تميم
04-14-2009, 07:24 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله - فقد تطورت في القرنين الأخيرين العلومُ التجريبية ُ تطورا كبيراً ؛ فتطورَ معه الإنسانُ فكرياً وجسدياً ومادياً وانكشفت له أسرارٌ هائلة ٌ وحقائقُ بديعة ٌ في نفسِهِ وفي محيطِهِ وعلى أرضِهِ وتحتـَها وفي سماه. وأصبح يراجعُ نفـسـَهُ اليومَ بما لديه من معطياتٍ جديدةٍ وأكيدة ، وينظر مجددا في فكرتهِ عن الخلقِ ِ والخالق ِ التي رفضَها - أول هذه النهضة العلمية - رفضاً قاطعاً، واعتبرَها من الخرافاتِ والتخلفِ البعيدين عن سلامةِ العقل ِ و المنطق. لكنه وجدَ أنَّ علمَه الصحيحَ وعقلـَه السليمَ لا يزيدانِهِ إلا قربا من خالقِهِ ودين الحق ِّ : الإسلام. وليس أدلَّ على ذلك من انتشارِ الإسلامِ ِ اليومَ في أنحاءِ الأرضَ
قاطبة، وخصوصا بين المجتمعات العلمانيةِ الغربيةِ ليكونَ -على مشارفَ عام 2030 م كما تشير التوقعات- أكبرَ دين ٍ موجودٍ على وجهِ الأرضِ، أو قبلَ ذلك بإذن الله تعالى.
ومنذ المنتصفِ الأخيرِ من القرنِ الماضي وحتى الآن؛ كان للفيزياءِ الفلكيةِ والنظرياتِ الكونيةِ نصيباً وافراً من هذا التطورِ الكبيرِ؛ وذلك مع تطورٍ وسائلِ المراقبةِ من لواقط َإشعاعيةٍ ومسابرَ فضائيةٍ وأقمارٍ صناعيةٍ استشعاريةٍ، وكذلك نتيجة ً للتقدمِ الكبيرِ في صناعةِ الحواسيبِ الفائقةِ السرعةِ مما سهـَّل دراسةَ َ النماذج ِ الفلكية-الرياضيةِ المعقدة وساعدَ أيضاً في تحليلِ صورِ المجرَّاتِ وأطرافِ الكونِ المرئي. كل هذا السَّعي ِ الحثيثِ يقودُهُ محاولة ُ الانسانِ ِ المستميتةِ لمعرفةِ أصلِهِ و أصل ِ كونِهِ المهول، ولن يكونَ شططا إذا قلنا هو في الحقيقة بحث ٌ مضن ٍ عن سببٍ آخرَ لوجوده؛ علـَّه يقتلُ ذلك الذي يصرخ في داخله : " ويلك !! آمـِن !! " . وهناك بعض المنتسبين للعلم ممن لا يقبل حجة ولا يرى نهاراً ؛ فطرق باب هذا العلم ظناً منه أنه سيثبت لا لنفسه ؛ بل لهؤلاء ( المتخلـِّفين ) -وبشكل نهائي- أنه لا وجود لصانع لهذا الكون المعقد!
ومن هذا المنطلق أخذ علماء الفيزياء والفلك -من قبل القرن الماضي- يضعون نظرياتهم عن أصل ومنشأ هذا الكون حسب المعطيات التي اكتشفوها، ولنستعرض الآن أهم نظرياتهم في ملخص تاريخي:
- في أوائل القرن الـ17 الميلادي (عصر النهضة العلمية الأوروبية) كان الجدال قائما بين الفلاسفة حول لا نهائية الكون ، وقد استخدم العالم الألماني جوهانز كبلر وهو من رواد ذلك العصرحجة " سماء الليل السوداء " لإثبات خطأ فرضية لانهائية الكون. سميت هذه الحجة فيما بعد بـ" متناقضة أولبر". وتتخلص في أنه لو كان الكون يحوي عددا لانهائيا من النجوم؛ للزم أن تكون سماء الليل عبارة عن صفيحة مضيئة لايرى فيها سوادٌ أبداً، كما أنّ الأغصانَ الملتفة َ
في مصفوفة الأشجار أمامك تحجبُ عنك الأفقَ الذي يقع خلفها.
