مشاهدة النسخة كاملة : فصل الخطاب في بيان مخالفة فلم الرسالة للصواب (وبيان دور الرافضة فيه)
المحمودي
05-20-2009, 07:29 PM
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. أما بعد.
قبل عقدين أو ثلاث من الزمان ظهر على الساحة الإعلامية العالمية فلم شهير بعنوان "الرسالة" من إخراج مصطفى العقاد، وكان الهدف من إنتاج هذا العمل الإعلامي هو بيان الرسالة والدين الذي أرسل به محمد صلى الله عليه وسلم للعالمين ، وأنا هنا في هذا المقام لست في صدد إصدار حكم عام على مضمون هذا الفلم ، أي هل يجوز القيام بمثل هذا العمل أصلا أم لا؟؟، ولكن في بحثي هذا أحاول جاهدا أن أعرض الأحداث والمواقف التي عرضت في هذا الفلم على ماهو ثابت في ديننا من الكتاب والسنة الصحيحة.
والباعث لهذا البحث أنني ومنذ نعومة أظافري من المعجبين جدا بشخصية الصحابي الجليل فاروق هذه الأمة عمر بن الخطاب، وهو بلا شك محل قبول وإعجاب من الأعداء قبل الأصدقاء وما المقولة الشهيرة "عدلت فأمنت فنمت يا عمر" إلا مثال من أمثلة كثيرة على ما نقول، فقد قيلت هذه المقولة ممن لا يؤمن بالله واليوم الأخر.
وتقول دائرة المعارف البريطانية "كان عمر حاكما عاقلا بعيد النظر وقد أدى للإسلام خدمة عظيمة"
يقول أحد المستشرقين في كتاب بعنوان " محمد وخلفائه".
"إن حياة عمر من أولها إلى أخرها تدل على أنه رجل كان ذى مواهب عقلية عظيمة وكان شديد التمسك بالإستقامة والعدالة وهو الذي وضع أساس الإمبراطورية الإسلامية، ونفذ رغبات النبي وثبتها وأزر أبي بكر بنصائحه اثناء خلافته القصيرة ووضع قواعد متينة للإدارة الحازمة في جميع بلاد المسلمين، وإن اليد القوية التي وضعها على أعظم قواده المحبوبين لدى الجيش في البلاد النائية وقت انتصاراتهم لأظهر دليل على كفائته الخارقة للحكم وكان ببساطة أخلاقه واحتقاره للأبهة والترف مقتديا بالنبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وقد سار على أثرهما في كتبه لقواده.."
وغالب من كان حولي من أقراني وأقاربي وجيراني كان يحمل نفس المشاعر تجاه هذا الصحابي الجليل وما ذاك إلا لقوته وشدته في الحق رضي الله عنه وأرضاه، فكنت انتظر بلهف شديد في ذلك الفلم كي أرى تلك اللحظات التي يعلن فيها عمر من الخطاب إسلامه ويتغير حال الإسلام والمسلمين من القهر والإذلال إلى القوة والعزة والنصر، ولكن للأسف الشديد عرض فلم الرسالة ولم نر تلك اللحظات الحاسمة، فترك ذلك الأمر أثرا سيئا في نفسي، وبقي السؤال في نفسي قائما أين الفاروق عمر في رسالة العقاد؟!!.
ومما أثار في نفسي هذا السؤال مرة أخرى أنني كنت في الأيام الماضية في صدد البحث في موضوع ءاخر له علاقة بالتاريخ فرأيت العجب العجاب من تزوير التاريخ وطمس الحقائق من أناس محسوبون على أهل السنة والجماعة، مع أن هذا الموضوع الذي تناوله هؤلاء الناس ليس عنا ببعيد، فقلت في نفسي إذا كان هذا الموضوع الذي أثاره ما زالت حولنا وبعض من عاصر هذا التاريخ لا زال حيا بيننا، قد لعبت وعبثت به الأقلام التي لا تخاف يوما يجعل الوالدين شيئا، فكيف بتاريخ وأحداث قد مر عليها دهر من الزمان، فرأيت من الفائدة أن أقوم بمشاهدة ذلك الفلم مرة أخرى، ولقد صدق ظني، فما أن عرض الفلم وفي الدقائق الأولى فقط حتى قرأت هذا الكلام:
بعد موافقة الهيئة المسئولة بالأزهر الشريف
والمجلس الإسلامي الشيعي!!! الأعلى بلبنان تم تصوير أحداث هذا الفلم
أدركت في الحال السر في اختفاء عملاق الإسلام عمر بن الخطاب من ذلك الفلم ـ سوف نذكر هذا السر لاحقا ـ وما أن انتهيت من الفلم حتى دونت في مذكرتي ما لا يقل عن عشرين مسألة مخالفة للعقيدة أو الحقيقة!!.
وقبل الشروع في بيان هذه المخالفات أريد أن أنبه إلى بعض الملاحظات:
يتبع إن شاء الله
المحمودي
05-20-2009, 07:36 PM
1.كوني مسلم أنتسب إلى أمة الإسلام وجب على النصح لهذه الأمة امتثالا لقوله صلى الله عليه وسلم " الدين النصيحة ، الدين النصيحة ، الدين النصيحة قالو لمن يا رسول الله ؟ قال : لله ، ولكتابه ، ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم " رواه مسلم وقوله صلى الله عليه وسلم "من رأى منكم منكراَ فليغيره" ، ونصحي هذا لا يعني ضرورة تقدما بين يدي علماؤنا الأجلاء، بل إنه من النصح للعلماء أن نبين لهم مواطن المنكرات والمخلفات حتى ينزلوا حكم الله في هذه المنكرات.
2. عمل بهذا الحجم ـ فلم الرسالة ـ لا شك أن له أثر كبير وعظيم جدا على سائر الأمة في معتقداتها وأخلاقها وسلوكها، فعلى العلماء أن لا يكتفوا بإصدار فتوى هنا وهناك ـ هذا إن صدرت ـ تحرم أو تجرم هذا الفلم أو ذلك ، بل الموضوع أكبر وأعمق من ذلك بكثير، فينبغي أن يكون للعلماء متخصصون من طلبة العلم لمتابعة مثل هذه الأمور، وينبغي أيضا أن يكون هناك تنسيق بين العلماء وإلاعلاميون والفنيون والمتخصصون وغيرهم ممن يهتم بأمر الإسلام وأمة خاتم الأنبياء عليه الصلاة والسلام.
3. بغض النظر عن جواز أو عدم جواز إصدار مثل هذه الأعمال، فهذا كما أسلفنا مرده إلى العلماء الصادقين، ولكن مما لا يشك فيه مسلم أن هذا الفلم فيه من المنكرات الظاهرة ما لا يخفى على أحد، كسب النبي صلى الله عليه وسلم وسب دينه والإستهزاء بالله وبشعائر الله ولبس الصليب وغير ذلك ، وهذه المنكرات لا أعرف عالما معتبرا أجازها لتمثيل ونحوه، بل القول بكفر من أتى هذه المنكرات هو الذي عليه العلماء.
قال أحمد في رواية عبد الله في رجل قال لرجل: يا بن كذا وكذا- أعني أنت ومن خلقك-: هذا مرتد عن الإسلام تضرب عنقه.
قال القاضي عياض: لا خلاف أن ساب الله تعالى من المسلمين كافر حلال الدم.
وقال ابن قدامة: من سب الله تعالى كفر، سواءً كان مازحاً أو جاداً.
وقال ابن راهويه: قد أجمع المسلمون أن من سب الله تبارك وتعالى أو سب رسول الله صلى الله عليه وسلم.. أنه كافر بذلك، وإن كان مقراً بما أنزل الله.
قال تعالى : إنَّ الذين يُؤذون الله ورسوله لعلنهم الله في الدُّنيا والآخرة وأعدَّ لهم عذاباً مٌّهيناً . والَّذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً ميبناً "
فرَّق الله عزّ وجلّ في الآية بين أذى الله ورسوله، وبين أذى المؤمنين والمؤمنات، فجعل على هذا أنه قد احتمل بهتاناً وإثماً مبيناً، وجعل على ذلك اللعنة في الدنيا والآخرة وأعد له العذاب المهين، ومعلوم أن أذى المؤمنين قد يكون من كبائر الإثم وفيه الجلد، وليس فوق ذلك إلا الكفر والقتل.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية " إن سب الله أو سب رسوله صلى الله عليه وسلم كفر ظاهراً وباطناً، سواء كان السَّاب يعتقد أن ذلك محرم، أو كان مستحلاً، أو كان ذاهلاً عن اعتقاده ".
سُئل الشيخ عبد العزيز بن باز السؤال التالي:
ما حكم سب الدين أو الرب؟- أستغفر الله رب العالمين- هل مَنْ سبّ الدين يعتبر كافراً أو مرتداً، وما هي العقوبة المقررة عليه في الدين الإسلامي الحنيف؟ حتى نكون على بينة من أمر شرائع الدين وهذه الظاهرة منتشرة بين بعض الناس في بلادنا أفيدونا أفادكم الله.
فأجب رحمه الله تعالى: سب الدين من أعظم الكبائر ومن أعظم المنكرات وهكذا سب الرب عزّ وجلّ، وهذان الأمران من أعظم نواقض الإسلام، ومن أسباب الردة عن الإسلام، فإذا كان مَنْ سب الرب سبحانه أو سب الدين ينتسب للإسلام فإنه يكون مرتداً بذلك عن الإسلام ويكون كافراً يستتاب، فإن تاب وإلا قتل من جهة ولي أمر البلد بواسطة المحكمة الشرعية، وقال بعض أهل العلم: إنه لا يستتاب بل يقتل؛ لأن جريمته عظيمة، ولكن الأرجح أن يستتاب لعل الله تعالى يمن عليه بالهداية فيلزم الحق، ولكن ينبغي أن يعزر بالجلد والسجن حتى لا يعود لمثل هذه الجريمة العظيمة، وهكذا لو سب القرآن أو سب الرسول صلى الله عليه وسلم أو غيره من الأنبياء فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل، فإنَّ سب الدين أو سب الرسول صلى الله عليه وسلم أو سب الرب عزّ وجلّ من نواقض الإسلام، وهكذا الاستهزاء بالله أو برسوله صلى الله عليه وسلم أو بالجنة أو بالنار أو بأوامر الله تعالى كالصلاة والزكاة، فالاستهزاء بشيء من هذه الأمور من نواقض الإسلام، قال الله سبحانه وتعالى: قُل أبالله وءاياته ورسوله كنتم تستهزءون ، لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم نسأل الله العافية.
سُئل فضيلة الشيخ محمّد بن عثيمين السؤال التالي:
ما حكم الشرع في رجل سبَّ الدين في حالة غضب هل عليه كفَّارة وما شرط التّوبة من هذا العمل حيث أنّي سمعت من أهل العلم يقولون: بأنَّك خرجت عن الإسلام في قولك هذا ويقولون بأنّ زوجتك حُرّمت عليك؟
فأجاب فضيلته: الحكم فيمن سبّ الدين الإسلامي أنه يكفُر، فإن سب الدين والاستهزاء به ردّة عن الإسلام وكفر بالله عزّ وجلّ وبدينه، وقد حكى الله تبارك وتعالى عن قوم استهزؤوا بدين الإسلام، حكى الله عنهم أنهم كانوا يقولون: إنّما كنا نخوض ونلعب، فبين الله عزّ وجلّ أن خوضهم هذا ولعبهم استهزاء بالله وآياته ورسوله وأنهم كفروا به فقال تعالى: ولئن سألتهم ليقولنَّ إنّما كنا نخوض ونلعب قُل أبالله وءايته ورسوله كنتم تستهزءون . لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم فالاستهزاء بدين الله، أو سبُّ دين الله، أو سبُّ الله ورسوله، أو الاستهزاء بهما، كفر مخرج عن الملّة. أهـ
فمن أجاز لهؤلاء الممثلين تلك المنكرات العظيمة سواء كانت الهيئة المسئولة بالأزهر الشريف أو المجلس الإسلامي ـ المجوسي بالأصح ـ الشيعي الأعلى بلبنان فعليه أن يأتي بالدليل الواضح البين الذي يخالف به أقوال الأئمة السابقة.
4. سيأتي في ثنايا هذا البحث ذكر لشخصيات قامت بدور بعض الصحابة وبعض المشركين من قريش وغيرهم، فحينما نقول قال أبوجهل فالمراد به الذي قام بهذا الدور، وحينما نقول قال عمار رضي الله عنه فالمقصود الممثل الذي قام بهذا الدور وهكذا.
كانت هذه مقدمة بين يدي بحثنا الذي نسأل الله العظيم أن يرزقنا فيه الإخلاص وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم ، وأن يلهمنا الصواب والسداد والتوفيق لبيان وكشف الباطل الذي ألحق بسيرة أعظم إنسان دب على وجه الأرض صلوات الله وسلامه عليه وسيرة أصحابه البررة رضوان الله عليهم أجمعين، وليعلم القارئ الكريم أن تاريخنا إذا لم يكتب بأيادي أمينة طمست وبدلت و زورت حقائقه ، وسيأتي تفصيل ذلك في الحلقات القادمة إن شاء الله.
اخت مسلمة
05-20-2009, 11:22 PM
ماشاء الله
جزاك الله خيرا اخي
فعلا كلامك صحيح بالنسبة للفيلم , وقد ذكرني ذلك بتمثيل كنت قد رايته من عدة سنوات لدور وفترة عمرو بن العاص رضي الله عنه
وكم كنت مستهجنة ماطرح في هذا التمثيل من افتراءات واكاذيب وتلبيس على هذا الصحابي الجليل
نتمنى ان يريح القائمون على هذه الامور انفسهم ويدعوا الكتب التاريخية السليمة والموثقة تحكي قصص السيرة واصحابها وصحابتها
بدل من التشويه الذي يسمونه تمثيلا وعرضا مشوها لسيرة عطرة لهؤلاء العظام ,ناهيك عما تحمل هذه الاعمال من تجاوزات لم ينزل الله بها من سلطان ,
جزاك الله خيرا اخي
عمر الأنصاري
05-20-2009, 11:30 PM
جزاكم الله خيرا أخي الفاضل المحمودي
فعلا هذا الفلم فيه طوام كثيرة يصعب حصرها
المحمودي
05-21-2009, 02:03 AM
جزاكم الله خيرا أخي الفاضل المحمودي
فعلا هذا الفلم فيه طوام كثيرة يصعب حصرها
وجزاكم أخي الفاضل أبو عمر الأنصاري ، صدقت أخي الكريم هذا الفلم جمع طوام كثيرة جدا كما سنبينه إن شاء الله
المحمودي
05-21-2009, 02:17 AM
ذكرنا في الحلقة الماضية أننا سنقوم بعرض الأحداث والمشاهد التي وردت في فلم الرسالة على الكتاب وصحيح السنة ، حتى يتبين لنا ما وافق منها الحق وما خالفه ، وهذه الأحداث تنقسم ألى قسمين:
قسم من الأحداث المهمة التي ذكرها عامة أصحاب السير والمغازي تم طمسها وعدم ذكرها أو الإشارة إليها على الإطلاق في فلم الرسالة، وقسم تم ذكره ولكن على خلاف الحقيقة أو فيه شيئ من التشويه والتزوير للحقيقة ، ولذلك تعليقنا على هذه المشاهد والأحداث أحيانا يكون من القسم الأول وأحيانا من القسم الثاني.
