المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رسالة إلى صحفنا العربية، المفاسد المترتبة على نشر الجرائم أضعاف أضعاف



وليد دويدار
06-01-2009, 11:17 AM
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فقد قال الله تعالى: "وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ" [العصر : 3:1 ]، وعَنْ تَمِيمٍ الدَّارِىِّ –رضي الله عنه- أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: « الدِّينُ النَّصِيحَةُ » قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ: « لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ ». رواه مسلم
لذلك وغيره فإن هدف الإعلام لابد أن يكون سامياً، لابد أن يكون هدفه الأول تجلية الحقائق، والابتعاد عن المعايب.
وإن ما تنشره بعض الصحف فيما يسمى بصفحة الحوادث، أو أمن ومحاكم، ويقومون فيه بنقل الحادثة على وجه مفصل ما هو إلا نشر لهذه الأفكار الخبيثة، وكيفية القيام بها، ومعرفة الأسباب التي أفضت للقبض على المتهم فيها، مما يدعو بعض السذج إلى محاولة تطبيق أنواع الجرائم عن طريق الاستفادة من التجارب المنشورة في هذه الصفحات المسمومة...!!
وكم من مريد للخير لم يصبه، وكما قال الشاعر:
ما كل ما يتمنى المرء يدركه **** تجري الرياح بما لا يشتهى السفن
و النية الصالحة لا تصلح العمل الفاسد، و إن الله لا يقبل عملا حتى يكون خالصا صواباً.
وتتلخص نقاط المعارضة لنشر هذه الجرائم في الآتي:
1- أن نشرها يساعد في الترويج لها بين الناشئة، خصوصاً المراهقين منهم.
2- بعض عناوين أخبار الحوادث تكون مشوقة وجذابة، مما يغرس حب فعل هذه الجرائم من باب المغامرة، والحقيقة أن كل الجرائد والصحف والمجلات المعتنية بنشر الحوادث، وأخبار الجرائم والفضائح تتنافس في جذب القراء بالعناوين الرنانة ...!!
3- نشر الجرائم الجنسية – كحوادث التحرش الجنسي، والاغتصاب والزنا – في الغالب يؤدي إلى إثارة غرائز الشباب، لاسيما عند ذكر تفاصيل القصة مما قد يوقع بهم في شباك الجريمة.
4- في بعض المقالات الصحفية التي تصور أحداث الجريمة يتم تزيين المجرم على أنه بطل، قام بمواجهة رجال الأمن والعمليات الجنائية، وفرّ إلى جهة غير معلومة!! وبالتالي دونت القضية ضد مجهول...!!
5- من آثار نشر هذه الجرائم أيضاً زعزعة القيم والأخلاق وإشعار المجتمع أن هذا الأمر موجود، وتكراره يجعل الأمر في النفوس يهون.
6- يقع في ذكر قصة الجريمة الكذب والتدليس والزيادة بدافع التشويق – في الغالب- وفي نشر هذه الأكاذيب من الإثم على كاتبها والساعي في نشرها ما الله به عليم.
7- بعض المحررين والصحفيين يقوم بنشر أخبار الجريمة مبتوررة وناقصة المعلومات مما لا يعطي القارئ الحكم الصحيح في القضية، فيقع في حرج شرعي خلال حكمه على الآخرين.
8- الأصل في الجرائم الستر، وفي الحديث : "من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة" رواه مسلم.
9- أن في نشر هذه الفظائع والجرائم إعانة للشيطان على مرتكب الجريمة، إذ قد شُوِّهت صورته في المجتمع، وبات طريق التوبة صعباً عليه بعد ذلك.
10- بعض أخبار الجرائم والحوادث قد يترتب عليها فتنة طائفية عارمة، لا يستطيع المجتمع تلاشيها لمدة سنوات، بل قد تأتي على المجتمع فتهلكه.
لذلك لا يخفى عليكم أن هذا من إشاعة الفاحشة بين المسلمين، وقد قال الله تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ" [النور : 19]
لذلك أرجو من كل من يطلع على هذه الرسالة إيصالها للمسئولين لعلها تجد قلباً واعياً وأذناً للحق منصته، ونكون بإذن الله تعالى من أهل قول الله تعالى: "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ" [المائدة : 2]
هذا وصلِّ اللهم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.