المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : يقولون إن الله في كل مكان !



ماكـولا
06-06-2009, 05:33 AM
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هاديه له وأشهد ان لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
أما بعد
هذه المسألة من المسائل المنتشرة وقل من يطلقها وهو واع لما أطلقه شأن كثير من الكلمات والجمل

ولمناقشة هذه الجملة لنا أربع مسالك شرعا قرآنا وسنة وعقلا وفطرة ...
نقول وبالله المستعان

العلو من القرآن والسنة : جاء آيات كثيرة تدل على ذلك ومنها دلالة صريحة ودلالة مفهوم
1-يقول الله " وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ " الأنعام 18
فهذه تدل على علو الله علو قهر وذات ورتبة

2- يقول الله " يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ " النحل50

3- يقول الله " أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ"
الملك 16-17
وليس معنى في السماء أي في جوف السماء أي بين الرابعة والخامسة وكذا معاذ الله
بل في بمعنى على , كقول الله " وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ" طه 71
أي على جذوع النخل
قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ " الانعام11
أي على الأرض

4- يقول الله " مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ" فاطر 11

5- يقول الله " إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ" يوسف 2

وهكذا الايات تصف نزول وصعود الاعمال والاجور والثواب منه واليه

اما من السنة : 1-فبما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث معاوية بن الحكم السُّلمي" .... قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا أُعْتِقُهَا قَالَ ائْتِنِي بِهَا فَأَتَيْتُهُ بِهَا فَقَالَ لَهَا أَيْنَ اللَّهُ قَالَتْ فِي السَّمَاءِ قَالَ مَنْ أَنَا قَالَتْ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ.." مسلم وغيره

2- عَنْ أَنَسٍ قَالَ جَاءَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ يَشْكُو فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ اتَّقِ اللَّهَ وَأَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ قَالَ أَنَسٌ لَوْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَاتِمًا شَيْئًا لَكَتَمَ هَذِهِ قَالَ فَكَانَتْ زَيْنَبُ تَفْخَرُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقُولُ زَوَّجَكُنَّ أَهَالِيكُنَّ وَزَوَّجَنِي اللَّهُ تَعَالَى مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَوَاتٍ" بخاري وغيره


اما عقلا : فلو قيل ان الله في كل مكان فهو احد امرين اما ان يقال بالتبعض – أي وجود شيء منه في مكان دون اخر- معاذ الله
او يقال بالتعدد معاذا الله بل الله واحد احد فرد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد , فالله مرتفع عنا في السماء بائن منفصل عن خلقه مستو على عرشه استواءا يليق بجلاله كما نطق بذلك الكتاب والسنة , وهو اللائق بصاحب الجلال والكمال

اما فطرة : فكل أحد يجد الأكف تتجه نحو العلو يتبع ذلك القلب للعزيز الغفار


شبهات : 1-قد يشكل على بعضهم قول الله " وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ " الزخرف84

والجواب : أن الاله بمعنى المعبود فمعبود من في السماء هو نفسه معبود من في الأرض كما أن هنالك كعبة ففي السماء البيت المعمور


2- يقول الله " هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ" الحديد 4

والجواب: من الاية فالله جل جلاله مستو على عرشه كما يليق بجلاله وعلمه في كل مكان وهو معنا وهو في علوه كالقمر مع المسافر في الفلوات .

3- يقول الله " وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ" ق 16

والجواب: في الاية التي تليها " إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ" 17- 18"

فهذا في الملائكة ولو كان الله هو أقرب اليه من حبل الويد عياذا بالله لقال وأنا أقرب إليه , ولكن أتبع ذلك بكيفية عمل الملائكة كما مضى.

4- يقول الله "أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ" المجادلة 7

والجواب: الآية في علم الله وإحاطته وأولها يصدق آخرها فهي تتحدث عن العلم وختمها ب " إن الله بكل شيء عليم" فلا يلزم من قرب الله مزيد من العلم إذ أن ذلك من خصائص المخلوق لضعف ادراكه وبصره وسمعه