- عندما وضع نيوتن قوانين الأجرام السماوية ووصف حركتها - حوالي سنة 1787 م- ، اتضح أنها في حركة دائمة نتيجة لقوى الجذب بينها.
بعد ذلك كانت الفكرة السائدة أن الكون في حالة تجاذب وتنافر مستمرين بين أجرامه ولكن هذه القوى استوت بحيث أنه كان ولازال وسيظل في حالة ثبات لا نهاية له .
- وفي أوائل القرن الـ 20 قدم الداهية آينشتاين نظريته " النسبية العامة " للعالم !! ولكنه وجد أنها لاتتفق مع نظرية الشد المتري ""metric tensor على أن الكون لايتمدد ولايتقلص. وكان يفضل هذا التفسير للكون -للأسف- فحاول تصحيح الخطأ باستحداث ثابت يجعل النظريتين تتوافقان وسماه : "بالثابت الكوني".
- وفي سنة 1922 م اقترح أليكساندر فريدمان حلا لمعضلة عدم التوافق بين النظريتين بدون اضافة الثابت بتقديمه فكرة " الكون المتمدد "!!
- وفي سنة 1925 م اقترح جورجس ليمايتري (وهو فلكي وراهب بلغاري كاثوليكي ) نظرية "الانفجار العظيم" كتفسير لنشأة الكون استنادا إلى النظرية النسبية، وتنبأ بقانون هابل وقال أن الاشعاعات الكونية هي من آثار ذلك الانفجار.
- في عام 1929م اكتشف ايدوارد هابل أنّ المجَرَّات تبتعدُ في كل اتجاه عن الأرض بسرعات تتناسب طردياً مع بعدها عن الأرض!!! مما أيد نتائج النظرية النسبية. ووجد أنه كلما زادت المسافة بين أي مجرَّتين؛ كلما زادت سرعة افتراقهما النسبية !! وهذا دليل على تمدد الكون مما يجعل نظرية " الانفجار العظيم " أكثر قبولاً من غيرها، ولكن كان كثيرا من العلماء آن ذاك يرفضون هذه النظرية لأنها تهدم قناعتهم بان الكون ليس له بداية ولأن أول من قدم الفكرة إلى العالم كان راهباً!! فحاربوها مكابرة وعناداً !!!!...
- فخرج فريد هولي عام 1948م بنظرية مضادة لتفسيرحالة الكون وثبوت توسعه واسمها:" حالة الثبات " مفادها أنه كلما تباعدت المجرات عن بعضها تتولدُ مادة ٌ جديدة ٌ في الكون مما يجعل الكون في حالة ثبات في أي نقطة من الزمن !!! والحقيقة أن هولي هو الذي سمى نظرية ليمايتري " الانفجار العظيم " في حلقات عدة في الاذاعة البريطانية!!
- مع السنين وتسجيل الملاحظات - وخصوصاً نسب الهيدروجين والهليوم واكتشاف أنّ الاجسام الكونية الصغيرة كالكواركات لا توجد إلا في أطراف الكون السحيق - وجد أنها جميعا تصب في صالح نظرية "الإنفجار العظيم".
بلإضافة إلى أنّ اكتشاف " إشعاعات المايكروايف الخلفية الكونية " أدى إلى القضاء على نظرية "حالة الثبات " المزعومة.
- في أواخر السيتينات لم يرى أكثر علماء الفيزياء الكونية بداً من قبول أن الكون الحالي له عمر محدود وانه في بدايته كان عبارة عن كتلة واحدة وحيدة .. ولكنهم أضافوا انه لايُدْرَى ما كان قبل ذلك ... وأن لحظة الأنفجار كانت هي لحظة ولادة الزمان والمكان.
- ومنذ ذلك الحين بقية نظرية "الانفجار العظيم" صامدة مع بعض التعديلات لتوافق المشاهدات الجديدة ولكن هذه التعديلات كانت متماشية مع أساس هذه النظرية .
هذا كان تفسيرها لنشأة الكون ؛ ولكن السؤال الآن:
هل تعطينا هذه النظرية تصوراً عن ماذا سيكون بعد هذا التمدد أو هل سيتوقف أصلا ، وماذا سيحل بالكون حينها ؟؟!!
