المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : القران المجمل والقران المفصل ( ج 1 )



المراجع
04-11-2009, 03:36 AM
القران المجمل والقران المفصل





كلنا يعلم ان الله تعالى انزل القران في ليلة القدر وهي الليلة المباركة من شهر رمضان ، قال ابن عباس وغيره : انزل الله القران جملة واحدة الى بيت العزة من السماء الدنيا ثم نزل مفصلا حسب الوقائع في ثلاث وعشرين سنة على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ......... قال تعالى ( حم * والكتاب المبين * انا انزلناه في ليلة مباركة انا كنا منذرين * فيها يفرق كل امر حكيم ) 1 – 4 الدخان . وقال تعالى ( وقرانا فرقناه لتقراه على الناس على مكث وانزلناه تنزيلا ) 106 الاسراء وقال تعالى ( الر كتاب احكمت اياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير ) 1 هود . وقال تعالى ( ولقد جاناهم بكتاب فصلناه على علم هدى ورحمة ) 52 الاعراف . وقال تعالى هو الذي انزل اليكم الكتاب مفصلا ) 114 الانعام . ....... كل هذه الايات وغيرها تدل على ان للقران حقيقتين : قران مجمل في الملا الاعلى ( عالم الارواح ) ، وقران مفصل في الارض ( عالم الاجساد ) ..... قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى ( وقرانا فرقناه على الناس ......... ) : فالقران اشرف كتاب انزله الله ، ومحمد صلى الله عليه واله وسلم اعظم نبي ارسله الله تعالى ، وقد جمع الله للقران الصفتين معا ، ففي الملا الاعلى انزل جملة واحدة الى بيت العزة في السماء الدنيا ثم انزل بعد ذلك الى الارض منجما بحسب الوقائع والحوادث . انتهى قول ابن كثير .
وقد اتصف هذا القران المجمل بجملة صفات واسماء وقد ذكرها القران .... من تلك الاسماء :


اولا : سمي ( القران ) .

قال تعالى ( شهر رمضان الذي انزل فيه القران ) 185 البقرة . وقالى تعالى ( وقرانا فرقناه على الناس على مكث ) 106 السراء .

ثانيا : سمي ( الكتاب ) .

قال تعالى ( وهذا كتاب انزلناه مباركا فاتبعوه ) 155 الانعام . وقال ( هو الذي انزل اليكم الكتاب مفصلا ) 114 الانعام . وقال ( المر تلك ايات الكتاب ) 1 الرعد . وقال ( الر كتاب انزلناه اليك ) 1 ابراهيم . وقال تعالى ( كتاب فصلت اياته ) 3 فصلت .

وجاءت تسميته { القران و الكتاب } مجتمعتين في قوله تعالى ( الر تلك ايات الكتاب وقران مبين ) 1 الحجر. وقوله ( طس تلك ايات القران وكتاب مبين ) 1 النمل .

ثالثا : سمي ( الكتاب المبين ) .

قال تعالى ( الر تلك ايات الكتاب المبين ) 1 يوسف . وقال تعالى ( طسم * تلك ايات الكتاب المبين ) 1-2 القصص . وقال تعالى ( حم * والكتاب المبين ) 1-2 الزخرف . وقال تعالى ( طسم * تلك ايات الكتاب المبين ) 1-2 الشعراء .

رابعا : وسمي ( بالكتاب الحكيم ) .

قال تعالى ( الر تلك ايات الكتاب الحكيم ) 1 يونس . وقال ( الر كتاب احكمت اياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير ) 1 هود . وقال تعالى ( الم * تلك ايات الكتاب الحكيم ) 1-2 لقمان . وقال ( يس * والقران الحكيم ) 1-2 يس . وهو نفس قوله تعالى ( حم * والكتاب المبين ) 1-2 الزخرف

خامسا : وصف هذا الكتاب ( لا ريب فيه ) .

قال تعالى ( الم * تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين ) 1-2 السجدة . وقال تعالى ( الم * ذلك الكتاب لا ريب فيه ) 1-2 البقرة . وقال تعالى ( ما كان هذا القران ان يفترى من دون الله ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين ) 37 يونس . ومعناه ان القران الموحى بواسطة جبريل عليه السلام لا يستطيع احد من البشر ان ياتوا بمثله لانه بفصاحته وبلاغته لا يكون الا من عند الله ، فهو يصدق وجود الكتب التي سبقته ومهيمن عليها ومبينا الزيف الذي وقع فيها من تحريف وتاويل وتبديل وهو في نفس الوقت تفصيل لكتاب مجمل لا ريب فيه ... فهو محكم دامغ الحجة مبين .

