفع عليه السيف واشتد نكيره عليه، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يشترط على من جاءه يريد الإسلام أن يلتزم الصلاة والزكاة، بل قد روي أنه قَبِل من قوم الإسلام واشترطوا أن لا يزكوا. ففي مسند الإمام أحمد عن جابر رضي الله عنه قال: اشترطت ثقيف على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا صدقة عليهم ولا جهاد، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سيتصدقون ويجاهدون.

وفيه أيضا عن نصر بن أيضا عن نصر بن عاصم الليثي عن رجل منهم أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم على أن لا يصلي إلا صلاتين، فقبل منه، وأخذ الإمام أحمد بهذه الأحاديث وقال: يصح الإسلام على الشرط الفاسد ثم يلزم بشرائع الإسلام كلها ... إلى أن قال: فإنه صلى الله عليه وسلم أمر معاذا لما بعثه إلى اليمن أن يدعوهم أولا إلى الشهادتين، وقال إن هم أطاعوك لذلك، فأعلمهم بالصلاة، ثم بالزكاة، ومراده أن من صار مسلما بدخوله في الإسلام أمر بعد ذلك بإقامة الصلاة ثم بإيتاء الزكاة وكان من سأله عن الإسلام يذكر له مع الشهادتين بقية أركان الإسلام كما قال جبريل عليه الصلاة والسلام لما سأله عن الإسلام وكما قال للأعرابي الذي جاءه ثائر الرأس يسأله عن الإسلام .

" جامع العلوم والحكم " (ص84).

فمن خلال ما تقدم يتبين أن الكلام كله في الكافر الأصلي وأما لو جاءنا مسلم وقال: سأكتفي بصلاتين فقط لهذا الحديث، فنقول: إن هذا لا يقبل منه أبداً لما تقدم تقريره.

هذا ما تيسر جمعه لبيان تهافت هذه الشبهة . والله أعلم

عمر الأنصاري
03-06-2009, 07:05 PM
بارك الله فيكم زادكم علما وفقها

مالك مناع
03-07-2009, 12:55 PM
وفيك بارك أخي الحبيب ..

الحق الظاهر
03-07-2009, 04:00 PM
جزاك الله خير وزادك علما

اخت مسلمة
03-07-2009, 06:59 PM
(( أن يسلم مع النقص الذي يرجى تكميله أولى من أن يبقى على الكفر المحض)))

عبارة رائعه وجد مفيدة لو يبدا بها من يحاولون بصدق ومازال لديهم شك
جزاك الله خيرا على موضوعك الطيب_تحياتي