عمر الأنصاري
03-08-2009, 02:35 AM
http://www12.0zz0.com/2009/03/07/23/286307278.png
يأتيكم بعد الفاصل..
بيان عُمدة مدينة المسوخ
أخيراً سنعيش في مدينتنا الفاضلة يا بَهْبُوزَا– قالها أحد الملاحدة وهو يشاهد التلفاز ويتلهف لسماع البيان بعد الفاصل الإشهاري- أخيرا سنعيش الإلحاد على أرض الواقع، أخيراً ستُستبدل الحدائق الغَنَّاء بمقابر الأبرياء، وبرك المياه الزرقاء ببرك الدماء الحمراء، تُقتلع الرؤوس كما تُقتلع الأزهار، يُسلسل الضعيف كما تُسلسل الكلاب، تُهدم المساجد والكنائس تُـ.....
أفرط زميلنا في حماسه الذي توقف بصفعة على قفاه من زميله بهبوزا، ذَكَّرَتْهُ بآخر مناظرة له في منتدى التوحيد التي انتهت بهربه.
- أيها الغبي لماذا صفعتني ؟
- اسكت لا أم لك دعنا نسمع البيان...
هرش قفاه المتورمة وأنهيا حوارهما ليسمعا بيان عُمدة المدينة...
ساد صمت طويل، انتهى بصعود العمدة إلى المنصة ليلقي بيانه:
أيها المجرمون نهنئكم بخير يوم طلعت عليه شمسكم ...
لقد تم افتتاح مدينتنا الفاضلة، "مدينة الملحدين"، وقد كنا نأمل أن يتواجد معنا نيتشه وماركس وداروين وغيرهم ليشهدوا هذا اليوم المجيد وهذا الفتح التاريخي، ويروا بأعينهم موت الإنسان وولادة اللاإنسان، هذا المسخ الذي لطالما دعونا - نحن معشر الملاحدة والليبراليين العرب والعلمانية في كل مكان- الأمم إلى الاقتداء به، وها نحن نطبق أفكاركم على أرض الواقع ونؤسس لكم أيها المسوخ مدينتكم الفاضلة...
وَيْلُكُم أيها المسوخ أقصد Welcome
وسأقرأ على مسامعكم النتنه هذا البيان الذي يضم بنود وقوانين مدينتي بل مدينتكم:
1 – ضعوا نصب أعينكم أن القانون السائد هو قانون المصلحة، نحن في هذه المدينة لا نؤمن بالله ولا نؤمن بيوم الحساب، وعليه: يحق لأي مسخ من المسوخ أن يفعل ما يشاء تحقيقًا لشهواته ومصالحه وغرائزه ولو على حساب الآخرين، فما دُمْتَ قوياً فأنت الأفضل، واحرص على التمتع بكل ثانية من حياتك، فالدنيا جنتك.
2 – بناءً على تعاليم القديس نيتشه، قُمت بصفتي عمدة المدينة بشطب الإلزام الأخلاقي، فالعدل سبب تجبر الضعفاء والصدق سذاجة والعفة بلاهة والأمانة جبن، يحق لك أن تكذب، تسرق، تخون أوتظلم، يحق لك أن تكون شريرا سفاحا يحق لك أن تكون أسودَ من السواد ما دام هذا السواد يسد ظمأ شهواتك ويلبي غرائزك.
3 - بناءً على تعاليم القديس داروين جميع المسوخ أبناء الطبيعة، وأي تصرف غبي من أي مسخ يعارض فيه الطبيعة سيُعتبر ذلك خرقا للميثاق يتم بموجبه طرده، وحتى نُسهل الالتزام بهذا البند قررتُ أن أحُث الوافدين الجدد على التشبه بالحيوان والاقتداء به، وقد أصدرت موافقتي للمجلس الأعلى للمدينة على قيادة حملة تحسيسية تُجمَع فيها نفقات شراء الكلاب بعدد سكان المدينة، تحت شعار "لكل مسخ كلب من أجل رُقي مدينتنا" وقد كان المقرر أن يكون الشعار "لكل مسخ جحش" فهو الأليق بسكان هذه المدينة غير أنه واجهتنا مشكلة غلاء سعر الحمير.