الجواب هو: فرضيات النهاية أكثر غموضاً نظرا لعدم كفاية الحقائق والملاحظات المكتشفه ولصغر عمر الكون النسبي
و إليك أهم التصورات التي ذكرها علماء الفيزياء الكونية لنهاية الكون -حسب معطيات النظرية- :
1- في الكون المغلق : إذا كان التمدد يسري بمعدل متباطيء ؛ فإن قوى الجذب للاْجرام ومادة الكون سوف توقف التمدد ومن ثم تعكسه حتى ينضغط الكون في كتلة واحدة صغيرة جدا ويسمى هذا الحدث " بالانضغاط العظيم "
هذا السيناريو استـُبْعدَ بالكلية وسآتي على ذكر السبب لاحقاً.
2- في الكون المفتوح : في هذه الحاله يثبت أو يزداد معدل تسارع التمدد ولا تستطيع قوى الجذب أن توقفه. وقتها سيظل الكون يتمدد حتى يدخل في حالة تسمى " الموت الحراري " عندها تتوقف حركة الاجرام وتنطفيء النجوم وتبتلع الثقوب السوداء أغلب المادة وتقترب درجة حرارة الكون من الصفر المطلق وتنعدم الحياة أينما كانت.
وكم تمنى منكروا الخالق أن تكون نظرية الكون المغلق حيث يكون الكون في سلسلة أبدية من " الانفجار العظيم" و " الإنضغاط العظيم" لتطمأن قلوبهم من الحيرة والضياع في ظل ال حقائقة الجديدة والمؤسفة بالنسبة لهم ، ولكن هيهات هيهات....
فقد اكتشفوا - وبما لا يدع مجالاً - للشك أن هذا الكون الذي يتمدد والذي من المفروض أن يتباطأ تمدده هذا مباشرة بعد لحظة " الإنفجار العظيم" بفعل قوى الجذب بين أجزائه..هو في الحقيقة الآن في طور ٍ يتسارع فيه تمددُه وبقوة !!!!!!!!!!!!!!!!
والغريب أن هذا التسارع لم يبدأ إلا قبل حوالي 5 مليار سنة فقط!!!!!!!!!!!
أي أن تمدده تباطأ مباشرة بعد " الأنفجار العظيم " قبل حوالي 13.5 مليار سنة، ثم فجأة.. تحول التباطؤ إلى تسارع !!!!!!
ولم يجدوا تفسيرا له إلا أن قالوا أن هناك طاقة لا تعرف ماهيتها بالضبط قليلة الكثافة ومتجانسة ولاتتفاعل الا مع الجاذبية فقط وتنتشر في الفراغ وبذلك سموها : " الطاقة السوداء " - " Dark Energy "
وتعد الآن أعظم قوة في الكون حيث أنها تشغل 74% من الكون !!!!!
بينما " المادة السوداء " (أيضا لايعرف ماهيتها ) تشكل 22% من الكون !!!!
والباقي من مجرات ونجوم وغازات وسدم واشعاعات وغيرها يشترك في 4% فقط !!!!
وجود " الطاقة السوداء " هذه وبهذه الكمية جعل السيناريو الأول (الكون المغلق) لنهاية الكون أمرا مستبعدا لأن تمدد الكون في تسارع مطـّرد !
الآن ومع معرفة الحقائق الجديدة بات من الواجب تعديل التصورات السابقة المحتملة لنهاية الكون. وقد طرحت عدة تصورات من علماء الكونيات سأكتفي بذكر ثلاث منها فقط واللاتي عليها جل العلماء ، كما أن معظم التصورات الباقية مؤداها يخلص إلى هاته التصورات الآتي ذكرها وبالأخص الصورة الأولى.
آخر ما توصل إليه علماء الكونيات من تصورات محتملة لنهاية الكون تتلخص في الآتي:
1- الموت الحراري : كما تقدم شرحه وهذا التصور يميل إليه أغلب علماء الكونيات.
