المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فوائد من بيان تلبيس الجهمية (1)



أبو معاوية غالب
06-22-2009, 11:39 PM
شبهة عقلية في نفي نزول الله سبحانه والرد عليها

بسم الله الرحمن الرحيم

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – عليه سحائب الرحمة والرضوان – في كتابه العظيم "بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية "- (ج 2 / ص 213) ما نصه :
"ومن هنا يظهر الجواب عما ذكره ابن حزم وغيره في حديث النزول حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم:" ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ حتى يطلع الفجر" فقالوا قد ثبت أن الليل يختلف بالنسبة إلى الناس فيكون أوله ونصفه وثلثه بالمشرق قبل أوله ونصفه وثلثه بالمغرب قالوا فلو كان النزول هو النزول المعروف للزم أن ينزل في جميع أجزاء الليل إذ لا يزال في الأرض ليل قالوا أو لا يزال نازلا وصاعدا وهو جمع بين الضدين .." .
وهذا إنما قالوه لتخيلهم من نزوله ما يتخيلونه من نزول أحدهم وهذا عين التمثيل ثم إنهم بعد ذلك جعلوه كالواحد العاجز منهم الذي لا يمكنه أن يجمع من الأفعال ما يعجز غيره عن جمعه وقد جاءت الأحاديث بأنه يحاسب خلقه يوم القيامة كل منهم يراه مخليا به ويناجيه لا يرى أنه متخليا لغيره ولا مخاطبا لغيره وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:" إذا قال العبد الحمد لله رب العالمين يقول الله حمدني عبدي وإذا قال الرحمن الرحيم قال الله أثنى علي عبدي" فكل من الناس يناجيه والله تعالى يقول لكل منهم ذلك ولا يشغله شأن عن شأن وذلك كما قيل لابن عباس كيف يحاسب الله تعالى الخلق في ساعة واحدة فقال كما يرزقهم في ساعة واحدة.
ومن مثل مفعولاته التي خلقها بمفعولات غيره فقد وقع في تمثل المجوس القدرية فكيف بمن مثل أفعاله بنفسه أو صفاته بفعل غيره وصفته.
يقال لهؤلاء أنتم تعلمون أن الشمس جسم واحد وهي متحركة حركة واحدة متناسبة لا تختلف ثم إنها بهذه الحركة الواحدة تكون طالعة على قوم وغاربة عن آخرين وقريبة من قوم وبعيدة من آخرين فيكون عند قوم عنها ليل وعند قوم نهار وعند قوم شتاء وعند قوم صيف وعند قوم حر وعند قوم برد فإذا كانت حركة واحدة يكون عنها ليل ونهار في وقت واحد لطائفتين وشتاء وصيف في وقت واحد لطائفتين فكيف يمتنع على خالق كل شيء الواحد القهار أن يكون نزوله إلى عباده ونداؤه إياهم في ثلث ليلهم وإن كان مختلفا بالنسبة إليهم وهو سبحانه لا يشغله شأن عن شأن ولا يحتاج أن ينزل على هؤلاء ثم ينزل على هؤلاء بل في الوقت الواحد الذي يكون ثلثا عند هؤلاء وفجرا عند هؤلاء يكون نزوله إلى سماء هؤلاء الدنيا وصعوده عن سماء هؤلاء الدنيا فسبحان الله الواحد القهار{ سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين}[الصافات:180-182]
ويقال لهؤلاء كما قيل للرازي وأمثاله هل حكم الحس والخيال والعقل الذي به تعلم الجسمانيات مقبول في الربوبية أم مردود فإن كان مقبولا بطل قوله كله
حيث أثبت حيا عالما قادرا لا يتحرك ولا يسكن ولا يقرب ولا يبعد ولا يفعل بنفسه فعلا وزعمت مع ذلك أنه غير عاجز ولا مقيد ولا ممنوع وإن كان مردودا بطل ما ضربته من الأمثال في رد حقيقة ما أخبر به عنه الصادق المصدوق الذي هو أعلم به منك ومن أمثالك".
انتهى كلام الإمام الهمام ابن تيمية جمعنا الله وإياه في جنته دار كرامته بمنه وكرمه .
انتقاء أبي معاوية غالب الساقي المشرف على موقع روضة السلفيين www.salafien.com