4 – تطبيقا لوصايا البابا ماركس كل المسوخ عبارة عن مجموعة من الذرات تتناطح فيما بينها خاضعة لقانون جبري، وهكذا وفر علينا ماركس مشقة بناء المحاكم والسجون ومراكز الشرطة وإعداد رجال الأمن، كل الجرائم ما هي إلا تفاعلات كيماوية ولن يحاسِب عمدة المدينة أيَّ مسخ قتل مسخا آخر.
5 – قانون لكل حادث محدِث خَدَّرَ البشرية لقرون طوال، ولن تقوم المدينة باعتماده، لا شيء في مدينتي يقوم بأسباب كل شيء صدفة وعشوائية، ومن لم يكفر بمبدأ السببية فلن نستضيفه.
6 – لن أسمح بدخول العلماء لمدينتي، هؤلاء الرعاع قامت أبحاثهم على مبدأ السببية، ويُفنون أعمارهم في البحث عن أسباب الظواهر الكونية، وهذا يخالف البند الخامس من بياني.
7 – لم نغفل عن الحاجات البيولوجية للمسوخ وبموجبه: فإن المرأة الواحدة لكل الرجال والرجل الواحد لكل النساء، وفي إطار تحقيق الحرية التامة لن ولم نُمانع من المصادقة على وثيقة المِثلية، ففي النهاية كل المسوخ ذرات متراطمة.
8 – الأبوة والزواج أمور متجاوزة في مدينتنا ، فالأب والأم موضة قديمة وزوج وزوجة ميثاق ميتافيزيقي خيالي، وفي البند السابق أشرنا إلى أن: المرأة لكل الرجال والرجل لكل النساء.
9 – القانون السائد في المدينة هو قانون الغاب، فمن كان ضعيفا فلا يلومن إلا نفسه.
10 – أي مسخ غير قادر على الإنتاج سيُعتبر عالة علينا ولن نتردد في تصفيته.
11- بلدانكم تهتم بالإنسان، ونحن نهتم بكم على أنكم سلع، آلات ناتجة، حيوانات ذكية، ذرات متراطمة.
12- في مدينتكم لن نَعِدَكُم بشيء وإذا وعدنا لن نفي بشيء، كل ما تستحقون يا حفنة المسوخ أن تُبقر أحشاؤكم وتُداس في الأرض بعد أن دسنا عقولكم، سنُهيء لكم الأَسِرَّة المريحة، لكن لن تنعموا بنوم هنيء، سنهيئ لكم التكنولوجيا الحديثة وسنسلب منكم السعادة .
13- لكم حق واحد: أن تكون تعساء، ومجلس المدينة حريص على تحقيق هذا المطلب، نأمل أن نراكم تعانون، تصرخون، تفقدون كل خلية من خلايا دماغكم العفن بعد أن فقدتم إنسانيتكم.
14 – لا يحق لأي مسخ أن يكتب شعرا أو يرسم لوحة أويؤلف رواية، لا يحق له أن يحلم لا يحق له أن يتمنى لا يحق له أن يفكر لا يحق له أن يكون حراً لا يحق له أن يكون إنساناً.
إنتهى البيان وتبعه هتاف الناعقين وصفيرهم...
نَظَر بهبوزا إلى زميله الذي لا يزال يهرش قفاه قائلا له:
- أتذكر المبلغ الذي كنتَ قد أعرتني إياه؟
- هز رأسه دون أن يلتفت إليه وقال ذاك مبلغ كفيل أن أشتري به تذكرة الذهاب لمدينة المسوخ حلمي الذي سيتحقق...
لم يشعر زميلنا إلا بقارروة خمر تفجر دماغه، فبهبوزا كان حريصا على شراء تذكرة السفر أشد من حرصه على إرجاع الدَيْن لزميله -الذي فضل العيش معه على العيش مع زوجته-.
وضعه في كيس ورماه من النافذة الخلفية المُطلة على مزبلة الحي ...
...وهو يُلملم أغراضه للرحيل إذا بجرس الباب يرن..
- من على الباب ؟
- أنا صديقك الحأ والحئيئة.
- أهلاااااا غبت عنا كثيرا أيها الوغد..
- أراك تجمع أغراضك، إلى أين أنت ذاهب؟
- ألم تسمع بالبيان الذي ألقاه عمدة المدينة الفاضلة، لقد جمَّعت المال وسأذهب الآن.
خرق السكون طلقة رصاصة استقرت في نفوخ بهبوزا، وغادر الحأ والحئيئة ومعه حقيبة صديقه وثمن التذكرة، متوجها إلى المطار...