2- التمزق الكبير : وهو نتيجة لحالة خاصة لـ " الطاقة السوداء " تسمى :" الطاقة السوداء الخفية " ( وهي تعتبر أفضل النماذج الرياضية المعطاة لتفسير طاقة الظلام حتى الآن) وفي هذه الحاله سوف تكبر طاقة الظلام حتى تسيطر على الكون كله وتزداد كثافتها حتى تتغلب أولا على قوى الجاذبية فتحطم المجرات ومن ثم المجموعات الشمسية، ثم الكواكب. وفي النهاية تتعاظم حتى تهيمن على القوى الكهربائية والذرية فتحطم الذرات وروابط الجسيمات فتتشت أجزاء الذرات في الكون.
3- التضاغط العظيم : وقد سبق شرح معناه، وكما قلنا فإن سببه هو عندما تكون كثافة المادة في الكون كافية لجعل قوى الجذب أقوى من غيرها من القوى. وهذا احتمال بعيد نظرا لوجود " الطاقة السوداء " بكمية كبيرة في الكون !!!
وهكذا ... شيئاً فشيئاً بدأت فكرة أزلية الكون تصدأ وتفقد لمعانها ولن تلبث طويلا حتى يصبح الحكم باستحالتها مسلمـّة من المسلـّمات ، وسيكون العلم الذي كان يظن بالأمس أنه نقيض الإيمان ؛ طريقاً محتما ًيؤدي إليه.
ثم أما بعد :
سوف أستشهد بآية من القرآن الكريم فيها دليل على صدق نبوءة محمد صلى الله عليه وسلم وهي عن حقيقة علمية - مما ذكرت آنفا- سجلت ووثقت بما لايقبل الشك ، ولن استشهد على غيرها من الفرضيات والنظريات مما لم يفصل العلمُ القولَ فيه بعد.
وهذه الآية كافية لمن أراد الحق وتجرد له وأعمل الفكر السليم والمنطق القويم؛
آيةٌ تذكر حقيقة كون السماء في تمدد واتساع:
قال تعالى: "والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون" - (الذاريات: 47 )
ختاما: أتمنى أن أكون قد قدمت ما يفيد وينفع ...
انتهى ولله المنة والفضل
الحمد لله - فقد تطورت في القرنين الأخيرين العلومُ التجريبية ُ تطورا كبيراً ؛ فتطورَ معه الإنسانُ فكرياً وجسدياً ومادياً وانكشفت له أسرارٌ هائلة ٌ وحقائقُ بديعة ٌ في نفسِهِ وفي محيطِهِ وعلى أرضِهِ وتحتـَها وفي سماه. وأصبح يراجعُ نفـسـَهُ اليومَ بما لديه من معطياتٍ جديدةٍ وأكيدة ، وينظر مجددا في فكرتهِ عن الخلقِ ِ والخالق ِ التي رفضَها - أول هذه النهضة العلمية - رفضاً قاطعاً، واعتبرَها من الخرافاتِ والتخلفِ البعيدين عن سلامةِ العقل ِ و المنطق. لكنه وجدَ أنَّ علمَه الصحيحَ وعقلـَه السليمَ لا يزيدانِهِ إلا قربا من خالقِهِ ودين الحق ِّ : الإسلام. وليس أدلَّ على ذلك من انتشارِ الإسلامِ ِ اليومَ في أنحاءِ الأرضَ
قاطبة، وخصوصا بين المجتمعات العلمانيةِ الغربيةِ ليكونَ -على مشارفَ عام 2030 م كما تشير التوقعات- أكبرَ دين ٍ موجودٍ على وجهِ الأرضِ، أو قبلَ ذلك بإذن الله تعالى.