المشهد الأول
من أكبر ما يلفت الناظر في فلم الرسالة هو غياب شخصية عظيمة جدا وهو عمر بن الخطاب ، وقبل الشروع في هذا الموضوع لابد من مقدمة يسيرة عن الصحابة الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم ، وذلك أن الحديث عن الصابة رضوان الله عليهم جزء من الإعتقاد وجزء من الديانة ، إذ هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم هم:
حملة الدين الذي أرسل به خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم,,
وهم الذين اصطفاهم الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم,,
وهم الواسطة التي بها تم نشر الدين في مشارق الأرض ومغاربها,,
هم الأتقياء..الأنقياء..الأصفياء..هم الطهر ..هم أعلى درجات السمو البشري بعد الأنبياء.. ولم ولن يأت بشر يوازيهم أو يدانيهم في الفضل والدرجة.. هم رهبان بالليل فرسان بالنهار..هم جيل فريد..هم بشر ولكنهم ليسوا ككل البشر!!..هم تلاميذ محمد صلى الله عليه وسلم.. هم " مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا".
وهم " لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة..الأية.
وهم " والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم ".
وهم " لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعدما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رؤوف رحيم ".
وهم الذين قال فيهم صلى الله عليه وسلم( النجوم أمنة السماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد ، وأنا أمنة لأصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون ، وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحـابي أتى أمتـي مـا يوعدون) رواه مسلم.
قال الإمام النووي رحمه الله في شرحه لقوله صلى الله عليه وسلم( وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون ) معناه من ظهور البدع والحوادث في الدين والفتن فيه ، وطلوع قرن الشيطان ، وظهور الروم وغيرهم عليهم ، وانتهاك مكة والمدينة وغير ذلك ، وهذه من معجزاته صلى الله عليه وسلم.
وهم الذين قال فيهم صلى الله عليه وسلم " لا تسبوا أصحابي لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه ". صحيح مسلم
إذا هم في الجملة مرضي عنهم ، عدول ، ثقات ، زكاهم رب العزة والجلال ، فليسوا بحاجة بعد ذلك لمن يوثقهم أو يزكيهم أو يثني عليهم ، ولا يضرهم أيضا قدح قادح ، ولا طعن طاعن ، ثم هم بعد ذلك متفاوتون في الفضل والدرجات ، فلا يستقيم بحال من الأحوال أن نسوي بين صديق أو فاروق هذه الأمة وبين من أسلم بعد الفتح!! " وكلا وعد الحسنى " بل لا يمكن أن نسوي بين الشيخين ـ أبوبكر وعمر ـ وبين سائر الصحابة الكرام مهما كان فضله.
ثبت عن علي - رضي الله عنه - وتواتر عنه أنه قال وهو على منبر الكوفة: ( خير هذه الأمة بعد نبيها أبوبكر ثم عمر -رضي الله عنهمــا-).
وعنه رضي الله عنه أنه قال: ( لا يفضلني أحد على الشيخين ـ أبوبكر وعمر ـ إلا جلدته حد المفــتري ).
والأحاديث والأثار في هذا المعنى يصعب حصرها في هذا المقام ولمن أراد المزيد فليراجع كتب السنة كالبخاري ومسلم..إلخ في أبواب فضائل الصحابة وغيرها.
فمن هنا أخي الكريم تستعجب غاية العجب ، كيف تم إخفاء هذين العلمين وسائر العشرة المبشرين بالجنة ، باستثناء بعض المواقف لأبي بكر الصديق ، وكذلك علي بن أبي طالب رضي الله عنه!!! فإنه قد أظهرت له ثلاثة مواقف في الفلم سيأتي ذكرها لاحقا.
قيل لنا لما كنا صغارا أن العشرة المبشرين بالجنة إكراما لهم!! لا يمكن ذكرهم وإظهار شخصياتهم لأنهم مبشرون بالجنة!!! وهذا القول كما هو ظاهر مردود مرذول من وجهين:
الوجه الأول: أن بعض الصحابة الذين تم إظهارهم في الفلم هم من سادات أهل الجنان:
حمزة بن عبد المطلب سيد شهداء هذه الأمة!! ومقطوع له بالجنة!!
جعفر بن أبي طالب شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالجنان!! قتل شهيدا في مؤتة!!
زيد بن حارثة شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالجنان!! قتل شهيدا في مؤتة!!
بلال بن رباح سمع النبي صلى الله عليه وسلم خفق نعليه في الجنان!!
وغيرهم من الصحابة الأطهار الأبرار.
الوجه الثاني: أن هذا القول فيه استنقاص للصحابة الكرام الذين تم إظهارهم في الفلم!!
لكن لو تأمل المتأمل في الشخصيات التي تم إبرازها في هذا الفلم لوجد تلك الشخصيات كلها أو معظمها مرضي عنها من قبل العقلية والعقيدة الشيعية!! الرافضية!! المجوسية!! وكل هذه المسميات مرادفات لمعنى واحد ، وكل هذه المسميات لها هدف واحد وواحد فقط هو هدم الإسلام من الداخل!! وإن غفل أو تغافل كثير من أهل الإسلام عن هذا الهدف!! وذلك لعقائدهم الفاسدة والتي منها:
اعتقادهم بأن المصحف محرف!!
اعتقادهم بأن الصحابة كفروا وارتدوا على أدبارهم!! إلا قليل منهم!!
اعتقادهم بأن أئمتهم يعلمون الغيب!!
يقول الخميني الهالك: ( إن من ضرورات مذهبنا أن لأئمتنا مقاماً لا يبلغه ملك مقرب و لا نبي مرسل .. و قد ورد عنهم (ع) أن لنا مع الله حالات لا يسعها ملك مقرب و لا نبي مرسل ) . انظر الحكومة الإسلامية ص 52.
اعتقادهم بأن جميع المسلمين كفار ما سوى فرقتهم!!
الطعن في عرض النبي صلى الله عليه وسلم وذلك باتهام عائشة رضي الله عنها بالزنا!!
وغير ذلك من العقائد الزائغة الضالة القائمة على الشرك والضلالات ، والبدع والمنكرات ، وهذا ليس رأي ولا اجتهادي إنما هو قول علماء الأمة قديما وحديثا:
قال الإمام مالك رحمه الله : الذي يشتم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ليس له نصيب في الإسلام .
وقال أيضاً رحمه الله : من أصبح وفي قلبه غيظ على أصحاب رسول الله فقد أصابته هذه الآية ( ليغيظ بهم الكفار ) أي إنما كثرهم وقواهم ليغيظ بهم الكفار .
وقال الإمام الشافعي : ما رأيت في أهل الأهواء قوماً أشهد على الله بالزور من الرافضة .
وسئل الإمام أحمد بن حنبل عن أبي بكر وعمر فقال: ترحم عليهما وتبرأ ممن يبغضهما
وقال أيضاَ عمن يشتم أبا بكر وعمر وعائشة: ما أراه على الإسلام
وقال الإمام البخاري رحمه الله : ما أبالي صليت خلف الجهمي والرافضي أم صليت خلف اليهودي والنصراني لا يسلم عليهم ولا يعادون ولا يناكحون ولا يشهدون ولا تؤكل ذبائحهم .
وقال ابن حزم رحمه الله : إن الروافض ليسوا من المسلمين وإنما هي فرقة حدثت أولاً بعد موت رسول الله بخمس وعشرين سنة وكان مبدؤها إجابة من خذله الله لدعوة من كاد للإسلام وهي طائفة تجري مجرى اليهود والنصارى في الكذب والكفر .
وقال الإمام الحافظ ابن كثير رحمه الله : فإن الطائفة المخذولة من الرافضة يعادون أفضل الصحابة ويبغضونهم ويسبونهم عياذاً بالله من ذلك وهذا يدل على أن عقولهم معكوسة وقلوبهم منكوسة فأين هؤلاء من الإيمان بالقرآن إذ يسبون من رضي الله عنهم .
وقال أيضاً رحمه الله : أجمع العلماء على تكفير من قذف عائشة بعد براءتها .
وقال الإمام الشوكاني رحمه الله : إن أصل الرفض كيد الدين ومخالفة شريعة المسلمين
وقال أيضاً وبهذا يتبين أن كل رافضي خبيث يصير كافراً بتكفيره لصحابي واحد فكيف بمن كفر كل الصحابة واستثنى أفراداً يسيرة تغطية ً لما هو فيه من الضلال على الطغام الذين لا يعقلون الحجج .
وقال الإمام ابن أبي العز رحمه الله : إن أصل الرفض إنما أحدثه زنديق قصده أبطال دين الإسلام والقدح في الرسول .
وبعد هذه المقدمة اليسيرة عن الصحابة نصل للحديث عن الفاروق عمر ، ولن نستطيع أن نأتي على كل سيرة عمر إنما هي ومضة سريعة لذكر شيئ من فضائل هذا الرجل العظيم:
عند الترمذي عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : اللهم أعزّ الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك : بأبي جهل ، أو بعمر بن الخطاب . قال : وكان أحبّهما إليه عمر . وصححه الألباني
قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : ما زلنا أعِزّة منذ أسلم عمر . رواه البخاري .
قال سعيد بن المسيب : أسلم عمر بعد أربعين رجلا وعشر نسوة ، فما هو إلا أن أسلم عمر فظهر الإسلام بمكة.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله جعل الحق على لسان عُمَرَ وقَلْبِه . رواه الإمام أحمد والترمذي والحاكم وصححه وابن حبان وغيرهم
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لِعُمَر رضي الله عنه : والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان قط سالكا فجّـاً إلا سلك فجّـاً غير فَجِّـك . رواه البخاري ومسلم.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أُرِيتُ في المنام أني أنزع بِدَلْوٍ بكرة على قليب ، فجاء أبو بكر فَنَزَعَ ذنوبا أو ذنوبين نزعا ضعيفا ، والله يغفر له ، ثم جاء عمر بن الخطاب فاستحالت غربا ، فلم أر عبقريا يَفْرِي فَرْيِهُ حتى رَوي الناس ، وضربوا بِعَطَن . رواه البخاري ومسلم .
ومن ذلك أن عمر رضي الله عنه وافَقَ ربه في ثلاث .
قال عمر : وافقت ربي في ثلاث : فقلت : يا رسول الله لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى فنزلت "وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى" ، وآية الحجاب قلت : يا رسول الله لو أمَرْتَ نساءك أن يحتجبن ، فإنه يُكلّمهن البر والفاجر ، فَنَزَلَتْ آية الحجاب ، واجتمع نساء النبي صلى الله عليه وسلم في الغيرة عليه فقلت له "عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ" فَنَزَلَتْ هذه الآية . رواه البخاري من حديث أنس ، ومسلم من حديث ابن عمر
وهذا من الإلهام الذي أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله :
قد كان يكون في الأمم قبلكم مُحَدَّثُون ، فإن يكن في أمتي منهم أحد فإن عمر بن الخطاب منهم . رواه البخاري ومسلم. قال ابن وهب : تفسير مُحَدَّثُون مُلْهَمُون وعمر رضي الله عنه هو الْمُحَدَّث الْمُلْهَم .
قال حافظ إبراهيم :
قد راع صاحب كسرى أن رأى عُمراً ... بين الرّعية عُطـلاً وهو راعيهـا
وعهـده بِملـوك الفُـرس أن لـها ... سُوراً من الجند والأحراس يَحميها
رآه مُستغرقـاً في نـومـه فـرأى ... فـيه الجلالـة في أسْـمى معانيها
فوق الثرى تحت ظلّ الدّوح مُشتمِلاً ... بِبُردة كـاد طـول العهد يُبليهـا
فَـهـان في عينـه مـا كـان يُكبِره ... من الأكاسِـر والدنيا بأيـديهـا
وقال قولَـة حـقّ أصبحت مَـثلاً ... وأصبح الجيل بعـد الجيل يَرويهـا
أمِنتَ لِمّـا أقمـتَ العـدل بينهم ... فَنمتَ نـوم قـرير العين هانيهـا
وفي الصحيحين أن علي بن أبي طالب قال في حق عمرعند تشييعه: ( ما خلفت أحداً أحب إلىّ من أن ألقى الله بمثل عمله منك وايم الله إن كنت لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك، وذلك أني كنت أسمع كثيراً رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:ذهبت أنا وأبوبكر وعمر، ودخلت أنا وأبوبكر وعمر،وخرجت أنا وأبوبكر وعمر، وإن كنت لأظن أن يجعلك الله معهما).
يا من راى عمرا تكسوه بردته *** والزيت ادم له والكوخ ماواه
يهتز كسرى على كرسيه فرقا *** من باسه وملوك الروم تخشاه
هذه بعض فضائل عمر بن الخطاب وسيأتي مزيد من الفضائل والمواقف لعمر رضي الله عنه في ثنايا هذا البحث ، وقد قتل عمر بن الخطاب شهيدا في محرابه وهو يصلي بالمسلمين وكان طعنه على يد:
أبو لؤلؤة الفارسي المجوسي وهذا هو الاسم المعروف له في غالب من ترجم له ولكن في كتب الشيعة يلقبونه بـ(بابا شجاع الدين) - انظر مثلاً : الكنى والألقاب لعباس القمي.
المحمودي
05-21-2009, 02:21 AM
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :" وأبو لؤلؤة كافر باتفاق أهل الإسلام كان مجوسيًا من عباد النيران،.. فقتل عمر بغضًا في الإسلام وأهله ، وحبا للمجوس، وانتقامًا للكفار لما فعل بهم عمر حين فتح بلادهم ، وقتل رؤساءهم ، وقسم أموالهم "
هذا هو عمر وهذه بعض سيرته ، ولا يمكن أخي الكريم أن تتصفح كتابا من كتب السير إلا وتجد فصلا خاصا بإسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وما ذلك إلا لعظم أثره في الإسلام وظهوره ، وما ذلك إلا كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : ما زلنا أعِزّة منذ أسلم عمر!! ولعلك أخي الكريم بعد هذا العرض السريع ، وهذه الوقفة الأولى تبين لك بوضوح وجلاء سر اختفاء عمر بن الخطاب من رسالة العقاد ، والعتب ليس على المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى بلبنان ، فاؤلئك قوم هذا دينهم ، وذاك معتقدهم تجاه الصحابة عامة ، وعمر بن الخطاب خاصة ، ولكن العتب كل العتب على الهيئة المسئولة بالأزهر الشريف!! كيف مرت عليهم هذه الأمور وغيرها كما سيأتي إن شاء الله.
المحمودي
05-21-2009, 02:24 AM
المشهد الثاني
هذا الحوار دار بين أبي طالب وسادات قريش ـ في الفلم ـ حينما حضرت أباطالب الوفاة:
أبوطالب: ها أنا ذا أودع الحياة ، اقتربت الساعة ، ولكن ما لهذا دعوتكم ياقوم ، دعوتكم لما هو أخطر من حياتي وموتي، لقد طلبت محمدا لأشهد الصلح بينكم.
عتبة: وكيف وهو يدعونا لما لا نطيق.
أبوسفيان: قل له أن يكف عن سب ءالهتنا ياأباطالب ، يتركنا لديننا ونتركه لدينه ، فإن رضي بذلك أصغينا إليه.
أبوطالب: لم يطلب منكم غير كلمة واحدة.
أبوسفيان: لو طلب عشر كلمات غيرها أعطيناه ، أما كلمة الإله الواحد هذه فلا ـ ثم خرج القوم من عند أبي طالب .
أبوطالب: أتخشون أن تسمعوا إليه ـ قالها بصوت خاشع كأنه مشفق على قومه.
وبهذا انتهى الحوار الذي دار بين أبي طالب وسادات قريش ، والناظر في هذا الحوار يشعر كأنما أبوطالب داعية توحيد وهدى ، يدعوا قومه لكلمة واحدة وهي لا إله إلا الله ، ويذكرهم الساعة بقوله " اقتربت الساعة!!" وغير ذلك ، وهذا بلا شك تزوير للحقيقة وكذب على التاريخ ، فإن أباطالب منصوص على كفره وخلوده في نار حهنم كما ثبت ذلك في القرءان وصحيح السنة ، ولم يخالف في ذلك أحد من أهل العلم المعتبرين من الفقهاء والمحدثين والمفسرين ، لم يخالف في ذلك إلا الرافضة ـ الشيعة ـ فإنهم يرون أن أباطالب قد مات على الإسلام ويعتقدون أنه صحابي جليل ، وليس بدعا من الأمر أن يخالف الرافضة أهل الإسلام في قضية أبي طالب ، فقد خالفوا في أصل الدين وفرعه كما مر معنا من كلام أهل العلم.