فسبحان من كمل في صفاته وكمل في قدرته ووسع سمعه الأصوات على اختلاف معانيها وأصواتها وما يحويها , فلا يشغله صوت عن صوت ولا أمر عن امر ولا حول عن حول يستجيب الدعوات ويؤخر بعضها لحكمته جل في قدرته وتقدست أسماؤه وسع علمه العلوم فهو يعلم ظواهر الامور وبواطنها ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ويعلم ما كان وما يكون لو كان كيف كان يكون " وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ"
فلا بد للعبد من معرفة قدره وقدر خالقه حتى تسهل عليه العبادة وتثقل عليه المعصية ويتزلف الى الله في كل ما يحبه ويرضاه ويذكر ربه في سجوده عند قوله سبحان ربي الأعلى أنه عال على المخلوقات كلها وأن مردنا الى الله فالمؤمن في جنات الخلد اعلاها الفردوس الذي سقفه عرش الرحمن والكافر في نار الخلود ودار المهانة أعاذنا الله منها
فتفرد العبادات لله وحده القدوس ونقول من الله الأمر وعلى الرسول البلاغ وعلينا التسليم والعقل منقاد لأوامر الله سبحانه وتعالى من إله الا إله إلا هو.

عيد عابدين
06-06-2009, 10:47 AM
جزاك الله كل خير .. الموضوع التالي موضوع مساعد
طرق إثبات وجود الله (http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=581)

abouhayder
06-11-2009, 06:46 AM
ونضيف التالي ففيه تبيان أمر آخر من الاهمية بمكان :
هل أن الله معنا بذاته أم بعلمه ؟؟
الله سبحانه وتعالى معنا بقدرته وبعلمه أما عن ذاته فهو فوق سبع سموات مستو على عرشه بائن من خلقه كما جاء في الكتاب والسنة الصحيحة والله المستعان .

أبو حمزة المصري
06-19-2009, 05:15 PM
النزاع في اثبات العلو للرب سبحانه لا يجوز.لأنه ليس من المساءل التي يجوز الأجتهاد فيها بل يجب التوقف عند النصوص
الشرعيه الوارده فيها..قال شيخ الاسلام
ولم يكن هزا عندهم من جنس مساءل النزاع التي يسوغ فيها الاجتهاد،،بل ولاكان هزاعندهم من جنس مساءل أهل البدع
المشهورين في الأمه. كالخوارج،والشيعه ..المتقدمين منهم, والقدريه والمرجْه:بل كان انكار هزا عندهم اعظم من هزا كله وكلامهم في زلك مشهور متواتر.
ولهزا قال الملقب بامام الأْءمه أبو بكر بن خزيمه فيما رواه عنه الحاكم :من لم يقل :ان الله فوق سماواته علي عرشه باءن
من خلقه وجب أن يسستتاب. فان تاب والا ضربت عنقه ثم ألقي على مزبله لأل يتأزى بنتن ريحه لأهل القبله ولاأهل الزمه.
قلت: وتكفير السلف لهم منقول في كتب السنه والعقاءد بالأسانيد الصحيحه :
1- فقال الحسن بن عيسى مولى عبد الله بن المبارك :كان ابن المبارك يقول :الجهميه كفار
2-وقال الحسن بن عيسى الجهميه؛ومن يشك في كفر الجهميه.
وفيما زكرنا كفايه لمن هداه الله وألهمه رشده. وأما من أراد الله فتنته فلا حيله فيه بل لا يزيده كثرة ألأدله الا حيره وضلالا
كما قال تعالي <وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل اليك من ربك طغيانا وكفرا> .

ماكـولا
06-19-2009, 06:57 PM
عيد عابدين
ابو حيدر
ابو حمزة المصري

جزاكم الله خيرا وبارك فيكم

اشكركم على اضافتكم

أنا المسلمة
07-17-2009, 11:17 PM
بارك الله فيك
وزادك الله علما وهدى
وإيانا..

محمد الفاتح
07-19-2009, 09:14 PM
جزاك الله خيرا كثييرا

محمد كمال فؤاد
07-20-2009, 02:07 PM
بارك الله فيك

أبو دجانة المهاجر
07-21-2009, 06:25 AM
بارك الله فيك أخي ماكـولا .
جزاك الله خيراً ، وأحسن الله إليك .
رفع الله قدرك في الدارين .

وبالجملة ، فهذا كتاب لفضيلة الشيخ العلامة : حمود بن عبد الله التويجري -رحمه الله- ، يتحدث عن هذه المسألة .
واسم هذا الكتاب : إثبات علو الله ومباينته لخلقه ، والرد على من زعم أن معية الله للخلق ذاتية .

وكان هذا الكتاب رد على أحد العصريين ، من السذج الذين يقبلون نقيضين في نفس الوقت !

لمن أراد أن يحمل الكتاب فعليه أن يضغط هنا (http://www.tawhed.ws/dl?i=anoc0xy3) .

ابن القدس
07-22-2009, 09:33 AM
بارك الله فيك

ماكـولا
07-25-2009, 05:47 PM
بارك الله فيك
وزادك الله علما وهدى
وإيانا..