سادسا : سمي ( القران المجيد ) .

قال تعالى ( ق والقران المجيد ) 1 ق . ذكر الله تعالى ( ق ) وهي من حروف اوائل السور ثم ذكر اسم وصفة الكتاب الحاوي على تلك الحروف ( القران المجيد ) وهو نفس قوله تعالى ( يس والقران الحكيم ) وقوله ( ص والقران ذي الذكر ) وقوله ( ن والقلم وما يسطرون ) وقوله ( حم والكتاب المبين ) وقوله ( طور وكتاب مسطور ) ......... وسنبين ذلك ان شاء الله . وقوله تعالى ( بل هو قران مجيد * في لوح محفوظ ) 21-22 البروج . قال الحسن البصري ان هذا القران المجيد عند الله في لوح محفوظ ينزل منه ما يشاء على من يشاء من خلقه .... وروى الطبراني عن عبد الملك ابن سعيد ابن جبير عن ابيه عن ابن عباس ان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال ( ان الله تعالى خلق لوحا محفوظا من درة بيضاء صفحاتها من ياقوتة حمراء قلمه نور وكتابه نور لله في كل يوم ستون وثلاثماية لحظة يخلق ويرزق ويميت ويحي ويعز ويذل ويفعل ما يشاء ) معناه انه كتاب الاقدار الذي به اقدار الخلائق . وجاء في احد الاقوال من تفسير ( ن والقلم وما يسطرون ) : القلم من نوروالكتاب من نور في لوح محفوظ . فالقران المجيد هو نفس اللوح المحفوظ فالاية تقول ان القران المجيد مكتوب في لوح وهذا اللوح محفوظ عند الله ، قال تعالى ( قد علمنا ما تنقص الارض منهم وعندنا كتاب حفيظ ) 4 ق . اي ان هذا الكتاب المحفوظ عند الله ، فيه مقدرات الخلائق ومنها الموت والحياة التي ذكرتها الاية .فهذا الكتاب ( الحفيظ ) هو نفس اللوح الحفوظ وقال تعالى ايضا ( انا نحن انزلنا الذكر وانا له لحافظون ) 9 الحجر . والذكر هو القران المجمل بدليل قوله ( ص والقران ذي الذكر ) ، وقوله ( وهذا ذكر مبارك انزلناه ) 50 الانبياء . وقوله تعالى (ان هو الا ذكر وقران مبين ) 69 يس . وقد وضح القران هذا الحفظ عند نزول هذا القران المجمل الى السماء الدنيا في قوله تعالى ( وانا لمسنا السماء فوجناها ملئت حرسا شديدا وشهبا * وانا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الان يجد له شهابا رصدا ) 8-9 الجن . وكان هذا حين بعث رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ، وانزل القران المجمل الى السماء الدنيا فارسل الله تعالى الى السماء حرسا شديدا لطرد الشياطين من مقاعدها التي كانت تقعد فيها من قبل ذلك لئلا يسترقوا شيئا من القران فيلقوه على السنة الكهنة فيلتبس الامر ويختلط ، فحفظ الله هذا الكتاب والى يومنا هذا فهو محفوظ لمن يروم ان يسترق السمع فسيجد له شهابا مرصدا له لا يتخطاه ولا يتعداه بل يمحقه ويهلكه ....
فاللوح المحفوظ هو الكتاب الذي فيه مقدرات الخلائق وان الله تعالى في ليلة القدر يفتحه فيمحو ما يشاء فيه وثبت من تلك المقدرات كالموت والحياة والسعادة والشقاء والغنى والفقر ...... الخ وهذا هو نفس الكتاب الذي انزله الله تعالى في ليلة القدر ، وهو القران المجمل المجيد المحفوظ في لوح عند الله تعالى . وجاء في صحيح البخاري : باب قول الله تعالى بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ والطور وكتاب مسطور قال قتادة مكتوب يسطرون يخطون في ام الكتاب جملة الكتاب واصله ما يلفظ من قول ما يتكلم من شئ الا كتب عليه .


سابعا : سمي ( الذكر )
قال تعالى ( ص والقران ذي الذكر ) 1 ص . وقال تعالى ( ان هو الا ذكر وقران مبين ) 69 يس . وقال تعالى ( وهذا ذكر مبارك انزلناه ) 50 الانبياء . وقال تعالى ( انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافضون ) 9 الحجر . وقال تعالى ( وعندنا كتاب حفيظ ) 4 ق .
وقد وضحنا سلفا كيف حفظ الله تعالى هذا القران .