قال الله تعالى " مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ".
ثبت في صحيح البخاري ومسلم عن سعيد بن المسيب، عن أبيه قال: لما حضر أبا طالب الوفاة دخل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده أبو جهل وعبد الله بن أبي أُمية فقال: "أي عمّ قل معي لا إله إلا الله أحاجّ لك بها عند الله"، فقال أبو جهل وابن أبي أُمية: يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فلم يزالا يكلمانه حتى قال آخر شيء كلمهم به على ملة عبد المطلب، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: "لأستغفرن لك ما لم أنه عنك"، فنـزلت: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ .
وفي رواية عند البخاري ومسلم وأحمد والترمذي والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما حضرت وفاة أبي طالب أتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "يا عماه قل لا إله إلا الله، أشهد لك بها يوم القيامة"، فقال: لولا أن تعيرني قريش يقولون: ما حمله عليه إلا جزع الموت، لأقررت بها عينك، ولا أقولها إلا لأقر بها عينك، فأنزل الله عز وجل:إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين. وهكذا قال عبد الله بن عباس وابن عمر ومجاهد والشعبي وقتادة: إنها نزلت في أبي طالب، حين عرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول: لا إله إلا الله. انتهى
وتأمل أخي الكريم قول أبي طالب " ولا أقولها إلا لأقر بها عينك.." أي لا يبتغي بذلك وجه الله ولارضى الله ، إنما لو قالها ـ وهو لم يقلها ـ فقط ليدخل بها السرور على قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا النوع من الإيمان لا ينفع صاحبه على الإطلاق حتى لو تلفظ بلا إله إلا الله إذا لم يكن موقنا بها يرجوا بذلك رضى الله ومغفرته ورحمته ، فقد كان عبد الله بن أبي بن سلول يتلفظ بلا إله إلا الله بل كان يصوم ويصلي!! ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعامله على أنه من المسلمين أما في الأخرة " إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار " وما أكثر هذا النوع من الإيمان في الناس اليوم " ولكن أكثر الناس لا يشعرون ".
أما إذا لم يتلفظ الإنسان بالشهادتين فلن ينفعه عمله أبدا كحال أبي طالب ، فقد كان يحوط النبي صلى الله عليه وسلم ويدفع عنه كما ثبت في صحيح البخاري من حديث العباس بن عبد المطلب أنه قال: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم ما أغنيت عن عمك، فإنه كان يحوطك ويغضب لك قال: "هو في ضحضاح من نار، ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار". وروى مسلم من حديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أهون أهل النار عذاباً أبو طالب، وهو منتعل بنعلين يغلي منهما دماغه".
وكحال عبد الله بن جدعان ففي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله، ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم ويطعم المسكين فهل ذلك نافعه ؟ قال "لا ينفعه لأنه لم يقل يوما: رب أغفر لي خطيئتي يوم الدين.
فكما ترى أخي الكريم مع شهادة النصوص الشرعية من الكتاب والسنة على كفر أبي طالب ، إلا أن الرواية التي في فلم الرسالة أظهرته كأنه داعية توحيد ، إرضاءا للروافض الملاعين ، الذين ساءهم أن يظهر في الفلم من شهد له خاتم النبيين من أنه من المبشرين بجنة رب العالمين كطلحة والزبير وأبي عبيدة وسائر المبشرين ، فإنك لو تأملت الفلم من أوله إلى أخره فلن تجد ذكرا لهؤلاء الأطهار الميامين ، وغيرهم كالأنصار وسائر المهاجرين.
المشهد الثالث
ظهر(1) لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه في الفلم ثلاثة مشاهد ، المشهد الأول هو نومه في فراش النبي صلى الله عليه وسلم يوم الهجرة ، والمشهد الثاني عند الأستعداد لغزوة بدر، حينما دخل حمزة رضي الله عنه على الحداد الذي يشحذ السيوف ، فأراد أحد المسلمين أن يشحذ سيفه ، فاستوقفه حمزة ثم قال " سيف علي أول سيف في الإسلام " ثم أتى بالسيف فشحذ ، أما المشهد الثالث ففي غزوة بدر ، وذلك في المبارزة المشهورة التي وقعت قبل المعركة.
أما المشهد الأول فقد روى ابن كثير في تفسير قول الله تعالى " وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ " عن ابن عباس أن نفرا من قريش من أشراف كل قبيلة اجتمعوا ليدخلوا دار الندوة فاعترضهم إبليس في صورة شيخ جليل فلما رأوه قالوا له من أنت؟ قال شيخ من أهل نجد سمعت أنكم أجتمعتم فأردت أن أحضركم ولن يعدمكم رأيي ونصحي: قالوا أجل ادخل فدخل معهم فقال انظروا في شأن هذا الرجل والله ليوشكن أن يواثبكم في أمركم بأمره فقال قائل منهم أحبسوه في وثاق ثم تربصوا به ريب المنون حتى يهلك كما هلك من كان قبله من الشعراء زهير والنابغة إنما هو كأحدهم قال فصرخ عدو الله الشيخ النجدي فقال والله ما هذا لكم برأي والله ليخرجنه ربه من محبسه إلى أصحابه فليوشكن أن يثبوا عليه حتى يأخذوه من أيديكم فيمنعوه منكم فما آمن عليكم أن يخرجوكم من بلادكم. قالوا صدق الشيخ فانظروا في غير هذا. قال قائل منهم أخرجوه من بين أظهركم فتستريحوا منه فإنه إذا خرج لن يضركم ما صنع وأين وقع إذا غاب عنكم أذاه واسترحتم وكان أمره في غيركم. فقال الشيخ النجدي والله ما هذا لكم برأي ألم تروا حلاوة قوله وطلاقة لسانه وأخذ القلوب ما تسمع من حديثه؟ والله لئن فعلتم ثم استعرض العرب ليجتمعن عليه ثم ليأتين إليكم حتى يخرجكم من بلادكم ويقتل أشرافكم. قالوا صدق والله فانظروا رأيا غير هذا قال: فقال أبو جهل لعنه الله: والله لأشيرن عليكم برأي ما أراكم أبصرتموه بعد لا أرى غيره قالوا وما هو؟ قال تأخذون من كل قبيلة غلاما شابا وسطا نهدا ثم يعطى كل غلام منهم سيفا صارما ثم يضربونه ضربة رجل واحد فإذا قتلوه تفرق دمه في القبائل كلها فما أظن هذا الحي من بني هاشم يقوون على حرب قريش كلها فإنهم إذا رأوا ذلك قبلوا العقل واسترحنا وقطعنا عنا أذاه قال: فقال الشيخ النجدي هذا والله الرأي القول ما قال الفتى لا أرى غيره قال فتفرقوا على ذلك وهم مجمعون له أتاه جبريل عليه السلام فأمره أن لا يبيت في مكانه الذي كان يبيت فيه فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب فأمره أن يبيت على فراشه ويستجي ببرد له أخضر ففعل ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على القوم وهم على بابه وخرج معه بحفنة من تراب فجعل يذرها على رءوسهم وأخذ الله بأبصارهم عن نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ "يس والقرآن الحكيم" - إلى قوله -" فأغشيناهم فهم لا يبصرون". و حسنه ابن كثير في البداية والنهاية وابن حجر في الفتح.
أما المشهد الثاني فقد ثبت في صحيح البخاري عن قيس بن عباد عن علي بن أبي طالب أنه قال: أنا أول من يجثو بين يدي الرحمن للخصومة يوم القيامة قال قيس: وفيهم نزلت " هذان خصمان اختصموا في ربهم " قال هم الذين بارزوا يوم بدر علي وحمزة وعبيدة وشيبة ابن ربيعة وعتبة بن ربيعة والوليد بن عتبة.
أما المشهد الثالث فقد قال الإمام الذهبي -رحمه الله- في سير أعلام النبلاء: "عن عروة قال: أسلم الزبير وهو ابن ثماني سنين، ونُفخت نفخة من الشيطان أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أُخذ بأعلى مكة، فخرج الزبير وهو غلام ابن اثنتي عشرة سنة بيده السيف، فمن رآه عجب وقال: الغلام معه السيف، حتى أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((ما لك يا زبير)) فأخبره وقال: أتيت أضرب بسيفي من أخذك، فدعا له ولسيفه.
فذهب علماء السير بناءا على هذه الحادثة إلى أن الزبير أول من سل سيف في الإسلام ، والزبير كعلي بن أبي طالب فارس مغوار لايشق له غبار ، وإرغاما لإنوف الرافضة الأوغاد ، سنعطر بحثنا هذا بذكر سيرته هو وبعض الصحابة الأبرار، الذين تم تهميشهم في رسالة العقاد.
1. لم تظهر صورته بطبيعة الحال ، ولكن أظهر الموقف.
المحمودي
05-21-2009, 02:28 AM
ماشاء الله
جزاك الله خيرا اخي
فعلا كلامك صحيح بالنسبة للفيلم , وقد ذكرني ذلك بتمثيل كنت قد رايته من عدة سنوات لدور وفترة عمرو بن العاص رضي الله عنه
وكم كنت مستهجنة ماطرح في هذا التمثيل من افتراءات واكاذيب وتلبيس على هذا الصحابي الجليل
نتمنى ان يريح القائمون على هذه الامور انفسهم ويدعوا الكتب التاريخية السليمة والموثقة تحكي قصص السيرة واصحابها وصحابتها
بدل من التشويه الذي يسمونه تمثيلا وعرضا مشوها لسيرة عطرة لهؤلاء العظام ,ناهيك عما تحمل هذه الاعمال من تجاوزات لم ينزل الله بها من سلطان ,
جزاك الله خيرا اخي
أرجو المعذرة أخت مسلمة لم أنتبه إلى مشاركتك إلا الأن ، بارك الله فيك وجزاك الله خيرا
المحمودي
05-21-2009, 07:04 PM
المشهد الرابع
وهذا المشهد فيه من التضخية والفداء والوفاء ما يعجز الإنسان عن وصفه ، وذلك حينما خرج النبي صلى الله عليه وسلم لملاقاة قافلة قريش ، فكان من قدر الله أن تفلت القافلة وتخرج قريش بقضها وقضيضها لملاقاة النبي صلى الله عليه وسلم ، هناك استشار رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه فقام أبو بكر الصديق فقال وأحسن ثم قام المقداد بن عمرو فقال : يا رسول الله امض لما أراك الله فنحن معك والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى (فاذهب أنت وربك فقاتلا إنّا ههنا قاعدون ) ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أشيروا علىّ أيها الناس وإنما يريد الأنصار وذلك أنهم عدد الناس - أي أكثر الناس عددا - وكانت بيعتهم له أن يمنعوه ممن دهمه بالمدينة أما المسير بهم إلى عدوّ من خارج بلدهم فلم تشمله بيعتهم الأخيرة ولهذا أراد رسول الله أن يستوثق من أمرهم فقال سعد بن معاذ : والله لكأنّك تريدنا يا رسول الله ؟ قال : أجل ؛ قال قد آمنّا بك وصدقناك ، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة ، فامض يارسول الله لما أردت فنحن معك فوالذي بعثك بـالحق ، لـو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ، ما تخلّف منا رجل واحد ، وما نكره أن تـلقى بنا عدوّنا غدا ، إنّا لصُبُر في الحرب صٌدُق فـي اللقاء ولعل الله أن يريك منا ما تقر به عينك ؛ والله يا رسول الله! لقد تخلف عنك بعض أصحابنا، ووالله ما نحن لك أشد حباً منهم، ووالله لو علموا أنك تلقى قتالاً ما تخلف واحد منهم، والله يا رسول الله! لوددنا أن تلقى بنا عدونا فسر بنا على بركة الله ، فسرّ رسول الله صلى الله عليه و سلم بقول سعد و نشّطه ذلك ؛ ثم قال سيروا و أبشروا.. انتهى.
فارجع البصر في دواوين الأمم وتاريخها هل تجد مثل هذه الصورة الناصعة وهذا المثل الأعلى للتضحية والوفاء والفداء ، ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير!!.
المحمودي
05-21-2009, 07:06 PM
توقف بنا الحديث في الحلقة الماضية عن موقف المهاجرين والأنصار قبل غزوة بدر، وتبين لنا بجلاء مقدار التضحية والتفاني والحب والوفاء لله ورسوله من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وخاصة من ذاك الصحابي الجليل سعد بن معاذ والذي ذكرنا كلامه في الحلقة الماضية ، ولقد اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ كما في البخاري وما ذلك إلا لقوة إيمانه ، وعظمة مواقفه رضي الله عنه.
والإنسان صاحب الفطرة السليمة حتى لو لم يكن مسلما فإن مواقف البطولة والشجاعة والمروءة والتضحية والوفاء لابد وأن تؤثر في نفسه ، حتى لو كانت هذه المواقف صادرة من غير المسلمين ، فهذا عنترة بن شداد لم يكن يوما ما مسلما ولكن إذا ذكرت الشجاعة فعنترة النجم!! و المرء لا يستطيع إخفاء إعجابه بمثل كلام عنترة هذا:
ولقد شفى نفسي وأبرا سقمها*** قيل الفوارس ويك عنتر أقدمي
والخيل تقتحم الغبار عوابسا *** ما بين شيظمة وأجرد شيظم
هلا سألت الخيل يا ابنة مالك *** إن كنت جاهلة بمــا لم تعلمي
يخبرك من شهد الوقيعة أنني*** أغشى الوغى وأعف عند المغنمي
و كذلك إذا ذكر الكرم فإن حاتما الطائي قد سارت بذكره الركبان ، وغيرهم ممن عرف بمثل هذه الخصال ، فهؤلاء النفر لم يكونوا كما ذكرنا مسلمين ، لكن مواقفهم وخصالهم النبيلة لابد وأن تبقي أثرا طيبا في النفس التي ترنوا إلى مكارم الأخلاق.
فلو أن الذين قاموا بإنتاج فلم الرسالة كانوا حريصين على التأثير على نفسية المشاهد ولو كان يهوديا أو نصرانيا أو مجوسيا!! فضلا عن أن يكون حنيفا مسلما ما كان لهم أن يتجاوزوا مثل هذه المواقف التي تهز النفس البشرية من أعماقها.. فإن كلاما مثل " قد آمنّا بك وصدقناك ، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة ، فامض يارسول الله لما أردت فنحن معك فوالذي بعثك بـالحق ، لـو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ، ما تخلّف منا رجل واحد ، وما نكره أن تـلقى بنا عدوّنا غدا ، إنّا لصُبُر في الحرب صٌدُق فـي اللقاء ولعل الله أن يريك منا ما تقر به عينك ؛ والله يا رسول الله! لقد تخلف عنك بعض أصحابنا، ووالله ما نحن لك أشد حباً منهم، ووالله لو علموا أنك تلقى قتالاً ما تخلف واحد منهم، والله يا رسول الله! لوددنا أن تلقى بنا عدونا فسر بنا على بركة الله".
لا يمكن لإنسان سوي الفطرة يشاهد هذا الموقف إلا وتهتز مشاعره اهتزازا عنيفا وفي الغالب ينهمر باكيا ، اللهم إلا إذا كانت نفسا رافضية ـ شيعية ـ امتلأت غلا وحقدا على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم يبق بعد ذلك في تلك النفس الفاجرة الظالمة حيزا لإن ترى تلك الأنوار الباهرة.
