المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عقوبة المعاصى



نهى مصطفى
06-27-2009, 12:55 AM
المعاصى تعمى القلب
كلمات غالية ونصائح رفيعة وضعها(ابن القيم ) عليه رحمة الله فى كتابه الداء والدواء هذا الكتاب الذى كلما قرأته أشعر وكأنه يغوص فى أعماق نفسى يوقظها بكلماته من سُباتها الذى يطرأ عليها كثيرا وأنصحكم اخوانى بأن يكون لدى كل منكم نسخة منه فقد وضع فيه الشيخ فعلا الدواء الشافى لكل من يعانى تعلق قلبه بالشهوات أو الدنيا . ولا أخفيكم سرا أنه قلما اضعه بين يدى واريد أن اغلقه فوائده جمة ولذلك فقد اخترت لى ولكم من بوتقة هذا الكتاب بعض ما أورده الشيخ من آثار الذنوب والمعاصى الفظيعة على العبد فى الدنيا والآخرة كلمات تقرع القلوب لعلها تكون سببا فى عودة من هو بعيد عن رحاب الإيمان أو فى زيادة الطائعين همة فى تحصيل المنازل العالية فى جنة النعيم .
وقد قسم ابن القيم آثار الذنوب لفصول فى كل منها اثر من آثار الذنوب ففى أحدها فصل يسمى (المعاصى تعمى القلب) قال :-
ومن عقوباتها أنها تعمى القلب فإن لم تعمه أضعفت بصيرته ولابد فإذا عمى القلب وضعف فاته من معرفة الهدى وقوته على تنفيذه فى نفسه وفى غيره بحسب ضعف بصيرته وقوته.
فإن الكمال الإنسانى مداره على أصلين
معرفة الحق من الباطل
وإيثاره عليه (أى إيثار الحق على الباطل وتفضيله عليه)
وما تفاوتت منازل الخلق عند الله تعالى فى الدنيا والآخرة إلا بقدر تفاوت منازلهم فى هذين الأمرين وهما اللذان أثنى الله سبحانه على أنبيائه فى قوله تعالى (واذكر عبادنا ابراهيم واسحاق ويعقوب أولى الأيدى والأبصار) ص.45
فالأيدى :- القوة فى تنفيذ الحق
والأبصار:- البصائر فى الدين
فوصفهم بكمال ادراك الحق وكمال تنفيذه
وانقسم الناس فى هذا المقام اربعة أقسام فهؤلاء هم أشرف الأقسام من الخلق وأكرمهم على الله تعالى
القسم الثانى:- عكس هؤلاء من لا بصيرة له فى الدين ولا قوة على تنفيذ الحق وهم أكثر هذا الخلق وهم الذين رؤيتهم قذى العيون وحمى الأرواح وسقم القلوب يضيقون الديار ويغلون الأسعار ولا يستفاد بصحبتهم إلا العار والشنار
القسم الثالث:- من له بصير بالحق ومعرفة به لكنه ضعيف لا قوة له على تنفيذه ولا الدعوة إليه وهذا حال المؤمن الضعيف والمؤمن القوى خير وأحب الله منه .
القسم الرابع :- من له قوة وهمة وعزيمة لكنه ضعيف البصيرة فى الدين لا يكاد يميز بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان بل يحسب كل سوداء تمرة وكل بيضاء شحمة يحسب الورم شحما والدواء النافع سُما ( ومن أمثال هؤلاء المبتدعين فى الدين سواء فى الإعتقادات أو فى العبادات)
ثم قال ( وليس فى هؤلاء من يصلح للإمامة فى الدين ولا هو موضع لها سوى القسم الأول قال تعالى ( وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون )السجدة 24
فأخبر سبحانه أن بالصبر واليقين نالوا الإمامة فى الدين وهؤلاء هم الذين استثناهم الله سبحانه من جملة الخاسرين وأقسم بالعصر – الذى هو زمن سعى الخاسرين و الرابحين – على أن من عداهم فهو من الخاسرين فقال تعالى ( والعصر إن الإنسان لفى خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ) العصر
ولم يكتف منهم بمعرفة الحق والصبر عليه حتى يوصى بعضهم بعضا به ويرشده اليه ويخصه عليه
وإذا كان من عدا هؤلاء خاسر فمعلوم أنالمعاصى و الذنوب تعمى بصيرة القلب فلا يدرك الحق كما ينبغى وتضعف قوته و عزيمته فلا يصير عليه بل قد يتوارد علىالقلب حتى ينعكس ادراكه كما ينعكس سيره فيدرك الباطل حقا والحق باطل والمعروف منكرا والمنكر معروفا فينتكس فى سيره ويرجع عن سفره الى الله والدار الآخرة الى سفره فى مستقر النفوس المبطلة التى رضيت بالحياةالدنيا واطمأنت لها وغفلت عن الله وآياته وتركت الإستعداد للقائه ولو لم يكن فى عقوبة الذنوب الا هذهالعقوبة وحدها لكانت داعيةالى تركها والبعد منها والله المستعان
وهذا كما ان الطاعة تنور القلب وتجلوه وتصقله وتقويه وتثبته حتى يصير كالمرآة المجلوة فى جلائها وصفائها فيمتلئ نورا فإذا دنا الشيطان منه أصابه من نوره ما يصيب مسترق السمع من الشهب الثواقب فالشيطان يفرُق من هذا القلب اشد من فرق الذئب من الأسد حتى ان صاحبه ليصرع الشيطان فيخر صريعا فيجتمع عليه الشياطين فيقول بعضهم لبعض ما شانه؟ فيقال : أصابه انسى وبه نظرة من الإنس
افيستوى هذا القلب وقلب مظلم ارجاؤه مختلفة اهواؤه قد اتخذه الشيطان وطنه واعده مسكنه اذا تصبح بطلعته حياه وقال :- فديت من قرين لا يفلح فى دنياه ولا فى أخراه ؟
قال تعالى ( ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون حتى إذا جاءنا قال ياليت بينى وبينك بعد المشرقين فبئس القرين ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم فى العذاب مشتركون ) الزخرف 36:39
هذا كان مما ذكره ابن القيم من أثر الذنوب على القلب فقط وإلا فلها عظيم الأثر على العقل والنفس بركة العمر وغيرها
وأختتم موضوعى بكلمات اوردها المؤلف فى كتابه

يا آمنا مع قبيح الفعل منه
أهل أتاك توقيع أمن أنت تملكه؟
جمعت شيئين: امنا مع اتباع هوى
هذا وإحداهما فى المرء تهلكه
والمحسنون على درب المخاوف قد
ساروا وذلك درب لست تسلكه
فرطت فى الزرع وقت البذر من سفه
فكيف عند حصاد الناس تدركه؟
هذا وأعجب شئ فيك زهدك فى
دار البقاء بعيش سوف تتركه
مَن السفيه اذا بالله؟ انت
ام المغبون فى البيع غبنا سوف تدركه؟
هذا ما اتيح لى وضعه فى موضوعى الآن و مما لا شك فيه أنه لازال الكثير فى الكتاب لم اورده هنا لكن قد يقوم غيرى بمشاركات أخرى ممن قرأ هذا الكتاب بالنقل منه مثلى .
فهل من مُشّمر ؟!!!!!!!!!!