المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إلا التحريش بينهم



أبو الحجاج علاوي
06-02-2009, 03:19 PM
إلا التحريش بينهم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين.
وبعد:
فإني ألاحظ اختلافا في التعامل عند بعض الإخوة ولا أدري ما السبب في ذلك؟
فلو فرضنا أن أحد الإخوة أخطأ مع أخيه بل سبه وشتمه وآذاه لأمر ما حصل بينهما فما هو الموقف المطلوب من هذا الأخ الذي تأذى وما هو الموقف من الأخ الذي آذى ؟
أحبتي في الله صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
"إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم"
أي : يسعى في التحريش بينهم بالخصومات والشحناء والحروب والفتن وغيرها

الموقف المطلوب من الإخوة في هذه الحال أن يعفوا عن المخطئ وعن المسيء لله .
طبعا هذا إذا كان الأخ أخطأ في حقنا فكيف بالله عليكم إذا لم يخطئ فكيف التعامل يكون حينها؟
الله المستعان .
ولقد قال شيخنا المقرئ العلامة محمد بن موسى آل نصر حفظه الله كلمة تكتب بما العيون :
قال " إن الله الشيطان لا يأتي لإخوة ( طلبة العلم ) أن اكفروا أو ابتدعوا أو افعلوا الكبائر من الذنوب ولكنه يأتيهم بالخصومات والقطيعة والتنافر ". أو كما قال .

وبعد هذه المقدمة إليكم هذه الباقة من كلام ربنا المتعال وأحاديث سيد الرجال ومواقف سلفنا الأبطال نقلتها بغير تعليق لأنها ليست بحاجة إلا ما كان من تفسير غريب تدل على خلق إسلامي عظيم سام
وهو خلق العفو والتسامح


قال الله تعالى :
{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}

{الْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}

{وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}

{إِن تُبْدُواْ خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوَءٍ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً}

{إِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}

{وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}

{وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}

{وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ}

{وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ}

{رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"يا ابن الأكوع ملكت فاسجح" أي ( فارفق من الإسجاح وهو حسن العفو)

"ما نقصت صدقة من مال وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله"

جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله كم أعفو عن الخادم ؟ فصمت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال يا رسول الله كم أعفو عن الخادم ؟ فقال
"كل يوم سبعين مرة"

عن عائشة قالت : قلت يا رسول الله أرأيت إن علمت أي ليلةٍ ليلة القدر ما أقول فيها ؟ قال "قولي:
اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني"

قام أبو بكر الصديق على المنبر ثم بكى فقال قام رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الأول على المنبر ثم بكى فقال:
"اسألوا الله العفو و العافية فإن أحدا لم يعط بعد اليقين خيرا من العافية"


قال أبو الحجاج :وهذه مواقف تبين سرعة استجابة الصحابة رضي الله عنهم للقرآن

أظنها لا تخفى عليكم قصة مسطح مع أبي بكر لما طعن في عرض أمنا عائشة رضي الله عنهم وكيف أن أبا بكر عقا عنه ورد عليه النفقة بعد نزول قوله تعالى {وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }.

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قدم عيينة بن حصن بن حذيفة فنزل على ابن أخيه الحر بن قيس وكان من النفر الذين يدنيهم عمر وكان القراء أصحاب مجالس عمر ومشاورته كهولا كانوا أو شبابا فقال عيينة لابن أخيه يا ابن أخي لك وجه عند هذا الأمير فاستأذن لي عليه قال سأستأذن لك عليه قال ابن عباس فاستأذن الحر لعيينة فأذن له عمر فلما دخل عليه قال هي يا ابن الخطاب فوالله ما تعطينا الجزل ولا تحكم بيننا بالعدل.
فغضب عمر حتى همّ به فقال له الحر يا أمير المؤمنين إن الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلم {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين } وإن هذا من الجاهلين
والله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه وكان وقافا عند كتاب الله

عن عائشة : أن عبد الله بن الزبير قال في بيع أو عطاء أعطته عائشة والله لتنتهين عائشة أو لأحجرن عليها فقالت أهو قال هذا ؟ قالوا نعم قالت هو لله علي نذر أن لا أكلم ابن الزبير أبدا
فاستشفع ابن الزبير إليها حين طالت الهجرة فقالت لا والله لا أشفع فيه أبدا ولا أتحنث إلى نذري
فلما طال ذلك على ابن الزبير كلم المسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث وهما من بني زهرة وقال لهما أنشدكما بالله لما أدخلتماني على عائشة فإنها لا يحل لها أن تنذر قطيعتي
فأقبل به المسور وعبد الرحمن مشتملين بأرديتهما حتى استأذنا على عائشة فقالا السلام عليك ورحمة الله وبركاته أندخل ؟ قالت عائشة ادخلوا قالوا كلنا ؟ قالت نعم ادخلوا كلكم ولا تعلم أن معهما ابن الزبير فلما دخلوا دخل ابن الزبير الحجاب فاعتنق عائشة وطفق يناشدها ويبكي وطفق المسور وعبد الرحمن يناشدانها إلا ما كلمته وقبلت منه ويقولان إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عما قد علمت من الهجرة فإنه (لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال )
فلما أكثروا على عائشة من التذكرة والتحريج طفقت تذكرهما وتبكي وتقول إني نذرت والنذر شديد فلم يزالا بها حتى كلمت ابن الزبير وأعتقت في نذرها ذلك أربعين رقبة وكانت تذكر نذرها بعد ذلك فتبكي حتى تبل دموعها خمارها.

الدكتور عَقيل العَقيل في مقال له بعنوان (العفو والتسامح)
"فإن الإنسان ربما وجد جفوة من صديق أو حدة في القول من جار أو من عابر سبيل فعليه أن يروض نفسه على خلق العفو والتسامح، ذلك الخلق العظيم الذي ندب إليه ديننا الحنيف، أوصى به الله عز وجل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلاً:{خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} وامتدح الله الجنة وأخبر أنه أعدها لأناس من أعظم صفاتهم كظم الغيظ والعفو عن الناس} والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس}".

بعد هذه النقولات عندي سؤالان

هل نحن وقافون عند كتاب الله ؟

عندما يؤذينا ويجرحنا أعز الناس هل نفكر بالانتقام .. أم .. بالعفو والتسامح ..؟

نحن نتعلم لنعمل أما إذا تعلمنا ولم نعمل فهذه والله المشكلة العظمى والمصيبة الكبرى

رزقنا الله حسن الخلق والعفو عن من ظلمنا فإنه والله خلق كريم