وهذا موقف أخر من المواقف العظيمة لأحد الصحابة الأبرار أبى الحقد الرافضي إبرازه وإظهاره: عن أنس بن مالك قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بسيسة عينا ينظر ما صنعت عير أبي سفيان فجاء وما في البيت أحد غيري وغير رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا أدري ما استثنى بعض نسائه قال فحدثه الحديث قال فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فتكلم فقال إن لنا طلبة فمن كان ظهره حاضرا فليركب معنا فجعل رجال يستأذنونه في ظهرانهم في علو المدينة فقال لا إلا من كان ظهره حاضرا فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حتى سبقوا المشركين إلى بدر وجاء المشركون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقدمن أحد منكم إلى شيء حتى أكون أنا دونه فدنا المشركون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض قال يقول عمير بن الحمام الأنصاري يا رسول الله جنة عرضها السماوات والأرض قال نعم قال بخ بخ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يحملك على قولك بخ بخ قال لا والله يا رسول الله إلا رجاءة أن أكون من أهلها قال فإنك من أهلها فأخرج تمرات من قرنه فجعل يأكل منهن ثم قال لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة قال فرمى بما كان معه من التمر ثم قاتلهم حتى قتل.
فتأمل قول هذا الصحابي الجليل الشهيد " لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة قال فرمى بما كان معه من التمر ثم قاتلهم حتى قتل".
أعجز مخرجوا فلم الرسالة على إظهار مثل هذه المواقف؟!! وهم الذين جعلوا عامة أحداث الفلم تدور على شخصيات كانت موضع رضى وقبول من قبل العقلية المجوسية الرافضية الشيعية ، كحمزة وجعفر وعمار رضي الله عنهم أجمعين.
المحبة لله
05-21-2009, 09:24 PM
السلام عليكم
قد يكون بعض ما تقوله صحيحا، ولكن لا تجعل رغبتك في اثبات موقفك تدفعك الى المبالغة، مثلا:
المشهد الثاني
هذا الحوار دار بين أبي طالب وسادات قريش ـ في الفلم ـ حينما حضرت أباطالب الوفاة:
أبوطالب: ها أنا ذا أودع الحياة ، اقتربت الساعة ، ولكن ما لهذا دعوتكم ياقوم ، دعوتكم لما هو أخطر من حياتي وموتي، لقد طلبت محمدا لأشهد الصلح بينكم.
عتبة: وكيف وهو يدعونا لما لا نطيق.
أبوسفيان: قل له أن يكف عن سب ءالهتنا ياأباطالب ، يتركنا لديننا ونتركه لدينه ، فإن رضي بذلك أصغينا إليه.
أبوطالب: لم يطلب منكم غير كلمة واحدة.أبوسفيان: لو طلب عشر كلمات غيرها أعطيناه ، أما كلمة الإله الواحد هذه فلا ـ ثم خرج القوم من عند أبي طالب .
أبوطالب: أتخشون أن تسمعوا إليه ـ قالها بصوت خاشع كأنه مشفق على قومه.
وبهذا انتهى الحوار الذي دار بين أبي طالب وسادات قريش ، والناظر في هذا الحوار يشعر كأنما أبوطالب داعية توحيد وهدى ، يدعوا قومه لكلمة واحدة وهي لا إله إلا الله ، ويذكرهم الساعة بقوله " اقتربت الساعة!!" وغير ذلك ، وهذا بلا شك تزوير للحقيقة وكذب على التاريخ ، فإن أباطالب منصوص على كفره وخلوده في نار حهنم كما ثبت ذلك في القرءان وصحيح السنة ، ولم يخالف في ذلك أحد من أهل العلم المعتبرين من الفقهاء والمحدثين والمفسرين ، لم يخالف في ذلك إلا الرافضة ـ الشيعة ـ فإنهم يرون أن أباطالب قد مات على الإسلام ويعتقدون أنه صحابي جليل ، وليس بدعا من الأمر أن يخالف الرافضة أهل الإسلام في قضية أبي طالب ، فقد خالفوا في أصل الدين وفرعه كما مر معنا من كلام أهل العلم.
قال الله تعالى " مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ".
ثبت في صحيح البخاري ومسلم عن سعيد بن المسيب، عن أبيه قال: لما حضر أبا طالب الوفاة دخل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده أبو جهل وعبد الله بن أبي أُمية فقال: "أي عمّ قل معي لا إله إلا الله أحاجّ لك بها عند الله"، فقال أبو جهل وابن أبي أُمية: يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فلم يزالا يكلمانه حتى قال آخر شيء كلمهم به على ملة عبد المطلب، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: "لأستغفرن لك ما لم أنه عنك"، فنـزلت: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ .
وفي رواية عند البخاري ومسلم وأحمد والترمذي والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما حضرت وفاة أبي طالب أتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "يا عماه قل لا إله إلا الله، أشهد لك بها يوم القيامة"، فقال: لولا أن تعيرني قريش يقولون: ما حمله عليه إلا جزع الموت، لأقررت بها عينك، ولا أقولها إلا لأقر بها عينك، فأنزل الله عز وجل:إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين. وهكذا قال عبد الله بن عباس وابن عمر ومجاهد والشعبي وقتادة: إنها نزلت في أبي طالب، حين عرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول: لا إله إلا الله. انتهى
وتأمل أخي الكريم قول أبي طالب " ولا أقولها إلا لأقر بها عينك.." أي لا يبتغي بذلك وجه الله ولارضى الله ، إنما لو قالها ـ وهو لم يقلها ـ فقط ليدخل بها السرور على قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا النوع من الإيمان لا ينفع صاحبه على الإطلاق حتى لو تلفظ بلا إله إلا الله إذا لم يكن موقنا بها يرجوا بذلك رضى الله ومغفرته ورحمته ، فقد كان عبد الله بن أبي بن سلول يتلفظ بلا إله إلا الله بل كان يصوم ويصلي!! ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعامله على أنه من المسلمين أما في الأخرة " إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار " وما أكثر هذا النوع من الإيمان في الناس اليوم " ولكن أكثر الناس لا يشعرون ".
قول ابي طالب اقتربت الساعة يعني ساعته هو اي وقت موته، لذلك قال بعدها ما لهذا دعوتكم يا قوم...
ثم ان الناظر في حوار ابي طالب مع قريش-كما هو في الفيلم- فلا يدل ابدا على انه داعية توحيد، فانت نفسك قلت انه " لم يكن ليقولها الا كي تقر عينه ( ص )) فلماذا لا تفترض اذا انه كان يدعو اهل قريش لنفس السبب؟؟
فالفيلم في النهاية لا يقول ان ابا طالب قد اسلم في النهاية، فاين الكذب والتزوير في هذا؟
المحمودي
05-22-2009, 01:45 PM
السلام عليكم
فاين الكذب والتزوير في هذا؟
الكذب والتزير هو أن القصة الحقيقة لموت أبي طالب كما ثبتت في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم يدعو أبا طالب إلى التوحيد وهو يرفض حتى قال هو على ملة عبد المطلب
أما القصة التي في الفلم فتختلف اختلافا كاملا وذلك أن أبا طالب هو الذي يدعو قومه في ذلك الموقف لكلمة التوحيد ، حيث يرغب قومه فيها بقوله (لم يطلب منكم غير كلمة واحدة!!)
أرجو أن يكون قد ظهر لك الكذب والتزوير الأن
وفقك الله لكل خير
المحمودي
05-22-2009, 01:49 PM
المشهد الخامس
وهذا المشهد هو امتداد لطمس الحقائق وإخفاء البطولات الذي مارسه الرافضة اللئام في فلم العقاد ، وهذا المشهد فيه منقبة عظيمة للأنصار بل لفتيان الأنصار الذين لم تبرز لهم أي فضيلة في الفلم غير فضيلة بيعة العقبة ، وهذا الموقف هو قتل فرعون هذه الأمة ـ أبوجهل ـ فإن هذه الحادثة ذكرها البخاري ومسلم في صحيحيهما وغيرهما من أهل السنن والمسانيد ، كما ذكر الله جل جلاله هلاك فرعون موسى في القرءان المجيد ، وما ذلك إلا ليعتبر الفراعنة والطغاة والجبابرة بمصارع أسلافهم من الذين صدوا عن سبيل الله وحاربوا دعوة الله.
فكان من قدر الله أن تكون هذه المنقبة العظيمة ، وهي هلاك طاغية الكفر أبوجهل على يدي غلامين يافعين من الأنصار، والذي جعلها فلم العقاد على يدي رجل مجهول رماه بحربة وانتهى الأمر، وحقيقة القصة كالتالي:
"عن عبد الرحمن بن عوف أنه قال بينا أنا واقف في الصف يوم بدر نظرت عن يميني وشمالي فإذا أنا بين غلامين من الأنصار حديثة أسنانهما تمنيت لو كنت بين أضلع منهما فغمزني أحدهما فقال يا عم هل تعرف أبا جهل قال قلت نعم وما حاجتك إليه يا بن أخي قال أخبرت أنه يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا قال فتعجبت لذلك فغمزني الآخر فقال مثلها قال فلم أنشب أن نظرت إلى أبي جهل يزول في الناس فقلت ألا تريان هذا صاحبكما الذي تسألان عنه قال فابتدراه فضرباه بسيفهما حتى قتلاه ثم انصرفا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبراه فقال أيكما قتله فقال كل واحد منهما أنا قتلت فقال هل مسحتما سيفيكما قالا لا فنظر في السيفين فقال كلاكما قتله وقضى بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح والرجلان معاذ بن عمرو بن الجموح ومعاذ بن عفراء".
فتأمل أخي الكريم قوله " قال أخبرت أنه يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا..".
كلنا يتذكر ذلك المجرم اللعين الدنماركي الخبيث صاحب الرسوم الأثمة ، وقد خرجت المسيرات الغاضبة وعقدت الندوات والمؤتمرات لنصرة خاتم الأنبياء عليه الصلاة والسلام ، وهو موقف محمود من أمة الإسلام ، ولكن عجبي لا ينتهي من أناس يزعمون أنهم ينتسبون إلى أمة الإسلام ، وعلم الله الذي لا تخفى عليه خافية أنهم قد أذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أذية شنيعة قبيحة حتى أن أذية الصور الخبيثة لا تساوي شيئا مقابل أذيتهم هم عليهم لعائن الله تترى..
فإن الرافضة الملاعين يتهمون النبي صلى الله عليه وسلم في عرضه تصريحا وليس تلميحا ، فإنهم يقولون عن عائشة رضي الله عنها الصديقة بنت الصديق أحب نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه الطاهرة المبرأة من فوق السبع الطباق قولا عظيما " تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا ".
ووالله الذي لا إله غيره إن هذا مقرر عندهم ومن جملة عقائدهم الباطلة ، قرأناه في أمهات وأصول كتبهم التي يقوم عليها دينهم الباطل الذي أسسه ابن سبأ اليهودي!! ورأيناه وسمعناه في أشرطة كثيرة مرئية ومسموعة.
ولك أخي الكريم أن تشاهد هذا الرابط كجزء من هذا المعتقد الخبيث
http://www.youtube.com/watch?v=6CsczSIR2Ho&feature=related
فقل لي بالله عليك أخي المسلم أترضى أن ترمى أمك بالزنى؟!! " النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ".
أترضى أخي المسلم أن ترمى زوج نبيك صلى الله عليه وسلم بالزنى الصريح؟!!
قل لي بربك أخي الكريم ، لو خيرت أنت شخصيا بين أن ينالك أحد السفهاء برسوم ساخرة أو أن يرميك أخر في عرضك ويتهم زوحتك بالزنى؟!! أيهما أشد وأنكى عقلا وشرعا ومنطقا؟!! وإن كان كلا الأمرين في حق نبينا صلى الله عليه وسلم كفر.
وإن تعجب فإن العجب لا ينقضي من أناس وحركات ومنظمات إسلامية تداهن وتتقارب مع هؤلاء الملاعين من أجل مصالحها الشخصية!! و من أجل مصالحها الحزبية!! على حساب الثوابت والعقائد والمقدسات.
ووالله الذي لا إله غيره لإن يخر الإنسان من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق أحب إليه من أن يسمع كلاما فيه تعريض بعرض نبينا صلى الله عليه وسلم ، فكيف طابت نفوس هؤلاء القوم أن تجالس هؤلاء الأنجاس الأرجاس؟!! رحم الله فتيان الأنصار " قال أخبرت أنه يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا..".
المشهد السادس:
بعد انتهاء معركة بدر ، جيئ بالأسرى يجرهم عمار بن ياسر!!! (1) فدار الحوار التالي:
حمزة: رسول الله لا يرضى أن تقيدوا الأسرى.
عمار: لو كنا مكانهم لقتلونا
حمزة: علينا أن نتبع وصايا رسول الله في الأسرى ، لا تسحبوهم مربوطين ، قاسموهم زادكم ، من يعرف القراءة والكتابة يعلم عشرة من المسلمين لقاء حريته!!.انتهى
وهذا الكلام مجرد أوهام وهذيان ، فإن هذه الحادثة قد فصل فيها القرءان ، ونزل فيها فرقانا يتلى إلى يومنا هذا ، وفيها منقبة عظيمة لفاروق هذه الأمة عمر بن الخطاب ، فقد نزل القرءان موافقا لرأيه رضي الله عنه ، ولا عجب في ذلك فهو المحدث الملهم:
ثبت في صحيح مسلم عن ابن عباس قال : فلما أسروا الأسارى قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لأبي بكر وعمر – رضي الله عنهما - : " ما ترون في هؤلاء الأسارى ؟ " فقال أبو بكر : يا نبي الله ! هم بنو العم والعشيرة , أرى أن تأخذ منهم فدية , فتكون لنا قوة على الكفار , فعسى الله أن يهديهم للإسلام ، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : " ما ترى يا ابن الخطاب ؟! " قال : قلت لا ، والله يا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ما أرى الذي رأى أبو بكر ، ولكني أرى أن تمكنا فنضرب أعناقهم ، فتمكن عليا من عقيل فيضرب عنقه ، وتمكني من فلان - نسيبا لعمر – فأضرب عنقه ، فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها ، فهوي رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ما قال أبو بكر ، ولم يهو ما قلت ، فلما كان من الغد جئت فإذا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وأبو بكر قاعدين وهما يبكيان ، قلت : يا رسول الله ! أخبرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك ؟ فإن وجدت بكاء بكيت ، وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما ، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : " أبكي للذي عَرَضَ عليّ أصحابُك من أخذهم الفداء ، لقد عُرِض عليّ عذابُهم أدنى من هذه الشجرة " – شجرة قريبة من نبي الله – صلى الله عليه وسلم - وأنزل الله عز وجل : " ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض " إلى قوله : " فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا " الأنفال / 67–69 ، فأحل الله الغنيمة لهم .
1. يعتقد الرافضة كفر جميع الصحابة ما عدا بضعة نفر منهم المقداد وأبو ذر وسلمان وعمار بن ياسر.
