المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دليل الفطرة



البلبل
05-24-2005, 08:34 PM
كثيرا ما يواجهك احدهم بالقول ان الايمان بالله هو شيء فطري مغروس في النفس البشرية وحسب هذا الاعتقاد الشائع لدى البعض يمكن القول ان تعريف دليل الفطرة بنظر المؤمنين به بان الانسان يتمتع بشعور غريزي بان فوق الوجود المحدود كائنا غير متناه مسيطر على كل الامور ومدبر لها ويتدخل بحياة البشر والاشياء وهو الموجد لها وان هذا الشعور يجده البشر باعماقهم دون تعلم ولا تعويد !!! فهل فعلا يوجد هذا الدليل؟؟ ويعتبر ما يسمى دليل الفطرة احد ادلة وجود الله !!!

ان النقد لدليل الفطرة يتأى من عدة اوجه يمكن اجمالها بما يلي:-

- في البداية ان كون هذا الدليل فطري يستلزم ان كل البشر يشعرون به فهو مغروس في النفس البشرية بدون استثناء ومع ذلك فاننا نجد من ينكر هذا الشعور وهم فئة ليست قليلة يؤكدون انهم لا يشعرون بوجود هذا الكائن الماورائى ولا يحسون به وهؤلاء هم طبعا الملحدون.

- انه حتى المؤمن بوجود الله لا يجد هذا الشعور واضحا في كل الاوقات والاحوال مما يشكك بغريزية هذا الشعور ويعطي مجالا لكونه شعور مصطنع لا حقيقي.

-ان هذا الشعور قد يكون متولدا من البيئة الاجتماعية المحيطة بالانسان لا مرافقا له منذ الولادة وان العادات والتقاليد والتربية والنشئة قد تخلق حالة ضبابية لدى الانسان فتخلط عليه بين المشاعر الغريزية كالحاجة للطعام والشراب وبين الحاجات المكتسبة التي قد يكون الشعور بوجود الله ضمنها.

- ان هناك رايا يؤيده عدد لا باس به من علماء النفس والفلاسفة وهو ان الانسان نتيجة شعوره بالضعف والعجز عن تحقيق امانيه في الحياة على المستوى الفردي كشعوره بالرغبة بالانتقام ممن ظلمه او الحصول على زوجة جميلة ودخل مرتفع والتلخص من بعض التعاسات المحيطة به ، او على المستوى الجماعي كشعوره بالخوف من غضب الطبيعة ومصائبها التي تلحقها به ينتجان شعورا بالحاجة الى كائن اسمى هو عبارة عن منقذ او مخلص يمد اليه يد المساعدة حين يحتاجها وقام بنسبة كل شيء مما يواجهه سواء سلبا او ايجابيا الى هذا الكائن الماورائي بشكل تعسفي دون وجود رابط منطقي بين ما يحدث له ووجود هذا الكائن الفوق طبيعي.

-هناك من يرى ايضا ان القلق الذي صاحب ظهور الانسان العاقل الذي وعى حالة الموت بشكل اكثر تطورا من غيره من الكائنات وما تعنيه من فناء وتفكك للقدرة على الاحساس بالحياة وما يمنحه اياه دماغه من قدرة على التفكير بحالة الموت والفناء هو الذي اظهر هذا الشعور لديه كحالة معاكسة ومعادلة لحالة الفناء ( الخلود الازلي مقابل الفناء) ( الله الازلي مقابل الانسان الفاني).
اي ان الانسان نتيجة قلقه تجاه المتغيرات الكونية وعدم ثبات الامور على حال نشات لديه رغبة بوجود عالم مثالي مطلق فقام بخداع نفسه وحول هذه الرغبة الى حقيقة فعلية !! فالله هو ليس اكثر من صورة لرغبات الانسان واماله المرتجاة على شاشة الكون العريضة !!

حازم
05-24-2005, 08:49 PM
ان هناك رايا يؤيده عدد لا باس به من علماء النفس والفلاسفة وهو ان الانسان نتيجة شعوره بالضعف والعجز عن تحقيق امانيه في الحياة على المستوى الفردي كشعوره بالرغبة بالانتقام ممن ظلمه او الحصول على زوجة جميلة ودخل مرتفع والتلخص من بعض التعاسات المحيطة به ، او على المستوى الجماعي كشعوره بالخوف من غضب الطبيعة ومصائبها التي تلحقها به ينتجان شعورا بالحاجة الى كائن اسمى هو عبارة عن منقذ او مخلص يمد اليه يد المساعدة حين يحتاجها وقام بنسبة كل شيء مما يواجهه سواء سلبا او ايجابيا الى هذا الكائن الماورائي بشكل تعسفي دون وجود رابط منطقي بين ما يحدث له ووجود هذا الكائن الفوق طبيعي.