يأتيكم بعد الفاصل..
بيان عُمدة مدينة المسوخ
أخيراً سنعيش في مدينتنا الفاضلة يا بَهْبُوزَا– قالها أحد الملاحدة وهو يشاهد التلفاز ويتلهف لسماع البيان بعد الفاصل الإشهاري- أخيرا سنعيش الإلحاد على أرض الواقع، أخيراً ستُستبدل الحدائق الغَنَّاء بمقابر الأبرياء، وبرك المياه الزرقاء ببرك الدماء الحمراء، تُقتلع الرؤوس كما تُقتلع الأزهار، يُسلسل الضعيف كما تُسلسل الكلاب، تُهدم المساجد والكنائس تُـ.....
أفرط زميلنا في حماسه الذي توقف بصفعة على قفاه من زميله بهبوزا، ذَكَّرَتْهُ بآخر مناظرة له في منتدى التوحيد التي انتهت بهربه.
- أيها الغبي لماذا صفعتني ؟
- اسكت لا أم لك دعنا نسمع البيان...
هرش قفاه المتورمة وأنهيا حوارهما ليسمعا بيان عُمدة المدينة...
ساد صمت طويل، انتهى بصعود العمدة إلى المنصة ليلقي بيانه:
أيها المجرمون نهنئكم بخير يوم طلعت عليه شمسكم ...
لقد تم افتتاح مدينتنا الفاضلة، "مدينة الملحدين"، وقد كنا نأمل أن يتواجد معنا نيتشه وماركس وداروين وغيرهم ليشهدوا هذا اليوم المجيد وهذا الفتح التاريخي، ويروا بأعينهم موت الإنسان وولادة اللاإنسان، هذا المسخ الذي لطالما دعونا - نحن معشر الملاحدة والليبراليين العرب والعلمانية في كل مكان- الأمم إلى الاقتداء به، وها نحن نطبق أفكاركم على أرض الواقع ونؤسس لكم أيها المسوخ مدينتكم الفاضلة...
وَيْلُكُم أيها المسوخ أقصد Welcome
وسأقرأ على مسامعكم النتنه هذا البيان الذي يضم بنود وقوانين مدينتي بل مدينتكم:
1 – ضعوا نصب أعينكم أن القانون السائد هو قانون المصلحة، نحن في هذه المدينة لا نؤمن بالله ولا نؤمن بيوم الحساب، وعليه: يحق لأي مسخ من المسوخ أن يفعل ما يشاء تحقيقًا لشهواته ومصالحه وغرائزه ولو على حساب الآخرين، فما دُمْتَ قوياً فأنت الأفضل، واحرص على التمتع بكل ثانية من حياتك، فالدنيا جنتك.
2 – بناءً على تعاليم القديس نيتشه، قُمت بصفتي عمدة المدينة بشطب الإلزام الأخلاقي، فالعدل سبب تجبر الضعفاء والصدق سذاجة والعفة بلاهة والأمانة جبن، يحق لك أن تكذب، تسرق، تخون أوتظلم، يحق لك أن تكون شريرا سفاحا يحق لك أن تكون أسودَ من السواد ما دام هذا السواد يسد ظمأ شهواتك ويلبي غرائزك.
3 - بناءً على تعاليم القديس داروين جميع المسوخ أبناء الطبيعة، وأي تصرف غبي من أي مسخ يعارض فيه الطبيعة سيُعتبر ذلك خرقا للميثاق يتم بموجبه طرده، وحتى نُسهل الالتزام بهذا البند قررتُ أن أحُث الوافدين الجدد على التشبه بالحيوان والاقتداء به، وقد أصدرت موافقتي للمجلس الأعلى للمدينة على قيادة حملة تحسيسية تُجمَع فيها نفقات شراء الكلاب بعدد سكان المدينة، تحت شعار "لكل مسخ كلب من أجل رُقي مدينتنا" وقد كان المقرر أن يكون الشعار "لكل مسخ جحش" فهو الأليق بسكان هذه المدينة غير أنه واجهتنا مشكلة غلاء سعر الحمير.