المحمودي
05-22-2009, 01:53 PM
المشهد السابع:
روى ابن هشام عن أبي عون : أن امرأة من العرب قدمت بجَلَبٍ لها، فباعته في سوق بني قينقاع ، وجلست إلى صائغ ، فجعلوا يريدونها على كشف وجهها ، فأبت ، فَعَمَد الصائغ إلى طرف ثوبها فعقده إلى ظهرها ـ وهي غافلة ـ فلما قامت انكشفت سوأتها فضحكوا بها فصاحت ، فوثب رجل من المسلمين على الصائغ فقتله ـ وكان يهودياً ـ فشدت اليهود على المسلم فقتلوه ، فاستصرخ أهل المسلم المسلمين على اليهود ، فوقع الشر بينهم وبين بني قينقاع . وحينئذ عِيلَ صبر رسول الله(صلى الله عليه وسلم) ، فاستخلف على المدينة أبا لُبَابة بن عبد المنذر ، وأعطي لواء المسلمين حمزة بن عبد المطلب ، وسار بجنود الله إلى بني قينقاع ، ولما رأوه تحصنوا في حصونهم ، فحاصرهم أشد الحصار ، وكان ذلك يوم السبت للنصف من شوال سنة 2 هـ ، ودام الحصار خمس عشرة ليلة إلى هلال ذي القعدة ، وقذف الله في قلوبهم الرعب ـ إذا أراد خذلان قوم وهزيمتهم أنزله عليهم وقذفه في قلوبهم ـ فنزلوا على حكم رسول الله(صلى الله عليه وسلم) في رقابهم وأموالهم ونسائهم وذريتهم ، فأمر بهم فكتفوا . وحينئذ قام عبد الله بن أبي بن سلول بدور نفاقه ، فألح على رسول الله(صلى الله عليه وسلم) أن يصدر عنهم العفو ، فقال : يا محمد ، أحسن فـي موالي ـ وكـان بنـو قينـقاع حلفـاء الخزرج ـ فأبطأ عليه رسول الله(صلى الله عليه وسلم) فكرر ابن أبي مقالته فأعرض عنه ، فأدخل يده في جيب درعه ، فقال له رسول اللَّّه(صلى الله عليه وسلم) : ( أرسلني ) ، وغضب حتى رأوا لوجهه ظُللاً ، ثم قال : ( ويحك ، أرسلني ) . ولكن المنافق مضى على إصراره وقال : لا والله لا أرسلك حتى تحسن في موالي ، أربعمائة حاسر وثلاثمائة دارع قد منعوني من الأحمر والأسود ، تحصدهم في غداة واحدة ؟ إني والله امرؤ أخشي الدوائر . وعامل رسول الله(صلى الله عليه وسلم) هذا المنافق ـ الذي لم يكن مضي على إظهار إسلامه إلا نحو شهر واحد فحسب ـ عامله بالمراعاة ، فوهبهم له ، وأمرهم أن يخرجوا من المدينة ولا يجاوروه بها ، فخرجوا إلى أذْرُعَات الشام ، فقل أن لبثوا فيها حتى هلك أكثرهم . وقبض رسول الله(صلى الله عليه وسلم) منهم أموالهم ، فأخذ منها ثلاث قِسِي ودرعين وثلاثة أسياف وثلاثة رماح ، وخمس غنائمهم ، وكان الذي تولي جمع الغنائم محمد بن مسلمة .
فهذه الغزوة تسمى غزوة بني قينقاع حدتث بين غزوة بدر وغزوة أحد ، ومن أعجب ما ترى في فلم الرسالة أنه لم يتطرق لليهود على الإطلاق ، فإنك مهما قلبت البصر في هذا الفلم فإنك لن تجد أي ذكر لليهود!!! ، اللهم إلاكلمة واحدة جاءت على لسان رأس النفاق ابن سلول بعدما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة حيث قال " إنه يساوي بين المسلمين وأهل الكتاب!! اقرأ ما في الوثيقة ليهود يثرب.. فقرأ ـ أبوسفيان ـ لليهود دينهم.. وللمسلمين دينهم.. مواليهم وأنفسهم إلا من ظلم وأثم. انتهى
وحتى هذا الكلام فيه من الخبث والسم الناقع ما لا يخفى!! وسيأتي الكلام على هديه صلى الله عليه وسلم في التعامل مع اليهود لاحقا.
فهذا فلم الرسالة جاء تلبية لرغبات اليهود والمجوس ، ولم تصور فيه الرسالة الحقيقة التي بعث بها صلى الله عليه وسلم.
المحمودي
05-22-2009, 01:55 PM
المشهد الثامن:
بعد رجوع المشركين إلى مكة صار البكاء والعويل في كل مكان ، لكن الملفت للنظر أن التركيز الأكبر كان على هند بنت عتبة أم معاوية وزوجة أبي سفيان رضي الله عنهم جميعا وإن رغمت أنوف الروافض ، فقد تم إظهارها في صورة خبيثة جدا ، تضرب بيديها الأبواب التي حولها و تصرخ صرخات الإنتقام قائلة محمد.. علي.. حمزة ، ولايخفي على كل عاقل أن هذه الأسماء التي تريد أن تنتقم منها هند تمثل الإسلام في العموم ، ولكن هناك معنى أخر يريده الروافض ، وهو أن هذه الأسماء تمثل أل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا المشهد يشعر المشاهد بأن هندا ـ وهي أم الأمويين ـ عداوتها لأل البيت متجدرة في قلبها منذ أن قتل أبوها وأخوها وعمها في غزوة بدر!!
وقد أظهر الحقد الرافضي هند بنت عتبة في الفلم بمظهر لا يليق بصحابية جليلة أمنت وبايعت الرسول صلى الله عليه وسلم ، ومما يدل على طهارتها أنها لما جاءت للبيعة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ولا يزنين . قالت : أو تزني الحرة ؟ , لقد كنا نستحي من ذلك في الجاهلية : فكيف في الإسلام!!.
فكانت هند رضي الله عنها في كل مشاهد الفلم تظهر بصورة تلك المرأة التي تجالس الرجال ، ناشرة الشعر، تنبعث منها الضحكات الفاجرة ، تشارك الرجال الأراء في كيفية القضاء على الإسلام ، ورأيها دائما يقطر حقدا..إلخ. وقد اجتمع المشركون يوما للبكاء على موتاهم ، وكان وحشي حاضرا ، فرمى رمية نالت إعجاب جميع الحاضرين ، فقامت إليه هند ثم قالت له " سأعتقك ، وأعطيك وزنك فضة ، وألبسك الحرير ، مقابل رمية كهذه " انتهى.
وفي غزوة أحد قبل إلتحام الصفوف جاءت هند إلى وحشي وقالت له " حمزة هناك هل تراه.. هذا يومك.. " انتهى وهكذا أخي الكريم أراد الروافض الأنجاس أن يرسخوا في ذهن المشاهد أن الذي حرض على قتل حمزة رضي الله عنه إنما كانت هند ، وقد نجح هؤلاء الأرجاس في ذلك ، وأنا شخصيا إلى عهد قريب كنت أعتقد ذلك وغيري من الإخوان ،
والقصة كما يرويها وحشي رضي الله عنه في صحيح البخاري كالتالي:
"عن جعفر بن عمرو بن أمية الضمري قال: خرجت مع عبيد الله بن عدي بن الخيار، فلما قدمنا حمص، قال لي عبيد الله بن عدي: هل لك في وحشي، نسأله عن قتله حمزة؟ قلت: نعم، وكان وحشي يسكن حمص، فسألنا عنه، فقيل لنا: هو ذاك في ظل قصره، كأنه حميت، قال: فجئنا حتى وقفنا عليه يسيرا، فسلمنا فرد السلام، قال: عبيد الله معتجر بعمامته، ما يرى وحشي إلا عينيه ورجليه. فقال عبيد الله: يا وحشي أتعرفني؟ قال: فنظر إليه ثم قال: لا والله، إلا أني أعلم أن عدي بن الخيار تزوج امرأة يقال لها أم قتال بنت أبي العيص، فولدت له غلاما بمكة، فكنت أسترضع له، فحملت ذلك الغلام مع أمه فناولتها إياه، فلكـأني نظرت إلى قدميك، قال: فكشف عبيد الله عن وجهه ثم قال: ألا تخبرنا بقتل حمزة؟ قال: نعم، إن حمزة قتل طعيمة بن عدي بن الخيار ببدر، فقال لي مولاي جبير بن مطعم!!!: إن قتلت حمزة بعمي فأنت حر، قال: فلما أن خرج الناس عام عينين، وعينين جبل بحيال أحد، بينه وبينه واد، خرجت مع الناس إلى القتال، فلما أن اصطفوا للقتال، خرج سباع فقال: هل من مبارز، قال: فخرج إليه حمزة بن عبد المطلب، فقال: يا سباع، با ابن أم أنمار مقطعة البظور، أتحاد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم؟ قال: ثم أشد عليه، فكان كأمس الذاهب، قال وكمنت لحمزة تحت صخرة، فلما دنا مني رميته بحربتي، فأضعها في ثنته حتى خرجت من بين وركيه، قال: فكان ذاك العهد به، فلما رجع الناس رجعت معهم، فأقمت بمكة حتى فشا فيها الإسلام، ثم خرجت إلى الطائف، فأرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رسولا، فقيل لي: إنه لا يهيج الرسل، قال: فخرجت معهم حتى قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رآني قال: (آنت وحشي). قلت: نعم، قال: (أنت قتلت حمزة). قلت: قد كان من الأمر ما بلغك، قال: (فهل تستطيع أن تغيب وجهك عني). قال: فخرجت، فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج مسيلمة الكذاب، قلت لأخرجن إلى مسيلمة، لعلي أقتله فأكافئ به حمزة، قال: فخرجت مع الناس، فكان من أمره ما كان، قال: فإذا رجل قائم في ثلمة جدار، كأنه جمل أورق، ثائر الرأس، قال: فرميته بحربتي، فأضعها بين ثدييه حتى خرجت من بين كتفيه، قال: ووثب إليه رجل من الأنصار فضربه بالسيف على هامته.
قال: قال عبد الله بن الفضل: فأخبرني سليمان بن يسار: أنه سمع عبد الله ابن عمر يقول: فقالت جارية على ظهر بيت، وا أمير المؤمنين، قتله العبد الأسود.
وذكر الحافظ في الإصابة : أن وحشي شهد اليرموك ثم سكن حمص ومات بها في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه.
فتأمل أخي الكريم هذا الكلام جيدا "ثم قال: ألا تخبرنا بقتل حمزة؟ قال: نعم، إن حمزة قتل طعيمة بن عدي بن الخيار ببدر، فقال لي مولاي جبير بن مطعم: إن قتلت حمزة بعمي فأنت حر..." انتهى
فوحشي كان مولى لجبير بن مطعم!!
وهو الذي حث وحشي على قتل حمزة!!
وحمزة هو الذي قتل عم جبير بن مطعم!!
والقصة ثابتة على هذا النحو في صحيح البخاري!!
فكيف استطاع الرافضة الأندال اقحام هند بنت عتبة رضي الله عنها في قصة قتل حمزة رضي الله عنه؟!!
هل سمعتم في الدنيا بحقد أشد من هذ الحقد الرافضي على صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!
ومن هنا أخي الكريم تعلم علم اليقين أن عامة ما يكتب في كتب التاريخ وفيه تنقص لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو من أكاذيب هؤلاء القوم ، ولا غرو في ذلك فإن عامة دين هؤلاء الناس قائم على الكذب ، بل إن الكذب جزء من دينهم ، وهذا والله من أغرب الأشياء، فإن اليهودية والنصرانية تنهي أتباعهما عن الكذب، أما هؤلاء القوم فيأمرون أتباعهم بالكذب وينسبون ذلك كذبا وزورا إلى أئمة أهل البيت رضوان الله عليهم.
"التقية ديني ودين ءابائي"
" لا دين لمن لا تقية له".
وهذه الأفلام كما قلت في الحلقة الأولى تلعب دورا كبيرا في التأثير على عقل المشاهد وسلوكه واعتقاده ، وأنا على يقين من أن عامة الناس الذين شاهدوا فلم الرسالة يعتقدون هذا الإعتقاد الخاطئ في كيفية قتل حمزة رضي الله عنه.
المحمودي
05-23-2009, 01:09 AM
المشهد التاسع
كانت هناك بعض الأحداث بين غزوة بدر وغزوة أحد ، كغزوة السويق وسرية زيد بن حارثة التي اعترضت قافلة قريش يقودها صفوان بن أمية وغير ذلك من السرايا والبعوث وهذه الأحداث وإن كانت مهمة إلا أننا لا نستطيع أن نأتي على كل ما أسقط من الفلم بل سنكتفي بالغزوات الكبرى كالأحزاب وغيرها ، ومن ضمن هذه الأحداث مقتل كعب بن الأشرف اليهودي ، وحيث أن الفلم لم يتطرق إلى اليهود إطلاقا ، أحببنا أن نبين للقارئ الكريم نمادج من معاملة النبي صلى الله عليه وسلم لهذه الطائفة التي لا تحسن العيش إلا في ظل المكر والخداع ونقض العهود..إلخ.
كعب بن الأشرف من أثرياء اليهود وكان شاعرا بليغا، لما بلغه مقتل صناديد الكفر في بدر قال والله لباطن الأرض خير من ظاهرها ، هؤلاء أشراف العرب وملوك الناس ، ثم ذهب عدو الله إلى مكة يحرض المشركين على القتال ويذكرهم قتلاهم في بدر وينشد الأشعار ويبكي ، يثر حفائظ المشركين ويذكي حقدهم ، وقد روى الإمام أحمد ابن عباس قال: لما قدم كعب بن الأشرف مكة قالت قريش: ألا ترى هذا الصنبور المنبتر من قومه يزعم أنه خير منا ونحن أهل الحجيج وأهل السدانة وأهل السقاية. قال: أنتم خير. قال فنزلت "إن شانئك هو الأبتر ونزلأَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَؤُلاء أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللّهُ وَمَن يَلْعَنِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا".
ولم يكتف بذلك بل رجع إلى المدينة وأخذ يقول الأشعار التي تؤذي المسلمين ونسائهم غاية الإيذاء ، ولازال كذلك حتى ندب النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة إلى قتله ، والقصة ثابتة في الصحيحين وغيرهما وخلاصتها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من لكعب بن الأشرف؟! فإنه آذى الله ورسوله). قال محمد بن مسلمة: أتحب أن أقتله يا رسول الله؟ قال: (نعم). قال: فأتاه، فقال: إن هذا –يعني: النبي صلى الله عليه وسلم - قد عنّانا وسألنا الصدقة! قال: وأيضاً؟! والله لتملنه! قال: فإنا قد اتبعناه فنكره أن ندعه، حتى ننظر إلى ما يصير أمره! قال: فلم يزل يكلمه حتى استمكن منه فقتله.
فهذه قصة هذا اليهودي الحاقد وهذا هديه صلى الله عليه وسلم مع من كان هذا حاله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، فإن كعب بن الأشرف حتى بموازين الأمم المتحدة!! يعتبر مجرم حرب ، وذلك للدور الخبيث الذي قام به من تحريض المشركين وتأليبهم على قتال المسلمين ، وكذلك الأذية البالغة التي أنزلها بالمسلمين ونسائهم.
المشهد العاشر
غزوة أحد من أبرزغزوات النبي صلى الله عليه وسلم وفيها من العبر والفوائد الشيء الكثير، وليس هنا مكان بسطها وبيانها، فمن أراد أن يتوسع في هذا الموضوع فليراجع كتب السير فقد تعرض العلماء لهذه الغزوة بالتفصيل ، وخاصة العلامة ابن القيم في كتابه العظيم زاد المعاد ، والذي يهمنا في هذا المقام هو كيفية عرض فلم الرسالة لهذه الغزوة العظيمة.
إن المتأمل في هذه الغزوة ليدرك للوهلة الأولى أن هذه الغزوة ـ حسب عرض الفلم ـ قائمة على ثلاثة محاور يدركها المشاهد دون مشقة وعناء!!