-هناك من يرى ايضا ان القلق الذي صاحب ظهور الانسان العاقل الذي وعى حالة الموت بشكل اكثر تطورا من غيره من الكائنات وما تعنيه من فناء وتفكك للقدرة على الاحساس بالحياة وما يمنحه اياه دماغه من قدرة على التفكير بحالة الموت والفناء هو الذي اظهر هذا الشعور لديه كحالة معاكسة ومعادلة لحالة الفناء ( الخلود الازلي مقابل الفناء) ( الله الازلي مقابل الانسان الفاني).
اي ان الانسان نتيجة قلقه تجاه المتغيرات الكونية وعدم ثبات الامور على حال نشات لديه رغبة بوجود عالم مثالي مطلق فقام بخداع نفسه وحول هذه الرغبة الى حقيقة فعلية !! فالله هو ليس اكثر من صورة لرغبات الانسان واماله المرتجاة على شاشة الكون العريضة !!

يقول عباس محمود العقاد فى كتابه "الله" ص 8

الاكثرون من ناقدى الاديان يعللون العقيدة الدينية بضعف الانسان بين مظاهر الكون واعدائه فيه من القوى الطبيعية والاحياء ، فلا غنى له عن سند يبتدعه ابتداعا ليستشعر الطمانينة بالتعويل عليه والتوجه اليه بالصلوات فى شدته وبلواه .
على ان القول بضعف الانسان تحصيل حاصل ان اريد به بطلان العقيدة الدينية واثبات التعطيل . لان الانسان ضعيف على كلا الفرضين فليس من شان ضعفه ان يرجح احد الفرضين على الاخر .
فاذا ثبت انه من خلق اله فعال قدير فهو ضعيف بالنسبة الى خالقه واذا لم يثبت ذلك فهو ضعيف بالنسبة الى الكون ومظاهره وقواه . فماذا لو كان قويا مستغنيا عن قوى العالم ؟ ايكون ذلك ادعى الى اثبات العقيدة الدينية والايمان بالله ؟
اننا اذا حكمنا ببطلان العقيدة الدينية لضعف الانسان فقد حكمنا ببطلانها على كل حال ، ثبت وجود الله ام لم يثبت بالحس والبرهان .. ! لانه لن يكون الا ضعيفا بالنسبة الى الخالق الذى يبدعه ويرعاه .

لكن الواقع ان الضعف لا يعلل العقيدة الدينية كل التعليل لانها تصدر من غير الضعفاء بين الناس . وليس اوفر الناس نصيبا من الضعف الانسانى سواء اردنا ضعف الراى او ضعف العزيمة فقد كان الانبياء والدعاة الى الله اقوياء من ذوى الباس والخلق المتين والهمة العالية والراى السديد . ومهما يكن من الصلة بين ضعف الانساء واعتقاده فهو لا يزداد اعتقادا كلما ازداد ضعفا ولا يضعف على حسب نصيبه من الاعتقاد ، ومازال ضعفاء النفوس ضعفاء العقيدة وذوو القوة فى الخلق ذوى قوة فى العقيدة كذلك .
فليس معدن الايمان من معدن الضعف فى الانسان ، وليس الانسان المعتقد هو الانسان الواهى الهزيل ، ولا امام الناس فى الاعتقاد امامهم فى الوهن والهزال .
واذا رجح القول بان العقيدة ((ظاهرة اجتماعية)) يتلقاها الفرد من الجماعة فليس الضعف اذا بالعامل الملح فى تكوين الاعتقاد . لان الجماعة تحارب الجماعة بالسلاح المصنوع وقوة الجنان مع القوة العددية ، وتقيس النصر والهزيمة بهذا المقياس المعلوم ، فلا تلجا الى مقياس العقيدة المجهولة الا اذا امنت به باعث التسلح والاستقواء .
وراى فرويد قريب من راى هؤلاء الذين يردون العقيدة الدينية الى شعور بالخوف فى وسط العناصر الطبيعية . وربما اختلط به مزيج من الغريزة الجنسية فى بعض المتهوسين وذوى الاعصاب السقيمة . فان حب الله – كما يفسره فرويد عند هؤلاء – هو بمثابة الحب الجنسى فى حالة ((التسامى)) او حالة الحماسة ، وتتشابه العوارض كلها مع هذا الفارق بين الحبين .
ومن الواضح ان حالة ((التسامى)) هى اخر ما ارتقت اليه الديانات ، فلا يمكن ان يقال انها هى ينبوع الهمجية الاولى .
ولا يمكن كذلك ان يقال ان ((العقيدة الدينية)) فى حالة مرضية فى الاحاد والجماعات . لاننا لا نتخيل حالة نفسية هى اصح من حالة البحث عن مكان الانسان من هذا العالم الذى ينشا فيه ، ولا يتجاهل حقيقته الا وهو فى ((حالة مرضية)) او حالة من احوال الجهالة تشبه الامراض .
ولابد ان نسال : ما هو الكون فى نظر الهمج الاولين ؟ لان الهمجى اذا ادرك ان الكون ((كل واحد)) كان قد ارتفع بنظرته بنظرته عن الجهالة البدائية وقضى دهرا طويلا وهو متدين على مختلف الديانات ، فلا يقال اذن انه بقى بغير ارباب حتى ادرك الكون العظيم ، وادرك ضعفه وقلة حيلته بالقياس اليه .