اللهم امين , حفظكم الله ورعاكم
شكرا

ماكـولا
07-25-2009, 05:49 PM
جزاك الله خيرا كثييرا

واياك اشكرك يا فاضل

ماكـولا
07-25-2009, 05:51 PM
بارك الله فيك

اكرمكم الله وجزيتم خير الجزاء

ماكـولا
07-25-2009, 05:54 PM
بارك الله فيك أخي ماكـولا .
جزاك الله خيراً ، وأحسن الله إليك .
رفع الله قدرك في الدارين .

وبالجملة ، فهذا كتاب لفضيلة الشيخ العلامة : حمود بن عبد الله التويجري -رحمه الله- ، يتحدث عن هذه المسألة .
واسم هذا الكتاب : إثبات علو الله ومباينته لخلقه ، والرد على من زعم أن معية الله للخلق ذاتية .

وكان هذا الكتاب رد على أحد العصريين ، من السذج الذين يقبلون نقيضين في نفس الوقت !

لمن أراد أن يحمل الكتاب فعليه أن يضغط هنا (http://www.tawhed.ws/dl?i=anoc0xy3) .



شكر الله لكم اخي وبارك الله لنا فيكم ... جاري التحميل
بوركت الانامل

ماكـولا
07-25-2009, 05:56 PM
بارك الله فيك

شكر الله لك اخي
حفظك ربي

ماكـولا
03-16-2011, 01:58 PM
الحمد لله ..

معيّة الله للعباد نوعان / : 1- عامة ’ 2- خاصة

وكانت العرب تقول لازلنا نسير والقمر معنا , والقمر في السماء وهم على الارض ولا يقتضي ذلك الخُلطة ولا الامتزاج لتباينهما , ولله المثل الاعلى .

وقد وقع مني خطأ في حصر المعيّة الخاصة بالعلم , نبهني عليه بعض الافاضل جزاهم الله خيراً , فنقول ان المعيّة الخاصة حقيقة وهي كالقرب والدنو ومقتضيات هذه المعيّة الخاصة هي النصر والتأييد والحفظ

قال شيخ الإسلام رحمه الله في مجموع الفتاوى :

وَجِمَاعُ الْأَمْرِ فِي ذَلِكَ : أَنَّ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ يَحْصُلُ مِنْهُمَا كَمَالُ الْهُدَى وَالنُّورِ لِمَنْ تَدَبَّرَ كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ وَقَصَدَ اتِّبَاعِ الْحَقِّ وَأَعْرَضَ عَنْ تَحْرِيفِ الْكَلِمِ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَالْإِلْحَادِ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ وَآيَاتِهِ . وَلَا يَحْسَبُ الْحَاسِبُ أَنَّ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ يُنَاقِضُ بَعْضَهُ بَعْضًا أَلْبَتَّةَ ؛ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ الْقَائِلُ : مَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مِنْ أَنَّ اللَّهَ فَوْقَ الْعَرْشِ يُخَالِفُهُ الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِهِ : { وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ } . وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إذْ قَامَ أَحَدُكُمْ إلَى الصَّلَاةِ فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ } وَنَحْوُ ذَلِكَ فَإِنَّ هَذَا غَلَطٌ.

وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ مَعَنَا حَقِيقَةً وَهُوَ فَوْقَ الْعَرْشِ حَقِيقَةً كَمَا جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُمَا فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى : { هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } . فَأَخْبَرَ أَنَّهُ فَوْقَ الْعَرْشِ يَعْلَمُ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ مَعَنَا أَيْنَمَا كُنَّا كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ الْأَوْعَالِ : { وَاَللَّهُ فَوْقَ الْعَرْشِ وَهُوَ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ } ( ضعيف) .