المحور الأول: إظهار هند بنت عتبة على أنها رأس الحربة في هذه الغزوة ، فهي التي تحرض الجيش فتقف على صهوة جوادها بين الجيشين وتلقى الأشعار ويهتف لها الجيش المشرك بأعلى صوته ، ولما سقط لواء المشركين كانت هند هي التي أخذته وأعطته للفارين من المشركين ، وتحث الفارين من المشركين على الثبات ، مع أن الذي ورد في كتب السيرأن الذي حمل لواء المشركين بعد سقوطه هي عمرة بنت علقمةالحارثية ،قال ابن إسحاق : وقال حسَّان بن ثابت في شأن عمرة بنت علقمةالحارثية ورفعها اللواء :
إذا عضل سيقت إلينا كأنها * جداية شرك معلمات الحواجب
أقمنا لهم طعنا مبيرا منكلا * وحزناهم بالضرب من كل جانب
فلولا لواء الحارثية أصبحوا * يباعون في الأسواق بيع الجلائب
فلم تكن هند كما قلنا المرأة الوحيدة الحاضرة في هذه الغزوة فقد حضر كثير من المشركات مع جيش المشركين، وكذلك حضر مجموعة من الصحابيات مع جيش النبي صلى الله عليه وسلم
ونحن لا ننفي أن هندا رضي الله عنها خرجت مع قومها للإنتقام ، لكن الذي ننفيه هو أنها لم تكن تختلف عن قومها في هذه القضية ، فالكل خرج للإنتقام ، بل إن بعض المشركين بلغ به الحنق والغيظ والغل وحب الإنتقام إلى محاولة إغتيال النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو بلا ريب مبلغ لم تبلغه هند بنت عتبة!! أو على الأقل لم يثبت عندنا بأسانيد صحيحة ولا حتى ضعيفة!! ولكن كما قلنا من قبل هكذا أراد الروافض إظهار هند ، فكان لهم ما أرادوا عليهم من الله ما يستحقون.
قال عروة بن الزبير: جلس عمير بن وهب الجمحي مع صفوان بن أمية في الحِجْر، بعد مصاب أهل بدر بيسير, وكان عمير بن وهب شيطانًا من شياطين قريش، وممن كان يؤذي
رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ويلقون منه عناء وهو بمكة، وكان ابنه وهب بن عمير في أسارى بدر، فذكر أصحاب القليب ومصابهم، فقال صفوان: (والله ما في العيش بعدهم خير). قال له عمير: صدقت، أما والله لولا دَيْنٌ علي ليس عندي قضاؤه، وعيال أخشى عليهم الضيعة بعدي، لركبت إلى محمد حتى أقتله، فإن لي فيهم علة, ابني أسير في أيديهم. قال: فاغتنمها صفوان بن أمية فقال: عليّ دينك أنا أقضيه عنك، وعيالك مع عيالي أواسيهم ما بقوا، لا يسعني شيء ويعجز عنهم، فقال له عمير: فاكتم علي شأني وشأنك. قال: أفعل. قال: ثم أمر عمير بسيفه، فشحذ وسُمَّ، ثم انطلق حتى قدم المدينة ، فبينما عمر بن الخطاب في نفر من المسلمين يتحدثون عن يوم بدر، ويذكرون ما أكرمهم الله به، وما أراهم في عدوهم، إذ نظر عمر إلى عمير بن وهب وقد أناخ راحلته على باب المسجد متوشحًا سيفه، فقال: هذا الكلب عدو الله عمير بن وهب، ما جاء إلا لشرٍّ وهو الذي حرش بيننا، وحزرنا للقوم يوم بدر. ثم دخل عمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله هذا عدو الله عمير بن وهب قد جاء متوشحًا سيفه.قال صلى الله عليه وسلم: «فأدخله عليَّ» قال: فأقبل عمر حتى أخذ بحمالة سيفه في عنقه فلبَّبَه بها، وقال لمن كان معه من الأنصار: ادخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجلسوا عنده واحذروا عليه من هذا الخبيث، فإنه غير مأمون. ثم دخل به على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمر آخذ بحمالة سيفه في عنقه قال: «أرسله يا عمر، ادنُ يا عميرُ». فدنا ثم قال: انعموا صباحًا، وكانت تحية أهل الجاهلية بينهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أكرمنا الله بتحية خير من تحيتك يا عمير، بالسلام تحية أهل الجنة» فقال: أما والله، يا محمد إن كنت بها لحديث عهد. فقال: «فما جاء بك يا عمير؟» قال: جئت لهذا الأسير الذي في أيديكم فأحسنوا فيه. قال: «فما بال السيف في عنقك؟» قال: قبَّحها الله من سيوف! وهل أغنت
عنا شيئًا؟!! قال: «اصدقني ما الذي جئْتَ به؟» قال: ما جئت إلا لذلك. قال: «بل قعدت أنت وصفوان بن أمية في الحجر، فذكرتما أصحاب القليب من قريش، ثم قلت: لولا دينٌ عليَّ وعيالٌ عندي لخرجت حتى أقتل محمدًا، فتحمل لك صفوان بن أمية بدينك وعيالك، على أن تقتلني له، والله حائل بينك وبين ذلك». قال عمير: أشهد أنك رسول الله، قد كنا يا رسول الله نكذبك بما كنت تأتينا به من خبر السماء، وما ينزل عليك من الوحي، وهذا أمر لم يحضره إلا أنا وصفوان، فوالله إني لأعلم ما أتاك به إلا الله، فالحمد لله الذي هداني للإسلام، وساقني هذا المساق، ثم شهد شهادة الحق, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فقهوا أخاكم في دينه، وعلموه القرآن، وأطلقوا أسيره ففعلوا». ثم قال: يا رسول الله إني كنت جاهدًا على إطفاء نور الله، شديد الأذى لمن كان على دين الله عز وجل، وأنا أحب أن تأذن لي فأقدم مكة فأدعوهم إلى الله وإلى رسوله، وإلى الإسلام، لعل الله يهديهم, وإلا آذيتهم في دينهم كما كنت أوذي أصحابك في دينهم، قال: فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فلحق بمكة وكان صفوان بن أمية حين خرج عمير بن وهب، يقول: أبشروا بوقعة تأتيكم الآن في أيام، تنسيكم وقعة بدر، وكان صفوان يسأل عن الركبان، حتى قدم راكب فأخبره بإسلامه، فحلف أن لا يكلمه أبدًا، ولا ينفعه بنفع أبدًا. انتهى
فهذه القصة لا تهم الروافض ، الذي يهمهم هو كيفية النيل من هند ـ أم معاوية بن أبي سفيان ـ رضي الله عنهم أجمعين ، ومن شدة مكر القائمين على فلم الرسالة ومن ورائهم الروافض الذين يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون أن المرأة الوحيدة التي ظهرت في هذه الغزوة هي هند وهند فقط!!! فهل كانت هند هي المرأة الوحيدة التي خرجت مع صفوف المشركين؟!! ثم أليس قد خرج مع المسلمين نسوة ضربوا أروع الأمثلة في التضحية والفداء منهم أم عمارة نسيبة بنت كعب الأنصارية والتي تحدث عن نفسها فتقول " خرجت أول النهار إلى أحد، وأنا أنظر ما يصنع الناس ومعي سقاء فيه ماء فانتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في أصحابه والدولة والربح للمسلمين ، فلما انهزم المسلمون انحزت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلت أباشر القتال وأذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيف وأرمي بالقوس حتى خلصت إلي الجراح . فرأيت ـ الراوية أم سعد بنت سعد بن ربيع ـ على عاتقها جرحا له غور أجوف فقلت : يا أم عمارة من أصابك بهذا ؟ قالت أقبل ابن قميئة وقد ولى الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يصيح دلوني على محمد ، فلا نجوت إن نجا فاعترض له مصعب بن عمير وأناس معه فكنت فيهم فضربني هذه الضربة ولقد ضربته على ذلك ضربات ولكن عدو الله كان عليه درعان .
وعن أنس رضي الله عنه قال " لما كان يوم أحد انهزم الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ولقد رأيت عائشة بنت أبي بكر وأم سليم رضي الله عنهما وإنهما لمشمرتان- أي قدم سوقهن- تنقزان (وقال غيره: تنقلان) القرب على متونهما (أي ظهورهما) ثم تفرغانه في أفواه القوم فتملآنها ثم تجيئان فتفرغان في أفواه القوم.
فلماذا لم تظهر هذه الجوانب المضيئة في فلم الرسالة؟!!
والجواب أخي الكريم هو أن القائمين على إنتاج فلم الرسالة أرادوا لذهن المشاهد ألا يتشتت في التركيز إلا على امرأة واحدة وهي هند بنت عتبة وما تقوم به من أعمال بغيضة في هذه الغزوة.
المحور الثاني:هو جعل قيادة الجيش المسلم لشخصيات معروفة ومحددة من الصحابة وهم حمزة وزيد بن حارثة وعمار بن ياسر وبلال بن رباح ، والمتأمل في كل الغزوات يجد تركيزا ملحوظا على عمار بن ياسر رضي الله عنه ، ففي هذه الغزوة لما أشيع أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قتل صاح عمار رضي الله عنه قائلا " إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قتل فقوموا وموتوا على ما مات عليه " ، وهذا كما لا يخفى غير صحيح على الإطلاق ، فإن لهذه الكلمات قصة ، وقائل هذه الكلمات أنصاري صدق ما عاهد الله عليه ، يقول أنس رضي الله عنه غَابَ عَمِّي أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ عَنْ قِتَالِ بَدْرٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ غِبْتُ عَنْ أَوَّلِ قِتَالٍ قَاتَلْتَ الْمُشْرِكِينَ لَئِنْ اللَّهُ أَشْهَدَنِي قِتَالَ الْمُشْرِكِينَ لَيَرَيَنَّ اللَّهُ مَا أَصْنَعُ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ وَانْكَشَفَ الْمُسْلِمُونَ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعْتَذِرُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلَاءِ يَعْنِي أَصْحَابَهُ وَأَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلَاءِ يَعْنِي الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ تَقَدَّم.. الحديث. وفي روايةلما انهزم الناس؛ لم ينهزم أنس بن النضر رضي الله عنه، وقد انتهى إلى رجال من المهاجرين والأنصار قد ألقوا بأيديهم، فقال: ما يجلسكم؟ فقالوا: قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال: فما تصنعون بالحياة بعده؟ فقوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم استقبل المشركين، ولقي سعد بن معاذ، فقال: يا سعد! واهاً لريح الجنة، إني أجدها من دون أحد. فقاتل حتى قتل، ووجد به بضع وسبعون ضربة، ولم تعرفه إلا أخته، عرفته ببنانه".
فكما ترى أخي الكريم فهذا الموقف العظيم من هذا الصحابي الجليل أنس بن النضر أبى الحقد الرافضي ـ الشيعي ـ إلا طمسه ، بل لم يكتفوا بطمس هذه الحقيقة ، فنسبوها إلى الصحابي الجليل عمار بن ياسر ، وما ذلك إلا لاعتقادهم بأن عمار بن ياسر كان من شيعة علي رضي الله عنه ، وعمار رضي الله عنه برئ منهم ومن اعتقاداتهم الباطلة.
المحور الثالث: الإهمال التام لسائر المهاجرين والأنصار في هذه الغزوة فلم يذكر أحد منهم لا تصريحا ولا تلميحا. وهذا أمر ظاهر في جميع جزئيات الفلم إلا أن عدم ذكرهم في غزوة أحد يثير الإستغراب والإستهجان في ءان واحد!! وذلك أن غزوة أحد برزت فيها بطولات لبعض الصحابة لا يمكن لأي منصف أن يتجاوزها ، وحيث أن المحنة والإبتلاء ، والتضحية والفداء والثبات في هذه الغزوة تجلى من بعد وقوع الخطأ من الرماة ومخالفتهم لأمر النبي صلى الله عليه وسلم سوف نتناول هذه الغزوة من هذا الحدث ، ونبين المواقف العظيمة التي وقفها الأبطال:
عندما ترك الرماة مواقعهم ،ونزلوا من على الجبل ،وقدخالفوا بذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم الواضح الصريح بعدم تركهم مواقعهم حتى يأتيهم أمره صلى الله عليه وسلم ،إنتهز خالد بن الوليد هذه الفرصة بحكم خبرته العسكرية وحنكته المنقطعة النظير ،ولاغرو في ذالك فهو الفارس الذي لايشق له غبار جاهلية وإسلام ، ووقائعه مشهودة مع الفرس والروم والمرتدين ، حتى أن نبي الله سماه (سيف الله المسلول ) وحسبك من خالد وحنكته أنه لم يهزم في معركة قط!!
فحينما نزل الرماة من على الجبل إنكشف الجيش الإسلامي ،وصار مكشوفا للعدو ،ولم يكن هذا الإنكشاف ليخفى على خالد بن الوليد ،فألتف من خلف جبل الرماة هو وفرسانه ،وانقض على الجيش الإسلامي الذي لم يكن يتوقع مثل هذا الإنقضاض ، فما هي إلا لحظات حتى كانت السيوف والرماح مشرعة من خلف ظهور المسلمين ، واستحر القتل فيهم ، وصاح خالد وفرسانه صيحة سمعها المشركون الفارون من المعركة ، فلما رأى الجيش المشرك المنسحب إلتفافة خالد التاريخية تعاضضوا وتجمعوا حول رايتهم وشدوا الكرة على المسلمين ، فوقع المسلمون بين كفي الكماشة ، فتحول النصر إلى هزيمة ، ودارت رحى الحرب ، وبلغت القلوب الحناجر ، وركب الجيش بعضه بعضا ،وعمت الفوضى في المسلمين ، فرمي النبي صلى الله عليه وسلم بالحجارة فوقع لشقه، وأصيبت رباعيته اليمنى السفلى،وكُلِمَتْ شفته السفلي، وتقدم إليه عبد الله بن شهاب الزهري فَشَجَّه في جبهته،وضربه بن قَمِئَة بالسيف ضربة عنيفة شكا لأجلها أكثر من شهر، ثم ضرب على وجنته صلى الله عليه وسلم ضربة أخري عنيفة كالأولي حتى دخلت حلقتان من حلق المِغْفَر في وجْنَتِه ، وصاح الشيطان أن محمدا قد قتل ، حتى بلغ ببعض الصحابة رضوان الله عليهم من شدة الكرب أن ألقى بسلاحه وجلس!! وبلغ بالبعض الأخر أن فر لايلوي على شئ حتى دخل المدينة ، هناك تنادى الأبطال الأشاوس وتجلت قدرات بعض الصحابة القتالية ، ممن باعوا أنفسهم لله وعلى رأسهم قائد المسلمين الأعلى نبي الله صلوات الله وسلامه عليه وصحابته الأبرار من المهاجرين والأنصار ، الذين تنادوا لنصرة الإسلام ، وركوب الصعاب ، وإقتحام الموت الأحمر ، فكان مما أدركه صلى الله عليه وسلم بأن الوضع سيزداد سوءا اذا بقي بهذا الحال فعليه تغيير هذا الوضع وكسر الطوق الذي طوقهم به الكفار، فمضى رسول صلى الله عليه وسلم ومن معه من الصحابة الذين ثبتوا في المعركة يشقون الطريق نحو الجبل حتى صعدوا الجبل.
وهكذا إنحاز الفريقان وانتهت المعركة بهذا الشكل ، وقد يتصور القارئ الكريم أن إنحياز النبي صلى الله عليه وسلم من ميدان المعركة إلى صعود الجبل تم بيسر وسهولة ، وهذا بلا شك تصور خاطئ ، فهذا الإنحياز مع قصر مسافته إلا أنه قام على أصناف من التضحيات والبطولات والفداء الذي قام به أبطال من الصحابة ما يعجز القلم عن وصفه ، فقد تجلت منهم بطولات سجلها التاريخ في صحائفه تبقى نبراسا للأجيال التي تريد أن تقتدي بذالك الجيل الفريد.
