المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تعليقات الغيب والشهادة



ناجح سلهب
04-15-2009, 03:57 PM
بسم الله الرحمن الرحيم


يثير كثير من الملاحدة واللادينيين أن الدين الإسلامي مغرق في الغيبيات وهو بذلك دين غير عقلاني, وهنا نبين لهم أن فهمهم للإسلام هو غير العقلاني فوجب عليهم أن يفكروا ويتعلموا جيدا قبل إطلاق الأحكام جزافا على عواهنها. ولذلك كتبت هذا الموضوع.


الغيب والشهادة


كتبها: ناجح بن أسامة آل سلهب
مفكر إسلامي

"وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ" سورة الأنعام, الآية 73

أن يشهد المرء أمرا أي أن يكون حاضرا إياه فيحسه ويشعر به, و الشاهد العالم الذي يُبَيِّنُ ما عَلِمَهُ, فأمَّا قوله جلَّ وعزَّ: شَهِدَ الله أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُو [آل عمران 18]، فقال أهلُ العِلم: معناه أَعلَمَ الله عزَّ وجلَّ، بيَّن اللهُ، كما يقال: شَهِدَ فلانٌ عند القاضي، إذا بيَّنَ وأعلَمَ لمن الحقُّ وعلى مَنْ هو.

فإن حصل العلم بحضور الشيء بوساطة حواس الانسان من سمع وبصر وشم ولمس وغيرها فهو شهادة.

فأصل الشهادة الحضور. وهو علم حاضر على ما هو كائن. والمشاهدة من معانيها المعاينة.

أما الغيب فهو ما استتر واختفى عن الحواس فما هو بحاضر.

فالشمس وهي تحت النظر فهي مشاهدة أي حاضرة للشعور, فإن غربت فما عادت بحاضرة فهي غائبة أي أصبحت غيبا.

ويفقد الغيب معناه إن لم يكن قابلا لأن يكون شهادة, وتجد أن خلق الله العلي العظيم إما أن يكون مستترا مخفيا فهو غيب وإما أن يزول حجاب الغيب عن شيء منه فيصير شهادة بسلطان الحواس والعلم.

وعلينا أن نعرف أن علم الله عز وجل لا تحده حجب ولا يتعلق بوسائط وحواس فهو ليس كمثله شيء, فالغيب له علم كالشهادة, وهو صاحب الغيب فلا يصير شهادة إلا بإذنه العلي القدير.

" قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ " البقرة 33

" وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ "
النحل 77.

والغيب كغيب بالنسبة للإنسان لا يمكن أن يعلمه أبدا إلا بعد أن يصير شهادة وذلك إما بوصوله لحواس الإنسان وإما بنقل خبره من ثقة وهذا ما يسميه القرآن العظيم النبأ.

" ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ" آل عمران 44

" تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ " هود 49

فهنا أصبحت تلك المغيبات علما بعد أن تم نقل نبأها.

وهنا ننوه أن العلم هو كل ما من شأنه أن يكون معلوما, أي له علامات تشير إليه فهناك إشارات ودلالات يتم متابعتها لحضور العلم عن ذلك الشيء المبحوث, وهنا دل الوحي على تلك الأنباء المغيبات فأصبحت علما.

173160 - سألت عائشة أم المؤمنين : بأي شيء كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يفتتح صلاته إذا قام من الليل ؟ قالت : كان إذا قام من الليل افتتح صلاته : " اللهم ! رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل . فاطر السماوات والأرض . عالم الغيب والشهادة . أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون . اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم " .
الراوي: عائشة المحدث: مسلم - المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 770
خلاصة الدرجة: صحيح

المهم أن نعرف جيدا أن لا يمكن أن ندرك الغيب إلا بعد أن يصير شهادة أو ينقل نبأه من لدن عليم.

2611 - مفاتيح الغيب خمس ، ثم قرأ : { إن الله عنده علم الساعة }
الراوي: عبدالله بن عمر المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 4778
خلاصة الدرجة: [صحيح]

________________________________________
2589 - مفاتيح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله : لا يعلم ما في غد إلا الله ، ولا يعلم ما تغيض الأرحام إلا الله ، ولا يعلم متى يأتي المطر أحد إلا الله ، ولا تدري نفس بأي أرض تموت ، ولا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله
الراوي: عبدالله بن عمر المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 4697
خلاصة الدرجة: [صحيح]

________________________________________
2570 - مفاتح الغيب خمس : إن الله عنده علم الساعة ، وينزل الغيث ، ويعلم ما في الأرحام ، وما تدري نفس ماذا تكسب غدا ، وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير
الراوي: عبدالله بن عمر المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 4627
خلاصة الدرجة: [صحيح]

" إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ" لقمان 34

فتلك المسائل الخمس هي من الغيب, وكل مسألة منها عظيمة الشأن وواسعة.

وكل مسألة منها على الإطلاق بجميع أجزائها غيب لا يعلمها إلا الله, أما عن جزئيات يسيرة فتلك بإذن من الله العلي العظيم تصبح علما وشهادة بعد أن يأذن الله بذلك.

ولا أدل على ذلك شرعا من أن في مسألة علم الساعة, وهي بشكل كلي كمسألة هي غيب, ولكن كجزئية يسيرة وهي إمارات الساعة والتي لا يستطيع أي أحد أن ينكر أن إمارات الساعة هي من علم الساعة, فإمارات الساعة التي علمها الله لرسوله الكريم والتي علمنا إياها, هي جزئية من المسألة الكاملة ولكن تظل المسألة كاملة بجل أجزائها غيبا.

وبالمثيل فإن مسألة ما في الأرحام هي مسألة كلية كبيرة, وجزئية بسيطة كمعرفة جنس المولود الذي في الرحم لا يجعلنا نعلم كل العلم الذي يتعلق بما في الأرحام. وتلك مسألة واضحة.

والله أعلى وأعلم