وَذَلِكَ أَنَّ كَلِمَةَ - مَعَ- فِي اللُّغَةِ إذَا أُطْلِقَتْ فَلَيْسَ ظَاهِرُهَا فِي اللُّغَةِ إلَّا الْمُقَارَنَةَ الْمُطْلَقَةَ ؛ مِنْ غَيْرِ وُجُوبِ مُمَاسَّةٍ أَوْ مُحَاذَاةٍ عَنْ يَمِينٍ أَوْ شِمَالٍ ؛ فَإِذَا قُيِّدَتْ بِمَعْنَى مِنْ الْمَعَانِي دَلَّتْ عَلَى الْمُقَارَنَةِ فِي ذَلِكَ الْمَعْنَى . فَإِنَّهُ يُقَالُ : مَا زِلْنَا نَسِيرُ وَالْقَمَرَ مَعَنَا أَوْ وَالنَّجْمَ مَعَنَا . وَيُقَالُ : هَذَا الْمَتَاعُ مَعِي لِمُجَامَعَتِهِ لَك ؛ وَإِنْ كَانَ فَوْقَ رَأْسِك . فَاَللَّهُ مَعَ خَلْقِهِ حَقِيقَةً وَهُوَ فَوْقَ عَرْشِهِ حَقِيقَةً . ثُمَّ هَذِهِ " الْمَعِيَّةُ " تَخْتَلِفُ أَحْكَامُهَا بِحَسَبِ الْمَوَارِدِ فَلَمَّا قَالَ : { يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا } إلَى قَوْلِهِ : { وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ } . دَلَّ ظَاهِرُ الْخِطَابِ عَلَى أَنَّ حُكْمَ هَذِهِ الْمَعِيَّةِ وَمُقْتَضَاهَا أَنَّهُ مُطَّلِعٌ عَلَيْكُمْ ؛ شَهِيدٌ عَلَيْكُمْ وَمُهَيْمِنٌ عَالِمٌ بِكُمْ . وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ السَّلَفِ : إنَّهُ مَعَهُمْ بِعِلْمِهِ وَهَذَا ظَاهِرُ الْخِطَابِ وَحَقِيقَتُهُ .

وَكَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ : { مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ } إلَى قَوْلِهِ : { هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا } الْآيَةَ . وَلَمَّا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِصَاحِبِهِ فِي الْغَارِ : { لَا تَحْزَنْ إنَّ اللَّهَ مَعَنَا } كَانَ هَذَا أَيْضًا حَقًّا عَلَى ظَاهِرِهِ وَدَلَّتْ الْحَالُ عَلَى أَنَّ حُكْمَ هَذِهِ الْمَعِيَّةِ هُنَا مَعِيَّةُ الِاطِّلَاعِ وَالنَّصْرِ وَالتَّأْيِيدِ . وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى { إنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ } وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ لِمُوسَى وَهَارُونَ : { إنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى } . هُنَا الْمَعِيَّةُ عَلَى ظَاهِرِهَا وَحُكْمُهَا فِي هَذِهِ الْمَوَاطِنِ النَّصْرُ وَالتَّأْيِيدُ . وَقَدْ يَدْخُلُ عَلَى صَبِيٍّ مَنْ يُخِيفُهُ فَيَبْكِي فَيُشْرِفُ عَلَيْهِ أَبُوهُ مِنْ فَوْقِ السَّقْفِ فَيَقُولُ : لَا تَخَفْ ؛ أَنَا مَعَك أَوْ أَنَا هُنَا ؛ أَوْ أَنَا حَاضِرٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ . يُنَبِّهُهُ عَلَى الْمَعِيَّةِ الْمُوجِبَةِ بِحُكْمِ الْحَالِ دَفْعَ الْمَكْرُوهِ ؛ فَفَرْقٌ بَيْنَ مَعْنَى الْمَعِيَّةِ وَبَيْنَ مُقْتَضَاهَا ؛ وَرُبَّمَا صَارَ مُقْتَضَاهَا مِنْ مَعْنَاهَا . فَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَوَاضِعِ . فَلَفْظُ " الْمَعِيَّةِ " قَدْ اُسْتُعْمِلَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فِي مَوَاضِعَ يَقْتَضِي فِي كُلِّ مَوْضِعٍ أُمُورًا لَا يَقْتَضِيهَا فِي الْمَوْضِعِ الْآخَرِ ؛ فَإِمَّا أَنْ تَخْتَلِفَ دَلَالَتُهَا بِحَسَبِ الْمَوَاضِعِ أَوْ تَدُلَّ عَلَى قَدْرٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ جَمِيعِ مَوَارِدِهَا - وَإِنْ امْتَازَ كُلُّ مَوْضِعٍ بِخَاصِّيَّةٍ - فَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ لَيْسَ مُقْتَضَاهَا أَنْ تَكُونَ ذَاتُ الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ مُخْتَلِطَةً بِالْخَلْقِ حَتَّى يُقَالَ قَدْ صُرِفَتْ عَنْ ظَاهِرِهَا .... اهـ


قال الشوكاني رحمه الله في شرح حديث "أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني" .