روى مسلم عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرد يوم أحد في سبعة من الأنصار ورجلين من قريش، فلما رهقوه قال: (من يردهم عنا وله الجنة ؟ أو هورفيقي في الجنة ؟) فتقدم رجل من الأنصار فقاتل حتى قتل ثم رهقوه أيضاً فقال:(من يردهم عنا وله الجنة، أو هو رفيقي في الجنة ؟) فتقدم رجل من الأنصارفقاتل حتى قتل، فلم يزل كذلك حتى قتل السبعة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لصاحبيه ـ أي القرشيين: (ما أنصفنا أصحابنا) .
وهذان القرشيان هما طلحة ابن عبيد الله وسعد بن أبي وقاص كما ثبت في الصحيحين عن أبي عثمان قال: لم يبق مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض تلك الأيام التي يقاتل فيهن غير طلحة ابن عبيد الله وسعد بن أبي وقاص.
وفي رواية عند النسائي عن جابر قال لما كان يوم أحد وولى الناس كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في ناحية في اثني عشر رجلا منهم طلحة فأدركهم المشركون فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) من للقوم قال طلحة: أنا قال كما أنت فقال رجل أنا قال أنت فقاتل حتى قتل ثم التفت فإذا المشركون فقال من لهم قال طلحة أنا قال كما أنت فقال رجل من الأنصار أنا قال أنت فقاتل حتى قتل فلم يزل كذلك حتى بقي مع نبي الله طلحة فقال من للقوم قال طلحة أنا فقاتل طلحة قتال الأحد عشر!!حتى ضربت يده فقطعت أصابعه، فقال: حَسِّ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لوقلت: بسم الله، لرفعتك الملائكة والناس ينظرون)، قال: ثم رد الله المشركين .
فالمتأمل في موقف طلحة بن عبيد الله هذا يدرك في الحال مقدار الشجاعة والبطولة والفداء الذي قام به هذا الصحابي الجليل ،فقد قتل كل من حول النبي صلى الله عليه وسلم من الأنصار ،ولم يبق ألا طلحة رضي الله عنه ، فتقدم كالأسد الهصور وقاتل قتالا ما يكافئ عشرة من الأبطال الذين مر ذكرهم من الأنصار ، وما ذالك ـوالله أعلم ـ إلا لعلمه بأنه إذا قتل لخلص المشركون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاستمات في القتال ،وضرب بسيفه هامات الكفار ، ونفس الكرب عن سيد الأبرار..نزالا سجله التاريخ يعجز عن وصفه اللسان..ولا غرو في ذالك فهي تربية القرأن..ومازال في كر وفر تارة في الكفار وتارة يحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي اثخنته الجراح ، حتى بلغ به صخرة كداء شق على رسول الله صلى الله عليه وسلم الصعود عليها فقعد تحته طلحة فصعد النبي صلى الله عليه وسلم حتى استوى على الصخرة ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم يقول أوجب طلحة ، أي وجبت له الجنة بسبب عمله هذا.
وروي ابن حبان في صحيحه عن عائشة قالت: قال أبو بكر الصديق: لما كان يوم أحد انصرف الناس كلهم عن النبي صلى الله عليه وسلم، فكنت أول من فاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فرأيت بين يديه رجلاً يقاتل عنه ويحميه، قلت: كن طلحة، فداك أبي وأمي،كن طلحة، فداك أبي وأمي، [حيث فاتني ما فاتني، فقلت: يكون رجل من قومي أحب إلي] فلم أنشب أن أدركني أبو عبيدة بن الجراح، وإذا هو يشتد كأنه طير حتى لحقني،فدفعنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا طلحة بين يديه صريعاً، فقال النبي صلىالله عليه وسلم: (دونكم أخـاكم فقـد أوجب)، وقد رمي النبي صلى الله عليه وسلم في وَجْنَتِهِ حتى غابت حلقتان من حلق المِغْفَر في وجنته، فذهبت لأنزعهما عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال أبو عبيدة: نشدتك بالله يا أبا بكر، إلا تركتني، قال:فأخذ بفيه فجعل ينَضِّـضه كراهية أن يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم استل السهم بفيه، فنَدَرَت ثنية أبي عبيدة، قال أبو بكر: ثم ذهبت لآخذ الآخر، فقال أبوعبيدة: نشدتك بالله يا أبا بكر، إلا تركتني، قال:فأخذه فجعل ينضضه حتى اسْتَلَّه، فندرت ثنية أبي عبيدة الأخري، ثم قال رسول الله صلى الله عليهوسلم:(دونكم أخاكم، فقد أوجب)، قال: فأقبلنا على طلحة نعالجه، وقد أصابته بضع عشرة ضربة . وفي رواية : فأتيناه في بعض تلك الحفار فإذا به بضع وستون أو أقل أو أكثر، بين طعنة ورمية وضربة، وإذا قد قطعت إصبعه، فأصلحنا من شأنه.
ويكفي طلحة شهادة الصديق رضي الله عنه ، حيث قالت عائشة رضي الله عنها "كان أبو بكر الصديق إذا ذكر يوم أحد قال: ذاك يوم كله لطلحة..".
وعن عائشة رضي الله عنها قالت في قول الله تعالى "ٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ لِلَّهِوَٱلرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَا أَصَـٰبَهُمُ ٱلْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْمِنْهُمْ وَٱتَّقَوْاْ أَجْرٌ عَظِيم" قالت لعروة: يا ابن أختي كان أبوك منهم: الزبير وأبو بكر لما أصاب رسول الله صلىالله عليه وسلم ما أصاب يوم أحد وانصرف عنه المشركون خاف أن يرجعوا قال: (من يذهب في إثرهم؟) فانتدب منهم سبعون رجلاً قال: كان فيهم أبو بكر والزبير. كما في البخاري
ولك أخي الكريم أن تراجع كتب السير والتراجم وتنظر في موقف كل من حمزة بن عبدالمطلب ، علي بن أبي طالب ،أبودجانة سماك بن خرشة ، مصعب بن عمير، عمرو بن الجموح ، عبدالله بن جحش ، حنظلة بن أبي عامر رضي الله عنه غسيل الملائكة ، وغيرهم رضي الله عنهم جميعا.
المحمودي
05-23-2009, 01:16 AM
المشهد الحادي عشر
بعدما انتهت معركة أحد وانحاز الفريقان تقدم أبوسفيان نحو جبل أحد ـ حيث انحاز النبي صلى الله عليه وأصحابه ـ ثم دار هذا الحوار:
أبوسفيان: يامحمد أتسمعني؟ الحرب سجال.. يوم بيوم..يوم علينا ويوم لنا..يوم نساء ويوم نسر..أعل هبل.
زيد بن حارثة!!!: يقول الرسول..الله أعلى وأجل..قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار.
أبوسفيان: العزة لنا ولا عزة لكم.
زيد بن حارثة: الله مولانا ولا مولى لكم. انتهى.
هذه الحادثة قد رواها البخاري في صحيحه عن البراء رضي الله عنه قال: وأشرف أبو سفيان فقال أفي القوم محمد؟
فقال صلى الله عليه وسلم لا تجيبوه
فقال أفي القوم ابن أبي قحافة؟
قال صلى الله عليه وسلم : لا تجيبوه
فقال أفي القوم ابن الخطاب؟ فقال إن هؤلاء قتلوا فلو كانوا أحياء لأجابوا.
فلم يملك عمر نفسه فقال: كذبت يا عدو الله أبقى الله لك ما يخزيك.
قال أبو سفيان اعل هبل.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم أجيبوه قالوا ما نقول قال صلى الله عليه وسلم قولوا الله أعلى وأجل.
قال أبو سفيان لنا العزى ولا عزى لكم فقال النبي صلى الله عليه وسلم أجيبوه قالوا ما نقول قال : قولوا الله مولانا ولا مولى لكم.
قال أبو سفيان يوم بيوم بدر والحرب سجال وتجدون مثله لم آمر بها ولم تسؤني.
وفي رواية لأحمد : قال عمر: لا سواء قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار. انتهى.
يأبى الحقد الرافضي أن يظهر مناقب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخاصة إذا كان الأمر يتعلق بالفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي نكس رايتهم وأزال دولتهم وحطم عروشهم وأطفأ نيرانهم ، فكما ترى أخي الكريم فإن عمر ـ وليس زيدا ـ رضي الله عنهما هو الذي لم يتمالك نفسه وقام بالرد على أبي سفيان ، وقد إشتهر عمر رضي الله عنه بمثل هذه المواقف ، فكثيرا ما كان يسل سيفه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم لقطع أعناق المنافقين وغير ذلك من المواقف كموقفه من أسارى بدر ونحو ذلك ، وما ذلك إلا لشدته في الحق رضي الله عنه وأرضاه وما جبلت عليه نفسه من عدم قبول الظلم والضيم.
المشهد الثاني عشر
إنتقل مخرجوا فلم الرسالة من غزوة أحد إلى عمرة الحديبية!! وتجاوزوا بذلك كثيرا من المشاهد والغزوات(1) ومن أهم هذه الغزوات غزوة الإحزاب ، ولن نتطرق لهذه المشاهد ولا لتلك الغزوات ولكن الذي يهمنا من تلك الغزوات هو موقف اليهود من الإسلام وموقف الإسلام من اليهود ، فكما ذكرت أن المتأمل في الفلم سيجد أن الفلم لم يتطرق إلى اليهود إطلاقا ، وفي هذا الرابط أخي الكريم تجد تفصيل الكلام عن موقف اليهود من الإسلام والمسلمين:
http://www.muslm.net/vb/showthread.php?t=309824&highlight=%C7%E1%E3%CD%E3%E6%CF%ED
1. ليس من الضرورة إظهار كل الغزوات والمشاهد ، لكن لا يعني هذا عدم الإشارة إليها إطلاقا ، وهذه الإشارة قد لا تستغرق دقيقة أو دقيقتين ، كما عرض مشهد مبيت علي بن أبي طالب في فراش النبي صلى الله عليه وسلم يوم الهجرة!!!
المحمودي
05-23-2009, 01:18 AM
المشهد الثالث عشر
لما خرج المسلمون لعمرة الحديبية ، إعترضهم خالد بن الوليد مع مجموعة من الفرسان وحاول أن يستفزهم ، ثم ما لبث أن إنصرف عنهم ، فما أن إنصرف حتى قال زيد بن حارثة: إلى البيعة..النبي يقول لكم من أحب الله فليأت إلى البيعة تحت الشجرة!!! ثم تلا أحدهم قول الله "( لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ).
هكذا صورت لنا بيعة الرضوان في فلم الرسالة!! والحقيقة غير ذلك على الإطلاق ، وذلك أن بيعة الرضوان ما كانت إلا لأجل عثمان بن عفان رضي الله عنه وذلك حين أشيع في مكة أن عثمان قد قتل ، وهي بلا شك منقبة عظيمة لعثمان رضي الله عنه حاول الرافضة ـ الشيعة ـ اللئام طمسها كما طمسوا غيرها من مناقب الصحابة ، وخبر البيعة كالتالي:
"..استدعى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ عثمان بن عفان ليبلغ عنه أشراف قريش ما جاء له ، فخرج عثمان إلى مكة, فلقيه أبان بن سعيد بن العاص حين دخل مكة أو قبل أن يدخلها, فنـزل عن دابته, فحمله بين يديه, ثم ردفه وأجاره حتى بلغ رسالة رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, فانطلق عثمان حتى أتى أبا سفيان وعظماء قريش, فبلغهم عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ما أرسله به, فقالوا لعثمان حين فرغ من رسالة رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: إن شئت أن تطوف بالبيت فطف به, قال: ما كنت لأفعل حتى يطوف به رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, فاحتبسته قريش عندها, فبلغ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم والمسلمين أن عثمان قد قُتل ، فلما بلغ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أن عثمان قد قتل, قال: لا نَبْرَحُ حتى نُناجِزَ القَوْمَ, ودعا الناس إلى البيعة, فكانت بيعة الرضوان تحت الشجرة, ثم أتى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أن الذي ذُكر من أمر عثمان باطل ". انتهى مختصرا.
المشهد الرابع عشر
جاء سهيل بن عمرو ليفاوض النبي صلى الله عليه وسلم ـ وهو المعروف بصلح الحديبة ـ ولنا على هذا الحوار الملاحظات التالية:
أن كل بنود الصلح المذكورة في كتب السير ذكرت في هذا الحوار ما عدا هذا البند (من أتي محمداً من قريش من غير إذن وليه ـ أي هارباً منهم ـ رده عليهم، ومن جاء قريشاً ممن مع محمد ـ أي هارباً منه ـ لم يرد عليه) انتهى.
إسقاط هذا البند من الصلح في الفلم يثير الإستغراب!! والحقيقة أن هذا البند فيه من الإجحاف ما لا يخفى ، كيف يستقيم أن من جاء مسلما هاربا من قريش لا يحق للنبي صلى الله عليه وسلم أن يستقبله!! ومن خرج من عند المسلمين هاربا يحق لقريش أن تسقبله!! ولذلك رأى المسلمون أن هذا الصلح فيه ذل وإهانة ، وقد غضب عمر غضبا شديدا في ذلك اليوم يقول رضي الله عنه " أتيت نبي الله صلى الله عليه وسلم فقلت: ألست نبي الله حقا؟ قال: بلى قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال:بلى؛ قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذًا؟! قال: إني رسول الله، ولست أعصيه، وهو ناصري.." صحيح البخاري.
وهو إمتحان عظيم للمسلمين الذين ما اعتادوا على قبول الضيم والذل والهوان ، وقد نشبت الحروب العظيمة بينهم من أجل ناقة وفرس ونحو ذلك ، ومما زاد من هذا الإبتلاء أنه (وبينما الكتاب يكتب إذ جاء أبو جَنْدَل بن سهيل يَرْسُفُ في قيوده، قد خرج من أسفل مكة حتى رمي بنفسه بين ظهور المسلمين، فقال سهيل: هذا أول ما أقاضيك عليه على أن ترده فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنا لم نقض الكتاب بعد). فقال: فوالله إذا لا أقاضيك على شيء أبداً. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (فأجزه لي). قال: ما أنا بمجيزه لك. قال: (بلى فافعل)، قال: ما أنا بفاعل. وقد ضرب سهيل أبا جندل في وجهه، وأخذ بتلابيبه وجره ؛ ليرده إلى المشركين، وجعل أبو جندل يصرخ بأعلى صوته: يا معشر المسلمين، أأرد إلى المشركين يفتنوني في ديني؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا أبا جندل، اصبر واحتسب، فإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجاً ومخرجا، إنا قد عقدنا بيننا وبين القوم صلحاً، وأعطيناهم على ذلك، وأعطونا عهد الله فلا نغدر بهم). فوثب عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع أبي جندل يمشي إلى جنبه ويقول: اصبر يا أبا جندل، فإنما هم المشركون، وإنما دم أحدهم دم كلب، ويدني قائم السيف منه، يقول عمر: رجوت أن يأخذ السيف فيضرب به أباه، فضن الرجل بأبيه، ونفذت القضية) انتهى.
ففي هذه البند الذي لم يتعرض له فلم الرسالة منقبة عظيمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذلك يتمثل في صبره على أذى قومه وصفحه وعدم التعنت معهم ، بل كان يختار الأيسر ما لم يكن معصية كما حدث في قضية أسارى بدر وغيرها ، فإظهار مثل هذه الأخلاق في فلم يشاهده الملايين من الناس لا شك أن له أثرا عظيما عليهم ، وهذا بلا شك لا يريده فئات لها علاقة بإخراج هذا الفلم!!.
وهذه الأخلاق السامية والمثل العالية التي اتصف بها سيد ولد ءادم عليه الصلاة والسلام هي التي جعلت المنصفين من مفكري الغرب الذين درسوا سيرة نبينا عليه الصلاة والسلام أن يشهدوا له بهذه الأداب ومكارم الأخلاق ، خلافا للجاحدين الذين من جلدتنا ويتكلمون بألستنا!!