ومنذ المنتصفِ الأخيرِ من القرنِ الماضي وحتى الآن؛ كان للفيزياءِ الفلكيةِ والنظرياتِ الكونيةِ نصيباً وافراً من هذا التطورِ الكبيرِ؛ وذلك مع تطورٍ وسائلِ المراقبةِ من لواقط َإشعاعيةٍ ومسابرَ فضائيةٍ وأقمارٍ صناعيةٍ استشعاريةٍ، وكذلك نتيجة ً للتقدمِ الكبيرِ في صناعةِ الحواسيبِ الفائقةِ السرعةِ مما سهـَّل دراسةَ َ النماذج ِ الفلكية-الرياضيةِ المعقدة وساعدَ أيضاً في تحليلِ صورِ المجرَّاتِ وأطرافِ الكونِ المرئي. كل هذا السَّعي ِ الحثيثِ يقودُهُ محاولة ُ الانسانِ ِ المستميتةِ لمعرفةِ أصلِهِ و أصل ِ كونِهِ المهول، ولن يكونَ شططا إذا قلنا هو في الحقيقة بحث ٌ مضن ٍ عن سببٍ آخرَ لوجوده؛ علـَّه يقتلُ ذلك الذي يصرخ في داخله : " ويلك !! آمـِن !! " . وهناك بعض المنتسبين للعلم ممن لا يقبل حجة ولا يرى نهاراً ؛ فطرق باب هذا العلم ظناً منه أنه سيثبت لا لنفسه ؛ بل لهؤلاء ( المتخلـِّفين ) -وبشكل نهائي- أنه لا وجود لصانع لهذا الكون المعقد!
ومن هذا المنطلق أخذ علماء الفيزياء والفلك -من قبل القرن الماضي- يضعون نظرياتهم عن أصل ومنشأ هذا الكون حسب المعطيات التي اكتشفوها، ولنستعرض الآن أهم نظرياتهم في ملخص تاريخي:
- في أوائل القرن الـ17 الميلادي (عصر النهضة العلمية الأوروبية) كان الجدال قائما بين الفلاسفة حول لا نهائية الكون ، وقد استخدم العالم الألماني جوهانز كبلر وهو من رواد ذلك العصرحجة " سماء الليل السوداء " لإثبات خطأ فرضية لانهائية الكون. سميت هذه الحجة فيما بعد بـ" متناقضة أولبر". وتتخلص في أنه لو كان الكون يحوي عددا لانهائيا من النجوم؛ للزم أن تكون سماء الليل عبارة عن صفيحة مضيئة لايرى فيها سوادٌ أبداً، كما أنّ الأغصانَ الملتفة َ
في مصفوفة الأشجار أمامك تحجبُ عنك الأفقَ الذي يقع خلفها.
- عندما وضع نيوتن قوانين الأجرام السماوية ووصف حركتها - حوالي سنة 1787 م- ، اتضح أنها في حركة دائمة نتيجة لقوى الجذب بينها.
بعد ذلك كانت الفكرة السائدة أن الكون في حالة تجاذب وتنافر مستمرين بين أجرامه ولكن هذه القوى استوت بحيث أنه كان ولازال وسيظل في حالة ثبات لا نهاية له .
- وفي أوائل القرن الـ 20 قدم الداهية آينشتاين نظريته " النسبية العامة " للعالم !! ولكنه وجد أنها لاتتفق مع نظرية الشد المتري ""metric tensor على أن الكون لايتمدد ولايتقلص. وكان يفضل هذا التفسير للكون -للأسف- فحاول تصحيح الخطأ باستحداث ثابت يجعل النظريتين تتوافقان وسماه : "بالثابت الكوني".
- وفي سنة 1922 م اقترح أليكساندر فريدمان حلا لمعضلة عدم التوافق بين النظريتين بدون اضافة الثابت بتقديمه فكرة " الكون المتمدد "!!
- وفي سنة 1925 م اقترح جورجس ليمايتري (وهو فلكي وراهب بلغاري كاثوليكي ) نظرية "الانفجار العظيم" كتفسير لنشأة الكون استنادا إلى النظرية النسبية، وتنبأ بقانون هابل وقال أن الاشعاعات الكونية هي من آثار ذلك الانفجار.
- في عام 1929م اكتشف ايدوارد هابل أنّ المجَرَّات تبتعدُ في كل اتجاه عن الأرض بسرعات تتناسب طردياً مع بعدها عن الأرض!!! مما أيد نتائج النظرية النسبية. ووجد أنه كلما زادت المسافة بين أي مجرَّتين؛ كلما زادت سرعة افتراقهما النسبية !! وهذا دليل على تمدد الكون مما يجعل نظرية " الانفجار العظيم " أكثر قبولاً من غيرها، ولكن كان كثيرا من العلماء آن ذاك يرفضون هذه النظرية لأنها تهدم قناعتهم بان الكون ليس له بداية ولأن أول من قدم الفكرة إلى العالم كان راهباً!! فحاربوها مكابرة وعناداً !!!!...
