المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ما معنى أن تؤمن بالقدر؟



أبو معاوية غالب
04-30-2009, 12:21 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
ما معنى أن تؤمن بالقدر؟
القدر :"معناه أن الله سبحانه وتعالى علم الأشياء كلها قبل وجودها وكتبها عنده وشاء ما وجد منها وخلق ما أراد خلقه" [فتاوى اللجنة الدائمة] .
والإيمان بالقدرهو الركن السادس من أركان الإيمان
فإن جبريل عليه السلام حين سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإيمان قال له : "أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره " رواه مسلم .
وقد قال تعالى :
{إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ * يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ * إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ }[القمر].
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ:" جَاءَ مُشْرِكُو قُرَيْشٍ يُخَاصِمُونَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِى الْقَدَرِ فَنَزَلَتْ (يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِى النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ إِنَّا كُلَّ شَىْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ)" أخرجه مسلم .
وعن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : "لا يدخل الجنة عاق ولا مدمن خمر ولا مكذب بقدر" رواه أحمد وحسنه الألباني .
وعن أبي أمامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ثلاثة لا يقبل الله لهم صرفا ولا عدلا عاق ومنان ومكذب بالقدر " رواه ابن أبي عاصم وحسنه الألباني .
وعن جابر بن سمرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" أخوف ما أخاف على أمتي ثلاث الاستسقاء بالأنواء وحيف السلطان والتكذيب بالقدر" أخرجه ابن أبي عصام وصححه الألباني .
وعن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " القدرية مجوس هذه الأمة إن مرضوا فلا تعودوهم وإن ماتوا فلا تشهدوهم " . رواه أبو داود وحسنه الألباني .
وعن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إن مجوس هذه الأمة المكذبون بأقدار الله إن مرضوا فلا تعودوهم وإن ماتوا فلا تشهدوهم" رواه ابن ماجه وحسنه الألباني .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : "أخر الكلام في القدر لشرار هذه الأمة " أخرجه الحاكم وحسنه الألباني .

أركان الإيمان بالقدر
المؤمن بالقدر هو من يعتقد اعتقادا جازما أن كل ما يحدث في هذا الوجود قد علمه الله وكتبه في اللوح المحفوظ قبل أن يوجده سبحانه ثم خلقه وشاءه وفق علمه وكتابته.
فالإيمان بالقدر له أركان أو مراتب أربعة لا يتم إلا بها هي كالتالي :


الركن الأول :
الإيمان بأن الله سبحانه كان عالما بكل شيء قبل إيجاده وخلقه له .
قال تعالى : { وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا }[الطلاق:12]. ، { يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم}[البقرة:255].
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- سُئِلَ عَنْ أَوْلاَدِ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ « اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ » متفق عليه.

الركن الثاني :
الإيمان بأن الله سبحانه كتب كل شيء في اللوح المحفوظ قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة .
قال تعالى:{وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآَنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (61)}[يونس].
وقال-سبحانه-:{وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (59)}[الأنعام:59].
وقال تعالى :
{إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآَثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ (12)}[يس].
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « كَتَبَ اللَّهُ مَقَادِيرَ الْخَلاَئِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ - قَالَ - وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ » أخرجه مسلم.
عن أبي حفصة قال قال عبادة بن الصامت لابنه" يا بني إنك لن تجد طعم حقيقة الإيمان حتى تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن أول ما خلق الله القلم فقال له اكتب قال رب وماذا أكتب قال اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة. يا بني إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من مات على غير هذا فليس مني"رواه أبو داود وغيره وصححه الألباني .

وأيضا يكتب على الإنسان وهو في بطن أمه رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود - رضي الله عنه- قَالَ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ: " إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِى بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَكُونُ فِى ذَلِكَ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ فِى ذَلِكَ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يُرْسَلُ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ بِكَتْبِ رِزْقِهِ وَأَجَلِهِ وَعَمَلِهِ وَشَقِىٌّ أَوْ سَعِيدٌ فَوَالَّذِى لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلاَّ ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلاَّ ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا "متفق عليه.

الركن الثالث :
الإيمان بأن كل ما وجد في الكون من الذوات والصفات والحركات والأفعال قد خلقه الله وأوجده فلا خالق غيره ولا رب سواه.
قال تعالى :{قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (16)}[الرعد].
وقال سبحانه:{وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (96)} [الصافات].
عن حذيفة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الله خلق كل صانع وصنعته"رواه البخاري في "خلق أفعال العباد" وابن أبي عصام في "السنة" وصححه الألباني .

الركن الرابع :
الإيمان بأن كل شيء يقع في هذا الكون من خير أو شر لم يقع إلا بمشيئة الله تعالى .
قال تعالى :{تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآَتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آَمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ (253)}[البقرة].
وقال تبارك وتعالى :{وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ (111) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112)}[الأنعام].

كتبه أبو معاوية غالب الساقي المشرف على موقع روضة السلفيين www.salafien.com