قال: "فيه تصريح بأن الله تعالى مع عباده عند ذكرهم له، ومن مقتضى ذلك أن ينظر إليه برحمته، ويمده بتوفيقه وتسديده، فإن قلت: هو مع جميع عباده كما قال سبحانه وتعالى {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} ، وقوله جلّ ذكره {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ} الآية.

قلت: هذه معية عامة، وتلك معية خاصة حاصلة للذاكر على الخصوص بعد دخوله مع أهل المعية العامة، وذلك يقتضي مزيد العناية ووفور الاكرام له والتفضل عليه، ومن هذه المعية الخاصة ما ورد في كتابه العزيز من كونه مع الصابرين، وكونه مع الذين اتقوا، وما ورد هذا المورد في الكتاب العزيز أو السنة، فلا منافاة بين إثبات المعية الخاصة وإثبات المعية العامة" تحفة الذاكرين 11

وما يمر في الباب من كلام للسلف بحمل المعنى على مقتضى الصفة فهو في باب مناظرة الخصوم من اصحاب الحلول

وقد قال قال الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله "ولم يكن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يفهمون من هذه النصوص غير المعنى الصحيح المراد بها، يستفيدون بذلك معرفة عظمة الله وجلاله واطلاعه على عباده وإحاطته بهم وقربه من عابديه وإجابته لدعائهم، فيزدادون به خشية لله وتعظيماً وإجلالاً ومهابة ومراقبة واستحياء ويعبدونه كأنهم يرونه، ثم حدث بعدهم من قل ورعه وانتكس فهمه وقصده، وضعفت عظمة الله وهيبته في صدره وأراد أن يرى الناس امتيازه عليهم بدقة الفهم وقوة النظر، فزعم أن هذه النصوص تدل على أن الله بذاته في كل مكان كما حكى ذلك طوائف من الجهمية والمعتزلة ومن وافقهم، تعالى عما يقولون علواً كبيراً.

وهذا شئ ما خطر لمن كان قبلهم من الصحابة رضي الله عنهم، وهؤلاء ممن يتبع ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم منهم في حديث عائشة المتفق عليه.

وتعلقوا أيضاً بما فهموه بفهمهم القاصر مع قصدهم الفاسد بآيات في كتاب الله تعالى مثل قوله تعالى {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} وقوله {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ}
فقال من قال من علماء السلف حينئذ إنما أراد أنه معهم بعلمه وقصدوا بذلك إبطال ما قال أولئك مما لم يكن أحد قبلهم قاله ولا فهمه من القرآن.
وحكى ابن عبد البر وغيره إجماع العلماء من الصحابة والتابعين في تأويل قوله تعالى {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} أن المراد علمه، وكل هذا قصدوا به رد قول من قال إنه تعالى بذاته في كل مكان" فتح الباري لابن رجب 2/331-332.

والله اعلم

عابرة سبيل2
04-01-2011, 11:11 PM
جزاكم الله خيرا ..

ياسر أبو محمد الموصل
04-17-2011, 11:16 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شكراً لك على هذا الموضوع المهم جداً

الذي ألقم الرافضة وكثير من الصوفية والأشاعرة حجراً الذين يَدَّعون أن الله تعالى في كل مكان!!

ويحسبون أنفسهم بأنهم نزهوا الله تعالى بزعمهم وقولهم هذا ونسوا بأن المعية الإلهية لاتعني الملامسة أو المماسة المقترنة

والأعجب من هذه الأقوال قولهم أن الله تعالى يسكن في قلب المؤمن !!!

بل وبعضهم يقول بان الله تعالى معنا بذاته!!

وكل هذا هروباً من التشبيه فوقعوا في التعطيل

ونحن نقول وفقاً للنصوص الشرعية من الكتاب وصحيح السُنة النبوية

أن الله تعالى معنا بعلمهِ وقُدرتهِ وبسمعهِ وبصرهِ وهو علام الغيوب

لايعزب عنه شيء في السموات والارض

بارك الله فيك وجزاك عنا كل خير

hedihemdawi
07-27-2011, 11:03 PM
مشكور جزاك الله خيرا

الوليــــد
07-28-2011, 09:12 PM
إستمعت منذ يومين لبعض المبتدعة يقول :نحن لا نقول أن الله في كل مكان و لكن نقول أن الله موجود بلا مكان!!!!و لم يبين الفرق..
من من الإخوة عنده علم حول هذه المسألة جزاكم الله خيرا

أبو القـاسم
07-28-2011, 09:40 PM
كلا القولين بدعة وضلالة ,فقوله موجود بلا مكان ..مراده نفي فوقية الله عز وجل وعلو الله على خلقه ,