- فخرج فريد هولي عام 1948م بنظرية مضادة لتفسيرحالة الكون وثبوت توسعه واسمها:" حالة الثبات " مفادها أنه كلما تباعدت المجرات عن بعضها تتولدُ مادة ٌ جديدة ٌ في الكون مما يجعل الكون في حالة ثبات في أي نقطة من الزمن !!! والحقيقة أن هولي هو الذي سمى نظرية ليمايتري " الانفجار العظيم " في حلقات عدة في الاذاعة البريطانية!!
- مع السنين وتسجيل الملاحظات - وخصوصاً نسب الهيدروجين والهليوم واكتشاف أنّ الاجسام الكونية الصغيرة كالكواركات لا توجد إلا في أطراف الكون السحيق - وجد أنها جميعا تصب في صالح نظرية "الإنفجار العظيم".
بلإضافة إلى أنّ اكتشاف " إشعاعات المايكروايف الخلفية الكونية " أدى إلى القضاء على نظرية "حالة الثبات " المزعومة.
- في أواخر السيتينات لم يرى أكثر علماء الفيزياء الكونية بداً من قبول أن الكون الحالي له عمر محدود وانه في بدايته كان عبارة عن كتلة واحدة وحيدة .. ولكنهم أضافوا انه لايُدْرَى ما كان قبل ذلك ... وأن لحظة الأنفجار كانت هي لحظة ولادة الزمان والمكان.
- ومنذ ذلك الحين بقية نظرية "الانفجار العظيم" صامدة مع بعض التعديلات لتوافق المشاهدات الجديدة ولكن هذه التعديلات كانت متماشية مع أساس هذه النظرية .
هذا كان تفسيرها لنشأة الكون ؛ ولكن السؤال الآن:
هل تعطينا هذه النظرية تصوراً عن ماذا سيكون بعد هذا التمدد أو هل سيتوقف أصلا ، وماذا سيحل بالكون حينها ؟؟!!
الجواب هو: فرضيات النهاية أكثر غموضاً نظرا لعدم كفاية الحقائق والملاحظات المكتشفه ولصغر عمر الكون النسبي
و إليك أهم التصورات التي ذكرها علماء الفيزياء الكونية لنهاية الكون -حسب معطيات النظرية- :
1- في الكون المغلق : إذا كان التمدد يسري بمعدل متباطيء ؛ فإن قوى الجذب للاْجرام ومادة الكون سوف توقف التمدد ومن ثم تعكسه حتى ينضغط الكون في كتلة واحدة صغيرة جدا ويسمى هذا الحدث " بالانضغاط العظيم "
هذا السيناريو استـُبْعدَ بالكلية وسآتي على ذكر السبب لاحقاً.
2- في الكون المفتوح : في هذه الحاله يثبت أو يزداد معدل تسارع التمدد ولا تستطيع قوى الجذب أن توقفه. وقتها سيظل الكون يتمدد حتى يدخل في حالة تسمى " الموت الحراري " عندها تتوقف حركة الاجرام وتنطفيء النجوم وتبتلع الثقوب السوداء أغلب المادة وتقترب درجة حرارة الكون من الصفر المطلق وتنعدم الحياة أينما كانت.
وكم تمنى منكروا الخالق أن تكون نظرية الكون المغلق حيث يكون الكون في سلسلة أبدية من " الانفجار العظيم" و " الإنضغاط العظيم" لتطمأن قلوبهم من الحيرة والضياع في ظل ال حقائقة الجديدة والمؤسفة بالنسبة لهم ، ولكن هيهات هيهات....
فقد اكتشفوا - وبما لا يدع مجالاً - للشك أن هذا الكون الذي يتمدد والذي من المفروض أن يتباطأ تمدده هذا مباشرة بعد لحظة " الإنفجار العظيم" بفعل قوى الجذب بين أجزائه..هو في الحقيقة الآن في طور ٍ يتسارع فيه تمددُه وبقوة !!!!!!!!!!!!!!!!