ثامنا : سمي ( كتاب مسطور )

قال تعالى ( والطور * وكتاب مسطور * في رق منشور ) 1-3 الطور . وقال تعالى ( كان ذلك في الكتاب مسطورا ) 58 الاسراء . وقال ( ن والقلم وما يسطرون ) 1 ن . وقال تعالى ( وكل صغيرة وكبيرة مستطر ) 53 القمر . وهو نفس قوله ( ولا اصغر من ذلك ولا اكبر الا في كتلب مبين ) 3 سبا . اي مجموع عليهم ومسطر في صحائفهم لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا احصاها ..... وقيل ان الكتاب المسطور هو اللوح المحفوظ ، وقلنا ان اللوح المحفوظ هو القران المجمل المنزل .

تاسعا : سمي ( الامام المبين )

قال تعالى ( وكل شيء احصيناه في امام مبين ) 12 يس . قال تعالى ( وكل شيء احصيناه كتابا ) 29 النبا . والامام المبين هونفسه الكتاب المبين .وقال تعالى (ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون ياويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا احصاها ووجد ما عملو حاضرا ولا يظلم ربك احدا ) 49 الكهف . هذا الكتاب هو نفس الكتاب الذي اشير اليه في قوله تعالى ( وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الارض ولا في السماء ولا اصغر من ذلك ولا اكبر الا في كتاب مبين ) 61 يونس . وهذا تعبير عما في اللوح المحفوظ ايضا ...


عاشرا : سمي ( ام الكتاب )
قال تعالى ( هو الذي انزل عليك الكتاب منه ايات محكمات هن ام الكتاب ) 7 ال عمران . وقوله ( ايات محكمات ) هو نفس قوله ( ايات الكتاب الحكيم ) ، وقوله ( كتاب احكمت اياته ) وقد ذكرنا ذلك سلفا في الفقرة الرابعة ... وقال تعالى( حم والكتاب المبين إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم ) 4 الزخرف . اي ان هناك كتابا مبينا جعله مقروا عربيا ، وإنما ألبس لباس القراءة والعربية ليعقله الناس وإلا فإنه ( وهو في أم الكتاب ) عند الله ، علي لا تصعد إليه العقول ........



والمقصود : ان القران المجمل هو القران الذي انزله الله تعالى في ليلة القدر الى السماء الدنيا ، اما تفصيله وتفريقه هو الذي تنزل على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في غار حراء والذي ابتدأ بقوله ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) العلق . وقوله تعالى ( والكتاب المبين إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين ) 3 الدخان . وقوله( إنا أنزلناه في ليلة القدر ) 1 القدر . فإن ظاهر هذه الآيات لا يلائم كون المراد من إنزال القرآن أول إنزاله أو إنزال أول بعض من أبعاضه ولا قرينة في الكلام تدل على ذلك . والمتدبر للآيات الناطقة بنزول القرآن في شهر رمضان أو في ليلة منه إنما عبرت عن ذلك بلفظ الانزال الدال على الدفعة دون التنزيل كقوله تعالى : ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ) 185 البقرة . وقوله تعالى ( حم . والكتاب المبين إنا أنزلناه في ليلة مباركة ) 3 الدخان . وقوله تعالى ( إنا أنزلناه في ليلة القدر )1 القدر . والفرق بين الانزال والتنزيل أن الانزال دفعي والتنزيل تدريجي قال تعالى : ( وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا ، )106 الاسراء . وهو ظاهر في نزوله تدريجا في مجموع مدة الدعوة وهي ثلاث وعشرون سنة تقريبا نزل دفعة الى السماء الدنيا في شهر رمضان ثم نزل على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم نجوما وعلى مكث في مدة ثلاث وعشرين سنة . ثم ان يوم بعثته صلى الله عليه واله وسلم وهو في غار حراء وتنزيل قوله تعالى ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) معلوم لدى جميع الناس وليس على معرفته غبار ، واذا كان هذا اليوم هو نفس يوم ليلة القدر ، فلماذا الاشكال الواقع عند جميع المسلمين في تحديد تلك الليلة ويومها ، وقد رجحت في العشر الاواخر من شهر رمضان ...... ؟ . كل هذا يدل على ان القران المجمل هوغير القران المفصل .