يقول إدوار مونته ـ الفيلسوف إدوار مونته الفرنسي مستشرق فرنسي ولد في بلدته لوكادا 1817 ـ 1894 قال في آخر كتابه (العرب) ـ ( عرف محمد بخلوص النية والملاطفة وإنصافه في الحكم، ونزاهة التعبير عن الفكر والتحقق، وبالجملة كان محمد أزكى وأدين وأرحم عرب عصره، وأشدهم حفاظاً على الزمام فقد وجههم إلى حياة لم يحلموا بها من قبل، وأسس لهم دولة زمنية ودينية لا تزال إلى اليوم) انتهى.
المشهد الخامس عشر
أقبل سهيل بن عمرو ـ في الفلم ـ إلى مجلس فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فدار هذا الحوار:
بلال: أقبل مفاوض ءاخر (وكأنه يخاطب رسول الله صلى الله عليه وسلم).
زيد بن حارثة: سهيل بن عمرو ، يبدو أنهم يريدون المصالحة.
سهيل بن عمرو: محمد..عرضت عليك شروط من قبل في الإتفاق بينك وبين قريش هل وافقت عليها؟!
فكان جواب رسول الله صلى الله عليه وسلم عبارة عن ورقة مطوية أعطيت لسهيل بن عمرو ، ثم بدأ في قراءتها:
سهيل بن عمرو: ما هذا؟؟!! بسم الله الرحمن الرحيم!!! لا أعرف هذا!!! أكتب باسمك اللهم (مخاطبا أحد المشركين الذين جاؤوا معه) هذا ما تصالح عليه محمد رسول الله!!! لو شهدت أنك رسول الله لم أقاتلك (مخاطبا النبي صلى الله عليه وسلم) بل أكتب هذا ما تصالح عليه محمد بن عبد الله مع سهيل بن عمرو ، ثم التفت إلى الحضور قائلا.. أليس هذا هو الأصح؟؟!! هذا أفضل!! ثم صار يقرأ فقرات الصلح ما عدا الفقرة التي تكلمنا عنها في الوقفة الرابعة عشر. انتهى
وهذا الحوار لم يكن على هذا النحو في كتب السير والمغازي ، إنما كان على هذا النحو:
وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم (دعا علياً ليكتب الكتاب، فأملي عليه: (بسم الله الرحمن الرحيم) فقال سهيل: أما الرحمن فوالله لا ندري ما هو؟ ولكن اكتب: باسمك اللّهم. فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك. ثم أملي: (هذا ما صالح عليه محمد رسول الله) فقال سهيل: لو نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت، ولا قاتلناك، ولكن اكتب: محمد بن عبد الله فقال: (إني رسول الله وإن كذبتموني)، وأمر علياً أن يكتب: محمد بن عبد الله، ويمحو لفظ رسول الله، فأبي على أن يمحو هذا اللفظ. فمحاه صلى الله عليه وسلم بيده، ثم تمت كتابة الصحيفة..) انتهى.
وأنا لا أريد أخي الكريم أن أصحح حادثة تاريخية من سردي لهذه القصة لكنني أريد أمرا أخر أهم من ذلك بكثير فتابعه معي متكرما:
ثبت في صحيح البخاري عن ابن عباس قال : لما اشتد بالنبي صلى الله عليه وسلم وجعه قال : ائتوني بكتاب أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده ؟ قال عمر : إن النبي صلى الله عليه وسلم غلبه الوجع وعندنا كتاب الله حسبنا ، فاختلفوا وكثر اللغط قال : قوموا عني ولا ينبغي عندي التنازع.
يستدل الرافضة اللئام بهذا الحديث على كفر عمر بن الخطاب ومن كان معه في ذاك المجلس ، ولقد سمعت بأذني الخبيث علي الكوراني في قناة المستقلة بعد أن سرد هذا الحديث يقول (عندنا الذي يرد على رسول الله كأنما رد على الله ، والذي يرد على الله كافر!!!) فيقول له مذيع المستقلة (محمد الهاشمي) لكن يا شيخ هؤلاء الحضور فيهم أبوبكر وعمر وعثمان..إلخ فما زاد عدو الله أن قال (عندنا الذي يرد على رسول الله كأنما رد على الله ، والذي يرد على الله كافر!!!).
فنقول يا عدو الله تأمل إن كان عندك بقية عقل (وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً أن يكتب: محمد بن عبد الله، ويمحو لفظ رسول الله، فأبي علي أن يمحو هذا اللفظ. فمحاه صلى الله عليه وسلم بيده، ثم تمت كتابة الصحيفة..) انتهى.
فهل علي رضي الله عنه حينما رفض أن يمحو ما أمره رسول صلى الله عليه وسلم صار كافرا؟؟!! فإن قلت بهذا القول فقد كفرت نفسك!! بل كفرت ربك وإلهك الذي تعبده!! ومعلوم أن الرافضة المجوس يعبدون عليا رضي الله عنه كما عبدت النصارى المسيح عسى بن مريم عليهما السلام ، وإن قلت لا يكفر فما عليك إلا أن تتوب من ردتك وتشهد لأسيادك الأبرار بالصحبة والفضل والسبق.
ولعله من لغو القول أن نقول أن علي بن أبي طالب عندنا من سادات الصحابة بل حبه من الإيمان وبغضه من النفاق ، فلا يزاد علينا أهل الأوثان!!
المحمودي
06-08-2009, 06:18 PM
المشهد السادس عشر
ذكرت فيما سبق أن الشخصيات التي تم التركيز عليها من الصحابة في فلم الرسالة كانت عامتها ممن تحظى بالرضا الشيعي (الرافضي) كعمار بن ياسر ، وجعفر بن أبي طالب ، وبلال بن رباح ، وزيد بن حارثة ، وحمزة بن عبد المطلب رضي الله عنهم جميعا ، فغالب أحداث الفلم تدور حول هذه الشخصيات ، فهم الذين يقودون الجيوش وهم الذين يدافعون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم الذين يستشارون في أمور المسلمين كصلح الحديبية ونحوها.
بعد أن وقع النبي صلى الله عليه وسلم صلح الحديبية مع قريش ، تفرغ الصحابة للدعوة إلى الله ، كان عامة الدعاة الذين أبرزهم الفلم هم الشخصيات من الصحابة التي ذكرتها أنفا فقط!! باستثناء حمزة الذي قتل في أحد ، وكما ذكرت مرارا الذين يقفون خلف إخراج الفلم يغيظهم ويعكر صفوهم ظهور شخصيات من الصحابة يعتقد الرافضة أنهم كفار!!.
من الصحابة الذين حاول مخرجوا فلم الرسالة إظهارهم بمظهر لا يليق بهم ، الصحابي الجليل عمرو بن العاص رضي الله عنه ، وهذا الصحابي الجليل له علينا معاشر (الليبين) فضل كبير ، إذ لولا الله ثم هذا الصحابي لكنا اليوم عبدة أصنام أو أشجار!! وهذا الصحابي تعرض لحملة تشويه منظمة من قبل الرافضة عليهم من الله ما يستحقون ، ولو كان في الناس وفاء لهذا الصحابي لكانت سيرته تدرس بالتفصيل في مدارسنا وجامعاتنا وفي بيوتنا ، ولكان اسمه على غالب المصالح العسكرية والطبية والتعليمية..إلخ.
كان الظهور الأول لعمرو بن العاص رضي الله عنه في الفلم حينما أرسلته قريش لاسترجاع المهاجرين من الحبشة ، فظهر في هذا الموقف بالرجل الماكر الذي يستخذم جميع الطرق والوسائل للإيقاع بالمهاجرين ، فجاء بالهدايا للملك وحاشيته ، ثم ذكر أن هؤلاء المهاجرين سفهاء فارقوا قومهم وسفهوا دين أبائهم وإخوانهم..إلخ ثم لما لم تفلح هذه الوسائل قال للملك (النجاشي) وهو نصراني ، إنهم يقولون في مريم قولا عظيما ، الشاهد أنه استخذم جميع الوسائل لأرجاع المهاجرين لكنه لم يفلح ، وكان الذي يرد على كلام عمرو بن العاص هو الصحابي جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه.
وأنا هنا لا أنكر أن عمرو بن العاص قد فعل هذه الأمور ، الذي أنكره أن الفلم أظهر كل هذه الأمور بكل تفصيل حتى تشحن نفس المشاهد على هذا الصحابي الجليل ، ثم بعد ذلك اختفى عمرو رضي الله عنه من الفلم إلى لحظة إسلامه ، وهنا الأمر الغريب المريب ، فلحظة إسلام عمرو بن العاص في الفلم كالتالي:
أقبل عمرو بن العاص وخالد بن الوليد على جواديهما ، فأما خالد رضي الله عنه فانصرف مباشرة إلى مجلس النبي صلى الله عليه وسلم والذي كان في استقباله عمار بن ياسر!! وبلال بن رباح!! وزيد بن حارثة!! رضي الله عنهم.
وأما عمرو بن العاص فكان في استقباله جعفر بن أبي طالب ودار بينهما هذا الحوار:
(أقبل جعفر نحو عمرو ثم وضع يده اليمنى على اليسرى (كالذي سيوضع في يديه القيود) ثم قال: هل أتيت مرة أخرى لتأخذني؟!!
عمرو: جئت أسألكم أن تأخذوني إليكم!! ثم تعانقا) انتهى.
تأمل أخي الكريم في قول جعفر رضي الله عنه (هل أتيت مرة أخرى لتأخذني؟!!) وطريقة إقباله نحو عمرو بن العاص ليذكر المشاهد بالموقف الذي وقفه عمرو بن العاص في الحبشة ، وإلى هنا قد نحسن بهم (القائمين على الفلم) الظن إلى حد ما ، ولكن قول عمرو: جئت أسألكم أن تأخذوني إليكم هو الذي يجعلنا لا نحسن بهم الظن ، حيث أن موقفه الأول (في الحبشة) أظهروا كل تفاصيله ، أما موقفه الثاني (إسلامه) فاختصروه اختصارا مخلا!! حتى أنهم لم يمكنوه من أن ينطق الشهادة ، فإن قوله (جئت أسألكم أن تأخذوني إليكم) تحمل على أن يأخذوه أسيرا ليكفر عن تلك الخطيئة ، أو ضيفا أو..إلخ.
وإسلام عمرو بن العاص ثابت في الصحيح لا مرية فيه ولا شك:
عن بن شماسة المهري قال حضرنا عمرو بن العاص وهو في سياقة الموت فبكى طويلا وحول وجهه إلى الجدار فجعل ابنه يقول يا أبتاه أما بشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا أما بشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا قال فأقبل بوجهه فقال إن أفضل ما نعد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله إني قد كنت على أطباق ثلاث لقد رأيتني وما أحد أشد بغضا لرسول الله صلى الله عليه وسلم مني ولا أحب إلي أن أكون قد استمكنت منه فقتلته فلو مت على تلك الحال لكنت من أهل النار فلما جعل الله الإسلام في قلبي أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت ابسط يمينك فلأبايعك فبسط يمينه قال فقبضت يدي قال مالك يا عمرو قال قلت أردت أن أشترط قال تشترط بماذا قلت أن يغفر لي قال أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها وأن الحج يهدم ما كان قبله وما كان أحد أحب إلي من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أجل في عيني منه وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجلالا له ولو سئلت أن أصفه ما أطقت لأني لم أكن أملأ عيني منه ولو مت على تلك الحال لرجوت أن أكون من أهل الجنة ثم ولينا أشياء ما أدري ما حالي فيها فإذا أنا مت فلا تصحبني نائحة ولا نار فإذا دفنتموني فشنوا علي التراب شنا ثم أقيموا حول قبري قدر ما تنحر جزور ويقسم لحمها حتى أستأنس بكم وأنظر ماذا أراجع به رسل ربي. انتهى
بل إن النبي صلى الله عليه وسلم أرسله بعد إسلامه بقليل أميرا على جيش فيه أبو بكر وعمر وأبو عبيدة في جماعة من سراة المهاجرين رضي الله عنهم أجمعين في سرية ذات السلاسل المشهورة.
المحمودي
12-08-2009, 05:22 PM
بعد حادثة إسلام عمرو بن العاص رضي الله عنه أختصر الفلم بطريقة عادية فجاءت غزوة الفتح ثم دخل الناس في دين الله أفواجا ثم مات النبي صلى الله عليه وسلم ، غير أن الفلم لم يغفل عن إظهار هند بنت عتبة على أنها لم تسلم رضي الله عنها ، وقبل أن ننهي هذا البحث أحببنا أن نقف على قضيتين
القضية الأولى:
ورد في بداية الفلم أن المستشار الديني لفلم الرسالة هو عبد الله العلائلي ، يقول الأخ سليمان الخراشي حفظه الله في (نظرة شرعية في فكر: عبد الله العلايلي) ما نصه:
(وقال الدكتور سيد العفاني عن العلايلي : " يقدم الشيخ (!)عبد الله العلايلي مفتي جبل لبنان سابقاً في كتابه "أين الخطأ" مجموعة من الأخطاء يريد تصحيحها, مثل : إباحة التعامل المصرفي الربوي , وأنه لا رجم في الإسلام, ولا قطع ولا جلد إلا بعد معاودة الجريمة وتكرارها, وأن الزواج المختلط بين المسلمين والكتابيين رجالهم ونسائهم حلال شرعاً !!
- ويرى الشيخ (!) عبد الله العلايلي أن إقامة الحدود لا تتم إلا في حال الإصرار, أي المعاودة تكراراً ومراراً, إذ أن آخر الدواء الكي.. وبلغ من استهزائه بالحدود الشرعية أن قال: "إن إنزال الحد لا يتفق مع روح القرآن الذي جعل القصاص صيانة للحياة, وإشاعة للأمن العام, وليس لجعل المجتمع مجموعة مشوهين: هذا مقطوع اليد, والآخر مقطوع الرجل والآخر مفقوء العين, أو مصلوم الأذن, أو مجدوع الأنف". أما الرجم: فيقول فيه بمذهب الخوارج: "لا رجم في الإسلام كما هو مذهب الخوارج عامة, ومنهم من يعتد بخلافه فقهياً.. على أن ما شاع من قول بالرجم يعتمد على طائفة من الأحاديث لم ترتفع عن درجة الحسن, ومنها الحديث المتعلق بماعز بن مالك, والحديث المتعلق بالغامدية الأزدية !! . ( أعلام وأقزام ، 2/149) .
يضاف - أيضًا - : -لمز العلايلي عمر - رضي الله عنه - بأنه لم يصب في ترشيح أهل الشورى، وأن سياسته المالية أضرت بالدولة! (انظر كتابه: مقدمات لفهم التاريخ، ص 139-141) -وطعن في عثمان –رضي الله عنه- في كتابه "سمو المعنى" . (انظر: الشيخ العلايلي والتجديد في الفكر المعاصر، فايز ترحيني، ص 301). -وطعن في عبدالرحمن بن عوف –رضي الله عنه- أنه "لم يترك الانتخاب حراً بل استعمل فيه طريقة المداورة والانتهازية" !! (مقدمات لفهم التاريخ، ص139). -وطعن في معاوية –رضي الله عنه- . (انظر المرجع السابق، ص 298).
-وأثنى بمبالغة على اليهودي عبدالله بن سبأ ، وجعل منه مصلحاً !! كما في كتابه (مقدمات لفهم التاريخ العربي، ص 65 وما بعدها و112).
يتبع إن شاء الله
Powered by vBulletin™ Version 4.2.1 Copyright © 2024 vBulletin Solutions, ENGAGS © 2010