والغريب أن هذا التسارع لم يبدأ إلا قبل حوالي 5 مليار سنة فقط!!!!!!!!!!!
أي أن تمدده تباطأ مباشرة بعد " الأنفجار العظيم " قبل حوالي 13.5 مليار سنة، ثم فجأة.. تحول التباطؤ إلى تسارع !!!!!!
ولم يجدوا تفسيرا له إلا أن قالوا أن هناك طاقة لا تعرف ماهيتها بالضبط قليلة الكثافة ومتجانسة ولاتتفاعل الا مع الجاذبية فقط وتنتشر في الفراغ وبذلك سموها : " الطاقة السوداء " - " Dark Energy "
وتعد الآن أعظم قوة في الكون حيث أنها تشغل 74% من الكون !!!!!
بينما " المادة السوداء " (أيضا لايعرف ماهيتها ) تشكل 22% من الكون !!!!
والباقي من مجرات ونجوم وغازات وسدم واشعاعات وغيرها يشترك في 4% فقط !!!!
وجود " الطاقة السوداء " هذه وبهذه الكمية جعل السيناريو الأول (الكون المغلق) لنهاية الكون أمرا مستبعدا لأن تمدد الكون في تسارع مطـّرد !
الآن ومع معرفة الحقائق الجديدة بات من الواجب تعديل التصورات السابقة المحتملة لنهاية الكون. وقد طرحت عدة تصورات من علماء الكونيات سأكتفي بذكر ثلاث منها فقط واللاتي عليها جل العلماء ، كما أن معظم التصورات الباقية مؤداها يخلص إلى هاته التصورات الآتي ذكرها وبالأخص الصورة الأولى.
آخر ما توصل إليه علماء الكونيات من تصورات محتملة لنهاية الكون تتلخص في الآتي:
1- الموت الحراري : كما تقدم شرحه وهذا التصور يميل إليه أغلب علماء الكونيات.
2- التمزق الكبير : وهو نتيجة لحالة خاصة لـ " الطاقة السوداء " تسمى :" الطاقة السوداء الخفية " ( وهي تعتبر أفضل النماذج الرياضية المعطاة لتفسير طاقة الظلام حتى الآن) وفي هذه الحاله سوف تكبر طاقة الظلام حتى تسيطر على الكون كله وتزداد كثافتها حتى تتغلب أولا على قوى الجاذبية فتحطم المجرات ومن ثم المجموعات الشمسية، ثم الكواكب. وفي النهاية تتعاظم حتى تهيمن على القوى الكهربائية والذرية فتحطم الذرات وروابط الجسيمات فتتشت أجزاء الذرات في الكون.
3- التضاغط العظيم : وقد سبق شرح معناه، وكما قلنا فإن سببه هو عندما تكون كثافة المادة في الكون كافية لجعل قوى الجذب أقوى من غيرها من القوى. وهذا احتمال بعيد نظرا لوجود " الطاقة السوداء " بكمية كبيرة في الكون !!!
وهكذا ... شيئاً فشيئاً بدأت فكرة أزلية الكون تصدأ وتفقد لمعانها ولن تلبث طويلا حتى يصبح الحكم باستحالتها مسلمـّة من المسلـّمات ، وسيكون العلم الذي كان يظن بالأمس أنه نقيض الإيمان ؛ طريقاً محتما ًيؤدي إليه.
ثم أما بعد :
سوف أستشهد بآية من القرآن الكريم فيها دليل على صدق نبوءة محمد صلى الله عليه وسلم وهي عن حقيقة علمية - مما ذكرت آنفا- سجلت ووثقت بما لايقبل الشك ، ولن استشهد على غيرها من الفرضيات والنظريات مما لم يفصل العلمُ القولَ فيه بعد.
وهذه الآية كافية لمن أراد الحق وتجرد له وأعمل الفكر السليم والمنطق القويم؛
آيةٌ تذكر حقيقة كون السماء في تمدد واتساع:
قال تعالى: "والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون" - (الذاريات: 47 )
ختاما: أتمنى أن أكون قد قدمت ما يفيد وينفع ...
انتهى ولله المنة والفضل