المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل الأخذ بالأسباب ينافي الإيمان بالقدر؟



أبو معاوية غالب
04-22-2009, 01:52 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الله سبحانه قدر المسببات بأسبابها فهو خالق السبب وما ينتج عنه وذلك كله من قدره سبحانه ، فهو سبحانه الذي قدر أن يكون الشفاء من الأمراض بأدويتها،وحصول الرزق بطلبه،ودخول الجنة بالإيمان والعمل الصالح ، وطول العمر بصلة الرحم والدعاء والمحافظة على الصحة وفعل البر ونحو ذلك .فكل سبب علمنا أن الله سبحانه جعله سببا لشيء من خلال شرعه في الأمور الشرعية ومن خلال التجربة والحس في الأمور المادية الدنيوية
فإنما يكون نفعه وتحقق نتيجته بإذن الله سبحانه وقدره فالأخذ بالأسباب المباحة لا ينافي التوكل على الله ولا الإيمان بقضائه وقدره بل من ترك الأخذ بالأسباب هو الذي يخدش إيمانه بقدر الله لأن الأسباب مما قدره الله وقضاه .
إلا أنه لا يجوز للمسلم أن يعتمد على الأسباب لأنها لا تؤثر بنفسها وإنما تؤثر بإذن الله فإن حصول المقصود من السبب إنما يكون بمشيئة الله تعالى وكم من إنسان يأخذ بالسبب ولا يتحقق له مقصوده .
فالمؤمن بالقدر حقا يأخذ بالأسباب ولكن مع عدم الاعتماد عليها وتعلق القلب بها إنما يكون اعتماده على الله سبحانه في الوصول إلى مقصود تلك الأسباب والحصول على نتائجها لأنه هو سبحانه مسبب الأسباب وكل شيء بيده وتحت ملكه وسلطانه .
إن أولئك الذين يتركون الأخذ بالأسباب بحجة قوة إيمانهم بقضاء الله وقدره قد جانبوا الصواب وخالفوا السنة والكتاب فإن النصوص من القرآن والسنة التي توجه للأخذ بالأسباب كثيرة متظاهرة منها قوله تعالى :
{ علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله}[المزمل:20}.
وقال سبحانه : { هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور}[الملك: 15].
وقال -أيضا- جل شأنه :
{ وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم }[ الأنفال:60].
بل إن النصوص تبرز لنا أن الشيء قد يكون مكتوبا في الصحف ثم يتغير لسبب من الأسباب كالدعاء وصلة الرحم.
قال تعالى : { يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب}[الرعد:39].
وعن سلمان الفارسي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يرد القضاء إلا الدعاء ولا يزيد في العمر إلا البر " . رواه الترمذي وحسنه الألباني .
وعن أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِى رِزْقِهِ وَيُنْسَأَ لَهُ فِى أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ "متفق عليه .
معنى ينسأ له في أثره : يؤخر له في أجله .
ولكن المحو من الصحف إنما يكون من الصحف التي عند الملائكة لا من اللوح المحفوظ وأما علم الله فإنه لا يمكن أن يقع فيه اختلاف .
فخذ أيها المسلم بالأسباب وأنت معتمد على رب الأرض والسموات .
فحري بك حينئذ أن تنال المطلوب وتنجو من المرهوب .
كتبه أبو معاوية غالب الساقي المشرف على موقع روضة السلفيين www.salafien.com