4 – تطبيقا لوصايا البابا ماركس كل المسوخ عبارة عن مجموعة من الذرات تتناطح فيما بينها خاضعة لقانون جبري، وهكذا وفر علينا ماركس مشقة بناء المحاكم والسجون ومراكز الشرطة وإعداد رجال الأمن، كل الجرائم ما هي إلا تفاعلات كيماوية ولن يحاسِب عمدة المدينة أيَّ مسخ قتل مسخا آخر.
5 – قانون لكل حادث محدِث خَدَّرَ البشرية لقرون طوال، ولن تقوم المدينة باعتماده، لا شيء في مدينتي يقوم بأسباب كل شيء صدفة وعشوائية، ومن لم يكفر بمبدأ السببية فلن نستضيفه.
6 – لن أسمح بدخول العلماء لمدينتي، هؤلاء الرعاع قامت أبحاثهم على مبدأ السببية، ويُفنون أعمارهم في البحث عن أسباب الظواهر الكونية، وهذا يخالف البند الخامس من بياني.
7 – لم نغفل عن الحاجات البيولوجية للمسوخ وبموجبه: فإن المرأة الواحدة لكل الرجال والرجل الواحد لكل النساء، وفي إطار تحقيق الحرية التامة لن ولم نُمانع من المصادقة على وثيقة المِثلية، ففي النهاية كل المسوخ ذرات متراطمة.
8 – الأبوة والزواج أمور متجاوزة في مدينتنا ، فالأب والأم موضة قديمة وزوج وزوجة ميثاق ميتافيزيقي خيالي، وفي البند السابق أشرنا إلى أن: المرأة لكل الرجال والرجل لكل النساء.
9 – القانون السائد في المدينة هو قانون الغاب، فمن كان ضعيفا فلا يلومن إلا نفسه.
10 – أي مسخ غير قادر على الإنتاج سيُعتبر عالة علينا ولن نتردد في تصفيته.
11- بلدانكم تهتم بالإنسان، ونحن نهتم بكم على أنكم سلع، آلات ناتجة، حيوانات ذكية، ذرات متراطمة.
12- في مدينتكم لن نَعِدَكُم بشيء وإذا وعدنا لن نفي بشيء، كل ما تستحقون يا حفنة المسوخ أن تُبقر أحشاؤكم وتُداس في الأرض بعد أن دسنا عقولكم، سنُهيء لكم الأَسِرَّة المريحة، لكن لن تنعموا بنوم هنيء، سنهيئ لكم التكنولوجيا الحديثة وسنسلب منكم السعادة .
13- لكم حق واحد: أن تكون تعساء، ومجلس المدينة حريص على تحقيق هذا المطلب، نأمل أن نراكم تعانون، تصرخون، تفقدون كل خلية من خلايا دماغكم العفن بعد أن فقدتم إنسانيتكم.
14 – لا يحق لأي مسخ أن يكتب شعرا أو يرسم لوحة أويؤلف رواية، لا يحق له أن يحلم لا يحق له أن يتمنى لا يحق له أن يفكر لا يحق له أن يكون حراً لا يحق له أن يكون إنساناً.
إنتهى البيان وتبعه هتاف الناعقين وصفيرهم...
نَظَر بهبوزا إلى زميله الذي لا يزال يهرش قفاه قائلا له:
- أتذكر المبلغ الذي كنتَ قد أعرتني إياه؟
- هز رأسه دون أن يلتفت إليه وقال ذاك مبلغ كفيل أن أشتري به تذكرة الذهاب لمدينة المسوخ حلمي الذي سيتحقق...
لم يشعر زميلنا إلا بقارروة خمر تفجر دماغه، فبهبوزا كان حريصا على شراء تذكرة السفر أشد من حرصه على إرجاع الدَيْن لزميله -الذي فضل العيش معه على العيش مع زوجته-.
وضعه في كيس ورماه من النافذة الخلفية المُطلة على مزبلة الحي ...
...وهو يُلملم أغراضه للرحيل إذا بجرس الباب يرن..
- من على الباب ؟
- أنا صديقك الحأ والحئيئة.
- أهلاااااا غبت عنا كثيرا أيها الوغد..
- أراك تجمع أغراضك، إلى أين أنت ذاهب؟
- ألم تسمع بالبيان الذي ألقاه عمدة المدينة الفاضلة، لقد جمَّعت المال وسأذهب الآن.
خرق السكون طلقة رصاصة استقرت في نفوخ بهبوزا، وغادر الحأ والحئيئة ومعه حقيبة صديقه وثمن التذكرة، متوجها إلى المطار...