http://70.84.212.52/vb/showthread.php?t=1332

د. هشام عزمي
06-02-2013, 07:54 AM
دليل الفطرة من أبرز الأدلة التي يسوقها العلماء للدلالة على وجود الله ، وهذه الاعتراضات عليه مهمة ..
أول الاعتراضات بخصوص عدم شعور كل الناس بهذه الفطرة لا يلزمنا لأنه ليس من شرط الفطرة أن يعترف بها كل الناس ، فإن الاشتراك في ما هو ضروري - كالفطرة - ليس بلازم وفي هذا يقول ابن القيم : (الاشتراك في المعلومات الضرورية غير لازم ، ولا واقع ، والواقع خلافه) الصواعق المرسلة ج2 ص660 ، وكذلك يقول ابن تيمية : (قول القائل : إن الضروريات يجب اشتراك العقلاء فيها ، خطأ ، بل الضروريات كالنظريات ، تارة يشتركون فيها ، وتارة يختص بها من جعل له قوة على إدراكها) الاستقامة ج1 ص30 .. وممن نص على نفس المعنى التفتازاني في شرح النسفية بقوله : (الضروري قد يقع فيه خلاف إما لعناد أو لقصور في الإدراك) ص38 ، وأيضًا ابن رشد في رده على الغزالي : (ليس من شرط المعروف بنفسه أن يعترف به جميع الناس) تهافت التهافت ص120 .

أما الاعتراض الثاني بخصوص تفاوت إدراك هذه الفطرة بالنسبة للفرد الواحد من وقت لآخر ، فليس دليلاً على عدمها لأن حضورها في الذهن يختلف حسب الظروف والأحوال ، كما أن حضور أي فكرة نظرية أو معلومة مستقرة في علم الإنسان يختلف من وقت آخر ؛ لأن هذا أمرٌ متعلقٌ بالمدرك وليس بالشيء نفسه ، وفي هذا يقول ابن تيمية : (العلوم الضرورية متفاوتة في الجلاء ، كما أن العلوم النظرية متفاوتة في الخفاء ، وكما أن التفاوت في النظريات لا يخرجها عن كونها نظرية ، فكذلك التفاوت في الضروريات لا يخرجها عن كونها ضرورية) درء التعارض ج1 ص30 .

أما الاعتراضات الباقية فهي انتقال من مرحلة إنكار فطرة وجود الله إلى محاولة تبريرها إما بسبب عجز الإنسان أو بسبب كونه عاقلاً ، وطالما أن عجز الإنسان بالنسبة إلى ما حوله سيظل وصفًا لازمًا له وكذلك اتصافه بالعقل ، فدلالة الفطرة على وجود الله ستظل موجودة ، وهذا السعي من الإنسان للجوء إلى الله للأسباب المختلفة دليل على أن في فطرته ما يدعوه إلى هذا ، وأن هذه الأسباب إنما هي عوامل كاشفة للفطرة الدفينة وليست منشئة لها .

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .